صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > مكتبة طريق الخلاص > المكتبة العامة

المكتبة العامة كتب ومراجع وبحوث ود اسات في مختلف العلوم والمعارف

أحوال أهل السنة في إيران

وجاء دور المجوس الجزء الثالث أحوال أهل السنة في إيران عبد الله محمد الغريب قامت شبكة الدفاع عن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-08-2012 ~ 11:02 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي أحوال أهل السنة في إيران
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


وجاء دور المجوس
الجزء الثالث









أحوال أهل السنة
في إيران







عبد الله محمد الغريب







قامت شبكة الدفاع عن السنة بنشر هذه المادة العلمية على الانترنت
ونسأل الله تعالى أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه تعالى



2




المحتويات

• مقدمة .................................................. ..... .... 5
• ملحوظات .................................................. ..... 17
• قضية أهل السنة في ايران ........................................ 21

 مقدمة ........................................... ... 22
 مجلس شورى أهل السنة ........................... 33
 مبادئ مجلس الشورى ............................. 33
 موقف الخميني من المجلس ......................... 38
 رسالة زادة للخميني ............................... 41
 رسالة زادة لبني صدر ............................. 50
 المجموعة المقترحة بشأن إصلاح الدستور .......... 58
 الفصل الأول : حول إزالة الظلم الطبقي ............ 59
 الفصل الثاني : حول إزالة الظلم المذهبي .......... 63
 الفصل الثالث : حول إزالة الظلم القومي ........... 65
 البيان الأول . .......................................74
 البيان الثاني ..................................... .. 77
 البيان الثالث ...................................... 81

• بيانات مكتب قرآن حول إجراءات الحكومة .................... 95



 بيان 1 ............................................... 96
3


 بيان 2 .............................................. 99
 بيان 3 .............................................. 103
 بيان 4 .............................................. 105
 بيان 5 ............................................ 107
 بيان 6 .......................................... . 108
 بيان 7 ........................................... 110
 بيان 8 .......................................... 113
 بيان 9 .......................................... 115


• تعليقات على الرسالتين السابقتين ........................... 121
• مقــــابلات ........................................... 137

 خراسان ........................................... 140
 بلوشستان ........................................... 147
 حاشية الخليج ....................................... 150
 عز الدين الحسيني ................................. 152

• مقابلة مع الشيخ ضيائي .................................... 155
• تعليق .................................................. .... 165



• أحوال أهل السنة بعد توقف الحرب ....................... .. 167

 مقدمة ................................................ 169
 منهج التربية الإسلامية ............................... 171

 سياستهم العملية مع المدرسين و الطلاب ............. 172
 تزويج من شاء من السنة بالشيعيات .................. 176
4

 تغيير معالم المناطق السنية ........................... 177
 كيف يعاملون المهاجرين السنة من الأفغان .......... 178
 تطبيق مبدأ فرق تسد ................................ 179
 اتهاماتهم لعلماء السنة ............................... 180
 أسبوع الوحدة الإسلامية ............................ 182
 جيش البسيج ...................................... 183
 تكفيرهم للسنة ..................................... 184
 بشائر خير ........................................ 185
• مشاهدات علماء أهل السنة الذين زاروا ايران .............. 189
 تقرير الشيخ الزاهد الراشدي ....................... 191
 تصريحات رئيس علماء باكستان .................. 200
 تقرير الشيخ محمد سعيد بانو ........................ 203
* ماذا يجري في سجون الآيات ؟ ..............................206

 شهادة أهل السنة .................................... 207
 مقتطفات من تقرير لمنظمة العفو الدولية ....... 217
 الرهائن ........................................ 220
 شهادة قاض .................................... 224
 المحاكمات الجائرة .............................. 225
 التعذيب الجسدي ................................ 226
 الاعتداءات الجنسية .......................... 229
 التعذيب النفسي .............................. 230

 الحبس الانفرادي ............................... 231
 العناية الطبية ................................... 232
• الخاتمة .................................................. ...... 235







5








المقدمة


الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، وخليله وأمينه على وحيه ، أرسله بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله .

أما بعد
فلقد اصطدم الخميني وعصبته - منذ بداية حكمهم لإيران وحتى كتابة هذه الأسطر - مع الله جل وعلا ، وكافة خلقه من ولد آدم كفاراً كانوا أو مسلمين:

ففي داخل إيران اصطدموا مع مجاهدي خلق ، والشيوعيين - توده - ، والبهائيين ، وأنصار الشاه ، والقوميين في كردستان وغيرها .. ثم امتدت يد غدرهم وقهرهم إلى الرجال الذي قامت على أكتافهم الثورة ، وكان لهم فضل على الخميني لا ينساه صاحب مروءة ونخوة ، ومن هؤلاء الذين اصطدموا معهم :












6

- وزير الخارجية السابق صادق قطب زاده الذي حكموا عليه بالإعدام ونفذوا حكمهم فيه .
- رئيس الجمهورية السابق أبو الحسن بني صدر الذي تمكن من الهروب والالتجاء إلى فرنسا .
- رئيس الوزراء السابق مهدي بازر كان.

ووصل الصدام إلى الآيات والمراجع أمثال شر يعتمداري ، ومنتظري وغيرهما .
وفي الخارج اصطدموا مع الدول الآتية :
- الدول العربية كلها باستثناء سورية وليبيا واليمن الجنوبي .
- الدول الغربية كلها .
- الولايات المتحدة الأمريكية التي ساعدت على إخراج الشاه وتحييد الجيش وأيدت الثوار وناصرتهم ، ثم انقلب الود إلى عداوة.
- كانت العلاقات بينهم وبين السوفييت بين مد وجزر .
- تركيا .
وخاضوا حرباً شرسة مع العراق استمرت حوالي ثمان سنين ، وكان من نتائجها اكثر من مليون قتيل وجريح مع دمار لاقتصاد البلد ين .

واستغل أعداء إيران مشكلاتها الداخلية والخارجية ومن ذلك :
- إقامة أحلاف بين هذه الدول والمعارضة الإيرانية ، فالعراق احتضنت مجاهدي خلق وغير مجاهدي خلق وقدمت إليهم : المال ، والسلاح ، ووسائل الإعلام .

والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا قدموا مساعدات كثيرة : للمنظمات المؤيدة للشاه ، ولشركاء الخميني الذين اختلفوا معه ، وحافظواعلى إبقاء جسور سرية مفتوحة عند الحاجة بينهم وبين إيران .


7


- نشروا مئات من الكتب ، ومئات الآلاف من المقالات والبحوث والتحليلات التي تدين نظام الآيات .
- كشفوا أسرارا أحرجت إيران وغيرها منها : التعاون اليهودي الإيراني الذي لم ينقطع طيلة الحرب العراقية ، وما سمي بفضيحة ( إيران غيت ) .
ولما كنت من المهتمين بثورة إيران ، وكنت أراقب وارصد هذه الأحداث المتتابعة ، وقد قدر لي أن اطلع على كثير مما نشر سواء كان بالعربية أو بغيرها … فقد أذهلني أن أمرا واحداً تجاهله أعداء الآيات داخل إيران وخارجها مع انه من أقوى الأدلة على همجية النظام وتعصبه الطائفي المقيت .
لم اسمع أن العراق خصصت ولو ساعة واحدة في أذاعتها أو في تلفازها لشرح قصية أهل السنة في إيران ، وبيان ما يلقون من اضطهاد وتضييق وكبت ، وإذا كانت العراق تخشى أن تتهم بالانحياز لفئة من المواطنين ضد فئة أخرى – رغم انحياز هذه الفئة الأخيرة التام لإيران – فما بال الدول إلى تزعم أنها ملاذ الحرية والأحرار … ما بال الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا؟!.
بل ما بال منظمة العفو الدولية ، ومنظمات حقوق الإنسان ، لقد تحدث هؤلاء عن المظالم التي لحقت بجميع الأحزاب والقوميات والأشخاص ، ودافعوا حتى عن تجار المخدرات ، والمجرمين الذين أقيمت عليهم الحدود الشرعية … أفلا يستحق ثلث الشعب الإيراني منهم أي مساعدة أو تأييد ؟!.
لنترك هؤلاء وشأنهم ، فهم لا يتأثرون بمصائبنا ، وليسوا أمناء في عرضهم لمشكلاتنا ، وهذا هو عهدنا بهم ، ولربما لم يسمع بعضهم بقضية أهل السنة في إيران … لنتركهم ، ولنقوم الدور الذي أدته الصحف والمجلات الإسلامية .

