عرض مشاركة واحدة
قديم 31-10-2013 ~ 11:27 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي الحملة الغربية على «الارهاب الاصولي تستهدف تشويه الاسلام وإظهاره كدين التعصب والتطرف
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012




نصري سلهب*

تعرّض الإسلام، في الماضي القريب والبعيد، ولا يزال يتعرّض ـ لكن بصورة غير مباشرة، في غالب الأحيان ـ لهجمات أعدائه المعلنين وغير المعلنين. فراح هؤلاء يركّزون هجماتهم الصريحة أو المبطّنة على فكرة واحدة وحيدة، توجز بأن الإسلام دين العنف والإكراه، وأن نشره بحد السيف هو من واجب المسلمين. ولقد استندوا، في حملتهم، إلى بعض آيات القرآن، وإلى أحداث رافقت نشر الدعوة الإسلامية وتلتها، فأكرهوا النصوص وحمّلوها من المعاني ما لا تحمل، في الأصل والأساس، وحرّفوا الأحداث وشرحوها على هواهم، فحجبوا النور عن الحق وسلّطوه على الباطل. وفي الزمن المعاصر، برزت، في العالم الإسلامي، حركات وتيارات دينية عُرفت بالأصولية، وقد نعتها الغربيون بتعابير Fondamentalisme أو Integrisme أو ما يشبههما. لا ريب أن التيارات المار ذكرها، قد تميزت، في مواقفها وطروحاتها، بالتطرف والعنف غير المألوفين في الإسلام التقليدي، الذي توارثه المؤمنون عن النبي والراشدين من الخلفاء والصحابة، وعن العلماء والفقهاء عبر العصور. وكان لا بدّ لأعداء الإسلام ـ وهم ينتسبون إلى مختلف الأديان والمذاهب ـ من استغلال هذا الواقع ـ واقع الأصولية والتطرف ـ فعمدوا إلى تنظيم حملة تشويش على الإسلام، من خلال حملتهم على الأعمال «الإرهابية»، التي قامت وتقوم بها ميليشيات أو تنظيمات أو تيارات تنتسب إلى «الأصولية».
إن الحملة على «الإرهاب الأصولي»، هي ذات قصد واضح لا يخفى على لبيب: تشويه الإسلام وإظهاره كدين التطرف والتعصب، كدين «الإرهاب». لسنا، هنا، في معرض الدفاع عن «الأصولية» أو «التطرفية». ولا في معرض انتقادها، بل في معرض الدفاع عن الحقيقة وعن الحق. فبقطع النظر عن أن إسرائيل، باعتراف الملأ الدولي الممثّل في الأمم المتحدة، تحتل أوطان الغير بقوة السلاح، وبقطع النظر عن أن «إرهاب» الأصوليين ليس، في معظم الأحيان، سوى رد فعل ضدّ الظلم، وبقطع النظر عن المحتوى الشرق أوسطي الغنيّ عن الشرح، وعن تشريد الشعب الفلسطيني واحتلال الجولان وجزء من جنوب لبنان، بقطع النظر عن ذلك كله، نرى من واجبنا نحو الحقيقة والحق أن نوضح ما يلي:
إن الأديان المنزلة تباعاً ثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام. فالتوراة ـ التي هي، في الأصل، كتاب اليهود ـ منزلة من الله، عزّ وجلّ، كالإنجيل والقرآن.
إن الحروب التي خاضها اليهود، أو العبرانيون، بعد خروجهم من مصر، وفي طريقهم إلى الاستيلاء على بلاد كنعان ـ أي فلسطين ـ واردة، بتفاصيلها، في بعض أسفار التوراة، كسِفر الخروج وسِفر العدد وسِفر تثنية الاشتراع..
والتوراة، كالإنجيل والقرآن، منتشرة انتشاراً واسعاً. فهي، بلغات كثيرة وبملايين النسخ، بين أيدي الناس من يهود ونصارى، وغير يهود وغير نصارى.
فمن الرجوع إلى الأسفار المار ذكرها، نتبين أموراً ووقائع حيّرت العقول، وجعلت المؤرخين والباحثين يرسمون حولها أكثر من علامة استفهام وأكثر من علامة تعجب.
وما زاد في الحيرة والاستفهام والتعجب أن يهوه، إله اليهود، ورب العالمين، في ما بعد، هو الذي يقودهم للقتال، ويسهل لهم النصر، ويعبّد لهم الطريق، طريقهم إلى القتل الجماعي، كما سنتبين ذلك من سياق الأحداث.
