الموضوع
:
قصة الكتاب المقدس لـِ فريدريك كينيون
عرض مشاركة واحدة
05-02-2012 ~ 11:00 AM
مشاركة رقم
2
مدير عام
تاريخ التسجيل :
Jan 2012
عدد مشاركاتي : 4,722
Chapter 7
The Revision of the Text
الفصل السابع
تنقيح النص
http://www.bible-researcher.com/kenyon/sotb7.html
وصلنا الآن الى نقطه تبعد بمائة عام فقط من زمننا الحاضر(يقصد منتصف الخمسنينات من القرن الماضي) , عندما بدأت انطلاقة جديده فى مجال النقد النصى , و انفتحت فتره حافله بالأحداث المثيره , بها الكثير من الخلافات الحيويه و الاكتشافات الرائعه .
بحلول عام 1830م , كما رأينا , تم التوصل الى مرحلة هامه من خلال أعمال " شولز " و سلفه , حيث جرى جمع الكثير من الأدله و فهرستها لتكون جاهزة تحت أيدى العلماء و جاهزة لاستخدامها .
كانت هناك عدة جهود أخرى , و بصفة خاصه بواسطة " جريسباخ" , من أجل بلورة مبادىء علميه لاستخدام هذه الأدله , و لكنها لم تلق قبولا واسعا من معاصريه .
حان وقت جديد و تحت ضغط الروح النقديه الشائعه فى أواسط القرن التاسع عشر , فقد تهيأ الوضع لبداية جديده تتوافر لها ظروف نجاح أفضل , و أمكن أن تبدأ انطلاقة جديده و التى سرت بقوة أكبر حتى يومنا الحالى .
كان الرائد الرئيسى فى هذه الحركه عالم ألمانى هو " كارل لاشمان " , و الذى تدرب كعالم كلاسيكى , و قام بنشر بعض النصوص الكلاسيكيه , و الذى تبين له أن المشكله التى تقابل العلماء الراغبين فى الوصول الى نص العهد الجديد الحقيقى من خلال المخطوطات المتنوعه و التى تم تناقلها عبر التاريخ حتى وصلت الينا , هى بعينها نفس المشكله التى تواجه العلماء الذين يرغبون فى نشر أعمال ل " ثيوسيدس " أو " افلاطون " , و أنه لا بد أن يجرى التعامل مع نص العهد الجديد بنفس الطريقه .
من المحتمل أن المخطوطات الأقدم قد عانت من الأخطاء بدرجة أقل , و لهذا رأوا أنه من الواجب أن ندرسها أولا , مع عدم اغفال أن هذه المخطوطات قد تحتوى على أخطاء هى الأخرى .
و يمكننا أن نهمل كمية المخطوطات الكبيره التى تعود لفترة متأخره .
جرى تنحية النص المستلم لـ " استفانوس " , و جرى اعداد نص جديد اعتمادا على أقدم المستندات التى توفرت لديه , و التى اشتملت على المخطوطه السكندريه , و الفاتيكانيه ( و التى لم تفحص بدقه كافيه حتى ذلك الوقت ) , و الافرايميه , و بيزا , و كلارومونتانوس , و لوديانوس , و قليلا من القطع من مخطوطات الحروف الكبيره , و أقدم مخطوطتين ل "الفولجاتا اللاتينيه" , و كتابات أربعه أو خمسه من أقدم آباء الكنيسه .
و لم يجر الاعتماد على الترجمه السيريانيه أو القبطيه , لأنه لم يكن يعرف هاتين اللغتين
و حتى يستبعد حدسه الشخصى , اتبع فى كل حاله الأغلب من بين مستنداته التى اعتمد عليها , راجيا فى النهايه - ان لم يصل الى النص الأصلى - أن يصل على الأقل الى النص المعروف فى وقت قبول المسيحيه بواسطة الامبراطوريه الرومانيه .
بدأ بطباعة طبعه صغيره من العهد الجديد فى عام 1831م , تحتوى على نصه المنقح مع توضيحات بسيطه جدا تبين على أى أساس توصل الى هذا النص , و أتبعه فى عام 1842-1850م بطبعة كبيره , تحتوى على الأدله بشكل أوسع و على الأسس التى اعتمد عليها فى نقده .
