الموضوع: لا تحزن
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-01-2012 ~ 12:52 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 13
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


رفقاً بالمالِ « ما عال منِ اقْتَصَدَ »

قال أحدهُمْ :
اجمعْ نقودك إنَّ العِزَّ في المالِ
واستغنِ ما شئت عنْ عمٍّ وعنْ خالِ

إنَّ الفلسفة التي تدعو إلى تبذيرِ المالِ وتبديدهِ وإنفاقِه في غيرِ وجْهِهِ أو عدمِ جمعِه أصلاً ليستْ بصحيحةٍ ، وإنما هي منقولةٌ منْ عُبَّادِ الهنودِ ، ومنْ جهلةِ المتصوفةِ .
إنَّ الإسلام يدعو إلى الكسبِ الشريفِ ، وإلى جمعِ المالِ الشريفِ ، وإنفاقهِ في الوجهِ الشريفِ ، ليكون العبدُ عزيزاً بماله، وقدْ قال  : ((نِعم المالُ الصالحُ في يدِ الرجلِ الصالحِ)) . وهو حديثٌ حسنٌ .
وإنَّ مما يجلبُ الهموم والغموم كثرةُ الديونِ ، أو الفقرُ المضني المهلك : (( فهلْ تنتظرون إلاَّ غنى مطغياً أو فقراً منسياً )) . ولذا استعاذ  فقال : (( اللهم إني أعوذُ بك منَ الكفرِ والفقْرِ )) . و (( كاد الفقْرُ أنْ يكون كفراً )) .
وهذا لا يتعارضُ مع الحديثِ الذي يرويه ابنُ ماجة : (( ازهدْ في الدنيا يحبّك اللهُ ، وازهدْ فيما عند الناسِ يحبُّك الناسُ )) . على أنَّ فيهِ ضعيفاً .
لكنَّ المعنى : أن يكون لك الكفافُ ، وما يكفيك عن استجداءِ الناسِ وطلبِ ما عندهم من المالِ ، بلْ تكونُ شريفاً نزيهاً ، عندك ما يكفُّ وجهكَ عنهمْ ، (( ومن يستغنِ يُغنِه اللهُ )) .
وفي الصحيحِ : (( إنك إنْ تَذَرُ ورثَتَكَ أغنياء ، خيرٌ منْ أن تَذَرَهُمْ عالةً يتكفَّفونُ الناس )) .
أَسُدُّ به ما قدْ أضاعوا وفرَّطوا
حقوق أناسٍ ما استطاعوا لها سدّا


يقولُ أحدُهم في عِزَّةِ النفسِ :
أحسنُ الأقوالِ قولي لك خذْ
أقبحُ الأقوالِ كلاَّ ولعلْ

وفي الصحيح : (( اليدُ العليا خيرٌ من اليدِِ السُّفلى )) . اليدُ العليا المعطيةُ ، واليدُ السُّفلى الآخذةُ أو السائلةُ ، ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾ .
والمعنى : لا تتملَّق البشرَ فتطلب منهمْ رزقاً أو مكسباً ، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ ضمِنَ الرزق والأجلَ والخلْقَ لأنَّ عزَّةَ الإيمانِ قعساءُ ، وأهلُه شرفاءُ ، والعزةُ لهم ، ورؤوسُهم دائماً مرتفعةٌ ، وأنوفُهم دائماً شامخةٌ : ﴿ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً ﴾ . قال ابنُ الورديُّ :
أنا لا أرغبُ تقبيل يدٍ

قطْعُها أحسنُ منْ تلك القُبلْ

إنْ جزتْني عنْ صنيعِ كنتُ في

رِقِّها أو لا فيكفيني الخجلْ

*******************************************
لا تتعلقْ بغيرِ اللهِ

إذا كان المحيي والميتُ والرزاقُ هو اللهُ ، فلماذا الخوفُ من الناس والقلقُ منهمُ ؟! ورأيتُ أنَّ أكثر ما يجلبُ الهموم والغموم التعلُّقُ بالناسِ ، وطلبُ رضاهمْ ، والتقربُ منهمُ ، والحرصُ على ثنائِهم ، والتضرُّر بذمِّهمْ ، وهذا من ضعفِ التوحيدِ .
فليتك تحلو والحياةُ مريرةٌ