فإلى القارئ بعض الأمثلة بحرفيتها:
ـ «فقال الربّ ليشوع: «انظر إني قد دفعتُ أريحا وملكها إلى يدك مع جبابرة البأس». فصعد الشعب (اليهودي) إلى المدينة (أريحا) وأخذوا المدينة وأبسلوا جميع ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحدّ السيف. وأحرقوا المدينة وجميع ما فيها بالنار.. ودعا يشوع قائلا: «ملعون لدى الربّ الرجل الذي ينهض ويبني هذه المدينة أريحا.. وكان الربّ مع يشوع» (سِفر يشوع، السادس: 1 ـ 27).
ـ وكذلك: «قال الربّ إله إسرائيل ليشوع: خذْ معك جميعَ رجال الحرب وقم واصعد إلى العيّ. إني قد أسلمتُ إلى يدك ملك العي وشعبه ومدينته وأرضه. فتفعل بالعيّ وملكها كما فعلتَ بأريحا وملكها.. فإذا ملكتموها فأحرقوها بالنار كما أمر الربّ تفعلون. وضربوا رجال العيّ حتى لم يبق منهم باقٍ ولا ثريد.. وكان جملة من قُتِل في ذلك اليوم من رجل وامرأة اثني عشر ألفاً جميع أهل العيّ.. وأحرق يشوع العيّ وجعلها تلْ ردم إلى الأبد خراباً إلى هذا اليوم» (سِفر يشوع، الثامن).
.. ذلك تماماً ما جرى ـ قتلٌ جماعي وحرق بأمرٍ من إله إسرائيل ومساعدته ـ لمدنٍ أخرى كثيرة: «.. ففعلوا وأخرجوا له أولئك الملوك الخمسة من المغارة: ملك أورشليم (القدس) وملك حبرون (الخليل) وملك يرموت وملك لاكبش وملك عجلون.. فقال يشوع لقوّاد رجال الحرب: تقدّموا وضعوا أقدامكم على رقاب هؤلاء الملوك. لا تخشوا ولا ترهبوا هكذا يفعل الربّ بجميع أعدائكم الذين تحاربونهم. وضربهم يشوع بعد ذلك وعلّقهم على خمس خشبات.. وفتح يشوع في ذلك اليوم مُقيّدة وضربها بحدّ السيف وكلّ الأنفس التي فيها.. ثمّ اجتاز إلى مدينة لبنه وحاربها. فأسلمها الربّ أيضاً إلى أيدي إسرائيل فضربوها بحدّ السيف وقتلوا كل نفس فيها. وجاز يشوع إلى لاكيش. فأسلم الربّ لاكيش إلى أيدي إسرائيل فضربوها بحدّ السيف وقتلوا كلّ نفس فيها» (سِفر يشوع، العاشر).
وهكذا فعل يشوع بمدن جازر وعجلون وحبرون ودبير.. كما «ضرب يشوع جميع أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وجميع ملوكها لم يُبقِ باقياً بلْ أبْسَلَ كلّ نسمة، كما أمر الربُّ إله إسرائيل.. وأخذ يشوع جميع أولئك الملوك وأرضهم في هجمة واحدة لأن الربّ إله إسرائيل كان يحارب عن إسرائيل» (يشوع، العاشر).
ـ «فقال الربّ لموسى: لا ترهبه فإني قد دفعتُه إلى يدك هو وجميع قومه وأرضه.. فضربوه هو وبنيه وجميع قومه حتّى لم يبق له ثريد وورثوا أرضه» (سِفر العدد، الحادي والعشرون: 27).
ـ «فقاتلوا (العبرانيون) مدْينَ كما أمر الربّ موسى وقتلوا كلّ ذكر. وملوك مدين وأطفالهم وجميع بهائمهم ومواشيهم وأثاثهم غنموها. وجميع مدنهم مع مساكنهم وقصورهم أحرقوها بالنار..» (العدد، الحادي والثلاثون).
ـ «فالآن اقتلوا كلّ ذكر من الأطفال وكلّ امرأة عرفت مضاجعة رجل اقتلوها..» (العدد، الحادي والثلاثون).
ـ «مُرْ بني إسرائيل وقل لهم إنكم جائزون الأردن إلى أرض كنعان (فلسطين...) فتطردون جميع أهل الأرض من وجهكم... وتملكون الأرض وتقيمون فيها فإنّي قد أعطيتها لكم ميراثاً» (العدد، الثالث والثلاثون).
ـ «فأسلمَهُ (سيحون، ملك حشبون) الربّ إلهنا بين أيدينا فقتلناه هو وبنيه وجميع قومه وفتحنا جميع مدنه في ذلك الوقت وأبسلنا كل مدينة رجالها ونساءها وأطفالها لم نبقِ باقياً...» (تثنية الاشتراع، الثاني).
ـ «فأسلم الربُّ إلهنا إلى أيدينا عُوجاً ملك باشان أيضاً وجميع قومه فضربناه حتى لم يبقَ له باقٍ. وفتحنا جميع مدنه في ذلك الوقت لمْ تبق قرية لم نأخذها منهم ستين مدينة»... «فأبسلناها كما فعلنا بسيحون ملك حشبون مُبْسلين كلّ مدينة، رجالها ونساءها وأطفالها» (تثنية الاشتراع، الثالث).
