الموضوع: فتح الأندلس
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-2013 ~ 05:53 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي فتح الأندلس
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


الاندلس



في عام 86 هـ وفي زمن الوليد بن عبد الملك الأموي تولى موسى بن نصيرالمغرب ، فأخضع البربر ، ونشر الأمن في هذه الربوع ، واستطاع أن يفتح طنجةفترك بها حامية يقودها مولاه طارق بن زياد ، وعهد إليه بالعمل على نشرالإسلام في المنطقة ، وعسكر طارق بمن معه من المسلمين على سواحل بحر الزقاق، وبدأت أنظارهم تتجه نحو أسبانيا .

وعاد موسى إلى القيروان ، وعلم طارق أن ميناء سبتة على مقربة منه فبدأيتحرك نحوه ، وكان حاكم سبتة يليان قد تحرر من سلطان الدولة البيزنطية ،وأصبح كالحاكم المستقل في سبتة وماحولها ، واحتك يليان بالمسلمين وأحسبقوتهم وضغطهم عليه ، فعمل على كسب ود طارق بن زياد ، وكان طارق يتطلع لفتحأسبانيا ، فراسل يليان ولاطفه وتهاديا حتى يستفيد منه .

وأما الأندلس ( أسبانيا ) فقد حكمها القوط منذ عام 507 م ، غير أنأمرهم بدأ يضعف ، وقسمت أسبانيا إلى دوقيات ، يحكم كل منها دوق ، يرجـع فيسلطنته إلى الملك في طليطلة ، وقسم المجتمع إلى طبقات : أعلاها طبقةالأشراف أصحاب الأموال والمناصب وحكام الولايات والمدن والإقطاعيون ، ثمطبقة رجال الدين الذين ملكوا الضياع وعاملوا عبيدهم بالعسف ، ثم طبقةالمستخدمين وهم حاشية الملك وموظفو الدولة ، ثم الطبقة الوسـطى وهم الزراعوالتجار والحرفيين وقد أثقلوا بالضرائب ، وأخيراً الطبقة الدنيا وهمالفلاحين والمحاربين والعاملين في المنازل ، وبلغ البؤس بأهل أسبانيا أن حلبهم الوباء في السنوات : 88 ، 89 ، 90 هـ حتى مات أكثر من نصـف سكانها .

وفي عام 709 م تولى العرش وتيكا الذي يسميه العرب غيطشة ، ولكنه عزل فينهاية السنة نفسها ثم قتل ، واستلم الحكم بعده أخيلا ، وفي العامالتالي710 م وصل ردريك - ويسميه العرب لذريق – إلى الحكم بعد عزل أخيلا ،وغرق لذريق في الشهوات حتى نفرت منه القلوب ، وانقسمت البلاد في عهده ،فظهـر حزب قوي بزعامة أخيلا الذي حاول استرداد عرشه وحزب آخر ناصر الملك .

ولما كان يليان حليفاً لغيطشة فقد حـاول مد يد العون إلى حليفه ، ولكنأنصار لذريق ردوه عن الأندلس إلى العدوة الإفريقية ، فتحصن في سبتة ، وأخذيرقب الأحداث .

وتذكر الروايات أن يليان هو الذي دعا موسى لغزو الأندلس ، وذلك أنيليان كان قد أرسل ابنته إلى قصر لذريق لتتأدب ، وتنشأ فيه أسوة بغيرها منبنات القوط في ذلك الزمان ، وأن لذريق بصر بالفتاة وطمع فيها ونال منها ،فكتبت إلى أبيها بخبرها ، فدفعه ذلك إلى التفكير في الانتقام من لذريق ،فاتصل بطارق وزين له فتح الأندلس ، وجعل نفسه وأتباعه أدلاء للمسلمين بعدأن اطمـأن إليهم ، وزار يليان موسى بن نصـير في القيروان لإقناعـه بسهولةالفتح ، وطبيعي أن يشك موسى في صحة المعلومات فطلب من يليان أن يقوم بغارةسريعة ، ففعل وعاد محملاً بالغنائم .

