عرض مشاركة واحدة
قديم 22-06-2014 ~ 07:17 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي كتاب اللطائف لأبن الجوزي
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


لأبن, اللطائف, الجنسي, كتاب

كتاب اللطائف
لأبن الجوزي
مكتبة مشكاة الإسلامية






بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم الحافظ إمام وقته وفريد عصره وعلامة دهرهجمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي‏:‏
الحمد لله على ما يوليه حمدا يرضيه وصلى الله على من اجتمعت كلالمعالم فيه وقرن اسمه باسم الحق عند الذكر ويكفيه وعلى آله وأصحابه وتابعيه‏.‏
هذا الكتاب رقت عباراته ودقت إشارته نثرته عند الإملاء نثرا من فنونفهو نصيب أكف لا تلتقط الدون جعلته طرازا على ثوب الوعظ وفصا لخاتم اللفظ يعمل فيالقلب قبل السمع وغلى الله الرغبة في النفع‏.‏
الفصل الأول في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏هو الأولوالآخر‏}
لا بصفة الأول يحكم له مبدأ ولا بالآخر صار له منتهى ولا من الظاهرفهم له شح ولا من الباطن تعطل له وصف خرست في حضرة القدس صولة لم وكفت لهيبة الحقكف كيف وغشيت لأنوار العزة عين عين الفكرة فأقدام الطلب واقفة على حمى التسليم جلعن أشباه وأثمال وتقدس عن أن تضرب له الأمثال وإنما يقع الإشتباه والإشكال في حق منله أنداد فحم لما حمّ فزمزم بلطف زملوني فعاد طيف اللطف ينعت الراقد‏:‏ ‏(يا أَيُهاالمُزَمِل‏)‏ قم يا أطيب ثماركن يا محمولا عليه ثقل قل يا من خلع عليهخلعة‏(قُمفَأنذِر‏)‏ومن تحركت لتعظيمه السواكن فحن إليه الجذع وكلمه الذئب وسبحفي كفه الحصا وتزلزل له الجبل كل كنى عن شوقه بلسانه‏.‏
عجب القوم من علو منزلته فقالوا بألسنة الحسد ‏(لَولا نُزِلَ هذاالقرآن‏)‏ والقدر يقول‏:‏ ماهذا التعجب من نخلة بسقت والأصل نواة ‏(ألم نَخلُقكُم مِنماءٍ مَهين‏)‏ مرضوا لقوة داء الحسد فرأوه بغير عينه فقالوا‏:‏ مجنون يامحمد‏:‏ هذا نقش يرقانهمن لا لون وجهك يا جملة الجمال يا كل الكمال أنت واسطة العقدوزينه الدهر تزيد على الأنبياء زيادة الشمس على البدر والبحر على القطر والسماء علىالأرض‏.‏
أنت صدرهم وبدرهم وعليك يدور أمرهم أنت قطب فلكهم وعين كثيبهموواسطة قلادتهم ونقش فصهم وبيت قصيدتهم شمس ضحاها هلال ليلتها در مقاصيرها زبرجدها‏.‏
الخلائق أشخاص والأنبياء قلوب ونبينا عليه الصلاة والسلام سرهم‏.‏
لما أخذ في سير أسرى فنقل إلى المسجد الأقصى خرج إليه عباد الأنبياءمن صوامعهم فاقتدوا بصلاة راهب الوجود لو كان ‏"‏ موسى وعيسى حيين ‏"‏ أمطها عنك ياعمر أمع الشمس بعث بالحنيفية السمحة كانت شرائع الأنبياء كرمضان الصوم وشرع نبينايوم العيد عرضت عليه الجنة والنار حتى عرف الطبيب العقاقير قبل تركيب الأدوية فلغرب سيف‏(أََتجَعَلُ فيها‏)‏ليلة المعراج ظنت الملائكة أنالآيات تختص بالسماء فإذا آية الأرض قد علت لا عجب من ارتفاع صعودهم لأنهم ذووأجنحة إنما العجب من ارتفاع جسم طبعه الهبوط بلا جناح جسداني كان جبريل عليه السلامدليل الفلاح فلما وصل إلى مفازة ليس فيها علم يعرفه علم ابن أجود أن الصدق أجودفقال‏:‏ ها أنت وربك‏.‏
وقع في بادية القرب فأوجبت هيبة التعظيم أن خرس لسان الطبع فقال‏:‏لا أحصي ثناء عليك كادت الهيبة تلهبه لولا أن تدورك برش ماء‏:‏ السلام عليك فإذاقامت القيامة فموسى صاحبه وعيسى حاجبه والخليل أمير جنده وآدم ينادي بلسان حاله‏:‏يا ولد صورتي يا والد معناي‏.‏
الفصل الثالث في ذكر آدم عليه السلام
إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز ‏(اِسجدوا‏)‏ وأخرجته منأقطار ‏(اسكُن‏)‏ مذ سبى الهوى آدم هوى دام حزنه فخرج أولاده العقلاء محزونينوأولاده السبايا أذلة أعظم الظلمة ما تقدمها ضوء وأصعب الهجر ما سبقه وصل واشد عذابالمحب تذكاره وقت القرب كان حين إخراجه لا تمشي قدمه والعجب كيف خطا‏.‏
وَتَلَفَّتَت عَيني فَمُذ خَفِيَت عَنّي الطُلولُ تَلفَّتَ القَلبُواعجبا لجبريل بالأمس يسجد له واليوم يجر بناصيته والمدنف يقول‏:‏ ارفق بي‏:‏ ياسائقَ البَكَراتِ اِستَبِقِ فَضلَتَها عَلى الروي فظهر البكر مقعور الأسى لأيامالوصال واللسان يقول‏:‏ يا ويلتاه والقلب ينادي‏:‏
يا لهفاه مِن مُعيٌ أَيامَ جَمعٍ عَلى ما كانَ مِنها وَأَينَأَيّامُ جَمعِ طالِباً بِالعِراقِ يَنشُدُ هيهات زماناً أَضَلّهُ بِالجَزعِ كم قصةغصة بعثها مع بريد السر لا يدري بها سوى القلب مكنونها التأسف ومضمونها التلهف‏.‏
أَلا يا نَسيمَ الريحِ مِن أَرضِ بابلٍ ** تَحمِل إِلى أَهلِالعِراق سَلامي
وَإِنّي لأهوى أَن أَكونَ بِأرضِهِم ** عَلى أَنَني مِنها اِستَفدتُغَرامي
قُل لِجيرانِ الغَضا آَهٍ عَلى ** طيبِ عَيشٍ بالغضا لو كان داما
حَمّلوا ريحَ الصّبا نَشرُكُم ** قَبلَ أَن تَحمِل شيحاً وَثَماما
فكان كلما عاين الملائكة تنزل من السماء تذكر المرتع في المربعفتأخذ العين في إعانة الحزين‏:‏ رَأى بارِقاً مِن أَرضِ نَجدٍ فَراعَهُ فَباتَيُسحُّ الدَمعُ وَجداً عَلى وَجدِ فيا شَجراتِ القاعِ مِن بَطنِ وَجرَةٍ سَقاكِهَزيمَ الوَدقِ مُرتَجِسُ الرَعدُ كان عند رؤية الأملاكن يذكر إقطاعه الأملاك فيكادمما يأسى يجعل الرجاء يأسا ثم قام بعد مراكب المنى يمشي إلى أرض منى فلولا تلقنالكلمات مات‏.‏
هَل الأَعصَرُ اللاتي مَضينَ يَعُدنَ لي كَما كُنّ لي أَم لا سبَيلَإِلى الرّدِّ واعجبا لقلق ابن آدم بلا معين على الحزن هوام الأرض لا تفهم ما يقولوملائكة السماء عندها بقايا‏(أَتَجعَلُ فيها‏)‏فهو في كربه بلا رحيم أَلا راحِمٌمِن آلِ لَيلى فأَشتَكي لَهُ ما بِقَلبي حَتّى يَكِلَّ لِساني بُكاءُ آَدَمَلِفِراق الجَنَةِ لا كَبُكاءِ غَيرِهِ وَكانَت بِالعِراقِ لَنا لَيالٍ سَرقناهُنَّمِن رَيبِ الزَمانِ ما كان هذا القلق لنفس الدار بل لأجل رب الدار ‏"‏ وما بي لابانبل من داره البان ‏"‏‏.‏
ما فَوقَ الهِجرانُ سَهماً فانثني عَن قَصدِ قَلبي كَلاَّ وَلا ناديالجَوى إلا وَكُنتُ أَنا المُلبّى وَلَقَد وَقَفتُ عَلى مِنى لَولا المُنى لَقَضيتُنَحبي قال ‏"‏ وهب بن منبه ‏"‏ رضي الله عنه‏:‏ سجد آدم عليه السلام على ‏"‏ جبلالهند ‏"‏ مائة عام يبكي حتى جرت دموعه في ‏"‏ وادي سرنديب ‏"‏ فنبت من دموعه ‏"‏الدارصيني ‏"‏ و ‏"‏ القرنفل ‏"‏ وجعل طوير الوادي الطواويس ثم جاء جبريل عليهالسلام فقال‏:‏ ارفع راسك فقد غفر لك فرفع رأسه ثم طاف بالبيت اسبوعا فما أتمه حتىخاض في دموعه‏.‏