لم يكن عمله متقنا تماما , و كانت المواد التى اعتمد عليها أقل بكثير مما لدينا اليوم , و لكن بسبب رفضه الصريح للنص المستلم لعام 1550م , و استخدامه الجرىء لعلم النقد النصى و تطبيقه له على مشاكل الكتاب المقدس , نستطيع أن نقول أنه قدم خدمة جليله , و أشعل نارا لا يزال أوارها حتى اليوم .
حتى تلك اللحظه , كان البحث عن المخطوطات يجرى فى الأماكن الشائعه , و كان مجرد فهرسه و فى بعض الأحيان فحص لهذه المجلدات الموجوده على أرفف الجامعات فى أوربا .
الآن , يبرز شاب على مسرح الأحداث , و الذى نقل نطاق البحث الى أماكن أبعد , و فى مكتبات أبعد , و أضاف عددا من الاضافات المهمه الى القائمه أكثر من أى عالم آخر قبله أو بعده , و الذى توج مجهوده بأعظم عمل مدهش فى تاريخ الحياه العلميه , بأن أظهر أعظم نسختين للكتاب المقدس .
هذا الشاب هو " قسطنطين تشيندروف " ( 1815- 1874) , و الذى فور حصوله على درجته العلميه فى اللاهوت من " ليبزيج " فى عام 1840م , أخذ عهدا على نفسه بالبحث عن كل قطعه من المخطوطات ذات الحروف الكبيره و نشرها , سويا مع بعض المخطوطات ذات الحروف الصغيره .
ان قائمة اكتشافاته مدهشة بالفعل , فقد اكتشف و لأول مره ثمانية عشره مخطوطه من مخطوطات الحروف الكبيره ( كلها باستثناء خمسه عباره عن قطع صغيره) و ستة مخطوطات من مخطوطات الحروف الصعيره , و كان أول ناشر لخمسة و عشرين من مخطوطات الحروف الكبيره ( كلها قطع) , و نشر أحد عشر غيرها أيضا , بعضها ( مثل الفاتيكانيه , الافرايميه , كلارومونتانوس , لاوديانوس ) تحتل مقاما فى الصدراه , و قام بنسخ أربعة أخرى , و بفحص ثلاثة عشر .
و باستثناء المخطوطه السكندريه و مخطوطة بيزا , لم تكن هناك مخطوطه من مخطوطات الحروف الكبيره و التى لها فائدة مهمه بالفعل لم يسهم فيها " تشيندروف " بمجهود قل أو كثر .
فى تلك الاثناء كان يخرج الطبعة تلو الأخرى , و التى كانت تتضمن نتائج اكتشافاته .
و بصفة اجماليه فقد أخرج ثمان طبعات للعهد الجديد اليونانى , و أربعه ل " اللاتينى" , و أربعه للترجمه السبعينيه , بجوار نصوص لأناجيل و رسائل أبوكريفيه , بالأضافه لطبعات من مخطوطات منفصله .
و سيرا على خطى " لاشمان " , فقد ابتعد كلية عن النص المستلم , و اعتمد بصورة رئيسيه على المخطوطات الأقدم , و لكن نصه الذى أعاد بناءه تقلب كثيرا بناء على دراساته الحديثه و ما كان يكتشفه حديثا , و بالتالى فإن اسهامه فى مجال "اعادة بناء النص " أقل أهميه من اسهاماته بإضافة "مواد" جديده الى مجال النقد .
على الرغم من هذا , فإن طبعته الأخيره من العهد الجديد ( 1859-1872) مع جهازها النقدى المتكامل , ظلت هى الطبعة القياسيه عند العلماء , و حاليا فقط يجرى اعداد بديل لها عن طريق انتاج طبعه جديده فى انجلترا وفقا لنفس المنهج , و لكن الطبعه الجديده تحتوى على نتائج الاكتشافات الحديثه التى لم يعش " تشيندروف " حتى يراها .
