طريق الخلاص

طريق الخلاص (http://investigate-islam.com/al5las/index.php)
-   المقالات (http://investigate-islam.com/al5las/forumdisplay.php?f=38)
-   -   بابا الفاتيكان وغسل أيدي اليهود من دم المسيح (http://investigate-islam.com/al5las/showthread.php?t=3275)

نور الإسلام 11-08-2012 12:28 PM

بابا الفاتيكان وغسل أيدي اليهود من دم المسيح
 
جمال أبو ريدة

جدد بابا الفاتيكان "بنديكت السادس عشر"، في كتابه " يسوع الناصري" تبرئة اليهود من دم المسح عليه السلام، وهذه ليس المرة الأولى التي تخرج فيها الكنيسة "الكاثوليكية" للإعلان عن براءة اليهود من دم المسيح، فقد سبق للكاردينال "بيا" في مؤتمر "الفاتيكان" الثاني في روما عام 1963م، أن قدم وثيقة تنادي باعتبار الشعب اليهودي جزءًا من الأمل المسيحي، وأنه لا يجوز أن تنسب إلى يهود عصرنا ما ارتكب من أعمال أيام المسيح، وكان احتجاجه يقوم على أن الكثيرين من الشعب اليهودي لم يكونوا يعرفون شيئًا عما حدث، على الرغم من أن هذه التصريحات تتعارض تعارضا صريحًا مع النصوص الإنجيلية الصريحة بدور اليهود في قتل المسيح عليه السلام، وقد أعلنت لجنة الفاتيكان للعلاقات مع اليهود براءة جديدة لليهود من دم المسيح عام 1985م، وذلك بناءً على توجيهات البابا "يوحنا بولس الثاني"، كما دعت تلك الوثيقة إلى عدم اعتبار اليهود شعباً منبوذاً أو معادياً للمسيح، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حينما دعت إلى أن المسيح نفسه كان يهوديًّا وسيظل يهوديًّا.

وعندما نسجل هذا الاعتراض على الكنيسة الكاثوليكية، فإننا نعلم كمسلمين علم اليقين براءة اليهود من دم المسيح عليه السلام، فقد أنجاه الله تعالى منهم، مصداقًا لقوله سبحانه: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(158)﴾، ولكن ذلك في كل الأحوال لا يبرئهم من الجريمة، ألا وهي سعيهم لقتله بكل السبل والطرق بما فيها الرشوة وشهود الزور، حيث خططوا لصلبه، وتآمروا عليه ومضوا في التنفيذ، فأخذوا من ظنوه عيسى عليه السلام وقتلوه، وهي في كل القوانين جريمة منكرة، والخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من بشاعة جريمتهم كثيرًا من حيث نيتهم وما أرادوا فعله.

إن هذه التصريحات للبابا، والتي –حسب علمي- لم تضف شيئًا جديدًا لما جاء به "البابوات" السابقين، إنما تأتي في إطار التحسن في العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية و(إسرائيل) في السنوات الأخيرة، والذي كان من مظاهره التبادل الدبلوماسي بين الطرفين عام 1993م، وزيارة البابا "يوحنا بولس الثاني" إلى القدس في سنة 2000م، وهذه النصرانية التي يتبناها الفاتيكان اليوم هي النصرانية السياسية التي تريد ربط دول آسيا وأفريقيا على وجه التحديد بعجلة الغرب عن طريق نشر النصرانية بينهم، وخلق جملة من الأفكار النصرانية التي تقف أمام الإسلام والمسلمين في جميع الميادين، وتحديدًا في هذه الفترة التي تشهد بعثًا جديدًا للإسلام، وواحد من ثمار هذا البعث الإسلامي هو الربيع العربي الذي نجح حتى الآن في الإطاحة بالعديد من الأنظمة العربية الديكتاتورية، كان على رأسها نظام الرئيس المصري المخلوع مبارك، ولعل هذا الربيع بات أحد أهم التحديات التي تواجه (إسرائيل) خلال الفترة القادمة، ولعل ما زاد من هذا التحدي هو فوز الإسلاميين في تونس ومصر في أول انتخابات رئاسية وبرلمانية.

ولعل من المفيد القول إن اليهود قد نجحوا في العقود الأخيرة -على غير المتوقع- بالتغلغل في الديانة المسيحية، وكسب رجال الدين المرموقين إليهم، ولعل ما نشرته الصحف البريطانية في 21 آذار عام 1964م، لرسالة الدكتور "مايكل رمزي" رئيس أساقفة "كانتربري" في بريطانيا، يعكس مدى التغلغل اليهودي في الديانة المسيحية، حيث جاء في رسالته:" أنه من الخطأ الانحناء باللائمة على اليهود في صلب السيد المسيح، ومن الخطأ أيضا أن يحاول الناس تحميل اليهود صلب يسوع المسيح، فقد كان الحاكم الروماني حينئذ لا يقل عنهم مسؤولية في ما حدث، والواقع المهم أن صلب المسيح كان بسبب التضارب بين محبة الله وبين الخطيئة والأنانية لجميع البشر"، وكأن توجيه هذه الرسالة كان استجابة لطلب المجلس الرعوي للتفاهم المسيحي- اليهودي في العاصمة البريطانية، ولم يقتصر التحسن في العلاقات بين اليهود والكنيسة الكاثوليكية، بل أخذت العلاقات تتحسن بين اليهود والطوائف "البروتستانتية"، وهم الطائفة الأكثر عداءً لليهود من بقية الطوائف المسيحية الأخرى، وتوّج هذا التحسن بنشوء "الصهيونية المسيحية" في الولايات المتحدة الأمريكية، التي أخذت على عاتقها تقديم كل أسباب الدعم لقيام (إسرائيل)، وذلك لأسباب دينية.

وعليه فإن هذا التحسن المستمر في العلاقات بين المسيحية واليهودية، والذي وصل إلى درجة تبرئة اليهود من دم المسيح عليه السلام، يستدعي من العرب والمسلمين تناسي خلافاتهم الداخلية على الفور، والتطلع إلى المستقبل بدلًا من الماضي، ولعل الأمر الذي من شأنه التسهيل على العرب والمسلمين هذه المهمة، أن الخلافات العربية والإسلامية هي خلافات "شكلية" إذا ما قورنت بالخلاف المسيحي- اليهودي، العقائدي.
صحيفة فلسطين


الساعة الآن 05:52 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22