الإسلام دين التطرف
أن القول بأن الإسلام دين تطرف وإرهاب مردود على من قاله : فهو محض افتراء ، ومحاولة للصد عنه ؛ فالإسلام دين الرحمة ، والرفق ، والتسامح ، وما السيف الذي يأمر الإسلام بانتضائه للجهاد في سبيل الله إلا كمبضع طبيب ناصح يشرط به جسم العليل ؛ لينزف دمه الفاسد ، حرصا على سلامته ؛ فليس الغرض من الجهاد في الإسلام سفك الدماء ، وإزهاق الأرواح ، وإنما الغرض منه إعلاء كلمة الله ، وتخليص البشر من عبادة البشر ، ودلالتهم على عبادة رب البشر ، كي يعيشوا حياة كريمة. وأمة الإسلام خير أمة أخرجت للناس ، وخير أمة جاهدت في سبيل الله فانتصرت ، وغلبت فرحمت ، وحكمت فعدلت ، وساست فأطلقت الحرية من عقالها ، وفجرت ينابيع الحكمة بعد نضوبها. واسأل التاريخ ؛ فإنها قد استودعته من مآثرها الغُرِّ ما بَصُرَ بضوئه الأعمى ، وازدهر في الأرض ازدهار الكواكب في كبد السماء. فماذا فعل المسلمون حين انتصروا على خصومهم ؟ هل تكبروا ، وتسلطوا ، واستبدوا؟ وهل انتهكوا الأعراض ، وقتلوا الشيوخ ، والنساء ، والأطفال ؟ ماذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما انتصر على خصومه الذين كانوا يؤذونه أشد الأذى ؟ ألم يكن يصفح عنهم ؟ ويمن عليهم بالسبي والأموال؟ وماذا فعل المسلمون عندما انتصروا على كسرى وقيصر؟ هل خانوا وغدروا ؟ هل تعرضوا للنساء ؟ وهل أساءوا للرهبان في الأديرة ؟ وهل عاثوا في الأرض فسادا ؟ وهل هدموا المنازل ، وقطعوا الأشجار ؟ وماذا فعل صلاح الدين لما انتصر على الصليبيين الذين فعلوا بالمسلمين الأفاعيل ، ونكلوا بهم أيما تنكيل ؟ فماذا فعل بهم صلاح الدين لما انتصر عليهم ؟ ألم يصفح عن قائدهم ؟ ويعالجه ؟ ويطلق سراحه؟ فهذه المواقف النبيلة وأمثالها كثير في تاريخ المسلمين ، مما كان له أبلغ الأثر في محبة الناس للإسلام ، والدخول فيه عن قناعة ويقين. أفغير المسلمن يقوم بهذا ؟ آلغرب يقدم مثل هذه النماذج ؟ الجواب ما تراه ، وتسمعه ؛ فمن أين خرج هتلر ، وموسيليني ، ولينين ، وستالين ، ومجرمو الصرب ؟ أليست أوربا هي التي أخرجت هؤلاء وأمثالهم من الشياطين الذين قتلوا الملايين من البشر ، ولاقت منهم البشرية الويلات إثر الويلات ؟ ألا يعد أولئك هم طلائع حضارة أوربا ؟ فمن الهمج القساة العتاة إذا ؟ ومن المتطرفون الإرهابيون حقيقة ؟ ثم من الذين صنعوا القنابل النووية ، والعنقودية ، والذرية ، والجرثومية ، وأسلحة الدمار الشامل ؟ ومن الذين لوثوا الهواء بالعوادم ، والأنهار بالمبيدات ؟ ومن الذين يسلكون الطرق القذرة التي لا تمت إلى العدل ، ولا إلى شرف الخصومة بشيء ؟ من الذين يعقمون النساء ؟ ويسرقون أموال الشعوب وحرياتهم ، ومن الذين ينشرون الإيدز ؟ أليس الغرب ، ومن يسير في ركابهم ؟ ومن الذي يدعم اليهود وهم في قمة التسلط والإرهاب ؟ هذه هي الحقيقة الواضحة ، وهذا هو الإرهاب والتسلط . أما جهاد المسلمين لإحقاق الحق ، وقمع الباطل ، ودفاعهم عن أنفسهم وبلادهم فليس إرهابا ، وإنما هو العدل بعينه . وما يحصل من بعض المسلمين من الخطأ في سلوك سبيل الحكمة فقليل لا يكاد يذكر بجانب وحشية الغرب ، وتبعته تعود على من أخطأ السبيل ولا تعود على الدين ، ولا على المسلمين. وقد يكون لهذا مسوغاته في بعض الأحيان ؛ فظلم الكفار عليهم قد يوجد مثل هذه التصرفات. وهكذا ينبغي للعاقل المنصف ؛ أن ينظر إلى الأمور كما هي بعيدا عن الظلم والتزوير والنظرة القاصرة. وبعد هذا فإن كان للإنسان عجب من شيء فإن عجبه من الأوربيين ، والأمريكان ؛ حيث لم يكتشفوا حقيقة الدين الإسلامي فيما اكتشفوه ، وهي أجلُّ من كل ما اكتشفوه ، وأضمن للسعادة الحقيقية من كل ما وصلوا إليه ؛ فهل هم جاهلون بحقيقة الإسلام حقا ؟! أم أنهم يتعامون ويصدون عنه؟! قصة البشرية محمد بن إبراهيم الحمد |
الساعة الآن 03:53 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir