عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-2014 ~ 07:28 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 5
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


الفصل السادس
الطب البشري


6/1 الطعام:
علمنا الهدى القرآني والمدرسة النبوية – قبل أن يكون ثم مدارس وطب حديث – مضار الإسراف في الطعام، وفضل الاعتدال في المأكل والمشرب، وتنظيم أوقات الوجبات، وذلك كله أساس الصحة والنشاط؛ وعماد كل علاج، بل إن القدر الرئيسي مم يستهلكه عالم اليوم من دواء إنما يتعلق بأمراض مصدرها الجهاز الهضمي أو شاركت في استفحالها أسباب غذائية، بينما علمنا الإسلام منذ قرون، قال تعالى:
)يَابَنِي ءَادَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ( [الأعراف: 31](1).
وقال صلى الله عليه وسلم:
*(المؤمن يأكل في مِعًيٍ واحِدٍ والكافِرُ يَأْكُلُ في سَبْعَةِ أَمْعاء) (البخاري ومسلم).
*(ما مَلأَ آدَمِيٌّ وِعاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كانَ لا مَحالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ وثُلُثٌ لِشَرابِهِ وثُلُثٌ لِنَفَسِهِ) (الترمذي).
*(إِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا في الدُنْيا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ القِيامَة) (ابن ماجة).
*(أَصْلُ كُلِّ داءٍ البَرَدَة (أي التخمة) (السيوطي في الجامع الصغير).
كما علمنا الرسول الكريم أيضا الأسلوب الصحي لتناول الطعام، كيف نجلس:
*(لا آكُلُ مُتَّكِئًا) (البخاري).
*(مارُئِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ) (أبو داود وأحمد).
وكيف نتأني في ابتلاع الطعام، وذلك لإعطاء هواء المعدة فرصة الخروج؛ فيجنب المرء ما قد يصيبه من انتفاخ في المعدة والقولون؛ أو صعوبة في الهضم وفي التنفس:
*(لا تَشْرَبُوا واحِدًا كَشُرْبِ البَعِيرِ ولَكِنِ اشْرَبُوا مَثْنَى وثُلاثَ، وسَمُّوا إذا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ، واحْمِدُوا اللهَ إذا أَنْتُمْ رَفَعْتُمْ) (الترمذي).

6/2 الصيام:
الصوم أفضل العبادات ثوابا لدى المولى عز وجل، وهو مدرسة الصبر والجَلَد، وقد بين الطب الحديث ما للصوم من فوائد طبية: سواء كعادة غذائية سنوية كل رمضان، أو كنافلة لمن يستزيد من فضل الله ورضاه.
تمتد فوائد الصوم من: تقليل مضار السمنة وسكر الدم؛ والزلال عند السيدات، إلى تخفيف حدة أمراض القلب وتصلب الشرايين؛ وما يصحبها من تضخم حجرات القلب وتورم الساقين والقدمين، إلى راحة المعدة والقولون وتحسين الهضم وزيادة فاعلية العقاقير والمساعدة على تفتيت الحصوات، إلى تجديد الخلايا بشكل عام والقضاء على البؤر الصديدية، إلى جانب ما يصحب الصيام من تنشيط الذهن وتخفيف التوتر النفسي وضغط الدم، فلم يكن عجيبا في يومنا هذا أن تنشأ مصحات في بلاد مختلفة تعالج الناس بالصوم:
)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[البقرة: 183-185].
تؤكد هذه الآيات ما في الصيام من فوائد لا يعلمها إلا الله ومن يعلمون (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون).
المتأمل في توقيت صوم رمضان يرى الحكمة في اختيار الشهور القمرية، حيث يدور وقت الصيام تدريجيا من عام إلى عام عبر فصول السنة، فلا يستأثر بلد بصوم الصيف دوما ولا صوم الشتاء دوما.