دُموعُ عيني مَذ قَذ جَذَّ بَينُهُم مَثلُ الدَّوالي أَوهَنَّالدَّوالي كان ‏"‏ آدم ‏"‏ ‏"‏ يعقوب ‏"‏ البلاء جرى القضاء بزلله فما ذنباللقمة‏.‏
ولكن ظفرتم بالمحبين فارحموا قدح أُريد انكساره فسلم إلى مرتعش لولم تذنبوا واعجبا‏.‏
كان يبكي للدار مرة وللجار ألفا والفراق يقلقل والبعاد يزلزل وَإنّيلَمُشتاقٌ إلى طيبِ وَصلُكُم كَما اِشتاقَ نَحو الدارَ مَن طالَ لَفتُهُ سَأَبكيالدِّما شَوقاً إِلى ساكِنِ الحِمى فَأفني بِهِ كَنزَ اِصطِبارٍ ذَخَرتُهُ إِذاكانَ دَمعُ العَينِ بالسِرِّ شاهِداً فَلَيسَ بِخافٍ في الهوى ما جَحدتُهُ
الفصل الرابع في صفة الربيع
إِذا تأيمت الأرض من زوج القطر ووجدت لفقده مس الجدب أخذت في ثياب‏(وَتَرى الأرضَهامِدَةً‏)‏فإذا قوي فقر القفر ألقى مد أكف الطلب يستعطي زكاة السحابفساق الصانع بعلا يسقي بعلا فثارت للغياث مثيرة فجاء الغيث بلا مثيرة ‏(فَسُقناهُ إِلى بَلَدِمَيت‏)‏ وتأثير صناعة المعلم في البليد أعجب‏.‏
فلبس الجو مطرفه الأدكن وأقبلت خيالة القطر شاهرة سيوف البرق فأخذفراش الهوى يرش جيش النسيم فباحث الريح بمكنون المطر فاستعار السحاب جفون العشاقوأكف الأجواد فامتلأت الأودية أنهارا كلما مستها يد النسيم حكى سلسالها سلاسل الفضةفالشمس تسفر وتتنقب والغمام يرش وينسكب ‏"‏ انعقد بعقد الزوجين عقد حب الحب ‏"‏فلما وقعت شمس الشتاء في الطفل نشأ أطفال الزرع فارتبع الربيع أوسط بلاد الزمانفأعار الأرض أثواب الصبا فانتبهت عيون الأرض من سنة الكرى ونهضت عرائس النبات ترفلفي أنواع الحلل فكأن النرجس عين وورقه ورق فالشقائق يحكي لون الخجل والبهار يصف حالالوجل والبنفسج كآثار العض في البدن والنيلوفر يغفو وينتبه والأغصان تعتنق وتفترقوالأراييج قد ثبت أسرارها إلى النسيم فنم فاجتمعت في عرس التواصل فنون القيان فعلاكل ذي فن على فنن فتطارحت الأطيار مناظرات السجوع فأعرب كل بلغته عن شوقه فالحماميهدر والبلبل يخطب والقمري يرجع والمكاء يغرد والهدهد يهدد والأغصان تتمايل كلهاتشكر للذي بيده عقدة النكاح فحينئذ تج خياشيم المشوق ضالة وجده‏.‏
لي بِذاتِ البانِ أشجانُ ** حَبَّذا مِن أَجلِها البانُ
حَبَذا رَيَّاهُ يوقِظُهُ مِن ** نَسيمِ الفَجرِ رَيعانُ
حَبَذا وُرق الحَمامِ إِذا ** رَنَّحتها مِنهُ أَغصانُ
داعياتٌ بالهَديلِ لَها ** فيهِ أَسجاعٌ وأَلحانُ
أَعجمياتِ إِذا نَطَقتَ ** لَيس إِلا الشَوقُ تِبيانُ
كُلَما غَنَيتَني هَزَجاً ** هاجَني لِلذكرِ أَحزانُ
مالَ بي مَيلَ الغُصونِ ** بِها طَربي فالكُلُّ نَشوانُ
يا حَمامَ البانِ يَجمَعُنا ** وَجَدُنا إِذ نَحنُ جيرانُ
يَتَشاكى الواجِدونَ جَوىً ** واحِداً وَالوَجدُ ألوانُ
أَنا مَخلوسُ القَرينِ وَأَنـ ** تُنَّ أَزواجٌ وَأَرقرانُ
وَبَعيدُ الدارِ عَن وَطَني ** وَلَكُنَّ البانُ أَوطانُ
لا تَزدَني يا عُذولُ جوى ** أَنا بِالأشواقِ سَكرانُ
الفصل الخامس يذكر فيه إشارة من حال سلمانالفارسي
سابقة الأزل قضت لقوم بدليل ‏(سَبَقَت‏)‏ وعلى قوم بدليل ‏(غَلَبَت عَلَيناشِقوَتُنا‏)‏ فواأسفا أين المفر توفيق ‏(سَبَقَت‏)‏ نور قلوب الجن ‏(فَقالوا إِنّاسَمِعنا قُرآناً عَجَبا‏)‏ وخذلان ‏(غَلَبَت‏)‏ أعمى بصائر قريشفقالوا ‏(أَساطيرُ الأَولين‏)‏ أهل الشمال في جانب جنون البعد وأهل اليمين في مهبشمال القرب ما نفعت عبادة ‏"‏ إبليس ‏"‏ و ‏"‏ بلعام ‏"‏ ولا ضر عناد السحرة‏.‏
وحد ‏"‏ قس ‏"‏ وما رأى الرسول وكفر ‏"‏ ابن أبي ‏"‏ وقد صلى معه معالضب ري يكفيه ولا ماء والسمكة غائصة في الماء ولا ري‏.‏
دخل الرسول عليه الصلاة إلى بيت يهودي يعوده فقال له‏:‏ أسلم تسلمفنظر المريض إلى ابيه فقال له‏:‏ أجب أبا القاسم فأسلم كان في ذلك البيت غريبا مثل‏"‏ سلمان منا ‏"‏ فصاحت ألسنة المخالفين‏:‏ ما لمحمد ولنا ولسان الحال يقول‏:‏مريضنا عندكم‏!‏ كيف انصرافي ولي في داركم شغل المناسبة تؤلف بين الأشخاص‏.‏
ما احتمل ‏"‏ موسى ‏"‏ مرارة الغربة في دار ‏"‏ فرعون ‏"‏ وإن كانفي ‏"‏ آسية ‏"‏ ما يسلين غير أن حق الأم أحق فضرب على فيه فدام ‏(وَحَرَمنا‏)‏إلى أنه أمته الأم فصوت عود العود عند اجتماع الشمل‏.‏
سَلامي عَليكُم كَيفَ حالُكُم وَهَل ** عِندَكُم مِن وَحشَةِالبَينِ ما عندي
سبق العلم بنبوة ‏"‏ موسى ‏"‏ و ‏"‏ إيمان ‏"‏ آسية ‏"‏ فسيق تابوتهإلى بيتها فيه طفل منفرد عن أم إلى امرأة خالية عن زوج‏.‏
قرينان مرتعنا واحد لما قضيت في القدم سلامة ‏"‏ سلمان ‏"‏ حملتهصبا الصبا نحو الدين كان أبوه على اعتقاد المجوس فعرج به دليل التوفيق إلى ديرالنصارى فأقبل يناظر أباه فلم يكن لأبيه جواب القيد وهذا الجواب المرذول قديم منيوم ‏(أَناأُحيي وَأُميت‏)‏(ثُمّ نُكِسوا‏)‏ ‏(قالوا حَرِقوهُ‏)‏ فنزل في البداية ضيف ‏(وَلَنَبلونَكُم‏)‏ ولولا مكابدةالبلاء ما نيلت مرتبة ‏(رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره‏)‏ فسمع أن ركبا علىنية السفر فسرق نفسه من حرز أبيه ولا قطع فركب راحلة العزم يرجو إدراك مطلب الغنىوغاص في مقر بحر البعث ليقع على بدرة الوجود فصاح به الهوى‏:‏ إلى أين فقال‏(إِنى ذاهِبٌ إِلىرَبي‏)‏وقف نفسه على خدمة الأدلاء وقوف الأذلاء‏.‏
فلما أحس الرهبان بانقراض دولتهم زوده سفره إلى طلب علم الأعلام علىعلامات نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وقالوا‏:‏ قد آن زمانه وأظل فاحذر أن تضلفإنه يخرج بأرض العرب ثم يهاجر إلى أرض بين حرتين فلو رأيته قد فلى الفلاة والدليلشوقه والحنين يزعجه والتلهف يقلقه وَأَبغَضتُ فيكَ النَخلَ وَالنَخلُ يانعٌوَأَعجَبَني مِن حُبِكَ الطَلحُ وَالضالُ وَأَهوى لِجَرّالُ السَّمَاوَةَ وَالفَضىوَلو أَنّ صَنفِيَةَ وَشاةٍ وعُذالُ رحل مع رفقة لم يرفقوا به‏(وَشَروهُ بِثَمَنٍبَخس‏)‏فاشتراه يهودي بالمدينة فانجبر انكسار رقه بإنعام ‏"‏ سلمانمنا ‏"‏ وتوقد شوقه برؤية الحرتين وما علم المنزل بوجد النازل‏.‏
أَيَدري الرَبعُ أَيَ دَمٍ أَراقا وَأَيَّ قُلوبٍ هَذا الرَكبُ ساقالَنا وَلأَهلِهِ أَبداً قُلوبُ تَلاقى في جُسومِ ما تَلاقى‏!‏‏!‏ فبينما هو يكابدساعات الانتظار جاء البشير بقدوم الرسول و ‏"‏ سلمان ‏"‏ في رأس نخلة فكاد القلقيلقيه لولا أن الحزم أمسكه كما جرى يوم ‏(إِن كادَت لَتُبديبِهِ‏)‏ ثم عجل النزول ليلقي ركب البشارة وأي ثبات بقي ليعقوب في حال‏(إِني لأجد‏)‏‏.‏
خَليليَّ مِ نَجدٍ قَفاني عَلى الرُّبا فَقَد هَبَ مِ تِلكَالرُسومِ نَسيمُ طف صالح به المالك‏:‏ مالك وهذا انصرف إلى شغلك‏.‏
كيف انصرافي ولي في داركم شغل ثم أخذ يضربهفأخذ لسان حال المشوقيترنم لو سمع الأطروش خَليليَّ لا وَاللَهِ ما أَنا ** مِنكُما إذا عَلَمٌ مِن آَلِلَيلى بَدا لِيا
