طريق الخلاص

طريق الخلاص (http://investigate-islam.com/al5las/index.php)
-   المقالات (http://investigate-islam.com/al5las/forumdisplay.php?f=38)
-   -   خيبة أمل إيرانية في الربيع العربي (http://investigate-islam.com/al5las/showthread.php?t=1862)

مزون الطيب 10-02-2012 05:21 PM

خيبة أمل إيرانية في الربيع العربي
 
خيبة أمل إيرانية في الربيع العربي
الثلاثاء 31 يناير 2012

كولين كاهل ـ 25 يناير 2012 ـ فورين بوليسي

ترجمة: مركز الشعلة للأبحاث والنشر والترجمة



مفكرة الاسلام: منذ عام من اليوم، خرج المصريون إلى الشوارع ليطالبوا بالإطاحة بحسني مبارك ودكتاتوريته التي استمرت لثلاثة عقود، وعندما كانوا يلوحون بالأعلام ويصدحون بسقوط النظام، كان هناك حاكم آخر على بعد 1200 ميل شرقًا يقوم بعقد حساباته: كيف يستغل تلك التحركات الشجاعة من أجل مصلحته الشخصية، وفي الرابع من فبراير وفي خضم التظاهرات في ميدان التحرير، خرج المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي في طهران ليقدم تقييمًا للحظة الثورة التي تتكشف في مصر.

وقد تحدث في بعض أجزاء خطبته باللغة العربية ووصف الأحداث في مصر بأنها "صحوة إسلامية" ألهمتها الثورة الإيرانية التي اندلعت عام 1979ووصلت تلك الخطبة إلى آلاف المصريين عن طريق رسائل الجوال القصيرة، بل إن خامنئي زعم على صفحته الإلكترونية أنه شخصيًّا كان ملهمًا للتظاهرات الموالية للديموقراطية في شوارع القاهرة، وقارنها بـ "الصرخات التي أطلقها الشعب الإيراني ضد الطغيان والاستبداد الأمريكي والغطرسة العالمية".

لم يكن خامنئي وحده الذي توقع بأن الربيع العربي سوف يوفر لإيران فرصة لتوسيع نفوذها عبر الشرق الأوسط، فقبل ذلك بفترة صرح بعض المعلقين في واشنطن أنه ربما يكون صحيحًا، فقد كتب مايكل سكوت دوران في دورية فورين أفيرز - وهو مسئول سابق في إدارة الرئيس جورج بوش الابن - محذرًا من أن "كتلة الممانعة" التي تقودها إيران "من المتوقع لها الانطلاق مثل ابن آوى على الحالة الجريحة للمنطقة".

وفي "إسرائيل"، أخبر رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو الكنيست في أكتوبر الماضي أنه يعتقد أن أسوأ مخاوفه قد تتحق وأن إيران سوف تتلاعب بالأحداث في المنطقة من أجل توسيع نفوذها.

ولكن تصريحات خامنئي وجدت آذانًا صماء بين مئات الآلاف الذين ضحوا بحياتهم في ميدان التحرير، فعندما سئل أحد متظاهري التحرير بشأن مزاعم خامنئي، رد عليه مازحًا: "المصريون لم يلهموا من إيران، ولكن الشعب المصري هو الذي ألهم العالم"، وتلك كانت ملاحظة أكثر ذكاء من تعبيرات القائد الإيراني الأعلى نفسه، فكما قال مارك لينش كاتب الفورين بوليسي في توثيقه للثورة في كتاب الجديد "الثورة العربية" بأن ثورات عام 2011 في مصر وفي المناطق الأخرى من العالم العربي أفرزتها عقود من المظالم والصرخات ضد أنظمة فاسدة وأن كل التظاهرات العربية أيدت بعضها البعض، وكانت بمثابة التحركات الفورية والانتفاضات التي اندلعت عبر العالم العربي، ولم يكن لدى إيران أي يد في ذلك.

فقد مثلت ردود الفعل في ميدان التحرير علامة على الكثير من الأشياء التي حدثت بعد ذلك، فقد حاولت إيران أن تستغل الأحداث، ولكن رياح التغيير السياسي لم تأت بما تشتهي السفن الإيرانية؛ فعندما سقط مبارك اختال القادة الإيرانيون في زهو، فقد رأوا أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة يسقطون، ورأوا فرصة استغلال الفوضى لتقويض الأنظمة الأخرى الموالية للغرب في المنطقة، وأرادوا أن يعقدوا اتصالات مع إسلاميين في كل من مصر وليبيا ووسعوا من دائرة اتصالهم بحركات الثورة في اليمن، واستغلوا التظاهرات الشيعية في البحرين، وبدى أن القادة الإيرانيين واثقون من أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد - حليف طهران الأساسي في الشرق الأوسط - كان محصنًا من الموجة الشعبية بسبب موقفه الثوري تجاه "إسرائيل" والولايات المتحدة.

فبعد عام من الثورات يصعب أن نجد دلائل على أن إيران استفادت من الربيع العربي، بل إن المكانة الإقليمية لإيران قد تلقت صفعة مدوية؛ فباستثناء اليمن، فإن طهران عانت لبناء شبكات جديدة من النفوذ مع اللاعبين الإسلاميين الظاهرين حديثًا على المشهد، وفي الوقت ذاته تقوضت شرعية نظام الأسد بصورة كبيرة، وتم طرده من الجامعة العربية، ويترنح أمام التظاهرات التي اندلعت في كل أرجاء البلاد، وهذا بدوره خلق حالة من القلق لـ"حزب الله" الميليشيا اللبنانية التي تمثل أكبر حليف من غير الدول في المنطقة.

