المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشورى في الإسلام


نور الإسلام
06-11-2013, 05:44 PM
د. فيروز عثمان صالح! (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn1)

مقدمة:
هذه الدراسة تعالج موضوعاً في غاية الأهمية وهو موضوع (الشورى في الإسلام)، فالشورى أو أخذ الرأي في الإسلام مفهوم سياسي وسمة من سمات الحكم الإسلامي تميزه عن بقية الأنظمة غير الإسلامية.
وسنبين في هذه الدراسة معنى الشورى لغة واصطلاحاً، ومشروعيتها من الكتاب والسنة والإجماع، كذلك أهمية الشورى وأثرها ومجالها، والمقصود بأهل الشورى والشروط الواجب توفرها فيهم وصلاحياتهم، وكذلك تنظيم الشورى وممارستها في الوقت الحاضر.
الشورى في اللغة:-
جاء في معجم مقاييس اللغة (الشين والواو والراء أصلان مطّردان، الأول منهما: إبداء الشيء، وإظهاره، وعرضه، والآخر: أخذ الشيء. فالأول قولهم: شُرت الدابة شوراً، إذا عرضتها، والمكان الذي يُعرض فيه الدواب هو المِشوار،... والباب الآخر قولهم: شُرت العسل أشوره، وقد أجاز ناسٌ: أشرت العسل. قال بعض أهل اللغة: من هذا الباب شاورت فلاناً في أمري. قال: وهو مشتق من شُور العسل، فكأن المستشير يأخذ الرأي من غيره)([1] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn2)).
وجاء في لسان العرب: يقال شَارَ العسل يشُوره شوراً وشيارة ومَشاراً ومشارة: استخرجه من الْوَقْبة واجتباه. وقال أبو عبيدة: شرت العسل واشترته اجتبيته وأخذته، وعن ثعلب قال: يقال شِرْتُ الدابة والأمة أشورهما شوراً إذا قلبتهما وعرضتهما للبيع.. وأشار عليه بأمر كذا: أمر به، وهي الشورى والمَشُورة بضم الشين،... وتقول منه: شاورته في الأمر واستشرته بمعنىً... وشاوره مُشَاورة وشوراً، واستشاره طلب منه المشاورة... قال أبو زيد: استشاره أمْرُه إذا تبين واستنار... والتشوير: أن تَشُور الدابة تنظر كيف مشوارها، أي كيف سيرتُها، ويقال للمكان الذي تُشّوَرُ فيه الدواب وتعرض: المشوار)([2] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn3)) وبمثله قال الراغب الأصفهاني([3] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn4)) والفيروزأبادي([4] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn5)) والرازي([5] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn6)).
ومن خلال استعراض التعريفات اللغوية السابقة نلاحظ أمرين هما: الأول أن كلمة الشورى تنازعها أصلان لغويان، أحدهما: إبداء الشيء وإظهاره، وعرضه، وثانيهما: أخذه وكلا الأصلين، أو البابين حقيق أن تشتق منه هذه الكلمة، فلها تعلق كبير بالأصلين كليهما، فهي إبداء للرأي، وإظهاره، وعرضه، كما هي أخذه والاستفادة منه بغية الوصول إلى الرأي الأصوب([6] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn7)).
ولعل هذا ما عناه القرطبي بقوله: قال أهل اللغة: (الاستشارة مأخوذة من قول العرب: شُرتُ الدابة وشَورّتُها إذا علمت خبرها بجري أو غيره... وقد يكون من قولهم شُرت العسل واشترته فهو مشور ومشتار إذا أخذته من موضعه)([7] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn8)).
الثاني: أن كلمة (الشورى) جاءت في كلام علماء اللغة مطلقة غير مقيدة، أعني أنها لم تفرق بين أمر وآخر في طلب المشورة، وهذا يعني أن الأصل هو المشاورة في كل أمر سواء أكان صغيراً أم كبيراً.
الشورى اصطلاحاً:
الشورى من مجمل معانيها في اللغة تبين أنها طلب الشيء. لذا قال عنها بعض العلماء أنها (الاجتماع على الأمر ليستشير كل واحد صاحبه)([8] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn9)).
وقيل هي: استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض، والشورى الأمر الذي يتشاور فيه ([9] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn10)) ومن هذا المعنى يطلق على الموضع الذي تم فيه التشاور: مجلس الشورى([10] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn11)).
وقد سمي اليوم الذي تم فيه تداول الرأي يوم السقيفة لاختيار رئيس الدولة الإسلامية: يوم الشورى([11] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn12)).
فالشورى اجتماع الناس على استخلاص الصواب بطرح جملة آراء في مسألة، لكي يهتدوا إلى قرار أو هي كما يقول ابن الأزرق: (اختيار ما عند كل واحد منهم، واستخراج ما عنده من قولهم، شرت الدابة، إذا رضتها لتستخرج أخلافها)([12] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn13)).
وهي تعني تقليب الآراء المختلفة ووجهات النظر المطروحة، واختيارها من أصحاب العقول والأفهام حتى يتوصل إلى الصواب منها، أو إلى أصوبها وأحسنها ليعمل به حتى تتحقق أحسن النتائج([13] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn14)).
فالشورى إذن معالجة آراء الرجال في شأن من الشئون للخروج بأحسنها وأنسبها، تماماً كعملية شيارة العسل للخروج بصافيه وأحسنه.
وهي النظر في آراء أهل الرأي فيما لم يرد فيه نص في قضية من القضايا للخروج لها بحكم، فالشورى تقصر مهامها على جانب واحد من جوانب الفقه والشريعة وهو الاجتهاد والرأي، ولا مجال لها مطلقاً فيما ورد فيه نص، وقديماً رسخ الأصوليون هذه القاعدة فقالوا: (ولا اجتهاد في مورد النص).
وقد لا يجد الناظر في المصادر الإسلامية تعريفاً جامعاً مانعاً للشورى، ولكنه يجد يقيناً ممارسة دائمة وتأييداً فقهياً مستمراً لما يمكن أن نعرفه بلغة العصر بأنه (اتخاذ القرارات في ضوء آراء المختصين في موضوع القرار في كل شأن من الشئون العامة للأمة).
ويمكننا أن نقول أن الشورى في الحياة العامة للأمة تعني صدور الحاكمين فيما يتخذونه من قرارات أو يحدثونه من أوضاع وتنظيمات عن رأي أهل العلم والخبرة والمعرفة فيما يحقق مصلحة الأمة أو يتعارض معها، فما حقق مصلحة الأمة وجب إمضاؤه، وما لم يكن كذلك وجب منعه.
لذلك فهي من أوجب واجبات الخليفة التي ينبغي عليه القيام بها فهي كما يقول ابن العربي "أصل الدين، وسنة الله في العالمين، وهو حق على عامة الخليقة من الرسول إلى أقل خلق بعده في درجاتهم"([14] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn15)). أو كما يقول الطرطوشي "وهي مما تعده الحكماء من أساس المملكة وقواعد السلطنة، ويفتقر إليها الرئيس والمرؤوس"([15] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn16)).
مشروعية الشورى:-
ثبتت مشروعية الشورى بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة.
أولاً:حجية الشورى من القرآن الكريم:-
في القرآن الكريم وردت آيتان صريحتان ذكرت فيهما الشورى باعتبارها أمراً واجباً في أحدهما، وباعتبارها وصفاً يمدح به فاعلوه المتصفون به في الثانية. ففي الآية الأولى يخاطب القرآن رسول الله r فيقول له {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}(سورة آل عمران: 159).
وقد نزلت هذه الآية عقب ما ابتلى به المسلمون يوم أحد، التي خرج فيها الرسول r نزولاً على رأي أصحابه، وكان رأيه أن يبقوا في المدينة ويدافعوا عنها من داخلها، وبينت الأحداث التي مرت بالمسلمين في أثناء هذه الغزوة أن رأي الرسول r كان هو الأصوب والأصح. ومع ذلك فقد أنزل الله الأمر بالعفو عنهم ومشاورتهم([16] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn17)).
يقول سيد قطب "وبهذا النص الجازم (وشاورهم في الأمر) يقرر الإسلام هذا المبدأ في نظام الحكم حتى ومحمد رسول الله r هو الذي يتوله، وهو نص قاطع لا يدع للأمة المسلمة شكاً في أن الشورى مبدأ أساسي لا يقوم نظام الإسلام على أساس سواه"([17] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn18)).
يقول الرازي في تفسير الآية أن الرسول r أمر بالشورى لا لأنه محتاج إلى آراء من يستشيرهم، ولكن لأجل أنه إذا شاورهم في الأمر اجتهد كل واحد منهم في استخراج الوجه الأصلح، فتصير الأرواح متطابقة ومتوافقة على تحصيل أصلح الوجوه فيها. ثم قال: وتطابق الأرواح الطاهرة على الشيء الواحد مما يعين على حصوله، وهذا هو السر عند الاجتماع في الصلوات، وهو السر في أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة المنفرد([18] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn19)).
يقول القرطبي: واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أمر الله نبيه u أن يشاور فيه أصحابه، فقالت طائفة: ذلك في مكائد الحروب، وعند لقاء العدو تطييباً لنفوسهم، ورفعاً لأقدارهم...، وقال آخرون ذلك فيما لم يأت فيه وحي، روي ذلك عن الحسن البصري والضحاك قالا: ما أمر الله تعالى نبيه بالمشاورة لا لحاجة منه إلى رأيهم وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل ولتقتدي به أمته من بعده([19] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn20)).
قال الزمخشري: (في الأمر) أي في أمر الحرب ونحوه، مما لم ينزل عليك فيه وحي، لتستظهر برأيهم، ولما فيه من تطييب نفوسهم، والرفع من أقدارهم([20] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn21)).
ويعارض الجصاص هذا الرأي قائلاً: " وغير جائز أن يكون الأمر بالمشاورة على جهة تطييب نفوسهم ورفع أقدارهم ولتقتدي الأمة به في مثله، لأنه لو كان معلوماً عندهم أنه إذا استفرغوا مجهودهم في استنباط ما شاوروا فيه، وصواب الرأي فيما سئلوا عنه، ثم لم يكن ذلك معمولاً عليه، ولا متلقى منه بالقبول بوجه، لم يكن ذلك في تطييب نفوسهم ولا رفع لأقدارهم، بل فيه ايحاشهم وإعلامهم بأن آراءهم غير مقبولة ولا معمول عليها، فهذا تأويل ساقط لا معنى له([21] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn22)).
ويقصد بهذا القول الرد على من قال أن الأمر في آية الشورى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) للندب لا الوجوب، فقوله (وشاورهم) يقتضي الوجوب([22] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn23)).
وقال ابن تيمية "لا غنى لولي الأمر عن المشاورة فإن الله تعالى أمر بها نبيه"([23] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn24)). ويُغني ذلك عن كل شيء فإنه إذا أمر بها النبي r نصاً جلياً مع أنه أكمل الخلق، فما الظن بغيره. وذلك في غير الأحكام لاختصاصه r بشرعيتها. فالشورى والمشاورة في نظام الحكم الإسلامي فرض على خليفة المسلمين يجب القيام بها لما لها من أهمية بالغة.
أما الآية الثانية فقد جاءت في معرض بيان صفة المسلمين ومدح من عمل بالشورى في جميع أموره {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}(سورة الشورى: 38).
في هذه الآية التي سميت السورة باسمها بين الله سبحانه وتعالى الصفات الأساسية التي تميز المؤمنين عن غيرهم، ومن هذه الصفات الاستجابة لله سبحانه وتعالى باتباع هذا الدين ثم إقام الصلاة وإيتاء الزكاة. ومن هذه الصفات أن (أَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) والتي ذكرت عقب الصلاة وقبل الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام، ويدل هذا على أنها في مستوى الأركان الإسلامية، وأنها بالغة الأهمية.
وهذه آية مكية "نزلت في مكة" ومن ثم فإن وصف المسلمين بأن (أَمْرُهُمْ شُورَى) يفيد أن الشورى من خصائص الإسلام التي يجب أن يتحلى بها المؤمنون سواء أكانوا يشكلون جماعة لم تقم لها دولة بعد – وذلك كان هو حال المسلمين في مكة – أم كانوا يشكلون دولة قائمة بالفعل كما كان حال المسلمين في المدينة المنورة([24] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn25)).
تناول الماوردي اختلاف المفسرين في الحكمة من أمر الله لنبيه r بالمشاورة مع ما أمده به من التوفيق، فأجملها في أربعة أوجه قائلاً: "واختلف أهل التأويل في أمره لنبيه r بالمشاورة مع ما أمده به من التوفيق وأعانه من التأييد على أربعة أوجه أحدها: أنه أمره بمشاورتهم في الحرب ليستقر له الرأي الصحيح فيعمل عليه، وهذا قول البصري. والثاني: أنه أمره بمشاورتهم تأليفاً وتطييباً لنفوسهم، وهذا هو قول قتادة. والثالث: أنه أمره بمشاورتهم لما علم فيها من الفضل وعاد بها من النفع، وهذا هو قول الضحاك. والرابع: أنه أمره بمشاورتهم ليستن به المسلمون، ويتبعه فيها المؤمنون وإن كان عن مشورتهم غنياً، وهذا قول سفيان "([25] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn26)).
ويبين ابن القيم فوائد الشورى الفقهية قائلاً (من الفوائد الفقهية... استحباب مشورة الإمام رعيته وجيشه، استخراجاً لوجه الرأي، واستطابة لنفوسهم، وأمنا لعتبهم، وتعرفاً لمصلحة يختص بعلمها بعضهم دون بعض، وامتثالاً لأمر الرب في قوله تعالى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)([26] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn27)).
لا غنى لولي الأمر عن المشاورة فإن الله أمر بها نبيه، فالقرآن أكد على مشروعية الشورى كواقع سياسي بين الإمام والمسلمين، والمسلمون مطالبون شرعاً بالتقيد بما جاء به الشرع.
فهي فرض على القائم بأمر المسلمين يقول ابن عطية " والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب"([27] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn28)).
وقد لخص ابن الأزرق الدليلين السابقين قائلاً: " مما يدل على مشروعيتها – أي الشورى – أمران أحدهما: مدح من عمل بها في جميع أموره، قال الله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)... الثاني صريح الأمر بها في قوله تعالى (وشاورهم في الأمر)([28] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn29)).
ثانياً: حجية الشورى من السنة النبوية:-
زخرت السنة النبوية قولاً وفعلاً، بالنماذج والمواقف العديدة التي جاءت تطبيقاً والتزاماً بمبدأ الشورى ومن ذلك:
أولاً: ما رواه أبو هريرة t قال: " ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من النبي r "([29] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn30)).
وقد استشار الرسول r في مواطن كثيرة منها استشارة الأنصار في بدر قائلاً (أشيروا عليَّ أيها الناس) وإنما يريد الأنصار([30] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn31)).
فشاورهم في اختيار المكان الذي نزل فيه المسلمون يوم بدر، وأخذ برأي الحباب بن المنذر([31] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn32)) وشاورهم بعد انتهاء المعركة في مصير أسرى المشركين([32] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn33)).
وشاور النبي r يوم أحد في المقام والخروج، فرأوا له الخروج فلما لبس لامته وعزم، قالوا أقم، فلم يمل إليهم بعد العزم، وقال: لا ينبغي لنبي لبس لامته فيضعها حتى يحكم الله([33] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn34)).
وشاور عليّاً وأسامة بن زيد فيما رمى به أهل الإفك عائشة، فسمع منهما، حتى نزل القرآن فجلد الرامين، ولم يلتفت إلى تنازعهم، وإنَّما حكم بما أمره الله([34] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn35)).
أما ابن جماعة فقد أكد أن الشورى كانت من عادة الأنبياء، وضرب مثلاً لذلك بإبراهيم u حين طلب الشورى من ابنه عند أمر الله تعالى بذبحه([35] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn36)).
عن الحسن البصري قال، كان r يستشير حتى المرأة فتشير عليه بالشيء فيأخذ به([36] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn37)).
وعمل يوم الأحزاب بمشورة السعدين: ابن معاذ وابن عبادة، إذ أشارا بعدم مصالحة رؤساء غطفان([37] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn38)).
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما نزلت (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) قال رسول الله r: (أما أن الله ورسوله لغنيان عنهم، ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غياً)([38] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn39)).
وبعد أن عرض ابن تيمية مشاورة النبي r لأصحابه في غزوتي بدر والخندق استدل من هاتين الواقعتين على أن مراجعة المسلمين للنبي r لم تكن تعدو وجهين،أحدهما الأمور السياسية التي يستساغ فيها الاجتهاد كما ظهر في هاتين الحادثتين، أما الوجه الثاني فهو ما كان من قبيل الرأي والظن في الدنيا كقوله r عندما سئل عن تلقيح النخل ما أظن يعني ذلك شيئاً، إنما ظننت فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله بشيء فخذوا به فإني لن أكذب على الله، أو حديث آخر نصه " أنتم أعلم بأمر دنياكم "([39] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn40)).
ثالثاً: حجية الشورى من الإجماع:
سار الصحابة رضوان الله عليهم على نهج الرسولr في الشورى، وأحداث السقيفة أول ممارسة للشورى بعد وفاته r، وقد صارت الشورى سمة واضحة لنظام الحكم في جميع عهود الخلفاء الراشدين، بل أنه لا يكاد يبرم أمر إلا بعد التشاور، وكان ذلك في جميع الأمور، قال البخاري: وكانت الأئمة بعد النبي r يستشيرون الأمناء من أهل العلم، في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها([40] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn41)) ومن الأمثلة على ذلك:-
- كان أبوبكر الصديق إذا ورد عليه أمر نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى به، وإن علمه من سنة رسول الله r قضى به، وإن لم يعلم خرج فسأل المسلمين عن السنة، فإن أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وزعماءهم واستشارهم([41] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn42)).
وقد شاور الخليفة أبوبكر t الصحابة فيمن يخلفه بعده، فقال يا أيها الناس إني عهدت عهداً أفرضيتم به ؟ فقال علي بن أبي طالب t: لا نرضى إلا أن يكون عمر([42] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn43)).
وكذلك مشاورة أبي بكر الصديق t للصحابة في قتال أهل الردة([43] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn44)).
أما عمر بن الخطاب t فقد عرف بمشاورة المسلمين يقول ابن القيم " وكانت النازلة إذا نزلت بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليس عنده فيها نص عن الله ولا عن رسوله جمع لها أصحاب رسول الله ثم جعلها شورى بينهم([44] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn45)).
ومن الأمثلة على ذلك:-
- ورد في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس أنه قال: " كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباباً، وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل "([45] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn46)).
- وبعد أن طعن t جعل أمر الخلافة من بعده في ستة يتشاورون فيما بينهم لاختيار أحدهم ورضي بذلك المسلمون([46] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn47)). يقول القرطبي: "وقد جعل عمر بن الخطاب t الخلافة – وهي أعظم النوازل – شورى"([47] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn48)).
وكذلك شاور في حد الخمر([48] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn49))، وشاورهم في قتال الفرس، وشاور المهاجرين والأنصار لما أرادوا دخول الشام وبلغه أن الطاعون وقع بها([49] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn50)).
ومن أقواله t: " إن من بايع رجلاً من غير مشورة المسلمين فإنه لا بيعة له ولا الذي بايعه "([50] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn51)).
وقد استشار عثمان بن عفان t الصحابة الكرام في جمع الناس على مصحف واحد، كما أخرج ذلك ابن أبي داود في كتاب المصاحف من طرق عن علي بن أبي طالب t، ومنها (ما فعل عثمان الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا)([51] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn52)).
وبعد مقتل عثمان بن عفان t ذهب جمهور من الناس إلى علي t يطلبون منه تولي أمر المسلمين، وأن يبايعوه خليفة عليهم فقالوا: إنما نبايعك فمد يدك فأنت أحق بها، فأنكر عليهم ذلك وقال: ليس ذلك إليكم – أي المبايعة – إنما هو لأهل الشورى وأهل بدر، فمن رضي به أهل الشورى وأهل بدر فهو الخليفة، فلنجتمع وننظر في الأمر([52] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn53)).
ويقول ابن سعد في طبقاته " لما قدم عمر بن عبد العزيز المدينة والياً عليها كتب حاجبه إلى الناس ثم دخلوا فسلموا عليه، فلما صلى الظهر دعا عشرة نفر من فقهاء البلد... ثم قال إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه وتكونون فيه أعواناً على الحق، ما أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحداً يتعدى، أو بلغكم عن عامل ظلامة، فأقسم بالله على أحد بلغه ذلك إلا بلغني"([53] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn54)).
وهكذا التزم الصحابة والخلفاء الراشدين بما جاء في الكتاب والسنة من الأمر بالشورى.

