عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2012 ~ 11:28 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 11
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


الفصل الثالث
نصوص العهد الجديد...الطبعات،المخطوطات،والاختلافات


ما رأيناه من الممارسات التي كانت تقع في أثناء عملية النسخ حتى هذه اللحظة ينتمي في الأغلب إلى القرن الثالث المسيحي ،عندما كان معظم نساخ النصوص المسيحية من غير المحترفين ،ممن لم يتلقوا تدريبًا على القيام بهذه الوظيفة ، بل كانوا ببساطة مسيحيين مثقفين من هذه الطائفة أو تلك،ممن يعرفون القراءة والكتابة ولذلك طُلب إليهم أن يعيدوا كتابة النصوص التي تمتلكها الطائفة في أوقات فراغهم (1) .ولأنهم لم يحصلوا على تدريبٍ عالٍ يؤهلهم للقيام بعمل كهذا ،فقد كانوا أكثر ميلا للوقوع في تلك الأخطاء التي ما كان للمحترفين من النسَّاخ أن يقعوا فيها.
هذا يفسر لماذا كانت النسخ المبكرة من كتابات المسيحيين الأوائل تميل إلى الاختلاف في العادة من نسخةٍ لأخرى وبالمقارنة مع النسخ المتأخرة أكثر مما تختلف فيه النسخ المتأخرة(ولنقل التي تنتمي إلى العصور الوسطى العليا) فيما بينها . في النهاية أصبحت هناك طبقة من النساخ المسيحيين المحترفين تمثل جزءًا من المشهد الفكري المسيحي ،وبظهور هؤلاء النسَّاخ المحترفين ظهرت ممارسات نسخية أكثر انضباطًا ،ارتكبت فيها الأخطاء بشكل أقل من المعتاد.
قبل أن يحدث ذلك،وأثناء القرون الأولى من عمر الكنيسة،كانت النصوص المسيحية يتم نسخها في أي مكان كانت تكتب فيه أو تؤخذ إليه. ولأن النصوص كانت تنسخ محليًّا،فلم يكن من قبيل المفاجأة أن تقوم المدن الأخرى بتطوير أنواع أخرى من التقاليد النصية.
بكلماتٍ أخرى،المخطوطات التي كتبت في روما وجدت فيها الكثير من الأخطاء ذاتها،لأنها كانت في الغالب وثائقًًا "للاستخدام المحلي" ،كتبت من ناسخ لآخر ؛فلم تتأثر كثيرًا بالمخطوطات التي كانت تنسخ في فلسطين؛ وتلك التي نسخت في فلسطين كانت لها خصائصها المميزة،والتي لم تكن من النوع نفسه الموجود في مخطوطات مكان مثل الإسكندرية،في مصر. فوق ذلك، في القرون المبكرة للكنيسة،كان لبعض الأماكن نسَّاخ أفضل من المتوفرين في الأماكن الأخرى.ولقد أصبح العلماء المعاصرون يقرُّون بأن نساخ الإسكندرية– التي كانت مركزًا فكريًأ رئيسيًا في العالم القديم- كانوا بشكل خاص من ذوي الضمائر الحية ،حتى في هذه القرون القديمة،وهناك ،أي في الإسكندرية، ظل شكلٌ شديدُ النقاءِ من نصوص كتابات المسيحيين الأوائل محفوظًا،طوال عشرات السنين،عبر نساخ مسيحيين متفانين و ماهرين نسبيًا.