8

إن الذي نعلمه أن رسائل ونشرات أهل السنة في إيران وصلت القائمين على هذه الصحف والمجلات ، وقد اطلعوا عليها ، وكانت لهم منها مواقف متباينة وان كانت كلها دون المستوى المطلوب :

فبعضهم لم يشر إليها في صحيفته ولو مجرد إشارة وكأن الأمر لا يعنيه من قريب أو بعيد .

وبعضهم اكتفى بنشر التعليق التالي : وصلتنا رسائل ونشرات من أهل السنة في إيران يتحدثون فيها عن مظالم لحقت بهم ، ونحن بدورنا نطالب المسؤولين في إيران أن يبينوا لنا وجهة نظرهم وما مدى صحة المعلومات التي وصلتنا ، وإلا وجدنا أنفسنا مضطرين إلى نشر ما وردنا من رسائل … ولا ندري هل وصلهم رد أم لا ، وكل الذي ندريه أن المظالم ازدادت وتنوعت .

وآخرون منهم بقيت رسائل أهل السنة في أدراجهم دون أن يتحدثوا عنها ، ثم استجدت ظروف سياسية وطنية استشاطوا لها غضباً ، وتذكروا الرسائل فأخرجوها من دروجهم ونشروا شيئاً منها ، ثم توقفوا .

ولو كانت المسألة من أولويات اهتماماتهم لكتبوا عنها بغير هذا الأسلوب وغير هذه الحرارة .

وصنف رابع مازالوا يثقون بالثورة الإسلامية في إيران ، ويتهمون كل من يهاجمها دون أن يتبينوا الصحيح من غيره وهؤلاء قلة والحمد لله .

والخلاصة : فإن الجماعات والصحف الإسلامية لم تقم بالواجب المطلوب منها ، ولم نسمع أن مؤتمراً إسلاميا عقدته هذه الجماعات لمناقشة قضية أهل السنة والجماعة في إيران .

وإذا جلسنا مع إخواننا هؤلاء جميعاً – باسثناء الصنف الرابع- في غرف مغلقة نسمع منهم كلاماً

9


جيداً ، بل لا نجد أي خلاف بيننا وبينهم حول الرافضة والثورة الإيرانية ، ثم نسمع أو نقرا في صحفهم أقوالا مغايرة تماماً لما سمعناه منهم في الغرف المغلقة !!

ونقول لهم : لماذا هذا التناقض .. ولماذا صليتم صلاة الغائب على الخميني وقرأتم الفاتحة على روحه في المساجد … ولماذا أرسلتم برقيات التعزية للآيات بمناسبة هلاك قائد الثورة ؟!

وهنا تسمع منهم أجوبة متناقضة متهافتة ، منها قولهم : مهما اختلفنا مع الرافضة فالخميني مسلم ، وقولهم أيضا دون حياء : نخشى على أنفسنا ومكاتبنا منهم ، ولهذا فقد نضطر إلى مجاملتهم . وسيطرت مثل هذه المشاعر على الدعاة في كل مكان ، فقبل أيام وصلتني رسالة من باكستان ، وخلاصة ما ورد فيها : أن الناس هناك يخافون من الرافضة ، ومعظم الذين كانوا يتحدثون عن فساد عقائدهم ، ويحذرون الناس من خطرهم قد صمتوا بعد مقتل ضياء الحق ، وغير واحد من علماء أهل السنة !!

يا للعار … يا للهيبة 98% يخشون من 2% … هل نحن في عهد اجتياح التتار للعالم الإسلامي ، أم نحن في العهد الذي كان فيه حفنة من الباطنيين الحشاشين يرهبون عشرات الملايين من المسلمين الذين كانوا كغثاء السيل ؟!.

قال لي أحد المحبين : أما آن لك أن تترك الكتابة عن الرافضة وثورتهم ، ولماذا لا تكتب في أمور أخرى ؟!

فقلت له : أنت تعلم أن دراستي وبحوثي ليست قاصرة على الرافضة ، وعلمك هذا جواب على سؤالك ، أما ما اكتبه عن الرافضة ، فأخبرني بالله عليك أن كنت قد قرأته : هل هو حق أم باطل ؟!




