عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2012 ~ 11:01 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 3
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012



Chapter 8
The Age of Discoveries



الفصل الثامن


عصر الاكتشافات


http://www.bible-researcher.com/kenyon/sotb8.html



كان نشر "النسخه المنقحه" للعهد الجديد-RV- بواسطة صحافة الجامعتين فى السابع عشر من مايو عام 1881م الحدث الأكثر أهميه فى عالم النشر ....كان الفضول عظيما لدى الناس , و كان الطلب حارا من أجل وجود نسخ قديمه , و قد دفعت رشاوى بمقدار خمسة آلاف جنيه من أجل الحصول على نسخ مقدما دون جدوى .

و قد باعت صحافة أكسفورد وحدها حوالى مليون نسخه فى اليوم الأول , و قد سدت الشوارع ما حول " باترنوستر رو " بعدة عربات تحمل هذه النسخ من أجل توزيعها .
بعد ذلك بخمسة أيام , قامت جريدتان فى شيكاغو بطبع الكتاب كاملا , كملحق للعدد الرئيسى لهما , و قد استلم نصف النص بواسطة البرق قبل أن تتوفر النسخ الفعليه .
أعقب ذلك فتره مليئه بالجدل , فقد هاجم بعض العلماء ( على رأسهم العميد برجون)Burgon
الترجمه الجديده بكل ضراوه , و رفضوا أن يتخلوا عن " النص المستلم " , و أكدوا على أن السلطه الكنسيه هى الأثقل فى الميزان اذا ما قورنت بدليل المخطوطات القديمه و قوانين النقد النصى .

و قد كان يدعم هؤلاء العلماء احجام الناس أن يقبلوا أى تغيير يطرأ على الكلمات التى ألفوها و أحبوها فى الكتاب المقدس , و بالتالى قابلت الترجمه الجديده عاصفة عاتيه فى طريقها .

كان قرار العلماء فى جانب "النسخه المنقحه" بشكل كبير , و مضاد للنص المستلم القديم , و يمكن قول هذا بكل تأكيد , و لكن الانتقاد لعيوبها الأدبيه ازداد بمرور الوقت و لم ينقص .
مع ازدياد معرفتنا ( يرجع جزء من ذلك الى اكتشاف مخطوطات يونانيه جديده ) باليونانيه التى كانت مستعملة فى القرن الأول الميلادى , وضح لنا أن التغييرات التى أدخلها المنقحون تعود الى تبنيهم المتحذلق لمبادىء اليونانيه الكلاسيكيه و تطبيقها على اليونانيه الشعبيه التى كانت تتجاهل هذه الحذلقات , و بالتالى فقد استقر الرأى الى النتائج النهائيه التى سنشرحها فى نهاية هذا الفصل .

ربما بدا الأمر , و بكل تأكيد أنه بدا على هذا النحو , أن فى عام 1881م , و بالرغم مما سبق , أننا قد وصلنا الى نهاية مرحلة معينه , فقد أصبح لدى العلماء نص يونانى جديد مؤسس على اقدم المستندات و متوافق مع أفضل مبادىء النقد النصى , و أصبح لدى القراء الإنجليز نسخة منقحة من الكتاب المقدس باللغه الإنجليزيه مؤسسة على هذا النص اليونانى .
قد بدا حينها أنه لم يعد هناك ما يمكن اضافته أو عمله , و أن كل ما عليهم فقط هو أن يهضموا نتائج ما توصلوا اليه , و لم يكونوا يتوقعون أن يحدث أى تغيير على هذا الوضع .

بالرغم من ذلك , و فى حقيقة الأمر , فقد بدأت فترة جديده , و التى يمكن أن نسميها بحق " عصر الاكتشافات " , لأن نصف القرن التالى بداية من عام 1881م قد كانت عباره عن اكتشاف تلو اكتشاف , و قد زادت من معرفتنا بالكتاب المقدس و تاريخه القديم , و مكنتنا أن نقيم النتائج التى توصل اليها العلماء فى عام 1881م بمقياس الدليل الذى لم يكونوا على علم به حينها .

و لهذا فمن الواجب علينا أن نبدأ بذكر قصة هذه الاكتشافات , و التى لا يزال بعضها يظهر حتى وقت كتابة هذا الكتاب , و التى يمكن أن يضاف اليها قبل أن أنتهى من هذه الصفحات , و بالتالى سأحاول أن أجمل نتائج هذه الاكتشافات .
كان اكتشاف المخطوطه السينائيه فى دير سانت كاثرين هو ذروة المرحله السابقه , و من هذه المنطقه أيضا ظهرت الاكتشافات الحديثه التاليه .

أولا , فى عام 1880م , وجد الدكتور " ريندل هاريس" ترجمة سيريانيه لعمل مسيحى مفقود , هو " دفاع أرستيدس " , و هو دفاع عن المسيحيه موجه للإمبراطور " أنطونيوس بيوس " , قام به فيلسوف أثينى حوالى عام 140 بعد الميلاد , و هو نافع جدا لمعرفة التاريخ القديم لمعتقد المجتمع المسيحى .