أهمية الشورى وأثرها:
ما سبق من التزام النبي r والخلفاء الراشدين من بعده بالشورى يؤكد أن إمام المسلمين هو وكيل عن الأمة في مباشرة السلطان والسيادة، وفي هذا عصمة له من الانحراف والطغيان والميل عن جادة الحق، وتذكير له بأن هذا من حقوق الأمة، وأن التفريط يعرض الدولة للفتنة والحاكم للعزل. وكما يقول ابن عطية " الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب "([54] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn55)).
وقد وردت أقوال على ألسنة العلماء والفقهاء والحكماء المسلمين تنبه إلى أهمية الشورى فمنها:
قال ابن العربي: الشورى "أصل الدين، وسنة الله في العالمين"([55] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn56)). أما الطرطوشي فقال: إنها أساس المملكة وقواعد السلطنة، ويفتقر إليها الرئيس والمرؤوس([56] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn57)). وكذلك قال " المستشير وإن كان أفضل رأياً من المستشار فإنه يزداد برأيه رأياً، كما تزداد النار بالسليط ضوءاً "([57] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn58)).
أما ابن الأزرق فيقول: "ومن شاور عاقلاً، أخذ نصف عقله... قال عمر بن عبد العزيز المشورة والمناظرة بابا رحمة، ومفتاحا بركة، لا يضل معهما رأي، ولا يفقد معهما حزم"([58] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn59)). وقال السعدي: (إن في الاستشارة، تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول... فإذا كان الله يقول لرسوله r، وهو أكمل الناس عقلاً، وأغزرهم علماً، وأفضلهم رأياً (وشاورهم في الأمر) فكيف بغيره)([59] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn60)).
فمن حكمة مشروعيتها دلالة العمل بها على الهداية والسداد، قال علي t: (الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه)([60] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn61)).
وعن بعض الحكماء الخطأ مع المشورة أصلح من الصواب مع الانفراد والاستبداد([61] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn62)).
أما ابن خلدون فقد نبّه إلى أهمية الشورى فيما أورده في مقدمته من كتاب طاهر بن الحسين لابنه عبد الله بن طاهر لما ولاه المأمون الرقة ومصر وما بينهما، فكتب إليه أبو طاهر كتابه المشهور، وعهد إليه فيه ووصاه بجميع ما يحتاج إليه في دولته وسلطانه من الآداب الدينية والخلقية والسياسية والشرعية والملوكية، وحثه على مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وابن خلدون تبنى هذه الوصايا، وأشاد بها مؤكداً أنها من أحسن ما كتب في سياسة وتدبير العمران قائلا " وهذا أحسن ما وقفت عليه في هذه السياسة "([62] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn63)).
ومما جاء في هذا الكتاب الحث على الشورى " وأكثر مشاورة الفقهاء واستعمل نفسك بالحلم وخذ عن أهل التجارب وذوي العقل والرأي والحكم "([63] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn64)). وكذلك جاء في موضع آخر من الرسالة " وأكثر مجالسة العلماء ومشاورتهم ومخالطتهم، وليكن هواك اتباع السنن وإقامتها، وإيثار مكارم الأخلاق ومعاليها، وليكن أكرم دخلائك وخاصتك عليك من إذا رأى عيباً فيك لم تمنعه هيبتك عن إنهاء ذلك إليك في سرك وإعلانك بما فيه النقص، فإن أولئك أولياؤك ومظاهرون لك "([64] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn65)).
وأقوال العلماء والحكماء السابقة لا تخرج من قوله r (ما تشاور قوم قط بينهم إلا هداهم الله لأفضل ما يحضرهم) وفي لفظ (إلا عزم لهم بالرشد، أو الذي ينفع)([65] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn66)).
محل الشورى ومجالها:-
محل الشورى أو نطاقها ومجالها هي المسائل التي يمكن أن تكون موضوعاً لها، ولم تحدد النصوص المقررة لوجوب الشورى الأمور التي يستشير فيها إمام المسلمين أولي الرأي تحديداً قاطعاً، فقد ورد الأمر بالشورى في القرآن الكريم واصفاً إياها بأنها "الشورى في الأمر" وفي هذه الكلمة من العموم والإطلاق ما يجعلها تشمل كل شئون الجماعة المسلمة في كل نواحي حياتها، فنطاق الشورى بذلك يستوعب كل شئون المسلمين.
وبالرغم من هذا الرأي القائل بأن الشورى في كل ما لا نص فيه، فقد قيد هذا الإطلاق بقيدين أحدهما: أن الشورى لا تكون في أي مسألة ورد فيها نص تفصيلي قطعي الدلالة.
الثاني: عدم انتهاء الشورى إلى نتيجة تخالف نصاً من النصوص التشريعية الواردة في القرآن الكريم أو السنة النبوية، إذ مثل هذه المخالفة تمنع الأخذ بالرأي الذي تنتهي إليه الشورى، وتجعلها من ثم لا قيمة لها.
أما خارج دائرة هذين القيدين، واللَّذيْن يمكن اعتبارهما شقين لقيد واحد هو التزام النصوص في الموضوعات التي تعرض للشورى وفي النتيجة التي تنتهي إليها، فإن كل أمر لم يرد فيه نص أو ورد فيه نص غير قطعي الدلالة يمكن أن يكون محلاً للشورى، ما دام يتعلق بمسألة تعد من الشئون العامة للأمة.
وقد تبنى الرأي القائل بأن الشورى تقع في جميع الأمور التي لا وحي فيها بعض العلماء منهم القرطبي وابن تيمية والزمخشري والآمدي وغيرهم.
فالقرطبي يقول على استشارة النبي r لأصحابه " ذلك فيما لم يأت فيه وحي "([66] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn67)).
وكذلك يقول " وقد كان النبي r يشاور أصحابه في الآراء المتعلقة بمصالح الحروب، وذلك في الآراء كثير، ولم يكن يشاورهم في الأحكام لأنها منزلة من عند الله، على جميع الأقسام من الفرض والندب والمكروه والمباح والحرام "([67] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn68)).
وبين أن الصحابة قد تشاوروا في الأحكام إذ يقول "فأما الصحابة... فكانوا يشاورون في الأحكام، ويستنبطونها من الكتاب والسنة، وأول ما تشاور فيه الصحابة الخلافة "([68] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn69)). ويقول كانت الأئمة بعد النبي r يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها([69] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn70)).
ويؤكد ابن الأزرق –كالقرطبي– أن شورى النبي r كانت في غير الأحكام قائلاً "وذلك –أي الشورى– في غير الأحكام لاختصاصه r بشرعيتها"([70] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn71)). ويؤكد ابن تيمية أن الشورى فيما لم يأت فيه وحي قائلاً أن الشورى" فيما لم يأت فيه وحي من أمور الحرب والأمور الجزئية"([71] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn72)). وكذلك الزمخشري إذ يقول "الأمر بالمشاورة هو في أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل فيه وحي"([72] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn73)). ويؤكد الآمدي ذلك قائلاً " لأن الأمر بالمشاورة إنما يكون فيما يحكم فيه بالاجتهاد لا بالوحي"([73] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn74)).
ويؤكد محمد رشيد أن المراد بالأمر في قوله تعالى (وأمرهم شورى بينهم)([74] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn75)). أمر الأمة الدنيوي إذ يقول " المراد بالأمر أمر الأمة الدنيوي الذي يقوم به الحكام عادة، لا أمر الدين المحض، الذي مداره على الوحي دون الرأي "([75] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn76)).
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الشورى لا تكون إلا في أمور الحرب، ومن القائلين به الشافعي وابن القيم وإمام المعتزلة أبو علي الجبائي([76] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn77)).
والراجح أنّ عدم تحديد أو تعيين الموضوعات التي تعرض للشورى تحديداً قاطعاً هو الأليق بمنهج الإسلام في التشريع، من تقرير الكليات والقواعد العامة، وترك الجزئيات والتفصيلات ليوائم المسلمون بصددها بين النصوص وبين متطلبات الأزمان والأمكنة التي تطبق فيها شريعة الإسلام فالشورى في كل الأمور والأحوال ما لم يصطدم ذلك بنص.
ومما يؤكد ذلك أن قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}(سورة آل عمران: 159)، و{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}(سورة الشورى: 38)كلمة الأمر "الـ" فيها للجنس: أي جنس الأمر وهو من صيغ العموم([77] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn78))، والعام يبقى على عمومه ما لم يرد دليل التخصيص، وهنا لم يرد في القرآن أي دليل يخصص الشورى في أمر معين دون أمر آخر، على هذا تكون الشورى عامة في كل أمور المسلمين.
أما الدليل الثاني على ما ذهبنا إليه فهو السنة، فقد شاور النبي r أصحابه في أمور شتى في الأحكام وأمور الحرب وغير ذلك.
ففي الأحكام شاور النبي r في أسارى بدر، وهي مشاورة في حكم الشرع، لأن مفاداة الأسير بالمال جوازها وفسادها من أحكام الشرع، فعلم أنه كان يشاورهم في الأحكام كما في الحروب([78] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn79)).
وكذلك في المباح، والذي هو حكم شرعي لأنه خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال العباد على جهة التخيير، فقد وقعت فيه الشورى لأن الحكم هنا متعين، ولكن في أمرين، الفعل والترك.
أما في الفرض فلا شورى في تركه لأن فعله متعين " فلا يشاور في عدد الصلوات ولا شهر الصوم، ولا أنصبة الزكاة أو في حكم. لذلك لما اعترض المسلمون على نتائج صلح الحديبية أمضى رسول الله r الصلح، مع أنه من أمور الحرب التي تجري فيها الشورى لأن صلح الحديبية كان بناءً على أمر الله تعالى، لذلك قال r: " إني عبد الله ورسوله، ولن أخالف أمره، ولن يضيعني "([79] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn80)).
وعليه فالشورى تقع في الأحكام الشرعية لأنها وقعت في المباح وهو حكم شرعي، ثم أن جميع أمور المسلمين تقع في دائرة الأحكام الشرعية. وقد فصلت القول في مشاورته r.
أما الدليل الثالث: فهو إجماع الصحابة: كان الصحابة يتشاورون في الأحكام، فكما سبق فقد تشاوروا في ميراث الجد، وحد شارب الخمر، وقتال مانعي الزكاة. بالإضافة إلى تشاورهم في غير الأحكام مثل أمر الخلافة والاستخلاف، وكذلك جمع القرآن وغيرها من الأمور.
وفي ذلك يقول البخاري: " كان الأئمة بعد النبي r يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضع الكتاب والسنة لم يتعدوه إلى غيره اقتداءً بالنبي r "([80] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn81)).
ويقول القرطبي: " فكانوا – الصحابة – يتشاورون في الأحكام ويستنبطونها من الكتاب والسنة، وأول ما تشاور فيه الصحابة الخلافة... وتشاوروا في أهل الردة فاستقر رأي أبي بكر على القتال، وتشاوروا بعد رسول الله r في الحرب"([81] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn82)).
إلزام الشورى:-
انحصر قول العلماء في مدى حجية الشورى وإلزام الرأي الذي تنتهي إليه الشورى إلى قولين:
القول الأول: الشورى ملزمة للإمام: ذهب أصحاب هذا القول بأن الشورى ملزمة للأمام إذا استقر رأي أهلها – أو غالبيتهم – على شيء وجب عليه إتباعه، وإلا لم يكن لممارسة الشورى معنى، ولأن الرأي الصادر من الأغلبية يحصل به الترجيح، فالجمهور أبعد عن الخطأ من الفرد([82] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn83)).
