الموضوع: نظريات التعليم
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2012 ~ 07:40 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 2
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


1) إن من يقرأ هذا الجزء من كتاب / أبو حطب حول نظرية ثورنديك يشعر وكأنه أول من توصل إلى مبدأ التعزيز بالإيجاب أو السلب في حين أن علماء الفكر التربوي الإسلامي أشاروا لذلك منذ قرون قبل ثورنديك ، كالقابسي في رسالته المفصلة لأحوال المتعلمين والمعلمين ، والذي توفي 403هـ / 1012هـ ، وابن سينا المتوفي عام 428هـ 1037م ، له آراء في هذا المجال تكاد تصل في دقتها إلى أحدث ما توصل إليه علماء النفس الحديث وغيرهم من العلماء الذين يذخر بهم الفكر التربوي الإسلامي .
4 = نموذج نظرية التعلم الشرطي الإجرائي :
لقد ابتكر في معمل سكنر ما أسماه العلماء بصندوق اسكنر ، وفيه يوضع الحيوان الجائع فإذا ضغط على رافعة معينة تظهر له جرعة من الطعام ، وبالتالي فإن الاستجابة ذريعة أو وسيلة أو أداة لظهور الطعام ، ويستمر الحيوان يضغط على الرافعة حتى يُشبع جوعه ويكون قد تعلم في نفس الوقت استجابة الضغط على الرافعة حيث يؤديها في زمن وجيز للغاية ونقل الحركة العشوائية ( 33 ) .
ويميز سكنر بين نوعين من السلوك أحدهما السلوك الاستجابي الذي يقوم على العلاقة بين مثير واستجابة ، أما السلوك الثاني فهو السلوك الإجرائي التلقائي حيث تتم الاستجابة دون وجود المؤثرات كسلوك الإنسان وهو يقود سيارته ( 34 ) .
وقد استطاع سكنر بهذه الطريقة أن يدرب بعض الطيور – الحمام – على كثير من الأعمال الصعبة مثل لعبها لتنس الطاولة بمنقارها ، وأما التطبيقات التربوية لنموذج التعلم الشرطي الإجرائي فهو ظهور وشيوع التعليم المبرمج ( 35 ) .
أوجه القصور في نظرية التعلم الشرطي الإجرائي :
1) أدت نظرية سكنر إلى شيوع طريقة من أحدث طرق التدريس المعاصرة ، وهي طريقة التعليم المبرمج ، والتي بدأ الاهتمام بها بعد المحاضرة التي ألقاها سكنر عام 1954م في جامعة هارفارد ، ولكن لا نعرف مدى ملاءمتها للتدريس في مدارسنا حسب ظروفها وطبيعتها ، لذا نحن في حاجة للوقوف على مدى ملاءمتها لمجتمعنا الكبير .
2) قيام التجربة على الطيور الجائعة وهناك فرق بين الإنسان والحيوان ، إضافة إلى أنها كانت جائعة .
5 = النظريات النماذج الرياضية :
وهي من نماذج علم النفس عن التعلم ، ولكن لها صبغة رياضية ومن أبرزها نموذج كلارك هل ، ومن أكثر نماذج التعلم شمولاً وتنظيماً في تحديد طبيعة التعلم ، ويحدد هل مجموعتين من المكونات في أي أداء للمتعلم الأول قوة العادة ( م ع س ) وتنتج عن التعلم الإرتباطي تحت تأثير التعزيز كما هو الحال في التعلم الشرطي الإجرائي ، والثاني هو المكونات غير الأرتباطية وأهمها الحافز ( ف ) ويصيغ كلارك هل معادلته الأساسية التي تحدد وما يسميه جهد الاستجابة ( م ج س ) كما يلي :
جهد الاستجابة = الحافز × قوة العادة .
م ج س = ف × م ع س
وتزداد هذه المعادلة تعقداً بتأثير عوامل غير ارتباطية أخرى بالإضافة إلى الحافز ، وهذه العوامل هي حدة المثيرات التي تستثير الاستجابة ( م ) ومقدار الباعث ( ث ) المستخدم في التعزيز وهكذا تصبح المعادلة الكاملة لجهد الاستجابة كما يلي :
م ج س = ف × م × ث × م ع س
وقد استعان هل بنتائج التجارب التي قام بها بيرين عام 1940م على الفئران .