و لكن أعظم اكتشافاته هو اكتشاف المخطوطه السينائيه , و نشر المخطوطه الفاتيكانيه .
ان قصة اكتشاف المخطوطه السينائيه قد تداولها الناس كثيرا فى الفتره الأخيره بسبب امتلاك المتحف البريطانى لهذه المخطوطه من حكومة روسيا السوفيتيه , و ظهرت العديد من الأساطير بخصوصها , و التى صدقها بعض السذج , و لهذا يجدر بنا أن نعيد عليكم قصة اكتشافها .
فى الواقع , انها قصة رومانسيه بقدر كاف , كان تشيندروف يبلغ من العمر 29 عاما , و كان له ثلاث طبعات من العهد الجديد , و كان يقوم بأبحاثه تحت رعاية الملك " فريدريك أغسطوس " ملك ساكسونيا .
أثناء رحلة " تشيندروف " مر على دير سانت كاثرين فى جبل سيناء , و هناك و وفقا لقصته ( و التى نجحت بكل جداره أن تقاوم كل النقد الذى وجه لها من أجل تكذيبه ) رأى فى أحد الايام سله بها عدد من أوراق لأحد الرقوق , وعليها كتابه من نوع الحروف الكبيره , و التى علم أنها ستدمر فورا كما جرى نفس الأمر مع العديد من أوراق الرقوق قبلها .
طلبها تشيندروف و قد سمح له أن يحتفظ بها , و عددها ثلاثه و أربعون , و التى ثبت اشتمالها على أجزاء من الترجمه السبعينيه , من كتب أخبار الأيام الأول , أرميا , نحميا , و استير , مكتوبه بيد يظهر عليها أنها أقدم من أى شىء رآه قبل ذلك .
و قد رأى أيضا - و لكن لم يسمح له أن يأخذها معه - عددا من الأوراق من كتب اشعياء و المكابيين , و لم يكن هناك ما يشير الى أن هذه المخطوطه احتوت فى يوم من الأيام على العهد الجديد .
و لكن على أى حال , أن تحتفظ بثلاث و أربعين ورقه من الترجمه السبعينيه أقدم بقرن تقريبا من المخطوطه السكندريه أمر جيد , و قد عاد تشيندروف بهذا النصر الى " ليبزيج" و أودع كنزه فى مكتبة الجامعه و عليها اسم " فريدريك أغسطس " , و قام بنشرها , و لكنه كان حريصا ألا يخبر أحدا عن المكان الذى عثر فيه على هذا الاكتشاف
كان تشيندروف يعلم أنه لا تزال أجزاء متبقيه من هذه المخطوطه يتوجب عليه أن يقتنيها , و لم يشأ أن يلف نظر أى انسان آخر الى هذه المسأله , و لهذا فقد اكتفى بأن يقول أن هذه الأوراق يبدو عليها أنها من مصر أو من المناطق المجاوره لمصر , و قد كان هذا صحيحا , و لكنه جزء صغير من الحقيقه .
بعد ذلك بتسع سنوات , تمكن أن يزور سيناء مرة أخرى , و لكن لم يصل الى سمعه أية أخبار عن هذه المخطوطه , و اعتقد أنه ربما يكون قد تحصل عليها مسافر آخر محظوظ , و ربما يكون ضابطا انجليزيا تناثرت الشائعات حتى وصلت الى مسامعه .
بعد ذلك بست سنوات عاد مرة أخرى , و كان يعمل على المخطوطات الموجوده فى ذلك الدير , و لكن لم يصل الى مسامعه أية أنباء عن كنزه المفقود بعد , و فى مساء اليوم الأخير من اقامته , انتهز فرصة و عرض على مضيفه فى الدير نسخة لطبعه من الترجمه السبعينيه و التى كان قد أصدرها منذ سنوات قليله .
حينها , أخبره مضيفه فى الدير أنه أيضا يمتلك نسخة من الترجمه السبعينيه , و تناول من على الرف حزمه ملفوفة فى قماش , و عرضها على تشيندروف الذى أصيب بالدهشه , فقد تبين له أنها تنتمى لمخطوطته التى يبحث عنها .
