عرض مشاركة واحدة
قديم 03-05-2013 ~ 03:33 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي كيف تعامل الرسول صل الله عليه وسلم مع الناس (7)
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012



كيف تعامل الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع الناس؟
(مواقف عملية)
فاطمة محمد عبدالمقصود العزب



التعامل مع القادة والرموز

كان رسول الله يتعامل بفنٍّ مع القادة، فيُنزلهم منازلهم، ويَعرف لهم قدْرهم؛ لذلك كانوا حين يتعاملون مع رسول الله، يدركون عظمة النبوة فيه، ويدخلون في هذا الدين العظيم الذي يعرف لكل إنسان قدْره ومكانته.
ولننظر في تلك المواقف العملية؛ لنرى كيف تعامل الرسول مع بعض القادة والزعماء في قومهم:
ما مثل سهيل يجهل الإسلام:

قال سهيل بن عمرو: لَمَّا دخل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مكة وظهر، انقحَمت بيتي وأغلقت عليَّ بابي، وأرسلت إلى ابني عبدالله بن سهيل أنِ اطْلب لي جوارًا من محمد، وإني لا آمن من أن أُقتل، وجعلت أتذكَّر أثَري عند محمد وأصحابه، فليس أحد أسوأَ أثرًا مني، وإني لقيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم الحديبية بما لم يلحقه أحد، وكنت الذي كاتبتُه، مع حضوري بدرًا وأُحدًا، وكلما تحرَّكت قريش كنتُ فيها، فذهب عبدالله بن سهيل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، تُؤمِّنه؟ فقال: ((نعم))، هو آمِن بأمان الله، فليظهر، ثم قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لمن حوله: ((مَن لقِي سهيل بن عمرو، فلا يشدَّ النظر إليه، فليخرج، فلعَمري إن سهيلاً له عقل وشرفٌ، وما مثل سهيل يجهل الإسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه أنه لم يكن له بنافعٍ))، فخرج عبدالله إلى أبيه، فقال سهيل: كان والله بَرًّا، صغيرًا وكبيرًا، فكان سهيل يُقبل ويُدبر، وخرج إلى حُنين مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو على شرْكه حتى أسلمَ بالجِعْرانة[1].
لقد كان لهذه الكلمات التربوية الأثر الكبير على سهيل بن عمرو؛ حيث أثنى على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالبِرِّ طوال عمره، ثم دخل في الإسلام بعد ذلك، وقد حَسُن إسلامه، وكان مكثرًا من الأعمال الصالحة، يقول الزبير بن بكار: كان سهيل بعدُ كثيرَ الصلاة والصوم والصدقة، خرج بجماعته إلى الشام مجاهدًا، ويقال: إنه صام وتهجَّد؛ حتى شَحَب لونه وتغيَّر، وكان كثيرَ البكاء إذا سمِع القرآن، وكان أميرًا على كردوس يوم اليرموك[2].
يأتيكم عكرمة مهاجرًا مؤمنًا، فلا تسبوا أباه:

