عرض مشاركة واحدة
قديم 26-04-2013 ~ 11:51 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي خطبة حول المحافظة على النعم
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


المحافظة على النعم


1413 هـ


أما بعد ، أيها المسلمون :

سنعرض في هذه الخطبة إلى شئ من أحوال نبينا وحبيبنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم

يقول عن نفسه e فيما رواه مسلم عن أبي هريرة : "أنا سيِّد ولد آدم وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول مشفَّع" .

وقد كان أمره e عجباً فلقد كان يستطيع أن يتربع على عروش فارس والروم ولقد كان يستطيع أن يرتع في ألوان النعيم في هذه الدنيا لكنه أثر ما عند الله تعالى (وما عند الله خير وأبقى)

لقد عاش هذا النبي الكريم عيشة الكفاف والقناعة بعيداً عن الترف والتنعم والترفه فما كان رزقه إلا قوتاً وهو ما يسد الرمق من الطعام .

تقول عائشة رضي الله عنها فيما رواه الشيخان : ما شبع آل محمد e من خبز شعير يومين متتابعين حتى قُبض .

وقالت لعروة بن الزبير -وهو ابن اختها أسماء- رضي الله عنهم ، قالت لـه : والله يا ابن اختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال : ثلاثةِ أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات النبي e نار ، قلت: يا خالة ، فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء. متفق عليه.

ويقول النعمان بن بشير رضي الله عنهما، لقد رأيت نبيكم e وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه . رواه مسلم . وما هو الدقل : إنه ردئ التمر !!

واستمعوا إلى هذه القصة العجيبة التي حدثت لرسول الله e يوماً .

خرّج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله e ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقال ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ؟ قالا : الجوع يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم : وأنا والذي نفس بيده لأخرجني الذي أخرجكما ، ثم قال : قوما .. فقام أبو بكر وعمر رضي الله عنهما معه فأتوا رجلاً من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت : مرحباً وأهلاً ، فقال لها رسول الله e : أين فلان ؟ قالت : ذهب يستعذب لنا الماء ، فجاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله e وصاحبيه ثم قال : الحمد لله، ما أحدٌ اليوم أكرمُ أضيافاً منى فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال كلوا وأخذ المدية فقال لـه رسول الله e : "إياك والحلوب" فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله e لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما : "والذي نفسي بيده لتُسألنَّ عن هذا النعيم يوم القيامة . أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم" !!

الله أكبر .. الله أكبر .. يا عجباً لتلك الحال ويا عجباً لأولئك الرجال الذين تركوا الضياع والأموال طلباً لما عند الله مما أعده لعباده الصالحين .

ولم تزل تلك حال النبي e حتى توفي ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير، ثم توالت الشهور والدهور ومضت مئين السنين والنعم في إقبال وإدبار بحكمة العزيز الجبار، ثم أتى عصرا آبائنا وأجدادنا ومرت عليهم أزمان عصيبة فكثرت الأوبئة وعم الجفاف وكثر الجوع في الناس حتى فتح الله باب خيره وبره على الناس فكثر الخير وقل الجوع وتقدم الطب وتراجعت الأوبئة . والله ذو فضل عظيم . (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(ابراهيم: من الآية34).

وليس شيء بعزيز فالله يعطي ويمنع لا معقب لحكمه وهو سريع، لكن العجب ليس من سعة فضل الله تعالى، فهذا مما لا شك فيه مسلم إنما العجب من قوم بدلوا نعمة الله كفراً وما عرفوا لنعم الله قدراً ولم يحدثوا توبة ولا ذكراً ولا شكراً ..

إن كثيراً من الناس لم يعرف لنعمة الله حقها فتراهم يعصون الله بنعمه وليس بخافٍ عليكم حال أولئك الذين لما من الله عليهم بالمال أودعوه في بنوك الربا وأخذوا على ذلك الفوائد أو ساهموا في تجارتها وأسهمها وكل ذلك محاربة لله ورسوله . وما ظنكم بمن آذنه الله بالحرب إنه والله لمن الخاسرين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (البقرة:278).

وقال e : "لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء".

وهذا الأمر من أخطر الأمور فعلينا أن نحذره ونحذر منه أهلينا وأحبابنا وأصحابنا .

وممن لم يراع حق النعمة أولئك الذين يأتون بالراقصين والراقصات أو المغنين والمغنيات في حفلات الأعراس وما شابهها من الحفلات وهذا منكر عظيم يجب علينا إنكاره والتحذير منه.

ومن منهم من يدخل في بيته أنواع والأجهزة المفسدة لبيته وعياله وينفق في ذلك الكثير من الأموال وهذا مما لا شك في تحريمه كيف لا ورسول الله e يقول كما في الحديث المتفق عليه : "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة". وفي رواية "فلم يُحِطْها بنصحة لم يجد رائحة الجنة" .

فاجتهدوا يا اخوتي في الله في حفظ نعم الله بشكرها وعدم جحودها وكفرها ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...


(( لا توجد خطبة ثانية ))
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22