6/3 اللحوم:
الأصل في الأشياء الإباحة، وما حرم الله شيئا إلا لحكمة؛ تخفى علينا حينا حتى نهتدي إليها، ربما بعد قرون، ويتجلى ذلك واضحا في تحريم لحوم المَيْتَة والدم ولحم الخنزير. أضرار الميتة تتلخص في أن عدم إسالة دمها يساعد على نمو البكتريا في الدم المحتبس، كما يحمل دمها مركبات نشادرية قد تؤثر على مخ آكلها، كما قد تحمل الميتة أمراضا أو قد تكون ماتت مسمومة؛ أما الدم فسريع امتصاص الميكروبات، فإذا ما تعرض للهواء تتجمع فيه البكتريا؛ وبالدم مواد مهيجة ترفع ضغط الدم. أما لحم الخنزير فيحمل العديد من الطفيليات الخطيرة، وأخطرها دودة تينيا سويلم التي يعد الخنزير العائل الوحيد لها، والتي تكمل دورة حياتها داخل جسم الإنسان، وقد تستقر في مخه فتصيبه بالجنون أو العمى، وقد تعرضه لاحتمال الانسداد المعوي من جراء كتل الديدان وما تفعله الديدان بجدران القناة الهضمية؛ ودودة أخرى خطيرة هي دودة التريخنيا التي تخترق جدران المعدة، ومنها إلى العضلات والأعضاء المختلفة، كما أن الخنزير أكثر الحيوانات احتفاظا بحمض البوليك؛ وذلك الحمض – هو ودهن الخنزير – عسر الهضم وله أبلغ الضرر على الدورة الدموية والمفاصل، ألا يعلم من خلق، بلى وهو اللطيف الخبير، القائل:
)إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( [البقرة: 173].
)حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( [المائدة: 3](1).
الموقوذة: المضروبة بعصا أو حجر، المتردية: التي تسقط من جبل ونحوه، النطيحة: ما نطحتها أخرى فماتت؛ ما أكل السبع: أي أكل بعضه (جزءا منه) فمات.
)قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( [الأنعام: 145].
)إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ( [النحل: 115].
ولما كان الإسلام هَدْىَ الله العليم فلم يذهب إلى ما ذهبت إليه بعض الشرائع من إفراط في تحريم ما أحل الله، فحرموا لحوم الحيوان بإطلاقها: إما دائما وإما في إطار تحوير عبادة الصيام كما شرعها الله (كما كتب على الذين من قبلكم) إلى صيام عن الطعام الحيواني فحسب. أكد القرآن تحليل الذبائح بأنواعها عدا ما أشرنا إليه من محرمات، وقد أثبت الطب الحديث الأهمية القصوى لتناول البروتينات الحيوانية، إذ أن هذا النوع من البروتينات هو المصدر الوحيد لتكوين الأجسام المضادة التي تدافع عن الجسم وتحميه من الجراثيم والميكروبات.
من شروط الذبح الإسلامي التذكية: أي إسالة دم الذبيحة لتصفية الدم الفاسد، ويتم ذلك إما بقطع الحلقوم والمريء والودجين (أي الذبح) وذلك للبقر والغنم والطيور، أو بالطعن في اللبة (المنحر) إلى مبدأ الصدر (أي النحر) وذلك للإبل وأحيانا للبقر، أو جرح الحيوان غير المقدور عليه في الصيد (العقر) كما جاء في الأحاديث الشريفة:
*(الذَّكاةُ في الحَلْقِ واللَّبَّة) (البخاري: مرسل عن ابن عباس، والدارقطني).
*(ما أَنْهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا لَيْسَ السِّنَّ والظُّفُرَ) (الجماعة).
وليسأل القارئ نفسه من الذي هدى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى هذا الأسلوب الذي أثبت الطب الحديث مؤخرا حكمته، كما جاء في تقرير منظمة الصحة العالمية عام 1988 من الميلاد.

