المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معارك الإبادة المنسية .. إنهم يبيدون الإسلام فى بلغاريا


نور الإسلام
05-06-2014, 07:31 PM
5 February, 2009 بواسطة keshk هذه الفقرة من كتاب ( إنهم يبيدون الإسلام فى بلغاريا ) ، وهو من الكتب النادرة للمفكر الراحل ، وهو كتاب لا أجده رغم طول البحث عنه .. رغم أنى منذ أحد عشر عاما رأيته لدى صديق ولم أكن أعرف حينها جلال كشك فلم أهتم بقراءة الكتاب .. والآن تعاودنى صورة الكتاب الملقى أمامى حينها فتكاد تسيل لها الدموع .
هذه الفقرة نقلها د. عبد الودود شلبى فى دراسته الأروع ( الإسلام وخرافة السيف ) ، وأنقلها عنه هنا .
قال العملاق الراحل جلال كشك :
في خاطري صورة عمرها أكثر من أربعين سنه ، لا هي تغيب ، ولا أنا انساها ، أو أمل التذكير بها .. صورة نقلتها الصحف عن إحدي المجاعات في الهند خلال الأربعينات ، فشاعت وذاعت ، مثلما انتشرت صورة الطفلة الفيتنامية التي كانت تجري والنار تشتعل في جسدها من النابالم الأمريكي .. ولكن الصورة الهندية كانت مختلفة تماما ، فهي صورة فلاح هندي أنهكه الجوع فقط بلا حراك إلا عيناه التي تدور وتنبْيء باستمراره حيا .. وفي الصورة نري ذراعه ممتدة إلي جانبه ، وقد برزت عظامها حتي كأنها بلا جلد ، وكلب جائع مسعور ينهش هذه اليد ، والرجل ينظر إليه ولكنه عاجز عن نهر الكلب ، عاجز عن جذب يده من أنيابه عاجز حتي عن الصراخ .. و إنما نظرة غريبة ليست من هذا العالم نظرة ميت لو كان الموتي ينظرون .. جثة تأخر دفنها ، وكائن حي فقد كل خصائص الحياة .. أربعون عاما ، وهذه الصورة تقفز إلي خاطري ، كلما واجهت أمتنا كارثة أو اعتداء وعجزت حتي عن التألم .. فنحن في حالة من العجز والشلل تشبه حالة هذا الفلاح الهندي ، ونحن علي هذا الحال منذ قرون عديدة قد تتجاوز الأربعمائة سنه بدأت بتخدر ثم شلل في الأعصاب ، أفقدنا الحس والتجاوب والقدرة بل حتي الرغبة في المقاومة ، فقد كان العثمانيون يدقون أسوار ” فيينا ”
ولكنهم لم يحركوا ساكنا لإنقاذ ثمانية ملايين مسلم ومسلمة في الأندلس ، حيث جرت أول وأضخم عملية إبادة جماعية لشعب بأكمله علي يد الكنسية والدولة الكاثوليكية في أسبانيا والبرتغال ، وتلك الجريمة التي تحلل منها الضمير العالمي ، بحذفها من ذاكرة التاريخ ، فهي لم تقع .. ولا يوجد مرجع عربي حاول أن يفسر ، ولا أقول أن يدين ، لغز اختفاء شعب بأكمله ، وزوال حضارة دامت حوالي سبعمائه سنة ، ولا حاجة للحديث عن كمية ما نشر عن الستة ملايين يهودي ، بل ما نشر عن اختفاء السبط الثاني عشر من بني إسرائيل أو اليهودي التائه أو ما أثير حول أصل الفلاشة .. ولكن لا أحد يهتم بالبحث عن شعب الأندلس الضائع ، لا أحد يقدم أمام محكمة التاريخ واقعة إبادة هذا الشعب.. لا أحد استقصي أصل ودين العبيد الذين نقلوا من العالم القديم إلي العالم الجديد في سفن الأوروبيين ، وفي طليعتها أسبانيا والبرتغال ، ولا كلمة عن مئات الألوف الذين ماتوا علي المجداف في هذه السفن وتحت ضربات السياط ، أو في حقول أمريكا ، والذين مازالت اسماؤهم ودماؤهم وألفاظهم في دول أمريكا اللاتينية تشي بأنهم مسلمو الأندلس وسواحل أفريقيا ، وتشير بأصبع الاتهام إلي الجريمة التي ارتكبتها حضارتهم وما زالت مستمرة بالإصرار إلي تجاهلها وحذفها من ا لتاريخ .. ولأن الفكر العربي المعاصر هو مجرد مسخ للفكر الأوروبي ، فإن كتابنا لم يكتفوا بجهل مأساة إبادة الأمة الأندلسية وتناسيها ، بل نجد بعض كتابنا إذا ما أراد التشهير بالإسلام والمسلمين يصرخ قائلا : ” تريدون إعادة محاكم التفتيش ؟ ” .. ويظن جيل الجهل من تلاميذ هذه المسوخ ، أن محاكم التفتيش ظهرت في العلم الإسلامي ، أو أنها اختراع إسلامي ، أو استخدمها المسلمون ضد مخالفيهم في العقيدة أو لتغير دين الشعوب التي خضعت للسلطه الإسلامية ..