وليتك ترْضى والأنامُ غضابُ

إذا صحَّ منك الودُّ فالكُلُّ هيِّنٌ

وكلُّ الذي فوق الترابِ ترابُ

***************************************
أسبابُ انشرحِ الصَّدْرِ

أهمُّها : التوحيدُ : فإنهُ بِحسبِ صفائِهِ ونقائِه يوسعُ الصدرَ ، حتى يكون أوسع من الدنيا وما فيها .
ولا حياة لمُشركٍ وملحِدٍ ، يقولُ سبحانه وتعالى : ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ . وقال سبحانه : ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ﴾ . وقال سبحانه : ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ .
وتوعَّد اللهُ أعداءه بضيقِ الصَّدرِ والرهبةِ والخوفِ والقلقِ والاضطرابِ ، ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً ﴾ ، ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ ، ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء ﴾ .
ومما يشرحُ الصَّدْرَ : العلمُ النافعُ ، فالعلماءُ أشرحُ الناسِ صدوراً ، وأكثرُهم حُبوراً ، وأعظمُهمْ سروراً ، لما عندهمْ من الميراثِ المحمديِّ النبويِّ : ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ﴾ ، ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ .
ومنها : العملُ الصالحُ : فإنَّ للحسنةِ نوراً في القلبِ ، وضياءً في الوجهِ ، وسَعَةَ في الرزقِ ، ومحبةً في قلوبِ الخلْقِ ، ﴿ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً ﴾ .
ومنها : الشجاعةُ : فالشجاعُ واسعُ البطانِ ، ثابتُ الجَنَانِ ، قويُّ الأركانِ ، لأنه يؤولُ على الرحمنِ ، فلا تهمُّه الحوادثُ ، ولا تهزُّهُ الأراجيفُ ، ولا تزعزِعُهُ التوجساتُ .
تردَّى ثبات الموتِ حُمْراً فما أتى

لها الليلُ إلا وهي مِنْ سندسٍ خُضْرُ

وما مات حتى مات مضرِبُ سيفِهِ

مِن الضربِ واعتلتْ عليه القنا السّمْرُ


ومنها : اجتنابُ المعاصي : فإنها كدرٌ حاضرٌ ، ووحشةٌ جاثمةٌ ، وظلامٌ قاتمٌ .
رأيتُ الذنوب تُميتُ القلوب
وقدْ يُورثُ الذُّلَّ إدمانُها


ومنها : اجتنابُ كثرةِ المباحاتِ : من الكلامِ والطعامِ والمنام والخلطةِ ، ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ ، ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ ، ﴿ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ ﴾ .
*************************************


فُرِغ من القضاءِ

سألَ أحدُ المرضى بالهواجسِ والهمومِ طبيب القلقِ والاضطرابِ ، فقال له الطبيبُ المسلمُ : اعلمْ أنَّ العالم قدْ فرغَ منْ خلقِهِ وتدبيرِه ، ولا يقعُ فيهِ حركةٌ ولا هَمْسٌ إلا بإذن اللهِ ، فلِم الهمُّ والغمُّ؟! ((إنَّ الله كتب مقادير الخلائقِ قبل أنْ يَخْلُقَ الخلْق بخمسين ألف سنةٍ)) .
قال المتنبي على هذا :
وتعْظُمُ في عينِ الصغيرِ صغارُها
وتصغرُ في عينِ العظيمِ العظائِمُ

*********************************
طَعْمُ الحريَّةِ اللذيذُ

يقولُ الراشدُ في كتابِ ( المسار ) : منْ عندَهُ ثلاثمائةٍ وستون رغيفاً وجرَّة زيتٍ وألفٌ وستمائة تمرة ، لم يستعبدْه أحدٌ .
وقال أحدُ السلفِ : منِ اكتفى بالخبزِ اليابسِ والماءِ ، سلِم من الرِّقِّ غلا للهِ تعالى ﴿ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى ﴾ .
قال أحدُهم :
أطعتُ مطامعي فاستعبدتني
ولوْ أني قِنِعْتُ لكنتُ حراً