6/4 العسل:
أشاد الله ورسوله في القرآن والحديث بفوائد عسل النحل، فإلى جانب سهولة تمثيله وامتصاص سكرياته، ثبت تجريبيا قضاؤه على الكثير من الجراثيم بفضل ما به من مضادات حيوية تفرزها النحلة الشغالة، كما يستخدم في مجالات تعقيم الجروح من التقيح – والتي يساعد العسل أيضا على سرعة التئامها، وفي شفاء التهابات الأنف والحنجرة، وقد اكتشف مؤخرا أنه المادة الوحيدة في الطبيعة التي يتوافر بها عقار الأنترفرون المضاد للنمو السرطاني، كما لوحظ أنه يساعد – بإذن الله – على مقاومة أعراض الشيخوخة، وأكثر من يطلق عليهم المعمرون يواظبون على تناوله، كما تتضح فوائده يوما بعد يوم لمرضى القلب والكبد وقرحة المعدة والحمى الروماتزمية والتيفود، وفي مقاومة التسمم الخارجي والداخلي، كما أن له تأثيرا مساعدا لتخفيف أعراض الاكتئاب والأمراض النفسية وضيق التنفس؛ وكذلك لجلب النوم الهادئ، كما يستخدم في علاج بعض الأمراض الجلدية كالأرتكاريا والأكزيما، حتى ظهرت مراجع متخصصة تتناول فوائد وأوجه العلاج بعسل النحل كتبها مؤلفون غير مسلمين (تضاف إلى العديد من كتابات العلماء المسلمين) مثل:
- "عسل النحل"، تأليف إيفاكرين، طبع هاينمان، 1975.
- "العلاج بعسل النحل"، تأليف د.ن.يويريش، ترجمة محمد الحلوجي.
وصدق تعالى في قوله:
)وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ* ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ([النحل: 68، 69](1).
وصدق الرسول الكريم في حديثه:
*(عن أبي سعيدٍ أنَّ رَجُلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَه، فقال: اسْقِهِ عَسَلاً، ثم أَتَى الثانِيَةَ فقال: اسْقِهِ عَسَلاً، ثم أتاهُ الثالِثَةَ فقال: اسْقِهِ عَسَلاً، ثم أتاهُ فقال: قَدْ فَعَلْتُ، فقال: صَدَقَ اللهُ وكَذَبَ بَطْنُ أَخيكَ اسْقِهِ عَسَلاً، فَسَقاهُ فَبَرَأ) (البخاري ومسلم).
*(إِنْ كانَ في شيءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوافِقُ الدَّاءَ وما أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِي) (البخاري ومسلم).

6/5 الرضاع:
حض القرآن الكريم على الرضاعة الطبيعية للأطفال، ثم أثبت العلم الحديث أهمية لبن الأم لحسن تغذية المولود ولوقايته من العدوى ومن أمراض الحساسية والفم، ولوقاية الأم من مشاكل الثدي والعمل على استقرار الرحم بعد الولادة والمساعدة في تنظيم الحمل، ولتوفير الإحساس بالدفء والأمومة للرضيع، وجاء ذلك في القرآن بثلاث صور مختلفة في آيات ثلاث:
1- )وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا ءَاتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ([البقرة: 233](1).
2- )وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ( [لقمان: 14](2).
3- )وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ([الأحقاف: 15] (3).
وبيان ذلك علميا: أن لبن الأم به نسبة عالية من البروتينات والسعرات الحرارية؛ ومن الأملاح والأجسام المضادة للأمراض، وهو دائما معقم يخرج في درجة حرارة تناسب الرضيع صيفا وشتاء، يتغير لبن الأم في تركيبه منذ لحظة الولادة؛ فلبن الأيام الثلاثة الأولى (المسمى باللبأ أو الكلوستروم) به نسبة عالية من البروتينات والمضادات الحيوية التي تحمي المولود في هذه المرحلة المبكرة، ثم يتطور تركيبه مع احتياجات الرضيع ومع قدرته على تمثيل الغذاء – طوال فترة الرضاعة.
تفرز المرضع هرمون البرولاكتين الذي يعمل على عودة الرحم إلى طبيعته، كما أن الإفراز المستمر للبن بالإرضاع يحمي الأم من الخراريج المزمنة التي يسببها تجمع اللبن بالثدي – والتي تزيد احتمال تكون الأورام الحميدة والخبيثة.
وقد فطن العلم الحديث مؤخرا إلى هذه الحقائق، فقامت حملات وبرامج عالمية منظمة لنشر الوعي، والتأكيد على مواصلة الرضاعة الطبيعية طوال العامين الأولين من حياة الطفل – كما حددها القرآن – حفاظا على صحة الأم والطفل، إلى جانب دورها كوسيلة ثانوية لتنظيم الحمل: إما إراديا لضمان استمرار لبن الأم – حتى لا ينقطع بالحمل، أو لا إراديا حيث يعمل الإرضاع في كثير من الأحوال على تأخير عودة الدورة الطبيعية للأم.
لو تأملنا في آيات الرضاع الثلاث لتبين لنا مدى الدقة المعجزة في التعبير عن ثلاث أحوال للحمل والولادة بتعبيرات تتطابق مع كل حالة:
- الحالة الأولى حيث الحمل والولادة؛ والأم والمولود؛ في أحسن حال، يكون الرضاع لحولين كاملين،
- الحالة الثانية حيث تكون الأم ضعيفة البنية والصحة؛ ولكن الحمل والولادة قد سارا بسلام، تكون مدة الرضاعة عامين دون اشتراط كمالهما – تبعا لقدرة الأم،
- أما الحالة الثالثة؛ والتي وردت فيها كلمة "كرها" مرتين – تعبيرا عن مدى التعب والمعاناة في الحمل والوضع؛ وعادة ما تكون فيها مدة الحمل أقصر، فقد تنقص إلى ستة شهور فيحتاج الطفل إلى فترة الرضاعة القصوى لتعويض ضعفه – إذا أمكن – ليصل مجموع فترة الحمل والرضاع إلى ثلاثين شهرا، وقد يطول الحمل – بمشقة شديدة في هذه الحالة – إلى تسعة شهور، وهنا ينبغي تقليل مدة الرضاعة تيسيرا على الأم إلى أقل من 21 شهرا.
ومن ناحية أخرى قد يستنبط من قراءة الآيات مجتمعة أن الحد الأدنى للحمل ستة شهور – وهو ما ثبت علميا.