... هذه المقاطع التي أوردناها بحرفيّتها، تُثبت، حتى إشعار آخر، أن العبرانيين الخارجين من مصر، لجأوا ليس إلى القتل والحريق والهدم فقط، بل إنهم أبادوا شعوباً إبادة كاملة.
ولقد تبين لنا، من خلال ما أوردنا، أن المدن التي اقتحمها العبرانيون وهدموها وأحرقوها ولم يُبقوا منها ومن سكانها على شيء، هي كثيرة، مذكورة بأسمائها، منها أريحا والقدس والخليل وعجلون وهي، بصورة خاصة، معروفة في عصرنا الحاضر، لأنها لا تزال تحمل الأسماء نفسها وتقع جميعها في فلسطين.
وتمرّ السنون والعصور.. فإذا الجيش الإسلامي، عام 638، يصل إلى القدس فيحاصرها. وإذا القدس، النصرانية بالكثرة الكثيرة من سكانها، تفتح أبوابها لعمر ابن الخطّاب، رضي الله عنه، لثقتها بعدله. وإذا عمر يدخل المدينة ويتسلّم مفاتيحها من البطريرك صفرونيوس الذي يرافقه في جولة على أحيائها. وإذا الخليفة، وقد أدركه وقتُ الصلاة، وهو في كنيسة القيامة، يخرج منها ويصلّي في مكان بعيد عنها، «لئلا يأتي المسلمون من بعده ويقولوا: هنا صلّى عمر، ويبنوا عليها مسجداً، وإذا به يُعطي نصارى القدس عهداً يضمن لهم به كنائسهم وصلبانهم وشعائرهم وحرية عبادتهم»... فيما العبرانيون، من قَبْلُ، عندما فتحوا القدس وسواها من المدن، كما مرّ بنا القول، «حذروا أن يضربوا لأهلها عهداً، ولم تأخذهم بهم رأفة، بل نقضوا مذابحهم وحطّموا أنصابهم وقطعوا غاباتهم...».. «وقتلوهم وأبادوهم.. حتى لم يبق منهم أحد...».
والعبرانيون، كما هو معروف وكما ذكرنا، أقبلوا من مصر وانقضّوا، كالوحوش الضارية، على أمم وشعوب آمنة لم تحاربهم ولم تلحق بهم أيُّ أذى، ولا هي أخرجتهم من ديارهم، ولا أعلنت عليهم حرباً.. بل إن جريمتها الكبرى أنها كانت تعيش، دون أن تعتدي على أحد، في تلك الأراضي منذ مئات السنين، وأن «الربّ إله اليهود»، كما تؤكّد النصوص المار ذكرها، قد «أسلمها بين أيديهم وأعطاها لهم ميراثاً وأمرهم بإفنائها وإزالتها من الوجود، مع شعبها».
هذه النصوص التوراتية، لو قابلناها بنصوص قرآنية في المحتوى نفسه، محتوى الحروب، لاتّضح جلياً أن الإسلام هو، دون ريب، أكثر الأديان ـ المنزّلة وغير المنزّلة ـ تسامحاً ورحمةً وجنوحاً إلى السلم.
فإلى القارئ بعض أمثلة:
ـ «لا ينهاكم الله عن الذين لم يُقاتلوكم في الدّين ولم يُخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتُقسطوا إليهم، إن الله يحبّ المقسطين» (الممتحنة: 8).
ـ وكذلك: «فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السّلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا» (النساء: 90).
ـ وكذلك: «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السِّلمِ كافة...» (البقرة: 208).
ـ وكذلك: «وإن جنحوا للسِّلمِ فاجنح لها» (الأنفال: 61).
ومن حق الحقيقة علينا، أن نشير إلى أن الإسلام لا يوصي بالحرب، إلا عند الضرورة القصوى: لردّ العدوان وللدفاع عن الدين وعن المؤمنين.
إن جميع الحروب التي خاضها النبي كانت، في حقيقتها، دفاعية. فحتى «الهجومية» منها، كان لها سبب دفاعي.
فلقد بشّر النبي، طوال سنين، بالدعوة التي أمره الله بنشرها، دون اللجوء إلى قتال، على الرغم من أن قريش في مكة، واليهود في يثرب، قد ألحقوا بالمؤمنين الأوائل كثيراً من الإيذاء والاضطهاد، بل إنهم حاولوا، بكل الوسائل، قتلَ الدعوة في مهدها.
وكثيراً ما أتاه المؤمنون شاكين، متشكّين، متذمّرين، يعلنون رغبتهم في قتال أعدائهم ووضع حدّ لظلمهم، فكان النبيّ يجيبهم: «اصبروا لأني لم أُؤمَر بالقتال».
