المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصاحف بـ 24 لغة في المركز الثقافي الإسلامي بلندن


نور الإسلام
24-07-2014, 07:43 AM
http://www.albushraa.com/wp-content/uploads/2014/07/ramadaniat1.779610.jpg



لندن-[ alraimedia]-[البشرى]: رغم غربة العيش واختلافات تقاليدهم عن مجتمعات الغرب، ‏لم يتخل المسلمون في بريطانيا من مختلف جنسياتهم عن ممارسة شعائرهم الدينية ‏وعاداتهم الاجتماعية خلال شهر رمضان المبارك، ‏ففي مجتمع غربي بحت قد يصعب على المسلم أن يحظى بأجواء رمضانية شبيهة بتلك التي ‏يعيشها المسلمون في البلدان الإسلامية في هذا الشهر المبارك، غير أن طبيعة المدن ‏البريطانية، وخاصة العاصمة لندن بما تحمله من خليط أممي وعرقي وثقافي وديني وجنسيات متعددة، أتاح هامشا كبيرا للجالية الإسلامية لممارسة شعائرها الدينية وعاداتها الشعبية ‏‏بكل حرية احتفاء بالشهر الكريم.‏ ‏حينما تسير في شوارع عاصمة الضباب قد لا تشعر على الإطلاق بما يشير، ولو من ‏بعيد، إلى وجود أجواء رمضانية، وهو أمر طبيعي في مجتمع غربي، لكن هذه الأجواء لن ‏تكون غائبة إذا ما توغلت في تلك المدينة، واقتربت من شارع لندن العربي «إدجوار رود» مثلا، أو قصدت المناطق والشوارع التي ‏يتمركز فيها أبناء الجاليات الإسلامية والعربية، حينئذ تبرز أمامك وبشكل جلي لا تخطئه العين بعض من ‏المظاهر الدينية التي تعكس قدسية هذا الشهر الكريم ومكانته لدى المسلمين وما يحملونه ‏من اعتقاد ديني وموروث ثقافي واجتماعي نقلوه معهم من بلدانهم.‏ ‏وكما هي العادة خلال هذا الشهر المبارك تعج المساجد الصغيرة المنتشرة في لندن بالمصلين ‏من مختلف الجنسيات، وخاصة المسجد الكبير التابع للمركز الثقافي الإسلامي في منطقة «ريجنت ‏بارك»، حيث يقصده آلاف من المسلمين للتعبد والصلاة وممارسة الشعائر الدينية في شهر رمضان المبارك فيما تنشط ساحات هذا الصرح الكبير والمركز الإسلامي التاريخي ريجنت بارك تحت إشراف مجلس أمنائه المؤلف من جميع سفراء الدول الإسلامية في لندن برئاسة السفير خالد المنصوري سفير دولة قطر، وإدارة مباشرة من قبل مديره العام الدكتور أحمد الدبيان، وهو من تلامذة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين (يرحمه الله)، وممن درس في الجامعات الغربية أيضا وتخرج فيها. ترى هذا الرجل في انشغال دائمٍ في أعمال كثيرة ومناشط مختلفة وعلاقات متشعبة وتيسير مستمر لأمور أبناء الجاليات المسلمة وخدماتهم من خلال أعمال شتى ينهض بها المركز، ومنها: تنظيم الدروس والمحاضرات الدينية والحلقات النقاشية والندوات الثقافية وتوفير ‏موائد الإفطار التي يسهم فيها بعض طالبي الثواب والأجر ويقبل عليها أبناء الجاليات المسلمة.‏ وأكد د. الدبيان لـ«الشرق الأوسط» أن المركز الثقافي الإسلامي ومسجد لندن المركزي أو «مسجد ريجنت بارك» كما يطلق عليه بعض الناس في لندن، يوزع كتاب الله تعالى وترجمة معانيه بـ24 لغة لأبناء المسلمين والدارسين مجانا، بالإضافة إلى دروس ومحاضرات لمعتنقي الإسلام الجدد من رجال ونساء، مع دورات لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ودروس في التجويد والتفسير لأبناء الجيل الثاني من الجالية المسلمة. وأوضح الدبيان أن أبناء الجاليات المسلمة يفدون إلى المركز الثقافي الإسلامي للصلاة والتعليم من خلال دروس الدين الإسلامي والمكتبة الكبيرة التي تزدان بأمهات الكتب الإسلامية بلغات عدة، وسلسلة من المحاضرات يلقيها العلماء والمختصون بلغات مختلفة لفائدة الجاليات المسلمة. كما يستقطب المركز علماء وأئمة من العالم الإسلامي ومن المؤسسات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي كوزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية والأزهر الشريف لينشروا العقيدة الصحيحة والمنهج الوسطي للإسلام بين أبناء الجاليات المسلمة.
