صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > هدي الإسلام

هدي الإسلام معلومات ومواضيع إسلامية مفيدة

من أساليب النبي محمد التربوية

1 - التربية بالقصة: إن القصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها في النفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيراً في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابه فقال:{نحن نقص عليك أحسن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-05-2013 ~ 03:36 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي من أساليب النبي محمد التربوية
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012




1 - التربية بالقصة:
إن القصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها فيالنفوس، ومن هنا جاءت القصة كثيراً في القرآن، وأخبر تبارك وتعالى عن شأن كتابهفقال:{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذاالقرآن} {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كانحديثاً يفترى} وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : {واقصص القصص لعلهم يتفكرون} ولهذا فقد سلك النبي صلى اللهعليه وسلم هذا المنهج واستخدم هذا الأسلوب .
شاب من أصحاب النبي صلى الله عليهوسلم - وهو خباب بن الأرت رضي الله عنه ـ يبلغ به الأذى والشدة كل مبلغ فيأتي للنبيصلى الله عليه وسلم شاكياً له ما أصابه فيقول رضي الله عنه :أتيت النبي صلى اللهعليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت :ألاتدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: «لقد كان كان من قبلكمليمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أوعصب، مايصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشارعلى مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسيرالراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله » [رواه البخاري (3852]
وحفظت لنا السنة النبوية العديد من المواقف التي يحكي فيها النبي صلى الله عليهوسلم قصة من القصص، فمن ذلك: قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وقصة الذيقتل مائة نفس، وقصة الأعمى والأبرص والأقرع، وقصة أصحاب الأخدود... وغيرهاكثير.

2 -
التربية بالموعظة:
للموعظةأثرها البالغ في النفوس، لذا فلم يكن المربي الأول صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلميغيب عنه هذا الأمر أو يهمله فقد كان كما وصفه أحد أصحابه وهو ابن مسعود -رضي اللهعنه-:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة فيالأيام كراهة السآمة علينا» [رواه البخاري ( 68 ]
ويحكي أحد أصحابه وهوالعرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن موعظة وعظها إياهم النبي صلى الله عليه وسلم ،فيقول : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفتمنها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يارسول الله؟ قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدحبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمنأدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ» [رواه الترمذي (2676) وابن ماجه (42)] وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أنتكون تخولاً ، وألا تكون بصفة دائمة .
عن أبي وائل قال كان عبدالله يذكر الناسفي كل خميس فقال له رجل يا أبا عبدالرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال أما إنهيمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي صلى اللهعليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا [رواه البخاري (70) ومسلم (2821) ]

3 -
الجمع بين الترغيبوالترهيب:
النفس البشرية فيها إقبال وإدبار، وفيها شرّة وفترة، ومنثم كان المنهج التربوي الإسلامي يتعامل مع هذه النفس بكل هذه الاعتبارات، ومن ذلكالجمع بين الترغيب والترهيب، والرجاء والخوف.
عن أنس -رضي الله عنه- قال خطبرسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط:«قال لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً» قال: فغطى أصحاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين [رواه البخاري (4621) ومسلم () ].
ومنأحاديث الرجاء والترغيب ما حدث به أبو ذر -رضي الله عنه- قال أتيت النبي صلى اللهعليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فقال:«ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة» قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال:«وإن زنى وإن سرق» قلت: وإن زنى وإنسرق؟ قال:«وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر»وكان أبو ذر إذا حدث بهذاقال: وإن رغم أنف أبي ذر [رواه البخاري (5827) ومسلم (94) ].
وعن هريرة -رضيالله عنه- قال كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر وعمر فينفر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا وخشينا أن يقتطعدوننا، وفزعنا فقمنا فكنت أول من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلمحتى أتيت حائطاً للأنصار لبني النجار فدرت به هل أجد له بابا فلم أجد، فإذا ربيعيدخل في جوف حائط من بئر خارجة -والربيع الجدول- فاحتفزت كما يحتفز الثعلب فدخلتعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«أبو هريرة؟» فقلت: نعم يارسول الله،قال:«ما شأنك؟» قلت: كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا،ففزعنا فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب، وهؤلاء الناسورائي، فقال:«يا أبا هريرة» -وأعطاني نعليه- قال:«اذهب بنعليهاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشرهبالجنة»…الحديث. [رواه مسلم (31) ] والمتأمل في الواقع يلحظ أننا كثيراً مانعتني بالترهيب ونركز عليه، وهو أمر مطلوب والنفوس تحتاج إليه، لكن لابد أن يضافلذلك الترغيب، من خلال الترغيب في نعيم الجنة وثوابها، وسعادة الدنيا لمن استقامعلى طاعة الله، وذكر محاسن الإسلام وأثر تطبيقه على الناس، وقد استخدم القرآنالكريم هذا المسلك فقال تعالى:{ ولو أن أهل القرى …} {ولو أنهم أقاموا التوراة …} .

