عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2012 ~ 06:50 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية

د. أشرف محمد دوابه
رئيس قسم العلوم الإدارية والمالية
كلية المجتمع – جامعة الشارقة







بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص

تعد الصكوك الإسلامية من أبرز منتجات الصناعة المالية الإسلامية ، وفي ظل التوجه العالمي نحو الصكوك الإسلامية تبرز أهمية الدور الملقى على عاتق الهندسة المالية الإسلامية للتعامل مع إشكالية مخاطر تلك الصكوك. وفي هذا الإطار يأتي هذا البحث الذي يسعى للتعرف على الصكوك الإسلامية من حيث مفهومها، وخصائصها وأنواعها، ومخاطرها، وأنواع تلك المخاطر ومصادرها، ووضع آليات لمعالجة تلك المخاطر اعتمادا على أدوات الهندسة المالية الإسلامية.



ِAbstract
Islamic Sukuk are considered as one of the main products of Islamic financial industry. Given the paramount importance of Sukuk all over the world ,The Islamic financial engineering has to deal with the risk of these Sukuk. This research ,which comes out as result of this problem, aims at knowing and understanding Islamic Sukuk. It will look at their concept , characteristic, types ,risks and the types of these risks and their resources .The research will set up a mechanism for treating these risks depending on the tools of Islamic financial engineering .


مقدمة :
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه .. وبعد :
تعد الصكوك الإسلامية من أبرز منتجات الصناعة المالية الإسلامية ، وقد شهدت تلك الصكوك نمواً استثنائياً في السنوات الست الأخيرة حتى أصبحت الشريحة الأسرع نمواً في سوق التمويل الإسلامي، حيث بلغت أحجام الإصدارات العالمية من الصكوك الإسلامية في نهاية العام 2007م مبلغ 97.3 مليار دولار، جاءت غالبيتها من ماليزيا والخليج العربي. وازداد حجم الإصدار الكلي للصكوك في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا بنسبة 71 في المائة ليبلغ 32.65 مليار دولار عام 2007م مقارنة بعام 2006م وارتفع عدد إصدارات الصكوك من 109 عام 2006م إلى 119 عام 2007م، بينما زاد متوسط حجم الصفقات من 175 مليون دولار عام 2006م إلى 269.8 مليار دولار عام 2007م ، حيث تم إصدار الحصة الأكبر من الصكوك في قطاع الخدمات المالية، وبلغت 31 في المائة من الحجم الإجمالي، تلتها العقارات بنسبة 25 في المائة ، والطاقة والخدمات بنسبة 12 في المائة. وفي الوقت نفسه عززت صكوك المشاركة مركزها كبنية الصكوك المهيمنة من ناحية حجم الإصدار، بإصدارات بلغت 12.9 مليار دولار، تلتها صكوك الإجارة بإصدارات بلغت 10.13 مليار دولار، لكن صفقات صكوك الإجارة المصدرة وصلت إلى 54 مقارنة بـ 22 إصدارا لصكوك المشاركة. ويتوقع أن يستمر النمو العالمي للصكوك بالزيادة بنسبة سنوية تقدر بـ 30 إلى 35 في المائة في عام 2008م ، ومن المرجح أن تكتسب الصكوك السيادية رواجاً مع إصدارات من اليابان، وتايلاند، والمملكة المتحدة[1].
والصكوكالإسلاميةالمصدرةلمتقتصرعلىمؤسساتالأعمالفقط بلامتدتلتشملالحكومات،فعلىسبيلالمثالقامتكلمنماليزياوالسودان بإصدارصكوكلتمويلالخزانةالعامة،ولميقتصرإصدارالصكوكعلى الدولالعربيةوالإسلاميةفقطبلامتدإلىبعضالبلدان الغربية،فعلى سبيل المثال قام ولاية ساكسوني- أنهالت Saxony Anhaltالألمانيةبإصدار أول صكوك إسلامية في بلدغيرمسلم فى عام2004مبقيمة100مليون يورو[2].كما صدرالعديدمنالصكوك الإسلامية لشركاتفيالمملكةالمتحدةوالولاياتالمتحدةالأمريكيةخلالالسنواتالأخيرة. وبالمثل،أصدرالبنكالدوليفيعام2005 أولصكوكإسلامية مقومةبعملةمحليةقيمتها760 مليونرينغيت ماليزي (200 مليوندولارأمريكي)، ومنالمتوقعأنيزدادالتوسعفيسوق الصكوكالإسلامية معارتفاعالطلبوتوحيدمعاييرالأوراقالماليةالإسلامية ليصل الحجم المتوقع لسوقالصكوك الإسلامية إلىأكثرمن150 ملياردولارأمريكي في العام 2010م[3] . وكل هذه الأرقام تعكس مدى التوجه العالمي نحو الصكوك الإسلامية، التي يقوم منهج عملها على المشاركة في الغنم والغرم ، من خلال تحمل حامليها المخاطر مقابل استحقاق العائد، وهو منهج في حقيقته يحقق العدل بين أطراف التعامل.
مشكلة البحث :
يبرز التوجه العالمي نحو الصكوك الإسلامية مدى أهمية الدور الملقى على عاتق الهندسة المالية الإسلامية للتعامل مع إشكالية مخاطر تلك الصكوك سواء من خلال تجنبها أو توزيعها أو قبولها باعتبار أن المحافظة على المال وتنميته مقصد أساسي من مقاصد الاستثمار في الشريعة الإسلامية.