و قد أعقب هذا نتيجة مثيرة للفضول , فقد تبين أن هذا الدفاع لم يفقد أبدا , و لكن أصله اليونانى كان قد ضمن فى عمل مسيحى رومانسى جرى تأليفه فى القرن السابع على وجه التقريب , و لكن لم تكن ثمة طريقة للتعرف على هذا العمل حتى ذلك الوقت , و لم يكن هناك ما يدعو للاعتقاد بأنه أكثر قدما من العمل الذى احتواه .....و بالتالى فقد عاد الى رصيدنا العلمى عمل مسيحى قديم آخر .

كان الاكتشاف التالى كتابيا بكل وضوح ,فقد شجع نجاح الدكتور " ريندل هاريس " سيدتان من كامبريدج هما السيده لويس و السيده جيبسون , و هما أختان توأمان بارعتان فى علم الاستشراق , أن يعودا الى جبل سيناء من أجل البحث عن مزيد من الكنوز العلميه .

من بين المخطوطات الأخرى التى قاموا بفحصها , صحيفة قد محيت منها الكتابه الأصليه جزئيا , و جرى كتابة نص آخر فوقها .

و قد كان من الواضح أن الكتابه التى بالأسفل ( التى محيت جزئيا) عباره عن نسخه من الأناجيل بالسيريانيه , و قد وضح أهميتها بسبب تاريخها المبكر , و بالتالى فقد أخذتا صورا فوتوغرافية لها من أجل اخضاعها للفحص الدقيق .
و قد تبين لهما أنهما قد عثرا على جوهرة ثمينه , لأنهما اكتشفتا أنها ليست مجرد ترجمه سيريانيه معتاده للأناجيل ( و المعروفه باسم البشيتا) , بل هى ترجمة أقدم من ذلك , و التى لم يكن معروفا منها سوى نسخة واحده حتى ذلك الوقت , و هذه النسخه كانت ناقصة بشكل كبير .

كانت هذه النسخه لدى المتحف البريطانى الذى اقتناها فى عام 1842م , و طبعها " كيريتون " و قام بتوزيعها على نطاق شخصى , و جرى نشرها فى نهاية الأمر عام 1858م .
و قد احتوت على أجزاء من أناجيل متى و لوقا و يوحنا , و أما انجيل مرقص فقد احتوت على آخر أربع أعداد منه فقط .

أما " المخطوطه السيريانيه السينائيه " المكتشفه فقد احتوت على أجزاء من كل الأناجيل , و من الواضح أنها تمثل نفس الترجمه التى تقدمها " المخطوطه الكيريتونيه " و لكن بينهما اختلافات كبيره .
و بالتالى , فبينما أنه من المؤكد أن " المخطوطه الكيروتونيه " قد احتوت فى أصلها على نهاية مرقص المتنازع عليها ( الاصحاح السادس عشر 9-20) , فإننا نجد أن " المخطوطه السيريانيه السينائيه " المكتشفه لم تحتو عليها , فقد انتهى انجيل مرقص فيها عند العدد رقم 8 , كما هو الحال أيضا فى المخطوطه السينائيه و الفاتيكانيه و أقدم مخطوطه للترجمه اللاتينيه القديمه .

و بشكل عام , فقد ظهر أن " المخطوطه السينائيه السيريانيه " تقدم شكلا أقدم من النص عن الشكل الذى تقدمه " المخطوطه الكيروتونيه ", بجانب سدها للعديد من الفجوات التى توجد بالأخيره , و بالتالى فقد أصبح لدينا معرفة كبيره بأقدم الترجمات السيريانيه .
كان هذا اكتشافا من الطراز الأول , لأن الترجمه السيريانيه تعتبر أحد أقدم الترجمات للعهد الجديد , فمن المحتمل أنها قد تمت قبل انتهاء القرن الثانى الميلادى , و الآن بحوزتنا شاهدان لها , كلاهما قد كتب فى القرن الخامس أو أقدم من هذا .

و لا بد أن هذه الترجمه قد أعدت بناء على مخطوطات يونانيه كانت موجودة فى القرن الثانى الميلادى , و بالتالى فهذه الترجمه تأخذ بأيدينا الى فترة أقدم كثيرا من أقدم مخطوطاتنا اليونانيه .

و يضاف على ذلك , أنه من الواضح أن هذا النص السيريانى القديم يختلف فى العديد من التفاصيل مع نوع النص الذى تقدمه المخطوطتان الفاتيكانيه و السينائيه , و الذى أسماه ويستكوت و هورت باسم " النص المحايد " , و الذى أكدا على أنه أفضل أنواع النصوص .
اختلف هذا "النص السيريانى القديم" بنفس الطريقه ( بالرغم أن هذا لم يحدث فى ذات الفقرات على طول الخط ) التى تختلف بها المجموعه اللاتينيه التى أسماها ويستكوت و هورت باسم " النص الغربى " , و بينما دعم "النص السيريانى القديم" " النص المحايد " فى العديد من الفقرات فى مواجهة "النص المستلم" أو "النص البيزنطى" , فقد أعطى أيضا دعما قويا لأولئك الذين تشككوا و لم يعجبهم ثقة "ويستكوت و هورت" المطلقه فى "النص المحايد" .