6/6 الخمر:
أضحت مشكلة الخمر أو "الكحولية" أخطر عامل يهدد صحة العالم، وأصبح في تأثيره المدمر – طبقا لاحصائيات أجريت عام 1987م – أخطر من المخدرات ومن السرطان ومن الإيدز، ذلك الشراب الذي حرمه الإسلام منذ أربعة عشر قرنا، وحرمته الشرائع السماوية قبل ذلك (وقبل أن يُحَرَّف فيها ما حُرِّف)؛ قبل أن يعرف البشر ما نعرفه الآن من حكمة تحريم الخمر من الناحية الطبية – إلى جانب الحكمة التربوية والاجتماعية والتشريعية، فثمة "موسوعة" من الأمراض مصدرها ذلك الرجس اللعين: من أمراض للجهاز الهضمي كالقرحة وتسمم الخمائر المعوية والإخلال بتمثيل الفيتامينات والتهابات الكبد وتليفه وتسمم الكلى بالبولينا، إلى أمراض الجهاز العصبي المركزي وإضعاف الذاكرة وتشويش العقل، إلى أمراض الأنف والأذن والحنجرة كالصمم العصبي الناتج عن التسمم الكحولي والتهاب الحلق والحنجرة والبلعوم والتهاب الأحبال الصوتية المؤدي إلى سرطان الحنجرة، إلى التأثير على العصب البصري، وإضعاف الجهاز المناعي، والتأثير على عضلة القلب والمساعدة على تصلب الشرايين، واحتقان الجهاز التناسلي وضمور الخصيتين، وأخيرا مرض الإدمان الكحولي، سبحانك ربي وسعت كل شيء علما وأنت القائل:
)يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ([البقرة: 219].
)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ( [المائدة: 90، 91].
ثم يبين الرسول صلى الله عليه وسلم منهج المسلم في قطع الطرق وسد الذرائع الموصلة إلى الإدمان في أحاديثه:
*(كُلُّ شَرابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرامٌ) (البخاري ومسلم).
*(كل مُخَمِّرٍ خَمْرٌ وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرام) (أبو داود).
*( كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وكُلُّ خَمْرٍ حَرامٌ) (مسلم).
*(كُلُّ مُسْكِرٍ حرام) (البخاري ومسلم).
*(مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ يَقْبَل اللهُ لَهُ صَلاةً أَرْبَعِينَ صَباحًا) (الترمذي وابن ماجة).
*(لَعَنَ رَسولُ اللهِ في الخَمْرِ عَشَرَةً: عاصِرَها ومُعْتَصِرَها وشارِبَها ومقدمَها وحامِلَها والمَحْمولَةُ إلَيْهِ وساقِيهَا وبائِعَها وآكِلَ ثَمَنِها والمُشْتَرِي لهَا والمُشْتَرَاةُ لَه) (الترمذي).
*(إنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفاءَكُمْ فيما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) (البخاري).