فروض البحث :
تأسيسا على مشكلة البحث فإن البحث يسعى إلى اختيار صحة الفرض التالي :
أدوات الهندسة المالية الإسلامية قادرة على التعامل مع مخاطر الصكوك الإسلامية من خلال تجنبها أو توزيعها أو قبولها.
أهداف البحث :
يهدف البحث إلى :
1- التعرف على الصكوك الإسلامية من حيث مفهومها ، وخصائصها ، وأنواعها.
2- التعرف على مخاطر الصكوك الإسلامية، وأنواع تلك المخاطر ومصادرها.
3- وضع آليات لمعالجة مخاطر الصكوك الإسلامية اعتمادا على أدوات الهندسة المالية الإسلامية.
أهمية البحث :
تبدو أهمية البحث من خلال تعرضه للصكوك الإسلامية بما تملكه من تنوع وتجدد وتطور وانتشار متنامي ومتسارع، والمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها ، ووضع آليات للتعامل مع تلك المخاطر بصورة تجمع بين الكفاءة الاقتصادية والمصداقية الشرعية.
منهج البحث :
من أجل اختبار فروض البحث وتحقيق أهدافه فقد اعتمد البحث على المنهجين التاليين :
1- المنهج الاستقرائي : وذلك من خلال استقراء المخاطر التي تتعرض لها الصكوك الإسلامية وتحديد مصادرها وأنواعها.
2- المنهج الاستنباطي : وذلك من خلال استنباط آليات لمعالجة مخاطر الصكوك الإسلامية اعتمادا على الهندسة المالية الإسلامية.
خطة البحث :
يتكون البحث من مقدمة وثلاثة مباحث يتبعهم خاتمة. يتناول المبحث الأول التعريف بالصكوك الإسلامية، ويتناول المبحث الثاني التعريف بمخاطر الصكوك الإسلامية، بينما يتناول المبحث الثالث والأخير آليات إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية، وينتهي البحث بخاتمة تتناول أهم ما توصل إليه، والله من وراء القصد، وهو سبحانه الموفق والمستعان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المبحث الأول
ماهية الصكوك الإسلامية