قال عبدالله بن الزبير - رضي الله عنه -: قالت أمُّ حكيم امرأة عكرمة بن أبي جهل: يا رسول الله، قد هرَب عكرمة منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله، فأمِّنه، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هو آمنٌ))، فخرجت أم حكيم في طلبه ومعها غلام لها رومي، فراوَدها عن نفسها، فجعلت تمنِّيه حتى قَدِمت على حيٍّ من عَكٍّ، فاستغاثتهم عليه فأوثقوه رباطًا، وأدركت عكرمةَ، وقد انتهى إلى ساحل من سواحل تهامةَ، فركِب البحر، فجعل نُوتِيُّ السفينة يقول له: أخلِص، فقال: أيُّ شيء أقول؟ قال: قل لا إله إلا الله، قال عكرمة: ما هرَبت إلا من هذا، فجاءت أم حكيم على هذا الكلام، فجعلت تُلحُّ عليه، وتقول: يا ابن عمِّ، جئتك من عند أوصل الناس، وأبرِّ الناس، وخيرِ الناس، لا تُهلك نفسَك، فوقف لها حتى أدركتْه، فقالت: إني قد استأمنتُ لك محمدًا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: أنتِ فعلتِ؟ قالت: نعم، أنا كلمتُه فأمَّنك، فرجع معها، وقال: ما لقيتِ من غلامِك الرومي؟ فخبَّرته خبره، فقتَله عكرمة، وهو يومئذ لم يُسلم، فلما دنا من مكة، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأصحابه: ((يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنًا مهاجرًا، فلا تسبُّوا أباه، فإن سبَّ الميِّت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت)).
قال: وجعل عكرمة يطلب امرأته يجامعها، فتأبى عليه، وتقول: إنك كافر وأنا مسلمة، فيقول: إن أمرًا منعك مني لأمرٌ كبير، فلما رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عكرمةَ وثَب إليه وما على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - رداء فرَحًا بعكرمة، ثم جلس رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فوقف بين يديه، وزوجته منتقبة، فقال: يا محمد، إن هذه أخبرتني أنك أمَّنتني، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صدقَتْ، فأنت آمنٌ))، فقال عكرمة: فإلامَ تدعو يا محمد؟ قال: ((أدعوك إلى أن تشهد أنْ لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتفعل وتفعل))، حتى عدَّ خِصال الإسلام، فقال عكرمة: والله ما دعوت إلا إلى الحق، وأمرٍ حسنٍ جميل، قد كنتَ والله فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنت أصدقُنا حديثًا، وأبرُّنا بِرًّا، ثم قال عكرمة: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فسُرَّ بذلك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم قال: يا رسول الله، علِّمني خيرَ شيءٍ أقوله، قال: ((تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله))، قال عكرمة: ثم ماذا؟ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تقول: أُشهد الله وأُشهد مَن حضر أنِّي مسلم مهاجر ومجاهد))، فقال عكرمة ذلك.
فقال رسول الله: ((لا تسألُني اليوم شيئًا أُعطيه أحدًا، إلا أعطيتُكه))، فقال عكرمة: فإني أسألك أن تَستغفر لي كلَّ عداوة عاديتُكها، أو مسيرٍ وضعت فيه، أو مقام لقيتُك فيه، أو كلام قلته في وجهك، أو وأنت غائب عنه، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اللهم اغفر له كلَّ عداوة عادانيها، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاءَ نورك، فاغفر له ما نال منِّي من عِرض: في وجهي، أو وأنا غائب عنه))، فقال عكرمة: رضيتُ يا رسول الله، لا أدع نفقة كنت أنفقها في صدٍّ عن سبيل الإسلام، إلا أنفقت ضِعفها في سبيل الله، ولا قتالاً كنت أقاتل في صدٍّ عن سبيل الله، إلا أبليتُ ضِعفَه في سبيل الله، ثم اجتهد في القتال حتى قُتِل شهيدًا.
وبعد أن أسلم ردَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - امرأتَه له بذلك النكاح الأول.
كان سلوك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في تعامله مع عكرمة لطيفًا حانيًا، يكفي وحده لاجتذابه إلى الإسلام، فقد أعجل نفسه عن لُبس ردائه، وابتسَم له ورحَّب به، وفي رواية قال له: ((مرحبًا بالراكب المهاجر))، فتأثَّر عكرمة من ذلك الموقف، فاهتزت مشاعره وتحرَّكت أحاسيسه، فأسلم، كما كان لموقف أم حكيم بنت الحارث بن هشام أثرٌ في إسلام زوجها، فقد أخذت له الأمان من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وغامَرت بنفسها تبحث عنه لعل الله يَهديه إلى الإسلام كما هداها إليه، وعندما أرادها زوجُها امتنعَت عنه، وعلَّلت ذلك بأنه كافر وهي مسلمة، فعظَّم الإسلام في عينه، وأدرك أنه أمام دين عظيمٍ، وهكذا خطَّت أم حكيم في فكر عكرمة بداية التفكير في الإسلام، ثم تُوِّج بإسلامه بين يدي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكان صادقًا في إسلامه، فلم يطلب من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - دنيا، وإنما سأله أن يغفر الله تعالى له كل ما وقَع فيه من ذنوب ماضية، ثم أقسم أمام النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأن يحمِل نفسه على الإنفاق في سبيل الله تعالى بضِعف ما كان ينفق في الجاهلية، وأن يبلي في الجهاد في سبيل الله بضِعف ما كان يبذله في الجاهلية، ولقد برَّ بوعده، فكان من أشجع المجاهدين والقادة في سبيل الله تعالى في حروب الرِّدة، ثم في فتوح الشام، حتى وقع شهيدًا في معركة اليرموك، بعد أن بذل نفسه وماله في سبيل الله[3].
ما عندك يا ثمامة:

وهنا موقف يوضِّح لنا رِفق الرسول وحرصَه على دعوة القادة وتأليف قلوبهم دون غلظة أو إذلالٍ، وهنا نرى كيف كان رد فعل ثمامة بعد أن عامله الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالحسنى والقول الطيب:
كانت أول حملة عسكرية وجَّهها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لتأديب خصومه بعد غزوة الأحزاب، هي تلك الحملة التي جرَّدها على القبائل النجدية من بني بكر بن كلاب، الذين كانوا يقطنون القُرَطاء بناحية ضربة، على مسافة سبع ليالٍ من المدينة، ففي أوائل شهر المحرَّم عام خمسة للهجرة، وبعد الانتهاء مباشرة من القضاء على يهود بني قريظة، وجَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - سريَّة من ثلاثين من أصحابه عليهم محمد بن مسلمة لشنِّ الغارة على بني القُرطاء من قبيلة بكر بن كلاب، وذلك في العاشر من محرَّم سنة 6هـ، وقد داهَموهم على حين غِرَّةٍ، فقتلوا منهم عشَرةً وفرَّ الباقون، وغنِم المسلمون إبلَهم وماشيتهم، وفي طريق عودتهم أسروا ثُمامة بن أُثال الحنفي سيد بني حنيفة، وهم لا يعرفونه، فقدِموا به المدينة، وربطوه بساريةٍ من سواري المسجد، فخرج إليه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خيرٌ يا محمد، إن تَقتلني، تقتل ذا دمٍ، وإن تُنعم، تنعمْ على شاكر، وإن كنت تريد المال، فسَل منه ما شئت، فترَكه حتى كان الغد، فقال: ما عندك يا ثُمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك، إن تُنعم، تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: ما عندك يا ثُمامة؟ فقال عندي ما قلت لك، فقال: أطلقوا ثُمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجهٌ أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبَّ الوجوه إليَّ، والله ما كان دِين أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دِينك أحبَّ الدين إليَّ، والله ما كان بلدٌ أبغض إليَّ من بلدك، فأصبحتْ بلدك أحبَّ البلاد إليَّ، وإنَّ خيلك أخَذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشَّره رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأمره أن يَعتمر، فلمَّا قدِم مكة قال له قائل: صبوتَ؟ قال: لا والله، ولكني أسلمتُ مع محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا والله، لا يأتيكم من اليمامة حبَّةُ حِنْطة؛ حتى يأذَن فيها النبي - صلى الله عليه وسلم[4].
وقد أبرَّ بقسَمه؛ مما دفَع وجوه مكة إلى أن يكتبوا إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثُمامة؛ ليخلي لهم حمل الطعام، فاستجاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لرجاء قومه بالرغم أنه في حالة حرب معهم، وكتَب إلى سيد بني حنيفة ثمامة: أن خَلِّ بين قومي وبين مِيرَتِهم، فامتثَل ثمامة أمر نبيِّه، وسمَح لبني حنيفة باستئناف إرسال المحاصيل إلى مكة، فارتفع عن أهلها كابوس المجاعة[5].
يا عدي بن حاتم، أسلم، تَسلم:

عندما وقعت أختُ عدي بن حاتم في أسْر المسلمين، عاملها رسول الله معاملة كريمة، وبقِيَت معززة مكرمة، ثم كساها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأعطاها ما تتبلغ به في سفرها، وعندما وصلت إلى أخيها في الشام، شجَّعته على الذهاب لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتأثَّر بنصيحتها وقدِم على المدينة[6].
ونترك أبا عبيدة بن حذيفة يحدِّثنا عن قصة إسلام عدي:
قال أبو عبيدة بن حذيفة: كنت أُحدَّثُ عن عدي بن حاتم، فقلت: هذا عدي في ناحية الكوفة، فلو أتيتُه فكنت أنا الذي أسمع منه، فأتيته فقلت: إني كنت أُحدَّث عنك حديثًا، فأردت أن أكون أنا الذي أسمعه منك، قال: لَمَّا بعث الله عز وجل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فررتُ منه حتى كنت في أقصى أرض المسلمين مما يلي الروم، قال: فكرهتُ مكاني الذي أنا فيه حتى كنت أشدَّ كراهية له مني من حيث جئت، قال: قلت: لآتينَّ هذا الرجل، فوالله إن كان صادقًا، فلأسمعنَّ منه، وإن كان كاذبًا، ما هو بضائري، قال: فأتيتُه واستشرفني الناس، وقالوا: عدي بن حاتم، عدي بن حاتم، قال: أظنه قال ثلاثَ مِرارٍ، قال: فقال لي: يا عدي بن حاتم، أسلمْ، تسلَمْ، قال: قلت: إني من أهل دين، قال: يا عدي بن حاتم، أسلم، تَسلم، قال: قلت: إني من أهل دين، قالها ثلاثًا، قال: ((أنا أعلم بدينك منك))، قال: قلت: أنت أعلم بديني مني؟ قال: ((نعَم)) قال: ((أليس ترأس قومَك؟)) قال: قلتُ: بلى، قال: فذكر محمد الرَّكوسيَّة[7]، قال كلمةً التمسَها يُقيمها فتركَها، قال: فإنه لا يحلُّ في دِينك المِرباع[8].
قال: فلمَّا قالها، تواضعتُ لها، قال: ((وإني قد أرى أن مما يمنعك خصاصةً تراها ممن حولي، وأنَّ الناس علينا إِلْبًا واحدًا، هل تعرف مكانَ الحيرة؟)) قال: قلت: قد سمِعت بها ولم آتِها، قال: ((لتوشكنَّ الظعينةُ أن تخرج منها بغير جِوارٍ حتى تطوف بالكعبة، ولتوشكنَّ كنوز كسرى بن هرمز تفتحُ))، قال: قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: ((كسرى بن هرمز - ثلاث مرات - وليوشكنَّ أن يبتغي من يقبل مالَه منه صدقة، فلا يجد))، قال: فلقد رأيتُ اثنتين، قد رأيت الظعينة تخرج من الحيرة بغير جِوار حتى تطوف بالكعبة، وكنت في الخيل التي أغارت على المدائن، وايم الله، لتكوننَّ الثالثة؛ إنه لحديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حدَّثنيه[9].
وفي رواية جاء فيه: فخرجت حتى أَقدَم على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - المدينة، فدخلت عليه، وهو في مسجده، فسلَّمت عليه، فقال: ((مَن الرجل؟))، فقلت: عدي بن حاتم، فقام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامد بي إليه، إذ لَقِيَتْه امرأة ضعيفة كبيرة، فاستوقفته، فوقف لها طويلاً تُكلمه في حاجتها، قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بملِكٍ، قال: ثم مضى بي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى إذا دخل بي بيته، تناوَل وسادة من أَدَمٍ محشوة ليفًا، فقذفها إليَّ، فقال: ((اجلس على هذه))، قال: قلت: بل أنت فاجلس عليها، فقال: ((بل أنت))، فجلست عليها، وجلس رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالأرض، قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بأمرِ ملِكٍ[10].
كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - موفَّقًا في دعوته؛ حيث كان خبيرًا بأدواء النفوس ودوائها، ومواطن الضَّعف فيها، وأَزِمَّة قيادها، فكان يُلائم كل إنسان بما يلائم علمه وفكره، وما ينسجم مع مشاعره وأحاسيسه؛ ولذلك أثَّر في زعماء القبائل، ودخل الناس في دين الله أفواجًا[11].
باذان بن ساسان:

لَمَّا أسلم باذان بن ساسان وكان أميرًا على اليمن، لم يعزله رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بل أبقاه أميرًا عليها بعد إسلامه، حين رأى فيه الإداريَّ الناجح والحاكم المناسب؛ مما يُدلِّل على أن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقدِّر الكفاءات في الرجال، ويضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ومن الجدير بالذكر أن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد ولَّى ولده شهرًا أميرًا على اليمن بعد موته[12].

[1] انظر: مغازي الواقدي (2/ 846 - 847), المستدرك؛ للحاكم (3/ 381).

[2] السيرة النبوية؛ د علي الصلابي.

[3] السيرة النبوية؛ د .علي الصلابي.

[4] نضرة النعيم (1/ 330).

[5] السيرة الحلبية (2/ 298)، الاستيعاب؛ لابن عبدالبر، ترجمة ثُمامة بن أُثال الحنفي.

[6] التاريخ الإسلامي (8/ 81).

[7] قوم لهم دين بين النصارى والصابئة؛ النهاية (2/ 259).

[8] المرباع: هو رُبع الغنيمة يأخذه سيِّد القوم قبل القِسمة.

[9] صحيح السيرة النبوية، ص (580).

[10] السيرة النبوية؛ لابن هشام (4/ 236).

[11] السيرة النبوية؛ د. علي الصلابي.

[12] السيرة النبوية؛ د .علي الصلابي.
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22