10

قال : لقد قرأته وهو حق أن شاء الله ، ولكني أخشى عليك منهم ، فهم مجرمون متعطشون إلى سفك الدماء ولا يزعجهم شيء كما يزعجهم ما تكتبه عنهم ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها .

قلت : لو نهض غيري بهذا العبء لشكرته على ذلك ، وانصرفت لسد ثغرة أخرى ، أما وإنى لم أجد من يقوم بهذا الواجب فأصبحت الكتابة عنهم فرضا ً على مثلى ، وأنا أعلم أنهم يتربصون بي الدوائر ، واعلم ما حلّ بغيري … ومع ذلك فلن أتراجع مهما كانت النتائج ، وأسال الله أن يرزقني الشهادة في سبيله ، ويجعل هذا الجهد في صحائف أعمالي يوم لا ينفع الإنسان إلا عمله … وإذا سقطت فحسبي أن شاء الله أنني عشت أذود عن منهج وأصول أهل السنة والجماعة ، وما كنت اكتب لأرضي هذه الجهة أو تلك .

ووصيتي لأبنائي وإخواني وغيرهم من العلماء والمفكرين أن يُعطوا هذا الخطر المحدق بأمتنا حقه ، ولا يظنون أن هلاك الخميني سيحد من تآمر عصبته . لقد كانوا قبل ولادته كذلك ، وهذا هو حالهم بعد موته .

وليعلموا أن الموت والحياة بيد الله وليس بيد الرافضة . قال تعالى : { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون } ( النحل / 61 ) .

وقال الشاعر :
أيها المشتهي فناء قريش بيد الله عمرها والفناء

والرافضة جبناء ، وعندما يجدون من يواجههم بحزم وقوة وعلم ، فسوف يأخذون معهم تقيتهم ويدخلون سرداباً من السرية ، والتاريخ حافل بالشواهد على ذلك .

وهنا : سيواجهني سيل عارم من أسئلة القراء :

11


- من أصحاب الصحف والمجلات الإسلامية الذين تقصدهم … ولماذا هذه الغضبة ؟!

وأنا سأعيد هذا السؤال للقراء بشكل آخر :
استعرضوا الصحف والمجلات الإسلامية منذ بداية ثورة الرافضة وحتى هذا التاريخ ، واجمعوا ما كُتب فيها عن طغمة الخميني ، والانتصار لأهل السنة والجماعة ، وانظروا مدى موافقتها أو مخالفتها لهذا المنهج .

ثمة سؤال مهم أرجو أن تبحثوا عن جواب له : كيف يحدد هؤلاء مواقفهم … وهل هناك موازين ثابتة يزنون بها الأمور ، أم أن الرأي ما يراه شيخ القبيلة ، وينسى هذا الشيخ ما كان قد كتبه قبل سنة أو عدة سنين … فتأتي مواقفه متناقضة ، وأفراد القبيلة معجبون مقتنعون ، ولكل تناقض تبرير عندهم .

فإذا أديتم هذه المهمة على وجهها الصحيح فستعرفون من الذي اقصدهم ، ولا ينبغي لكم بعد ذلك أن تتجاهلوا هذه المشكلة وأسبابها ومسبباتها ، واقل ما يجب فعله : نصح القائمين على هذه الصحف والمجلات مشافهة أو كتابة ، وسيغير هؤلاء مسلكهم عندما يواجههم القراء بالأدلة و البراهين .

واعلموا بعد ذلك كله أنني لا اقصد شخصاً بعينه ، ولا صحيفة محددة بذاتها ، ولا انطلق فيما اكتبه من عداوة لأحد ، وكما قلت فيما مضى من هذه السلسة : إنني أحبهم في الله وأرجو لهم الهداية والسداد ، ولكن الحق أحب إلي منهم .

وفي غياب قيادة حكيمة لأهل السنة في إيران : تجمع شتاتهم ، وتسهل ربطهم ببلدان العالم الإسلامي ، وترسم لهم الخطط الناجحة، وتُسمعُ صوتهم للعالم .