وكلنا نعرف أن السلطة الإسلامية هي أول سلطة في تاريخ البشرية اعترفت بحق رعاياها في اعتناق دين مخالف للدين الرسمي للدولة أو دين الفئة الحاكمة .. وأنه في تاريخنا عبر ألف سنة لم يعدم أو يعذب إنسان بسبب معتقداته ، وإنما لأسباب سياسية وللصراع علي السلطة.
أما الحقيقة التي لايكاد يذكرها أحد ، فهي أن محاكم التفتيش ظهرت أولاففف و أخيرا وفقط في أوروبا الكاثولوكية ولكن أهم من ذلك انها ظهرت أولا وأساسا ضد المسلمين ولتنظيم إبادتهم في جنوب أوروبا وبالذات في أسبانيا …ومحاكم التفتيش هذه ، التي كانت باكورة هدايا الحضارة الغربية الناهضة للجنس البشري ، هي التي عذبت المسلمين حتي الموت أو الردة عن الإسلام ،وحققت هدفها بنجاح لم يستطعه طاغية عبر التاريخ الدموي للبشرية ، ولا حتي في حالة الهنود الحمر ، قد بقيت من هؤلاء إلي اليوم ،ولكن في ظل الحضارة الأوروبية وعصر النهضة وسلطة الكنيسة الكاثوليكية ، اختفي شعب بأكمله فلم يبق في ما كان يعرف بالأندلس أو أسبانيا والبرتغال اليوم ، لم يبق مسلم واحد ولا ناطق بالعربية ولا مسجد واحد وأحصوا عدد غير المسملين وعدد الكنائس في البلدان التي حكمها المسلمون..
نحن الذين لم نجير مسيحيا واحد في الأندلس علي الإسلام ، ولا أغلقنا كنيسة في وقت كان بوسعنا إبادة جميع المخالفين دون خسائر مادية … نحن الذين تركناهم يتمتعون بالقدرة علي الحركة والتآمر حتي انقضوا علي الدولة الإسلامية كنا أول ضحايا محاكم تفتيش ،ومع ذلك تجد المفكرين الغربيين إذا تحدثوا عن ” محاكم التفتيش ” لا يذكرون المسلمين بحرف .. وإنما يروج هؤلاء أن ضحاياهم اليهود أو المذاهب المسيحية المنشقة ..
( وليس إلا فى كتابات حديثة جدا بدأ الاعتراف بوجود المسلمين فى تلك الفترة وأن إجراءات الإبادة والقهر العقائدي كانت موجهة لهم ” أيضا ” وهذا يأتى عرضا فى سياق الحديث عن اضطهاد اليهود .. وصحيح أن هذه المحاكم نالت بعذابها اليهود ثم المخالفين والمنشقين من المسيحيين ، وهذا تطور طبيعي من قبل كل سلطة ديكتاتورية ، أن تبحث باستمرار عن وقود لنار إرهابها ، ولا شك أن أفول شمس الحضارة الإسلامية ، كان بداية عصر مظلم من العنصرية والشوفينية والخلافات المذهبية التى حسمت كلها بالحديد والنار والقمع ، وقارن التسامح الذى كان سائدا فى الامبراطوريات الإسلامية من الهند إلى الأندلس ، بما أعقبه من حروب قومية وتصفيات دينية مع نهضة أوروبا وسيطرتها على حركة التاريخ ) ..
ونفس التجاهل أو الحذف من التاريخ نجده إزاء إبادة المسلمين فى الفلبين حيث كانوا الأغلبية على زمن ” ماجلان ” فتحولوا إلى أقلية تجري إبادتها إلى اليوم ، ونفس الموقف من التهام روسيا المقدسة بقيادة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ، للعالم الإسلامي الإيرانى حيث كان السكان مائة بالمائة مسلمين ، وحيث عاشت وازدهرت حضارة إسلامية من أرقى الحضارات التى عرفها الإنسان ، بنجوم شوامخ فى تاريخ الفكر البشرى .. سقطت كلها تحت قبضة الاستعمار الروسى عبر مجازر وحروب وثورات كلها لا تكاد تجد لها مكانا فى التاريخ ، تماما كما نقلت السلطة الروسية هذه الممالك خارج هامش التاريخ .. وإلا فأين هو العالم الذى ظهر فى ظل السلطة الروسية القيصرية والشيوعية ، الذى يصل إلى فك سيور حذاء البخاري أو ابن سينا ؟ ..
