عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-2012 ~ 09:43 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 2
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012



بْرُوفَنْسال ، لِيفي (1311 ـ 1376هـ = 1894 ـ 1955م)

إيفارسْت ليفي بروفسال EvaristeLévi-Provençal: مستعرب افرنسي الأصل. كثير الاشتغال بتصحيح المخطوطات العربية ونشرها. ولد وتعلم في الجزائر. وحضر حرب الدردنيل في الجيش الفرنسي, فجرح, ونقل إلى مصر, ثم أعيد إلى فرنسة. وعُين سنة 1920 مدرساً في معهد العلوم العليا المغربية في الرباط فمديراً له (سنة 1926 ـ 35) وانتدب في خلال ذلك (سنة 28) لتدريس تاريخ العرب والحضارة الإسلامية في كلية الآداب بالجزائر, كما انتدب لتدريس تاريخ العرب وكتاباتهم, بمعهد الدراسات الإسلامية في السوربون (بباريس) واستقال من إدارة معهد الرباط (سنة 35) ودعي لإلقاء محاضرات في جامعة القاهرة (سنة 38) وألحقه وزير التربية الفرنسية بديوانه في باريس (سنة 45) وعين في السنة ذاتها أستاذاً للغة العربية والحضارة الإسلامية في كلية الآداب بباريس, ووكيلاً لمعهد الدراسات الساميّة في جامعتها. وكان من أعضاء المجمعين: العلمي العربي بدمشق, و اللغوي بالقاهرة. ومات بباريس. تعاون مع محمد بن أبي شنب, على تصنيف «المخطوطات العربية في خزانة الرباط ـ ط» ومما نشر «كتابات عربية في أسبانيا» و «نص جديد للتاريخ المريني» و «أسبانيا المسلمة في القرن العاشر» و «الحضارة العربية في أسبانيا» و «وثائق غير منشورة عن تاريخ الموحدين» و «منتخبات من مؤرخي العرب في مراكش» و «البيان المغرب» لابن عذاري, و «مقتطفات تاريخية عن برابرة القرون الوسطى» و «أعمال الاَعلام, القسم الثاني, في أخبار الجزيرة الأندلسية» لابن الخطيب و «مذكرات الأمير عبد الله آخر ملوك غرناطة» و «صفة جزيرة الأندلس» اختزله من الروض المعطار, و «سبع وثلاثون رسالة رسمية لديوان الموحدين» و «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم, و «نسب قريش» للزبيري. وكان يكتب اسمه بالعربية «إ. ليفي بروفنسال» وأحياناً «إ. لابي بروفنصال».

بعض كتابات ليفي بروفنسال عن الأندلس، تَبْرزُ فيها الروح الاستعمارية، وخاصة في مجال الصراع القبلي بين العرب والبربر .

المسلمين فرقوا في المعاملة بين من أسلم صلحاً ومن أسلم عنوة

قسم بروفنسال الذين أسلموا الي فريقين : فريق دخل في طاعة المسلمين صلحاً ، وفريق دخل في طاعة المسلمين عنوة ، ثم قرر ان المسلمين فرقوا في المعاملة بين من اسلم صلحاً ومن أسلم عنوة

الرد

وهو حكم مغاير للحقيقة كل المغايرة وذلك بحكم كبار مفكري الدراسات الاندلسية مثل الدكتور حسين مؤنس ومصطفى الشكعة .

وأكد الدكتور مؤنس ان كل من أسلم من الاندلسيين تمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها المسلم الفاتح ، وأما الذين لم يسلموا فقط اعتبروا أهل ذمة وطبقت عليهم الاحكام الاسلامية تبعاً لنصوص الشريعة ولقوا من السماحة والعدالة في المعاملة ما قد تعارفت عليه احكام الشريعة السمحة في هذا السبيل([1])

العرب كانوا يشكلون أرستقراطية خاصة في الاندلس

وذكر ان العرب كانوا يشكلون أرستقراطية خاصة في الاندلس ،

الرد

والحقيقة أن ايراد الخبر علي هذا النحو يشكل خطأ فادحاً ، لم يكن العرب طبقاً لما ذهب اليه بروفنسال يشكلون أرستقراطية في الاندلس برغم ان الامير كان منهم ، بل ان الامر علي العكس من ذلك تماماً فإن الموالي هم الذين كانوا الارستقراطية الحقيقية ، وظلوا كذلك حتي اخر الخلافة الاموية ، أي ما يزيد علي ثلاثة قرون .
ولو أن بروفنسال كلف نفسه ، الاطلاع علي تاريخ ابن القوطية لكان له رأي آخر فيما اخترعه من الارستقراطية العربية في الاندلس ، فالاخبار في ذلك كثيرة
ولم يكن العرب يشكلون طبقة ارستقراطية في الاندلس ، ولم يكونوا ذوى استعلاء علي الناس وترفع عنهم ، وانما كانوا يعيشون بكدهم وكفاحهم ، شأنهم في ذلك شأن الاخرين .


العرب الفاتحين كانوا يكرهون انتشار الاسلام

خطأ آخر تاريخي يقع فيه بروفنسال في معرض خبر يسوقه عند حديثه عن فتح الاندلس ، فيقرر أن العرب الفاتحين كانوا يكرهون انتشار الاسلام ، لأن انتشاره يضر بيت المال ، والامر هنا يبدوا غريباً كل الغرابة ، ففي الوقت الذي يذهب فيه اكثر المستشرقين خطأ الي ان العرب كانوا ينشرون الاسلام بالسيف ، يذهب بروفنسال الي النقيض ويري انهم يكرهون انتشار الاسلام لكي تمتلئ الخزانة بالاموال بسسب فرض الجزية علي الذين لم يسلموا .
والحقيقة ان الفريقين كليهما علي خطأ فقد أرسل الله محمد هادياً ولم يرسله جابياً ، والاسلام ينتشر بأصوله ومبادئه واقتناع الناس بها جميعا([2])


بروكلمان ، كارل Carl Brockelmann (1868-1956)