أوجه القصور في نظرية كلارك هل :
1) كانت النظرة فيما سبق من نماذج تعميم نتائج أجريت على الحيوانات وعلى الإنسان وهنا نرى أن هل استفاد من تجاربه على الحيوانات وعبر عن نموذجه بمعادلة واعتبر الإنسان كمركب كيميائي ، فللحصول على بخار الماء نحتاج لـ H2O وهذه نظرة ضيقة وجامدة عن حقيقة الإنسان وتنظر له كأنه جسم فقط ، ففي حين أن 1+1 في الحساب = 2 إلا أنها في المجال الإنساني قد تساوي واحد وقد تساوي أكثر فرجل وامـرأة يشكلان أسرة ، فيكون 1 + 1 = 1 ومن هذه الأسرة يكون الابناء والأحفاد والأعمام والعمات والأخوال والخالات والأجداد فيصبح عندئذ 1+1 = أكثر بكثير من 2 .
2) بتتبع نظرية التعزيز عند هل يتضح أنه حاول الاستفادة من المؤثرات الخارجية التي تؤثر على الإنسان عن طريق حواسه وأحاسيسه التي زوده الله تعالى بها ، وردود الأفعال عندما تصله تلك المؤثرات ، كما أنه حاول قياس مقادير التأثر والتأثير ومدى الاستجابة وعدمها ، إلا أنه قصر عن التمييز بين الإنسان والكائنات والمخلـوقات الأخرى من حيث الاستجابة وقوتها ، وامتياز الإنسان عن غيره بمحاولتـه الاستفادة من المواقف غير المفيدة وتحويلها إلى مواقف مفيدة له بما كرمه الله تعالى به ( 36 ) .
6 = نظرية نموذج الجشطالت :
رفض عالم النفس الألماني كوهلر الأبحاث التي أجرها ثورنديك وبافلوف وواطسون فقام بإجراء تجاربه على الشمبانزي ما بين عام 1913م - 1917م ، لمعرفة الطريقة التي تحل بها الحيوانات المشكلات – أي التعلم بإدراك العلاقات – فقد وضع قرداً جائعاً في قفص وعلق بعض الموز في سقف القفص ووضع على الأرض بعض العصي التي يمكن بواسطتها الحصول على الموز ، وأخذ يراقب القرد ويدون وصفاً دقيقاً لسلوكه ولاحظ أنه بعد عدة محاولات فاشلة لجأ القرد إلى التأمل والاستكشاف فاستخدم العصي وحصل على الموز ، هنا قال كوهلر أن التعلم حدث عن طريق الاستبصار .
وقد أوضحت تجاربه الظروف التي تجعل الكائنات العضوية قادرة على الاستبصار فمقدار الاستبصار يعتمد على عمر المفحوص وذكائه وإلفته بالموقف ،وأهم ما نستفيده من هذه النتائج أن الاستبصار يعتمد على قدرتنا على الإدراك الحسي والتنظيم المعرفي ( 37 ) .

أوجه القصور في نظرية الجشطالت :
1) إن هذا النموذج حقق بعض التقدم على النماذج السابقة بإلقاء الضوء على عملية التعلم بالاستبصار القائم على ذكاء الكائن الحي ، وقدرته على إدراك عناصر الموقف التجريبي المراد تعلمه ، ولكن شتان بين الاستبصار عند الإنسان عنه عند الحيوان يقول / أبو حطب : " إن الاستبصار يعتمد على قدرتنا على الإدراك الحسي والتنظيم المعرفي " ص233 ، ويقول : " فالاستبصار لا يحدث بسهولة إلا إذا نظمت أساسيات الحل بحيث يمكن إدراك العلاقات بينها " ص234 .
فالاستبصار يحتاج لتنظيم وإدراك العلاقات ، وهذا يقوم به العقل : " والعقل نعمة من أكبر النعم التي حباها الله للإنسان وتفضل به عليه ، وميزه به عن غيره من الكائنات ( 38 ) .