و قد كان هذا هو الأهم , لأنه بهذا حدث تحول فى مركز النزاع حول نص الكتاب المقدس .
فى بادىء الأمر , و كما شرحنا سابقا , كان النزاع دائرا بين المؤيدين للنص البيزنطى الذى ساد العالم المسيحى لفترة طويله من جهه , و بين الأنواع الأقدم من النصوص التى يشهد لها عدد قليل من المستندات من جهة أخرى .
و قد حسم هذا النزاع سريعا فى أعين الدارسين , فى صالح الأنواع الأقدم من النصوص , و قد صنف النص البيزنطى على أنه له مقام ثانوى و أنه يعود أصله الى فترة متأخره .
و لكن الحجه التى أقصت النص البيزنطى , و هى أن قراءات هذا النص لا توجد عند أى كاتب مسيحى قبل الجزء الأخير من القرن الرابع , لا يمكن أن تستخدم ضد النص الذى أسماه ويستكوت و هورت باسم " النص الغربى " .

على العكس تماما , كان من الواضح أن كل الكتاب المسيحيين الأوائل مع استثناء جزئى ل " أوريجين" , قد استخدموا أنواعا من النصوص ليست متوافقة مع " النص المحايد " .

و بالتالى , فلو وضعنا كل " القراءات القديمه غير المحايده - أى التى لا تنتمى للنص المحايد - " فى عائلة واحده , كما وضعنا "مستندات النص المحايد" فى عائلة واحده , فمن الواضح أن عائلة " القراءات غير المحايده " تجد لها دعما قويا عند الآباء الأوائل , و هو ما ليس عليه الحال بالنسبه ل " عائلة النص المحايد " .
و قد مال العديد من العلماء البارزين الى هذا الرأى , و قد صار النزاع الآن ليس بين " النص المحايد " و النص البيزنطى " , بل بين " النص المحايد " و "النص الغربى " .


و لذلك , فالمخطوطه " السيريانيه القديمه " و التى تعتبر بكل تأكيد " قبل بيزنطيه " و فى نفس الوقت لا تنتمى للنص المحايد , قد اعتبرها مؤيدو " النص الغربى " دعما قويا لهم , و قد سببت اهتزازا فى موقف " ويستكوت و هورت " المعتمد تقريبا و كلية على المخطوطه الفاتيكانيه , و كما سنرى لاحقا فقد كان هناك العديد من الأسباب المهمه التى أوصلت الى هذه القناعه , و لكن يكفينا فى هذا المقام أن نأخذ انطباعا عاما عن الموقف حينها .

صار التساؤل حول النص السيريانى القديم للأناجيل أكثر تعقيدا بسبب اعتبار آخر لا بد أن نشير اليه , نظرا لأهميته و نظرا للعديد من الاكتشافات الهامه ( أحدها حديث جدا ) التى لها صلة به .

كان من المعروف من خلال مطالعتنا لما كتبه الآباء المسيحيون الأوائل أن هناك مسيحى آشورى يدعى " تاتيان " و الذى عاش حوالى عام 120 م , قد أعد عملا حوالى عام 170م سماه " الدياتيسارون " ( توافق الأربعه ) , و الذى كان يعتقد أنه تناغم من الأناجيل الأربعه .

بالرغم من ذلك , فقد كان من الواضح أن هذا العمل قد فقد كلية , و كان أتباع المدرسة الألمانيه يأكدون عند حوالى منتصف القرن التاسع عشر أنه لا يوجد أى إنجيل من أناجيلنا الأربعه قد كتب قبل عام 140م , و بالتالى فإنه لا يصح أن نعول عليها تاريخيا , و على هذا الأساس أيضا فقد أنكروا أن يكون هذا العمل تناغما من الأناجيل الأربعه .
و مؤخرا , و فى عام 1876م , أكد كاتب مجهول لعمل يدعى " دين فائق للطبيعه " على نفس وجهة النظر تلك , و مضى الى ما هو أبعد من ذلك , فقد أنكر أن يكون هذا العمل قد وجد فى أى يوم من الأيام , و أن الأسقف " لايت فوت " الذى كان يستخدم علمه الغزير فى الدفاع عن أصالة الأناجيل و تاريخها المبكر لا يستطيع أن يحتج سوى باحتمالات مظنونه فى مواجهته .
بالرغم من كل هذا , فقد كان الدليل القاطع فى هذه المسأله يقبع طيلة الوقت تحت أعينهم ان جاز التعبير .
فى عام 1836م قام الآباء بأحد الأديره فى " فينسيا" بطباعة ترجمه أرمينيه لتعليق للقديس " افرايم "( الذى عاش فى القرن الرابع) على هذا العمل خصيصا , و الذى يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذا العمل عبارة عن تناغم من الأناجيل الأربعه .

و لكن أحدا لم يلاحظ هذا العمل نظرا لعدم المام علماء الغرب باللغه الأرمينيه , و لكن فى عام 1876م , و قبيل ظهور كتاب " دين فائق للطبيعه " , نشرت ترجمة لاتينيه لهذا التعليق بواسطة نفس الآباء , الأمر الذى لفت أنظار دارسى الكتاب المقدس لهذا العمل .

و من الغريب أن طرفى النزاع كليهما لم يكونا على علم بوجود هذا العمل , و استمر الحال هكذا حتى عام 1880م عندما لفت الدكتور " عزرا ابوت " الأنظار الى هذا العمل , الأمر الذى قاد العلماء الى مزيد من البحث , فظهرت نسخه أولى ثم نسخة أخرى فى ترجمة باللغه العربيه ل " الدياتيسرون " نفسه , و تم نشرها فى عام 1888م .
أزاحت هذه الاكتشافات كل شك حول ماهية " الدياتيسرون" , و أثبتت أنه بحلول عام 170م كان للأناجيل الأربعه القانونيه مقام أعلى بلا نزاع فوق أى كتاب آخر يحكى قصة المسيح , و لكنها أبقت العديد من الأسئله دون اجابه , فقد دار تساؤل حول ماهية النص الذى صنعت على أساسه الترجمه العربيه , و كذلك فقد اختلف العلماء حول لغة " الدياتيسرون " الأصليه .

