المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خارجة بن زيد


نور الإسلام
26-04-2013, 04:04 PM
أحد فقهاء المدينة الذين دعاهم عمر بن العزيز لما ولى إمره المدينة، وطلب إليهم أن يقدموا له النصيحة فيما يعرض له من أمور الفتيا والقضاء. أبوه زيد كاتب الوحي لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، والذي أشرف على كتابة المصحف في أيام أبي بكر ( رضي الله عنه )، وفي أيام عثمان ( رضي الله عنه ) كان على رأس اللجنة التي وكل إليها كتابة المصحف. ورث خارجة علم أبيه، وقد أجمعت كلمة علماء الرجال على توثيقه والثناء عليه، وكان هو وطلحة بن عبيد الله بن عوف في زمنهما يستفتيان، وينتهي الناس إلي قولهما، ويقسمان المواريث بين أهل المدينة من الدور والنخل، والأموال، ويكتبان الوثائق للناس.

وأخذ العلم عنه عدد من العلماء أشهرهم محمد بن شهاب الزهري، وأبو الزناد. ويفهم من الروايات التي تحدثت عنه أنه كان حسن المنظر، أنيق الهيئة، فقد قال زيد بن السائب: رأيت خارجة بن زيد يلبس كساء خز، ورأيته يلبس ملحفة معصفرة، ورأيته يعتم بعمامة بيضاء، وقال في موضع آخر: كان حسن الجسم. وقد عرفنا أن أباه زيد بن ثابت كان في حالة رافهة، ولاشك أن جانبا كبيرا من مال أبيه قد آل إليه، لأن أغلب أخوته كانوا قد قتلوا يوم الحرة، ولهذا كان أمرا بديهيا أن يبدوا عليه آثار النعمة والثراء في ملبسه ومظهره، وكانت تلك سمة فقهاء المدينة عامة.

وكان عمر بن عبد العزيز يعرف له قدره ومكانته، ويبدو أن حقه في الديوان كان قد قطع عنه، وقد كتب إلي عمر بن عبد العزيز أن يعطي خارجة ما قطع عنه من الديوان، فقال: لا يسع المال ذلك، ولو وسعه لفعلت ويبدو أن ذلك كان بعد أن ولى عمر إمارة المؤمنين، يدل على ذلك ما جاء في سير أعلام النبلاء من أن خارجة مشى إلي أبي بكر بن حزم وكان والي عمر على المدينة، فقال له: إني أكره أن يلزم أمير المؤمنين من هذا مقالة، ولي نظراء، فإن عمهم أمير المؤمنين بهذا فعلت، وإن هو خصني به، فإني أكره ذلك له.

ولعل عمر كان مستعدا أن يعطي لخارجة ما قطع عنه، فلما طلب خارجة أن يكون ذلك عاما لكل من قطع عنهم نصيبهم من الديوان كان ذلك سببا في اعتذار عمر، وقد بين السبب في قوله: ( لا يسع المال ذلك، ولو وسعه لفعلت).

وكان له ثمانية من الأولاد أربعة منهم بنون، وهم زيد وعمرو، وعبد الله ومحمد، وكان يكني أبا زيد وقد عاش خارجة سبعين سنة، وقد روي عنه سنة وفاته أنه قال: رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة، فلما فرغت منها تهورت، وهذه السنة لي سبعون سنة قد أكملتها.

اختلفت كلمة العلماء بالنسبة لإكثاره من الحديث، فبينما يرى ابن سعد أنه كان كثير الحديث، يذهب الذهبي في تذكرة الحفاظ أنه لم يرو عنه حديث كثير غير أنه لا خلاف على فقهه وثقته. رحم الله خارجة وجزاه خير الجزاء.

وكانت وفاته في خلافة عمر بن عبد العزيز عام 99 أو عام 100 للهجرة على خلاف بين المؤرخين، وصلى عليه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم والي المدينة.