فكيف نقول أن القرد توصل للموز عن طريق الاستبصار ؟
إن ما يمكن أن توصف به هذه الحالة هي محاولة القرد للحصول على الموز ، لا استبصار
* * * * * * * * * * * * * *
تلك هي أبرز نظريات - نماذج - التعلم في علم النفس التربوي ، والتي تدرس ضمن برنامج الإعداد التربوي كما هي موجودة في معظم المؤلفات ، دون محاولة من الكُتاب لإضفاء الصبغة والروح الإسلامية على تلك التجارب رغم ما يذخر به الفكر التربوي الإسلامي والمستمد من المصدرين الأساسيين القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .
ومن هنا تظهر الحاجة الماسة إلى صياغة علم نفس تربوي من منظور إسلامي ليتناسب وعقيدتنا وواقعنا ومستقبلناُ ونخرج للمجتمع المعلم المسلم قلباً وقالباً بحول الله تعالى والذي يساهم في بناء الجيل المسلم لتعود هذه الأمة كما وصفها رب العزة والجلال بقوله تعالى : ]كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [ آل عمران - 110 .


الفصل الثالث
أسلمة علم النفس والصعوبات التي تواجهها
أولاً : لماذا الأسلمة ؟

يقبصد بمصطلح الأسلمة لأي علم من العلوم الطبيعية أو الاجتماعية أن ينظر لذلك العلم من حيث الأهداف والمحتوى وأساليب تدريسه وتعلمه وعملية تقويمه في إطار من التصور الإسلامي ، وتقوم عملية الأسلمة على عمليتين رئيسيتين .
1) عملية تصحيح ما تتضمنه تلك العلوم من مفاهيم وتصورات غير إسلامية أي لا تتفق مع مبادئ الإسلام وتوضيح الخطأ في تلك المفاهيم .
2) عملية وضع المفاهيم والتصورات لتلك العلوم والتي لا تتعارض مع الدين الإسلامي في قالب إسلامي ( 49 ) .
والمتأمل لعلم النفس الحديث منذ نهاية القرن التاسع عشر للآن يحده يمر بمراحل ومدارس متعددة لا يستقر بواحدة حتى يتبين أنها غير كافية للنهوض به كما ينبغي فتنشأ مدرسة أخرى تحاول أن تدرك ما فات المدارس السابقة ، فتعددت بذلك المدارس ، فهناك المدرسة السلوكية – بافلوف ، واطسون – المدرسة الفرضية – مكدوجل – ومدرسة التحليل النفسي – فرويد – ومدرسة الجشطلت – كوهلر – ولكل منها وجهة نظر قاصرة لتفسير سلوك النفس ، ورغم التقارب الذي حدث مؤخراً بين تلك المدارس إلا أنه لم يصل إلى المستوى المنشود ، ويكون مقبولاً من الجميع ، والفرصة متاحة لظهور مدارس أخرى طالماً أنها لا تقوم على أسس ثابتة تجاه النفس الإنسانية ، وتعتمد على فكر بشري قاصر مهما بلغ من النبوغ الفكري ، والسبب الرئيسي لكل ذلك يعود لعدم إدراك علماء النفس لحقيقة النفس الإنسانية من حيث عدم معرفتهم بالفطرة ، فمن خلال الاستعراض السابق لأبرز نماذج – نظريات – التعلم ومدارس علم النفس يتضح تركيزها على جانب واحد من جوانب عملية التعلم ، مع ذلك تعمم تلك النتائج على العملية التعليمية بأكملها وإغفالها لجانب الروح ، كما أنها لا توازن بين بقية الجوانب حيث تهتم بواحد على حساب الآخر " فالمشكلة الأساسية والمزمنة في إطار الدراسات النفسية أنها لا تنظر للإنسان ككل في إطار واحد متكامل بجميع أبعاده التكوينية ومظاهره لنفسية ، وإنما كانت تركز على جانب واحد فقط تسلط عليه أضواء البحث والتأكيد مهملة في ذات الوقت بقية الجوانب الأخرى ( 40 ) .
وجهلهم بالفطرة جعلهم يقفون مواقف متباينة بين أنها شريرة ، وعنصر الشر متأصل فيها ، وإن حدث وتصرفت بشكل خير فهذا لسبب خارجي ، وبعض التصرفات التي يُظن أنها خيرة هي تصرفات أنانية ، وهناك من يرى أنها حيادية في أساسها ، والخبرة الذاتية هي التي تبرز جانب الخير أو الشر والبيئة – لا الوراثة – هي العامل الحاسم في تشكيل الشخصية .