النساخ المسيحيُّون المحترفون
متى بدأت الكنيسة في استخدام النسَّاخ المحترفين لنسخ نصوصها؟ هناك أسباب مقنعة تدفعنا إلى الاعتقاد بأن ذلك قد حدث في وقت ما قريب من بداية القرن الرابع. فقبل ذلك الحين،كانت المسيحية ديانة صغيرة تعتنقها أقلية داخل الإمبراطورية الرومانية ،كثيرًا ما تعرضت هذه الأقلية للاضطهاد،و للتعذيب أحيانًا. ولكنَّ تغييرًا عنيفًا وقع حينما تحول إمبراطور روما،قسطنطين،إلى الإيمان عام 312 ميلاديًا تقريبًا. فجأة تغير حال المسيحية من كونها ديانة المنبوذين مجتمعيًا ،المعذَّبين بأيدي الرعاع و سلطات الإمبراطورية على حدٍ سواء ،إلى لاعبٍ رئيسيّ في المشهد الديني في الإمبراطورية. لم يتوقف التعذيب فحسب بل وانهالت العطايا على الكنيسة من القوة الأعظم في العالم الغربي. وقد نتج عن ذلك اعتناقات جماعية للمسيحية،كما أصبح أن تكون تابعًا من أتباع المسيح أمرًا شائعًا في عصرٍ زعم فيه الإمبراطور نفسه علانيةً التزامه بالمسيحية.أعداد أكبر وأكبر من الحاصلين على تعليم عالٍ و من المدربين تحولوا إلى المسيحية. وكان من الطبيعيّ أن يكونوا الأشخاص الأكثر أهليةً لنسخ نصوص التقليد المسيحي.هناك أسباب تجعلنا نفترض أن قريبًا من هذه الفترة ظهرت الإسكريبتوريات المسيحية (Christian ******oria) في المناطق الحضرية الرئيسية(2). والإسكريبتوريا هي مكان لنسخ المخطوطات يتميز بكون نسَّاخه من المحترفين. لدينا إشارات عن أماكن النسخ (الإسكريبتيريات) المسيحية التي كانت تعمل في وقت قريبٍ من بواكير القرن الرابع. في 331 ميلاديًا كتب الإمبراطور قنسطنطين ،الذي كان يريد توفير نسخ من الكتب المقدسة (Bibles ) في الكنائس الرئيسية التي قام ببنائها، أمرًا لأسقف قيصرية ،يوسابيوس (3)،لكي يتولى الإشراف على كتابة خمسين نسخة من الكتاب المقدس على نفقة الإمبراطور. تعامل يوسابيوس مع هذا الطلب بكل الأبهة والاحترام اللذين يستحقهما ،وعمل على تنفيذه. وكما هو واضح،فإن تنفيذ مثل هذا الأمر الجسام كان يتطلب مواقع للنسخ تتسم بالاحترافية ،ناهيك عن المواد اللازمة لكتابة نسخ باهظة من الكتابات المقدسة المسيحية. نحن الآن في عصر آخر قبل هذا بقرن فقط أو قرنين عندما سيكون على الكنائس المحلية أن تطالب ببساطة بأن يقوم واحدًا من أعضائها بجمع وقت فراغ كاف لكتابة نسخة من نص. بدءًا من القرن الرابع أصبحت نسخًا من الكتاب المقدس تكتب عن طريق المحترفين؛هذا حدَّ بشكل كبير من عدد الأخطاء التي تسللت إلى النص. في النهاية،بعد أن مرَّت ليس فقط عشرات السنين بل قرون، أصبح نسخ المخطوطات اليونانية يقع على عاتق الرهبان اللذين يعملون في الأديرة،اللذين قضوا أيامهم في نسخ النصوص المقدسة بعناية وبضمير حيّ. استمر هذا الأمر منذ مطلع العصور الوسطى وعبرها ،وصولا إلى عصر اختراع الطباعة بالحروف المتحركة في القرن الخامس عشر.الحجم الأكبر من المخطوطات اليونانية المتوفرة في أيدينا كتبت بأقلام هؤلاء النساخ المسيحيين المنتمين إلى القرون الوسطى اللذين عاشوا وعملوا في الشرق (في المناطق الواقعة الآن في تركيا واليونان على سبيل المثال)،المعروف باسم الامبراطورية البيزنطية. ولهذا السبب، تسمى المخطوطات اليونانية التي يعود تاريخها إلى القرن السابع فما فوق أحيانًا المخطوطات "البيزنطية". و كما أوضحت سابقًا،أي شخص له معرفة بمنهج مخطوطات العهد الجديد يعلم أن هذه النسخ البيزنطية تميل إلى أن تكون شديدة التشابه من واحدة لأخرى، في حين تختلف النسخ الأقدم بشكل كبير سواء فيما بينها أو مع شكل النص الموجود في هذه النسخ الأحدث(أي البيزنطية). السبب وراء ذلك لابد وأنه واضح الآن: هذا الأمر كان له علاقة بشخصية ناسخ النصوص (النساخ المحترفين) ومكان قيامهم بعملية النسخ(في نطاق محدودة نسبيًا). على الرغم من ذلك ،من الخطأ الفادح الاعتقاد بأن كون المخطوطات الأحدث متوافقة بشكل كبير بعضها مع بعض ،فإنها تكون لهذا السبب شاهدنا الرئيسي على النص "الأصلي" للعهد الجديد.وذلك لأن الإنسان ينبغي أن يتسائل دائمًا:أين حصل هؤلاء النسَّاخ المنتمين إلى القرون الوسطى على هذه النصوص التي نسخوها بهذه الطريقة الاحترافية؟ لقد حصلوا عليها من نصوص أقدم ،التي هي مع ذلك نسخ من نصوص أقدم،التي هي بدورها نسخٌ من نصوص أخرى أقدم. لذلك، النسخ الأقرب من ناحية الشكل إلى الأصول هي ،ربما وبشكل غير متوقع،نسخ العصور الأقدم الأكثر اختلافا و الأقل اتقانًا،وليس النسخ الأحدث التي تتميز بأنها أكثر احترافية وتوافقًا.