القول الثاني: نتيجة الشورى غير ملزمة للإمام: استدل أصحاب هذا القول بتفسير بعض المفسرين لقوله تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ}(سورة آل عمران: 159). إذ ذهب هؤلاء إلى أن معنى هذا النص أن للرسول r أن يأخذ بما انتهت إليه الشورى أو يدعه([83] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn84)). يقول الطبري في تفسير الآية السابقة (فإذا صح عزمك بتثبيتنا إياك وتسديدنا لك فيما نابك وحزَّ بك من أمر دينك ودنياك، فامض لما أمرناك به على ما أمرناك به، وافق ذلك آراء أصحابك وما أشاروا به عليك أو خالفه)([84] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn85)).
ويقول القرطبي نقلاً عن قتادة " أمر الله تعالى نبيه u إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويتوكل على الله لا على مشاورتهم([85] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn86)). ويقول "إن العزم هو الأمر المروي المنقح، وليس ركوب الرأي دون روية عزماً "([86] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn87)).
وهذا ما جرى عليه العمل في عهد الخلفاء الراشدين، حيث كان الخليفة هو الذي يختار من يستشيرهم، ثم كان يفاضل بين آرائهم فيأخذ منها ما يشاء ويدع ما يشاء.
واستدل أصحاب هذا القول ببعض الحوادث والمواقف للتأكيد على أن الشورى غير ملزمة، ويبدو أنهم قد جانبهم التوفيق في تفسيرها وتأويلها، بل وأحياناً في روايتها أيضاً.
ومما استدلوا به: صلح الحديبية: إن موضوع صلح الحديبية لم يكن – في أية مرحلة من مراحله – محلاً للشورى، وإنما صدر فيه الرسول r عن الوحي من أوله إلى آخره. فالذي حدث أنه بعد أن فرغ النبي r من إبرام صلح الحديبية، أتى عمر إلى النبي r فسأله " ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال: بلى، فقال عمر فلِمَ نُعط الدنية في ديننا إذن ؟ قال: "إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري ".
بل أن النبي r قبل معارضة عمر للأمر، وبيَّن أن الأمر مرجعه إلى الوحي، فحين توقفت ناقة رسول الله r قال لأصحابه: (حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها)([87] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn88)).
ومن ثم فإنه لا علاقة لما حدث في صلح الحديبية بموضوع الشورى ولا دليل فيه على لزومها أو عدمه، وفعل النبي فيه تصرف بالوحي في هذه القضية بعينها، فلا يصح قياس غيرها عليها.
فالرسول r أعرض عن رأي عمر وبقية الصحابة، وهو القائل لعمر وأبي بكر (لو اتفقتما في مشورة ما خالفتكما أبداً)([88] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn89)) لأنه رجع إلى الدليل الشرعي وهو الوحي.
ففي الأمور التشريعية، فإن الحجية تكون لقوة الدليل فقط، لأنه لا يرجح في الحكم الشرعي إلا قوة الدليل فقط، وهذا الاستنباط أخذ من فعل الرسول r عندما رجح ما نزل به الوحي ورفض غيره رفضاً قاطعاً، ولذلك قال: (أنا عبد الله ورسوله، ولن أخالف أمره)([89] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn90)).
ومما استدلوا به حروب الردة: فقد كان أبوبكر الصديق هو أول من رأى وجوب قتال من ارتد من العرب بعد وفاة النبي r، ومَنْ منع الزكاة منهم، وقد وافقه المعارضون بذلك من الصحابة وعلى رأسهم عمر بن الخطاب الذي قال في هذا الشأن "فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق "([90] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn91)).
فيجب على الإمام أو الحاكم أن يبدي رأيه في الشورى، وأن يقدم الأدلة التي تقنع الناس به، وذلك ما فعله أبوبكر إذ استدل بقوله r "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله " وبين وجه الاستدلال بهذا الحديث بقوله " والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال"([91] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn92)).
ومن ثم فقد وافقه على الدليل والاستدلال به مخالفوه أول الأمر وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب t، فالقضية خرجت من نطاق الشورى، لأنها منصوص عليها فلا تقع في دائرة الاجتهاد، ومن ثم فلا يستشار فيها. والرجوع كان إلى الدليل الشرعي الذي كان عند المستدل به وهو أبوبكر الصديق t.
فالمرجع في الأمور التشريعية قوة الدليل عند المستدل به، لا عند الناس، أو كما يقول القرافي " فالقول ما حكم به الحاكم على الأوضاع الشرعية "([92] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn93)) لأنه "إن كان مجتهداً فلا يجوز له أن يحكم إلا بالراجح عنده"([93] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn94)) فلا يجوز للإمام (أن ينشئ حكماً بالهوى واتباع الشهوات، بل لا بد من أن يكون ذلك القول الذي حكم به قال به إمام معتبر لدليل معتبر)([94] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn95)).
أما في الرأي الذي يرشد لعمل من أجل القيام به فقد بين ذلك فعل الرسول r، وقوله في حادثة أحد فإن المرجح فيه هو رأي الأغلبية. فقد خرج خارج المدينة مع أنه يرى خطأ هذا الرأي من الناحية العسكرية، ويرى أن الصواب خلافه.
وفعل النبي r يبين مدلول قوله لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما "لو اتفقتما في مشورة ما خالفتكما" ولعل هذا هو مقصود الآمدي في قوله "إن الكثرة يحصل بها الترجيح"([95] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn96)).
أما في الأمور الفكرية والفنية وذات الاختصاص فإن المرجح فيها هو جانب الصواب لأنه يدخل تحت قول الرسول r للحباب بن المنذر "بل هو الرأي والحرب والمكيدة"([96] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn97)).
فإذا جرت الشورى فيما كان من هذا القبيل فإنه يرجع فيها إلى الرأي الصواب، لأنه أمر فني يعلمه أصحاب الخبرة والاختصاص في الموضوع.
والذي يحدد الصواب هو الحاكم أو الإمام لأن الآية تقول {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ} (سورة آل عمران: 159).
فالشورى حصلت من الرسول r وهو رئيس الدولة الإسلامية، وقد جعل الله الأمر إليه بعد الاستشارة ينفذ ما يعزم عليه، أي ما يراه صواباً، فيكون هو المرجع للصواب، والخطاب عام لكل رئيس دولة فلم يرد دليل يخصصه بالرسول r. فهذا الأمر من صميم صلاحيات الخليفة، لأن الإمام هو الذي فوضت له السياسة العامة في الخلائق([97] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn98))، ولأن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف([98] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn99)).
أهل الشورى والشروط التي يجب توفرها فيهم:
أهل الشورى هم أولو الأمر وأصحاب الروية الذين يقدرون على إبداء الرأي وحل المشكلات، فإليهم يرجع الأمر، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ} (سورة الشورى الآية 83).
وممن سماهم بذلك ابن قتيبة إذ يقول: "بعد مقتل عثمان ذهب الناس إلى عليٍّ، يطلبون منه تولي أمر المسلمين،... وقال ليس ذلك إليكم، إنما هو لأهل الشورى وأهل بدر... "([99] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn100)). ويطلق عليهم كذلك " أهل الاجتهاد" يقول البغدادي "أن طريق ثبوتها – أي الإمامة – الاختيار من الأمة، باجتهاد أهل الاجتهاد منهم، واختيارهم من يصلح لها "([100] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn101)).
وكذلك يطلق عليهم "أهل الاختيار" وممن سماهم بذلك الماوردي إذ يقول: "وإن لم يقم بها – أي الإمامة – أحد خرج من الناس فريقان: أحدهما أهل الاختيار حتى يختاروا إماماً للأمة، والثاني أهل الإمامة حتى ينتصب أحدهم للإمامة"([101] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn102)).
وقد عرَّف بعض العلماء أهل الحل والعقد بأولي الأمر([102] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn103)) ونلمح ذلك من عبارة ابن خلدون التالية: "وإذا تقرر أن هذا النصب واجب بإجماع فهو من فروض الكفاية ويرجع إلى اختيار أهل العقد والحل فيتعين عليهم نصبه ويجب على الخلق جميعاً طاعته، بقوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}(سورة النساء: 59)"([103] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn104)).
وقد جاء في كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية أن أولي الأمر هم أصحاب الأمر والنهي، وهم القائمون على أمر الناس سواء أكانوا من العلماء أم من الأمراء([104] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn105)). وبالإضافة إلى العلماء والأمراء فقد قرر محمد رشيد رضا أن أولي الأمر – وهم أهل الحل والعقد – يشملون سائر الرؤساء والزعماء الواجبة طاعتهم إذ يقول (المراد بأولي الأمر جماعة أهل الحل والعقد من المسلمين وهم الأمراء والحكام والعلماء، ورؤساء الجند، وسائر الرؤساء والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح العامة، فهؤلاء إذا اتفقوا على أمر وحكم وجب أن يطاعوا فيه، بشرط أن يكونوا أمناء، وألاَّ يخالفوا أمر الله ولا سنة رسوله التي عرفت بالتواتر)([105] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn106)).
وقد ذهب النووي([106] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn107)) والقلقشندي([107] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn108)) إلى أن أهل الحق والعقد هم العلماء والرؤساء ووجوه الناس([108] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn109)) الذين يتيسر اجتماعهم.
وقد أورد الماوردي جملة من الشروط التي يجب توفرها في أهل الحل والعقد، وهذه الشروط تعين على تحديد وتعيين المقصود بهم. يقول الماوردي: (فأما أهل الاختيار فالشروط المعتبرة فيهم ثلاثة. أحدها: العدالة([109] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn110)) الجامعة لشروطها، والثاني العلم([110] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn111)) الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيها والثالث الرأي والحكمة([111] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn112)) المؤديان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح وبتدبير المصالح أقوم)([112] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn113)).
أما القاضي عبد الجبار فقد أورد شروطاً لأهل الحل والعقد تكاد تماثل شروط الماوردي السابقة إذ يقول: (لا بد من كون العاقدين من أهل العلم بمن يصلح للإمامة ومن لا يصلح لها، وبجملة من الدين، لأن من لا يعرف جملة الدين لا يعرف من يصلح للإمامة، فلا بد أن يكون عارفاً بذلك... ولا بد أن يكون من أهل الرأي لأنه يحتاج في ذلك إلى تقديم واحد على الأخر لأحوال ترجع إلى الدين وإلى الشجاعة وغيرها، ومتى لم يلزم أهل الرأي لم يصلح ذلك، ولا بد من أن يكون من أهل السير والصلاح ليوثق باختياره، ولأن أمر الإمامة أعظم من غيرها من الولايات)([113] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn114)).
أما الإمام القرطبي فقد جعل للمستشار في أمور الدين صفات وأخرى للمستشار في أمور الدنيا قائلاً (وصفة المستشار إن كان في الأحكام أن يكون عالماً ديناً وقلَّ ما يكون ذلك إلا في عاقل – قال الحسن ما كمل دين امرئ ما لم يكمل عقله... وصفة المستشار في أمور الدنيا أن يكون عاقلاً مجرباً...)([114] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn115)).

الشورى والعصبية عند ابن خلدون:
قرر ابن خلدون أن أهل الحل والعقد هم أولو الأمر وهم القائمون على أمر الناس سواء أكانوا من العلماء والفقهاء والأمراء وسائر الرؤساء والزعماء وذوي العقل منهم والرأي والحكم، إلا أن ابن خلدون عاد ونبَّه إلى مسألة وحقيقة تتعلق بالموضوع وهو أن ثمة تبدل وتغير قد حدث في هذه الهيئة – أي أهل الشورى – إذ أنه وبعد انقلاب الخلافة إلى ملك قد أخرج الفقهاء والقضاة من الشورى، ولم يعد لهم من الحل والعقد شيء، وأسند الأمر إلى أهل العصبية الغالبة([115] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn116)).
ويؤكد ابن خلدون أن ما حدث يتماشى مع مقتضيات وقواعد العمران فالشورى لا تكون إلا لصاحب عصبية تعينه على الحل والعقد ولا يعارض قوله r (العلماء ورثة الأنبياء)([116] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn117)) إذ يقول (حقيقة أهل الحل والعقد إنما هي لأهل القدرة عليه، فمن لا قدرة له عليه فلا حل له ولا عقد لديه، اللهم إلا أخذ الأحكام الشرعية عنهم وتلقى الفتاوى منهم، والله المُوفِّق، وربما يظن بعض الناس أن الحق فيما وراء ذلك، وإن فعل الملوك فيما فعلوه من إخراج الفقهاء والقضاة من الشورى مرجوح وقد قال r "العلماء ورثة الأنبياء" فأعلم أن ذلك ليس كما ظنه، وحكم الملك والسلطان إنما يجري على ما تقتضيه طبيعة العمران وإلا كان بعيداً عن السياسة، فطبيعة العمران في هؤلاء لا تقضي لهم شيئاً من ذلك لأن الشورى والحل والعقد لا تكون لصاحب عصبية يقتدر بها على حل أو عقد أو فعل أو ترك، وأما من لا عصبية له، ولا يملك من أمر نفسه شيئاً، ولا من حمايتها وإنما هو عيال على غيره، فأي مدخل له في الشورى أو أي معنى يدعو إلى اعتباره فيها، اللهم إلا شوراه فيما يعلمه من الأحكام الشرعية فموجودة في الاستفتاء خاصة، وأما شوراه في السياسة فهو بعيد عنها لفقدانه العصبية والقيام على معرفة أحوالها وأحكامها)([117] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn118)).
اختصاصات أهل الشورى:
من خلال هدي النبوة، والسوابق التاريخية في الحكم والشورى منذ عهد الخلفاء الراشدين ومن أتى بعدهم من الخلفاء والأمراء يمكننا أن نعدد أهم اختصاصات مجلس الشورى في الآتي:
·اختيار خليفة المسلمين، وقد تبين رأي العلماء في المسألة عند الحديث عن أهل الشورى.
·مساعدة خليفة المسلمين في إدارة شئون البلاد، وعلاج القضايا العامة للأمة، كإعلان الحرب وعقد المعاهدات، وكيفية تنفيذ الأحكام الشرعية.
·محاسبة إمام المسلمين وغيره من كبار الموظفين كالأمراء والوزراء عملاً بقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}(سورة آل عمران: 104). فقد يقع إمام المسلمين في مخالفة شرعية أو جور بأحد الرعية، فأهل الشورى هم أول من يقدم له النصيحة وينهاه عن المنكر([118] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn119)) برفق ولطف كما سنبين.
عزل إمام المسلمين أو أي موظف يختاره أهل الشورى فمجلس الشورى يختار الإمام، فإذا أخل الإمام بواجباته تقدم أهل الشورى بإسداء النصح له، فإذا رجع عن ما بدر منه من اعوجاج فلا يجب عزله، أما إذا أصر على موقفه وتقاعس عن أداء واجباته فإن أهل الشورى يعزلونه ويعلنون ذلك([119] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn120)).
تنظيم الشورى وممارستها في الوقت الحاضر:-
الشورى من المبادئ العامة في الشريعة الإسلامية، ومن مزايا مبادئ الشريعة وقواعدها العامة أنها تتصف بالمرونة (وقد جاء هذا المبدأ بدرجة كافية من العموم والمرونة بحيث يتسع لكل تنظيم صحيح يوضع لتطبيق هذا المبدأ...)([120] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn121)).
وبالتالي لم تحدد الشريعة أسلوباً معيناً للشورى يجب اتباعه والأخذ به في التطبيق، وإنما اكتفت بتقرير المبدأ العام دون وضع التفصيلات التي يقتضيها تنفيذ هذا المبدأ. وهذا المسلك يقتضيه سمو الشريعة وصلاحيتها لكي تجابه كافة التطورات التي تقتضيها ظروف الزمان والمكان بما يلائمها، حتى يكون الناس في سعة من أمرهم ويختاروا في تطبيق المبدأ ما يحقق مصالحهم كما تحددها ظروف البيئة، فلو نهجت الشريعة منهج التفصيل لأسلوب التطبيق لقصرت عن مواجهة ما يحدث للمجتمع من تطور، وحاشا أن تكون كذلك فهي شريعة الكمال التي أمرنا الله باتباعها([121] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn122))، وحيث لم تنص الشريعة الإسلامية على كيفية خاصة لتحقيق مبدأ الشورى، وفي ذلك أنها تركت تنظيم الشورى للأمة الإسلامية على النحو الذي يلائم ظروفها وأحوالها، ويحقق مقصود الشورى، ومعرفة رأي الأمة، وهذا في الحقيقة من حسنات الشريعة...)([122] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn123)).
فلو حددت الشريعة أسلوباً معيناً للشورى ما كان لأحد أن يحيد عنه، وقد يلحق الناس ضيق وحرج في تطبيقه لاختلاف الأعصر وتغير الأحوال، وتطور المعارف، فمن كمال الشريعة ورحمتها أن تركت لأهل كل عصر وضع الإطار الذي تتم به الشورى بحسب الظروف والأحوال. وأما بالنسبة إلى ممارسة الشورى فينبغي أن تمارس وفق الضوابط الشرعية، فإبداء الرأي له حدوده وضابطه منها:
1- أن يكون قصد صاحب الرأي بذل محض نصيحته لولاة الأمر، ولأئمة المسلمين وعامتهم كما دل على ذلك الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم أن النبي r قال: (الدين النصيحة. قلنا لمن؟ قال: لله وكتابه ولرسوله ولأئمة المسملين وعامتهم)([123] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn124))، فلا يجوز للفرد أن يقصد في بيانه رأيه التشهير بالحكام أو انتقاضهم أو تجرئ الناس عليهم، أو نحو ذلك من المقاصد الباطلة التي لا يراد بها وجه الله ولا الخير للمنصوح ولا المصلحة العامة.
2- النصيحة ليست تأنيباً لذلك يجب مراعاة التلطف فيه يقول ابن الأزرق (النصيحة إحسان صادر عن رحمة وشفقة مراد به وجه الله تعالى... وهو بخلاف التأنيب المقصود به التعبير والذم المفروغ في قالب النصيحة)([124] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn125)). ويقول (ويجب مراعاة التلطف في النصح والتعريف بالعيب الذي يعلمه المنصوح من نفسه وهو يضمره، وذلك بالتعريض مرة، والتصريح أخرى إلى حد لا يؤدي إلى الإيحاش)([125] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn126)).
وكذلك نبه إلى ذلك ابن حجر فقرر ضرورة نصح الأئمة بالتي هي أحسن، قال: (ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن)([126] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn127)).
3- أن يكون بيان الرأي في تصرفات الحكام على أساس من العلم والفقه بحسب الآداب الشرعية التي يجب مراعاتها عند مناصحة ولاة الأمر، فلا يجوز أن ينكر عليهم أو ينتقصهم في الأمور الاجتهادية، لأن رأيه ليس أولى من رأيهم مادام الأمر اجتهادياً([127] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn128)).
4- لا يجوز للأفراد إحداث الفتنة ومقاتلة المخالفين لهم في الرأي إذا لم يأخذوا برأيهم مادام الأمر يحتمل رأيهم ورأي غيرهم فلا يجوز مثلاً التشهير، والطعن، والسباب، وفاحش الكلام والافتراء، والتضليل بحجة إبداء الرأي، فليس من حق أحد أن يشيع الفساد بحجة إبداء الرأي([128] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn129)). فضلاً عن القتال والإيذاء البدني فهذا ما لا تقبله الشريعة، ولا العقول السليمة، ولا الفطر المستقيمة، (فالشورى في الإسلام عفة لسان، وصدق بيان، وحرص دائم على صون كرامة من نحاوره وتقديم حسن الظن بالنية والقصد)([129] (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftn130)).