بروكلمن(1275 ـ 1375 هـ = 1868 ـ 1956 م) كارل بروكلمن
Carl Brockelmannمستشرق ألماني عالم بتاريخ الأدب العربي. ولد في ا روستوك (بألمانيا ونال شهادة « الدكتوراه» في الفلسفة واللاهوت. وأخذ العربية واللغات السامية عن « نولدكه» وآخرين. ودرّس في عدّة جامعات ألمانية وكانت ذاكرته قوية يكاد يحفظ كل ما يقرأ. ودرّس العربية في معهد اللغات الشرقية ببرلين (1900) وتنقل في التدريس. وتقاعد سنة 35 وعمل في الجامعة متعاقداً سنة 37, ثم كان (ستلا 45) أميناً لمكتبة الجمعية الألمانية للمستشرقين. وأمضى أعوامه الأخيرة في مدينةهالة (Halle) وكان من أعضاء المجمع العلمي العربي وكثير من المجامع والجمعيات العلمية في ألمانيا وغيرها. وصنف بالألمانية Geschichte der Arabischen تاريخ الأدب العربي, في مجلدين. وأتبعهما بملحق Supplementband في ثلاثة مجلدات. وكلفته جامعة الدول العربية, أن يُدخل الملحق في الأصل, وينقلهما إلىَ العربية فباشر ذلك وترجم نحو ثلاثين ورقة, ترجمة متقنة ما زالت محفوظة بخطه العربي الجميل, في خزانة الأمانة العامة بجامعة الدول بالقاهرة. وشُغلت الجامعة عنه, ومرض, فوقف عن الاِتمام. وقام بالترجمة ابتداءً من أول الكتاب عبد الحليم النجار, فتوفي أيضاً قبل إتمامه, وقد صدر منه ثلاثة أجزاء. ولبروكلمان « تاريخ الشعوب الإسلامية» ترجم إلىَ العربية في بيروت وطبع بها في خمسة أجزاء صغيرة, و « فهرسان لخزانتي برسلاو وهامبورغ» يعرّفان بمخطوطاتهما العربية, وكتاب في « نحو اللغة العربية» بالألمانية, و « معجم للغة السريانية» و « قواعد السريانية» و « ترجمة ديوان لغات الترك» للكاشغري, إلىَ الألمانية وكلها مطبوعة. ومما نشر بالعربية قسم كبير من « عيون الأخبار» لابن قتيبة, ورسالة « تلقيح فهوم أهل الاَثار» لابن الجوزي, وجزء من « طبقات ابن سعد» ورسالة « ما تلحن فيه العوام» للكسائي.


شبهة أن الرسول r اتصل فى رحلاته ببعض اليهود والنصارى
كارل بروكلمان وهو يتحدث عن نبوة محمد r، يردد أكاذيب وأباطيل فيقول : "وتذهب الروايات إلى أنه اتصل فى رحلاته ببعض اليهود والنصارى، أما فى مكة نفسها فلعله اتصل بجماعات من النصارى كانت معرفتهم بالتوراة والإنجيل هزيلة إلى حد بعيد([3])، وعن الوحى يردد بأنه وحى نفسى قائلاً : "لقد تحقق عنده – أى عند الرسول e –أن عقيدة مواطنيه الوثنية فاسدة فارغة، فكان يضج فى أعماق نفسه هذا السؤال : إلى متى يمدهم الله فى ضلالهم، ما دام هو U قد تجلى، آخر الأمر، للشعوب الأخرى بواسطة أنبيائه؟! وهكذا نضجت فى نفسه الفكرة أنه مدعو إلى أداء هذه الرسالة، رسالة النبوة([4])0

الرد
لو كان الامر كذلك فما سبب سكوت قريش على هذا ، وهم قد أجهدوا أنفسهم فى تلمس مصادر النبى التى افترضوها فى المسيحيين الموجودين بمكة ؟!
ويستعرض الدكتور ساسي سالم الحاج النقاط التالية :
إن زعمهم بأن الرسول الكريم قد تلقى تعاليمه الدينية عن بحيرى الراهب ، فهو قول عار من الصحة هو الاخر ، ذلك أنه لم يكن لهذا الراهب أثر فى التاريخ لو لم يذكره مؤرخو السيرة النبوية . وأجمع هؤلاء المؤرخون على أن هذا الشخص هو راهب متبتل عاش فى ديره على أطراف الجزيرة العربية مثل بقية زملائه الذين اتخذوا من هذه الأماكن القصية ملاذاً لهم ، وكان ديره يقع فى طريق تجارة قريش إلى الشام ، وكثيراً ما تأوى هذه القوافل التجارية إلى ديره للراحة من وعثاء السفر ، فيضيفها ، ويزودها بالماء القراح .
لكن المستشرقين أولوا هذه الأخبار وذهبوا بها مذاهب شتى منها : أن الرسول كان يتردد على هذا الراهب إبان سفره للتجارة عندما أصبح شاباً ، وأنه استقى منه العديد من الحكم والمعارف الدينية ، وأنه كان أحد مصادره لتأليف القرآن الكريم ويتبين خطأ هذا الرأى من عدة وجوه منها :
أن الرسول لم يرى بحيرى إلا مرة واحدة وللحظات بسيطة وهو طفل صغير ولا يعقل أن ستقى منه شيئا من المعارف والمعلومات فى هذه الفترة الوجيزة وفى هذه السن اليافعة ، وثبت أن الرسول لم يسافر للتجارة إلا مرة واحدة بعد أن أصبح شاباً ، وذلك عندما استأجرته خديجة لتجارتها . واتفقت الرويات على عدم مروره ببحيرى هذه المرة ولم يشر الإخباريون ومؤرخو السيرة إطلاقاً إلى عودة الرسول إليه مرة ثانية , وإذا صدقنا برواية التقاء الرسول ببحيرى رفقة عمه أبى طالب فإن الإحداث تنبئنا بأنه عاد إلى التجارة وهو قريب السن من الخامسة والعشرين لأنه تزوج بخديجة فى هذا العمر أى بعد عودته من تجارته بالشام فيكون بحيرى قد قضى نحبه خلال هاتين الفترتين .
والأسئلة التى لا إجابة عنها من قبل المستشرقين عن هذا التأثير تتحدد فى الأمور التالية : كيف يتأثر الرسول بهذا الراهب وقد رآه والتقى به مرة واحدة وهو فى الثانية عشرة من عمره ؟
كيف يتسنى له أن يتلقى منه المعارف والقصص ، والأحكام والمواعظ ، والأوامر والنهى الواردة فى القرآن الكريم وهو يمر بهذا الراهب مرور الكرام حتى ولو افترضنا التقاءه به مرة ثانية ؟
وكيف لا يلاحظ مرافقوه من تجار قريش التقاء الرسول به ، والمكوث معه أياماً وليالى طويلة ، وهو يغترف من معين هذا الراهب العلمى ؟
وكيف يتسنى له ذلك وهو أمى لا يتمكن من تسجيل تلك المعلومات وتدوينها للاستعانة بها فى تأليف كتابه ؟ .
ثبت لدى المؤرخين والباحثين وجود اليهود فى الجزيرة العربية ، واستقرارهم بيثرب ، واصطدامهم بالرسول بعد هجرته إليها ، ومجادلتهم إياه فى الأمور التعبدية والمدنية . ويرجع الباحثون قدوم اليهود إلى الجزيرة العربية من فلسطين بعد أن استولى عليها " نبوخذ نصر " البابلى . وأنهم انتشروا فى الأجزاء الشمالية من الجزيرة العربية ، ثم تسربوا إلى جنوبها ، حتى أصبحت اليهودية الديانة الرسمية لليمن ، أما كيفية حصول ذلك ، فليس لدينا إلا رواية الطبرى التى زعم فيها أن " تبع بن حسان " اهتدى إلاى ديانتهم عند مروره بيثرب وهو عائد إلى بلاده من حرب قام بها فى الشمال ، وذلك بتأثير بعض الأحبار عليه .