أولا / مفهوم الصكوك لغة :
الصكوك لغة جمع صك وصكوك وأصك وصكاك ، وصكه ضربه، ومنه قوله تعالى : )فصكت وجهها([4]، والصك : كتاب وهو فارسي معرب. أصله جك. ومن معانيه وثيقة اعتراف بالمال المقبوض ، أو ثيقة حق في ملك ونحوه. وكانت الأرزاق تسمى صكاكا لأنها تخرج مكتوبة ، فالصك هو الورقة،والمرادهناالورقةالتيتخرجمنولىالأمربالرزقلمستحقهبأنيكتبفيها للإنسانكذاوكذامنطعامأو
غيره
[5] .
ثانيا / مفهوم الصكوك الإسلامية اصطلاحا :
أطلقت المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية على الصكوك الإسلامية اسم (صكوك الاستثمار) تمييزا لها عن الأسهم وسندات القرض. وعرفتها بأنها : وثائق متساوية القيمة تمثل حصصا شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في ملكية موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله[6].
وعرفها مجمع الفقه الإسلامي الدولي بأنها : أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس المال إلى حصص متساوية، وذلك بإصدار صكوك مالية برأس المال على أساس وحدات متساوية القيمة ، ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصا شائعة في رأس المال وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه[7].
ثالثا / خصائص الصكوك الإسلامية :
بناء على المفهوم الاصطلاحي للصكوك الإسلامية يمكن القول أن أهم خصائص الصكوك الإسلامية تتمثل في الآتي :
1- تمثل وثائق متساوية القيمة.
2- تمثل ملكية حصص شائعة في موجودات لها دخل ولا تمثل دينا في ذمة مصدرها.
3- تقوم على المشاركة في الغنم والغرم.
4- نشاطها حلال من الناحية الشرعية.
رابعا / أنواع الصكوك الإسلامية :
نظرا لأن آلية إصدار الصكوك الإسلامية تتم وفق صيغ التمويل الإسلامية ، فإنه يمكن تصنيف تلك الصكوك إلى الآتي :[8]
1- صكوك الإجارة : وهى تمثل ملكية أعيان مؤجرة أو منافع أو خدمات ، وتنقسم إلى :
1/1- صكوك ملكية الموجودات المؤجرة :
هي وثائق متساوية القيمة يصدرها مالك عين مؤجرة أو عين موعود باستئجارها، أو يصدرها وسيط مالي ينوب عن المالك بغرض بيعها واستيفاء ثمنها من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح العين مملوكة لحملة الصكوك.
1/2- صكوك ملكية المنافع ، وتنقسم إلى :
أ- صكوك ملكية منافع الأعيان الموجودة : وهى نوعان :
أ/أ- وثائق متساوية القيمة يصدرها مالك عين موجودة، أو عن طريق وسيط مالي ، بغرض إجارة منافعها واستيفاء أجرتها من حصيلة الاكتتاب فيها ، وتصبح منفعة العين مملوكة لحملة الصكوك.
أ/ب- وثائق متساوية القيمة يصدرها مالك منفعة عين موجودة (مستأجر) بنفسه أو عن طريق وسيط مالي، بغرض إعادة إجارتها واستيفاء أجرتها من حصيلة الاكتتاب فيها ، وتصبح منفعة العين مملوكة لحملة الصكوك.
ب- صكوك ملكية منافع الأعيان الموصوفة في الذمة :
هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض إجارة أعيان موصوفة في الذمة واستيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح منفعة العين الموصوفة في الذمة مملوكة لحملة الصكوك.
1/3- صكوك ملكية الخدمات ، وهى نوعان :
أ- صكوك ملكية الخدمات من طرف معين :
هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض تقديم الخدمة من طرف معين (كمنفعة التعليم من جامعة مسماة) واستيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح الخدمات مملوكة لحملة الصكوك.
ب- صكوك ملكية الخدمات من طرف موصوف في الذمة :
هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض تقديم الخدمة من مصدر موصوف في الذمة (كمنفعة التعليم من جامعة يتم تحديد مواصفاتها دون تسميتها) واستيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح الخدمات مملوكة لحملة الصكوك.
2-صكوك السلم :
هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لتحصيل رأس مال السلم ، وتصبح سلعة السلم مملوكة لحملة الصكوك.
3-صكوك الاستصناع :
هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تصنيع سلعة ، ويصبح المصنوع مملوكا لحملة الصكوك.
4-صكوك المرابحة :
هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لتمويل شراء سلعة المرابحة، وتصبح سلعة المرابحة مملوكة لحملة الصكوك.
5- صكوك المشاركة :
هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في إنشاء مشروع ، أو تطوير مشروع قائم ، أو تمويل نشاط ، ويصبح المشروع أو موجودات النشاط ملكا لحملة الصكوك في حدود حصصهم ، وتدار الصكوك بتعيين أحد الشركاء أو غيرهم لإدارتها.
6- صكوك المضاربة :
هى وثائق متساوية القيمة تمثل مشروعات أو أنشطة تدار على أساس المضاربة الشرعية.
7-صكوك المزارعة :
هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تمويل مشروع على أساس المزارعة ، ويصبح لحملة الصكوك حصة في المحصول وفق ما حدده العقد.
8-صكوك المساقاة :
هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في سقي أشجار مثمرة والإنفاق عليها ورعايتها على أساس عقد المساقاة ، ويصبح لحملة الصكوك حصة من المحصول وفق ما حدده العقد.