وليس هذا هو السبب الحقيقي للفتح ، ولكنه عجل به وساعد عليه ، وإلافأعين طارق بن زياد على الأندلس منذ أن وصل طنجة ، ثم إن المسلمين فتحوافرنسا وسويسرا وصقلية وجزر المتوسط كلها دون مساعدة يليان ، كما أنالمسلمين منذ أيام عثمان بن عـفان رضي الله عنه يفكرون بفتح القسطنطينية منجهة أوروبا بعد فتح الأندلس ، وقال عثمان حينها : ( إن القسطنطينية إنماتفتح من قبل البحر ، وأنتم إذا فتحتـم الأندلس فأنتم شركاء لمن يفتحالقسطنطينية في الأجر آخر الزمان ) .

وكتب موسى يستأذن الخليفة بدمشق ، فجاء رد الخليفة الوليد : ( أن خضهابالسرايا حتى تختبرها ، ولا تغرر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال ) ، فكتبإليه موسى : ( إنه ليس ببحر وإنما هو خليج يكاد الناظر أن يرى ماخلفه ) ،فكتب إليه الخليفة : ( وإن كان ، فاختبره بالسرايا ) ، فأرسل موسى مولاهطريف ، وكان في مائة فارس وأربعين راجلاً ، في مهمة استطلاعية ، وجاز البحرفي أربعة مراكب أعانهم بها يليان ، وذلك في شهر رمضان ، ونزل المسلمون فيجزيرة صغيرة على مقربة من الموضع الذي قامت فيه بلدة حملت اسم طريف ، وخفّتقوة من أنصار يليان وأبناء غيطشة لعونهم وقامت بحراسة المعبر حتى تمنزولهم ، ومن ذلك الموضع قام طريف وأصحابه بسلسلة من الغارات السريعة علىالساحل غنموا فيها كثيراً ، وشجع هذا موسى على عبور الأندلس .

واختار موسى للفتح طارق بن زياد ، وركب طارق السفن في سبعة آلاف منالمسلمين ، جلّهم من البربر ، وبينما هو في عرض المضيق على رأس سفينته إذأخذته سنة من النوم ، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم وحوله المهاجرونوالأنصار ، قد تقلدوا السيوف ، وتنكبوا القسيّ ، فيقول له رسول الله صلىالله عليه وسلم : ( يا طارق تقدم لشأنك ) ، ونظر إليه وإلى أصحابه قد دخلواالأندلس قدّامه ، فيهب طارق مستبشراً .

وألقت السفن مرساها قبالة الجزيرة الخضراء عند جبل سمي فيما بعد جبلطارق ، وكان لذريق مشغولاً بثورة أخيلا في الشمال ، ولما علم بنزولالمسلمين في أرض أسبانيا جمع جيشاً جراراً بلغ سبعين ألفاً ، وفي رواية : مائة ألف .

وجاءت امرأة عجوز من أهل الجزيرة الخضراء إلى طارق ، وقالت له : إنهكان لها زوج عالم بالحدثان [ أخبار الزمان ] ، فكان يحدثهم عن أمير يدخلبلدهم هذا فيتغلب عليه ، ويصف من نعته أنه ضخم الهامة ، فأنت كذلك ، ومنهاأن في كتفه الأيسر شامة عليها شعر فإن كانت فيك فأنت هو ، فكشف ثوبه فإذابالشامة في كتفه على ما ذكرت ، فاستبشر ومن معه .

وسار طارق باتجاه قرطبة حتى وصل لوادي بكة حرّف فيما بعد إلى وادي لكة ،وهنا عرف طارق بأن لذريق وصل لقرطبة ، ثم تقدم واستعد للموقعة في سهلالبرباط ، وأرسل طارق يطلب المدد من موسى بن نصير ، فعجل موسى بإرسال خمسةآلاف من خيرة الجنود يقودهم طريف ، وفيهم عدد عظيم من العرب ، فأدركواطارقاً قبيل المعركة ، فأصبح عددهم اثني عشر ألفاً ، وقام طارق في أصحابهخطيباً فشجعهم على الجهاد ، واستعد لذريق للقاء ، وقد ولى ولدي غيطشة علىميمنته وميسرته .