لقد كانت جائزة تفوق أقصى تصوراته , ليس فقط أنه وجد 199 ورقة أخرى من العهد القديم , و لكنه وجد أيضا العهد الجديد كاملا من بدايته لنهايته و معه رسالة برنابا و كتاب راعى هرماس .
عكف تشيندروف - المفعم بالسعاده- على نسخ رسالة برنابا طوال الليل , و تساءل عن امكانية أن يصطحب المخطوطه معه الى القاهره من أجل أن ينسخها .
كان رئيس الدير غائبا , و قد اعترض أحد الرهبان , و بالتالى فقد غادر تشيندروف بدون هذه المخطوطه , و لكن لما عرض الأمر على رئيس الدير فى القاهره , و قد كان الدير له فرع هناك , وافق على ذلك , و أرسل أحدهم على جمل ليحضرها ل " تشيندروف " , الذى بدأ هو و مساعدوه بنسخ المخطوطه ورقة تلو ورقه .
فى تلك الأثناء , اقترح تشيندروف أن يعرض الرهبان المخطوطه على القيصر حامى الكنيسه اليونانيه , و بما أن الرهبان رغبوا فى استمالة القيصر بخصوص انتخابات متنازع عليها جرت فى أسقفية سيناء , فقد مالوا الى قبول هذا العرض .
استمرت المفاوضات لفترة طويله , كما هو معتاد فى الشرق , و لكن بعد تسعة شهور , سمح ل " تشيندروف " أن يصطحب المخطوطه معه الى " سانت بترسبرج " لكى يراقب طباعتها , و بعد فترة قصيره تم تعيين رئيس الأساقفه ذلك فى منصبه كما كان يأمل.
كان تشيندروف يعمل باتفاق تام مع رؤساء الدير , و لما تأخر القيصر فى رد الهديه و التى كانت تنتظر كعادة شرقيه , تدخل تشيندروف مرة ثانيه , و جمع مبلغا كبيرا من المال ( فى تلك الأيام) حوالى 9000 روبل , و عددا من أدوات الزينه و وهبها لهم .
أثنى كل المعاصرين على ما فعله تشيندروف , فقد كان الرهبان ( و الذين لم يكونوا يقدرون المخطوطه فى بداية الأمر ) يرغبون فى جائزة قيمه نظيرها .
أما الأجيال التاليه فهى فقط التى ندمت على زرع الطمع فى نفوس هؤلاء الرهبان , و لكن فى جيل تشيندروف الذى أعطى الرهبان هذه العطيه , كان الجميع راضيا , و قد ظل تشيندروف على علاقة طيبة بهم الى آخر حياته .
لقد كان تشيندروف راضيا بلا شك , فقد أظهر الى النور مخطوطة تحتوى على كل العهد الجديد تقريبا , تقريبا نصف العهد القديم , و هى أقدم بحوالى مائة عام من أى مخطوطه أخرى كانت موجوده حينها باستثناء المخطوطه الفاتيكانيه غير السليمه بدرجة كبيره .
ان المخطوطة السينائيه كتاب رائع , مكتوبه فى أربعة أعمده و بأجمل الخطوط المستخدمه فى الحروف الكبيره , و على أوراق رقوق جيده تبلغ قياساتها حوالى خمسة عشر بوصه فى ثلاثة عشر و نصف بوصه , و سليمه بنحو جيد .
نشرها تشيندروف كاملة فى صورة نسخه عام 1862 م , و قد عرضت بعض أوراقها فى معرض لندن العظيم فى ذلك العام , و فى عام 1911م نشرت صحافة جامعة أكسفورد صور فوتوغرافيه من العهد الجديد , و أعقبتها بصور فوتوغرافيه للعهد القديم عام 1922م , بناء على الصور التى التقطها البروفيسور " كيرسوب ليك " و تحت رئاسته .
ظلت المخطوطه فى " سانت بيترسبرج " حوالى ثلاثة أرباع القرن , الى أن تمكنت الحكومه السوفيتيه من شرائها , و بعد مفاوضات مطوله دخلت الى المتحف البريطانى فى وقت الكريسماس , 1933م , و هناك - كما نأمل - وصلت الى مكانها الأخير , جنبا الى جنب مع المخطوطه السكندريه .