الخاتمة:-
في نهاية هذه الدراسة أود الإشارة إلى أهم النتائج التي توصلت إليها من خلالها وهي:
- أنّ الشورى، أو أخذ الرأي في الإسلام، قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام العظام، وسمة من سمات الحكم الإسلامي، ويستدل على ذلك بالكتاب والسنة والإجماع.
- الشورى تمثل ركناً أساسياً من سلطان الأمة الإسلامية، فالحاكم في الإسلام وكيل عن الأمة في مباشرة السلطان والسيادة، وفي هذا عصمة له من الانحراف والطغيان والميل عن جادة الحق.
- عدم تحديد وتعيين الموضوعات التي تعرض للشورى تحديداً قاطعاً هو الأليق بمنهج الإسلام في التشريع، فالشورى في كل الأمور والأحوال ما لم يصطدم ذلك بنص.
- من خلال هدي النبوة والسوابق التاريخية في الحكم والشورى فإن من اختصاصات مجلس الشورى اختيار خليفة المسلمين ومساندته في إدارة شئون البلاد، وكذلك محاسبته وعزله إذا أخل بواجباته.
- يتصف مبدأ الشورى في الإسلام بالمرونة، حيث جاء هذا المبدأ بدرجة كافية من العموم ليتسع لكل تنظيم بحسب الحاجة إليه، فلم تحدد الشريعة أسلوباً معيناً لممارسة الشورى، بل قررت المبدأ العام، وتركت كيفية التطبيق والتفصيلات وفق حاجاتنا ومقتضيات الظروف والأحوال.
- إن ممارسة الشورى وإبداء الرأي ينبغي أن يكون وفق الضوابط الشرعية، فيكون بيان الرأي في تصرفات الحكام على أساس من العلم والفقه والتلطف في النصح فالشورى في الإسلام عفة لسان وصدق بيان، وصون لكرامة من نحاوره.
التوصيات:-
يحسن بنا بعد الدراسة والنظر أن نوصي بما يلي:
- توجيه النظر إلى مبدأ الشورى من خلال تدريسه في مراحل التعليم المختلفة، وتكوين مجالس شورية مصغرة لتدريب الناشئة على هذا المبدأ الإسلامي الأصيل، فالممارسة العملية للمبادئ أجدى وأجدر رسوخاً، وثباتاً واستمراراً.
- الاهتمام بتطبيق الشورى في كل مجال من مجالات الحياة، وفيما هو مباح ولم يرد فيه نص، فهي السبيل الأقرب إلى صواب الرأي والبعد عن الخطأ.
- الدعوة إلى دراسة الفقه السياسي الإسلامي في منابعه الأصلية والانطلاق منه إلى تأسيس فقه سياسي جديد يجمع بين محكمات الشرع ومقتضيات العصر.