الفصل السادس ‏{‏تتجافى جنوبهم عنالمضاجع‏}
سفر الليل لا يطيقه إلى مضمر المجاعة تجتمع جنود الكسل فتتشبث بذيلالتواني فتزين حب النوم وتزخرف طيب الفراش وتخوف برد الماء فإذا ثارت شعلة من نارالحزم أضاءت بها طريق القصد فسمعت أذن اليقين هاتف‏:‏ هل من سائل نفس المحب فيالليل على آخر نفس وفي ‏"‏ المتعبدين قوة ‏"‏ وهم يستغفرونن صراخ الأطفال غير بكاءالرجال سهر الليل هودج الأحباب يوقظ نسيم الأسحار أعين ذوق الأخطار فلو رأيتهموَقَد لاحَت الجوزاءُ وَأنحَدَرَ النَّسرُ قد افترشوا بساط ‏"‏ قيس ‏"‏ وباتوا بليل‏"‏ النابغة ‏"‏ إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق كأن النومحلف على جفاء أجفانهم هَذا رِضاكَ نَفى نَومي فأَرَقَني فَكَيفَ يا أَمَلي إِنكُنتَ غَضبانا مازالوا على مطايا الأقدام إلى أن نم النسيم بالسحر وقام الصارخ ينعيالظلام فلما تمخض الدجى بحمل السحر تساندوا إلى رواحل الإستغفار‏.‏
شَكونا إِلى أَحبابِنا طَولَ لَيلَنا فَقالوا لَنا ما أَقصَرَاللَيلَ عِندَنا رياح الأسحار أقوات الأرواح رقت فراقت فبردت حر الوجد وبلغت رسائلالحب‏.‏
أَلا يا صِبا نَجِدُ مَتى هُجتَ مِن نَجدٍ لَقَد زادَني مَسراكَوَجداً عَلى وَجدِ مكروب الوجدن يرتاح إلى النسيم وإن قلقل الواجد‏.‏
بَينَ شَمالَ وَصِبا حَنَّ مَشوقٌ وَصَبا وَمُرنَّحِ فِطَنَالنَسيمُ بِوَجدِهِ فَروى لَهُ خَبَر العُذَييبِ مَعرِّضا خلوا بالحبيب في دارالمناجاة فكساهم ثياب الموصلة وضمخهم بطيب المعاملة وغالية السحر غالية يصبحونوعليهم سيما القرب‏.‏
تفوح أرواح نجد من ثيابهم فتأسف يا جيفة النوم وابك يا عريان الغفلةأتدري كيف مر عليهم الليل ألك علم بما جرى للقوم‏.‏
أيعلم خال ما جرى للمتيم رحلت رفقة ‏(تَتَجافى‏)‏ قبل السحر ومطرودالنوم في حبس الرقاد فما فك عنه السجان القيد حتى استقر بالقوم المنزل فقام يتلمحالآثار على باب الكوفة والقوم قد شرعوا في الإحرام‏.‏
مَن يَطَّلَع شَرَفاً فَيُعَلِمُني هَل رَوَّضَ الرَعيانُ بالإِبِلِأَم قَعقَعت عُمُدُ الخِيامِ أَم اِرتَفَعَت قِبابُهُم عَلى النُزل أَم غَرَّدَالحادي بِقافِيةٍ مِنها غُرابُ البَين ‏"‏ يَستَملي ‏"‏ كان ‏"‏ حسان بن أبي سنان‏"‏ يخادع امرأته حتى تنام ثم يخرج من الفراش إلى الصلاة‏.‏
كَأَنّ سَوادِ اللَيلِ يَعشَقُ مُقلَتي ** فَبَينَهُما في كُلِهَجرٍ لَنا وَصلُ
كانت ‏"‏ أم الربيع بن خيثم ‏"‏ إذا رأت تقلقله بالليل تقول‏:‏ يابني لعلك قتلت قتيلا فيقول‏:‏ نعم قتلت نفسي‏.‏
وقالت ‏"‏ أم عمر بن المنكدر ‏"‏‏:‏ أشتهي أن أراك نائما فقال‏:‏ ياأماه من جن عليه الليل وهو يخاف البيات حق له أن لا ينام يا أماه إن الليل ليردعليَّ فيهولني فينقضي عني وما قضيت منه أربي‏.‏
ذق الهوى وإن استطعت الملام لما قيل لبعض الزهاد‏:‏ إرفق بنفسكفقال‏:‏ الرفق أطلب‏.‏
كان ‏"‏ أمية الشامي ‏"‏ يبكي في المسجد وينتحب حتى يعلو صوته فأرسلإليه الأمير‏:‏ إنك تفسد على المصلين صلاتهم بكثرة بكائك وارتفاع صوتك فلو أمسكتقليلا فبكى وقال‏:‏ إن حزن القيامة أورثني دموعا غزارا فأنا أستريح إلى ذريهاأحياناً‏.‏
اللَوَّمُ فيكَ يَنصَحوني وَالنُصحُ خِيانَةَ اللَوائِم المُقعِد ُوَالمُقيمُ عِندي ما دُمتَ عَلى الصُدودِ دائِم مالي أَجِدُ الحَمامَ أَنَّى ناحَتبِآراكِها الحَمائم وَكَم مِن حَديثٍ قَد خَبأناهُ لِلقَسا فَلَما اِلتَقينا صِرتُأَخرسَ أَلكنا
الفصل السابع التوبة
يا مؤخر توبته بمطل التسويف ‏(لأَي يَومٍاُجِلَت‏)‏ كنت تقول‏:‏ إذا شبت تبت‏.‏
فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت لو كان لسيف عن عزيمتك جوهرية لقيكموت الهوى تحت ظبته‏.‏
كل يوم تضع قاعدة الإنابة ولكن على شفا جرف كلما صدقت لك في التوبةرغبة حملت عليها جنود الهوى حملة فانهزمت إذبح حنجرة بالهوى بسكين العزيمة فما دامالهوى حيا فلا تأمن من قلب قلبك‏.‏
اجعل بكاءك في الدجى شفيعا في الزلل فزند الشفيع توري نار النجاح‏.‏
اكتب بمداد الدمع حسن الظن إلى من يحققه ولا تقنع في توبتك إلابمكابدة حزن ‏"‏ يعقوب ‏"‏ أو بصبر ‏"‏ يوسف ‏"‏ عن الهوى فإن لم تطق فبذل إخوتهيوم‏(وَتَصَدقعَلَينا‏)‏‏.
يا معشر الأقوام هذه مشاعل القبول‏.‏
يا فارغ البيت من القوت هذه أيام اللقاط‏.‏
يا مهجور ‏"‏ كنعان ‏"‏ متى تجد ريح ‏"‏ يوسف ‏"‏ يا سجن ‏"‏ مصر‏"‏ متى يرى الملك سبع بقرات يا ‏"‏ ابن يا مين ‏"‏ اليَومَ عَهدُكُمُ فَأَينَالمَوعِدُ هَيهاتَ لَيسَ لِيومِ عَهدِكُمُ غَدُ إذا وقعت عزيمة الصدق في قلب العبدالتائب رضي الملك فأنسى الملك ما كتب وأوحى إلى الأرض‏:‏ اكتمي على عبدي‏.‏
قتل رجل قبلكم مائة نفس ثم خرج تائبا فأدركه الموت فاختصمت فيهملائكة الرحمة وملائكة العذاب فبعث الله ملكا يحكم بينهم فقال‏:‏ قيسوا ما بينالقريتين وأوحى إلى هذه أن تباعدي وغلى هذه أن تقربي فوجد أقرب إلى قرية الخير بشبرفغفر له‏.‏
والحاكم والخصوم لا يعرفون سر ‏(كَذِلِكَ كِدنالِيوسُفَ‏)‏‏.‏
إذ صدق التائب أجبناه وأحييناه ‏(وَجَعَلنا لَهُ نوراًيَمشي بِهِ في الناس‏)‏ يا معاشر التائبين‏(أَوفوابِالعُقُود‏)‏انظروا لمن عاهدتم ‏(ولا تنقضوا الأيمان بعدتوكيدها‏)‏ فإن زللتم من بعد التقويم فارجعوا إلى دار المداراة ‏(فإنّالله لا يمل حتى تملوا‏)‏‏.‏
عودوا إلى الوَصلِ عودوا فالهَجرُ صَعبٌ شَديدُ تَذكّرونا فَماعَهدي لَديكُم بَعيدُ كُنا وَكُنتُم قَريباً فَأَينَ تِلكَ العُهودُ هَل يَرجَعُالبانُ يَوماً أَم هَل تَعودُ زَرودُ مجاهدة النفس يا مقهورا بغلبة النفس صل عليهابسوط العزيمة فإنها إن عرفت جدك اِستأسرت لك وامنعها ملذوذ مباحها ليقع الإصطلاحعلى ترك الحرام فإذا صبرت على ترك المباح ‏(فَإِما مناً بَعدُ وَإِمافِداء‏)‏ الدنيا والشيطان خارجان عنك والنفس عدو مباطن ومن أدب الجهاد(قاتِلواالَّذَينَ يَلونَكُم‏)‏ إِن مالَت إٍلى الشَهوات فاكبِحها بِلِجامِالتَقوى وإِن أعرضت عن الطاعات فسقها بسوط المجاهدة وإن استحلت شراب التوانيواستحسنت ثوب البطالة فصح عليها بصوت العزم‏.‏
فإن رمقت نفسها بعين العجب فذكرها خساسة الأصل فإنك والله ما لم تجدمرارة الدواء في حلقك لم تقدر على ذرة من العافية في بدنك وقد إجتمعت عندك جنودالهوى في بيت النفس فأحكمت حصن البطالة‏.‏
فيا حزب التقى جردوا سيوف العزائم وادخلوا عليهم الباب‏.‏
النفس مثل كلب السوء متى شبع نام وإن جاع بصبص‏.‏
الحر يلحى والعصا للعبد‏.‏