واكب اكتشاف هذه المخطوطه حادث هزلى , و الذى طفا على سطح الأحداث فى وقت شرائها بواسطة المتحف البريطانى .
كان هناك رجل يونانى مبدع اسمه " سيمونيدز ", أحضر الى انجلترا حوالى عام 1855م بعض المخطوطات , و من بينها مؤلف يزعم أنه تاريخ لمصر كتبه مؤلف يونانى اسمه " أورانيوس " .
و قد ترك هذا أثرا حتى على بعض النخبه , فقد بدأ عالم ألمانى بارز يدعى " ديندروف " بإعداد طبعة منها من أجل صحيفة أكسفورد , و قد طبعت بعض صفحاتها بالفعل , الى أن لاحظ عالم ألمانى آخر أن الأحداث الزمنيه المسجله بها منقوله من عمل معاصر بدون أدنى شك .
لقد كان التزوير واضحا , و تم ايقاف العمل على الفور , و الأوراق التى بقيت منها تثير الفضول .
( و أيضا يمكن أن يضاف أن "سيمونيدز" زعم أنه عثر من بين بعض المجموعات المصريه التى توجد عند رجل من ليفربول على مخطوطه للقديس " متى " كتبت بعد خمس عشرة عام من الصعود , و أجزاء من مخطوطات تعود للقرن الأول لرسائل القديس يعقوب و القديس يهوذا , مع أشياء أخرى مدهشه , و التى نشرها فى نفس عام نشر المخطوطه السينائيه , و لكنها أخفقت فى اثبات أصالتها , و لا يزال من الممكن أن تشاهدها حتى اليوم فى ليفربول , و أن تتعرف كيف أن العلم بالبرديات كان قليلا حينها )
بسبب هذه الأحداث , فقد أقحم تشيندروف فى الجدال الدائر حول " كتاب أورانيوس " و قد تذمر ضده " سيمونيدز " , و الذى ادعى أن " كتاب أورانيوس " عمل أصلى , بينما أنه هو بنفسه قد قام على نسخ كل المخطوطه السينائيه فى مدة ستة شهور فى عام 1840 م فى جبل " آثوس " اعتمادا على طبعه فى موسكو للكتاب المقدس اليونانى .
ان هذه القصه تعج بالمستحيلات , ففى عام 1840م كان " سيمونيدز " لا يزال فى الخامسة عشره من عمره , و لم يكن من الممكن له أن يتحصل على 350 ورقه من رق قديم , و لا يمكن له أيضا أن ينسخها فى الوقت الذى زعمه .
ان هذه المخطوطه لم تكتبها يد واحده , و لكن بواسطة ثلاثة نساخ على الأقل , و عليها تصحيحات قام بها عدة نساخ آخرون , و لا يوجد نسخه لكتاب مقدس فى موسكو يمكن أن تكون قد نسخت منه , و بالتالى فإن قصة " سيمونيدز " تعتبر واحده من الجرائم الهزليه , انها طريفه و لكنها لا تستحق أن يلتفت لها و لو للحظة واحده .
قام تشيندروف بنشر المخطوطه السينائيه فى عام 1862م , ثم حول اهتمامه بعد ذلك الى المخطوطه الفاتيكانيه , و التى كان قد نشر لها طبعتان بواسطة الكاردينال " ماى " فى أعوام 1857م و 1859م , و التى كان بينهما اختلافات كثيره لدرجة أنه لا يمكن الوثوق بأى منهما .
زار " تشيندروف " روما فى عام 1866 , و بصعوبة بالغه سمح له أن يفحص بعض الفقرات المحدده من المخطوطه الفاتيكانيه فى مدة أربعة عشر عاما , و خلال ثلاث ساعات فقط من العمل يوميا , و خارج نطاق هذا الإذن الذى حصل عليه فقد تمكن من نسخ عشرين صفحه بالكامل , ثم حجبت المخطوطه بعد ذلك .