4 -
الإقناع العقلي:
عن أبي أمامةرضي الله عنه قال: إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله،ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، قالوا: مه مه، فقال: «ادنه» فدنا منه قريباً قال: فجلس قال : «أتحبه لأمك ؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم» قال: «أفتحبهلابنتك؟» قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم» قال: «أفتحبهلأختك؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولاالناس يحبونه لأخواتهم» قال:«أفتحبه لعمتك؟» قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونهلعماتهم» قال: «أفتحبه لخالتك؟» قال: لا واللهجعلني الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم» قال: فوضع يده عليه وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصنفرجه» فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء [رواه أحمد ] .
إن هذا الشابقد جاء والغريزة تتوقد في نفسه، مما يدفعه إلى أن يكسر حاجز الحياء، ويخاطب النبيصلى الله عليه وسلم علناً أمام أصحابه، وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم المربيالمعلم لديه جانباً لم يدركه فيه أصحابه فما هو؟
لقد جاء هذا الشاب يستأذن النبيصلى الله عليه وسلم ولو كان قليل الورع عديم الديانة لم ير أنه بحاجة للاستئذان بلكان يمارس ما يريد سراً، فأدرك صلى الله عليه وسلم هذا الجانب الخير فيه، فما ذاكانت النتيجة : «فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء»

5 -
استخدام الحوار والنقاش:
وخيرمثال على ذلك موقفه صلى الله عليه وسلم مع الأنصار في غزوة حنين بعد قسمته للغنائم،فقد أعطى صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وترك الأنصار، فبلغه أنهم وجدوا فيأنفسهم، فدعاهم صلى الله عليه وسلم ، وكان بينهم وبينه هذا الحوار الذي يرويهعبدالله بن زيد -رضي الله عنه- فيقول: لما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلميوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لميصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: »يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالا فهداكم اللهبي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي؟« كلما قال شيئاً قالوا:الله ورسوله أمن، قال: »ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟«قال كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن قاللو شئتم قلتمجئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي صلى الله عليهوسلم إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبالسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار، إنكم ستلقون بعدي أثرةفاصبروا حتى تلقوني على الحوض« [رواه البخاري (4330) ومسلم (1061) ] ففي هذا الموقفاستخدم النبي صلى الله عليه وسلم الحوار معهم، فوجه لهم سؤالاً وانتظر منهمالإجابة، بل حين لم يجيبوا لقنهم الإجابة قائلاً : (ولو شئتم لقلتم ولصدقتم وصُدقتم …) .