وهناك من يرى أنها خيرة وعنصر الشر دخيل عليها ، وهذا هو موقف الإسلام ( 41 ) فالله سبحانه وتعالى هو الذي فطر الناس وبالتالي تكون فكرتهم على الحق والخير ، قال تعالى : ] فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ [ الروم - 30 .
بعد كل هذا يتضح ضرورة أسلمة علم النفس لكي نتمكن من تربية الإنسان وفق منهج الله تعالى ، إذ أنه لا يمكن أن تتم تربية الإنسان ونحن نجهل حقيقته ، ومن خلال علم النفس يمكن لنا التعرف على حقيقة النفس البشرية . " ولن يتمكن علم النفس من الوصول إلى ذلك إلا إذا اتبع منهجاً إسلامياً قد استقى مادته من علم الله ، ومن آياته البيانات و نظرياته وأفكارة، فيعمق بذلك أبحاثه ودراساته ولا تناقض مع نفسه في تبرير فروضه المتخيلة وتفسيراته العاجزة وتحليلاته السطحية الفاترة " ( 42 ) .
إن الإنسان في القرآن الكريم مكون من مادة وروح ، متفاعلان ، ومتكاملان ومرتبطان ، ولذلك ترفض نظرة الماديين الذي لا ينظرون إلا للجانب المادي في الإنسان وأن سلوكه آلي ميكانيكي ، ونرفض كذلك نظرة الذين ينظرون للإنسان على أنه رووح متجردة عن المادة ( 43 ) قال تعالى : ] قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ(71)فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [ سورة ص 71 -72 .
وعليه فإن مفهوم النفس في الإسلام يرتبط بالجسم والعقل والقلب والروح ، وهذه هي مكونات الإنسان التي تعمل بشكل متحد ومتوازن لا انفصال بينها ، فالجسم طاقة تسعى إلى إشباع الدوافع الفطرية واستغلال ما في الكون لعمارة الأرض وتحقيق الاستخلاف .
والعقل يعين الجسم على ذلك لأن الحواس وحدها لا تهدي لمعرفة بل تأتي بأوهام وشخوص ما لم يكن وراءها عقل يربط بين المدركات الحسية وينظمها ويفسرها ويعطيها معناها الذي تدرك به الأشياء ( 44 ) .
إن القلب العامر بالإيمان يصلح الجسد والعقل ، والــــروح تهـذب الجسم وتهدي العقل وتصلح القلب ، والمقصود بالقلب هو ما أشار إليه قوله تعالى : ] إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق –37 ، قال ابن كثير " لمن كان له قلب أي لب يعي به " ( 45 ) .
ثانياً : أسلمة علم النفس والصعوبات التي تواجهها :
قبل الخوض في هذا الجانب المهم في الدراسة ، يود الباحث أن يقرر أننا نقصد بهذا كيف نزيل ما غشي علم النفس والكُتب التي كتبت حوله من رؤية غير صحيحة لحقيقة الإنسان ، حيث نجد أن الكُتب المؤلفة والمترجمة تتسم بالخلط الكثير الذي تتضمنه النظريات المختلفة في نظرتها للنفس الإنسانية وعملية التعلم ، وما يساعدها من وسائل مثل الفروق الفردية والواقعية وغيرها من وسائل ، وكل نظرية تركز على جانب من جوانب الإنسان بالإضافة إلى اشتراكها في إغفال جانب الروح ، كما أنها تنظر نظرة آلية للإنسان من خلال استجابته للمثيرات ، وقيام معظم - إن لم يكن – جميع التجارب على الحيوانات والبعض يحاول أن يطبقها على الإنسان ، ولكن مع إغفال حقيقة ذلك الإنسان .
فعلم النفس لم يظهر كعلم مستقل له نظرياته ومدارسه وعلماؤه إلا منذ نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ، في حين أن القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً أوضح حقيقة النفس الإنسانية والأمراض التي تصيبها وطرق علاجها ، فعندما يقول الباحث أسلمة علم النفس يقصد بذلك أن ننظر لعلم النفس من المنظور الإسلامي ، لا على أساس أنه علم غربي نود أسلمته للاستفادة منه .
إن عملية الأسلمة تكتنفها كثير من الصعوبات والتحديات ومن تلك الصعوبات التي تواجه من يسعى للأسلمة خصوصاً في مجال علم النفس احتياجه إلى :
1 ضرورة التعمق في مواد علم النفس الغربي ومناهجه وممارساته .