الفولجاتا(الشعبية) اللاتينية

ممارسات النساخ التي قمت بتلخيصها تتعلق بشكل أساسي بالجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية ،حيث كانت اللغة اليونانية،ومازالت،هي اللغة الرئيسية.لم يكن على المسيحيين في المناطق التي لا تتحدث باليونانية من اللذين كانوا يريدون النصوص المسيحية المقدسة بلغتهم المحلية الخاصة ،على الرغم من ذلك،الانتظار طويلا . كانت اللاتينية،بالطبع،لغة الشطر الأكبر من الجزء الغربي من الإمبراطورية؛ أما السوريانية فقد كانت اللغة الرسمية في سوريا؛بينما القبطية هي السائدة في مصر . في كل منطقة من هذه المناطق ، أصبحت كتب العهد الجديد تترجم إلى هذه اللغات الوطنية،ربما في وقت ما في النصف الثاني من القرن الثاني . ثم بعد ذلك نسخت هذه النصوص ذاتها عبر النسَّاخ في مناطقهم المحلية (4). حملت الترجمات اللاتينية أهمية خاصة لتاريخ النص،لأن عددًا كبيرًا جدًا من المسيحيين الغربيين نظروا إلى هذه اللغة كلغتهم الرئيسية. إلا أنه سرعان ما ظهرت إشكاليات بخصوص الترجمات اللاتينية للكتاب المقدس،حيث كان ثمَّة عدد كبير جدًا منها وقد كانت هذه الترجمات شديدة الاختلاف بشكل كبير فيما بينها . تحولت المشكلة إلى أزمة قريبًا من نهاية القرن الرابع المسيحي عندما منح البابا (داماسوس) (جيروم)، العالم الأبرز بين علماء عصره، تفويضًا لوضع ترجمة لاتينية "رسمية" يمكنها أن تلقى قبول المسيحيين المتحدثين باللسان اللاتيني في روما وأي مكان آخر كنص معتمد(an authoritative text). يتحدث جيروم نفسه عن كثرة الترجمات المتوفرة ،وأخذ على نفسه عهدًا بحل هذه المشكلة. وعبر اختياره لواحدة من أفضل الترجمات اللاتينية المتوفرة آنذاك،وبمقارنة نص هذه الترجمة بالمخطوطات اليونانية الأرفع مقامًا المتوفرة تحت يده، قام جيروم بإنتاج طبعة جديدة من الأناجيل باللغة اللاتينية. ومن المحتمل أنه ،أو واحد من أتباعه، كان مسئولا عن الطبعة الجديدة من كتب العهد الجديد اللاتينية الأخرى(5). هذا الشكل من الكتاب المقدس باللغة اللاتينية-ترجمة جيروم- أصبح يعرف بالكتاب المقدس "الفولجاتا" (= الشعبية) الخاصة بالعالم المسيحي المتحدث باللاتينية. وقد كانت "الفولجاتا" هي الكتاب المقدس بالنسبة للكنيسة الغربية،وهي ذاتها نسخت وأعيد نسخها مرارًا وتكرارًا. لقد كانت الفولجاتا هي الكتاب الذي كان المسيحيون يقرأونه،والعلماء يدرسونه،واللاهوتيون يستخدمونه طوال قرون حتى الزمن الحاضر.اليوم يبلغ عدد نسخ "الفولجاتا" اللاتينية ضعف ما هو موجود من مخطوطات العهد الجديد اليونانية.