12


وفي غياب الدور البناء الذي كان من الواجب أن تؤديه الجماعات الإسلامية دون خوف من إرهاب نظام الآيات .
في غياب هذا وذاك زعمت عصبة الخمينى أن وحدة الشيعة و السنة فى إيران قدوة لجميع مسلمي العالم … هذا ما قاله رئيس الوزراء المهندس حسين موسوي ( انظر كيهان العدد : 6/10/1986 ) ، وهكذا وجدوا الساحة فارغة فقلبوا الحقائق ، وضللوا العامة وروجوا الأكاذيب … ومن هذه الأكاذيب الكثيرة سأختار ما يلي :

1- أسبوع الوحدة الإسلامية ، ويمتد من 12 إلى 17 ربيع الأول من كل عام ، وفيه يجتمع علماء الشيعة والمنافقون ممن يسمون أنفسهم علماء من أهل السنة في مكان واحد ، ويتبادلون الخطب والمواعظ ، ويؤكدون في نهاية هذه الاحتفالات التزامهم بطاعة القيادة الإيرانية وولائهم التام لها … وتحاط هذه التظاهرة بدعا ية إعلامية متفوقة وتتنا قل أخبارها صحفهم و صحف عملائهم داخل إيران وخارجها .

إ ن أسبوع الوحدة دعوة سافرة إلى التشيع لأن علماء الشيعة يتحدثون فيه عن عقائدهم ، والمنافقون من أهل السنة لا يتطرقون لعقائد أهل السنة وهم ليسوا أهلا لمثل هذا ، ومن ثم فالا حتفالات تجري في مناطق السنة وحدها ، والنتائج طاعة عمياء للآيات ، ولا يستطيع أحد من المجتمعين إثارة مظالم أهل السنة أو المطالبة بالإفراج عن المعتقلين منهم .

2- نشرت كيهان في عددها الصادر بتاريخ : 6/10/1986 خبراً نوجزه فيما يلي :

( استقبل حجة الإسلام هاشمي الرفسنجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي في 30/9 مدرسي

13


ومسؤولي المدارس الدينية للأخوة السنة في محافظة هرمز ، وقد تحدث الشيخ محمد صا لح ضيائي إمام الجمعة للأخوة السنة في مدينة بندر عباس في البداية وأعرب عن شكره للدعم الذي تقدمه الجمهورية الإسلامية للعلماء السنة والمدارس الدينية … وبعد ذلك قدم السيخ ضيائي شيكاً بمبلغ مليوني ريا ل لرئيس المجلس هدية الأخوة السنة إلى أبطا ل الإسلام .

وأعرب حجة الإسلام هاشمي الرفسنجاني عن شكره للدعم الذي قدمه الاخوة السنة إلى أبطال الإسلام ، وأكد أنها قيمة جداً ، وأنها وثيقة جداً للتعاون والوحدة بين الشيعة والسنة .

ووصف سماحته جهود الشباب السنة الذين يتولون التدريس في المدارس الدينية الخاصة بهم بأنه يبعث على الأمل والتفاؤل … ) . ا . هـ .

وسيجد القارئ الكريم في هذا الكتاب حديثا للشيخ ضيائي أجرته معه مجلة المجتمع ينقض في عمومة هذا الخبر الذي ذكرته صحيفة كيهان ، ويؤكد فيه انه لا لقاء بين الشيعة والسنة ، ومن ثم فالشيخ ضيائي رهين سجون الآيات الآن ، ولم يذكرو أسباب اعتقاله ، ولا قدموه إلى محاكمة … وعندما نشروا هذا الخبر كانت هناك حرب بينهم وبين العراق ، و كانوا يخشون السنة العرب في جنوب إيران ، ولهذا سعوا إلى هذا اللقاء ، ولا ندري مدى صحة ما نشرته كيهان ؟!.

3- رحبت صحف النظام الإيراني بمؤتمر عقده علماء أهل السنة في مدينة خاش بتاريخ 2/7/1401 هـ ومن يقرأ هذا الخبر في صحفهم يجزم بأن أهل السنة أحرار فى بلدهم و يمارسون أنشطتهم دون أي ضغوط أو إكراه . هذا إذا كان القارئ لا يعرف أساليب الرافضة ووسائلهم .

غير أن موقفهم العملي من هذا المؤتمر يخالف موقفهم النظري الذي نشرته الصحف .

14


لقد تولى الخميني بنفسه قيادة الحملة ضد مؤتمر ( خاش ) ، واتهم العلماء الأفاضل الذين شاركوا فيه بالعمالة للولايات المتحدة الأميركية ، واقدم النظام على اعتقال بعضهم ، ووضعوا بعضهم الآخر رهن الإقامة الجبرية .