2 ضرورة الإلمام بالإسلام وبأصوله ومصادره .
3 وجود تفكير ابتكاري مبدع قادر على الربط بين الإسلام وما هو مقبول في علم النفس الغربي .
4 القيام بأبحاث تجريبية وميدانية مكثفة في دول العالم الإسلامي ليمكن بعد ذلك من وضع نظريات من أصول تجريبية وميدانية ( 46 ) .
5 قيام هيئة عالمية إسلامية تستقطب علماء النفس من المسلمين تحث وتدعم مادياً ومعنوياً الجهود التي تبذل للأسلمة .
6 وجود فئات من علماء النفس المسلمين ترفض الأسلمة ، وقد صنفهم/ مالك بدري إلى ثلاث فئات هي ( 47 ) :
أ - الفئة الأولى : تؤكد بأنه ليس هناك شيء اسمه علم نفس إسلامي ، وليس هناك ما يدعو للتأصيل الإسلامي للعلوم ومنها علم النفس ، فهو علم تجريبي بمعنى Science وبهذا المفهوم تسقط الأسلمة .
ب الفئة الثانية : ترى أن علم النفس الحديث بكل فروعه هو إنتاج الحضارة الغربية العلمانية ، وبالتالي ترفضه ، ونقيم علم نفس إسلامي مستمد من المصدرين الأساسيين وأفكار السلف الصالح ، وربما من كتابات بعض علماء التراث من فلاسفة الإسلام وكبار متصوفيه .
ج - الفئة الثالثة : اتجاههاً وسط وصحيح فهي : تعترف لعلم النفس العلمي والتجريبي بأهميته وفوائده مع ملاحظة تأثره بالفسلفة الغربية وهنا يجب الحذر وأن نميز الخبيث من الطيب .
وهذا اتجاه جيد لأنه لا يتعارض مع الدين الإسلامي ، إضافة إلى أن الحضارة المادية الغربية إنما قامت أصلاً على جهود علماء المسلمين الذي لهم الفضل في تلك النهضة العلمية الغربية ، ولكن هم بعد ذلك جعلوها مادية إلحادية وعلينا أن نسترد بضاعتنا بعد أن نزيل ما علق بها من شوائب ، وقد اقترح / مالك بدري نظرية للأسلمة تقوم على قاعدتين :
1 القاعدة الأولى : كلما كانت المواد التي نأخذها من علم النفس الغربي تعتمد على البحث التجريبي المختبري والبحث التجريبي الميداني ، كانت أكثر قبولاً واتساقاً مع الفكر الإسلامي ، ويضيف الباحث ضرورة عدم تعارض تلك التجارب من حيث الموضوع أو الكيفية أو النتائج مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف .
2 القاعدة الثانية : كلما كانت المواد النفسية الحديثة تدرس جانباً محدوداً من السلوك الإنساني كدراسة الإدراك الحسي أو الذكاء أو أثر العقاقير على السلوك كانت أكثر قبولاً من الناحية الإسلامية .
النتائج
1) لم يظهر علم النفس كعلم مستقل له نظرياته ومدارسه إلا منذ نهاية القرن التاسع عشر الميلادي .
2) وضح القرآن الكريم حقيقة النفس الإنسانية ، وما يصيبها من أمراض وطرق علاجها قبل أربعة عشر قرناً .
3) إن نظريات نماذج- التعلم هي نظريات يمكن أن تدرس للطلاب للاستفادة منها بعد بيان أوجه القصور فيها ، ليكون الطالب على بصيرة عند دراسته لها ومحاولته تطبيقها .
4) إن نظريات نماذج التعلم كان بعضها ينكر على بعضها ما توصلت إليه ، وذلك لاختلاف النظرة للطبيعة الإنسانية .
5) ضرورة العودة بعلم النفس عامة إلى مصادره الأساسية وتنقيته مما علق به من أفكار ونظريات غربية .
6) هناك العديد من الصعوبات والتحديات التي تواجه الأسلمة .