كان أحد السلف إذا قهر بترك شهوته أقبل يهتز الرامي إذا قرطس‏.‏
إذا قوي عزم المجاهدة لأن له الأعداء بلا حرب‏.‏
لما قويت مجاهدة نبينا صلى الله عليه وسلم تعدت إلى كل من تعدىفأسلم شيطانه اللهم دلنا على قهر نفوسها التي هي أقرب أعدائنا إلينا وأكثرهم نكايةفينا يا هذا‏:‏ بدل اهتمامك بك واسرق منك لك فالعمر قليل تظلم إلى ربك منك واستنصرخالقك عليك يأمرك بالجد وأنت على الضدّ‏.‏
تفر إلى الزحف ولكن لا إلى فئة‏.‏
تطلب نيل العلى وما ارتقيت درج المجاهدة أتروم الحصاد ولم تبذر لولاإيثار ‏"‏ يوسف ‏"‏ ‏(السِجنُ أَحبُ إِليّ‏)‏ ماخرج إلى راحة‏(وَكَذلِكَمَكَنَّا‏)‏رب خفض تحت السرى وغنى من عنا ونضرة من شحوب‏.‏
لما قوم المؤمنون أنفسهم بالرياضة وقع عقد ‏(إِنّ اللَهَ اِشتَرىمِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنّ لَهُم الجَنَة‏)النفس لم ترض إذا لم ترض لأنها كلب عقور وإنما يراد الصيود لا العضوض‏.‏
ويحك الأعضاء كالسواقي والمياه النجسة في الثمرة أنت تستفتح النهاربإطلاق الجوارح في صيد اللهو فإذا حان حين الصلاة نعقت بها وليست معلمة فلا تجيب‏.‏
هيهات ان يخشع طرف ما قومه محتسب ‏(يَغُضوا‏)‏ وأن يحضر قلب ماأزعجه تخويف ‏(يَعلَمُ السِرَ وَأَخفى‏)‏‏.‏
الناسُ مِنَ الهَوى عَلى أَصنافِ هَذا ناقِضُ العَهدِ وَهَذا وافيهَيهَات مِنً الكُدورِ تَبغي الصافي ما يَصلُحُ لِلحَضرَةِ قَلبٌ جافي ذم الدنياأَنت في حديث الدنيا أفصح من ‏"‏ سحبان ‏"‏ وفي ذكر الآخرة أعيى من ‏"‏ باقل ‏"‏تقدم على الفاني ولا إقدام ‏"‏ بن معد يكرب ‏"‏ وتجبن عن الباقي ولا جبن ‏"‏ حسان‏"‏ ويحك إنما تعجب الدنيا من لا فهم له كما أن أضغاث الأحلام تسر النائم لعبالخيال يحسبها الطفل حقيقة فأما العاقل فلا يغتر‏.‏
كم أتلفت الدنيا بيد حبها في بيداء طلبها وكم عاقبت عن وصول بلدالوصل كم ساع سعى إليها سعي الرخ ردته معكوسا رد الفرازين يا أرباب الدنيا‏:‏ إنهامذمومة في كل شريعة والولد عند الفقهاء يتبع الأم متى نبت جسمك عن الحرام فمكاسبهكزيت بها يوقد‏.‏
هذا ‏"‏ عمر ‏"‏ مع كماله يقول‏:‏ يا ‏"‏ حذيفة ‏"‏ هل أنا منهموأنت تأمن مع ذنوبك‏.‏
إذا كان ‏"‏ بنيامين ‏"‏ نسب إلى السرقة فأي وجه لخلاص يرجى‏.‏
رؤي ‏"‏ عمر ‏"‏ بعد موته باثنتي عشرة سنة فقال‏:‏ الآن تخلصت منحسابي واعجبا أقيم للحساب أكثر من سني الولاية أفينتبه بهذا راقد الهوى‏.‏
يا متلطخا بأقذار الظلم بادر الغسل من مد العوافي قبل أن يجزرك لايغرنك عيش أحلى من إذ يلتقي كل ذي دين وماطله الحجر المغصوب في البناء أساس الخرابليت الحلال سلم فكيف الحرام كان لبان يخلط اللبن بالماء فجاء سيل فأهلك الغنم فجعليبكي ويقول‏:‏ اجتمعت تلك القطرات فصارت سيلا‏.‏
ولسان الجزاء يناديه ‏"‏ يداك أوكتا وفوك نفخ ‏"‏‏.‏
كم بكت في تنعم الظالم عين أرملة واحترقت كبد يتيم ‏(وَلَتَعلُمَنّ نَبَأَهُبَعدَ حين‏)‏ واعجبا من الظلمة كيف ينسون طي الأيام سالف الجبابرة ومابلغوا معشار ما آتيناهم أما شاهدوا مآلهم ‏(فَكُلاً أَخَذنابِذَنبِهِ‏)‏ أما رحلوا عن أكوار الندم ‏(فَما بَكَت عَلَيهِمالسَماءُ والأرض‏)‏ أما صاح هاتف الإنذار‏(كَم تَرَكوا مِن جَناتٍوَعُيون‏)‏واعجبا للمغترين ‏(وَقَد خَلَت مِن قَبلِهِمالمَثُلات‏)‏ أما يكفيهم من الزواجر ‏(وَتَبَينَ لَكُم كَيففَعَلنا بِهِم‏)‏ من لهم إذا طلبوا وقت العود‏(وَحِيلَ بَينَهُموَبَينَ ما يَشتَهون‏)‏ كم دار بنعم النعم دارت عليها دوائر النقم‏(فَجَعلناهاحَصيدا‏)‏يا معاشر الظلمة‏:‏ ‏"‏ سليمان ‏"‏ الحكم قد حبس ‏"‏ آصف ‏"‏العقوبة في سجن ‏(فَلا تَعجَل عَلَيهِم‏)‏ وأجرى الرجاء ‏(لِئَلا يَكونَ لِلناسِعَلى اللَهِ حُجة‏)‏ فلو ذهبت سموم الجزاء من مهب ‏(وَلَئِن مَسَتهُمنَفحَةٌ‏)‏ لقلعت سكر ‏(إِنّما نُمليلَهُم‏)‏ ‏(فَلا يَستَطيعونَ تَوصية‏)‏‏.‏
فالحذر الحذر ‏(أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتى‏)‏ ‏(وَلاتَ حينَمَناص‏)‏ أبقي في قوس الزجر منزع سفينة التقى تحتاج إلى إحكام تامولليم منافذ صغار في الدسر فاحكم تلك البقاع بقار الورع هيهات قد خرقتها بالكبائروما تتنبه لما صنعت حتى يصيح ‏"‏ نوح ‏"‏ الأسى ‏(لا عاصِمَ‏)‏ يا هؤلاء‏:‏ فتعاشالعدل إذا لم ينتزع شوك الظلم أثر ما لم يؤمن تعديه إلى القلب لا تعربوا في سكرالقدرة فصاحب الشرطة بالمرصا‏.‏
ويحكم لا تحتقروا دعاء المظلوم فشرار نار قلبه محمول بريح دعائه إلىسقف بيت الظالم نباله تصيب نبله غريب قوسه حرقه وتره قلهه مرماته هدف‏(لأَنصُرَنّكَ وَلَو بَعدَ حين‏)‏ سهم سهمه الإصابة‏.‏
وقد رأيت وفي الأيام تجريب
الفصل العاشر العمل للآخرة
إخواني ارفضوا الدنيا فقد رفضت من كان أشغف بها منكم اتعظوا بمن كانقبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم الدنيا خمر ساعدها تغريد طائر الطبع فاشتد سكرالشاربن ففات موسم الريح ثم بعد الإفاقة يقام الحد فيقيم قائم الحزن ويكفي في الضربفوت الخير فإذا ماتوا ويحك إن الموت سحاب والشيب وبله ومن بلغ السبعين اشتكى من غيرعلة والعاقل من أصبح على وجل من قرب الأجل يا هذا‏:‏ الدنيا وراءك والأخرى أمامكوالطلب لما وراء هزيمة وإنما العزيمة في الإقدام جاء طوفان الموت فاركب سفن التقىولا ترافق ‏"‏ كنعان ‏"‏ الأمل ويحك انتبه لإغتنام عمرك فكم يعيش الحيوان حيران‏.‏
الأسقام تزعج الأبدان فلا بد من النحول ضرورة كأنك بك في لحدك علىفراش الندم وإنه والله لأخشن من الجندل فازرع في ربيع حياتك قبل جدوبة أرض شخصكوادخر من وقت قدرتك قبل زمان عجزك وأعتد رحلك قبل رحيلك مخافة الفقر في القفر إلىالأزم الحذار الحذار ‏(أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتى‏)‏‏.‏
الحازم يتزود لما به قبل أن يصير لمآبه شجرة الحزم أصلها إحكامالنظر وفروعها المشاورة في المشكل وثمرتها انتهاز الفرص وكفى بذهاب الفرصة ندما‏.‏
وَكَم فُرصَةٍ فاتَت فَأَصبَحَ رَبُّها يَعُضُ عَلَيها الكَفَّ أَويَقرَع السَّنا واعجبا لمضيع العمر في التواني فإذا جاء متقاضي الروح قال ‏(إِنّي تُبتُالآن‏)‏ ‏(وَأَنَى لَهُم التَناوُش مِن مَكانٍ بَعيد‏)‏‏.‏
يا رابطا مناه بخيط الأمل إنه ضعيف الفتل لو فتحت عين التيقظ لرأيتحيطان العمر قد تهدمت فبكيت على خراب دار الأمل جسمك عندنا وقلبك على فراسخ لابالتسويف ترعوي ولا بالتخويف تستوي ضاعت مفاتيحي معك‏.‏
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل الحادي عشر الخوف من الله تعالى
