الموضوع: لا تحزن
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-01-2012 ~ 12:56 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 19
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


حُسْنُ الظَّنِّ باللهِ لا يخيبُ
(( أنا عند ظنِّ عبدي بي ، فليظنَّ بي ما شاء )) .
لبعضِ الكُتّابِ : إنَّ الرجاء مادَّةُ الصبرِ ، والمُعينُ عليه . فكذلك عِلَّةُ الرجاءِ ومادَّتهُ ، حُسْنُ الظَّنِّ باللهِ ، الذي لا يجوزُ أن يخيب ، فإنَّا قد نستقري الكرماء ، فنجدُهم يرفعون منْ أحسن ظنَّهُ بهمْ ، ويتحوَّبُون منْ تخيّب أملُه فيهمْ ، ويتحرَّ جون مِنْ قصدَهم ، فكيف بأكرمِ الأكرمين ، الذي لا يعوزُه أنْ يمنح مؤمِّليه ، ما يزيدُ على أمانيِّهم فيه .
وأعدلُ الشواهدِ بمحبَّةِ الله جلَّ ذِكْرُه ، لتمسُّكِ عبدِه برحابهِ ، وانتظارُ الرَّوحِ منْ ظلِّهِ ومآبِه ، أنَّ الإنسان لا يأتيه الفَرَجَ ، ولا تُدركُه النجاةُ ، إلا بعد إخفاقِ أملهِ في كلِّ ما كان يتوجِّه نحوه بأملِه ورغبتِه ، وعند انغلاقِ مطالبِهِ ، وعَجْزِ حيلتِه ، وتناهي ضَرِّهِ ومحنتِه ، ليكون ذلك باعثاً له على صَرْفِ رجائِهِ أبداً إلى اللهِ عزَّ وجلَّ ، وزاجراً له على تجاوز حُسْنِ ظنِّه به ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ .
**************************************

يُدركُ الصَّبُورُ أحْمَدَ الأمورِ

رُوِي عنْ عبدِالله بنِ مسعودٍ : الفَرَجُ والروحُ في اليقيِن والرضا ، والهمُّ والحزنُ في الشَّكِّ والسخطِ .
وكان يقولُ : الصَّبُورُ ، يُدركُ أحْمد الأمورِ .
قال أبانُ بنُ تغلب : سمعتُ أعربيّاً يقولُ : منْ أفْضلِ آداب الرجالِ أنهُ إذا نزلتْ بأحدِهمْ جائحةٌ استعمل الصبر عليها ، وألهم نفْسه الرجاء لزوالِها ، حتى كأنه لصبرِه يعاينُ الخلاص منها والعناء ، توكُّلاً على اللهِ عزَّ وجلَّ ، وحُسْنِ ظنٍّ به ، فمتى لزِم هذه الصفة ، لم يلبثْ أن يقضي اللهُ حاجته ، ويُزيل كُربيه ، ويُنجح طِلْبتهُ ، ومعهُ دينُه وعِرضُه ومروءتُه .
روى الأصمعيُّ عنْ أعرابيٍّ أنه قال : خفِ الشَّرّ منْ موضعِ الخيْرِ ، وارجُ الخيْرَ منْ موضعِ الشَّرِّ ، فرُبَّ حياةٍ سببُها طلبُ الموتِ ، وموتٍ سببُه طلبُ الحياةِ ، وأكْثَرُ ما يأتي الأمنُ من ناحيِة الخوْفِ .
وإذا العنايةُ لاحظتْك عيونُها
نَمْ فالحوادِثُ كلُّهُنَّ أمانُ