التوصيات
إن هذه التوصيات تقبل التنفيذ في أي مجال من المجالات ، ولكن ننعتها هنا بأنها خاصة بعلم النفس للملائمة مع موضوع الدراسة ، ولقد ذكر أحدهم تلك التوصيات والتي يمكن دمجها كما يلي :
1) إقامة مراكز بحوث نفسية إسلامية في عواصم الدول الإسلامية والمدن الكبرى وذلك للقيام ببحوث أصيلة وتجارب مختلفة ، ويلحق بالمراكز معامل ومختبرات نفسية .
2) إنشاء جمعية رابطة ، منظمة عالمية إسلامية تضم العلماء النفسيين الإسلاميين قلباً وقالباً ، ولها فروع في معظم الدول الإسلامية ، ومن مهامها .
أ - إقامة مؤتمرات وندوات لتبادل البحوث والخبرات والتخطيط للبحوث النفسية ، وإقامة مناظرات مع علماء النفس الغربيين .
ب إصدار مجلة نفسية إسلامية ، بأكثر من لغة تهتم بنشر بحوث علماء النفس الإسلاميين ونتائج تلك المؤتمرات والندوات .
ج - إقامة دورات محدودة زمنياً لعلماء لنفس المعاصرين ولمدرسي مادة علم النفس بصفة عامة لإطلاعهم على التصور الإسلامي لدراسة النفس الإنسانية .
د - التشجيع المالي للكتب النفسية التي يتم وضعها حسب التصور الإسلامي لعلم النفس .
هـ الدعوة لإنشاء أقسام علم النفس في جميع الجامعات والكليات الإسلامية والحاقها والأقسام الموجودة بالجامعات حالياً بكليات الدراسات الإسلامية ليكون طلاب تلك الدراسات على صلة بالدراسات النفسية ، وليكون علم النفس في رعاية الدراسات الإسلامية.
و تقوم فروع هذه الجمعية بدراسة مقررات علم النفس في جميع مراحل التعليم العام والعالي لتنقيتها أو إبدالها بمقررات إسلامية نفسية ( 48 ) .
ويرى الباحث أن هذه التوصيات إن قدر لها التنفيذ سنصل بحول الله تعالى لعلم نفس إسلامي ، وعندها لن نكون بحاجة لإضافة كلمة إسلامي .
ولحين ظهور تلك التوصيات يرى الباحث القيام بالخطوات التالية لعل فيها خطوة نحو التوجيه الإسلامي ليس لعلم النفس فحسب بل للعلوم كافة . وهي :
1 الاهتمام بإعداد المعلم على اعتبار كونه أحد عناصر العملية التعليمية ، وهو عنصر له وظيفته كبيرة في العملية التربوية لأنه " إذا صلحت مناهج تربية المعلم ، صلح المعلم واستقام ، وبصلاحه واستقامته تصلح الأجيال " ( 49 ) .
ويحبذ الباحث أن تكون هذه أول خطـوة لأن المعـلم " هــو الموجـــه الفعال في المدرسة " ( 50 ) . لذلك يجب الاهتمام بالمعلم من حيث قبوله بكليات التربية وكليات المعلمين ، وبعد ذلك يهتم بإعداده ليتخرج وقد تحلى بصفات المعلم المسلم . عندها سيستطيع بحول الله تعالى أن يوجه أي مادة يدرسها -ولو لم يكن المقرر المدرسي مصمم لذلك - توجيهاً إسلامياً .
2 إن كان المعلم من العناصر المهمـة فإن المقررات الدراسية بحاجة لتوجيهها إسلامياً حيث يلاحظ أنها تتضمن المعلومات مصطبغة بالنظرة المادية لأن الكثير ممن عرضوها ماديون ولا نجـد فيها لله تعالى نصيب ، بل أحياناً تتعارض مع عقيدة الطالب " (51 ) .
لذلك يجب أن يعاد النظر في المقررات التي تدرس وتنقيتها لحين نتمكن من صياغة مقررات تتناسب مع عقيدتنا الإسلامية .