خوف السابقة وحذر الخاتمة قلقل قلوب العارفين وزادهم إزعاجا ‏(يَحولُ بَينَالمَرءِ وَقَلبِهِ‏)‏ ليس لهم في الدنيا راحة كلما دخلوا سكة من سكالسكون أخرجهم الجزع إلى شارع من شوارع الخوف‏.‏
أَروحُ بِشجوٍ ثُمّ أَغدو بِمِثلِهِ وَتحسَبُ أَني في الثيابِصَحيحُ أعمار الأغمار وانتبهوا فانتبهبوا الليل والنهار وأخرجوا أقوى العزائم إلىالأفعال فلما قضوا ديون الجد قضت علومهم بالحذر من الرد حنوا فأنوا وانزعجوا فمااطمأنوا أنفاسهم لا تخفى نفوسهم تكاد تطفأ لون المحب غمار دمع الشمون نمّام منضرورة دوران الدولاب أنينه‏.‏
أُخفي كَمَدَ الهَوى وَدَمعي في الخَدِ عَلى هواكَ شاهِدُ تصادما فيقلب العارف جبل الرجاء وجبل الخوف فلما وصل ‏"‏ اسكندر ‏"‏ الفكر ألقى زبر الهمومحتى ‏(ساوىبَينَ الصَدَفين‏)‏ ثم صاح بجند الفهوم‏:‏ ‏(اِنفُخوا‏)‏ فاستغاثالواجد لتراكم الكرب‏.‏
أَيا جَبَلَي نُعمانَ بِالله خَلِيا نَسيمَ الصِبا يُخلِص إِلى ‏"‏نَسيمُها ‏"‏ لا راحة للمحب في الدنيا إن أحس بالحجاب بكى على البعد وإن فتح له بابالوصل خاف الطر‏.‏
فَيَبكي إِن نَأَوا شَوقاً إِليهِمُ وَيَبكي إِن دَنَوا خَوفَالفِراقِ من لم يذق لم يعرف‏:‏ مَن لَم يَبُت وَالحُبُّ حَشوُ فُؤَادِهِ لِم يَدرِكَيفَ تَفَتُّتُ الأَكبادِ الفراق أظلم من الليل الوجد احر من الجمر‏.‏
فَفي فُؤادِ المُحِبِ نارُ جَوىً أَحرُّ نارِ الجَحيمِ أَبرَدُهافقد اشتد قلق الخوف ‏"‏ بابراهيم بن أدهم ‏"‏ فصاح‏:‏ إلهي إن كنت أعطيت أحدا منالمحبين ما يسكن به قلبه قبل لقائك فأعطني فقد أضر بي القلق‏.‏
لَو شِئتَ داويتَ قَلباً أَنتَ مُسقِمُهُ وَفي يَديكِ مِنَ البَلوىسَلامَتُهُ فرأى الحق جل جلاله في منامه وهو يقول‏:‏ يا إبراهيم‏:‏ ما استحييت منيتسألني أن أعطيك ما يسكن به قلبك وهل يسكن قلب المشوق إلى غير حبيبه‏.‏
يا سائِقَ العَيسِ قَد بَراها حَملُ هُمُومٍ بِها عِظامُ أشواقُهاخَلفَها وَشَوقي خِلافَ أَشواقِها أَمامي[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل الثاني عشر ذو البجادين
اللهم نور ظلمة دنيانا بضوء من توفيقك واقطع أيامنا في طلب الإتصالبك فإنك إذا أقبلت سلّمت وإذا أعرضت أسلمت‏.‏
إخواني‏:‏ إذا سبقت سابقة السعادة لشخص دلته على الدليل قبل الطلب(وَلَقَداِختَرناهُم عَلى عِلمٍ عَلى العالمين‏)‏‏.‏
إِنّ المَقاديرَ إِذا ساعَدَت أَلحَقَت العاجِزَ بالحازِم كان ‏"‏ذو البجادين ‏"‏ يتيما في الصغر فلما عمه الفقر كفله عمه فنازعته نفسه في اتباعالرسول صلى الله عليه وسلم فهمب النهوض فإذا بقية المرض مانعة فقال لسان التسويفللنفس‏:‏ قفي حتى يتقدم العم فلما تكملت الصحة نفد حبر المشتاق فقال‏:‏ يا عم كنتأنتظر سلامتك بإسلامك وما أرى زمن زمنك ينشط فقال‏:‏ والله لئن أسلمت لأنتزعن كل ماأعطيتك‏!‏‏!‏ فصاح لسان عزمته‏:‏ نظرة من محمد عليه الصلاة والسلام أحب إلي منالدنيا وما فيها‏.‏
هذا مذهب المحبين إجماعا من غير خلاف‏.‏
وَلَو قيلَ لِلمجَنونِ لَيلى وَوَصلِها تُريدُ أَم الدُنيا وَما فيطواياها لَقالَ غُبارٌ مِن تُرابِ دِيارِها أَحبُّ إِلى نَفسي وَأَشفى لِرؤياهافعاد العم في هبته حتى جرده من الثياب فناولته الأم بجادا لها فقطعه نصفين فاتزربواحدة وارتدى بآخر وخرج في حلة ‏"‏ دب أشعث أغبر ‏"‏‏.‏
سُنَنَّة الأَحبابِ واحِدَةٌ فَإِذا أَحبَبتَ فاستَنِنِ فنادى صائحالجهاد في جيش العسرة فتتبع ساقة الأحباب راكبا عجز العزم مع الضجر والمحب لا يرىطول الطريق إنما يتلمح المقصد‏.‏
ألا بَلَّغَ اللَهُ الحِمى مِن يُريدُهُ وَبلّغ أَكنافَ الحِمى مِنيُريدُها خَلَيلي لَيسَ الشَيبُ عَيباً لَو أَنَنا وَجَدنا لأَيامِ الصِبا مَنيُعيدُها فنزل إليه ملك الموت بتوقيع‏:‏ ألا طال شوق الأبرار إلى لقائي فنزل ارسوليمهد له اللحد لمأمور‏:‏ إذا رأيت لي طالبا فكن له خادما‏.‏
وصاح بأبي بكر وعمر‏:‏ أدنيا إلي أَخاكما وأنتدب لمرتبة لفظها‏:‏اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه فقال ابن مسعود‏:‏ ليتني كنت صاحب هذا اللحد‏.‏
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل الثالث عشر الغفلة عن الآخرة
يا هذا حب الدنيا أقتل من السم وشرورها أكثر من النمل وعين حرصكعليها أبصر من الهدهد وبطن أملك أعطش من الرمل وفم شرهك أشرب من الهيم وإن خضت فيحديثها فأنطق من ‏"‏ سحبان ‏"‏ وإن انتقدت دنانيرها فأنسب من ‏"‏ دغفل ‏"‏ حليتك فيتحصيلها أدق من الشعر وأنت في تدبيرها أصنع من النحل تجمع فيها الدر جمع الذر‏.‏
يا رفيقا في البله لدود القز واعجبا‏!‏ ما انتفعت بموهبةالعقل‏!‏‏.‏
فَأَنتَ كَدَودِ القَزّ يَنسِجُ دائِماً وَيَهلِكُ غَماً وَسطَ ماهوَ ناسِجُهُ حرصك بعد الشيب أحر من الجمر أبقي عمر يا أبرد من الثلج والدنيا فيقلبك أعز من الروح وستصير عند الموت أهون من الأرض‏.‏
أنت في الشر أجرى من جواد وفي الخير أبطأ من أعرج معاصيك أشهر منالشمس وتوبتك أخفى من السها الزكاة عندك أثقل من ‏"‏ أحد ‏"‏ والصلاة عليك كثقل صخرعلى صدر طريق المسجد في حسبان كسلك كفرسخي ‏"‏ دير كعب ‏"‏ صدرك عند حديث الدنياأوسع من البحر ووقت العبادة أضيق من عقد التسعين‏.‏
يا من هو عن نجاته أنوم من فهد ضيعت وقتا أنفس من الدر وإن عرضتخطيئة وثبت وثوب النمر فإذا لاحت طاعة رغت روغان الثعلب فإذا عاملت الناس استعملتغدر الذئب تقدم على الظلم إقدام الأسد وتختطف الأمانة اختطاف الحدأة‏.‏
يا أظلم من ‏"‏ الجلندي ‏"‏‏:‏ ما تأتمنك غزلان الحرم يا عذري الهوىفي حب الدنيا يا كوفي الفقه في تحصيلها يا بصري الزهد في طلب الآخرة واعجبا لقلبأضعف من البعوضة كيف صار أقوى من الجندل ما يعجبه سجع ‏"‏ فس ‏"‏ ولا يؤثر فيه وعظ‏"‏ الحسن ‏"‏ ولا يرق لغزل ‏"‏ جرير ‏"‏ فليته فسر منام الأمل على ‏"‏ ابن سيرين‏"‏ اليقظة قفل قلبك رومي ما يقع عليه فش‏.‏
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل الرابع عشر مداواة النفس
العقل رفيق القلب والطبع قرين النفس فلا تقارب بين النفس والقلب فربجار جار سرادق القلب على أطناب العقل وخيمة النفس على أوتار الهوى اكسر حدة خمرالطبع بمزاج ماء الرياضة اشددن أزر العقل بجبال التقى ماء طبعك أجاج وماء شرعك عذبوقد مزج الإبتلاء بينهما نور العقل يضيء في ليل الطبع فتتبين جادة الصواب للسالكوزناد الفكر حين يوري يرى عواقب الأهوال‏.‏