قائمة المراجع والمصادر:-
القرآن الكريم.
1- أحمد: محمد بن أحمد بن حنبل: المسند، تحقيق أحمد شاكر، دار المعارف، القاهرة، بدون تاريخ.
2- الباز: داود الباز، الشورى والديمقراطية النيابية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2004م.
3- الأزرق: أبو محمد عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الأزرق، بدائع السلك في طبائع الملك، تحقيق وتعليق علي سامي النشار، وزارة الثقافة والفنون، العراق، الطبعة الأولى، 1987م.
4- إسماعيل: يحيى إسماعيل، منهج السنة في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، دار الوفاء، مصر، 1986م.
5- الإسنوي: عبد الرحيم بن الحسن بن علي الإسنوي، نهاية السؤل شرح منهاج الوصول في علم الأصول للبيضاوي، مكتبة صبيح، القاهرة.
6- الأصفهاني: أبو القاسم الحسين بن محمد الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1961م.
7- الألوسي: شهاب الدين السيد محمود الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم، إدارة المطبعة المنيرية، مصر.
8- الآمدي: سيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، دار الفكر، دمشق، 1981م.
9- الإيجي: عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجين المواقف في علم الكلام، عالم الكتب، بيروت، بدون تاريخ.
10- البغدادي: أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي، أصول الدين، مطبعة الدولة، إستانبول، 1928م.
11- بوتول: غاستون بوتول، ابن خلدون فلسفته الاجتماعية، ترجمة عادل زعيتر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1955م.
12- البيهقي: أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، السنن الكبرى، دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد، الهند، الطبعة الأولى، 1355هـ.
13- الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، سنن الترمذي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
14- ابن تيمية: شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، دار الكتاب العربي، مصر، الطبعة الثانية، 1955م.
15- ابن تيمية: الصارم المسلول على شاتم الرسول، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجهاد، القاهرة، 1960م.
16- الجابري: محمد عابد الجابري، فكر ابن خلدون (العصبية والدولة)، دار الطليعة، بيروت، 1982م.
17- الجصاص: أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، أحكام القرآن، المطبعة البهية، مصر، 1347هـ.
18- ابن جماعة: عز الدين أبي عبد الله محمد بن جماعة، تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، وزارة الأوقاف، قطر.
19- الجويني: أبو المعالي عبد الملك الجويني، غياث الأمم في الثيات الظلم، تحقيق عبد العظيم الديب، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1950م.
20- ابن حجر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، شركة ومطبعة البابي الحلبي وأولاده، مصر، 1959م.
21- الخطيب: محمد الخطيب، الشورى في الإسلام، دار التوزيع والنشر الإسلامية، مصر، 1419هـ.
22- ابن خلدون: عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، تاريخ ابن خلدون، دار الفكر، بيروت، 1979م.
23- ابن خلدون: مقدمة ابن خلدون، دار الفكر، بيروت، بدون تاريخ.
24- الرازي: محمد بن أبي بكر بن الرازي، مختار الصحاح، المطبعة الأميرية، القاهرة، الطبعة السادسة، 1963م.
25- الرازي: فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي، مفاتيح الغيب المشتهر بالتفسير الكبير، المطبعة العامرة الشرفية، مصر، الطبعة الأولى، 1308هـ.
26- رضا: محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مطبعة القاهرة، الطبعة الرابعة، 1380هـ.
27- الرملي: شمس الدين محمد بن العباس الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الأخيرة، 1967م.
28- الزمخشري: جار الله محمود بن عمر الزمخشري، الفائق في غريب الحديث، تحقيق علي البجاوي ومحمد أبو الفضل، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاه، المطبعة البهية، مصر، 1347هـ.
29- الزمخشري: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1966م.
30- زيدان: عبد الكريم زيدان، أصول الدعوة، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1408هـ.
31- سالم: أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم، منتهى السؤل في علم الأصول، مطبعة محمد صبيح وأولاده، مصر، بدون تاريخ.
32- ابن سعد: محمد بن سعد بن منيع، الطبقات الكبرى، دار صادر، بيروت، 1957م.
33- الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، القاهرة، 1968م.
34- الطرطوشي: أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي، سراج الملوك، طبعة مصر، 1289هـ.
35- عبد الجبار: القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، المغني في أبواب التوحيد والعدل، تحقيق عبد الحليم محمود وسليمان دنيا، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، بدون تاريخ.
36- ابن العربي: القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله المعافري، أحكام القرآن، تحقيق علي محمد البجاوي، عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، الطبعة الثانية، 1968م.
37- ابن فارس: أحمد بن فارس بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام هارون، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1366هـ.
38- أبو فارس: محمد عبد القادر أبو فارس، النظام السيايس في الإسلام، دار القرآن الكريم، بيروت، الطبعة الأولى، 1980م.
39- الفيروزابادي: مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي، القاموس المحيط، شركة مكتبة ومطبعة البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الثانية، 1952م.
40- ابن قتيبة: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، الإمامة والسياسة، شركة مكتبة ومطبعة البابي الحلبي وأولاده، مصر، 1969م.
41- القرافي: شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، سوريا.
42- القرافي: الفروق، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، بدون تاريخ.
43- القرطبي: محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، مطبعة دار الكتب المصرية، الطبعة الثانية، 1937م.
44- قطب: سيد قطب، في ظلال القرآن، دار المعرفة، بيروت، الطبعة السابعة، 1971م.
45- القلقشندي: أحمد بن عبد الله القلقشندي، مآثر الأنافة في معالم الخلافة، تحقيق عبد الستار أحمد فرجن عالم الكتب بيروت، بدون تاريخ.
46- ابن القيم: محمد بن أبي بكر بن القيم، أعلام الموقعين عن رب العالمين، مطبعة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1968م.
47- ابن القيم: زاد المعاد في هدي خير العباد، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الثانية، 1950م.
48- عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار ومكتبة الهلال، بيروت، الطبعة الأولى، 1986م.
49- ابن كثير: السيرة النبوية، تحقيق مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة، لبنان، 1976م.
50- ابن ماجة: محمد بن يزيد بن ماجة، سنن ابن ماجة، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، بيروت، 1953م.
51- الماوردي: علي بن محمد بن حبيب الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، دار الفكر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1983م.
52- ابن منظور: أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى، 1990م.
53- النمري: محسن بن حميد النمري وآخرون، الأمن رسالة الإسلام، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، بدون ناشر، 2005م.
54- النووي: محي الدين يحيى بن شرف النووي، صحيح مسلم بشرح النووي، المطبعة المصرية، القاهرة، 1349هـ.
55- ابن هشام: عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري، طبعة مصطفى الحلبي، مصر، 1936م.