هل جرى تأليف الأصل باليونانيه أم بالسيريانيه ؟ ....اعتقد العديد من العلماء أن لغته الأصليه هى السيريانيه , لأن هذا الكتاب قد انتشر بصفه رئيسيه فى الكنيسه السيريانيه ( بالرغم أنه ترجم أيضا بكل تأكيد الى اللاتينيه) , و لأنه من المؤكد أن الترجمه العربيه قد صنعت بناء على الترجمه السيريانيه ....بينما قال علماء آخرون أن لغته الأصليه هى اليونانيه و استدلوا بعنوان الكتاب اليونانى , و قالوا أنه قد ترجم بعد ذلك الى السيريانيه فى حياة " تاتيان " .

على أية حال , من المحتمل أن " الدياتيسرون" على أقل تقدير قديم قدم الأناجيل السيريانيه القديمه التى تمثلها " المخطوطه السينائيه السيريانيه " و " المخطوطه الكيروتونيه" , و أن الأناجيل قد انتشرت فى كنيسة سوريا القديمه على هذا الشكل .
ما طبيعة النص الذى وجد فى " الدياتيسرون" و ما التأثير الذى أحدثه على نص الأناجيل المنفصله عن بعضها يظل أمرا غير مؤكد بالنسبة لنا , لأن الترجمه العربيه ( و التى صنعت تقريبا عام 900م ) قد صنعت - بكل تأكيد - شبيهة بالنصوص المتأخره - كما يحدث دائما- , و بالتالى فإن هذا الأمر يظل أحد ألغاز الكتاب المقدس التى يتوجب على دارسيه أن يفكوا طلاسمها .

هناك اكتشاف أكثر أهميه و أكثر اثاره لا بد أن نذكره , و الذى نشر على الناس فى السنوات الأخيره , فقد اكتشف بعض الضباط الإنجليز خرائب حصن رومانى على ضفاف نهر الفرات فى مكان يدعى " دورا " فى عام 1920م , قبيل انسحاب القوات البريطانيه .

من بين هذه المخطوطات , و التى جرى فحصها فى " يالى" عام 1933م , وجدت قطعه من أحد الرقوق لكتاب " الدياتيسرون" باليونانيه .....انها قصاصة صغيره تتكون من أربعة عشر سطرا ناقصه , تحتوى على قصة طلب يوسف الذى من الرامه لجسد المسيح , كتبت بيد تعود الى النصف الأول من القرن الثالث ( لا بد أنها أقدم من الدمار الذى حدث عام 256م) .

انها فسيفساء تحتوى على عبارات من الأناجيل الأربعه القانونيه , مع بعض التعديلات للمحرر , و بالرغم من صغرها , فإنها تعطينا فكرة عن أسلوب " تاتيان " فى تجميع النصوص , فقد أوضحت لنا أنه كان يتعامل مع مواده التى يعتمد عليها بكل حريه و لم يكن يعطى الأفضليه لأى " بشير" على وجه الخصوص , و لكن أهميتها القصوى أنها أحاطتنا علما أن " الدياتيسرون " قد انتشر باللغه اليونانيه فى جزء بعيد فى سوريا , بعد مضى نصف قرن تقريبا من تأليف هذا الكتاب .
كان لهذا الأمر تأثير على اشكالية " اللغه الأصليه لكتاب الدياتيسرون" , فلو كان قد جرى تأليفه بالسيريانيه فمن الطبيعى أن ينتشر فى سوريا بنفس هذه اللغه , و لكانت الترجمات التاليه فى اللغتين اليونانيه و اللاتينيه قد ظلت فقط فى البلاد التى تسود فيها هذه اللغات , بينما لو كان هذا الكتاب قد جرى تأليفه باليونانيه , لكان قد انتشر بهذه اللغه حتى فى سوريا قبل أن تتوفر ترجمة سيريانيه .
ان الدليل ليس قاطعا , لأن بلدة " دورا" و الذى يعتبر مركزا عسكريا و تجاريا لا بد أنه كان يسكن فيه البعض من غير السوريين , و ربما أنهم قد جلبوا ترجمة يونانية لهذا العمل معهم , و لكن على العموم , هذا يضيف شيئا ما الى قضية الذى يدافعون عن الأصل اليونانى لهذا العمل , و على أى حال يثبت أن " الدياتيسرون " كان موجودا باللغه اليونانيه قبل عام 250م .
حتى نتحدث عن الاكتشاف التالى , لا بد أن نعود من بلاد ما بين النهرين الى الأرض المفضله لدينا و هى مصر , ففى شتاء عام 1906م سافر رجل أمريكى من " ديترويت " يدعى " تشارلز إل فرير " الى مصر , و هو مالك لعدد من الرسومات الصينيه و اليابانيه الشهيره و التى أودعها فى أحد المتاحف فى واشنطن , و وجد عددا من الرقوق بحوزة أحد التجار فى القاهره , أو بعض أجزاء من المخطوطات , كان واضحا عليها أنها قديمه و تحتوى على أجزاء من الكتاب المقدس .