وقال آخرُ :
أرى أشقياء الناسِ لا يسأمونها

على أنَّهمْ فيها عُراةٌ وجُوَّعُ

أراها وإنْ كانتْ تسُرُّ فإنها

سحابةُ صيفٍ عنْ قليلٍ تقشَّعُ

إنَّ الذين يسعوْن على السعادةِ بجمع المالِ أو المنصبِ أو الوظيفةِ ، سوف يعلمون أنهمْ همُ الخاسرون حقّاً ، وأنهمْ ما جلبوا إلا الهموم والغموم ، ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ ﴾ ، ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{16} وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ .
************************************
سفيانُ الثوريُّ مخدَّتُهُ الترابُ

توسَّد سفيانُ الثوريُّ كومْةً منْ الترابِ في مزدلفة وهو حاجٌّ ، فقال له الناسُ : أفي مثلِ هذا الموطنِ تتوسَّدُ الترابَ وأنت مُحدِّثُ الدنيا ؟ قال : لمخدَّتي هذهِ أعظمُ منْ مخدةِ أبي جعفرٍ المنصورِ الخليفةِ .
﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ ﴾ .
*********************************
لا تركنْ إلى المُرجِفِينَ

الوعودُ الكاذبةُ ، والإرهاصاتُ الخاطئةُ المغلوبةُ ، التي يخافُ منها أكثرُ الناسِ ، إنما هي أوهامٌ ، ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ .
والقلقُ والأرقُ وقُرْحةُ المعدةِ : ثمراتُ اليأسِ والشعورِ بالإحباطِ والإخفاق .
***********************************
لنْ يضرَّك السبُّ والشَّتْمُ

كان الرئيسُ الأمريكيُّ ( إبراهام لينكولن ) يقولُ : أنا لا أقرأُ رسائل الشتمِ التي تُوجَّه إليَّ ، ولا أفتحُ مظروفها فضلاً عن الردِّ عليها ؛ لأنني لو اشتغلتُ بها لمَا قدَّمت شيئاً لشعبي ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ ، ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ ، ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ﴾ .
قال حسَّانُ :
ما أبالي أنبَّ بالحزْنِ تَيْسٌ
أو لحاني بظهرِ غَيْبٍ لئيمُ

المعنى : أنَّ كلماتِ اللؤماءِ والسخفاءِ والحقراءِ الشتّامين المتسلقين على أعراضِ الناسِ ، لا تضرُّ ولا تُهُمُّ ، ولا يمكنُ أنْ يتلفت لها مسلمٌ ، أو أن يتحرك منها شجاعٌ .
كان قائدُ البحريةِ الأمريكيةِ في الحربِ العالميةِ الثانيةِ رجلاً لامعاً ، يحرصُ على الشهرةِ ، فتعاملَ مع مرؤوسيةِ الذين كالوا له الشتائم والسباب والإهاناتِ ، حتى قال : أصبح اليوم عندي من النقدِ مناعةٌ ، لقدْ عَجَمَ عودي ، وكبرتْ سني ، وعلمتُ أنَّ الكلام لا يهدمُ ولا ينسِفُ سُوراً حصيناً .
وماذا تبتغي الشعراءُ منّي
وقدْ جاوزتُ حدَّ الأربعينا


يُذكرُ عن عيسى – عليه السلامُ – أنهُ قال : أحبوا أعداءكم .
والمعنى : أنْ تُصدروا في أعدائِكمْ عفواً عامّاً ، حتى تسلموا من التشفِّي والانتقامِ والحقدِ الذي ينهي حياتَكُمْ، ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾. ((اذهبوا فأنتمُ الطلقاءُ)) ، ﴿ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ﴾ ، ﴿ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف ﴾ .
*************************************
اقرأ الجمال في الكوْنِ

مما يشرحُ الصدر قراءةُ الجمالِ في خلْقِ ذي الجلالِ والإكرامِ، والتمتُّعُ بالنظرِ في الكونِ، هذا الكتابُ المفتوحُ ، إنَّ الله يقولُ في خلقِهِ : ﴿ فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ ﴾ ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ﴾ ، ﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ .
وسوف أنقلُ لك ، بعد صفحاتِ ، من أخبارِ الكونِ ما يدلُّك على حكمةٍ وعظمةٍ ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ .
قال الشاعرُ :
وكتابي الفضاءُ أَقرأُ فيهِ
صوراً ما قرأتُها في كتابي