! (http://investigate-islam.com/al5las/#_ftnref1) الأستاذ المساعد بجامعة الخرطوم ـ كلية الآداب – قسم الدراسات الإسلامية.

([1]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام هارون، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1366هـ. كتاب الشين، باب الشين والواو وما يثلثهما مادة: شور.

([2]) ابن منظور، لسان العرب،، دار صادر، بيروت، ط1، 1990م. جـ2 ص379-381، باب الشين: شور.

([3]) الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1961م. كتاب الشين، مادة شور.

([4]) الفيروزأبادي، القاموس المحيط، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1952م. مادة شور.

([5]) الرازي، مختار الصحاح، المطبعة الأميرية، القاهرة، 1963م. ص350.

([6]) يحي إسماعيل، منهج السنة في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، دار الوفاء، مصر، 1986م. ص402. محسن بن حميد النمري وآخرون، الأمن رسالة الإسلام، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، 2005م، ص83.

([7]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مطبعة دار الكتب المصرية، مصر، الطبعة الثانية، 1937م. جـ 4 ص249.

([8]) القاضي – أبوبكر محمد بن العربي، أحكام القرآن، تحقيق علي البجاوي، عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، الطبعة الثانية، 1968م. جـ1 ص298.

([9]) شهاب الدين السيد محمود الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم، إدارة الطباعة المنيرية، مصر. جـ25 ص46.

([10]) أنظر ابن حجر، فتح الباري. جـ17 ص105، وقول ابن حجر (إن القراء كانوا أصحاب مجلس عمر ومشاورته).

([11]) الزمخشري، الفائق في غريب الحديث، ج2 ص270.

([12]) ابن الأزرق بدائع السلك في طبائع الملك، تحقيق سامي النشار، وزارة الثقافة والفنون، العراق، الطبعة الأولى، 1987.

([13]) محمد عبد القادر أبو فارس، النظام السياسي في الإسلام، دار القرآن الكريم، الكويت، بدون تاريخ. ص79.

([14]) ابن العربي، أحكام القرآن، تحقيق علي محمد البجاوي، عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، ط2، 1986.

([15]) الطرطوشي، سراج الملوك، طبعة مصر، 1289هـ. ص78.

([16]) الرازي، التفسير الكبير، المطبعة العامرة الشرفية، مصر، الطبعة الأولى، 1308هـ. جـ3 ص120.

([17]) سيد قطب، في ظلال القرآن، دار المعرفة، بيروت، الطبعة السابعة، 1971م. جـ4 ص118-119، كان على سيد قطب ألا يوحي للقارئ أن الشورى هي الأساس الأوحد لحكم الإسلام، فإن له أسساً أخرى كالعدل والحرية والمساواة ومساءلة الحكام وغيرها من الأسس.

([18]) الرازي، التفسير الكبير. جـ1 ص120.

([19]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ4 ص251.

([20]) الزمخشري، الكشاف، شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1966م. جـ1 ص226

([21]) الجصاص، أحكام القرآن، المطبعة البهية، مصر، 1347هـ. جـ1 ص330.

([22]) الرازي، التفسير الكبير. جـ9 ص67.

([23]) ابن تيمية، السياسة الشرعية، دار الكتاب العربي، مصر، الطبعة الثالثة، 1955م. ص165.

([24]) سيد قطب، في ظلال القرآن. جـ5 ص299.

([25]) الماوردي، الأحكام السلطانية، دار الفكر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1983م. ص40.

([26]) ابن القيم، زاد المعاد، شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلي، الطبعة الثانية، 1950. جـ2 ص172.

([27]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ4 ص249.

([28]) ابن الأزرق، بدائع السلك. جـ1 ص303.

([29]) ابن حجر، فتح الباري. جـ17 ص102، الترمذي، سنن الترمذي. جـ4 ص213، البيهقي، سنن البيهقي. جـ10 ص109.

([30]) ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، دار الفكر، بيروت، 1979. جـ2 ص751.

([31]) المرجع نفسه. ج2 ص752، ابن هشام، السيرة النبوية، طبعة مصطفى الحلبي، مصر، 1936م. جـ2 ص191-192.

([32]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ8 ص46.