لم يكن " فرير " مهتما بهذا النوع من المخطوطات , و لكنه علم أن اقتناء هذه المخطوطات فرصة لا تعوض , و قد فعل ذلك بالفعل , و بالتالى جلب الى الولايات المتحده الأمريكيه واحده من أقدم النسخ للأناجيل المكتوبه باللغه اليونانيه .

كانت هذه المجموعه تتألف من أربعة مخطوطات , اثنتين منها للعهد القديم , و اثنتين منها للعهد الجديد ....المخطوطة الأولى عباره عن مجلد يحتوى على كتب التثنيه و يشوع مكتوب فى القرن السادس و ربما فى أواخر القرن الخامس .

و بحساب عدد أوراق هذا المجلد , فقد تبين أنه احتوى فى أصله على الكتب القديمه لأسفار التوراه الخمسه بدءا من سفر التكوين وصولا الى سفر العدد , و ربما -كذلك - أنه احتوى على سفر القضاه و راعوث عند نهايته ليكمل بذلك الأسفار الثمانيه .


المخطوطه الثانيه كانت لسفر المزامير , و قد كانت متجزأة بشكل كبير و متضرره جدا , و التى عثر عليها فى صورة كتلة صلبه من أحد الرقوق عانت كثيرا من الديدان و الرطوبه , و قد تطلب ترميمها مهارة دقيقه و صبر طويل , و بالرغم من كل هذا فقد ظلت كل ورقه ناقصه , و لم يتبق من المزامير الأولى سوى قدر ضئيل جدا .

من خلال دراسة سمات الكتابه , تبين أن هذه المخطوطه تعود الى القرن السادس أو السابع , بينما تعود الملزمة الأخيرة منها الى القرن التاسع و التى - بكل تأكيد - حلت محل ملزمة أخرى قديمه قد تضررت .

بالنسبه لمخطوطتى العهد الجديد , فقد كانت احداهما للأناجيل , بينما احتوت الأخرى فى أصلها على سفر الأعمال و الرسائل الكاثوليكيه و رسائل بولس , و لكن الجزء الممتد من "سفر الأعمال" الى "رسالة روميه" قد فقد كلية , و الجزء المتبقى من المخطوطه ليس سليما تماما ....انها فى واقع الأمر مجموعة من الأجزاء فى حالة مزريه كما هو الحال فى " سفر المزامير " الذى تحدثنا عنه قبل سطور قليله .

بالنظر الى التاريخ , فإنها ليست أقدم من القرن السادس , و لكنها تمثل نوعا جيدا من النصوص له نفس خصائص المخطوطه السينائيه و المخطوطه السكندريه و المخطوطه الفاتيكانيه .

ان مخطوطة الإنجيل سليمه و مهمه الى حد كبير , انها تحتوى على الأناجيل الأربعه , بترتيب لم يكن معهودا فى الغرب , بمعنى أن انجيل متى يليه انجيل يوحنا ثم انجيل لوقا ثم انجيل مرقص , و ربما يعكس هذا الترتيب درجة الشهره التى بلغها كل انجيل ....ان نوع الكتابه بهذه المخطوطه لا تشابه نوع الكتابه الذى يوجد فى مخطوطات الحروف الكبيره القديمه , فنوع الكتابة هنا صغير , و منحدر , و من الصعوبه تحديد تاريخ له .

و لكن ربما يعود هذا النوع من الكتابه الى القرن الخامس , و ربما القرن الرابع ....ان الملزمه الأولى من انجيل يوحنا تعود لتاريخ بعد هذا , و يبدو أنه جرى دمجها عند حوالى القرن السابع لتحل بدلا من ملزمة أخرى أصابها الضرر .

ان نص مخطوطة واشنطن -كما تدعى- له بعض السمات التى تثير الفضول ....انه نص غير متجانس بكل تأكيد , و لا بد أنه قد جرى نسخه اعتمادا على عدد من المخطوطات السابقه له التى لا تنتمى الى عائلة نصية واحده .

و بالتالى ( باستخدام التقسيم الذى وضعه ويستكوت و هورت) , فإنجيل متى ينتمى للنص السيريانى ( أى بيزنطى ) , و انجيل مرقص من الاصحاح الأول حتى العدد الثلاثين فى الاصحاح الخامس ينتمى للنص الغربى , أما بقية انجيل مرقص فلا تنتمى الى أى من هذه المجموعات , بل تنتمى الى عائلة نصيه سوف نذكرها لاحقا , و انجيل لوقا بدءا من الاصحاح الأول حتى العدد الثانى عشر من الاصحاح الثامن ينتمى لعائلة النص المحايد , و أما باقى انجيل لوقا فينتمى للنص السيريانى , و انجيل يوحنا بدءا من الاصحاح الأول حتى العدد الثانى عشر من الاصحاح الخامس ( الملزمه المضافه) تنتمى للنص السيريانى , و بقية انجيل يوحنا تنتمى للنص المحايد .

و بالتالى فإن الاستنتاج المنطقى أن هذه المخطوطه قد نسخت اعتمادا على مجموعه من لفائف ورق البردى التى كانت تختلف فى صفاتها النصيه فيما بينها , و أنه لم يجر الاعتماد على نوع واحد من النصوص حتى عند نسخ انجيل واحد من هذه الأناجيل .