قراءةٌ في الشمسِ اللامعةِ ، والنجومِ الساطعةِ ، في النهرِ .. في الجدولِ .. في التلِّ .. في الشجرةِ .. في الثمرةِ .. في الضياءِ .. في الهواءِ .. في الماءِ ،
وفي كلِّ شيءٍ لهُ آيةٌ
تدلُّ على أنَّه الواحدُ


يقول إيليا أبو ماضي :
أيُّها الشاكي وما بك داءٌ

كيف تغدو إذا غدوت عليلاَ

أترى الشوك في الورودِ وتَعْمَى


أن ترى فوقهُ النَّدى إكليلاَ

والذي نفسُه بغيرِ جمالٍ

لا يرى في الوجودِ شيئاً جميلا

*******************************************
﴿ أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴾

يقولُ أيْنشتاين : مَنْ ينظرْ إلى الكونِ يعلمْ أنَّ المبدع حكيمٌ لا يلعبُ بالنَّردِ . ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ ، ﴿ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ ، ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ﴾.
والمعنىِ : أنَّ كلَّ شيءٍ بِحُسْبانٍ وبحكمةٍ ، وبترتيبٍ وبنظامٍ ، يعلمُ منْ يرى هذا الكون أنَّ هناك إلهاً قديراً لا يُجري الأمور مجازفةً ، جلَّ في علاهُ .
ثمَّ يقولُ سبحانهُ وتعالى : ﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾ ، ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ .
**********************************
لا يجدي الحِرْصُ

قال  : (( لنْ تموتَ نفسٌ حتى تستكمل رزْقها وأجلَها )) . فلِم الجَزَعُ ؟!ولِم الهَلَعُ ؟! ولِم الحِرْصُ إذنْ ، إذا انتهى منْ هذا وفَرَغَ ؟! ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ ، ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً ﴾ .
**************************************
الأزماتُ تكفِّرُ عنك السيئاتِ

يُذكَرُ عن الشاعرِ ابن المعتزِّ أنهُ قال : آللهُ ما أوطأ راحلةً المتوكل على اللهِ ، وما أسرع أوْبةَ الواثقِ باللهِ !! وقد صحَّ عنهُ  أنهُ قال : (( ما يصيبُ المؤمنَ منْ همٍّ ، ولا غمٍّ ، ولا وصبٍ ، ولا نصبٍ ، ولا مرضٍ ، حتى الشوكةُ يُشاكُها ، إلا كفَّر اللهُ بها منْ خطاياهُ )) . فهذا لمن صبر واحتسب وأناب ، وعَرَفَ أنهُ يتعاملُ مع الواحدِ الوهابِ .
قال المتنبي في أبياتٍ حكيمةٍ تضفي على العبدِ قوةً وانشراحاً :
لا تلق دهرك إلا غيْرَ مكترثٍ

ما دام يصحبُ فيهِ رُوحك البدنُ

فما يُديمُ سُروراً ما سُرِرْت بهِ

ولا يردُّ عليك الغائب الحزنُ

﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ﴾ .
**********************************
« حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ »

« حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » : قالها إبراهيمُ لما أُلقي في النارِ ، فصارتْ بردْاً وسلاماً . وقال محمدٌ  في أُحُدٍ ، فنصره اللهُ .
لما وُضِع إبراهيمُ في المنجنيقِ قال له جبريلُ : ألك إليَّ حاجةٌ ؟ فقال له إبراهيمُ : أمَّا إليك فلا ، وأمَّا إلى اللهِ فَنَعَمْ !
البحرُ يُغْرقُ ، والنارُ تَحْرِقُ ، ولكن جفَّ هذا ، وخمدتْ تلك ، بسبب : « حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » .
رأى موسى البحرَ أمامه والعدَّ خلفه ، فقال : ﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ . فنجا بإذنِ اللهِ .
ذُكِر في السيرةِ أنَّ الرسول  لما دخل الغار ، سخَّ الله الحمام فبنتْ عشّها ، والعنكبوت فبنت بيتها بفمِ الغارِ ، فقال المشركون : ما دخل هنا محمدٌ .
ظنُّوا الحمام وظنُّوا العنكبوت على