([33]) ابن حجر، فتح الباري. جـ7 ص103-104، ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون. جـ2 ص765.

([34])ابن حجر، فتح الباري. جـ17 ص104-106.

([35]) ابن جماعة، تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام، وزارة الأوقاف، قطر. ص60.

([36]) ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون. جـ2 ص786.

([37]) ابن هشام، السيرة النبوية، طبعة مصطفى الحلبي، مصر، 1936م. جـ3 ص234.

([38]) الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم، إدارة المطبعة المنيرية، مصر. جـ4 ص106-107.

([39]) تقي الدين أحمد بن تيمية، الصارم المسلول على شاتم الرسول، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجهاد، القاهرة، 1960م.

([40]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ4 ص250.

([41])ابن حجر، فتح الباري. جـ13 ص342.

([42]) القاضي عبد الجبار، المغني في أبواب التوحيد والعدل، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، بدون تاريخ. جـ20 ص289.

([43]) ابن حجر، فتح الباري، جـ13 ص339.

([44]) ابن القيم، أعلام الموقعين عن رب العالمين، مطبعة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1968م. جـ1 ص97.

([45]) ابن حجر، فتح الباري. جـ 13 ص339.

([46]) المرجع نفسه. جـ13 ص343.

([47]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ4 ص250.

([48]) المرجع نفسه. جـ3 ص343.

([49]) المرجع نفسه. جـ3 ص 343.

([50]) عماد الدين أبي الفداء إسماعيل ابن كثير، السيرة النبوية، تحقيق مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة، لبنان، 1976م. جـ4 ص489.

([51])ابن حجر، فتح الباري. جـ13 ص343.

([52]) ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر،الطبعة الثانية، 1952م. جـ1 ص41.

([53]) ابن سعد، طبقات ابن سعد، دار صادر، بيروت، 1957م. جـ5 ص245-246.

([54]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. ج4ـ ص249.

([55]) ابن العربي، أحكام القرآن، مرجع سابق. جـ1 ص224.

([56]) الطرطوشي، سراج الملوك، مرجع سابق. ص78.

([57]) المرجع نفسه. ص76.

([58]) ابن الأزرق، بدائع السلك، مرجع سابق. جـ1 ص304-305.

([59]) عبد الرحمن السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، جمعية إحياء التراث الإسلامي، الكويت، ط1، 1418هـ. ص174.

([60]) ابن الأزرق، بدائع السلك. جـ1 ص304-305.

([61]) الألوسي، روح المعاني. جـ45 ص46.

([62]) ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، دار الفكر، بيروت، بدون تاريخ. ص311.

([63]) المرجع نفسه. ص307.

([64]) المرجع نفسه. ص310.

([65]) ابن حجر، فتح الباري، مرجع سابق. ج17 ص102.

([66]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ4 ص250

([67]) المرجع نفسه. جـ16 ص37.

([68]) المرجع نفسه. جـ16 ص37.

([69]) المرجع نفسه. جـ4 ص250.

([70]) ابن الأزرق، بدائع السلك. جـ1 ص303.

([71]) ابن تيمية، السياسة الشرعية. ص158.

([72]) الزمخشري، الكشاف. ج1 ص474.

([73]) أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم، منتهى السؤال في علم الأصول، محمد علي صبيح الكتبي وأولاده، مصر، جـ3 ص58.

([74]) سورة الشورى الآية 38.

([75]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، مطبعة القاهرة، الطبعة الرابعة، 1380هـ. جـ4 ص164.

([76]) ابن القيم، زاد المعاد. جـ2 ص64، مرجع سابق، ابن العربي، أحكام القرآن. جـ4 ص655، القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ4 ص249.

([77]) عبد الرحمن بن الحسين بن علي الأسنوي، نهاية السؤال شرح منهاج الوصول في علم الأصول للبيضاوي، مكتبة صبيح، القاهرة. جـ2 ص61.

([78]) أحمد، مسند أحمد، تحقيق أحمد شاكر، دار المعارف، القاهرة، بدون تاريخ. جـ3 ص243، ابن كثير، السيرة النبوية. جـ2 ص457.

([79]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار ومكتبة الهلال، بيروت، الطبعة الأولى، 1986م. جـ4 ص196، النووي، صحيح مسلم بشرح النووي، المطبعة المصرية، القاهرة، 1349هـ. ج12 ص141، رواه وسلم بلفظ (إني رسول الله ولن يضيعني الله أبداً).

([80]) ابن حجر، فتح الباري، جـ13 ص3. مرجع سابق.

([81]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ4 ص521. مرجع سابق.

([82]) الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، دار الفكر دمشق، 1981م. جـ1 ص340.

([83]) الزمخشري، الكشاف. جـ1 ص474.

([84]) الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، القاهرة، 1968م. جـ4 ص153.

([85]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ4 ص252.

([86]) المرجع نفسه. جـ4 ص252.

([87]) ابن هشام، السيرة النبوية. جـ2 ص230.

([88]) الإمام أحمد، مسند أحمد. جـ4 ص227.

([89]) سبق تخريجه.

([90]) النووي، صحيح مسلم بشرح النووي. جـ1 ص200-210، ابن حجر، فتح الباري. جـ4 ص8.

([91]) ابن حجر، فتح الباري. جـ4 ص8.

([92]) شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، الفروق، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، بدون تاريخ. جـ2 ص103.

([93]) القرافي، الأحكام في تمييز الفتاوي عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، سوريا. ص79.

([94]) المرجع نفسه. ص 31.

([95]) الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام. جـ1 ص340.

([96]) ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون. جـ2 ص751، ابن سعد، طبقات ابن سعد. جـ2 ص15.

([97]) القرافي، الأحكام. ص93.

([98]) القرافي، الفروق. جـ2 ص103.

([99]) ابن قتيبة، الإمامة والسياسة. جـ1 ص41.

([100]) أبو منصور عبد القاهر البغدادي، أصول الدين، مطبعة الدولة، استانبول، 1982. ص279.

([101]) الماوردي، الأحكام السلطانية. ص55.

([102]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار. جـ5 ص181.

([103]) ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون. ص193.

([104]) ابن تيمية، السياسة الشرعية. ص159.

([105]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار. جـ5 ص181.

([106]) شمس الدين محمد بن أبي العباس الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر الطبعة الأخيرة، 1967م. جـ7 ص290.

([107]) القلقشندي، مآثر الأنافة في معالم الخلافة، تحقيق عبد الستار أحمد فرج، عالم الكتب، بيروت، بدون تاريخ. جـ7 ص42.

([108]) من الصعب تحديد معنى الوجاهة فهي من الأمور التي تتغير بتغير الزمان والمكان، إلا أن البعض قد ذهب إلى أن وجوه الناس هم قادة الأمة وزعمائها.

([109]) المقصود بالعدالة هنا الاستقامة والورع والأمانة.

([110]) المعرفة الفقهية بأحكام هذا المنصب في الدين.

([111]) المقصود بالرأي والحكمة هنا الخبرة السياسية والاجتماعية.

([112]) الماوردي، الأحكام السلطانية. ص6.

([113])القاضي عبد الجبار، المغني في أبواب التوحيد والعدل. جـ20 ص267.

([114]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن. جـ4 ص251. مرجع سابق.

([115])ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون. ص223. ويستخدم ابن خلدون العصبية في الغالب بمعنى القوة – لمزيد من التفصيل في معنى العصبية أنظر: غاتسون بوتول، ابن خلدون فلسفته الاجتماعية، ترجمة عادل زعيتر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة ط1، 1955م. ص87 وما بعدها، محمد عابد الجابري، فكر ابن خلدون، دار الطليعة، بيروت، 1982م، ص250.

([116]) ابن ماجة، سنن ابن ماجة، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، بيروت، 1953م. جـ2 ص958.

([117]) ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون. ص223-224.

([118]) ابن حجر، فتح الباري. جـ1 ص167، ابن الأزرق، بدائع السلك. جـ1 ص325.

([119]) الماوردي، الأحكام السلطانية. ص15-16، عضد الدين الإيجي، المواقف في علم الكلام، عالم الكتب، بيروت، ص400، الجويني، غياث الأمم في التياث الظلم، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1950م. ص98.

([120]) عبد الكريم زيدان، أصول الدعوة، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، 1480هـ. ص219.

([121]) داود الباز، الشورى والديمقراطية النيابية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2004م. ص107.

([122]) عبد الكريم زيدان، أصول الدعوة. ص225.

([123]) النووي، صحيح مسلم بشرح النووي، جـ1 ص237، ابن حجر، فتح الباري. جـ1 ص23، والمراد بأئمة المسلمين في الحديث السابق الخلفاء وغيرهم ممن يقوم بأمور المسلمين من أصحاب الولايات ابن حجر، فتح الباري. جـ 1 ص167.

([124]) ابن الأزرق، بدائع السلك، جـ1 ص324.

([125]) المرجع نفسه، جـ1 ص324.

([126]) ابن حجر، فتح الباري، جـ1 ص167.

([127]) محسن بن حميد النمري وآخرون، الأمن رسالة الإسلام، جامعة الملك فهد للبترول والمهادن – قسم الدراسات الإسلامية والعربية، الدمام، 1426هـ. ص105.

([128]) المرجع نفسه، ص106، أصول الدعوة، عبد الكريم زيدان. ص225.

([129]) محمد الخطيب، الشورى في الإسلام، دار التوزيع والنشر الإسلامية، مصر، 1419هـ. ص43.