6 -
الإغلاظ والعقوبة:
وقديُغلظ صلى الله عليه وسلم على من وقع في خطأ أو يعاقبه:
فعن أبي مسعود الأنصاريقال: قال رجل: يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان، فما رأيتالنبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضباً من يومئذ فقال:»أيها الناس إنكم منفرون فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريضوالضعيف وذا الحاجة« [رواه البخاري (90) ومسلم (466) ].
وعن زيد بن خالدالجهني -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن اللقطة فقال:»اعرف وكاءها -أو قال: وعاءها وعفاصها- ثم عرفها سنة،ثم استمتع بها، فإن جاء ربها فأدها إليه« قال:فضالة الإبل؟ فغضب حتى احمرت وجنتاه -أو قال احمر وجهه- فقالوما لك ولها،معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وترعى الشجر فذرها حتى يلقاها ربها«قال: فضالة الغنم؟ قال:» لك أو لأخيك أو للذئب« [رواه البخاري (90) ومسلم (1722) ].
وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه على هذينالحديثين » باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأىمايكره«.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى اللهعليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال:»يعمدأحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده« فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلىالله عليه وسلم : خذ خاتمك انتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسولالله صلى الله عليه وسلم . [رواه مسلم (2090) ]
عن سلمة بن الأكوع -رضي اللهعنه- أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال كل بيمينك قال لاأستطيع قال لا استطعت ما منعه إلا الكبر قال فما رفعها إلى فيه [رواه مسلم (2021)]
إلا أن ذلك لم يكن هديه الراتب صلى الله عليه وسلم فقد كان الرفق هوالهدي الراتب له صلى الله عليه وسلم ، لكن حين يقتضي المقام الإغلاظ يغلظ صلى اللهعليه وسلم ، ومن الأدلة على ذلك:
1-
أن الله سبحانه وتعالى وصفه بالرفق واللينأو بما يؤدي إلى ذلك قال تعالى {فبما رحمة من الله لنت لهم ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} فوصفه باللين وقال تعالى : {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنينرؤوف رحيم} ولا أدل على وصفه عليه الصلاة والسلام من وصف الله له فهو العليمبه سبحانه .
2-
وصف أصحابه له :
فقد وصفه معاوية بن الحكم -رضي الله عنه-بقوله :فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرنيولا ضربني ولا شتمني [رواه مسلم (537) ].
3-
أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابهبالرفق فهو القدوة في ذلك وهو الذي نزل عليه {لم تقولونمالاتفعلون} فهو أقرب الناس الى تطبيقه وامتثاله، وحينما أرسل معاذاً وأباموسى إلى اليمن قال لهما : »يسرا ولاتعسرا وبشراولاتنفرا« [رواه البخاري (3038) ومسلم (1733) ] .
4-
ثناؤه صلى اللهعليه وسلم على الرفق، ومن ذلك في قوله:»ماكان الرفق في شيئ إلازانه ولانزع من شيئ إلا شانه« وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشةإن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله« رواه البخاري (6024)ومسلم (2165) ] وفي رواية:»إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي علىالعنف وما لا يعطي على ما سواه« [رواه مسلم (2593) ].
وفي حديث جرير -رضي اللهعنه- »من يحرم الرفق يحرم الخير« [رواه مسلم (2592) ] ويعطي على الرفق مالايعطي علىالعنف ) .
5-
سيرته العملية في التعامل مع أصحابه فقد كان متمثلاً الرفق في كلشيئ ومن ذلك :
أ) قصة الأعرابي الذي بال في المسجد والقصة مشهورة.
ب) قصةعباد بن شرحبيل - رضي الله عنه - يرويها فيقول: أصابنا عام مخمصة فأتيت المدينةفأتيت حائطا من حيطانها فأخذت سنبلا ففركته وأكلته وجعلته في كسائي، فجاء صاحبالحائط فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال للرجل:»ما أطعمته إذ كان جائعا -أو ساغبا- ولا علمته إذ كانجاهلا« فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فرد إليه ثوبه وأمر له بوسق من طعامأو نصف وسق [رواه أحمد (16067) وأبو داود (2620) وابن ماجه (2298)].
ج)قصة سلمةبن صخر الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤتغيري، فلما دخل رمضان تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان، فرقا من أن أصيب منها فيليلتي فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع، فبينما هي تخدمنيذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبريفقلت انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأمري فقالوا: لا واللهلا نفعل نتخوف أن ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالةيبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك، قال: فخرجت فأتيت رسول الله صلىالله عليه وسلم فأخبرته خبري فقال:»أنت بذاك؟ « قلت:أنا بذاك، قال:»أنت بذاك؟« قلت: أنا بذاك، قال:»أنت بذاك؟ « قلت: أنا بذاك، وها أنا ذا فأمض في حكم اللهفإني صابر لذلك، قال:»أعتق رقبة« قال: فضربت صفحة عنقيبيدي فقلت: لا والذي بعثك بالحق لا أملك غيرها، قال:»صمشهرين« قلت: يا رسول الله، وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام؟ قال:»فأطعم ستين مسكينا« قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتناهذه وحشى ما لنا عشاء، قال:»اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقلله فليدفعها إليك، فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا، ثم استعن بسائره عليك وعلىعيالك« قال فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسولالله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي، فدفعوها إلي [رواه أحمد (23188) وأبو داود (2213) والترمذي () وابن ماجه (2062].