‏"‏ يوسف ‏"‏ العقل ينظر إلى العواقب و ‏"‏ زليخا ‏"‏ الهوى تتلمحالعاجيل والعزائم منازل الأبطال والصبر دأب الرجال وإنما رد ‏"‏ يوسف عقله وحمل ‏"‏زليخا ‏"‏ طبعها ولا أقول لك‏:‏ اقلع شجر الطبع من أرض الوضع كيف يمكن وقد قال ‏(زُينَ لِلِناسِحُبُّ الشَهوات‏)‏ وإنما أقول لك‏:‏ دم على المجاهدة في الجسم وكلمانبعت عروق الهوى فاقطع وكلما كل ما به تقطع فاشحذ واقنع بساحة الذل فعند المسجونشغل من ‏"‏ الرياض ‏"‏ ويحك اترك وأنت تهوى‏.‏
وَفي القَلبِ ما في القَلبِ مِن لَوعَةِ الهَوى وَلَكِنَني أُبديالصُدودَ مُبَهرَجاً إخواني‏:‏ من أفسد حسابه بالخيانة استحيا من عرض الدستور منتوسخت ثياب معاملته بالمعاصي لم يقرب من المقربين من سودت الذنوب وجه جاهه ذل بينالأكرمين من ركب ظهر أما سمعتم أن ‏"‏ داود ‏"‏ أعطي نعمة نغمة كان يقف لها الماءفلا يسير والطير مع ذلك وقوف الأسير فعمل مرض ‏(لا تَقفُ‏)‏ في حجاب ‏(يَغضوا‏)‏فامتدت به يد البصر فقدمت قميص ‏"‏ يوسف ‏"‏ العصمة فآثر زلله حتى في تلاوته وقدكان معمار الوصال يتفقد قديما آلات صوته فلما أقبل على الذنب أعرض المعمار عنالمراعاة فتشعث منزل الصفاء وانقطعت جامكية العسكر فتفرقت جنود أوبي‏.‏
فيالك من جرح تعز مراهمه‏.‏
كان عيش عشبة خضرا فأحالت الحال سنة فكأن أيام الوصال كانت سنة فكاديقطع باليأس حتى التقى الخضر بإلياس‏.‏
أَرقى قَد رَقّ لي مِن أَرقى وَرثي لي قَلقَي من قَلَقي وَبُكائيمِن بُكائي قَد بَكى وَتَشَكَّت حُرقي مِن حِرقي كان إذا أراد النياحة نادىمناديه‏:‏ ألا من أراد أن يسمع نوح داود فليخرج فتجتمع عليه أهل الأحزان في مأتمالندب فتزداد الحرق بالتعاون‏.‏
يا بَعيدَ الدارِ عَن وَطَنِهِ مُغَرداً يَبكي عَلى شَجنِهِ كُلُماجَد النَحيبُ بِهِ زادَت الأَسقامَ في بَدَنِهِ شاقَهُ ما شاقَنَي فَبَكى كُلَّنايَبكي عَلى سَكَنِهِ
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل الخامس عشر الإخلاص
الإخلاص مسك مصون في مسك القلب ينبه ريحه على حامله العمل صورةوالإخلاص روح إذا لم تخلص فلا تتعب لو قطعت سائر المنازل لم تكن حاجا إلا بشهودالموقف ولا تغتر بصورة الطاعات فإن خصم الإخلاص إذا جاء عند حاكم الجزاء ألزم الحبسعن القبول‏.‏
سوق الإخلاص رائجة رابحة ليس فيها كساد المخلص يعد طاعاته لاحتقارهاعرضا وقلم القبول قد أثبتها في حيز الجوهر المخلص مبهرج على الحق بستر الحالوببهرجته يصح النقد‏.‏
لما وصف الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة جمال الخمول من حلة حلية‏"‏ أويس ‏"‏ عمل معول الشوق في قلب ‏"‏ عمر ‏"‏ فكان في كل عام ينشد بلفظ الطالبويسأل عن أهل اليمن‏.‏
ألا أيها الرَكبُ اليَمانونَ عَرَجوا عَلَينا فَقَد أَمسى هوانايَمانيا نِسائِلُكُم هَل سالَ نِعمانُ بَعدَنا وَحُبَّ إلينا بَطنُ نِعمانَ وادِيافلما لقيه ‏"‏ عمر ‏"‏ قال‏:‏ من أنت قال‏:‏ راعي غنم وأجير قوم وستر ذكر ‏"‏ أويس‏"‏‏.‏
الأولياء تحت ستر الخمول ما يعلمهم إلا قليل فإن عرفتهم بسيماهمفتلمح نقاء الأسرار لا دنس الثياب ‏(وَلا تَعدُ عَيناكَعَنهُم‏)‏‏.‏
كان في ‏"‏ أيوب السختياني ‏"‏ بعض الطول لستر الحال وكان إذا تحثفرق قلبه وجاء الدمع قال‏:‏ ما أشد الزكام‏!‏‏.‏
أَفدي ظِباءَ فُلاةٍ ما عَرَفنَ بِها مَضغَ الكَلامِ وَلا صَبغالحواجِبِ كان ‏"‏ إبراهيم بن أدهم ‏"‏ إذا مرض يجعل عند رأسه ما يأكله الأصحاءكيلا يتشبه بالشاكين‏.‏
هذه والله بهرجة أصح من نقدك‏.‏
قَد سَحَبَ الناسُ أّذيالَ الظُنونِ بِنا وَفَرَّقَ الناسُ فيناقَولَهُم فِرقا فَكاذِبٌ قَد رَمى بِالظَنِ غَيرَكُمُ وَصادِقٌ لَيس يَدري أَنّهُصَدَقا للمؤمن في إخلاصه أحوال يتصدق بيمنيه فيخفيها عن شماله‏.‏
كان ‏"‏ النخعي ‏"‏ إذا قرأ في المصحف فدخل عليه داخل غطاه‏.‏
وكان ‏"‏ ابن أبي ليلى ‏"‏ يصلي فإذا دخل عليه أحد نام على فراشه‏.‏
قال ‏"‏ الحسن ‏"‏ كان الرجل تأتيه عبرته فيسترها فإذا خشي أن تسبقهقام من المجلس‏.‏
باحَ مَجنونُ عامِرٍ بِهواهُ وَكَتَمتُ الهَوى فَمَتَّ بِوجدي سحقتنافجة مسك المحبة فبثت في محاريب المتعبدين وليس كل ثوب يعلق به الطيب ‏"‏ رب قائمحظه السهر ‏"‏‏.‏
كما من مراء يتعب في تهجده فتفض ريجح الرياء أوراق تعبده فتبقىأغصان العمل كالسلا وليس للشوك نسيم ‏(فَلَو صَدَقوا اللَهَلَكانَ خَيرا لَهُم‏)‏‏.‏
إذا بهرج المنافق على عمل المخلص فماجت أراييج النفاق القلوب لجيفتهفذهب عمله جفاء‏.‏
واعجبا من أهل الرياء‏!‏ على من يبهرجون ‏(وَرَبُكَ يَعلَمُ ماتَكِنُ صُدورُهُم‏)‏ غلب على المخلصين الخشوع فجاء المرائي يبهرجفقيل‏:‏ مهلا فالناقد بصير لما أخذ دود القز ينسج جاء العنكبوت يتشبه فنادى لسانالحال الفاروق‏:‏ إِذا اِشتَبهت دُموعُ في خُدودٍ تَبينَّ مَن بَكى مِمَّنتَباكى‏)‏‏.‏
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل السادس عشر الإقبال على الله تعالى
يا مختار القدر اعرف قدر قدرك خلقت الأكوان لأجلك أقبل علي فإنيمقبل متى رمت ساكِنٌ في القَلبِ يَعمُرُهُ لَستُ أَنساهُ فأَذكُرُهُ غابَ عَن سَمعيوَعَن بَصَري وَسُويدَ القَلبِ يُبصِرُهُ بيننا عهد ‏(أَلستَ‏)‏ شجراته تسقى بمياه‏"‏ هل من سائل ‏"‏‏.‏
إِذا مَرِضنا أَتيناكُم نَعُودُكُمُ وَتُذنِبونَ فَنَأتيكُمفَنَعتَذِرُ أودعت إقرارك الحجر الأسود وأمرتك بالحج لتستحي بالتذكر من نقضالعهد‏.‏
تَشاغَلتُم عَنا بِصُحبَةِ غَيرِنا وَأَظهَرتُم الهِجرانَ ما هَكَذاكُنا وَأَقسَمتُم أَن لا تُحَوِلوا عِنِ الهَوى فَقَد وَحَياةِ الحُبِ حُلتُم وَماحُلُنا الحجر الأسود صندوق أسرار المواثيق مستمل لما أملى المعاهد مشتمل على حفظالعهود فاستلم المشتمل المستملي ليعلم أن إقرارك لا عن إكراه إن كنت نسيتني فمانسيتك‏.‏
فَلا تَحسَبوا أَني وِدادُكُم فَإِني وَإِن طالَ المَدى لَستُأَنساكُم حَفِظنا وَضَيَعتُم عُهودَ وِدادِنا فَلا كانَ مَن بالهَجرِ وَاللومِأَغراكُمُ يا محدثا في عهد ‏(بَلى‏)‏ ما ليس فيه تطهر من أدران الزلل فلا بدللمحدث من طهارة‏:‏ خلقتك يوم الفطرة طاهرا ووفرت نصيبك من رش نوري عليك فأينعت ‏"‏أغصان ‏"‏ الإقرار وهدجأت حمائم الوفقا وتدلت ثمار الوفاء فلما تدنست بالذنب عطشتأرض الوصال فمالت أغصان المحبة وقحلت روضة المعاملة فطاف على جنة العزم طائفالمصارمة ‏(فَأَصبَحَت كالصَرَيم‏)‏ فنكس الآن رأس الذل طول شتاء الهجر وابعث بريدالأسى ليبعث مزن الحزن لعلها تبكي على قاع الإفلاس ومسكن المسكنة فتدب المياه فيعروق أغصان اللب فتهتز العيدان في ربيع الإستدراك فما ارتوى زرع توبة قط إلا منداودل الحدق‏.‏
لَعلَ أَيامَنا التَي سَلَفَت تَعودُ بَيضا كَما عَهِدناها ياهذا‏:‏ لا ضرر يلحقنا في معاصيك إنما المراد صيانتك ولا نفع لنا في طاعتك إنماالمقصود ربحك فتدبر أمرك‏.‏