ان هذا ما كان ليحدث سوى فى مكتبة تتوافر بها العديد من نسخ الكتاب المقدس , بحيث أن الناسخ لا يدقق فى نوع النص الذى ينسخه .

ان هذا أمر طبيعى جدا عندما نعلم أن كل كتاب كان ينتشر فى صورة أحد اللفائف المنفصله , و أن هناك مخطوطات أخرى وجد بها - بنفس الطريقه - سمات مختلفه فى أجزائها المختلفه ( مثال على ذلك : المخطوطه السكندريه تظهر شكلا قديما من النص البيزنطى فى الأناجيل , و لكن فى سائر المواضع الأخرى تظهر نصا محايدا ) , و لكننا لا نجد فى الغالب تعقيدا كبيرا فى أصل المخطوطات فى مكان آخر كما نجده فى هذا المثال الذى بين أيدينا .

من احدى السمات الغريبه فى مخطوطة واشنطن التى تلفت الانتباه على الفور , أنها تحتوى على أخر اثنى عشر عددا من انجيل مرقص الذى يدور حولها النزاع , و لكن فى وسط هذه الأعداد و بعد العدد الرابع عشر أضيفت هذه الفقره التاليه:

و أجابوا و قالوا , هذا الجيل الفوضوى غير المؤمن تحت سيطرة الشيطان , الذى لا يدع الحق الإلهى يسود فوق أعمال الأرواح الشريره .

حتى يظهر صلاحهم , قالوا هذا ليسوع , و قال لهم يسوع , قد تمت السنوات التى يسود فيها الشيطان , و قد اقتربت أمور مريعه ,

و بسبب خطاياهم سلمت للموت , لأجل أن يعودوا الى الحق و لا يخطئوا مجددا , حتى يرثوا المجد الروحى و غير الفاسد للصلاح الذى فى السماء.
اننا نعرف أول عبارتين , فقد وردت اشارة عنهما فى أحد كتابات القديس جيروم , الذى قال أنها كانت موجوده فى بعض نسخ هذا الإنجيل , و بصوره رئيسيه النسخ اليونانيه , و لكن باقى العبارات جديدة كلها .

لا يوجد من يعتقد بأصالة هذه الفقره , و لكنها توضح لنا كيف كانت تتسرب الإضافات الى نسخ الأناجيل و يحدث لها بعض الانتشار .

ان المرحله التاليه فى تاريخ نص الكتاب المقدس تقدم لنا مثالا مثيرا للاهتمام , كان حصيلة مجهود مضنى توج باكتشاف ثمين , فبينما كان البحث عن المخطوطات القديمه للكتاب المقدس يجرى على قدم و ساق , مع نتائجه التى شرحناها سابقا , فإن العلماء لم يهملوا دراسة المخطوطات المتأخره زمنيا , لعلهم يجدون فيها بقايا أنواع قديمة من النصوص .

فى عام 1877م نشر عالمان أيرلنديان هما " دبليو اتش فيرار " و " تى كاى آبوت " دراسة عن أربع مخطوطات لها سمات غريبه , ثلاثة منها كتبت فى جنوب ايطاليا فى القرن الثانى عشر أو الثالث عشر , و أما المخطوطه الرابعه الموجوده الآن فى " ليسيستر " فقد كتبت فى انجلترا فى القرن الخامس عشر , و لكنه بدا واضحا عليها أنها نسخت من أصل ينتمى لنفس العائله التى تنتمى لها المخطوطات الثلاثه السابقه .
تعرف هذه المجموعه باسم "العائله 13" , نسبة الى العدد المكتوب فى القوائم لأول مخطوطة فيها , أو باسم " مجموعة فيرار " نسبة الى اسم العالم الذى لفت الانتباه اليها لأول مره ....كانت صلة النسب بين هذه المخطوطات شديدة الوضوح , فقد احتوت على قراءات غريبه لا توجد فى أى مكان آخر , أو أنها تتطابق فقط مع بعض المخطوطات شديدة القدم .
اكتشف بعد ذلك أن بعض المخطوطات تحتوى على آثار لنفس النوع , و لكن لم يكن من الواضح ما أهمية هذه المعلومه , و ما أهمية القراءات الغريبه التى توجد فى مجموعة تنتمى لفترة زمنيه متأخره , فكل ما يمكن أن يقال عنها أنها تنجذب نوعا ما ناحية "الترجمه السيريانيه القديمه" .

ان أبرز القراءات المختلفه التى تحتويها , أنها نقلت قصة المرأه الزانيه من انجيل يوحنا ( التى لا تنتمى له بكل تأكيد , فهى مختلفة تماما من حيث الأسلوب و اللغه ) الى انجيل لوقا و وضعتها فى الاصحاح الحادى و العشرين بعد العدد 38 .

قام البروفيسور " كيرسوب ليك " بتصنيف أربعة مخطوطات أخرى فى مجموعة جديده , و نشر تعليقا عليها فى عام 1902 م , و أهم ما يمثل هذه المجموعه مخطوطه تحتل المقام الأول فى تصنيف المخطوطات المكتوبه بالحروف الصغيره ( و قد استخدمها ايرازموس بقدر يسير ) , و بالتالى فقد أطلق عليها اسم " العائله1 " .