7 -
الهجر:
واستعمل النبي صلى الله عليه وسلم أسلوبالهجر في موقف مشهور في السيرة، حين تخلف كعب بن مالك -رضي الله عنه- وأصحابه عنغزوة تبوك، فهجرهم صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لايكلمهم أحد أكثر من شهر حتى تابالله تبارك وتعالى عليهم.
إلا أن استخدام هذا الأسلوب لم يكن هدياً دائماً لهصلى الله عليه وسلم فقد ثبت أن رجلاً كان يشرب الخمر وكان يضحك النبي صلى الله عليهوسلم … والمناط في ذلك هو تحقيقه للمصلحة، فمتى كان الهجر مصلحة وردع للمهجور شرعذلك وإن كان فيه مفسدة وصد له حرم هجره .

8 -
استخدام التوجيه غير المباشر:
ويتمثل التوجيه غير المباشر في أمورمنها:
أ - كونه صلى الله عليه وسلم يقول مابال أقوام، دون أن يخصص أحداً بعينه،ومن ذلك قوله في قصة بريرة فعن عائشة -رضي الله عنها- فقالت أتتها بريرة تسألها فيكتابتها فقالت إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي فلما جاء رسول الله صلى اللهمعليه وسلم ذكرته ذلك قال النبي صلى اللهم عليه وسلم ابتاعيها فأعتقيها فإنما الولاءلمن أعتق ثم قام رسول الله صلى اللهم عليه وسلم على المنبر فقال ما بال أقواميشترطون شروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترطمائة شرط [رواه البخاري (2735) ومسلم () ]
وحديث أنس -رضي الله عنه- أن نفرا منأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله فيالسر فقال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال بعضهم لا أنام علىفراش فحمد الله وأثنى عليه فقال :«ما بال أقوام قالوا كذا وكذالكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» [رواهالبخاري (1401)].
ب - وأحياناً يثني على صفة في الشخص ويحثه على عمل بطريقة غيرمباشرة، ومن ذلك مارواه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان الرجل في حياةالنبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فتمنيتأن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكنت غلاماً أعزب، وكنتأنام فيالمسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبابي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذبالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر فقاللي: لن تراع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلمفقال:«نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي بالليل» قال سالم:فكان عبدالله لا ينام من الليل إلا قليلاً [رواه البخاري (3738-3739].
ج -وأحياناً يأمر أصحابه بما يريد قوله للرجل، عن أنس بن مالك أن رجلا دخل على رسولالله صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قلما يواجهرجلا في وجهه بشيء يكرهه فلما خرج قال:»لو أمرتم هذا أن يغسلهذا عنه« [رواه أبو داود (4182)]
د - وأحياناً يخاطب غيره وهو يسمع، عنسليمان بن صرد قال استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس وأحدهمايسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله منالشيطان الرجيم» فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ؟قال: إني لست بمجنون [رواه البخاري (6115) ومسلم (2610)]

