المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسلمو أوكرانيا ومعاناة الاعتداءات المتكررة على مساجدهم


نور الإسلام
23-11-2013, 08:09 PM
بينما يحتفل المسلمون في «شبه جزيرة القرم» جنوب أوكرانيا، بمرور 700 عام على إنشاء «مسجد أوزبك خان» والمدرسة الملحقة به، والذي يعتبر أحد أقدم المباني الدينية الأثرية بأوروبا الشرقية، وقد تم بناؤه عام 1314 في مدينة «ستاري كريم»، فإن مشاعر الغضب والأسى والحزن لا زالت تسيطر عليهم، جراء  وقائع الاعتداءات من قبل مجهولين على عدد من المساجد هناك، مما شكل صدمة كبيرة في نفوس المسلمين هناك.


http://www.aliwaa.com/images/articles/BigBottom/201311071103508.jpeg

مئات المصلين في مسجد الرحمة في العاصمة الأوكرانية كييف



فقد طالب ممثلو مجلس تتار القرم ومفوضية مسلمي القرم، قوات الأمن بإجراء تحقيق جاد في وقائع الاعتداءات على المساجد في «شبه جزيرة القرم»، حيث أسفرت تلك الاعتداءات عن احتراق مسجدين بالمنطقة، وأثارت صدمة المسلمين، الذين طالبوا باتخاذ الإجراءات الحاسمة، للتعرف على الجناة ومحاسبتهم.
وفي حين دعت الإدارة الدينية لمسلمي القرم، التتار إلى ضبط النفس، اتهم مجلس شعب إقليم القرم جماعات روسية لم يسمها، بالوقوف خلف الاعتداءات، التي سجلت كأعمال شغب في تحقيقات الشرطة.
كما اتهم  المجلس بعض وسائل الإعلام، خاصة الروسية منها، بالكذب والتهويل والعمل على إثارة التوتر والفتنة العرقية، في الإقليم الذي يعيش فيه نحو 500 ألف تتري، يشكلون نسبة حوالي 20% من عدد السكان.
وربط المجلس بين الاعتداءات ومساعي أوكرانيا، لتوقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، نهاية الشهر المقبل.
حمزين
{ بدوره اعتبر علي حمزين، رئيس قسم العلاقات بمجلس شعب إقليم القرم، أن روسيا باتت تلعب على وتر التعايش في القرم، لتثير فتنة اجتماعية بين فئاته، تشغل بها النظام وتقلق أوروبا، إلى جانب ممارساتها ضغوطا سياسية واقتصادية على البلاد.
وبينما يسعى المسلمون في أوكرانيا، وخاصة في شبه جزيرة القرم، في استعادة هويتهم  وتاريخهم المجيد، بعد سنوات طويلة ومريرة من القمع الوحشي، من جانب روسيا، سواء القيصرية أو الشيوعية، فإن جهودهم في مجال الدعوة الإسلامية، وترسيخ قيم وأخلاق وشعائر الدين الحنيف، تواجه بمخططات متعصبة وإرهابية، من قبل جماعات روسية، مازالت تعمل من أجل استمرار الاضطهاد والقمع، ضد المسلمين هناك.
المسلمون في شبه جزيرة القرم
يذكر أنه يعيش في أوكرانيا نصف مليون مسلم أصلي، في شبه جزيرة القرم، وهي جمهورية ذات حكم ذاتي، هؤلاء أبا عن جد مسلمون. وفي شرق أوكرانيا، هناك تتار قازان ما بين 100 إلى 150 ألف مسلم، بالإضافة إلى مسلمين آخرين من التتار، والأفغان والعرب وغيرهم في المجموعة.  في أوكرانيا 46 مليون نسمة، منهم مليونا مسلم، علما بأنه لا توجد دراسات رسمية، وبالتالي فالإسلام هو الديانة الثانية، وتاريخيا أوكرانيا مسيحية أرثوذكسية.