وقال قطريُّ بنُ الفجاءةِ :
لا يَرْكَنَنْ أحدٌ إلى الإحجامِ

يوم الوغى مُتَخَوِّفاً لحمِامِ

فلقدْ أراني للرِّماحِ دريئة


من عن يميني مرَّةً وأمامي

حتى خضبتُ بما تحدَّر مِن دمي


أحناء سرْجي أو عنان لجامي

ثم انصرفتُ وقدْ أصبتُ ولم أُصبْ

جذع البصيرةِ قارِح الإقدامِ

وقال بعضُ الحكماءِ : العاقلُ يتعزَّى فيما نزل به منْ مكروهٍ بأمرينِ :
أحدهما : السرورُ بما بقي له .
والآخر : رجاءُ الفَرَجِ مما نَزَلَهُ به .
والجاهل يجزعُ في محنتِهِ بأمرينِ :
أحدهما : استكثارُ ما أوى إليه .
والآخر : تخوُّفُه ما هو أشدُّ منهُ .
وكان يقالُ : المِحنُ آدابُ اللهِ عزَّ وجلَّ لخلقِهِ ، وتأديبُ اللهِ يفتحً القلوب والأسماع والأبصار .
ووصف الحّسَنُ بنُ سَهْلٍ المِحن فقال : فيها تمحيصٌ من الذنبِ ، وتنبيهٌ من الغفلةِ ، وتعرُّضٌ للثوابِ بالصبرِ ، وتذكيرٌ بالنعمةِ ، واستدعاءٌ للمثوبةِ ، وفي نظرِ اللهِ عزَّ وجلَّ وقضائِهِ الخيارُ .
فهذا من أحبَّ الموت ، طلباً لحياةِ الذِّكْرِ . ﴿ الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ .
أقوالٌ في تهوينِ المصائبِ :
قال بعضُ عقلاءِ التُّجَّارِ : ما أصْغرَ المصيبة بالأرباحِ ، إذا عادتْ بسلامةِ الأرواحِ .
وكان منْ قولِ العربِ : إنّ تسْلمِ الجِلَّةُ فالسَّخْلةُ هَدَرٌ .
ومنْ كلامِهم : لا تيأسْ أرضٌ من عمرانٍ ، وإن جفاها الزمانُ .
والعامَّة تقول : نهرٌ جرى فيه الماءُ لابدَّ أن يعود إليه .
وقال ثامسطيوس : لم يتفاضلْ أهلُ العقولِ والدِّينِ إلا في استعمالِ الفضْلِ في حالِ القُدرةِ والنعمةِ ، وابتذالِ الصبرِ في حالِ الشِّدَّةِ والمحنةِ .
***************************************
وقفــــةٌ

﴿ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ ﴾ .
ولهذا يوجدُ عند المؤمنين الصادقين حين تصيبُهم النَّوازلُ والقلاقِلُ والابتلاءُ مِن الصبرِ والثباتِ والطُّمأنينِة والسكُّونِ والقيامِ بحقِّ اللهِ مالا يوجدُ عُشْرُ مِعْشارِهِ عند من ليس كذلك ، وذلك لقوَّةِ الإيمانِ واليقينِ .
عن معقلِ بن يسارٍ رضي اللهُ عنه قال : قال رسولُ اللهِ  : (( يقولُ ربُّكم تبارك وتعالى : يا بن آدم ، تفرَّغْ لعبادتي ، أملأ قلبك غنى ، وأملأ يديْك رزِقاً . يا بن آدم ، لا تباعدْ مني ، فأملأْ قلبك فقراً ، وأملأْ يديك شُغلاً )) .
« الإقبالُ على اللهِ تعالى ، والإنابةُ إليه ، والرِّضا بهِ وعنهُ ، وامتلاءُ القلبِ من محبَّتِه ، واللَّهجُ بذكْرِهِ ، والفرحُ والسرورُ بمعرفتِه ثوابٌ عاجِل ، وجنَّةٌ ، وعيشٌ ، لا نسبة لعيشِ الملوكِ إليه ألبتَّةَ » .
****************************************
لا تحزنْ إنْ قلَّ مالُك أو رثَّ حالُك
فقيِمتُك شيءٌ آخرُ