نعم هناك العديد من التشابه بين الديانات السماوية فى ما يتعلق بالتوحيد والمعتقدات ، وإنكار عبادة الأصنام ، وتقرير بعض الأحكام التعبدية ، وإقرار بع العقوبات الجنائية ، ورواية بعض القصص المتعلقة بالرسل السابقين والأمم البائدة، والسبب فى ذلك أن هذه الكتب المقدسة جميعها مصدرها الله ، إذ يعتقدون المسلمون جميعاً أن مرجعها إلى الله الذى أوحى بها إلى الأنبياء ليبلغوا بها الأقوام السابقة كما بلغ بها نبى الإسلام فيكون مصدر هذا التشابه واحداً ، لأنها صادرة من مصدر واحد هو الله الذى أنزل الديانات السماوية الثلاث ، وكيف يتسنى لنا أن نساير المستشرقين فى تحليلاتهم التى تذهب إلى أنكار الوحى الألهى على محمد ، ونفى مصدر القرآن الإلهى ، والتشديد على بشريته بينما العديد منهم يؤمنون بالرسالات السماوية الأخرى من يهودية ومسيحية ، بل إن بعضاً منهم يتصف بالتدين الشديد فى هاتين الديانتين السماويتين ، ويجوز لنا أن نقبل بتحليلاتهم المليئة بالشكوك فى هذه المسائل الاعتقادية لو أنكروا مسألة الوحى الإلهى ، والإيمان الغيبى ونفى الرسالات السابقة عن الإسلام ، ثم ينصب نفيهم على الرسالة المحمدية فيكونون قد حادوا عن جادة الصواب ، واتصفوا بصفة التعصب العرقى الذى يميز بين الأجناس ، ويبيح لبعض الأقوام التشرف بإنزال الرسالة السماوية عليه ومن خلال أنبيائه وينكر على الشعوب الأخرى هذه الصفة كما فعل اليهود طوال تاريخهم إلى يومنا هذا باعبتارهم شعب الله المختار ، فأنكروا الرسالة المحمدية ، وأبوا التسليم بها ، لأنه لم يكن منهم ، ولأن النبوة لا تكون ـ على رأيهم ـ إلا فى بنى إسرائيل ، فكيف يصدقون بنبى عربى من الأميين ؟




شبهة تعالي العرب الفاتحين عن المسلمين الأعاجم وانتقاصهم من مكانتهم
يحاول المستشرقون أن يؤكدوا تعالي العرب الفاتحين عن المسلمين الأعاجم وانتقاصهم من مكانتهم ، وفي ذلك يقول المستشرق " بروكلمان " في كتابه " تاريخ الشعوب الاسلامية " : " واذا كان العرب يؤلفون طبقة الحاكمين فقد كان الأعاجم من الجهة الثانية هم الرعية أي القطيع كما يدعوهم تشبيه سامي قديم كان مألوفاً حتى عند الآشوريين " .

الرد
فهذا المستشرق قد أعرض عن جميع الوثائق التاريخية التي تؤكد عدالة الفاتحين المسلمين ومعاملتهم أفراد الشعب على السواء من غير تفرقة بين عربي وغيره ، وتعلق بلفظ " الرعية " تعلقاً لغوياً واستنتج منها أن المسلمين نظروا إلى الأعاجم نظرة القطيع من الغنم ، ولو رجعنا إلى مادة " رعى " في قواميس اللغة وجدناها تقول كما في القاموس المحيط : والراعي كل ولي أمر قوم ، والقوم رعية ، وراعيته : لاحظته محسناً اليه ، وراعيت أمره : حفظته ، كرعاه .
فالراعي في اللغة يطلق على راعي الغنم وعلى رئيس القوم وولي امرهم ، والرعية تطلق على الماشية وتطلق على القوم ، ومن معاني الرعاية : الحفظ والإحسان .
فلما أطلقها الاسلام على القوم لم يخص بها الأعاجم ليشير إلى أنه يراهم كالقطيع من الغنم ، وإنما أطلقها على الشعب عامة ، والأحاديث في ذلك كثيرة معروفة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره : " كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته([5]) .
شبهة أن شدة تفكير محمدrفيما عليه قومه من شرك وضلال خلق في ذهنه فكرة دين جديد