وقال د. الدبيان: «إن مسجد ريجنت بارك بيت يأوي إليه المسلم في مختلف احتياجاته الروحية والدينية والثقافية والاجتماعية، وليس للصلاة فحسب! كما أن المركز يعد مصدرا للتوجيه ونقل فتاوى العلماء الثقات، ومدرسة لتعليم الأبناء العلم الشرعي واللغة العربية والتأهيل الفكري. كما يأتي بعض أفراد من الجاليات لمناقشة مسائل اجتماعية شخصية أو نفسية مع مدير المركز أو فضيلة الإمام. وتمتد خدمات المركز لتشمل تقديم معلومات للخدمات التعليمية والطبية وتوثيق عقود زواج أو إجراءات أبغض الحلال عند الله حسب الشريعة وهو الطلاق، أو توثيق عقود اعتناق الإسلام والنطق بالشهادة للمسلمين الجدد».
وأضاف د. الدبيان أن أئمة المركز ومن يستضيفهم المركز من العلماء والحمد لله على معرفة جيدة بأحكام الدين وفقه الشريعة ومعرفة تامة بأحوال المجتمعات، وعلى معرفة أيضا بلغة البلد التي يعيشون فيها بريطانيا وثقافتها، وعلى اطلاع شامل على عادات المجتمع ونظم البلاد وقوانينها العامة نفسها. وأكد الدكتور الدبيان أن هذه الشروط مهمة جدا لكل إمامٍ أو عالم يتصدى للعمل في الدين والدعوة في هذه البلاد مع مراعاة ما نسميه «فقه الأقليات» دون إخلال بضوابط الشريعة وقواعدها وأصولها وإجماعات السلف الصالح. ولغة البلد التي يقيم فيها كل إمام أو داعية في غاية الأهمية حتى يستطيع التواصل مع أبناء الجالية ومعتنقي الإسلام الجدد وطالبي المعرفة عنه. وكذلك يجب على هؤلاء أن يكونوا قدوة للمسلمين في أخلاقهم وتعاملهم ومعيشتهم، كما يجب عليهم أن يقدموا صورة مثالية للإنسان المسلم في تعامله مع المسلمين وغيرهم.
ويمكن تلخيص ذلك بالقول إن دور المسجد في الغرب يعود به إلى بدايته في العصور الإسلامية الأولى حين كان هو المركز وقلب المجتمع الإسلامي.
ويقول الدكتور الدبيان ردا على سؤال عن أهم المشاكل التي يواجهها من خلال عمله في الإشراف على شؤون المركز الإسلامي بلندن: «قد تكون مشكلة الهوية هي من أكثر الموضوعات تعقيدا؛ فأنت ترى ذوبان بعض المسلمين وانصهارهم في ثقافة المجتمع الغربي وعاداته وتقاليده، حتى يبتعد أحدهم أحيانا عن دينه وينسى ثقافته، ثم يأتي تأثير ذلك على الأبناء من الجيل الثاني. وبعضهم ينفصل عن الجالية المسلمة في قوقعة خاصة به لا يتحرك خارجها منفصلا عن المجتمع. ونحن نطالب بالاندماج العاقل في المجتمع الذي نعيش فيه بصورة لا ننسى معها عقيدتنا وديننا وعاداتنا الأصيلة مع الاستفادة من كل مقدرات المجتمع وعلومه وعلاقاته والإيجابي من ثقافته وعاداته، أي أن يحقق الفرد المسلم التوازن بين المجتمع الذي يعيش فيه، وبين هويته وشخصيته الإسلامية المبنية أساسا على دينه الحنيف وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام».