قال عليٌّ رضي اللهُ عنهُ : قيمةُ كلِّ امرئٍ ما يُحسِنُ .
فقيمةُ العالمِ عِلْمُهُ قلَّ منهُ أو كُثرَ ، وقيمةُ الشاعرِ شعرُه أحسن فيهِ أو أساء . وكلُّ صاحبِ موهبةٍ أو حرفةٍ إنما قيمتُه عند البشرِ تلك الموهبةُ أو تلك الحرفةُ ليس إلا ، فليحرصِ العبدُ على أنْ يرفع قيمتهُ ، ويُغلي ثمنه بعملِهِ الصالحِ ، وبعلْمِه وحكمتِه ، وجُودِهِ وحفْظِهِ ، ونبوغِه واطِّلاعِه ، ومُثابرتِه وبحْثِهِ ، وسؤالِه وحِرْصِهِ على الفائدةِ ، وتثقيفِ عقْلِهِ وصقْلِ ذهنهِ ، وإشعالِ الطموحِ في رُوحِهِ ، والنُّبلِ في نفسِهِ ، لتكون قيمتُه غاليةً عاليةً .
*************************************
لا تحزنْ ، واعلمْ أنك بوساطةِ الكُتُبِ
يمكنُ أن تُنمِّي مواهبك وقدراتِك

مطالعةُ الكتبِ تُفتِّقُ الذِّهن ، وتهدي العِبر والعظاتِ ، وتمدُّ المطَّلعِ بمددٍ من الحِكم ، وتُطلقُ اللسان ، وتُنمِّي مَلَكةَ التفكيرِ ، وترسِّخُ الحقائق ، وتطردُ الشُّبَهَ ، وهي سلوةٌ للمتفرِّدِ ، ومناجاةٌ للخاطر ، ومحادثةٌ للسامرِ ، ومتعةٌ للمتأمِّلِ ، وسراجٌ للسَّاري ، وكلَّما كٌرِّرتِ المعلومُةٌ وضُبطتْ ، ومُحِّصتْ ، أثمرتْ وأينعتْ وحان قِطافُها ، واستوتْ على سوقِها ، وآتت أُكُلها كلَّ حينٍ بإذنِ ربِّها ، وبلغ الكتابُ بها أجَلَهُ ، والنبأُ مستقرَّهُ .
وهجْرُ المطالعةِ ، وترْكُ النظرِ في الكتبِ والانفرادُ بها ، حُبْسهٌ في اللسانِ ، وحَصْرٌ للطَّبعِ ، وركودٌ للخاطرِ ، وفتورٌ للعقلِ ، وموتٌ للطبيعةِ ، وذبولٌ في رصيدِ المعرفةِ ، وجفافٌ للفكرِ ، وما منْ كتابٍ إلا وفيهِ فائدةٌ أو مَثَلٌ ، أو طُرفةٌ أو حكايةٌ ، أو خاطرةٌ أو نادرةٌ .
هذا وفوائدُ القراءةِ فوق الحَصْرِ ، ونعوذُ باللهِ منْ موتِ الهِممِ وخِسَّةِ العزيمةِ ، وبرودِ الرُّمحِ ، فإنها منْ أعظمِ المصائبِ .
****************************************
لا تحزنْ ، واقرأْ عجائب خلقِ اللهِ في الكونِ