بالرغم من ذلك , فقد تمكن - بناء على نتائج بحثه- أن ينشر فى عام 1867م طبعة قطعت شوطا طويلا فى تقديم الأدله الخاصه بهذه المخطوطه بين أيدى العلماء , و قد أكمل هذا العمل فى عام 1868م بطبعة للعهد الجديد ( تبعها بعد عدة أعوام العهد القديم ) أعدت من أجل الفاتيكان خاصة بواسطة " فيرسيلونى " و " كوزا " .
و بهذه الطريقه , فقد امتلك دارسو العهد الجديد بحلول عام 1868م نسختين عظيمتين للكتاب المقدس أقدم بمائة عام مما كان بحوزتهم حينذاك .
و بالتالى فقد وجد دافع قوى من أجل القيام بعملية تنقيح دقيقه للنص اليونانى الشائع الاستعمال , لأن هاتين المخطوطتين الجديدتين لا تدعمان النص المستلم و مع ذلك فإن كل الدارسين تقريبا اعتبروهما ذات مقام أعلى من النص المستلم .
أصدر تشيندروف نفسه فى عام 1969-1872م نصا منقحا للعهد الجديد معتمدا على المخطوطتين السينائيه و الفاتيكانيه بصورة رئيسيه , مع جهاز نقدى متكامل للقراءات المختلفه فى كل النصوص المهمه الموجوده و الترجمات الرئيسيه و اقتباسات الآباء الأوائل .
و تظل هذه الطبعه أكثر النسخ نفعا للعلماء حتى يومنا هذا , بالرغم من احتياجنا الى الانتفاع بنتائج الاكتشافات الجديده و التى يتوجب علينا أن نشرحها , و قد قامت بهذه المهمه لجنه انجليزيه , و التى نشر أول جزء من عملها ( انجيل مرقص , نشر بواسطة
Rev. S. C. E. Legg )
منذ فتره ليست بالبعيده .
فى انجلترا خصوصا , و حيث كانت هناك رغبة قويه فى القيام بعملية التنقيح , و قد لبيت هذه الرغبه بطريقتين .
من ناحيه , فقد قام عالمان بارزان من كامبريدج هما ويستكوت و هورت بإعداد نص يونانى منقح للعهد الجديد , مع شرح كامل للأسس التى سار عليها عملهما , و من ناحية أخرى , فقد عين المجمع الكنسى الإنجيلى فى كانتربرى لجنة فى عام 1870م مهمتها اعداد طبعه منقحه للكتاب المقدس الموجود باللغه الإنجليزيه .
و قد سار العملان جنبا الى جنب , و قد قدمت نتائج العملين الى العالم بصوره متزامنه فى مايو 1881م .
لقد كان ويستكوت و هورت من أعضاء لجنة المراجعه , و تحملا نصيبا كبيرا من العمل فيها
و بالتالى فإن النسخه المنقحه و ان كانت لا تعبر عن رأيهما بدقه , الا أنها مصطبغه بآرائهما بشكل كبير , و كان لطبعتهما تأثير تاريخى عظيم على كل مسار النقد النصى اللاحق لهما , لدرجة أنه من الضرورى أن نفهم تعليقهما و النظريات التى أرسوها حتى نتفهم المشكلات التى يجب أن نتعامل معها فى يومنا هذا .
لقد استخدم "ويستكوت و هورت" المواد التى جمعها تشيندروف الاستخدام الكامل , و فى الحقيقه , فإن أهم ميزه لعملهما هى الأهميه الكبيره التى أضفوها على المخطوطه الفاتيكانيه التى اعتبروها فى المقام الأول , ثم المخطوطه السينائيه التى اعتبروها فى المقام الثانى بعدها .
و سيرا على القواعد التى أرساها "جريسباخ" , كما شرحنا بالأعلى , فقد قسموا كل المستندات الى أربع عائلات :
1- مجموعه سموها " المجموعه المحايده " و يمثلها بصوره رئيسيه المخطوطه الفاتيكانيه و المخطوطه السينائيه , و يدعهما بصورة تزيد أو تنقص حوالى ثمانية أو عشرة مخطوطات متأخره من مخطوطات الحرف الكبير , و عدد من مخطوطات الحروف الصغيره التى لم يطرأ عليها - بصوره تزيد أو تنقص- تنقيح الى النص القياسى , و عدد من الترجمات القبطيه ( و التى كان اقدمها و هى " الترجمه الصعيديه" غير معروفه بشكل جيد) , و العالم السكندرى الكبير " أوريجين" الذى يعود الى أوائل القرن الثالث الميلادى .