وحول اعتناق الإسلام شاهدت «الشرق الأوسط» خلال زيارة المركز الثقافي الإسلامي حالتين في يوم واحد منذ بداية الشهر الكريم.
يقول د. الدبيان: «لا توجد بيانات أو إحصائيات محددة لعدد الذين يعتنقون الإسلام في بريطانيا ولكن لا يكاد يمر يوم في المركز الإسلامي دون أن يأتي أخ أو أخت يريد إشهار إسلامه والدخول في الدين الحنيف والنطق بالشهادتين أمام أحد الأئمة أو مدير المركز. وبحسب الصحف البريطانية التي كثيرا ما تتناول عدد الذين دخلوا دين الإسلام فإن أغلب معتنقي الإسلام من السيدات دون الخامسة والعشرين من العمر».
وحول مدى إقبال أبناء الجاليات المسلمة من الجيل الثاني على المركز الثقافي الإسلامي بريجنت بارك لتعلم دينهم يقول د. الدبيان: «يمكن ملاحظة اهتمام بالغ بين الشباب المسلم خلال الشهر الكريم؛ فخلال صلوات التراويح تجد الصفوف كالبنيان المرصوص من عرب وعجم وجميع الجنسيات مقبلين على العبادة مستمعين في خشوع إلى آيات القرآن الكريم. ويكثر جدا أن يزور المركز بعض أتباع الديانات الأخرى ويطلبون السماح لهم بمشاهدة الصلوات داخل المسجد. وعموما هناك اهتمام عام بالدين الإسلامي. وعلى الجانب الآخر لا يمكن أن ننكر أن بعض الشباب المسلم قد ضعفت هويتهم وعاشوا حياة مختلفة، ولكنهم يأتون أحيانا إلى المسجد والمركز، خاصة في المناسبات والأعياد، وهذا فيه كثير من الأمل والخير إن شاء الله. ولدى المركز الثقافي الإسلامي اهتمام بالنشء الجديد من خلال عقد دروس تعليمية وتقوية لهم انطلاقا من قناعتنا بأن التعليم هو حجر الزاوية لهذه المجتمعات الإسلامية ومستقبلها».
‏وقد يتجلى لزائر لندن بعض المظاهر الاجتماعية الرمضانية، فحينما تسير على سبيل المثال في شارع «إدجوار رود» الشهير بوسط لندن، أو «كوينزواي» حيث يتمركز بعض المسلمين والعرب قد ‏تلحظ نهارا بعض المحال والمطاعم العربية التي ‏زينت واجهاتها بالفوانيس الرمضانية واللوحات الإسلامية، التي عادة يحرص المسلمون العرب على ‏توفيرها لتضفي أجواء رمضانية خاصة تعكس هويتهم وموروثهم الاجتماعي في البلد المضيف.‏ كما ترى محال البقالة العربية التي استعدت استعدادا استثنائيا وخاصا لهذه المناسبة ‏بتوفير جميع المواد الغذائية اللازمة خلال شهر رمضان؛ إذ لا عجب حينما ترى أمام ‏محال البقالة صناديق من المواد الغذائية والمشروبات الرمضانية الخاصة ‏التي يفضل العرب تناولها والمستوردة خصوصا من بلدان عربية لهذه المناسبة. ‏ والمطاعم العربية والإسلامية أيضا لها نصيب؛ إذ ما إن تقترب ساعة ‏الإفطار عند مغيب الشمس حتى تمتلئ تلك المطاعم بالصائمين من مختلف الجنسيات الذين ‏يستعدون لموعد الإفطار.‏ وقد حرص أصحاب هذه المطاعم على الاستعداد والتحضير جيدا لتوفير الخدمات ‏للصائمين خاصة وجبة الإفطار يوميا بعرض أكلات عربية شعبية ‏مما يكون عادة على موائد الإفطار في المجتمعات الإسلامية والعربية. ويحرص ‏آخرون من الخيرين من أصحاب المطاعم المسلمين على توفير وجبات إفطار مجانية ‏للمحتاجين والمعوزين خلال شهر رمضان المبارك. أما في المساء فلا تختلف وجهة المسلمين في لندن عن إخوانهم في البلدان الإسلامية ‏والعربية إذ بعد الانتهاء من الصلوات تبدأ الأسر في ‏عاداتها الاجتماعية كتبادل الزيارات وارتياد المقاهي والمراكز التجارية لا سيما ‏تلك التي تغلق أبوابها في ساعات متأخرة. ولوقوع رمضان في فصل الصيف الآن، فإن الليل قصير جدا لا يتجاوز ست ساعات وهو ما لا يسمح بكثير من اللقاءات على النحو المعتاد في العالم العربي.