وذكر المستشرق الألمانيبروكلمانأن شدة تفكير محمد، r، فيما عليه قومه من شرك وضلال خلق في ذهنه فكرة دين جديد يصلح به حال العبادوالبلاد، يقولبروكلمانأغلب الظن أن محمداً rقد انصرف إلى التفكير فيالمسائل الدينية في فترة مبكرة جداً، وهو أمر لم يكن مستغرباً عند أصحاب النفوسالصافية من معاصريه الذين قصرت العبادة الوثنية عن إرواء ظمئهم الروحي
الرد
إن هذه الصورة التي حدَّد معالمها هؤلاء المستشرقون، تتسم بكثير من المغالطاتوالأكاذيب والادعاءات الزائفة التي ملاكها الجهل بسيرة محمد، rالتي تخبرنا أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يلتفت إلى أمر النبوة ولم يعبأ بها ولميسع إليها، بل كان منذ طفولته ميالاً إلى الوحدة، تواقاً إلى العزلة، مبتعداً عنجهالة قومه وضلالاتهم، تاركاً عبادتهم، فلم يعبد معهم صنماً ولا عظَّم وثناً .
ويقولمحمد رشيد رضا ،التحقيق في صفة حال محمد، r من أولنشأته، وإعداد الله تعالى إيَّاه لنبوته ورسالته: هو أنه خلقه كامل الفطرة ليبعثهبدين الفطرة، وأنه خلقه كامل العقل الاستقلالي ليبعثه متمماً لمكارمالأخلاق، وأنه بغَّض إليه الوثنية وخرافات أهلها ورذائلهم من صغر سنه، وحبَّب إليهالعزلة حتى لا تأنس نفسه بشيء مما يتنافسون فيه من الشهوات والملذات البدنية، أومنكرات القوة الوحشية، كسفك الدماء والبغي على الناس، أو المطامع الدنيئة، كأكلأموال الناس بالباطل، ليبعثه مصلحاً لما فسد من أنفس الناس، ومزكِّياً لهم بالتأسيبه وجعله المثل البشري الأعلى لتنفيذ ما يوجهه إليه الشرع الأعلى·
نستنتج من هذا، أن محمداً، r، كان غافلاً عن أمر الوحي، لميفكر فيه قطعاً ولم يبحث عنه، فلو كان الأمر كما يدَّعون، ما كان له أن يشعر بالرعبوالخوف عندما رأى جبريل ـ عليه السلام ـ وسمع صوته حتى إنه قطع خلوته، وعاد إلىبيته مسرعاً·
وتروي أحاديث بدء الوحي أن النبي، صلى الله عليه وسلم، خاف على نفسهلما رأى الملك للمرة الأولى، ولم تجد زوجته خديجة، رضي الله عنها، أمامها من وسيلةلتهدئ من روعه ـ عليه الصلاة والسلام ـ سوى أن تذكِّره بما سلف من عمله الصالح،وخلقه الطيب، فقالت:
كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحملالكَلَّ، وتُكْسِب المعدوم، وتُقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق ، ثم أخذتهبعد ذلك إلى ابن عمهاورقة بن نوفلليفسر له الحال التي كان عليها ويطمئنهعلى نفسه، فقال له ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله، صلى الله عليهوسلم، بما رأى، فقال لهورقة: هذا الناموس الذي نزله الله على موسى، ياليتني جذعاً، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أوَ مُخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي، وإنيدركني يومك لأنصرك نصراً مؤزراً([6])·
بروي
تأثير أمية ابن أبي الصلت
كتب المستشرق بروي (H.H.Brau) تحت مادة "أمية ابن أبي الصلت" في دائرة المعارف الإسلامية ما نصه:

"والآراء الدينية في كلام أُمية مطابقة لما جاء في القرآن إلى حدٍّ كبير. ويكاد الاتفاق يقع كلمة كلمة في كثير من الأقوال، ولهذا أُثيرت بالطبع مسألة اعتماد أحد القولين على الآخر. فيذهب
بروي و هيوارإلى أن أشعار أُمية بن أبي الصلت ـ التي تتضمّن قصصاً من قصص التوراة مذكورة عند المقدسي في "كتاب البدء" وهو الكتاب الذي نُسبَ خطأ إلى البلخي ـ هي من المصادر الصحيحة التي استمدَّ منها القرآن رأساً". ويضيف أيضاً في نفس المادة: "... ويمكن أن نعلل مشابهة قصائد أُمية لما جاء في القرآن بحقيقة لا تَحتمل شكاً هي: أنه في أيام البعثة المحمدية، وقبلها بقليل من الزمان، انتشرت نزعات فكرية شبيهة بآراء الحنيفية، واستهوت الكثير من أهل الحضر، وخصوصاً في مكة والطائف.
الرد
ويرد عليه الدكتور فؤاد كاظم المقدادي بقوله :

إن قول بروي هذا صارخ في إنكار الوحي الإلهي للرسول محمد r، وهو يردد بذلك دعوى أسلافه من اليهود والنصارى من الذين ابتدعوا هذه الأشعار، ونسبوها إلى أمية كيداً للإسلام ونبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد ذكرت لنا كتب التاريخ أن أُمية بن الصلت هذا كان من أعدى أعداء الإسلام ونبيه الكريم
من ذلك ما جاء في تاريخ الأدب العربي في ترجمة أُمية بن الصلت ما نصه: "كان أُمية تاجراً من أهل الطائف ينتقل بتجارته بين الشام واليمن. ومال أُمية من أول أمره إلى التحنف، هجر عبادة الأوثان وترك شرب الخمر واعتقد بوجود الله من غير أن يكون له فروض معينة في العبادة. وكاد أُمية أن يسلم لما جاء الإسلام، ولكن موقف قومه ثقيفٍ من الإسلام أملى عليه العداء للرسول وللمسلمين، فكان يُحرّض على قتال الرسول. ولما انتصر المسلمون على مشركي مكة في غزوة بدرٍ ، رثى أُمية الذين قُتلوا من المشركين في تلك الغزوة ... ضاع القسم الأوفر من شعر أُمية، ولم يثبت له على القطع سوى قصيدته في رثاء قتلى بدر من المشركين. وكان أُمية يحكي في شعره قصص الأنبياء على ما جاء في التوراة ويذكر الله والحشر ويأتي بالألفاظ والتعابير على غير مألوف العرب، ولذلك كان اللغويون لا يحتجون بشعره. وشعره كثير التكلّف ضعيف البناء قليل الرونق قلق الألفاظ. أما أغراضه في شعره الباقي بين أيدينا ـ صحيحاً ومنحولاً ـ فهي المدح والهجاء والرثاء وشيء من الحكمة وكثير من الزهد ومن الكلام في الله والآخرة". ومن ذلك نستنتج ما يلي:

1–أنه كان عدوّاً للإسلام ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم حتى نُقل أنه: "لمّا ظهر النبي قيل له: هذا الذي كنت تستريب وتقول فيه. فحسده عدوّ الله وقال: إنّما كنت أرجو أن أكونَه، فأنزل الله تعالى فيه: (واتْلُ عليهم نَبَأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) (سورة الأعراف/ 175). وكان يحرّض قريشاً بعد وقعة بدر"، وهذه قرينة على وجود تنافر بينه وبين رسول الله مما يبعد مقولة وجود صلة واستقاء منه خصوصاً بعد البعثة النبوية.
2–أنه كان يحكي في شعره بعض ما جاء في التوراة من قصص الأنبياء
3–أن البيان والبلاغة الإعجازية لآيات القرآن الكريم تأبى وتتنافى ودعوى الأخذ من أشعار أُمية المتكلفة الضعيفة
.

وقد أشار القرآن إلى هذه الافتراءات وما فيها من مفارقات صارخة، وأفحمهم بالبرهان الساطع الذي يثبت به ـ بما لا يقبل الشك والترديد ـ البون المطلق بين ما يدّعى مصدراً لضعفه وهبوط بيانه، وبين البيان الإعجازي للقرآن الكريم وهو قوله تعالى: (ولقد نعلم أنهم يقولون إنّما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسانٌ عربي مبين)
ثم أشار إلى حقيقة أخرى تدفع هذه الدعوى أيضاً إذ قال: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فأصبر إن العاقبة للمتقين)، وبذلك أثبت أن المشركين آنذاك لا يعلمون مما جاء في القرآن شيئاً ولو كانت أشعار أُمية مطابقة أو مشابهة لما ورد في القرآن الكريم إذن لكانت خير دليل عندهم على دحض نبوة محمد r، وإنكار الوحي والتنزيل الإلهي له صلى الله عليه وآله وسلم.