3 طريقة التدريس : إن طريقة التدريس لها وظيفة هامة لا تقل عن أهمية المقررات وكلاهما يحتاجان للمدرس الكفء ، فينبغي أن تؤدي طريقة التدريس إلى أحداث التفاعل الكامل بين الطالب والمادة التي تقدم له وطريقة عرضها ثم التفاعل بين الطالب والمعلم ، لأن طريقة التدريس الناجحة تؤدي إلى إداراك الطالب لمكانته الحقيقة في الكون ومهمته فيه ، وبعث الشعور لديه بالعزة والحماس لدينه ، ولذا يجب تشجيع الطلاب ودفعهم إلى استخدام ما أنعم الله تعالى به عليهم من أدوات للمعرفة قال تعالى :]وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء 36 . لأن أسلوب التلقين والحفظ دون فهم والذي يتبعه كثير من المعلمين يؤثر على الطلاب ؛ إذ يقصرهم على مقدرتي التلقي والحفظ ، ويؤول بهم إلى تبعية فكرية خطيرة ( 52 ) . وهذه ستشكل صعوبة في طرايق الأسلمة كما سبق بيانه.
ما سبق يتعلق بمعلم التعليم العلم ، وهناك متطلبات تقع على عاتق عضو هيئة التدريس في الجامعات خاصة من يُدرس مواد علم النفس وعلم النفس التربوي وهي :
1 - إن يختار من علم النفس ما له علاقة بـالتربية ، وما يفيد الطالب المعلم في القيام برسالته في المدرسة والمجتمع ، حتى لا تكون المادة بعيدة عن عمله وبيئته وتصوره الإسلامي للإنسان .
2 أن يقيم كُتب علم النفس التربوي من منظور إسلامي ، ليحذف ما يتعارض مع الإسلام.
3 أن يجري دراسات في علم النفس التربوي من منطلق إسلامي فيبحث دوافع التعلم الفروق الفردية ، سمات الشخصية المسلمة ، وإن توصل لنتائج متعارضة مع الإسلام فعليه أن يعيد النظر في خطوات البحث لأن الخطأ فيها .
4 أن يتحلى بصفات العالم المسلم الذي يعـتبر العلم عبادة ، وإظهار لعظمة الله تعالى وقدره ( 53 ) .
تلك هي الخطوة الأولى والقريبة والسريعة بحول الله تعالى لتوجيه العلوم بما فيها علم النفس الوجهة الإسلامية ، خاصة وأن هناك عدد لا بأس به من أعضاء هيئة التدريس لهم توجه وكتابات إسلامية في هذا المجال يمكن أن تساهم بقدر كبير في إخراج المعلم المسلم القادر بحول الله تعالى على القيام بالخطوات السابقة وعندها يمكن أن تبرز التوصيات الخاصة بأسـلمة العلوم على المستوى العالمي ، وعندها ستكون الأمة الإسلامية كما وصفاها ربها بقوله تعالى : ] كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[ آل عمران – 110 .
المراجــــــع

1) عبد الحميد الهاشمي : علم النفس التكويني ، ط2 ، القاهرة ، مطبعة الخانجي ، ص11.
2) محمـد عثمان نجاتي:علم النفس في حياتنا اليومية ، دار النهضة العربية ، 1966م ، ص14
3) عبد الحميد الهاشمي : أصول علم النفس العام ، دار الشروق ، جدة ، ص12 .
4) حامد عبد السلام زهران : علم نفس النمو ، ط4 ، عالم الكتب ، القاهرة ، 1977م،ص9 .
5) فائز الحاج : بحوث علم النفس العام ، المكتب الإسلامي ، الرياض ، 1976م ، ص6 .
6) مختار حمزة : مبادئ علم النفس ، دار المجتمع العربي،جدة ، 1399هـ/ 1979م،ص21.
7) محمد عثمان نجاتي : مرجع سابق ، ص14 .
8) أحمد عزت راجح : أصول علم النفس ، ط4 ، المكتب المصري الحديث ، الإسكندرية، 1970م ، ص21 .
9) نبيل محمد السمالوطي : الإسلام وقضايا علم النفس الحديث ، دار الشروق ، جدة ، 1400هـ / 1980م ، ص14 .
10) عبد الحميد الهاشمي : علم النفس في التصور الإسلامي ، المركز العالمي للتعليم الإسلامي ، جامعة أم القرى ، مكة 1403هـ / 1983م ، ص33-35 .
11) أحمد عزت راجح : مرجع سابق ، ص32 .
12) المرجع السابق ، ص34
13) محمد محمود محمد : علم النفس المعاصر في ضوء الإسلام ، دار الشروق ، جدة ، 1405هـ / 1985م ، ص57 .
14) المرجع السابق ، ص58-59 .