‏ومع ذلك تحرص بعض المطاعم العربية على السهر الذي أصبح سمة من سمات البلدان العربية خلال شهر رمضان مع أن رمضان شهر العبادة والقرآن.
وانتقلت هذه العادة إلى عاصمة الضباب فترى بعض المقاهي تفتح حتى ساعات متأخرة. وقد بدأت هذه العادات تنتشر لدى أبناء الجالية الباكستانية ‏والهندية بشكل لافت للنظر.‏ ‏وتهتم بعض الأقليات العربية والإسلامية بالاجتماع والالتفاف في ليالي رمضان خاصة، فإخواننا الكويتيون في لندن مثلا لهم نصيب من ‏هذه الأجواء بتكوين أجواء كويتية اجتماعية خاصة مشابهة تماما لأجواء رمضان في أرض ‏الوطن فيحرص بعضهم في إطار الترابط الاجتماعي على الالتقاء على مائدة إفطار ‏جماعية مع الأصدقاء… على طريقة «الديوانية» التي تميز بها أهل الكويت إذ تحرص ‏سفارة دولة الكويت في لندن على الاستمرار في هذه العادة الاجتماعية لما فيها من تواصل وتزاور وتآلف فتفتح السفارة أبوابها أمام المواطنين الكويتيين والعاملين في المكاتب الكويتية في ‏لندن للالتقاء طيلة شهر رمضان حيث يتبادلون الأحاديث الودية وأخبار الوطن ‏‏ومستجدات الساحة… قبل أن يختتم اليوم بوجبة سحور (غبقة رمضانية) كويتية ممتعة.
‏ومع اهتمام المطاعم بالمظهر العربي في لندن إلا أن مما يؤسف له أنك لا ترى في لندن مظاهرات ثقافية عربية ووجودا يمثل الثقافة العربية وأصالتها وجمالياتها وأبعادها الحضارية من خلال مناشط كثيرة ومتصلة.
ليس من الصعب أن ترى مظاهر شهر رمضان الكريم المبارك في العاصمة البريطانية خاصة إن عرفنا أن المسلمين يمثلون ما يقارب ثلاثة في المائة من عدد سكان بريطانيا البالغ أكثر من ستين ‏مليون نسمة، وهم يقاربون تسعة في المائة من سكان لندن.‏ وبحسب إحصائيات رسمية فإن المسلمين في بريطانيا من مختلف الجنسيات يبلغ ‏عددهم أكثر من مليوني نسمة ينتمون إلى 56 بلدا وهذا العدد يعادل نحو 50 في المائة من مجموع الأقليات العرقية والدينية في بريطانيا.‏ وبحسب الإحصائيات أيضا فإن غالبية المسلمين تنحدر أصولهم من جنوب آسيا ‏‏(باكستان وبنغلاديش والهند) يليهم العرب و55 في المائة منهم من مواليد بريطانيا.‏ ‏ويبلغ عدد المساجد في بريطانيا حاليا نحو 2000 مسجد وسجل أكثرها بوصفه مؤسسة خيرية ‏دينية. وهو ما يعكس نموا في النشاط الإسلامي في المملكة المتحدة من جهة ونموا ‏‏سكانيا للجالية الإسلامية، خاصة إذا ما قورن ذلك بعدد المساجد في بريطانيا في ‏عام 1963م حيث بلغ عددها في ذلك الحين بضع عشرات فقط