بطرس المبجل: (1094-1156)
فرنسي من الرهبانية البندكتية ، رئيس دير كلوني ، قام بتششكيل جماعة من المترجمين للحصول على معرفة موضوعية عن الإسلام . وقد كان هو ذاته وراء أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية 1143م التي قام بها الإنجليزي روبرت أوف كيتون



الرسول لم يعتمد علي العقل بل علي السلاح
إتهم بطرس المسلمين بالعنف وأن نبيهم لم يعتمد علي العقل بل علي السلاح ومنذ ذلك الحين واتباعه إخلاصا منه لشريعته يخنقون الحوار بالسيوف والحجاره!

بل ، ريتشارد :

الرسول اعتمد في كتابته للقرآن على الكتاب المقدس
ويرى ( ريتشارد بل Richard Bell (مؤلف كتاب مقدمة القرآن أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتمد في كتابته للقرآن على الكتاب المقدس، وخاصة على العهد القديم في قسم القصص. فبعض قصص العقاب كقصص عاد وثمود مستمدة من مصادر عربية، ولكن الجانب الأكبر من المادة التي استعملها محمدr ليفسر تعاليمه ويدعمها قد استمده من مصادر يهودية ونصرانية. وقد كانت فرصته في المدينة للتعرف على ما في العهد القديم أفضل من وضعه السابق في مكة حيث كان على اتصال بالجاليات اليهودية في المدينة، وعن طريقها حصل على قسط غير قليل من المعرفة بكتب موسى على الأقل








بودلي

شبهة النبي كان يجالس بحيرا الراهب ويتعلم منه

أما المستشرق الإنجليزي بودلي فيذكر في كتابه "الرسول حياة محمد" أن النبي كان يجالس بحيرا الراهب ويتعلم منه طويلا؛ فقد ظل الراهب يحادث العربي الصغير، وكأنما يحادث رفيقا من رفقائه فأخبره بعقيدة عيسى وسفه عبادة الأصنام، وأرهف محمد rالسمع إلى ما ينطق الرجل به.
وفي موضع آخر من الكتاب ذكر بودلي: وكان على محمد rأن يتلقى نزرا يسيرا من التعليم المدرس، ولكنه كان يحصل أكثر من أي طالب يمضي سحابة يومه في حجرة الدرس.

الرد
إنّ هذه الشبهة لا تنسجم أساساً مع تاريخ حياة النبي كما أنّ الموازين العقلية تكذِّبها ، وإليكم الشواهد على ذلك :

أولاً : إنّ النبي وباتِّفاق جميع المؤرّخين كان أُمِّياً ، لا يعرف القراءة والكتابة ، فهل يمكن أن يعقل من صبي لم يتجاوز عمره أربعة وعشرين عاماً ، وفي سفرة محدودة أن يفهم حقائق التوراة والإنجيل ، ومن ثم يقوم بصَبِّ هذه الحقائق في سن الأربعين بشكل شريعة سماوية متكاملة ؟
بالطبع إنّ مثل هذا الأمر يعتبر أمراً خارقاً للعادة ، وربما إذا أخذنا بنظر الاعتبار مقدار الاستعداد البشري فيمكننا أن نعتبره من المُحالات .
ثانياً : إنّ سفر النبي كان سفراً لأغراض تجارية ، ولم يستغرق – ذهاباً وإياباً – أكثر من أربعة أشهر .
والمعروف أن لقريش رحلتان ، رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى الشام ، وعلى هذا الترتيب لا يمكن أن يعقل حتّى لأكبر عالم في الدنيا أنّ يتعلّم التوراة والإنجيل بهذه المدّة القصيرة ، فكيف لصبي مثل النبي ، لا يقرأ ولا يكتب .
ولم يرافقه راهب في السفر بين مكّة والشام سوى بُحيرا الذي صادفه في إحدى منازل الطريق ، ولم يقضِ معه إلاّ بضع ساعات .
ثالثاً : تؤكّد النصوص التاريخية على أنّ عمَّ النبي أبو طالب كان يريد منه مرافقته إلى الشام .
ولم تكن ( بصرى ) هي النقطة النهائية في الطريق ، وإنّما كانت منطقة استراحة تقع في الطريق بين مكّة والشام ، وتتوقّف فيها أحياناً بعض القوافل للاستراحة ، ثم تواصل مسيرها .
فكيف استطاع النبي تعلُّم التوراة والإنجيل في فترة الاستراحة التي لا تتجاوز بضعة ساعات ؟!
ولو فرضنا أنّ أبا طالب أخذ النبي إلى الشام ، أو عاد به إلى مكّة قبل الموعد المقرر ، أو أنّ النبي عاد إلى مكّة مع شخص آخر .
فهذه الفرضية لا تصح ، لأنّ هدف الرحلة وهدف أبو طالب لم يكن منطقة بصرى ، لكي تكون منطقة استراحة يستطيع من خلالها النبي تحصيل المعارف .
رابعاً : لو كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد تعلَّم عند الراهب في بصرى ، لكان هذا الأمر شائعاً ، ومن المسلَّمات بين أوساط قريش في مكّة بعد العودة من السفر .
وبالإضافة إلى ذلك أن النبي لم يستطع أن يدَّعي يوماً ويقول : أيها الناس ، أنا أُمِّي لا أعرف القراءة والكتابة ، بينما رسالته بدأت بعبارة : ( اِقرأ ) العلق : 1 .
علماً أنّه لم نسمع بأحد قال للنبي: يا محمد ، أنت تعلَّمت في سن الثانية عشر من عمرك في بصرى ، عند الراهب بحيرا ، وتعلَّمت كثيراً من الأسرار السماوية من عنده .
وكما نعلم أنّهم ألحقوا بالنبي كثيراً من التهم ، ودقَّقوا في القرآن كثيراً لكي يجدوا دليلاً يحتجون به على النبي.
حتّى أنّهم شاهدوه يجلس مع غلام مسيحي في المروة – مكان في مكّة – فانتهزوا الفرصة ، وقالوا بأنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) يأخذ تعاليمه من هذا الغلام .
وهذه التهمة عبَّر عنها القرآن الكريم قائلاً : ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) النحل : 103 .
وخلاصة القول : أنّ قريش لم تدَّعِ ذلك مطلقاً ، وهذا خير دليل على أن هذا الادِّعاء جاء به المستشرقون .
خامساً : إذا كان راهب بصرى بهذه الدرجة من الاطِّلاع بالعلم والدين ، بحيث أنّ النبي استطاع أن يغيِّر بهذه المعلومات التي اكتسبها منه مجتمع الجزيرة العربية ، فذاع صيته في الشرق والغرب ، فلماذا لم يشتهر هذا الراهب مثله ، وهو معلِّمه الأوّل كما يدَّعون ؟! .
بوهل ، فرانتس