النسخة المطبوعة الأولى من العهد الجديد باللغة اليونانية

كما أشرت، نص العهد الجديد نُسِخ في شكل معياري بكل ما في الكلمة من معنى عبر قرون العصور الوسطى،سواء في الشرق(النص البيزنطي) أو في الغرب (الفولجاتا اللاتينية). لقد كان اختراع ماكينة الطباعة في القرن الخامس عشر الميلادي على يد جوهانس جوتنبرج(1400 – 1468) هو الذي غيَّر كل شئ يتعلق بإعادة إنتاج الكتب بشكل عام وأسفار الكتاب المقدس على وجه الخصوص. فعبر طباعة الكتب بالحروف المتحركة ،أصبح الإنسان باستطاعته أن يضمن خروج كل صفحة في صورة مماثلة تمامًا لكل صفحة أخرى، من غير وجود اختلاف في صياغة النص من أي نوع كان. لقد ذهبت بلا رجعة تلك الأيام التي كان النسّاخ ينتجون فيها كلٌّ على حدى نسخًا مختلفة من النص ذاته عبر التغييرات غير المقصودة أو تلك المتعمدة. ما أصبح يكتب باستخدام آلة الطباعة يماثل النقش على الحجر .فوق ذلك ،أصبحت الكتب يتم إنتاجها بسرعة أكبر: فلم تعد هذه الكتب في حاجة لأن يتم نسخها على حرف واحد بشكل منفصل.وصارت ،نتيجة لذلك، تنتج بتكلفة أقل. ربما ليس هناك أي شئ أحدث تأثيرًا جذريًا على العالم المعاصر مقارنة بماكينة الطباعة؛ الشئ الأقرب في تأثيره بعد الطباعة (والذي ربما،كمحصلة نهائية،يمتاز عنها بشكل كبير) هو ظهور الكمبيوتر الشخصي. العمل الرئيسي الأول التي كان له أن يطبع من خلال ماكينة طباعة جوتنبرج كان نسخة رائعة من الكتاب المقدس اللاتيني (الفولجاتا)، الذي استغرقت طباعته الفترة بين العامين 1450 و 1456 (6). في خلال نصف القرن الذي تلى ذلك،حوالي خمسين نسخة من "الفولجاتا" تمت طباعتها في العديد من بيوت الطباعة في أوروبا. وربما يبدو غريبًا أنه لم يكن هناك حافزٌ لطباعة نسخة من العهد الجديد باليونانية خلال هذه السنوات المبكرة من عمر الطباعة. لكن السبب يسهل اكتشافه:إنه السبب الذي أشرنا إليه من قبل بالفعل. لقد كان العلماء في أنحاء أوروبا- بما فيهم علماء الكتاب المقدس- معتادين خلال ألف عام تقريبًا على الاعتقاد بأن ترجمة جيروم الشعبية (الفولجاتا)هي كتاب الكنيسة المقدس(شئ ما يشبه ما تفترضه بعض الكنائس المعاصرة من أن نسخة الملك جيمس هي الكتاب المقدس "الصحيح"). كان الاعتقاد هو أن الكتاب المقدس اليوناني كتاب غريب عن اللاهوت و العلم؛ ففي الغرب اللاتيني كان ينظر إليه كشئ ينتمي إلى المسيحيين اليونان الأرثوذكس،اللذين ينظر إليهم كمنشقين تمردوا على الكنيسة الصحيحة. عددٌ قليل من العلماء في غرب أوروبا كانوا بالكاد يعرفون القراءة باليونانية. وهكذا، من البداية، لم يجد أحدٌ شعورًا بالحاجة إلى طباعة كتاب مقدس باليونانية. أول عالم غربي واتته فكرة إنتاج نسخة من العهد الجديد باليونانية كان الكاردينال الإسباني المسمى خيمينس دو سيزنيروس(1437 – 1517). تحت قيادته،مجموعة من العلماء،بينهم واحدٌ يسمى دييجو لوبيز دي ستونيكا،أخذوا على عاتقهم طباعة نسخة متعددة المجلدات من الكتاب المقدس. وكانت هذه النسخة متعددة اللغات؛أي أنها أعادت إنتاج الكتاب المقدس بلغات متعددة.وهكذا،طرحوا العهد القديم باللغة العبرية الأصلية، "الفولجاتا" اللاتينية،والسبعينية اليونانية،جنبًا إلى جنب في أعمدة .(ما كان هؤلاء المحررون يعتقدونه بخصوص أفضلية "الفولجاتا" يمكن أن نراه في تعليقاتهم بخصوص هذا الترتيب في مقدمتهم : فقد شبهوه بالمسيح ــــ متمثلا في "الفولجاتا" ـــ الذي كان مصلوبًا بين مجرمين، اليهود الأشرار ممثلين في النص العبري واليونانيين المنشقين ممثلين في السبعينية.)