وقبيل الالتحام أجمع أولاد غيطشة على الغدر بلذريق ، وأرسلوا إلى طارقيعلمونه أن لذريق كان تابعاً وخادماً لأبيهم ، فغلبهم على سلطانه بعد مهلكه، ويسألونه الأمان ، على أن يميلوا إليه عند اللقاء فيمن يتبعهم ، وأنيسلم إليهم إذا ظفر ضياع والدهم بالأندلس كلها ، فأجابهم طارق إلى ذلكوعاقدهم عليه ، وأرسل لذريق رجلاً من أصحابه ليعاين له جيش المسلمين ، فلماعاد قال له : خذ على نفسك ، فقد جاءك منهم من لا يريد إلا الموت ، أوإصابة ماتحت قدميك .

وقدم طارق نفراً من السودان بين يدي جيشه ليتلقوا بما عرف عنهم منالصبر والثبات صدمة الجيش الأولى ، وبدأ القتال يوم الأحد الثامن والعشرينمن رمضان سنة 92هـ ، فأظهر فرسان القوط مقدرة عظيمة أول المعركة ، وثبتوالضغط المسلمين ، وأخذ يليان ورجاله يخذلون الناس عن لذريق ويصرفونهم عنه ،قائلين لهم : إن العرب جاؤوا للقضاء على لذريق فقط ، وإنهم إن خذلوا لذريقاليوم صفت لكم الأندلس بعد ذلك .

وأثر هذا الكلام في جنود القوط فقد كان كثير منهم يكرهون لذريق ، فخرجفرسانه من المعركة وتركوه لمصيره ، فاضطرب نظام جيشه وفر الكثير منهم ،وخارت قوى لذريق ولم تغنه شجاعته شيئاً ، ويئس من النصر لما رأى جنده يفرونأو ينضمون للمسلمين . وهجم طارق على لذريق فضربه بسيفه فقتله ، وقيل : إنهجرحه ورمى بنفسه في وادي لكة فغرق ، وحمل النهر جثته إلى المحيط .

وبعد مصرعه احتل المسلمون المعسكر وغنموه ، واتجه طارق لفتح المدنالرئيسية في الأندلس ففتح شذونة ومدوّرة وقرمونة وإشبيلية واستجة ، وكانتفيها قوة تجمعت من فلول عسكر لذريق فقاتلوا قتالاً شديداً حتى أظهر اللهالمسلمين عليهم ، ولم يلق المسلمون فيما بعد ذلك حرباً مثلها ، وأقاموا علىالامتناع أولاً إلى أن ظفر طارق بأمير المدينة على النهر وحده ، فوثب عليهطارق في الماء فأخذه وجاء به إلى المعسكر ، ثم صالحه طارق وخلى سبيله ،واستمر طارق في زحفه ، وانتهى إلى عاصمة الأندلس طليطلة وتمكن من فتحها .

وجاءته الرسائل من موسى تأمره بالتوقف ، وعبر موسى إلى الأندلس بناءعلى استغاثة وجهها إليه طارق ، وذلك في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين ، بجيشعدده ثمانية عشر ألفاً ، ففتح بعض المدن كشذونة وقرمونة وإشبيلية وماردة ،وهي مدن لم يفتحها طارق ، ثم التقى بطارق ووبخه على أنهم توغلوا أكثر مماينبغي ، وأن خطوط مواصلاتهم في الأندلس الواسعة في خطر ، فقد بقيت مناطقواسعة في شرق الأندلس وغربها لم تفتح .

وأخيراً لقد قررت معركة وادي لكة مصير الأندلس لمدة ثمانية قرون ، وظل الأثر العربي الإسلامي في أسبانيا ليوم الناس هذا
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22