6/7 الحيض:
قال تعالى:
)وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ( [البقرة: 222].
الأمر بتجنب الجماع أثناء المحيض إعجاز طبي، كشفت حكمته المعارف الطبية الحديثة، لمضاره على الجنسين؛ التي ترجع إلى ضعف حمضية المهبل (اللازمة لقتل الميكروبات)، واحتمال وصول مادة البروستاجلاندين الموجودة بالمني إلى دم المرأة – وهذه المادة تؤدي إلى نقص المناعة، كما أن الجماع في ذلك الوقت يؤدي إلى تسلخات تساعد على نمو البكتريا، وانقباضات الرحم خلاله تدفع هذه البكتريا إلى تجويف الرحم، وفي الحديث:
*(عَنْ أَنَسٍ أَنَّ اليَهودَ كانوا إذا حاضَتِ المَرْأَةُ فيِهم لم يؤاكلوها ولَمْ يُجامِعُوهُنَّ في البُيوتِ فسأل أصْحابُ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) فأنْزَلَ اللهُ تعالى : (ويسألونك ...) إلى آخِرِ الآية، فقال رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): اصْنَعُوا كُلَّ شَيءٍ إلاّ النِّكاح) (مسلم).
ولنفس الحكمة أيضا هدى الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى النهي عن إتيان الدبر في الحديث:
*(لا يَسْتَحِي اللهُ مِنَ الحَقِّ لا تَأْتُوا النِّساءَ في أَعْجازِهِنَّ) (أحمد).

6/8 العدة:
في تشريع الطلاق وقَّتَ الله سبحانه وتعالى مدة العدة بثلاث حيضات، قبل أن ترتبط المرأة بزواج جديد، وحكمة ذلك أنه قد ثبت أن دم الحيض قد يأتي بعد وقوع الحمل (الاستحاضة) ويتكرر؛ قبل أن يملأ الجنين الرحم – أي في الشهور الثلاث الأولى؛ وفي مثل هذه الحالات قد تستحيض الحامل مرة واحدة "أحيانا"؛ أو مرتين "نادرا"، بينما "يستحيل" علميا أن تستحيض الثالثة، )ألا يعلم من خلق، بلى وهو اللطيف الخبير(، وهذه آيات التشريع:
)وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ([البقرة: 228](1).
)وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا(
[الطلاق: 4].