2- مجموعة أخرى صغيره و غير محددة المعالم , وجدت فى مصر , و لكنها ليست متوافقه مع "مجموعة المخطوطه الفاتيكانيه " , و التى أسموها " المجموعه السكندريه " .
3- مجموعة أخرى اسموها " المجموعه الغربيه " , لأن ما يمثلها بصورة رئيسيه هى الترجمه اللاتينيه القديمه , و المخطوطه بيزا ( و التى يوجد بها نص لاتينى بجانب نص يونانى ) , و يوجد آثار لها فى العديد من مخطوطات الحرف الصغير , و المخطوطه السيريانيه القديمه الوحيده التى كانت معروفه حينها , و فوق كل ما سبق , كل اقتباسات آباء الكنيسه الأوائل تقريبا , و هذه العائله لها أهمية بسبب عمرها , و يميزها انحرافها الشديد ( خصوصا فى سفر لوقا و سفر الأعمال ) عن كل من " المجموعه المحايده " , و عن " النص المستلم " .
4- عدد كبير من المستندات المتأخره و التى أسموها " المجموعه السيريانيه " , لأنهم ظنوا أن هذا النوع من النصوص , و الذى ساد فى كل أرجاء الكنيسه الشرقيه فى نهاية المطاف يعود أصله الى عمل تنقيحى بدأ فى المناطق المجاوره لأنطاكيه التى توجد فى سوريا , و ذلك تقريبا عند أواخر القرن الرابع الميلادى .
تم اقصاء "المجموعه السيريانيه " كما فعل جريسباخ و لاشمان , لأن (كما سبقا و قالا لأول مره ) ليس فقط أن المستندات التى تحتويها متأخره زمنيا , و لكن أيضا لأنه لا توجد قراءه خاصه بها عند أى كاتب قبل " ذهبى الفم " , و الذى كان يعمل فى أنطاكيه فى أواخر سنوات القرن الرابع .
و قد اعتبرا " النص الغربى " أقل فى القيمه من " النص المحايد " بناء على الدليل الداخلى , و أن قيمته تقل أيضا بسبب أن شواهده مختلفه كثيرا فيما بينها .
قال ويستكوت و هورت أن "النص السكندرى" يختلف مع "النص المحايد" فى تفاصيل غير ذات قيمه , و لكنهما اعتقدا أن " النص المحايد " و بالأخص المخطوطه الفاتيكانيه قد وصلت الينا دون أن يطرأ عليها فساد مؤثر فى العصور القديمه .
و بالتالى فقد ألقوا بكل ثقلهم و ايمانهم على " المجموعه المحايده " فقط , و لم يفارقوا ما تقول به المخطوطه الفاتيكانيه إلا فى مواضع معدوده قليله , أو فى المواضع التى يظهر فيها وجود خطأ من الناسخ بكل جلاء .
عن طريق ويستكوت و هورت , فإن الطالب الذى يدرس الكتاب المقدس قد امتلك أخيرا نصا يونانيا مؤسسا على أقدم المستندات , و معه نظريه نقديه متكامله تدعم هذا النص .
و قد امتلك القارىء الإنجليزى فى " الترجمه المنقحه " ترجمة و إن لم تكن قد أخذت مباشرة أو بالكامل من نص ويستكوت و هورت , الا أنها على الأقل أصح بكثير من " النص المستلم " الذى كان بين يدى صناع " الترجمه المعتمده " , و التى شاع استخدامها فى العالم منذ ذاك .....حتى الآن كان المكسب واضحا .
بالرغم من ذلك , و لسوء الحظ , فإن المترجمين لم يطيعوا التعليمات التى أمروا بها , بألا يدخلوا تغييرات بقدر الإمكان على نص " الترجمه المعتمده " , مع أداء عملهم بإخلاص فى نفس الوقت, و لكن من الواضح أنهم فسروا معنى " الإخلاص " على نطاق أوسع .