ورغم بشاعة هذا الأسلوب وخسته ، فالناس في العالم الإسلامي قرأوا الخبر الذي نشرته الصحف لأن هناك مؤسسات إعلامية ضخمة تولت نشره على أوسع نطاق ، ولم يقرأوا أخبار المطاردة والاعتقالات التي تعرض لها علماء أهل السنة وأنصارهم بسبب عقد هذا المؤتمر .

هذه الأمثلة من الأخبار الكثيرة التي دأبت صحف النظام على نشرها … ولم اكتف بها رغم وضوح مدلولها ، فقد وجدت انه من المفيد استطلاع آراء نوعيات مختلفة من الرافضة ، ونفذت هذه المهمة الشاقة ، فقابلت عرباً وفرساً ومثقفين وعامة ، وناقشتهم أو طلبت من غيري أن يوجه إلى بعضهم أسئلة محددة ، وفيما يلي أهم النتائج التي توصلنا إليها :

س : كيف أحوال أهل السنة في إيران ؟!
ج : لا فرق في إيران بين سني وشيعي ن فهم جميعاً ملتفون حول قيادة الثورة .
س : هناك رسائل ونشرات تتحدث عن المظالم التي لحق بهم ، فما مبلغها من الصحة ؟!
ج : لا تصدق ذلك ، وهذه دعايات كاذبة يروجها عملاء أميركا وإسرائيل داخل إيران وخارجها .
س : لكنهم يذكرون أسماء علماء معروفين ، ويقولون : إن بعضهم قُتل ، وبعضهم يعيش في السجن ، ومن هذه الأسماء : بهمن شكوري ، وأحمد مفتي زادة ، و محمد صالح ضيائي …؟!


15

ج : لم اسمع بهذه الأسماء إطلاقا ، وأنصحك أن لا تصغي لهذه الأخبار . ألم تسمع عن أسبوع الوحدة الإسلامية بين الشيعة والسنة … ألم تسمع عن وجود ممثلين لهم في مجلس الشورى … ألم تقرأ أخبار تأييد علماء أهل السنة لإيران ، وذكروا أسماء كثيرة من البلدان العربية وغيرها طبعاً كان من بينها اسم سعيد شعبان .
س : إذا كانوا لا يفرقون بين السنة والشيعة ، فلماذا لم يبرز سني واحد في قيادة الجيش أو في الحكومات المتعاقبة ؟!
ج : منهم وزراء وقادة في الجيش وهم موضع ثقة قيادة الثورة الإسلامية .
س : اذكر لنا اسماً واحداً ؟!
ج : أصر على رأيه ولم يستطع ذكر اسم واحد .

وغير مستغرب على الذين قالوا : إن ابن سبأ شخصية أسطورية لا وجود لها في عالم الواقع أن يقولوا : أن اضطهاد أهل السنة في إيران كذب وأسطورة أو إن مفتي زادة من الأساطير التي يروجها عملاء إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ، ثم يصرون على مواقفهم مهما ذكرت لهم من الأدلة والبراهين ، ولم يعترف واحد منهم أن السنة في إيران قد تعرضوا لشيء من الاضطهاد .

ينتابني الخجل ، ولا يفارقني الحزن عندما أجد أجوبة الرافضة – رغم اختلاف لغاتهم وثقافاتهم وجنسياتهم – واحدة ، ومواقفهم وأهدافهم واحدة كذلك ، أما علماء ودعاة أهل السنة فمواقفهم وأهدافهم ليست واحدة ولا هي متقاربة ، ولو تمسكوا بما كان عليه الرسول وأصحابه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم لما كانت بينهم هذه الفوارق الكبيرة في المواقف والأهداف .

فهل يتفهم أهل السنة أن مستقبل إخوانهم في إيران ينذر بكارثة. إنهم مواطنون من الدرجة الثالثة


16

، لأن الشيعة فيها مواطنون من الدرجة الأولى ، واليهود والنصارى مواطنون من الدرجة الثانية ، وأهل السنة مواطنون من الدرجة الثالثة … وان حالهم أسوأ من حال المسلمين في الاتحاد السوفييتي والصين الشيوعية ؟!

وهل يتفهمون أن دستور إيران وقوانينها لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به ، ولهذا فقد جاءت جميع الإجراءات المتخذة ضد أهل السنة مخالفة لقوانين الآيات ؟!