9-صكوك المغارسة :
هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في غرس أشجار وفيما يتطلبه هذا الغرس من أعمال ونفقات على أساس عقد المغارسة ، ويصبح لحملة الصكوك حصة في الأرض والغرس.
10- صكوك الوكالة:
هى وثائق متساوية القيمة تمثل مشروعات أو أنشطة تدار على أساس الوكالة بالاستثمار بتعيين وكيل عن حملة الصكوك لإدارتها.
المبحث الثاني
مخاطر الصكوك الإسلامية
أولا / مفهوم المخاطر :
تعد المخاطر أحد متغيري القرار الاستثماريباعتبار العائد المتغير الآخر ، والمخاطر بمفهومها الاصطلاحي الشرعي والاقتصادي لا تخرج عن مفهومها اللغوي فهي احتمال الخسارة أو التقلب في العائد المتوقع[9].
ثانيا / أنواع المخاطر:
يمكن تصنيف المخاطر الكلية Total Risk إلى نوعين رئيسيين :
النوع الأول : المخاطر العامة: وتشير إلى ذلك الجزء من المخاطر الكلية الذي يمثل مخاطر منتظمة لا يمكن تجنبها بالتنويع Undiversifiable ، حيث تصيب هذه المخاطر عوائد كافة الأوراق المالية بصرف النظر عن المنشأة المصدرة لتلك الأوراق، لذا يطلق عليها تجاوزا مخاطر السوق Market Risk[10].
النوع الثاني : المخاطر الخاصة : وتشير إلى ذلك الجزء من المخاطر الكلية الذي يمثل مخاطر غير منتظمة يمكن تجنبها أو تخفيضها بالتنويع Diversifiable ، حيث ترجع هذه النوعية من المخاطر إلى ظروف المنشأة ، أو إلى ظروف الصناعة التي تنتمي إليها المنشأة Company Specific Risk.