إن فكرة تدخل إيران في الشئون المحلية أدت أيضًا إلى تدمير جاذبية القوة الناعمة الإيرانية في العالم العربي، فقد أظهرت الاستطلاعات التي أجرتها مؤسسة زغبي الدولية في مصر والأردن ولبنان والمغرب والسعودية والإمارات أن سمعة إيران شهدت حالة مستمرة من السقوط منذ اندلاع الثورات العربية، فمنذ عامين فقط تمتعت إيران بغالبية قوية من الدعم بين الشعوب في كل تلك الدول، ولكن في يوليو 2011 انقلب المؤشر تمامًا وأصبحت غير مرغوبة في كل تلك الدول عدا لبنان.

وذلك لا يعد مجرد انتكاسة عابرة ومؤقتة لإيران، ولكنَّ تغيرًا هائلاً يمكن أن يقوض طموحات إيران الإقليمية بصورة كبرى، ولكن لكي نكون منصفين فإن مسارات الثورات العربية لا تزال غير معلومة الاتجاه، فلا تزال هناك طائفية متصاعدة وتوترات وانتكاسات سياسية في بعض البلدان والتي يمكن أن توفر فرصة لطهران لزيادة نفوذها، ولكن العديد من الديناميكيات الأساسية في المنطقة تفيد بأن معاناة طهران فيما يتعلق بسمعتها سوف تستمر.

فمع توجه الشعوب العربية إلى حكوماتها المنتخبة لتمثيل مصالحها، فإن قدرة إيران على إحداث حالة من السخط الإقليمي للتأثير على الشارع العربي سوف تستمر في الاضمحلال، بل إن القوى السياسية الناشئة التي تتنافس على النفوذ وعلى الأصوات في مشهد يسيطر عليه الجماهير بصورة كبرى، بما في ذلك الأحزاب العلمانية والمجموعات السنية العربية مثل الإخوان المسلمين، سوف تكون حريصة على التلويح بمؤهلاتها الخاصة بالقومية العربية وسوف تتلكأ في صياغة علاقة وثيقة مع طهران. فبعد ساعات من سقوط مبارك على سبيل المثال، حرص متحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين بأن يؤكد على أن "مصر ليست إيران، وأن مصر سوف تصنع نموذجها الخاص للديموقراطية طبقًا لثقافتها ولمرجعيتها الإسلامية".

كما أن الرد الإيراني الوحشي على التظاهرات التي اندلعت على أراضيها في عام 2009 تضع مزيدًا من القيود على نفوذها على الربيع العربي؛ فرفض النظام احترام الحقوق الأساسية للإنسان في الوقت الذي يزعم أنه يدعم التظاهرات الديموقراطية في العالم العربية هي دليل لا يقبل الدحض بنفاقه؛ كما أن استمرار الدعم الإيراني للنظام السوري وتكتيكاته الدموية ـ في اللحظة التي يواجه فيها الأسد الآن ضغوطًا متزايدة من الدول العربية ومن تركيا لإنهاء العنف والتنحي ـ فإن ذلك من شأنه فقط أن يؤكد تلك المعايير المزدوجة.

كما أن صراع القوة التقليدي في المنطقة أدى إلى تداعيات كبرى من المنافسين الإقليميين لإيران، فالطموحات النووية الإيرانية مع المخاوف المنتشرة من قيام إيران بتوسيع نفوذها في المنطقة والسيطرة على الخليج أدت إلى حالة محمومة من التسابق على شراء السلاح وعلى التعاون الأمني بين دول الخليج العربي، فقد تحركت المملكة العربية السعودية في البحرين من أجل مقاومة النفوذ الإيراني هناك.

كما أن آمال بقاء نظام الأسد في سوريا آخذة في التلاشي، وإلى جوارها آمال إيران في الهيمنة الإقليمية، فلعدة سنوات أدى التحالف الإيراني الوثيق مع سوريا إلى تقوية النفوذ الإيراني في العالم العربي، وجعل سوريا قاعدة لتمويل ودعم المنظمات الفلسطينية واللبنانية، ولكن مع ثبات حركات المقاومة السورية في وجه نظام الأسد ومع زيادة عزلة النظام دوليًّا، فإن حليف إيران الأساسي في المنطقة أصبح عاجزًا عن الحركة.

فإذا ما سقط نظام الأسد فإن إيران ربما تحاول أن تعوضه بمضاعفة نفوذها في العراق، ولكن القومية العراقية متجذرة في البلاد وهناك شعور عميق بعدم الثقة في إيران التي دخلت معها في أكثر الحروب دموية في القرن العشرين، كما أن العراق تريد شراكة طويلة الأمد أيضًا مع الولايات المتحدة وعلاقات محسنة مع جيرانها العرب، وهي كلها أهداف لا تتوافق مع الهيمنة الإيرانية.

فبعد عام من اندلاع الثورة المصرية، تبدو آمال خامنئي قد تبخرت وأن الرياح تسير على عكس ما تشتهي السفن الإيرانية، كما أن الاقتصاد الإيراني يرزح تحت العقوبات، ومع استمرار الربيع العربي في ترسيخ أقدامه وإنشاء الحكومات الديموقراطية المنتخبة، فإن إيران سوف تجد نفسها في مزيد من الانحدار على المدى البعيد.


الساعة الآن 02:13 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22