عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2014 ~ 04:34 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي رد: تاريخ النصرانية في أوروبا
  مشاركة رقم 5
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012



المقلّدون على عمى:

امتدّت نتائجُ حركةِ الإصلاحِ الدينيِّ حتّى مسّت مجتمعاتِنا، حتّى بعدَ مرورِ قرونٍ علي حدوثِها.. ويتّضحُ ذلك ممّا يلي:
1. الإنجيليّون والقرآنيّون:
سُمّيَ البروتستانتُ الذينَ يقولونَ بنبذِ التقليدِ الكنسيِّ واتّباعِ الإنجيلِ فقط بـ (الإنجيليين)، بالرغمِ من أنّهم أبقَوا بعضَ العقائدِ التي لا تستندُ إلى الإنجيلِ، مثلِ تقديسِ يومِ الأحد.. ألا يبدو لكَ التشابهُ مريبًا بينَهم، وبينَ مَنْ يُسمّونَ أنفسَهم بـ (القرآنيين) ويدعونَ للتّخلّي عنِ السُّنّةِ كمصدرٍ للتشريع ـ مع أنّها هي التي تُفسّرُ الكثيرَ من مُجملِ القرآن، ككيفيّةِ أداءِ الصلاةِ مثلا ـ بل ويدعونَ إلى الاكتفاءِ باتّباعِ الآياتِ المكّيّةِ من القرآنِ فقط، بحجّةِ أنَّ الآياتِ المدنيّةَ تحتوى على شرائعَ نزلتْ في مجتمعٍ غيرِ مجتمعِنا، ولم تَعُد صالحةً لعصرِنا!!
ولا أدري لماذا يعبدونَ اللهَ سبحانَه ـ إن كانوا يعبدونه ـ ما داموا مقتنعينَ أنّه قاصرٌ عن وضعِ شريعةٍ عامّةٍ مرنةٍ تراعي الثوابتَ والمتغيّرات، مناسبةٍ للنفسِ الإنسانيّةِ في كلِّ مجتمعٍ وفي كلِّ زمانٍ ومكان؟!!
ثمَّ ماذا سيبقى من الدينِ بعدَ استبعادِ سنّةِ الرسولِ وتشريعِ الله؟!
سبحانَ اللهِ عمّا يصفون!
2. الدين لله والوطن للجميع:
كان من أثر الإصلاحِ الدينيِّ في (أوروبّا) رفضُ تدخّلِ (روما) في شئونِ باقي الدولِ الأوروبيّة، حتّى ولو كانت مقرَّ الفاتيكان.. كما رُفِضَ تماما تدخّلُ الكنيسةِ في الحياةِ المدنيّة، بعد أن وقفتْ في وجهِ العلمِ واتهمتِ الكثيرَ من العلماءِ بالهرطقة.. من هنا ترعرعت الأفكارُ العلمانيّة، وانحسرَ دورُ الكنيسةِ بالتدريج، وراجَ شعار: الدينُ للهِ والوطنُ للجميع، بمعنى عدمِ الاستنادِ في تشريعِ القوانينِ إلى دينِ طائفةٍ ما من الطوائفِ التي تقطنُ الدولة، حتّى ولو كانتِ الأغلبيّة (مع أنّ هذا ظلمٌ فادحٌ للأغلبيّة بحجّة إنصاف الأقلّيّة!!!!!).. وبقدرةِ قادرٍ تمّ استيرادُ هذه المفاهيمِ إلينا، مع أنّ التجربةَ مختلفةٌ تماما، ومع أنّ الإسلامَ هو الذي قادَ العربَ بعد أن كانوا همجًا يقتتلون، ليقيموا حضارةً هائلة، هي التي أخرجت ـ بعلومِها وآادابِها وفنونِها ـ (أوروبا) من ظلماتِها.. ولكن للأسف، كان نموُّ الحضارةِ الغربيّة بعد تخلّصِها من سيطرةِ الدين، مدعاةً للاعتقادِ بأنّ الأديانَ بوجهٍ عامٍّ من معوّقاتِ الحضارةِ والتقدّم، وهو قولٌ مغلوط، فأوروبا لم تتقدّمْ لأنّها تخلّصت من الدين، ولكن لأنّها تخلّصت من الكهنوتِ الذي تسلّطَ عليها باسمِ الدين.
عامّةً أنا لا أرفضُ تمامًا فكرةَ أنّ الدينَ للهِ والوطنَ للجميع.. وفي نفسِ الوقتِ لا أقبلُها بهذه الصيغةِ المبتورة، فالإسلامُ يقدمُّ هذه الجملةَ في صياغةٍ أدقّ: الدينُ لله، والحكمُ لله، والوطنُ للجميع.
1. اضطهاد المتديّنين:
النكتةُ التي ستروقُك، هي أنّه لا توجدُ علمانيّةٌ بالمعنى الذي يُروّجُ له المغرِضون، فكلُّ المنحرفينَ والفاسدينَ يخشَونَ بأسَ المتديّنينَ في أيِّ دين.. لهذا ستجدُ أنّ العلمانيّةَ التي تقومُ على المساواةِ في المعاملةِ بينَ جميعِ الطوائفِ دونَ النظرِ إلى دينِها، وحكمِ الدولةِ على أسسٍ مدنيّةٍ وليست دينيّة، هي ضربٌ من الأساطير، أمّا ما يتمُّ تطبيقُه في الواقع، فهو العلمانيّةُ التي تعنى اضطهادَ المتديّنينَ ومحاربةَ الأخلاق، وتسييدَ الملحدينَ والفاسدينَ على المجتمع.. وللأسفِ ستجدُ هذه الصورةَ أوضحَ ما يكونُ في البلادِ العربيّةِ والإسلاميّةِ، حيثُ تُضطهدُ الجماعاتُ الدينيّةُ بدعوى أنّها إرهابيّة.. وإذا لم يكنْ هذا المثالُ مقنعًا لك ـ فلربّما تكونُ مقتنعا حقّا بأنّهم إرهابيّون!! ـ فهل تستطيعُ أن تفسّرَ لي كيف ينصُّ دستورُ دولةٍ علمانيّةٍ كـ (تركيا)، على منعِ النساءِ من تغطيةِ رءوسِهنّ، وعدمِ السماحِ لمن تغطّي شعرَها بالدخولِ إلى المدارسِ والجامعاتِ والمصالحِ الحكوميّة؟!!.. هل هذه علمانيّةٌ أم اضطهادٌ دينيٌّ للأغلبيّةِ المسلمة؟؟!!.. وهل تعتبرُ هذا الأمرَ ديمقراطيّا، حتّى لو علمتَ أنّ الفتياتِ المحجّباتِ في (تركيا) قُمنَ في عام 2002 ـ أي في القرنِ الحادي والعشرين ـ بمظاهرةٍ للمطالبةِ "بحرّيّتِهنّ" في دخولِ المدارسِ بالحجاب، فقامتِ الشرطةُ بتفريقِهنّ؟!!!
وهل تستطيعُ أن تفسّرَ لي لماذا تمّ إيقافُ (عمرو خالد) عن الخطابةِ في (مصر) رغمَ أنّه لا يتطرّقُ أساسًا إلى أيِّ مواضيعَ سياسيّة؟؟!!.. ألمجرّدِ أنّه بدأَ يجمعُ حولَه تيّارًا من الشبابِ المتديّنِ وبدأ يُحدثُ صحوةً دينيّة؟؟!!
إنّني أدّعي أنّ المتديّنينَ في بلادِنا سيكونونَ أسعدَ حالا، لو تمَّ تطبيقُ العلمانيّةِ "النظريّةِ" التي تتركُ لهم حرّيّةَ العبادة، رغمَ أنّ هذا يعتبرُ جزءًا يسيرًا فحسبُ من منهجِ الإسلام، فكما قلنا من قبل: الدينً لله، والحكمً لله، والوطنً بعد ذلك للجميع.
2. تهميشُ الأديانِ وتهشيُمها:
حتّى تتّضحَ لك الصورةُ أكثر، انتبِهْ وأنتَ تقرأُ الفصولَ القادمة، كيف أنَّ الهدفَ الأساسيَّ وراءَ أيِّ اتجاهٍ أو ظاهرةٍ أو نظريّة، هو هدمُ الدينِ والأخلاق، وتحييدُ الإنسانِ بحيثُ يصبحُ سلبيًّا نحوَ كلَّ ما يحدثُ من حولِه، والعبثُ بفطرتِه وشخصيّتِه، وحشوُهُ بأهدافٍ زائفةٍ تدمّرُه.. ستكتشفُ ذلك عندما نتحدّثُ عن الفكرِ والأدبِ والفنّ، وعندما نتحدّثُ عن وسائلِ الإعلام، وعندما نتحدّثُ عن التعليم، وعندما نتحدّثُ عن الخرافةِ الكبرى المسماةِ "حرّيّة المرأة".. وستكتشفُه ظاهرًا جليّا منصوصًا عليه بلا لبسٍ أو غموضٍ عندما تقرأُ "بروتوكولاتِ حكماءِ صهيون".
أعرفُ أنّ هناك من سينتصبونَ الآنَ في تحفّز، وسيتّهمونني بالإصابةِ بعقدةِ نظريّةِ التآمر!
ربّما، ولكنَّ الثغرةَ الكبرى في هذا الاتهامِ، هو أنّ معظمَ ما ستقرأونه في هذا الكتابِ هو خلاصةُ أفكارِ عشراتِ المفكّرينَ وليست محضَ أفكاري، بل إنّ معظَمهم هم من الكتّابِ الغربيّينَ الذينَ ينتقدونَ أوجهَ القصورِ في حضارتِهم، وستجدُ إشاراتٍ في كلِّ فصلٍ لمصادرِ ما به من أفكارٍ ومعلومات، كما ستجدُ قائمةً بالمراجعِ في نهايةِ هذا الكتاب.
اطمئنّوا.. لستُ وحدى المصابَ بعقدةِ نظريّة التآمر!




  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22