انها تحتفظ بالعديد من القراءات الموجوده فى المخطوطات القديمه مثل المخطوطه الفاتيكانيه و السينائيه و المخطوطه بيزا , أو فى الترجمه السيريانيه القديمه , و قد لاحظ البرفيسور " ليك " أن قراءاتها الغريبه تتركز بشكل كبير فى انجيل مرقص , حيث تظهر هناك بعض الإنجذاب ناحية "العائله 13 " .

فور الانتباه الى هذه النقطه , فقد لوحظ فى المخطوطات الأخرى أيضا أن انجيل مرقص هو أقل الأناجيل تأثرا بعملية التنقيح التى أدت الى انتاج النص البيزنطى .
ان السبب بكل تأكيد أن انجيل مرقص هو أقصر الأناجيل , و أقلهم احتواءا على تعاليم المسيح , فكان لا ينسخ بصورة كبيره فى القديم و بالتالى نجى من التغييرات التى يحدثها النساخ أو المحررون .

كنا قد رأينا أن انجيل مرقص يتسم بسمات مميزه فى مخطوطة واشنطن , و سوف نجد نفس الشىء فى العديد من الاكتشافات التى سوف نتناولها بالشرح لاحقا .
جاءت الخطوه التاليه على نحو غير متوقع , ففى عام 1906م , لفت البرفيسور " فون سودين " و الذى كان يعمل على اعداد طبعة يونانية شامله للعهد الجديد الانتباه الى احدى مخطوطات الحروف الكبيره المتأخره الخشنه ( الآن فى "تيفليس" ) و التى تنتمى الى دير فى القوقاز اسمه " كوريديثى " .

لم يظهر على هذه المخطوطه أنها أقدم من القرن التاسع , و من الواضح أن معرفة ناسخها باللغه اليونانيه كانت محدوده جدا , و لكن ربما يكون هذا هو السبب الذى لم يجعله يحدث أية تعديلات على ( بالرغم أنه قام ببعض الأخطاء ) النص الذى ينسخه , و بالتالى قد حافظ بكل تأكيد على نوع غير معتاد من النصوص .
ربط " فون سودين " فى ذهنه بين هذه المخطوطه و بين المخطوطه بيزا , و لكنه كان مخطئا فى هذا بكل تأكيد , و عندما نشرت المخطوطه أخيرا بصورة كامله فى عام 1913م , فقد أوضح البروفيسور " ليك " و آخرون أنها -على أية حال - تنجذب بقوه نحو "العائله 1" و "العائله 13" .

و بالتالى كانت الخطوه التاليه هى ضم هذه المخطوطه ( التى رمز لها بالحرف "ثيتا " فى قائمة مخطوطات الحروف الكبيره ) مع هاتين العائلتين , و أطلق على المجموعه كلها اسم " العائله ثيتا " .

و بالتالى كانت أهمية " مجموعة فيرار " تزداد يوما بعد يوم , و لكنها نحت منحى جديدا تماما عندما نشر " كانون ستريتر " فى عام 1924م ( فى كتابه " الأناجيل الأربعه" ) نتائج بحثه عنها .

فبعدما أكد على ارتباط " العائله ثيتا " بالـ " الترجمه السيريانيه القديمه " ( و التى اعتبر هذا دليلا على قدمها , بالرغم أن المخطوطات التى احتفظت لنا بها تعود الى زمن متأخر ) , فقد أرسى حقيقة مهمه و هى أن " أوريجين " العالم المسيحى البارز ( الذى توفى عام 253م ) استخدم هذا النوع من النصوص فى أعماله المتأخره التى كتبها بعد رحيله من "مصر" الى "قيصريه " فى عام 231م .

كانت قيصريه التى توجد فى فلسطين مركزا مهما لدراسات الكتاب المقدس , و اشتهرت بعد ذلك بمكتبة تشكل مخطوطات " أوريجين " منها جزءا واضحا , و التى استخدمها القديس " جيروم " بكثره , و هناك ما يدعو للاعتقاد بأن " المخطوطه السينائيه " كانت بها فى فترة مبكرة من تاريخ هذه المخطوطه .

و بالتالى , فإن ما استنتجه " ستريتر " هو أنه بينما اعتمد " أوريجين " فى أعماله المبكره التى كتبها أثناء وجوده فى مصر على مخطوطات تحتوى على " النص السكندرى" و " النص المحايد " , فقد وجد فى " قيصريه" نوعا آخر من النصوص اعتبره فى رتبة أعلى من النصوص السابقه , و اعتمد عليه منذ ذلك الحين , و الذى تقدمه لنا و تمثله أمامنا " العائله ثيتا " .

و بالتالى أطلق اسما جديدا على هذه العائله , فقد أسماها ب " النص القيصرى " , لتتساوى مع اصطلاح ويستكوت و هورت عن " النص المحايد " و " النص الغربى " , و لينظر ل " النص القيصرى" على أنه من العائلات التى لها أهمية قصوى .

يبدو أن هذه نتيجة مهمه , حيث تحولت " مجموعة فيرار " التى لم يكن ينظر لها بأهمية فى بادىء الأمر و التى لم يكن يعرف أصلها الى ما يعرف باسم " النص القيصرى " الذى يدعمه أعظم عالم مسيحى فى الكنيسه القديمه , و الذى يوجد فى فلسطين بكل أريحيه , قريبا على نحو مناسب من كنيسة سوريا .