ثالثا / قياس المخاطر :
تزداد المخاطر كلما زاد احتمال تشتت Variance العائد عن قيمته المتوقعة ، ولقياس المخاطر يمكن قياس هذا التشتت كميا إما بالتباين ، أو بالانحراف المعياري Standard Deviation . ويقيس الانحراف المعياري الحجم المطلق للمخاطر التي ينطوي عليها الاستثمار ، لذا يسمى بالمقياس المطلق للمخاطر Absolute Measure of Risk.
وتجدر الإشارة إلى أن الانحراف المعياري لا يكون مقبولا لقياس المخاطر إلا في حالة واحدة فقط ، وذلك عندما تكون القيمة المتوقعة للتدفقات النقدية للاستثمارات المعروضة متساوية، أما في حالة عدم التساوي بينها فإن المناسب لقياس المخاطر هو معامل الاختلاف Coefficient of Variation باعتباره مقياس نسبي للمخاطرRelative Measure of Risk [11].
رابعا / المخاطر والصكوك الإسلامية :
الصكوك الإسلامية باعتبارها تمثل موجودات تحتوى على خليط من النقود والديون والأعيان والمنافع، أو بعض هذه المكونات منفردة ، ونظرا لآليات إصدارها القائمة على صيغ التمويل الإسلامية ، فإنها تتعرض للمخاطر التي تتعرض لها المشروعات الاستثمارية الإسلامية، ومن خلال النظر إلى مصادر المخاطر بصفة عامة نجد أن الصكوك الإسلامية تتعرض للعديد من المخاطر الكلية ، والتي يتمثل مصدرها الأساسي فيما يلي :
1- مخاطر الائتمان Credit Risk:
ترجع هذه النوعية من المخاطر إلى عدم وفاء العميل بالتزاماته التعاقدية كاملة وفي مواعيدها، ومصدر هذه المخاطر قد يكون نتيجة سوء اختيار العميل ، سواء بعدم وفائه بالتزامات العمل المسند إليه بالنسبة لاستثمارات صكوك المشاركة والمضاربة والمزارعة والمساقاة والمغارسة والاستصناع ، أو عدم رغبته في استلام السلعة المشتراة ورجوعه عن وعده – في حالة اعتبار الوعد غير ملزم – في استثمارات صكوك المرابحة ، أو عدم رغبته في استلام السلعة المستصنعة في استثمارات صكوك الاستصناع - إذا كان عقد الاستصناع جائز غير ملزم - ، أو تأخير أو عدم سداد ما عليه من التزامات بالنسبة لاستثمارات صكوك المرابحة وصكوك الإجارة ، أو عدم الالتزام بتوريد السلع المتفق عليها وصفا وزمانا بالنسبة لاستثمارات صكوك السلم .
فهذه المخاطر ترجع إلى عدم كفاءة العميل أو إلى سوء سمعته وعدم رغبته في السداد ، أو إلى عدم قدرته على السداد، وهذا كله يقع في الأساس على عاتق المنشأة مصدرة الصكوك والمانحة الائتمان للعميل، ويؤثر سلبا على عوائدها ، لذا فإن هذه المخاطر تدخل ضمن المخاطر الخاصة.
2- مخاطر السوق Market Risk:
وهذه المخاطر تندرج تحت المخاطر العامة حيث ترجع لاتجاهات الصعود والنزول التي تطرأ على الأسواق لعوامل اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، سواء أكانت أسواق الأصول الحقيقية، أو الأسواق المالية والتي تتكون بدورها من أسوق النقد، وأسواق رأس المال بسوقيها : سوق الإصدار وسوق التداول.
2/1- مخاطر سوق الأصول الحقيقيةReal Assets Market Risk ِ:
وهذه المخاطر مرتبطة بطبيعة الصكوك الإسلامية من حيث كونها تمثل حصة شائعة في ملكية أصول، ونظرا لأن الأصول الحقيقية من سلع وخدمات تباع في الأسواق، فإنها قد تتعرض للنقص في قيمتها بفعل عوامل العرض والطلب ، أو السياسات الاقتصادية الحكومية وغيرها من عوامل السوق.
2/2- مخاطر سوق المال Capital Market Risk :
ويمكن تصنيف تلك المخاطر وفقا لما يلي :
2/2/1- مخاطر سعر الصرف Exchange Rate Risk :
وتنشأ هذه المخاطر في سوق النقد نتيجة لتقلبات سعر صرف العملات في المعاملات الآجلة. ففي حالة شراء سلع بعملة أجنبية وانخفاض سعر تلك العملة فإن ذلك يترتب عليه خسائر بمقدار انخفاض سعر العملة الأجنبية مقابل العملات الأخرى ، كما أن مخاطر سعر الصرف تظهر أيضا عند إصدار الصكوك بعملة معينة واستثمار حصيلتها بعملات أخرى، أو إذا كانت المنشأة المصدرة للصكوك تحتفظ بمواقع مفتوحة تجاه بعض العملات الأجنبية أو التزامات الدفع خاصة في عمليات المرابحات والتجارة الدولية.
2/2/2- مخاطر سعر الفائدة Interest Rate Risk :
وتنشأ هذه المخاطر نتيجة للتغيرات في مستوى أسعار الفائدة في السوق بصفة عامة، وهى تصيب كافة الاستثمارات بغض النظر عن طبيعة وظروف الاستثمار ذاته. وكقاعدة عامة فإنه مع بقاء العوامل الأخرى على حالها ، كلما ارتفعت مستويات أسعار الفائدة في السوق، انخفضت القيمة السوقية للأوراق المالية المتداولة والعكس صحيح ، وهو ما يؤثر على معدل العائد على الاستثمار[12].
والصكوك الإسلامية وإن كان لا مجال لسعر الفائدة في التعامل بها ، أو في أنشطتها ومجالات استثماراتها، إلا أنها قد تتأثر بسعر الفائدة إذا اتخذته سعرا مرجعيا في التمويل بالمرابحة. كما أن سعر الفائدة باعتباره آلية يقوم عليه - للأسف الشديد- النظام النقدي والمصرفي في غالبية الدول الإسلامية، فإنه بلا شك يؤثر على الصكوك الإسلامية، خاصة إذا لم يكن للوازع الديني دورا في توجيه المستثمرين، وتحجج بعضهم بشذوذ الفتيا التي أباحت سعر الفائدة خلافا لإجماع الفقهاء[13].
2/2/3- مخاطر أسعار الأوراق المالية Securities Rates Risk :
وتنشأ هذه المخاطر نتيجة لتقلبات أسعار الأوراق المالية في أسواق رأس المال سواء كانت هذه التقلبات بفعل عوامل حقيقية ، أو عوامل مصطنعة وغير أخلاقية كالإشاعات والاحتكار والمقامرة وعمليات الإحراج والبيع والشراء الصوري ونحو ذلك، وهو ما يؤثر على القيمة السوقية للصكوك الإسلامية.