وطالِعْ غرائب صُنعِهِ في المعمورةِ ، تجدِ العَجَبَ العُجابَ ، وتقضي على همومِك وغمومِك ، فإنَّ النَّفْس مُولعةٌ بالطَّريفِ الغريبِ .
رَوَى البخاريُّ ومسلمٌ ، عنْ جابرِ بن عبدِاللهِ رضي اللهُ عنه ، قال : بَعَثَنا رسولُ اللهِ  ، وأمَّر علينا أبا عبيدة ، نتلقَّى عِيراً لقريشٍ ، وزوَّدنا جِراباً منْ تمرٍ لمْ يجِدْ لنا غَيْرَه ، فكان أبو عبيدة يُطينا تمرةً تمرةً .
قال – الراوي عنْ جابرٍ - : فقلتُ : كيف كنتُمْ تصنعون بها ؟ قال : نمصُّها كما يمُصُّ الصَّبيُّ ، ثمَّ نشربُ عليها من الماءِ ، فتكفينا يومنا إلى الليلِ ، وكنَّا نضربُ بِعصيِّنا الخَبَطَ – أي ورق الشجرِ – ثم نبُلُّه فنأكُلَهُ .
قال : وانطلْقْنا على ساحلِ البحرِ فإذا شيءٌ كهيئةِ الكثيبِ الضخمِ – أي كصورةِ التَّلَّ الكبيرِ المستطيلِ المُحْدَوْدبِ من الرملِ – فأتيناهُ ، فإذا هي دابَّةٌ تُدعى العَنْبَرَ . قال : قالَ أبو عبيدة : ميْتةٌ . ثم قال : لا بلْ نحنُ رُسُلُ رسول الله  ، وفي سبيلِ اللهِ ، وقدْ اضطُررْتُم فكُلُوا . قال : فأقمْنا عليه شهراً ونحنُ ثلاثمائة حتى سمِنَّا . قال : ولقدْ رأيتُنا نغترفُ منْ وَقْبِ عينِه – أي منْ داخلِ عينِه – ونفرقُها بالقلالِ – أي بالجرارِ الكبيرةِ – الدُّهْنَ ، ونقتطعُ منه الفِدر – أيْ القِطع – كالثورِ أو قدْرِ الثورِ . فلقدْ أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشرَ رجلاً ، فأقعدهم في وقبِ عينِهِ ، وأخذ ضلعاً منْ أضلاعِهِ فأقامها ، ثمَّ رحَّل أعظم بعيرٍ ، ونظر إلى أطولِ رجُلٍ فحملهُ عليهِ ، فمرَّ منْ تحتِها .
وتزوَّدْنا منْ لحْمِه وشائِق ، فلمَّا قدمْنا المدينة ، أتينا رسول اللهِ  ، فذكرنا له ذلك ، فقال : (( هو رزقٌ أخرجه اللهُ لكمْ ، فهل معكمْ منْ لحمِهِ شيءٌ فتُطعمونا ؟ )) ، قال : فأرسلْنا إلى رسولِ اللهِ  ، فأكل منه .
﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ :
البذرةُ إذا وُضِعتْ في الأرضِ لا تنبتُ حتى تهتزَّ الأرضُ هِزَّةً خفيفةً ، تُسجَّلُ بجهاز رِخْتَرَ ، فتفقسُ البذرةُ وتنبتُ : ﴿ فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ﴾ .
﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ :
قال أبو داود في كتابهِ ( السنن) في بابِ زكاةِ الزرعِ : شَبَرْتُ قثاءةً بمصر ثلاثة عشر شِبْراً ، ورأيتُ أُتْرُجَّةً على بعيرٍ بقطعتيْن ، قُطعتْ وصيِّرَتْ على مثْلِ عِدلْينِ .
﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ :
ذكر الدكتورُ زغلولُ النجّارُ الدارسُ للآياتِ الكونيةِ – في إحدى محاضراتِه – أنَّ هناك نجوماً انطلقتْ منْ آلافِ السنواتِ ، وهي في سرعةِ الضوءِ ، ولم تصلْ حتى الآن إلى الأرضِ ، وما بقي إلا مواقعُها ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ .
﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ :
جاء في (جريدة الأخبارِ الجديدة) في العددِ 396 بتاريخِ 27/ 9/ 1953 م ص 2 أنه : « دخلُ صباح اليومِ ( أونا) باريس دخول الفاتحين ، يحرسُه عشراتُ منْ رجالِ البوليس ، الراكبِ والراجلِ . أمَّا ( أونا ) هذا فهو حوتٌ نرويجيٌّ ضخمٌ محنَّطٌ ، وزنه 80000 كيلو ، وكان محمولاً على عَشْرِ جراراتٍ مربوطةٍ بسيارةِ نقلٍ ضخمةٍ ، وسيُعرضُ الحوتُ لمدةِ شهْر ويُسمحُ للناسِ بدخولِ كرشِهِ المضاءِ بالكهرباءِ ، ويستطيعُ عشرةُ أشخاص أنْ يدخلوا بطنَه مرَّةً واحدةً .
لكنَّ المشرفين على معرضِ ( أونا ) وبوليس المدينةِ ، لم يتفقا على المكانِ الذي يوضعُ فيه الحوتُ ، وهمْ يخشون وضْعَهُ فوق محطةِ القطارِ الأرضيِّ خشيةَ أنْ ينهار الشارعُ .
وبرغمِ أنَّ سِنَّ هذا الحوتِ لا يزيدُ على 18 شهراً ، فإنَّ طوله 20 متراً ، وقد صيد في شهرِ سبتمبر من العامِ الماضي في مياهِ النرويج ، وقدْ صُنِعتْ لهُ عربةُ قطارٍ خاصَّةٌ ، لنقْلِه في جولةٍ عَبْرَ أوربا ، ولكنَّها انهارتْ تحته ، فصنُعتْ له سيارةُ جرٍّ ، طولها 30 متراً » .
﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ :
النملةُ تدَّخِرُ قُوتها من الصيفِ للشتاءِ ؛ لأنَّها لا تخرجُ في الشتاءِ ، فإذا خشيتْ أنْ تنبت الحبَّةُ ، كسرتْها نصفين ، والحيَّةُ في الصحراءِ إذا لم تجدْ طعاماً ، نصبت نفسها كالعودِ ، فيقعُ عليها الطائرُ فتأكلهُ .
﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ :
قال عبدُالرزاقِ الصنعانيُّ : سمعتُ معمر بن راشدٍ البصريَّ يقولُ : رأيتُ باليمنِ عنقود عنبٍ ، وقْرَ بَغْلٍ تامٍّ . ﴿ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ﴾ . كلّ الأشجارِ والنباتاتِ تُسقى بماءٍ واحدٍ ﴿ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ ﴾ . وللنباتاتِ مناعةٌ خاصَّةٌ ، فمنها القويَّةُ بنفسهِا ، ومنها الشوكيَّةُ التي تدافعُ بشوكِها ، ومنها الحامضةُ اللاّذِعةُ .
﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ :
قال كمالُ الدين الأُدفويُّ المِصْريُّ في كتابِه (الطالع السعيد الجامع نجباء أنباء الصعيد) : « رأيت قطف عنبٍ ، جاءتْ زنُته ثمانيةُ أرطالٍ باللّيثيِّ ، ووُزِنتْ حبَّةُ عنبٍ ، جاءتْ زنتُها عشرةُ دراهم ، وذلك بأُدفو بلدِنا » .
﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ :
وقد ذكر علماءُ الفلكِ أنَّ الكون لا يزالُ يتَّسعُ شيئاً فشيئاً كما تتَّسع البالونةُ : ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾ . وذكروا أنَّ الأرض اليابسة تنقصُ ، وأنَّ المحيطات تتَّسعُ ، ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ .

﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ :
جاء في مجلةِ ( الفيصل) عدد 62 سنة 1402 هـ ص 112 صورةٌ لثمرةِ كرنبٍ (ملفوف) وزنت 22 كيلو غراماً ، وبلغ قطرُها متراً واحداً ، وصورةٌ لبصلةٍ يابسةٍ واحدة ، وزنت 2,3 كيلو غراماً ، وبلغ قطرها 30 سم .
وذكرتِ المجلةُ عقِب ذلك ، أنَّ ثمرة بندورةٍ (طماطم) واحدةٍ بلغ محيطُها أكثر منْ 60 سم ، وأنَّ هذه الأشياء غَيْرَ العاديةِ ، نبتتْ في أرضِ المُزارِعِ المكسيكي ( جوزيه كارمن) ذي الخبرةِ الطويلةِ في الزراعةِ والعنايةِ بالأرضِ ، مما جعلَهُ المزارع الأوَّل في المكسيكِ .
**************************************
يا الله يا الله

﴿ قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ﴾ .
﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ .
﴿ قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾ .
﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ﴾ .
وقال عنْ آدم : ﴿ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾ .
ونوحٍ : ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴾ .
وإبراهيم : ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ .
ويعقوب : ﴿ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً ﴾ .
ويوسف : ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ ﴾ .
وداود : ﴿ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ .
وأيوب : ﴿ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ﴾ .
ويونس : ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾ .
وموسى : ﴿ فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ ﴾ .
ومحمد : ﴿ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ ﴾ ، ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى{6} وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى{7} وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ﴾ .
﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ :
قال بعضُهم : يغفرُ ذنباً ، ويكشفُ كرْباً ، ويرفع أقواماً ، ويضعُ آخرين .
اشْتدِّي أزمةُ تنْفرِجي
قد آذن صُبْحُكِ بالبَلَجِ

سحابة ثمَّ تنقشع : ﴿ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ﴾
*********************************************
لا تحزنْ ، فإنَّ الأيام دُوَلٌ

سَجَنَ ابنُ الزبير محمد بن الحنفيَّةِ في سجنِ (عارمٍ) بمكة ، فقال كُثِّر عزة :
وما رونقُ الدُّنيا بباقٍ لأهلها

وما شدَّةُ الدُّنيا بضرْبةِ لازِمِ

لهذا وهذا مُدَّةٌ سوف تنقضي

ويُصبِحُ ما لاقيتُهُ حلم حالكِ

وتأمَّلتُ بعد هذا الحدث بقرونٍ، فإذا ابنُ الزبيرِ وابنُ الحنفية وسِجْنُ عارمِ كحلمِ حالمٍ: ﴿ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً ﴾ .
مات الظالمُ والمظلومُ والحابسُ والمحبوسُ .
كلُّ بطَّاحٍ مِن الناسِ له يومٌ بطوحٌ .
***************************************
﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ﴾

وفي الحديثِ : (( لتُؤدُّنَّ الحقوق إلى أهلهِا حتى يُقاد للشاةِ الجلْحاءِ من القرْناءِ ))
مثِّلْ أنفْسِك أيُّها المغرورُ

يوم القيامةِ والسَّماءُ تمورُ

هذا بلا ذنبٍ يخافُ لِهوْلِهِ

كيف الذي مرَّتْ عليهِ دُهُوُرُ

***********************************
لا تحزنْ ، فيُسرَّ عدوُّك

إنَّ حزنك يُفْرحُ خصمك ، ولذلك كان منْ أصولِ الملَّةِ إرغامُ أعدائِها : ﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ .
وقولُه  لأبي دُجانة ، وهو يخطرُ في الصفوفِ متبختراً في أُحًد : ((إنها لمشيةٌ يبغضُها اللهُ إلا في هذا الموطنِ )) . وأمر أصحابهُ بالرَّمل حَوْلَ البيتِ ، ليُظهروا قوتهم للمشركين .
إنَّ أعداء الحقِّ وخصوم الفضيلةِ سوف يتقطَّعون حسرةً إذا علمُوا بسعاتِنا وفرحِنا وسرورِنا ، ﴿ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ﴾ ، ﴿ إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ﴾ ،﴿ وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ ﴾ .
رُبَّ منْ أنضجتُ يوماً قلْبهُ
قد تمنَّى لي شراً لم يُطعْ

وقال آخر :
وتجلُّدي للشَّامتين أُريِهمُ
أنِّي لريْبِ الدَّهرِ لا أتضعْضعُ

وفي الحديثِ : (( اللهمّ لا تُشمِتْ بي عدُواً ولا حاسِداً )) .
وفيه : (( ونعوذُ بك منْ شماتِةِ الأعداءِ )) .
كُلُّ المصائبِ قد تمُرُّ على الفتى
وتهونُ غير شماتةِ الأعداءِ

وكانوا يتبسَّمون في الحوادِثِ ، ويصبرون للمصائبِ ، ويتجلَّدُون للخطوبِ ، لإرغامِ أُنُوفِ الشّامِتِين ، وإدخالِ الغيْظ في قلوبِ الحاسدين : ﴿ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ ﴾ .
**********************************
تفاؤلٌ وتشاؤمٌ

﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ{124} وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ .
كثيرٌ من الأخيارِ تفاءلوا بالأمرِ الشّاقِّ العسير ، ورأوْا في ذلك خيْراً على المنهجٍ الحقِّ : ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ﴾ .
فهذا أبو الدرداءِ يقولُ : أُحبُّ ثلاثاً يكرهُها الناسُ : أحبُّ الفَقْرَ والمرَضَ والموْتَ ، لأنَّ الفقرَ مسكنةٌ ، والمرضَ كفَّرةٌ ، والموت لقاءٌ باللهِ عزَّ وجلَّ .
ولكنَّ الآخرَ يكرهُ الفقر ويذُمُّه ، ويُخبرُ أنَّ الكلاب حتى هي تكرهُ الفقير :
إذا رأتْ يوماً فقيراً مُعدماً
هرَّتْ عليهِ وكشرَّتْ أنيابها

والحُمَّى رحَّب بها بعضُهم فقال :
زارتْ مكفِّرةُ الذنوبِ سريعةً

فسألتُها باللهِ أن لا تُقْلِعِي


لكنّ المتنبي يقولُ عنها :
بذلتُ لها المطارف والحشايا
فعافتْها وباتتْ في عِظامي

وقال يوسُفُ عليهِ السلامُ عنِ السجنِ : ﴿ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ .
وعليُّ بنُ الجهم يقولُ عنِ الحبْسِ أيضاً :
قالوا حُبِسْت فقلتُ ليس بضائري
حبسْي وأيُّ مهنَّدٍ لا يُغْمدُ

ولكنّ عليَّ بن محمدٍ الكاتب يقولُ :
قالوا حُبست فقلتُ خطْبٌ نكِدٌ
أنْحى عليَّ به الزمانُ المُرْصدُ

والموتُ أحبَّه كثيرٌ ورحَّبوا بهِ ، فمعاذٌ يقولُ : مرحباً بالموتِ ، حبيبٌ جاء على فاقةٍ ، أفلح منْ ندم .
ويقولُ في ذلك الحُصيُن بنُ الحمامِ :
تأخَّرتُ أستبقي الحياة فلمْ أجِدْ
لنفسي حياةً مثْل أن أتقدَّمَا

ويقولُ الآخرُ : لا بأس بالموتِ إذا الموتُ نزلْ .
ولكنَّ الآخرين تذمَّرُوا من الموتِ وسبُّوه وفرُّوا منهُ .
فاليهودُ أحرصُ الناسِ على حياةٍ ، قال سبحانه وتعالى عنهمْ : ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ﴾ .
وقال بعضُهم :
ومالي بعد هذا العيشِ عيشٌ
ومالي بعد هذا الرأسِ رأسُ

والقتلُ في سبيل اللهِ أمنيةٌ عذْبةٌ عند الأبرارِ الشرفاءِ : ﴿ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ﴾ .
وابنُ رواحة ينشدُ :
لكنَّني أسألُ الرحمنَ مغفرةً
وطعنةً ذات فزعٍ تقذِفُ الزَّبدا

ويقولُ ابنُ الطِّرِمَّاح :
أيا ربَّ لا تجعلْ وفاتِي إنْ أتتْ

على شرْجَعَ يعلو بحُسْنِ المطارِفِ

ولكنْ شهيداً ثاوياً في عصابةٍ

يُصابون في فجٍّ مِن الأرض خائفِ

غير أنَّ بعضهمْ كرِه القتْلَ وفرَّ منه ، يقولُ جميلُ بثينة :
يقولون جاهِد يا جميلُ بغزوةٍ
وأيُّ جهادٍ غيرهُنَّ أُريدُ

وقال الأعرابيُّ : واللهِ إني أكرهُ الموت على فراشي ، فكيف أطلبُه في الثغورِ ﴿ قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ ، ﴿ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ﴾ . إنَّ الوقائع واحدةٌ لكنَّ النفوس هي التي تختلفُ .

  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22