طُبِعَ هذا العمل في بلدة تدعى "ألكالا" التي تسمى باللاتينية "كومبلوتم" (Complutum) . لهذا السبب ، عرفت نسخة خيمنس باسم الكتاب المقدس الكومبلوتي متعدد اللغات. المجلد الخاص بالعهد الجديد كان أول ما تم طبعه(المجلد رقم 5 ،وتم الانتهاء منه في 1514)؛ كان يضم بين دفتيه النص اليوناني ومعجمًا يونانيًا مصحوبًا بالمقابل اللاتيني. إلا أنه لم يكن هناك نية لنشر هذا المجلد في شكل منفصل ـ فقد نشرت المجلدات الست جميعها معًا(كانت الست مجلدات تضم قاموس وكتاب نحو عبري لتساعد على قراءة المجلدات 1-4)،واستغرق هذا وقتًا كبيرًا. العمل بالكامل تم الانتهاء منه بحلول 1517؛ لكن وحيث إنه كان منتجًا كاثوليكيًا، كان يلزمهم تصديق البابا ليو العاشر،قبل أن يخرج إلى الوجود. وقد حصلوا عليه أخيرًا في 1520، ولكن بسبب تعقيدات أخرى ،لم يتم توزيعه قبل 1522، بعد وفاة خيمنس نفسه بخمس سنوات تقريبًا. كما رأينا ،قريبًا من هذه الفترة كان هناك المئات من المخطوطات اليونانية (أي نسخ مكتوبة بخط اليد)تحت يد الكنائس المسيحية والعلماء في الشرق. كيف تسنى لـ"ستونيكا" ومن تحت قيادته من المحررين أن يحددوا أي هذه المخطوطات يصلح للاستخدام،وأي هذه المخطوطات كان متوفرًا بالفعل بين أيديهم؟
للأسف ،هذه الأسئلة لم يكن باستطاعة العلماء مطلقًا الإجابة عليها بشكل مؤكد. في إهدائه للعمل ،عبر خيمنس عن امتنانه للبابا ليو العاشر من أجل النسخ اليونانية التي استعارها من "المكتبة الباباوية." وهكذا فربما أتت مخطوطات هذه الطبعة من ممتلكات الفاتيكان. بعض العلماء بالرغم من ذلك يساورهم الشك في أن المخطوطات التي كانت متوفرة محليًا ربما تكون قد استخدمت . بعد حوالي 250 عامًا من إصدار الكتاب المقدس الكومبلوتي، زار عالم دانماركي يدعى مولدنهوفر "ألكالا" لمعاينة مصادرها المتوفرة في المكتبات حتى يجيب على هذا السؤال،لكنه لم يستطع أن يجد مخطوطات للعهد الجديد اليوناني على الإطلاق. وقد قام ،لارتيابه في أن المكتبة لابد وأنها كانت تحوي في وقت ما بعضًا من هذه المخطوطات،بإجراء أبحاثا دؤوبة حتى أُخبِر أخيرًا من خلال أمين المكتبة بأن المكتبة كانت تحوى بالفعل مخطوطات يونانية قديمة للعهد الجديد،لكنها بيعت جميعا في عام 1749 لصانع صواريخ يدعى "توريو" "كرقوق عديمة الفائدة "(لكن صالحة لصناعة الصواريخ النارية). مؤخرًا حاول العلماء تكذيب هذه الحكاية (7). إلا أنها على الأقل تظهر أن دراسة مخطوطات العهد الجديد اليونانية ليست علم لصناعة الصواريخ.


يتبـــــــــــــــــع بإذن الله

  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22