بالرغم من ذلك , فقد ظهر أمر يثير الاضطراب , فقد أوضح البروفيسور " ليك " أنه بالتحليل الأعمق للاقتباسات الموجوده فى كتابات " أوريجين " , فقد تبين أنه - بدون شك - استخدم " النص السكندرى " فى أعماله التى كتبها فور هجرته الى " قيصريه" , و لم يتحول الى استخدام " النص القيصرى " الا فى فترة لاحقه متأخره عن هذا الوقت .

هناك أيضا بعض الاشارات ( بالرغم من ضعفها لأنها تفتقد البرهان الكافى) أنه استخدم " النص القيصرى" فى آخر أعماله التى كتبها فى الإسكندريه , و بالرغم أنه من الطبيعى أن نسمى هذا النص باسم " النص القيصرى " لأن " أوريجين " استخدمه هناك و كذلك تلميذه " يوسابيوس " , فقد تكون الحقيقه أن " أوريجين" قد جلب هذا النوع من النصوص معه من مصر , و أنه وجد مخطوطات تنتمى ل " النص السكندرى " فى قيصريه , و استخدم كلا النوعين من النصوص لبعض الوقت , ثم فى فترة لاحقه اعتمد كلية على " النص القيصرى " .

هناك نقطة جيدة أخرى أشار اليها " ستريتر " , و هى أنه من الممكن أن نضيف " مخطوطة واشنطن التى تحتوى على الأناجيل " الى قائمة المستندات المتناميه الداعمه للنص القيصرى فيما يتعلق بالجزء الأكبر من انجيل مرقص , و الذى كانت سماته مجهولة حتى ذلك الوقت كما أشرنا سابقا .

و قد اتضح أيضا أن " الترجمه الجورجيه " لها سمات قيصريه , و اذا كانت - كما هو محتمل - " الترجمه الجورجيه " مأخوذة من " الترجمه السيريانيه " , فهذا دليل آخر على صلة هذا النوع من النصوص بسوريا .
من كل ما سبق من النقاشات و الدراسات تبرز لنا حقيقة مؤكده , أن "النص القيصرى" قد صار كينونة متميزه , يستحق أن يعطيه الدارسون من وقتهم و جهدهم من أجل بحث أعمق , و أنا واثق أن هذا سيحدث بكل تأكيد .[1]




[1] ملحوظه : يختلف صاحب الموقع الدكتور " مايكل مارلو " مع الدكتور "كينون" صاحب الكتاب فى مسألة النص القيصرى و قد عرض الدكتور" مايكل
مارول " رأيه كما هو موضح قائلاً: (( ان " النص القيصرى " ليس كينونة متميزه بأى حال من الأحوال , انظر آراء العلماء المعاصرين فى هذا الرابط ))
في الملحق التالي ترجمة لتلك الآراء من الرابط المشار اليه:
Concerning the "Caesarean Text"
بخصوص النص القيصرى
http://www.bible-researcher.com/kenyon/sotb14.html
فى السنوات الأخيره ارتاب كثير من العلماء فى وجود ما يسمى ب " النص القيصرى " ....فى عام 1963م قام " بروس ميتزجر " بعمل دراسه عن تاريخ الاستقصاءات عن هذا النص وصولا الى تاريخ كتابة هذه الدراسه , و أجمل الآتى قائلا ( بشكل عام , فالاعتقاد بوجود ما يسمى ب " النص القيصرى " يتلاشى يوما فيوم .
لا تزال هناك عائلات عديده مثل " العائله 1 " و " العائله 13 " و " الترجمه الأرمينيه " و " الترجمه الجورجيه " تقدم لنا سماتا مميزة , و لكن لم يعد ممكنا أن نجمع كل هذه العائلات و المخطوطات المنفصله تحت مظلة نص يسمى " النص القيصرى " .
أن الدليل الذى تقدمه " البرديه 45 " يظهر لنا أنه يتوجب على العلماء بداية من الآن أن يتحدثوا عن " نص قبل قيصرى " له كينونه منفصله عن " النص القيصرى " .
على الباحثين المعاصرين أن يأخذوا فى اعتبارهم دراستين لم تنالا الإهتمام حتى الآن , و هما " مساهمة أيوسوو المتميزه فى عام 1935 , الذى أوضح فيها بشكل كامل الأسباب المقنعة التى تفرض علينا تقسيم النص القيصرى " و كذلك " أطروحة إم ليت فى عام 1936 عن النتائج التى ترجح أن النص القيصرى ما هو الا عملية تطور فى النص " " فصول فى تاريخ النقد النصى للعهد الجديد , جراند رابيدز : دبليو ام ايردمانز للنشر , 1963 , صفحة 67 " .
و فى الآونه الأخيره , قدم " كرت ألاند " رأيا أكثر تشككا , فهو يعترف فقط بوجود " النص السكندرى " , و " النص البيزنطى " , و بينما لا بد أن نعترف ب " الاحتماليه النظريه " لوجود " النص القيصرى" , فقد قال " ألاند " أنه " مجرد أمر افتراضى بحت " .
و قد حذر من أن الحجج النقديه النصيه المؤسسه على فكرة وجود " النص القيصرى " ترتكز على أسس مشكوك فيها , و أنها كمن يؤسس بيتا على السحاب " ( نص العهد الجديد " ايردمانز , 1989 ) .

  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22