المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إن هذن لساحران : رفع اسم إن


نور الإسلام
10-01-2012, 06:39 PM
قالــوا: أخطأ القرآن في قوله تعالى – حسب قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وأبي بكر عن عاصم -: (( إن هذان لساحران )) فقالوا: رفع القرآن اسم إن بالألف، وكان المفروض أن ينصبه بالياء، فيقول: (إن هذين لساحران).
والجواب من وجهين :




والجواب من وجهين :
الأول: أن قوله تبارك وتعالى: (( إن هذن لساحران )) جاء على لغة بلحارث بن كعب وزبيد وخثعم وهمدان ومن وليهم من قبائل اليمن، حيث يلزمون المثنى الألف مهما كان موقعه من الإعراب، قال ابن جني: "من العرب من لا يخاف اللبس، ويجري الباب على أصل قياسه، فيدع الألف ثابتة في الأحوال، فيقول: قام الزيدان، وضربتُ الزيدان، ومررتُ بالزيدان، وهم بنو الحارث وبطن من ربيعة"([1]) .
ومن صور ذلك قول شاعرهم هوبر الحارثي:
تزود منا بين أذناه ضربةً دعته إلى هابي الترابِ عقيمُ ([2])
فألزم المثنى الألف في قوله: (بين أذناه)، ولم يقل (بين أذنيه) كما هو معهود في قواعد اللغة التي كتبها النحاة بعده حسب الشائع عند غير قبيلته من قبائل العرب.
ومثله قول جرير بن عبد العزى الحارثي:
فأطْرَقَ إطْرَاقَ الشُّجاعِ وَلَوْ رَأى مَساغاً لِناباهُ الشُّجاعُ لصَمّما ([3])
فألزم المثنى الألف في قوله: (لناباه)، مع أنه مجرور باللام، فهذه لغة قومه، وهم من هم في الفصاحة والبلاغة.
ومثله قول الآخر:
أعرف منها الجيدَ والعينانا ومَنخران أشبها ظبيانا([4])
وفيه من شواهد مسألتنا ثلاث كلمات (العينانا) و (منخران) و (ظبيانا)، فهي جميعا مثنى منصوب بالألف؛ خلافاً لما قعَّده العلماء بعد ذلك وفقاً للمشهور في لغة العرب من نصب المثنى بالياء.
الوجه الثاني: أن من العرب الأقحاح الفصحاء من يقلب كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها إلى (ألف).
وبمثل هذا قال أبو النجم العِجْلي:
واهاً لسلمى ثم واهاً واها هي المنى لو أننـا نلنـاها
ياليت عينَاها لنــا وفـاها بـثمـن نُرضـي به أبـاها
إن أباهــا وأبــا أبـاها قد بلغـا في المجـد غـايتَاها
فقد أبدل الشاعر الياء الساكنة المفتوح ما قبلها بالألف في قوله: (عيناها بدلاً من عينَيْها) وكذلك (غايتاها بدلاً من غايتَيْها).
ومثله قول الشاعر:
أي قلوص راكب تراها اشْدُدْ بمَثْنَيْ حَقَبٍ حَقْواها
ناجيَــةً وناجيــاً أَبـاها طـاروا عـلاهن فَطِر علاها
قال ابن الحاجب: "القياس: عليهن وعليها، لكن لغة أهل اليمن قلب الياء الساكنة المفتوح ما قبلها، هذا الشعر من كلامهم" ([5]).

كتبه / الدكتور منقذ السقار

الهوامش



([1]) سر صناعة الإعراب، ابن جني (2/704)، وانظر: نكت الانتصار لنقل القرآن، الباقلاني، ص (130).
([2]) انظر : الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (11/217)، وانظر: سر صناعة الإعراب، ابن جني (2/705).
([3]) انظر : المصدر السابق (11/217)، وسر صناعة الإعراب، ابن جني (2/704).
([4]) شرح ابن عقيل (1/73)، وانظر: سر صناعة الإعراب، ابن جني (2/705).
([5]) شرح شافية ابن الحاجب ، الأستراباذي (4/356).