ولم تكن هجرة النبي من مكة إلى المدينة سوى سعي إلى النجاة بنفسه، وإنقاذ الرسالة من غدر الغادرين وظلم الظالمين.
وعندما اشتدّت وطأة المشركين واليهود على المسلمين، أَذِنَ الله لهم بالقتال: «أُذِنَ للذين يقاتلون بأنّهم ظُلِموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أُخرِجوا من ديارهم بغير حقّ إلا أن يقولوا ربُّنا الله...» (الحج: 39 ـ 40).
وعندما انتصر المؤمنون فإنهم، خلافاً للعبرانيين، لم يقتلوا ولم يبيدوا ولم يحرقوا ولم يهدموا ولم ينقضوا المذابح، بل على العكس، إنهم أشاعوا الخير: «الذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور» (الحج: 41). ثم إن أمر الله للنبي واضح، إن القتال واجب لردّ العدوان: «وقاتِلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا، إن الله لا يحبّ المعتدين، واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرِجوهم من حيث أخرجوكم.. فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم» (البقرة: 190 ـ 192). فليس في القرآن أيّ نصّ شبيه، من قريب أو بعيد، بتلك النصوص التوراتية التي أوردناها، والتي يعلن فيها ربّ اليهود أنه أسلم إليهم مدناً وأمماً وشعوباً ليحتلّوها ويحرقوها ويبيدوها عن بكرة أبيها ويضعوا أقدامهم على رؤوس ملوكها، بل على العكس، نسمع أقوالاً مشبعة بالمغفرة والرحمة، كالتالية: «فإن الله غفور رحيم» (البقرة).. «وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر» (الحج). «أذِن للذين يقاتلون بأنهم ظُلِموا» (الحج).. «ولا تعتدوا إن الله لا يحبّ المعتدين» (البقرة).
ولقد أوصى الرسول جيشه، وهو يتأهّب للقتال في غزوة مؤتة: «لا تقتُلنّ امرأة ولا صغيراً فرعاً ولا كبيراً فانياً، ولا تحرقن نخلاً، ولا تقلعن شجراً، ولا تهدموا بيتاً»، فيما نقرأ في أسفار التوراة ما قرأنا وما أوردنا: «واحرقوا المدينة وجميع ما فيها بالنار».. «وضربوها بحد السيف وكلّ الأنفس التي فيها».. «اثني عشر ألفاً من رجال ونساء».. «لم يُبقِ باقياً بل أبسل كلّ نسمة كما أمر الله إله إسرائيل».. «وتقطّعون غاباتهم.. وجميع مدنهم مع مساكنهم وقصورهم أحرقوها بالنار».. «فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت مضاجعة رجل اقتلوها».. «وأبسلنا كل مدينة رجالها ونساءها وأطفالها لم نُبقِ باقياً».
وفيما يتجلّى الله للمسلمين رحمةً وغفراناً نراه يتجلّى للعبرانيين إله ثأْر وانتقام وقتل: «إذا صقلتُ بارقَ سيفي وأخذتُ بالقضاء يدي رددتُ الانتقام على مُضايقيّ. أسكر سهامي من الدماء وسيفي يأكل لحماً من دماء الصرعى والسبايا ومن رؤوس قواد العدو» (تثنية الاشتراع، الثاني والثلاثون).
ومن وصايا النبيّ لأمراء جيشه: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليداً». وإذا مثّل الأعداء بالمسلمين، فمن حقّ هؤلاء أن يبادلوهم بالمثل فيمثلوا بهم، بدورهم، إذا قدّر لهم. ولكن الإسلام يؤثر الصبر على الانتقام: «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله» (النحل: 126 ـ 127).
هاتان الآيتان نزلتا بعد غزوة أُحُد، ففيها مثّل المشركون بحمزة بن عبد المطلب، عمّ الرسول، شرّ تمثيل، وبغيره من المسلمين، فاستاء الرسول استياءً كبيراً، وعقد العزيمة على الانتقام من المشركين بمثل ما فعلوا بعمّه وبالمؤمنين، فأوصاه الله بالصبر، كما مرّ، لأن الصبر، في المفهوم الإسلامي، خير من الانتقام.
ومن وصايا أبي بكر لأسامة: «لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثّلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلاّ لأكله».
أما الأسرى ـ أسرى الحرب ـ فقد أوصى الله بمعاملتهم بالرفق، كالمسكين واليتيم: «ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً» (الإنسان: 8 ـ 9).
* سفير لبنان الأسبق لدى الفاتيكان جزء من كتاب سيصدر قريباً من الإيسيسكو باللغتين الإنجليزية والفرنسية

المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22