يا قوم من غيرتنا عليكم حرمنا عليكم الفواحش‏.‏
كم ندعوك وتأبى إلا الهجر فلا العهد رعيت ولا للتقويم استويت‏.‏
يا مَن يَعزُّ عَلَينا أَن نُفارِقَهُم وَجِدانُنا كُلَّ شَيءٍبَعدَكُم عَدَمُ وَبَينَنا لَو رُعيتُم ذاك مَعرِفةٌ إنّ المَعارِفَ في أَهلِالهَوى ذِمَمُ
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل السابع عشر في اغتنام العمر
إخواني‏:‏ من رأى تصرف الدهر انتبه أما في الغير عبر مهد الطفلعنوان اللحد ريح نقع الأجل يقشع غيم الأمل الشباب باكورة الحياة والشيب رداء الردىلو أن أيام الشباب تباع لبذلنا فيها أنفس الأنفس متى أسفر صبح المشيب هوى نجم الهوىإذا قرع المرء بباب الكهولة فقد استأذن على البلى من عرف الستين أنكر نفسه من بلغالسبعين اختلفت إليه رسل المنية‏.‏
يا من انطوى برد شبابه وجيئت خلع قلعه وبلغت سفينة سفره الساحل قفعلى ثنية الوداع‏.‏
فَلَم يَبقَ إِلا نَظرَةٌ تَتَغَنَمُ قطع الشيب سلك العمر فالتقطالخرز ورث سفاء الأمل قاشدد بالعمل بعض الخرز‏.‏
عمرك يذوب ذوبابن الثلج وتوانيك أبرد منه‏.‏
وَلَم يَبقَ مِن أَيامِ جَمعِ إِلى مِنى إِلى مَوقِفِ التَجميرِِغَيرُ أَماني أنت تحب الإقامة ولكن ما تحمل المفازة في نفس الجمل غير ما في نفسالسائق ولو ترك القطا لنام‏.‏
العاقل من استعد لما يجوز وقوعه كيف يغفل عما لا بد من كونه زمنالتررد قصير لا يحتمل التسويف‏.‏
واعجباب لمن ينشد وقد أضل نفسه ولمن يشفق أن ينفق دراهمه وقد ضيععمره‏.‏
كان ‏"‏ ثلاج ‏"‏ لا معاش له سوى بيع الثلج فبقي عنده منه شيء لمينفق فجعل يقول في مناداته‏:‏ ارحموا من يذوب رأسه ماله‏.‏
فقرك من الخير مشوب بالكسل ومتى كان الفقير كسلان فلا وجه للغنى لوكانت لك أنفة من التواني لخرجت من ربقة الذل بعت قيام الليل بفضل لقمة شربت كأسالنعاس ففاتتك رفقة‏(تَتَجافَى جُنُوبُهُم‏)‏امتلأت طعاما فإذا غريمالفراش يتقاضاك بدين النوم فضرب على أذنك لا في موافقة أهل الكهف تناولت خمر الرقادفوقع بك صاحب الشرطة فعمل في حقك بمقتضى أنم وأرقم فجعل حدك الحبس عن قيام الليلفخرج على توقيع قصتك وقت الفجر ‏(رَضوا بِأَن يَكونُوا مَعَ الخوالِف‏)‏‏.‏
والله لو بعت لحظة من خلوة بنا بتعمير ‏"‏ نوح ‏"‏ في ملك ‏"‏ قارون‏"‏ لغبنت لا بل بما في الجنان كلها ما ربحت ومن ذاق عرف‏.‏
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل الثامن عشر أعمال الملائكة
خلقت الملائكة من نور لا ظلمة فيه وخلقت الشياطين من ظلمة لا نورفيها وركب البشر من الضدين فظلام نفسه مقترن بنور عقله بينهما حاجز لطيف لا تعلمهإلا بالمجاهدة كما أن بين الشمس والظل خط لا يراه إلا المهندس فالملل يسبح لأنه صافوالشيطان يعصي لأنه كدر وإنما العجب تقوى من تقوى في حقه الأضداد‏.‏
الآدمي عقل وهوى غير أن بين الهوى والهدى برزخ من التوفيق لولالطائف الإعانة قلع سكر التماسك ولم تطق البشرية المدافعة لولا لاحقة‏(لَنَهدِيَنّهُم‏)‏ لسابقة ‏(سَبَقَت لَهُم‏)‏‏.‏
فالصبر الصبر أيها المحارب ولا تخف من كمين ‏(وَاستَفزِز‏)‏ ما داملك مدد ‏(يُثَبِتُ اللَهُ الَّذَينَ آَمَنوا‏)‏ هبت عواصفالتكليف البشري فلم يتماسك ‏"‏ هاروت ‏"‏ و ‏"‏ ماروت ‏"‏ فرمى بهما رمي ‏"‏ عاد‏"‏ وقال موافق‏(أَتَجعَلُ فيها‏)‏إن للحرب رجالا خلقوا كانتالملائكة تدعو على العصاة قبل ‏"‏ هاروت ‏"‏ و ‏"‏ ماروت ‏"‏ فلما جرت قصتهم صاروايسبحون لمن في الأرض كما كان ‏"‏ داود ‏"‏ يقول‏:‏ لا تغفر للخطائين فلما زل عرف‏.‏
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتى ذُقتُهُ فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مِنلا يَعشَقُ وَعَرَفتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبي أَنَني عَيَّرتُهُم فَلَقَيتُ فيهِم مالَقوا خب بحر الأمانة فوقفت الملائكة على الساحل ونهضت عزيمة الآدمي لسلوك سبيلالخطر يَغلِبُني شَوقي فَأَطوين السُّرى وَلَم يَزَل ذو الشَوقِ مَغلوباً أينمجاهدة الآدمي من تعبد الملائكة حال الآدمي أعجب تسبيح الملائكة يدور على ألسنتهمبالطبع تعبدهم لا عن تعب ورد شجرهم خال من شوك الحب الأغلب على أوصافهم أنوثيةالسلامة لا ذكورية الجهاد سبح تسبيحهم عقود ما نظمها التكليف ثمرات زرعهم نشأت لاعن كلف ساقها سيح العصمة فكثر في زكوات تبعدهم قدر الواجب‏(وَيَستَغفِرونَ لِمَن فيالأرض‏)‏ظنت الملائكة أن أيدي العصمة أصنع من نظم التسبيح ونسوا أنيبس الأشجار أيام الشتاء سبب لزهر النور في الربيع‏.‏
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل التاسع عشر عزيمة الرجال
العزائم في قلوب أربابها كالنار تشتعل إنها لتستعمل البدن ولا تحسبالتعب‏.‏
يغلبني شوقي فأطوي السرى للعزائم رجال ليسوا في ثيابكم وطنوا النفوسعلى الموت فحصلت الحياة‏.‏
لَو رَأَيتَ ذا العَزمِ قَد بَرَزَ في بُرازِ الجَدِ يَمُدُ عِناناًلَم تُخنِةَ الشَكائِمُ فلما عاين هولا يلين له قلب الجبان حن إلى عوده المعجوم منالإصابة فهو في صف الجهاد أثبت قلبا من القطب في الفلك إن جن الليل لم تتصافحأجفانه لا تنتظر لقيامه وقت السحر وكيف وغلة الصادي تأبى له‏.‏
انتظارا لوراد فما مضى إلا قَليلٌ فَإِذا بِهِ عَلى قِمَةِ المَجدِالمُؤَثًلِ جالِسُ من لم يقم في طلاب المجد لم ينم في ظلال الشرف تَقولُ سُلَيمىلَو أَقَمتَ بِأَرضِنا وَلَم تَدر أَني لِلمُقامِ أَطوفُ كل الصحابة هاجروا سرا و‏"‏ عمر ‏"‏ خرج ظاهرا وقال للمشركين‏:‏ ها أنا اخرج إلى الهجرة فمن أراد لقائيفليلقني في بطن هذا الوادي‏.‏
فليت رجالا فيك قد نذروا دمي مذ عزم ‏"‏ عمر ‏"‏ على طلاق الهوى أحدأهله عن زينة الدنيا فكان بيته - وهو أمير المؤمنين - كبيت فقير من المسلمين‏.‏
تَجَمَعت في فُؤادِهِ هَمَمُ مِثلُ فُؤادِ الزَمانِ إِحداها كان رضيالله عنه يقول‏:‏ لئن عشت لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى أحد بعدي‏.‏
وَهِمَّةٌ بَعَثتُها هِمِةُ زُحَلُ مِن تَحتِها بِمَكانِ التُّربِمِن زُحَلِ لما ولي ‏"‏ عمر بن عبد العزيز ‏"‏ سمع البكاء في داره فقيل‏:‏ ما لهمقيل‏:‏ إنه خير النساء والجواري قال‏:‏ من شاءت فلتقم ومن شاءت فلتذهب فإنه قد جاءأمر شغلني عنكن‏.‏
أَقسَمُ بِالعِفَةِ لأتيِّمَهُ ظَبيٌ رَنا أَو غُصنُ تَأَوَّداوَكُلَما قيلَ لَه تَهِنَّ قَد حَزَتِ المِنى فَقَد جَزَت المَدى واعجبا‏!‏ أينالعزائم إن العجز لشريك الحرمان وإيثار الراحة يورث التعب‏.‏