بُوهْل(1266 ـ 1351 هـ = 1850 ـ 1932 م) Frantz Buhl:
مستشرق دانمركي. من أعضاء المجمع العلمي العربي. ولد وتوفي في كوبنهاغن. كان أستاذ اللغات الساميّة في جامعتها. كتب في دائرة المعارف الإسلامية فصولاً في تراجم بعض أعلام المسلمين. وله كتاب في « جغرافية فلسطين القديمة» باللغتين الدانمركية والألمانية, وكتاب « حياة محمد» كتبه باللغة الدانمركية, وتُرجم إلى الألمانية. وكان غزير العلم بأدب الجاهلية العربية وتاريخها.


شبهة أن قصتي صالح وهود تناقضان الدعوة المألوفة التي أتى بها محمدr
يقول (بوهل Fr. Buhl) أن قصتي صالح وهود تناقضان الدعوة المألوفة التي أتى بها محمد rفي سور العهد المكّي من حيث انه قال: انه لم يرسل من قبله نبي إلى العرب...) إلى آخره .


الرد

أـ ان الآيات(1) التي استدل بها (بوهل) هذا هي:الآية(46) من سورة القصص التي جاء فيها: (لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك...)، والآية (2) من سورة السجدة التي جاء فيها: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم من قبلك من نذير)، والآية (5) من سورة يس التي جاء فيها: (لتنذر قوماً ما اُنذر آباؤهم فهم غافلون)، حيث أن الكاتب قد استدل بها على عدم ارسال الرسل وبعث الأنبياء قبل الرسول محمد rإلى العرب، وبهذا ادّعى اكتشاف تناقض بين هذه الآيات والآيات التي أوردت قصتي صالح وهود، وأنهما نبيّان اُرسلا إلى عاد وثمود وهما من العرب.
وجواب ذلك، واضح لمن يتأمّل في الآيات الاُولى، حيث أنها لم تقصد بالقوم (العرب) عمومهم منذ البدء وإلى عصر دعوة محمد
r، وإنما كانت تقصد ذلك الجيل الذي يستوعب قوم العرب المعاصرين لنبوة محمد rوآبائهم القريبين، وهذا هو الواقع حقاً، حيث انقطع الوحي الالهي فترة من الزمن، ولم يُرسل رسول لهم أو يظهر نبي بينهم، فلا تناقض بين الآيات الاولى والثانية.
ب ـ قول (بو
هل Fr. Buhl) في دعواه هذه من أن عدم ارسال الرسل وبعث الأنبياء للعرب مألوف في سور العهد المكي، الواقع خلاف ذلك فهناك آيات مكيّة تصرّح ببعث الأنبياء وارسال الرسل إلى العرب وكل الأقوام والاُمم، منها قوله تعالى: (إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً وإن من اُمة إلاّ خلا فيها نذير) ، ومنها الآيات المكيّة التي تتحدث عن قصتي النبيين صالح وهود عليهما السلام، منها قوله تعالى: (وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينةٌ من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسّوها بسوء فيأخذكم عذابٌ أليم...).

بلاشير ، ريجيس R.L. Blacher "1900م-1973"

ولد في باريس وتلقى التعليم الثانوي في الدار البيضاء وتخرج باللغة العربية من كلية الآداب بالجزائر، تولى العديد من المناصب العلمية منها أستاذ اللغة العربية في معهد مولاي يوسف بالرباط، ومدير معهد الدراسات المغربية العليا (1924م-1935م)، وأستاذ كرسي الأدب العربي في مدرسة اللغات الشرقية الحية بباريس وأستاذاً محاضراً في السوريون ثم مدير مدرسة الدراسات العليا والعلمية، ثم أستاذ اللغة العربية وحضارتها في باريس.من أبرز إنتاجه ترجمته لمعاني القرآن الكريم وكذلك كتابه (تاريخ الأدب العربي) في جزأين وترجمه إلى العربية إبراهيم الكيلاني، وله أيضاً كتاب (أبو الطيب المتنبي: دراسة في التاريخ الأدبي).

الأدب العربي يفتقد عموماً إلى الإبداع والعبقرية
ريجيس بلاشير يزعم أن الأدب العربي يفتقد عموماً إلى الإبداع والعبقرية وان "الفعالية الأدبية، في أدوار عدة، بل في الأدوار الهامة تظل جماعية بمعزل عن كل خلق فردي حقاً، وإذا ما اتفق أن وجدنا خلافاً لذلك فإننا لا نلبث إذا أمعنا النظر أن ندرك أن الظاهرة حركة تجديد أوجدتها فئة أو جماعة أدبية أو هي صفة خاصة إقليمية …. وعلى الجملة فالأدب العربي – وقد نلحق به آداب الشرق الأدنى–لم يعرف إلاّ في ومضات خاطفة، تلك الحاجة المرهقة الخصبة للتجديد، والتميز، والتعارض 0"([7])



الرد

وقد كفانا محمد العزب مؤونة الرد على بلاشير في مقالة أكد فيها حقيقة وجود الإبداع والعبقرية في الأدب العربي على مر العصور ،ولم يكتف بما كتبه النقاد المسلمون منذ القديم ولكنه رجع إلى بعض ما كتبه كارل بروكلمان في هذا المجال. وقدم نماذج من الشعراء المسلمين على مر العصور ([8]). ولكن ألا يمكن أن يكون هذا الرأي الذي قال به بلاشير إنما ينطلق من النظرة الاستعلائية التي تطبع الغرب عموماً فلا يرون عبقرية إلاّ عبقريتهم أو عبقرية من كان مقلداً لهم.

موضوع القراءات بالأحرف السبعة

وقد تكلم المستشرقون كثيراً في موضوع القراءات بالأحرف السبعة محاولين إثبات أن القراءة كانت حرة طليقة، الأمر الذي جعل تعرض القرآن للتغيير أمراً لا مفر منه. وهم بذلك يوهمون بأن التدوين وقع في جو هذه الحرية، وفي هذا الجو تم تسجيل قراءات مختلفة. وهذه القراءات التي نجمت عن ذلك لم تكن هي الصورة التي ورد بها الوحي أساساً. ونتيجة ذلك كله هي القول بحدوث تغيير في النص القرآني.