6/9 الزنا:
حرم الله الزنا وسد الذرائع المؤدية إليه؛ بالدعوة إلى الاحتشام ومنع الفتنة التي يسببها التزين المفرط أو التعطر المثير، وذلك لحكمة لم يدركها العلم حتى ظهور المجهر واكتشاف ميكروبات الأمراض التناسلية؛ التي لا تنتقل وتنتشر إلا بالعلاقات الجنسية المحرمة أو الشاذة؛ كأمراض الزهري والسيلان؛ بمضاعفاتها الخطيرة التي تؤدي بأجهزة الجسم وتفتك بالحياة، ثم مرض الإيدز: مرض نقص المناعة الذاتية وطاعون العصر – عصر الجاهلية الجديدة:
)وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاَا( [الإسراء: 32].
)الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ([[النور: 2].
)وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا( [الفرقان: 68].
ولأن الإسلام رسالة الخالق العليم الذي يعلم طبيعة خلقه؛ فلم يكتف بالموعظة وبالنهي عن الزنا وسن الحدود والعقوبات، بل سد كل السبل المؤدية إليه في المجتمع، وذلك ما يفهم أيضا من عبارة "لا تقربوا" أي ابتعدوا عنه وعن كل مقدماته، فأوجب الاحتشام في الزي:
)وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَائِهِنَّ أَوْ ءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( [النور: 31].
)يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا( [الأحزاب: 59].
وأكد ذلك أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها:
*(ياأَسْماءُ إنَّ المَرْأةَ إذا بَلَغَتِ المَحيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْها إلاَّ هذا وهذا، وأشارَ إلى وَجْهِهِ وكَفَّيْهِ) (أبو داود).
*(صنْفانِ مِنْ أَهْل النَّارِ لَمْ أَرَهَما: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كَأذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبونَ بِها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ، مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ ولا يَجِدْنَ ريحَها، وإنَّ ريحَها لَيُوجَدُ مِنْ مَسيرَةِ كذا وكذا) (مسلم).
*(لا تُقْبَلُ صلاةٌ لامْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لهذا المَسْجِدِ حَتَّى تَرْجِعَ فتَغْتَسِلَ غُسْلَها مِنَ الجنابَة) (أبو داود).
*(أَيُّما امْرَأَةٍ أصابَتْ بَخورًا فلا تَشْهَدْ مَعَنا العِشاءَ الآخِرَةَ) (مسلم).
وأمر تعالى بغض البصر:
)قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ....([النور: 30، 31[.
ولم يكتف ببيان النواهي والمحظورات، بل حض على الزواج الحلال ويسر سبله:
)وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ([النور: 32](1).
)وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ( [الروم: 21].
)هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ ءَاتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ( [الأعراف: 189].
)وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ([النحل: 72].
)وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ( [النساء: 25].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشجيع على الزواج:
*(ثَلاثَةٌ حَقٌّ على اللهِ عَوْنُهُمْ: المُجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ، والمُكاتَبُ الذي يُريدُ الأداءَ، والنّاكِحُ الذي يُريدُ العَفافَ) (الترمذي والنسائي).
*(تَزَوَّجوا الوَدودُ الوَلودَ، فإنّي مُكاثرٌ بِكُم الأُمَمَ) (أبو داود والنسائي).
*(يا مَعْشَرَ الْشَّبابِ مَن اسْتَطاعَ الباءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَنْ لَمْ يَسْتَطَعْ فَعَلَيْهِ بالصَّوْمِ فإنَّهُ لَهُ وِجَاء) (الجماعة).
*(الدُّنْيا مَتاعٌ وخَيْرُ مَتاعِ الدُّنْيا المَرْأَةُ الصَّالِحَة) (مسلم).
*(. . . أمَا واللهِ إنّي لأَخْشَاكُمْ لِلّهِ وأَتْقاكُمْ لَه، لكِنِّي أَصومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتي فَلَيْسَ مِنِّي) (البخاري).
*(ما اسْتَفادَ المُؤْمِنُ – بَعْدَ تَقْوَى اللهِ – خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صالِحَة) (ابن ماجة).
وأباح الطلاق – عند تعذر استمرار العشرة، وكذلك تعدد الزوجات – للضرورة القصوى؛ وبشرط العدل التام؛ بدلا من الزنا المستتر الذي يتفشى في الأمم التي تقيد الطلاق ولا تسمح بالتعدد.

6/10 اللواط:
ها قد لاح لحضارة أواخر القرن العشرين شبح الطاعون الأبيض: الإيدز؛ والذي ينتشر كالهشيم حيثما انتشر اللواط؛ ومثله البغاء؛ والمعاشرة الجنسية الشاذة، وقد حرم تشريع الخالق العليم كل هذه الانحرافات، وسلط القصص القرآني الأضواء مرارا على قوم لوط، وجعلهم عبرة للعالمين على امتداد الزمان:
)وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ( [الأعراف: 80، 81].
)وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ. أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ( [النمل: 54، 55].
)أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ( [الشعراء: 165، 166].
)وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ(
[العنكبوت: 28].
كما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أمته عن اللواط في أحاديثه:
*(إذا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُما زانِيان). (البيهقي).
*(مَنْ وَجَدْتُموهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فاقْتُلُوا الفاعِلَ والمَفْعولَ) (الترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمد).