وَالهُونَ في ظلِ الهُوينا كامِنٌ وَجَلالَةُ الأَخطارِ في الأخطارِاغسل وجه الجد من غبار الكسل وأنفق كيس الصبقر في طريق الفضائل إن كانت لك عزيمةفليس في لغة أولي العزم ربما وعسى‏.‏
لَيسَ عَزماً ما مَرِض القَلبُ فيه لَيس هَماً ما عاقَ عَنهُالظَلامُ
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل العشرون الظلام والتيه
يا تائها في ظلمة ظلمه ياموغلا في مفازة تيهه يا باحثا عن مدية حتفهيا حافرا زبية هلاكه يا معمقا مهواة مصرعه بئسما اخترت لأحب الأنفس إليك‏.‏
ويحك‏!‏ تلمح الجادة فأنت في ظلال عين أملك ترى المحبوب وتعمى عنالمكاره إذا كان عمرك في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى كيف يبقى علىحالته من يعمل الدهر في إحالته كيف تطيب الدنيا لمن لا يأمن الموت ساعة ولا يتمل لهسرور يوم كم قرع الزمان بوعظه فما سمعت ‏(لِيُنذِرَ مَن كانَحَياً‏)‏ صاح ديك الإيقاظ في سحر ليل العبر فما تيقظت فتنبه إذا نعقغراب البين بين البين‏.‏
وَمَشَتِتِ العَزَماتِ يُنِفقُ عُمرَهُ حَيرانَ لا ظَفَرٌ وَلاإِخفاقُ يا مؤثرا ما يفني على ما يبقى هذا رأي طبعك هلا استشرت عقلك لتسمع أنصحالنصائح من كان دليله البوم كان مأواه الخراب‏.‏
ويحك‏!‏ شهوات الدنيا أحلام يزخر منها نوم الغفلة ونظر الجاهل لايتعدى سور الهوى ولا يخرق حجاب الغفلة فأما ذو الفهم فيرى ما وراء الستر لاحتالشهوات لأعين الطباع فغمض عنها ‏(الَّذَينَ يُؤمِنونَ بالغَيب‏)‏ فوقع أكثر الخلق فيالتيه والقوم ‏(عَلى هُدى مِن رَبِهِم‏)‏‏.‏
رحل الصالحون وفي القوم تثبط تالله لقد علموا شرف المقصد ولكن بعدتعليهم الشقة واأسفا‏!‏ لو عرفوا عمن انقطعوا لتقطعوا يصبحون في جمع الحكام ويبيتونعلى فراش الآثام وينفقون في الهوى بضائع الأيام ‏(أَُولَئِكَ الَّذَينَاِشتَروا الضَلالَةَ بِالهُدى‏)‏ سلمت إليهم أموال الأعمار فأنفقوها فيديار البطالة ‏(فَما رَبِحَت تِجارَتُهُم‏)‏ هذا والعبر تصيح ‏(فَهَليَنتَظِرونَ إِلا مِثلُ أَيامِ الَّذَينَ خَلَوا مِن قَبلِهِم‏)‏ غيرأن المسامع قد تملكها الصمم ويحهم‏!‏‏!‏ هلا تدبروا فساد رأي أمل ‏(وَأَن عَسى أَن يكونَقَد اِقترَبَ أَجَلُهُم‏)‏ إن في الماضي للمقيم عبرة وليس المرء من غدهعلى ثقة ولا العمر إذا مر يعود وغواري الليالي في ضمان الإرتجاع والدهر يسيربالمقيم فاشتر نفسك والسوق قائمة والثمن موجود ولا تسمعن حديث التسويف‏.‏
فَما لِغَدٍ مِ حادِثٍ بِكَفيلِ
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل الحادي والعشرون الإنتصار على الهوى
لما عرف الصالحون قدر الحياة أماتوا فيها الهوى فعاشوا انتهبوا بأكفالجد ما قد نثرته أيدي البطالين ثم تخيلوا القيامة فاحتقروا الأعمال فماتت قلوبهمبالمخافة فاشتاقت إليهم الجوامد فالجذع يحن إلى الرسول والجنة تشتاق إلى ‏"‏ علي‏"‏‏.‏
كم شخص أشخصه الشوق إلى الحج يكاد مودع المواثيق قبل تقبيله يقبلهفلما قضى الناسك المناسك ثم رجع بقي سهم الشوق إليه في قلب منى خواطرهم تراقب حدودالشرع وقلوبهم وَقَفَ الهَوى بي حَيثُ أَنتَ فَلَيس لي مُتَقَدّمٌ عَنهُ وَلامُتَأَخّرُ أنفوا من مزاحمة الخلق في أسواق الهوى وقوي شوقهم فلم يحتملوا حصرالدنيا فخرجوا إلى فضاء العز في صحراء التقوى وضربوا مخيم المجد في ساحة الهدىوتخيروا شواطىء أنهار الصدق فشرعوا فيها مشارع البكاء وانفردوا بقلقهم فساعدهم ريمالفلا وترنمت بلابل بلبالهم في ظلام الدجى فلو رأيت حزينهم يتقلب على جمر الغضا‏.‏
فيا محصورا عنهم في حبس الجهل والمنى إن خرجت من سجنك لترويح شجنكمن غم البلاء عرج بذلك الوادي‏.‏
تلمح القوم الوجود ففهموا المقصود فجمعوا الرحل قبل الرحيل وشمروافي سواء السبيل فالناس يخوضون في وحل الإكتساب وهم في ظل القناعة ومرض الهوىيستغيثون في مارستان البلاء وهم في قصور السلامة وكسالى البطالة على فراش التوانيوهم في حلبات السباق ‏(يَرجونَ تِجارَةً لَن تَبور‏)‏ يجرون خيل العزائم فيميادين المبادرة ويضربون الدنيا بصولجان الأنفة فما مضت إلا ايام حتى عبروا القنطرةوقد سلموا من المكس‏.‏
غناهم في قلوبهم ‏(سيماهُم في وُجوهِهِم‏)‏ ما ضرهم ما عزهم أعقبهم ماسرهم هان عليهم طول الطريق لعلمهم بشرف المقصد وحلت لهم مرارات البلاء لتعجيلالسلامة فيابشراهم يوم‏(هَذا يُومُكُم‏)‏‏.
سَخِطنا عِندَما جَنَتِ اللَيالي فَما زالَت بِنا حَتى رَضيناسِعدنا بِالوِصالِ وَكَم سُقينا بِكاساتِ النَعيمِ وَكَم شُقينا فَمَن لَم يَحيَبَعدَ المَوتِ يَوماً فَإِنّا بَعدَ مَيتَتِنا حَيِينا
[IMG]file:///C:\Users\MOI\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\cl ip_image001.gif[/IMG]الفصل الثاني والعشرون دموع المذنبين
سبحان من يرسل رياح المواعظ فتثير من قلوب المتيقظين غيم الغم علىما سلف فتسوقه إلى بلد الطبع المجدب برعد الوعيد وبريق الخشية فترقأ دموع الأحزانمن قعر بحر القلب إلى أوج الرأس فتسيل ميازيب الشؤون على نطوع الوجنات فإذا أعشبالسر تهتز فرحا بالإجابة‏.‏
سَلي عَنهُ تُخبر باليَقينِ دُموعُهُ وَلا تَسأَلي عَن قَلبِهِ أَينيَمّما وَفَجعَةُ ‏"‏ عمرو ‏"‏ مِثلُ هَرعَةِ ‏"‏ مالِكِ ‏"‏ وَيَقبُحُ بي أَن لاأَموتُ مُتيَّما إذا أَرعدت سحائب التخويف انزعج لها قلب المذنب فانفتحت صحائفأصداف سره كانفتاح أصداف البحر لتلقي قطر نيسانن فقطرت فيها قطرات عزائم عقدهالؤلوا ربيع العرفان التوبة الصادقة كيمياء السعادة إذا وضعت منها حبة صافية علىجبال من أكدار الذنوب رب ذنب أدخل صاحبه الجنة إذا صدق التائب قلبت الأمارة مطمئنةلما أخذ الخليل عليه السلام في طريق الصبر فتبعه الذبيح واستسلما ألقي على السكينالسكون إذا جالس التائب رفيق الفكر أعاد عليه حديث الزلل وندمه على ركوب الخطلفرأيت العين التي كانت فجرت قد انفجرت وسمعت لسان الأسى يعيد لفظة‏:‏ لا أعودوعانيت عامل اليقظة قد بث عمال الجد في رستاق القلب للعمارة فيا أيها المذنب‏:‏ إذاأشكل عليك أمر فليفصح لك دمعك‏.‏
إِذا أَعجَمَت أَطلالُ هِندٍ عَلى البِلا فَدمعُكَ في بَثِّالغَرامِ فصيحُ يا مطلقا في وصالنا راجع يا حالفا على هجرنا كفر إنما أبعدنا إبليسلأنه لم يسجد لك‏.‏
فواعجبا‏!‏‏!‏ كيف صالحته وهجرتنا‏!‏‏!‏ ويحك لك من عندنا من القدرما لا تعرفه لليلة القدر‏.‏
رَعى اللَهُ مِن نَهوى وَإِن كانَ ما رَعى حَفِظنا لَهُ الوُدَّالقَديمَ وَضَيَّعا وَصالَحَتَ قَوماً كُنتُ أَنهاكًَ عَنهُم وَحَقَّكَ ما أَبقيتَللِصُلحِ مَوضِعا




تكملة ...............................


المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22