هناك عدد من التغييرات الطفيفه تسببت فيها الحذلقه العلميه , التى لم تراعى النظم الداخلى لتراث مترجمى الملك جيمس , و تسببت بصد القارىء و الذى وجد أن أشهر الفقرات فى أشهر المواضع من كتابه المقدس ( الأناجيل) قد قدمت له بصوره مغايره دون وجود تفسير مقنع لهذا الأمر .
و بالتالى , أثر هذا تأثيرا سلبيا عظيما على قبول الناس ل " النسخه المنقحه " كبديل ل " النسخه المعتمده " , و لكن لا يجب علينا فى ذات الوقت ألا نغفل عن مزايا هذه الترجمه - أى الترجمه المنقحه - .
حيثما يكون الإختلاف بين الترجمتين بسبب النص المترجم ذاته , فمن الواضح جدا أن ما ورد فى " الترجمه المنقحه " هو الصحيح , بالرغم أن بعض العلماء المعاصرين قد يفضلون أن توضع القراءات المغايره فى الهامش فى بعض الحالات ( بسبب تحفظهم الشديد فى قبول القراءات المغايره) .
كذلك , فإن بعض الصعوبات التى كانت توجد فى " الرسائل " قد انجلت , بسبب اتضاح المعنى الذى كان يقصده بولس نتيجة الدراسات المضنيه .... كان للتغييرات التى حدثت على نص الأناجيل الأثر السلبى الأكبر , و بما أن هذه الكتب - أى الأناجيل - كانت الأكثر شيوعا بين الناس , فقد أثرت على حكم الناس على الترجمة كلها بالسلب .
علاوه على ما سبق , فإن " الترجمه المنقحه للعهد القديم " و التى صدرت بعد ذلك فى عام 1885م , لم تتعرض لنفس النقد السابق , لأنه لم يتوافر بين أيدى المترجمين نص جديد , فقد كان النص العبرى بين أيديهم هو نفس النص الذى يعود لعام 1611م , و كذلك لأنهم لم يتعهدوا أن يدخلوا تغييرات من " الترجمه السبعينيه " .
من ناحية أخرى , فإن فهم العبريه قد أحدث تقدما هائلا منذ زمن " الترجمه المعتمده " , و كان بوسع المترجمين أن يلقوا الضوء على العديد من الفقرات الغامضه و خصوصا تلك التى توجد فى كتب الأنبياء .
بشكل اجمالى , فقد كانوا حذرين من ادخال أية تعديلات الا اذا تطلبها نظم الكلام , و قد كانوا يتعاملون - فى معظم الأحيان- مع نص ليس مألوفا لدى الناس بعكس الأناجيل , و بالتالى فإن عملهم هذا لم يلق تذمرا واسعا , و قد اعترف بنفع هذا العمل بشكل عام .
ان أى طالب جاد يدرس الكتاب المقدس بالإنجليزيه و يهمل فى دراسته " الترجمه المنقحه " سيخسر الكثير بكل تأكيد .
صحيح , أن " الترجمه المنقحه " لا تمثل أعظم الأعمال باللغه الإنجليزيه , و صحيح أنها لا تقص علينا القصه المقدسه بلغة ملوكية فخمه , الا أنها تعطينا نصا أكثر دقه خاضعا لمقاييس البحث العلمى بدرجة أكبر , و اذا أردنا أن نتأكد من المعنى الذى يقصده الكتاب المقدس , فلا بد أن نحرص على مطالعة " النسخه المنقحه "
على كل طالب يرغب فى دراسة الكتاب المقدس أن ينتفع بكلتا الترجمتين , فإحداهما تفيده فى ايضاح المعنى بناء على التراث الأدبى المشروح بشكل كبير , و الأخرى تفيده فى معرفة النص الأدق و المعنى الحقيقى لكلمة الحياه .
نور الإسلام
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى نور الإسلام
البحث عن كل مشاركات نور الإسلام
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22