وقد لعب الطلاب العرب دورا كبيرا، في نشر الإسلام بأوكرانيا، وإعادة إحياء الإسلام فيها، فكثير من المسلمين الأوكرانيين، ونتيجة للحقبة الشيوعية، كانوا مسلمين فقط بالكلام، ولا يعرفون من الإسلام إلا القليل.
وهناك نسبة مهمة من مسلمي أوكرانيا فقراء، وهم يحتاجون إلى المساعدة، فـ70% من مسلمي شبه جزيرة القرم فقراء، و30% منهم لا يجدون مساكن تؤويهم.. وهؤلاء يحتاجون إلى الدعم والمساعدة، خاصة المشاريع الصغيرة، التي لا تتطلب رؤوس أموال كبيرة، لكنها ذات نفع كبير على الفقراء من مسلمي هذا البلد.
القمع والاعتداء
وقد توافد المسلمون إلى أوكرانيا، في القرن الحادي عشر، خاصة عندما كان يعمل كثير من أبناء الجاليات المسلمة، في إمارة كييف في ذلك الوقت.
وقد كان دخول الإسلام إلى أوكرانيا عن طريقين، أولهما الطريق الجنوبي.. من خلال تركيا والدول العربية، والثاني هو الطريق الشرقي من بلاد الفولجا والقوقاز.
وللأسف الشديد، يُشاع مفهوم غريب اليوم، في أن الإسلام ظاهرة غريبة على المجتمع الأوكراني، وأن أوكرانيا لم تعرف الإسلام، إلا منذ سنوات قصيرة، ويرجع هذا الفهم الخاطئ لبعض الأوضاع المأساوية، التي عاشها التاريخ الإسلامي على مدى عدة قرون، خاصة فترة الحكم الشيوعي، الذي نكل بالمسلمين وحضارتهم، وأعمل فيهم قتلاً و تهجيراً، ليخفي الهوية الإسلامية لأهل المنطقة، ويصبغها بالثقافة الشيوعية، والتي أنتجت بعد ذلك علاقات معقدة، بين الشعب الأوكراني وجيرانه من المسلمين.
وفي نهاية الثمانينيات، بدأ المسلمون في تجميع صفوفهم والعودة إلى دينهم، بعيداً عن أعين السلطات، ولم يستطع المسلمون ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، إلا بعد أن أعلنت أوكرانيا استقلالها بعد سقوط الإتحاد السوڤياتي، وانتهاء الحقبة الشيوعية.
من جهتها، فقد وعت أوكرانيا المستقلة الخطأ الكبير، الذي ارتكبه النظام الشيوعي في محاربة الأديان، لذلك لم تعطِ شعبها فقط حرية اعتناق الدين والعبادة، بل أعطت كل الديانات الحق في استرجاع كل المباني والممتلكات، التي سلبها منها النظام الشيوعي.
غياب للمدارس الخاصة
وفي ظل غياب أية مدارس خاصة بهم، يعتبر مسلمو أوكرانيا، مدارس اللغة العربية الأسبوعية ملاذا لهم، لحفظ وحصانة هوية وثقافة أبنائهم الإسلامية، كما تعد هذه المدارس في الوقت نفسه، من أبرز وسائل التعريف بالإسلام في أوكرانيا، وذلك لكثرة الإقبال عليها من قبل الأوكرانيين بفئاتهم المختلفة، وتضمّن مناهجها مواد تعريفية بالثقافة الشرقية والإسلامية.
وتنتشر مدارس اللغة العربية، في شتى أرجاء المدن الأوكرانية، وخاصة في إقليمي شبه جزيرة القرم جنوب البلاد، وإقليم الدونباس شرقها، حيث يعيش قرابة مليون مسلم من أصول تترية.
ويبلغ عدد المدارس قرابة الأربعين، وهي تتبع للمراكز الثقافية الإسلامية والجمعيات، التي يشرف عليها اتحاد المنظمات الاجتماعية «الرائد»، الذي يعتبر أكبر مؤسسة تعنى بالإسلام والمسلمين في أوكرانيا.