6/11 البرص:
أثبت طب الأمراض الجلدية استحالة علاج مرض البرص أو البهاق؛ لارتباطه بموت خلايا الميلانين الملونة؛ والتي يستحيل بعثها من جديد، وكل ما قد يفعله الطب هو تنشيط ما قد يتبقى من خلايا؛ لتخفيف الأمر لا لشفائه، ومن هنا فإن شفاء البرص – علميا – معجزة، وذِكْرُه في القرآن في معرض المعجزات التي أجراها الله على يد عيسى عليه السلام يتفق مع ما بينه العلم الحديث:
)وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْلأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( [آل عمران: 49].
)إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلآَّ سِحْرٌ مُبِينٌ( [المائدة: 110].


























(1) هذه الآية الكريمة أصل من أصول الدواء، إذ أمرت بالأكل والشرب وهما قوام الحياة وحرمت الإسراف فيهما وهو سبب كافة الأمراض (أيسر التفاسير).

(1) سبق القرآن الطب الحديث بتحريم. . . (المنتخب)، المنخنقة: من خنقه عصر حلقه حتى مات. الموقوذة التي وقذت (ضربت) بالعصا حتى ماتت (الوسيط). المتردية التي تقع من جبل أو تطيح في بئر، أو تسقط من موضع مشرف فتموت (اللسان). النطيحة، ما تناطح فمات (اللسان). ذكيتم: من ذكى الشاة ذبحها (الوسيط)، والتذكية: الذبح على التمام (اللسان).

(1) العسل مفيد في كثير من الأمراض ويعطي بطريق الحقن والفم والشرج بصفته مقويا. . . وضد التسمم من مختلف المعادن، وضد التسمم الناشيء من أمراض الأعضاء، مثل التسمم البولي والصفراء وغيرها، وبه نسبة عالية من الفيتامينات وخاصة ب المركب (المنتخب)، في قوله شفاء دال على بعض دون بعض جائز هذا حتى يضم إليه بعض الأدوية أو العقاقير الأخرى، أما مع النية أي أن يشرب بنية الشفاء من المؤمن فإنه شفاء من كل داء وبدون ضميمة أي شيء آخر له (أيسر التفاسير).

(1) وتثثبت البحوث الصحية والنفسية اليوم ذلك، ولكن نعمة الله على الجماعة المسلمة لم تنتظر بهم حتى يعلموا هذا من تجاربهم (الظلال).

(2) أي فطام الولد من الرضاع في عامين، فأول الرضاع ساعة الولادة وآخره تمام الحولين، ويجوز فصله عن الرضاع خلال العامين (أيسر التفاسير).

(3) وقد استدل العلماء بهذه الآية مع التي في لقمان (لقمان/14): "وفصاله في عامين" على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وهو استنباط قوى صحيح (الصفوة)، أقل مدة الحمل 6 شهور لهذه الآية والآيتين الأخريين، فبإسقاط مدة الفصال عن مدة الحمل والفصال يبقى للحمل ستة أشهر، وهذا يتفق مع ما ثبت علميا من أن الطفل إذا ولد لستة أشهر فإنه قابل للحياة (المنتخب).

(1) وذلك أن الاستبراء لا يكون مؤكدا إلا بعد ثلاث حيضات، والحامل لا تحيض عادة، وإن حاضت فإن ذلك يكون مرة أو مرتين على الأكثر، إذ أن الجنين يكون قد نما بعد هذه المدة إلى درجة يملأ معها تجويف الرحم فيمنع نزول دم الحيض. . . وما كان معلوما عند العرب، وما كان للنبي الأمي أن يعلمه (المنتخب).

(1) أمر جماعة المسلمين أن يزوجوا الأيامى (من لا زوج له) من رجالهم ونسائهم بالمساعدة على ذلك والإعانة عليه، حتى لا يبقى في البلد أو القرية عزب إلا نادرا، ولا فرق بين البكر والثيب في ذلك (أيسر التفاسير).

  رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22