ونفس الشئ عن الإبادة والتجاهل فى دول إفريقيا التى كانت أغلبيتها مسلمة ، وهاهو مؤلف رواية ” الجذور ” عندما راح يفتش عن جذور الأمة الزنجية فى أمريكا لم يستطع ، رغم أنه مسيحى ، أن ينكر حقيقة كون هؤلاء السود الذين اختطفوا واسترقوا ونقلوا إلى الولايات المتحدة ، جاءوا من بلدان إسلامية وعائلات وقبائل مسلمة ، ولكن هذه الحقيقة محيت محوا من ذاكرة الإنسان الأبيض ، ومن ثم جهلها أو تجاهلها الببغاوات التى تكتب بالعربية ..
ومالنا نذهب بعيدا وهذا القس الذى يحكم تنزانيا ( هو جوليوس نيريرى ) التهم فى النصف الثانى من القرن العشرين دولة مسلمة ذات تاريخ عريق وأمجاد غابرة ، وفرض عليها شريعة كنيسته ثم غزا أوغندا المسلمة وأسقط السلطة الإسلامية وسلمها لمغتصبين متوحشين حيث ينفذون الآن أبشع عملية غبادة للمسلمين ، ورغم الاتفاق ” العالمى ” على الصمت والتجاهل فإن رائحة الجريمة تتسرب هنا وهناك بما يكفى لإدانة التاريخ كله .
وتكفى مقارنة الحملة الضاربة التى كانت فى أجهزة الإعلام العالمية ليل نهار ضد ” عيدي أمين ” الذى لم يتجاوز الحد المسموح به ين طغاة العالم الثالث فى معاملة خصومه السياسيين الذين ثبت الآن أنهم كانوا يتلقون الوحى والمدد من قوى خارجية معادية ، ولكن ما من أحد اتهم ” عيدى أمين ” بالإبادة الجماعية أو حتى الحرب الدينية ، وهو عين ما يجرى الآن فى أوغندا ضد القبائل المسلمة مع صمت الإعلام الغربي وتابعه العربي وتجاهل العالم الحر .. إن قبائل كاملة تباد فى أوغندا اليوم بالقتل والتجويع لمجرد أنها مسلمة ..
الحملة على ” عيدى أمين ” والصمت على جرائم الذين خلعوه ، لم تكن استثقالا لدمه ولا رفضا لديكتاتوريته ، وإلا فما فضل ” موبوتو ” أو ” نيريرى ” … إلخ وإنما لأن ” عيدى أمين ” كان يمثل ” سلطة إسلامية ” بصرف النظر عن مستواها ..
وهناك قوى جد معروفة جعلت هدفها الأول هو إزالة السلطة الإسلامية من إفريقيا ، لتتمكن من إبادة المسلمين وإزالة افسلام من إفريقيا .. وهى تستخدم كل الأساليب وتكشف كل الأوراق حتى الخفية وتضم خليطا عجيبا يحتار العقل العادى فى فهم تجمعهم واتحادهم .. ويكفى أن تتأمل الحلف الغريب المدهش الذى تجمع حول الحبشة ضد الصومال فى الصراع حول مسلمى إقليم أوجادين الذى تحتله الحبشة وتبيد المسلمين فيه ..
” هيلا مريم ” الذى ذهب إلى أول مؤتمر إفريقى يحضره يناشد زعماء إفريقيا التصدى ” للخطر الإسلامى ” فى إفريقيا ..
كذلك أبيد المسلمون ويبادون فى بولندا واليونان ويوغوسلافيا ورومانيا وقبرص ، كلها كانت تضم نسبة مؤثرة من المسلمين ، وبعضها كانت الأغلبية فيه مسلمة ، ثم سقطت فى قبضة السلطة اللاإسلامية بتدبير القوى الغربية التى لم تنس عداءها للإسلام لحظة واحدة ، ولا كفت عن كيدها وحربها ضد المسلمين .. ومن الغريب أن بعض ” الرحالة ” المسلمين يهتز فرحا عندما يزور هذه البلدان ويكتشف ” حفريات ” إسلامية هناك .. ويحسب أن هذا من انتصارات الإسلام المعاصر وهو لا يدرى أنه يشهد بقايا المذبحة .