2/2/4- مخاطر التضخم Inflation Risk :
وتنشأ هذه المخاطر نتيجة لانخفاض القوة الشرائية للنقود بارتفاع الأسعار ، وهو ما يعني تعرض الأموال المستثمرة لانخفاض في قيمتها الحقيقية. والصكوك الإسلامية باعتبارها ذات عائد متغير، وذات مكونات من نقود وديون وأعيان ومنافع فإن تأثرها بالتضخم يرتبط طرديا بزيادة مكوناتها من النقود والديون.
3- مخاطر التشغيل Operation Risk:
وتنشأ هذه المخاطر نتيجة أخطاء بشرية أو فنية أو حوادث، وتندرج هذه المخاطر تحت المخاطر العامة إذا كانت بفعل عوامل خارجية كالكوارث الطبيعية ، مثل ما تسببه الكوارث أو الحوادث في هلاك الزرع في استثمارات صكوك المزارعة أو هلاك الأصل المؤجر في استثمارات صكوك الإجارة ونحو ذلك.
وتندرج هذه المخاطر تحت المخاطر الخاصة إذا كانت بفعل عوامل داخلية كعدم كفاية التجهيزات أو وسائل التقنية أو الموارد البشرية المؤهلة والمدربة، أو فساد الذمم، أو عدم توافر الأهلية الإدارية (أي الكفاءة الإدارية) القادرة على القيام بمهام الوكالة عن الملاك وتحقيق الأرباح مع نموها واستقرارها مستقبلا ، والمحافظة على المركز التنافسي للصكوك ونحو ذلك، أو من خلال صورية أو ضعف الرقابة الشرعية مما يؤثر سلبا في ثقة المتعاملين، وسمعة المنشأة لديهم، وهو الأمر الذي من شأنه أن يترك آثارا على القيمة السوقية للصكوك الإسلامية.
4- مخاطر المخالفات الشرعية :
وهذه المخاطر تندرج تحت المخاطر الخاصة ، حيث ترجع إلى استخدام أموال الصكوك في محرمات سواء أكانت محرمات لعينها كالسلع والخدمات المحرمة ، أو محرمات لكسبها كالربا ، والقمار ، والغش ، والتدليس ، والخديعة ، والخيانة ... الخ.
المبحث الثالث
آليات إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية
أولا / مفهوم إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية :
ينظر لإدارة المخاطر على أنها منهج أو مدخل علمي للتعامل مع المخاطر البحتة عن طريق توقع الخسائر العارضة المحتملة ، وتصميم وتنفيذ إجراءات من شأنها أن تقلل إمكانية حدوث الخسارة أو الأثر المالي للخسائر التي تقع إلى الحد الأدنى[14].
والاستثمار في الإسلام يقوم على المخاطرة من خلال المشاركة في الغنم والغرم، بخلاف المقامرة التي حرمها الإسلام، والتي تقوم على تحقيق مغنم لطرف على حساب تحقيق مغرم للطرف الآخر. ويعكس ذلك ابن قيم الجوزية بقوله : "المخاطرة مخاطرتان :مخاطرة التجارة، وهو أن يشترى السلعة بقصد أن يبيعها ويربح ويتوكل على الله في ذلك، والخطر الثاني الميسر الذي يتضمن أكل المال بالباطل فهذا الذي حرمه الله ورسوله"[15].
والإسلام يحث على الأخذ بالأسباب في التعامل مع المخاطر ، ومن ثم يتعين على المنشآت المالية وضع آليات للتعامل مع ما يواجهها من مخاطر بعد تحديدها ، سواء بتجنبها إذا كان ذلك ممكنا، أو توزيعها، أما المخاطر التي لا يمكن التخلص منها فينبغي قبولها وتحملها والتعايش معها من خلال حسن إدارتها.
ثانيا / خطوات إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية:
يتطلب المنهج العلمي في إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية القيام بالخطوات الآتية :


1- تحديد المخاطر :
أولى الخطوات في إدارة مخاطر الصكوك الإسلامية هو تحديد نوعية المخاطر التي يتوقع أن تتعرض لها الصكوك الإسلامية سواء أكانت مخاطر عامة أم مخاطر خاصة، وكذلك تحديد مصدر تلك المخاطر سواء أكانت مخاطر ائتمان أو مخاطر سوق من مخاطر سلع وخدمات وسعر صرف وسعر فائدة وتضخم ، أو مخاطر تشغيل ، أو مخاطر مخالفات شرعية، والوقوف على أسباب تلك المخاطر. مع ملاحظة أهمية أن تكون عملية تحديد المخاطر عملية مستمرة ، مع تفهم المخاطر على مستوى كل عمل استثماري ، وعلى مستوى المنشأة ككل.






يتبع ............................

المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22