15) أحمد راجح : مرجع سابق ، ص36-37 .
16) نبيل السمالوطي : مرجع سابق ، ص19 .
17) فؤاد أبو حطب ، آمال صادق : علم النفس التربوي ، ط2 ، مكتبة الأنجلو ، القاهرة ، 1980 م ، ص13-16 .
18) المرجع السابق ، ص33 .
19) أحمد زكي صالح : علم النفس التربوي ،ط10،مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ، ص25 .
20) عبد الحميد الهاشمي : أصول علم النفس العام ، ص14 .
21) أحمد زكي صالح : مرجع سابق ، ص38 .
22) فؤاد أبو حطب : مرجع سابق ، ص33-38 .
23) محمد عثمان نجاتي : مرجع سابق ، ص18 .
24) فؤاد أبو حطب : مرجع سابق ، ص166-169 .
25) عبد السلام عبد الغفار : في طبيعة الإنسان ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1973م / 1393هـ ، ص26 .
26) محمد محمود محمد : مرجع سابق ، ص244 .
27) فؤاد ابو حطب : مرجع سابق ، ص175 .
28) المرجع السابق ، ص178، 179 .
29) محمد محمود محمد : مرجع سابق ، ص244 .
30) فؤاد أبو حطب : مرجع سابق ، ص189 .
31) محمد محمود محمد : مرجع سابق ، ص248 .
32) صالح سليمان العمرو : مكانة الحواس من المعرفة في الإسلام ،رسالة دكتوراه ، كلية التربية، جامعة أم القرى ، غير منشورة ، ص70 .
33) فؤاد أبو حطب : مرجع سابق ، ص202 .
34) محمد محمود محمد : مرجع سابق ، ص264 .
35) فؤاد أبو حطب : مرجع سابق ، ص209-213 .
36) يوسف القاضي ، علم النفس التربوي في الإسلام ، دار المريخ ، الرياض ، 1401هـ / 1981م ، ص219 .
37) فؤاد أبو حطب : مرجع سابق ، ص232-236 .
38) صالح العمرو : مرجع سابق ، ص75 .
39) حمدي أبو الفتوح عطيفة : أسلمة مناهج العلوم المدرسية تصور مقترح ، دار الوفاء ، المنصورة ، 1407هـ / 1986م ، ص27 .
40) عبد الحميد الهاشمي : علم النفس في التصور الإسلامي ، مرجع سابق ، ص19.
41) عبد الرحمن صالح عبد الله : المنهاج الدراسي أسسه وصلته بالنظرية التربوية الإسلامية ، مركز الملك فيصل ، الرياض ، 1405هـ / 1985م ، ص123 .
42) حسن محمد الشرقاوي : نحو علم نفس إسلامي ، مؤسسة شباب الجامعة ،الإسكندرية ، 1984م ، ص440 .
43) محمد حامد الأفندي : نحو مناهج إسلامية ، المركز العالمي للتعليم الإسلامي ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، 1987م / 1407هـ ، ص14 .
44) جعفر شيخ إدريس : أسلمة العلوم فلسفتها ومنهجيتها ، صحيفة الراية ، قطر ، الخميس 7/7/1408هـ .
45) أبن كثير : تفسير القرآن العظيم ، م4 ، دار الفكر ، 1407/ 1986م ، ص220.
46) مالك بدري : علم النفس الحديث من منظور إسلامي ، جامعة الخرطوم ، 1987م ، 1407هـ ، ص10-21 .
47) المرجع السابق ، ص6-7 .
48) عبد الحميد الهاشمي : علم النفس في التصور الإسلامي ، مرجع سابق ، ص86-88.
49) بشير حاج التوم : تأصيل تربية المعلم ، جامعة الملك عبد العزيز ، فرع مكة المكرمة ، 1400هـ / 1980م ، ص1 .
50) بشير حاج التوم : السبيل إلى بناء فكر تربوي إسلامي ، مركز البحوث التربوية والنفسية، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، 1412هـ ، ص13 .
51) بشير التوم : تأصيل تربية المعلم ، مرجع سابق ، ص6 .
52) بشير التوم : السبيل إلى بناء فكر تربوي ، مرجع سابق ، ص19 .
53) بشير التوم : تأصيل تربية المعلم ، مرجع سابق ، ص45-46 .







  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22