وقد روّج بعض المستشرقين لفكرة ( القراءة بالمعنى) مما يعطي للمزاعم السابقة سنداً تعتمد عليه

الرد
يحلل الدكتور ساسي المسألة الي ما يلي :
الأول :
إن المراد بالأحرف السبعة هى الأوجه السبعة من المعانى المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو أقبل ، وتعالى ، وهم . والسبب فى ذلك التوسعة على المسلمين فى الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغتهم ، حالة كونهم أمة أمية لا تعرف القراءة والكتابة إلا القليل من أبنائها ، فوسع لهم فى اختلاف الألفاظ من اتفاق المعنى .

الثانى :
إن المراد بالأحرف السبعة هى سبع لغات فى القرآن على لغات العرب كلها ، وليس معناه أن يكون فى الحرف الواحد سبعة أوجه ، ولكن هذه اللغات السبع متفرقة فى القرآن ، فبعضه بلغة قريش ، وبعضه بلغة هذيل ، وبعضه بلغة هوازن ، وبعضه بلغة اليمن .

الثالث :
المراد بالأحرف السبعة ، والتى تعنى اللغات السبع إنما تكون فى لغة مضر ، لأن الخليفة " عثمان " احتج بها عند جمع القرآن فقال " نزل القرآن بلغة مضر " والمقصود بلغة مضر : كنانة ، وأسد ، وهذيل ، وتيم ، وضبة ، وقيس .

الرابع :
إن المراد بالأحرف السبعة هو وجوه الاختلاف فى القراءة منها ما تتغير حركته ، ولا يزول معناه ولا صورته مثل : " هن أطهرُ لكم " وأطهر " ويضيقُ صدرى " ويضيقَ ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب ، مثل " ربنا باعد بين أسفارنا " وباعد ومنها ما تبقى صورته ويبقى معناه : " كالعهن المنفوش " وكالصوف المنفوش . ومنها ما تغير صورته ومعناه ، مثل " وطلح منضود " وطلع منضود . ومنها بالتقديم والتأخير كقوله : " وجاءت سكرة الموت بالحق " وجاءت سكرة الحق بالموت . ومنها بالزيادة والنقصان ، مثل قوله : تسع وتسعون نعجة أنثى وقوله : وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ، وقوله : فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم .

الخامس :
إن المراد بالأحرف السبعة معانى كتاب الله تعالى ، وهى أمر ، ونهى ، ووعد ، ووعيد ، وقصص ، ومجادلة ، وأمثال ، ورفض معظم المفسرين كابن عطية هذا التعليل لأن هذا لا يسمى أحرفاً ، ولأن الإجماع قد انعقد على التوسعة على الأمة لم تقع فى تحليل حلال ولا فى تغير شئ من المعانى .


فكرة تدوين الوحي لم تنشأ إلا بعد إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة

ليس صحيحاً ما يردده ( بلا شير ) من أن فكرة تدوين الوحي لم تنشأ إلا بعد إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، وأن التدوين كان جزئياً وناتجاً عن جهود فردية ومثاراً للاختلاف

فالثابت أن فكرة تدوين الوحي كانت قائمة منذ نزوله ـ وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام كلما جاءه الوحي وتلاه على الحاضرين أملاه من فوره على كتبة الوحي ليدونوه: وقد بلغ عدد كتاب الوحي ـ كما يذكر الثقات من العلماء ـ تسعة وعشرين كاتباً أشهرهم الخلفاء الراشدون الأربعة ومعاوية، والزبير بن العوام، وسعيد بن العاص، وعمرو بن العاص، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت
وأما ما يتعلق بمسألة الأوجه السبعة في القراءة فإن الأمر فيها لم يكن متروكاً لأهواء الناس، وإنما كان محكوماً بما يقرأه الرسول صلى الله عليه وسلم للناس من أوجه للقراءة كان القصد منها التخفيف على الناس في أول الأمر ( فأذن لكل منهم أن يقرأ على حرفه، أي على طريقته في اللغة، إلى أن انضبط الأمر في آخر العهد وتدربت الألسن، وتمكن الناس من الاقتصار على الطريقة الواحدة فعارض جبريل النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مرتين في السنة الأخيرة، واستقر على ما هو عليه الآن ) . وهذا ما عليه أكثر علماء المسلمين

والواقع الذي عليه المسلمون منذ أربعة عشرة قرناً هو تمسكهم الشديد بالمحافظة على الوحي القرآني لفظاً ومعنى ، ولا يوجد مسلم يستبيح لنفسه أن يقرأ القرآن بأي لفظ شاء ما دام يحافظ على المعنى. وليبحث المستشرقون اليوم في أي مكان في العالم عن مسلم يستبيح لنفسه مثل ذلك وسيعييهم البحث ، فلماذا إذن هذا التشكيك في صحة النص القرآني وهم يعلمون مدى حرص المسلمين في السابق واللاحق على تقديس نص القرآن لفظاً ومعنى ؟
إنهم يبحثون دائماً ـ كما سبق أن أشرنا ـ عن الآراء المرجوحة والأسانيد الضعيفة ليبنوا عليها نظريات لا أساس لها من التاريخ الصحيح ولا من الواقع. فنحن المسلمين قد تلقينا القرآن الكريم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو بدوره تلقاه وحياً من الله . ولم يحدث أن أصاب هذا القرآن أي تغيير أو تبديل على مدى تاريخه الطويل . وهذه ميزة فريدة انفرد بها القرآن وحده من بين الكتب السماوية كافة، الأمر الذي يحمل في طياته صحة هذا الدين الذي ختم الله سائر الديانات السماوية

بلاشير يتحدث في كتابه "معضلة محمد" عن مصدر القصص القرآني ، ذاكرا بالخصوص أن مما لفت انتباه المستشرقين هو التشابه الحاصل بين هذا القصص ، وبين القصص اليهودي المسيحي([9])


القرآن الكريم كتاب مقلق للغربيين، ومحير لهـم ، ومبلبل لأفكارهم

يقول بلاشير :

(قلما وجدنا بين الكتب الدينية الشرقية كتاباً بلبل بقراءته دأبنا الفكري أكثر مما فعله القرآن )


الرد

الأمر في الواقع ليس مجرد قلق أو حيرة أو بلبلة فكرية، وإنما الأمر أبعد من ذلك بكثير، إنه الشعور بخطورة هذا الكتاب. وقد كان للاستشراق دوره في التحذير من خطورة القرآن على العالم الغربي، فقد تكفل بالكشف عن أخطار القرآن طائفة من المستشرقين الذين أخضعوا بحوثهم العلمية للأهواء الشخصية أو الأهداف السياسية والدينية، فأعماهم ذلك عن الحق وأضلهم عن سوء السبيل .