خيرِ البريةِ لم تنسِخْ ولم تَحُمِ

عنايةُ اللهِ أغنيتْ عنْ مضاعفةٍ

من الدروعِ وعنْ عالٍ من الأُطمُِ

إنها العنايةُ الربانيةُ إذا تلمَّحها العبدُ ، ونظر أنَّ هناك ربّاً قديراً ناصراً وليّاً راحماً ، حينها يركنُ العبدُ إليه .
يقولُ شوقي :
وإذا العنايةُ لاحظتْكَ عيونُها
نمْ فالحوادثُ كُلُّهن أمانُ

﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ ، ﴿ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ .
*************************************
مكوِّناتُ السَّعادةِ

وعند الترمذيِّ عنهُ  : (( منْ بات آمناً في سِرْبهِ ، معافىً في بدنه ، عندهُ قوتُ يومِهِ ، فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافِيرِها )) .
والمعنى : إذا حصل على غذاءٍ ، وعلى مأوًى وكان آمناً ، فقدْ حصل على أحسنِ السعاداتِ ، وأفضلِ الخيراتِ ، وهذا يحصلُ عليه كثيرٌ من الناسِ ، لكنهمْ لا يذكرونه ، ولا ينظرون إليه ولا يلمسونه .
يقولُ سبحانه وتعالى لرسوله : ﴿ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ . فأيُّ نعمةٍ تمّتْ على الرسولِ  ؟
أهي المادةُ ؟ أهو الغذاءُ ؟ أهي القصورُ والدورُ والذهبُ والفِضَّةُ ، ولم يملكْ من ذلك شيئاً ؟
إنَّ هذا الرسول العظيم  كان ينامُ في غرفةٍ منْ طينٍ ، سقفُها منْ جريدِ النخلِ ، ويربطُ حَجَريْنِ على بطنِهِ ، ويتوسَّدُ على مخدَّةٍ منْ سَعَف النخلِ تؤثِّر في جنبهِ ، ورهن دِرْعهُ عند يهوديٍّ في ثلاثين صاعاً منْ شعيرٍ، ويدورُ ثلاثة أيامٍ لا يجدُ رديء التمرِ ليأكله ويشبع منه.
مِت ودرعُك مرهونٌ على شظفٍ

من الشَّعيرِ وأبقى رهَكَ الأجلُ

لأنَّ فيك معاني اليُتْمِ أعذبُهُ

حتى دُعيت أبا الأيتامِ يا بَطَلُ


وقلتُ في قصيدةٍ أخرى :
كفاك عنْ كلِّ قصرٍ شاهقٍ عمدٍ

بيتٌ من الطينِ أو كهفٌ من العلمِ

تبني الفضائل أبراجاً مشيَّدةً

نُصْيَ الخيامِ التي منْ أروعِ الخيمِ

﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى{4} وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ ، ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ .
***************************************
نَصَب المَنْصِب

منْ متاعبِ الحياةِ المنصبُ ، قال ابنُ الورديُّ :
نصبُ المنصبِ أوهي جَلَدي
يا عنائي منْ مداراةِ السفَلْ

والمعنى : انَّ ضريبةَ المنصبِ غاليةٌ ، إنها تأخذُ ماء الوَجْهِ ، والصِّحِّة والراحةَ ، وقليلٌ مَنْ ينجو منْ تلك الضرائبِ التي يدفعُها يوميّاً ، منْ عرقِهِ ، من دِمِ ، منْ سمعتِه ، من راحتِه ، منْ عزتِه ، منْ شرفِه ، منْ كرامتِه ، ((لا تسألِ الإمارةَ)) . ((نِعْمَتِ المرضعةُ وبِئست الفاطمةُ)) ﴿ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ ﴾ .
قال الشاعرُ :
هبِ الدنيا تصيرُ غليك عفواً
أليس مصيرُ ذلك للزوالِ ؟!

قدِّرْ أنَّ الدنيا أتتْ بكل شيءٍ ، فإلى أي شيء تذهبُ ؟ إلى الفناءِ ، ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ .
قال أحدُ الصالحين لابنه : لا تكنْ يا بُنيَّ رأساً ، فإنَّ الرأس كثيرُ الأوجاعِ .
والمعنى : لا تُحِبَّ التصدُّرَ دائماً والتَّرؤُّس ، فإنَّ الانتقاداتِ والشتائمِ والإحراجاتِ والضرائبِ لا تصلُ إلا إلى هؤلاء المقدَّمين .
إنَّ نصف الناسِ أعداءٌ لمِنْ
ولي السلْطة هذا إنْ عدلْ

  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22