9 -
استثمار المواقفوالفرص:
عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معأصحابه يوماً وإذا بامرأة من السبي تبحث عن ولدها فلما وجدته ضمته فقال صلى اللهعليه وسلم :«أترون هذه طارحة ولدها في النار» قالوا:لا، قال:«والله لايلقي حبيبه في النار؟» [رواه البخاري ( 5999) ومسلم ( 2754 ).].
فلا يستوي أثر المعاني حين تربط بصور محسوسة، مععرضها في صورة مجردة جافة.
إن المواقف تستثير مشاعر جياشة في النفس، فحين يستثمرهذا الموقف يقع التعليم موقعه المناسب، ويبقى الحدث وما صاحبه من توجيه وتعليم صورةمنقوشة في الذاكرة، تستعصي على النسيان.
والمواقف متنوعة فقد يكون الموقف موقفحزن وخوف فيستخدم في الوعظ، كما في وعظه صلى الله عليه وسلم أصحابه عند القبر.
عن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل منالأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى اللهم عليه وسلم وجلسناحوله كأنما على رءوسنا الطير وفي يده عود ينكت به في الأرض فرفع رأسه فقال استعيذوابالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا… ثم ذكر الحديث الطويل في وصف عذاب القبروقتنته. [رواه ابو داوود (4753)]
ب ـ وقد يكون وقد يكون موقف مصيبة إذا أمر حلبالإنسان، فيستثمر ذلك في ربطه بالله تبارك وتعالى.
عن زيد بن أرقم قال أصابنيرمد فعادني النبي صلى الله عليه وسلم ، قال فلما برأت خرجت، قال فقال لي رسول اللهصلى الله عليه وسلم :«أرأيت لو كانت عيناك لما بهما ما كنتصانعاً؟» قال: قلت: لو كانتا عيناي لما بهما صبرت واحتسبت، قال:«لو كانت عيناك لما بهما ثم صبرت واحتسبت للقيت الله عز وجل ولا ذنبلك» [رواه أحمد]
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم مثل هذا الموقفلتقرير قضية مهمة لها شأنها وأثرها كما فعل حين دعائه للمريض بهذا الدعاء، عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال:«إذا جاء الرجل يعود مريضا قال: اللهم اشف عبدك ينكأ لكعدوا ويمشي لك إلى الصلاة» [رواه أحمد (6564)]
إنه يوصي المسلم بعظممهمته وشأنه وعلو دوره في الحياة، فهو بين أن يتقدم بعبادة خالصة لله ، أو يساهم فينصرة دين الله والذب عنه .
ج ـ وقد يكون الموقف ظاهرة كونية مجردة، لكنه صلىالله عليه وسلم يستثمره ليربطه بهذا المعنى عن جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- قالكنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة يعني البدر فقال:«إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإناستطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» ثم قرأ {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} [رواهالبخاري (554) ومسلم]
دـ وقد يكون الموقف مثيراً، يستثير العاطفة والمشاعر كمافي حديث أنس السابق في قصة المرأة .

10 -
التشجيعوالثناء:
سأله أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ يوماً :من أسعد الناسبشفاعتك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم «لقد ظننت أن لايسألني أحدعن هذا الحديث أول منك لما علمت من حرصك على الحديث» [رواه البخاري ( 99 ) ]. فتخيل معي أخي القاريء موقف أبي هريرة، وهو يسمع هذا الثناء، وهذه الشهادة منأستاذ الأساتذة، وشيخ المشايخ صلى الله عليه وسلم .بحرصه على العلم، بل وتفوقه علىالكثير من أقرانه. وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور دافعاً لمزيد من الحرص والاجتهادوالعناية.
وحين سأل أبيَ بن كعب: «أبا المنذر أي آية فيكتاب الله أعظم؟» فقال أبي:آية الكرسي. قال له صلى الله عليه وسلم «ليهنك العلم أباالمنذر» [رواه مسلم ( 810 ) وأحمد ( 5/142 )] ".
إن الأمر قد لايعدو كلمةثناء، أو عبارة تشجيع، تنقل الطالب مواقع ومراتب في سلم الحرص والاجتهاد. والنفسأياً كان شأنها تميل إلى الرغبة في الشعور بالإنجاز. ويدفعها ثناء الناس -المنضبط-خطوات أكثر.
والتشجيع والثناء حث للآخرين، ودعوة غير مباشرة لهم لأن يسلكوا هذاالرجل الذي توجه الثناء له.
موقع المربي
الشيخ محمدالدويش


المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
قديم 13-10-2013 ~ 08:09 AM
ابوعلى غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 2
 
عضو جديد
تاريخ التسجيل : Mar 2012


جزا الله من اجتهد في هذا العمل ومن نشره خير الجزاء

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عظمة النبي محمد صلى الله عليه و سلم نور الإسلام هدي الإسلام 0 26-08-2012 08:24 AM
قالوا عن النبي محمد Prophet Mohammed نور الإسلام هدي الإسلام 0 03-05-2012 10:57 AM
رَمَتنى بدائها وانسلت \\ هل أسس النبى محمد دينه على الوثنية؟ مزون الطيب هدي الإسلام 0 05-02-2012 01:48 PM
عظمة النبي محمد صلى الله عليه و سلم مزون الطيب هدي الإسلام 0 01-02-2012 08:27 PM
عظمة النبي محمد صلى الله عليه و سلم مزون الطيب هدي الإسلام 0 16-01-2012 02:34 PM


الساعة الآن 11:39 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22