عندما تدرس هذه الفئة القرآن الكريم دراسة عميقة ، وتتأمل مبادئه الأساسية، وتتبين مزاياه الفريدة، وما فيه من دعوة إلى الترابط، والاعتصام بحبل الله المتين، والتعاون على البر والتقوى، والتحذير من الشر أو الظلم، والنهي عن السخرية بغيرنا أو التجسس عليه، والتحذير من الغيبة والنميمة، والحض على الصدق والأمانة، والعدل والوفاء بالعهد، والحث على طلب العلم والتخلص من الجهل ـ عندما يتبينون ذلك كله يحاولون طمس هذه الحقائق، وإبعاد المسلمين عنها، ويسارعون إلى أولي الأمر في بلادهم من المستعمرين القدامى أو الجدد، ويوحون إليهم بأن هذا القرآن كتاب خطير، لأنه اشتمل على مبادئ تقيم الدنيا وتقعدها، وإذا تحقق فهمها وتطبيقها ساد أهله العالم كله وتحكموا في مصيره.

وهذا يعني ان المسلمين إذا عرفوا كتابهم حق المعرفة، وطبقوه تطبيقاً تاماً، فالويل كل الويل للاستعمار القديم والجديد. إذ أنه لن تقوم له قائمة بعد الساعة التي تتم فيها هذه المعرفة، ويتحقق فيها ذلك التطبيق ؛ ومن ثم يتبين ذلك المجهود الذي يبذله المستعمرون في أن يبقى القرآن مجهولاً، وأن تظل مبادئه مهجورة بعيدة عن التنفيذ

ومن هنا نعرف سبب هلع الغرب وفزعه الذي لا حد له عندما يشعر بوجود تيار إسلامي في أي مكان في العالم الإسلامي، أو ما يعرف الآن بالصحوة الإسلامية، التي تعني ـ لو أحسن ترشيدها ـ عودة إلى هذا القرآن ، الذي يزرع العزة في قلوب أبنائه، ويرفض أن يكونوا أذلاء لأعدائهم. وهذا يعني أيضاً انطلاق المارد الإسلامي من سجنه ليثبت وجوده مرة أخرى، الأمر الذي يهدد أطماع ومصالح الغرب في الشرق الإسلامي. ([10])



بيكر ، كارل هينريش: " 1867-1933م " K.H. Becker
مستشرق هولندي درس اللغات الشرقية وعين أستاذاً لها في جامعات هامبورج وبون ، وكان متضلعاً في التاريخ الإسلامي ، له : نشر مناقب عمر بن عبد العزيز ، مصر في عهد الإسلام ، الإسلام والنصرانية".



الاسلام انتشر في العصور الوسطى وأقام سداً منيعاً في وجه انتشار النصرانية


إنّ أبرز الموضوعات التي تناولها المستشرقون هي موضوعات الدين الاسلامي الذي حل محل النصرانية في أغلب بلدان الشرق، ووقف في طريق امتدادها وامتداد أنظمة دولها في تلك البلدان، بل انه ظل على مدى التاريخ المقارع والمنافس الرئيسي لها بين الشعوب، واستطاع أن يدخل عقر دارها في اوربا.

وبهذا الصدد قال أحدهم وهو المستشرق الالماني (بيكر) (... ان هناك عداءً في النصرانية للاسلام بسبب أن الاسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سداً منيعاً في وجه انتشار النصرانية، ثم امتد إلى البلاد التي كانت خاضعة لصولجانها).



بيكون ، روجر :[ 1214 م ـ 1294 م ]

روجر بيكون Roger Baconفيلسوف وعالم انجليزي عاش في القرن 13 الميلادي . اهتم بالرياضيات والتجارب العلمية ، ولذا فهو يعتبر من أكبر مؤسسي العلوم الحديثة . تلقى علومه الجامعية في باريس ثم درس في جامعاتها لمدة سبع سنوات غادر بعدها الى جامعة اوكسفورد في انجلترا . في عام 1267 م كتب ثلاثة اعمال تهدف الى اصلاح ، كما اصدر كتابين انتقد فيهما بشدة التعاليم الدينية والفلسفة .

التنصير هو الطريقة الوحيدة التي يمكن بها توسيع رقعة العالم المسيحي

وقد كان من بين الدعاة المتحمسين الذين طالبوا بضرورة تعلم لغات المسلمين لغرض التنصير ( روجر بيكون ) الذي كان يرى أن التنصير هو الطريقة الوحيدة التي يمكن بها توسيع رقعة العالم المسيحيوقد شارك بيكون في أفكاره رايموند لول.

وكان الهدف من كل هذه الجهود في ذلك العصر وفي العصور التالية هو التنصير، وهو إقناع المسلمين بلغتهم ببطلان الإسلام واجتذابهم إلى الدين النصراني .

وقد صادق مجمع ( فينا) الكنسي في عام 1312م على أفكار بيكون ولول بشأن تعلم اللغات الإسلامية، وتمت الموافقة على تعليم اللغة العربية في خمس جامعات أوروبية هي جامعات باريس، وأكسفورد ، وبولونيا، وسلمنكا .

([1] ) حسين مؤنس : فجر الاندلس ، ص 436.

([2] ) مصطفى الشكعة : ص 51.

([3]) تاريخ الشعوب الإسلامية ص 34 0

([4]) المصدر السابق ص36، وانظر : أمثلة أخرى لعدم إنصافه فى : دراسات فى السيرة النبوية للأستاذ الدكتور محمد سرور بن نايف ص 127 –137، ومقدمات العلوم والمناهج 1/397، 5/219

([5] ) انظر: مصطفى السباعي : موازين البحث عند المستشرقين.

([6] ) انظر : أحمد نصري:منهج المستشرقين في دراسة السيرة النبوية،مجلة الوعي الاسلامي،العدد رقم: 484،22-2-2006

([7] ) بلاشير، رجيس. تاريخ الأدب العربي.ترجمة إبراهيم الكيلاني. تونس: الدار التونسية للنشر،والجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1986م.ج1..


([8] ) محمد أحمد العزب : الدراسات الاستشراقية والأدب العربي.


([9] ) R. Blachere : le probleme du mahomet : 60 paris 1952.

([10] ) محمود حمدي زقزوق : الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري ، دار المعارف ، القاهرة 1997.

  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22