اللهم أنت القائل : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينك محرماً فلا تظالموا ) { رواه مسلم في صحيحه } . وهؤلاء الظلمة في إيران قد احلوا ما حرمت ، وأنت يا رب تعلم أن دعوة المظلوم ليس بينها وبينك حجاب … اللهم كف أيدي الظالمين عن إخواننا في إيران يا أرحم الراحمين ، واجعل بأس الرافضة بينهم ، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


30 رمضان / 1410 هـ

عبد الله محمد الغريب

















17


ملحوظات



1- لم تكن ترجمة الرسائل التي كتبها أهل السنة في إيران جيدة ، ولقد بذلت جهدا في تصحيحها مع المحافظة على المعنى الذي أراده الاخوة … ورغم ذلك فلا بد أن هناك أخطاء قد بقيت ، ويكفي أن يكون قصدهم مفهوما.

2- الرسالة الأولى : قضية أهل السنة في إيران كتبها جماعة _ مكتب قران _ قبل أن يدخل كثير منهم السجن وورد فيها حديث عن أحوال أهل السنة في إيران ، وعن مجلس الشورى المركزي للسنة ، لكن جلها كان حول مواقف الجماعة في كردستان .


والتعليقات التي في هامش الرسالة لي وليس للمترجم أو للاخوة جماعة مكتب قران .

3- بيانات مكتب قران صدرت منذ بداية اعتقالهم أي منذ يوم 28/10/1402 هـ حتى يوم

18


13/2/1403 ، ولم أنقل جميع البيانات التي أصدروها ن وإنما اكتفيت ببعضها وأعطيته رقماً متسلسلاً يختلف عن الرقم الوارد في رسائلهم .

و كانت لهجة البيانات اشد من لهجة الرسالة السابقة . وقصارى القول فإن مواقف الأخوة مر بالمراحل التالية :

المرحلة الأولى : كان تأييدهم للخميني وطغمته مطلقاً ، وكانوا يعتقدون أن التسنن والتشيع لا يمثلان جوهر القرآن .

المرحلة الثانية : اخذوا ينقدون بعض قادة الثورة لأنهم كانوا يعتقدون انهم وراء توجهها الطائفي ، ومع ذلك فقد حافظوا على تأييدهم للخميني ونظامه .

المرحلة الثالثة : وقد القي القبض فيها على عدد كبير منهم وأودعوا السجن ، وفي هذه المرحلة اشتد نقدهم للخميني ومن حوله ، وبعضهم بقي محافظا على ولائه له ولثورته ، وكان الأستاذ زادة من الصنف الأخير .

المرحلة الرابعة : ظهر فيها الحق من الباطل ، وأدرك جماعة مكتب قرآن أن التسنن ليس مذهباً ولا طائفة ، وإنما هو التزام لما كان عليه الرسول وأصحابه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم ، كما أدركوا أن الخميني اخبث رافضي على وجه الأرض ، وثورته لا تختلف عنه ، وان الأمر اكبر من انحراف بعض قادة الثورة .

ولو أن إخواننا انطلقوا في فهمهم لهذه الثورة وفي تحديد موقفهم منها من المنهج والأصول التي كان عليها سلف هذه الأمة لما وقعوا فيما وقعوا فيه من أخطاء ، و لا ينبغي أن تخضع هذه الأمور للتجارب .

4- جاء في بعض هذه الرسائل أن نسبة السنة في إيران 25% ، وفي بعضها الآخر 30%

19




، وفي موضع ثلث 35% وسبب هذا الاختلاف يعود إلى التعتيم الإعلامي الذي كانت – ولا تزال – تمارسه الحكومات المتعاقبة ابتداء بحكومات الشاه محمد رضا بهلوي وانتهاء خميني، ولهذا جاءت هذه الأرقام تقديرية .

5- بعد عرض رسالتين من رسائل جماعة مكتب قرآن ، وجدنا أنفسنا مضرين إلى ذكر بعض التعليقات التي اقتضتها الأمانة التاريخية ، والاخوة – أهل السنة في إيران – تجاوزوا هذه المرحلة والحمد لله ونضجت أفكارهم ، ومواقفهم الآن نسخت المواقف السلبية السابقة .


























22

قضية أهل ا لسنة
في إ يران


مقدمة

الحمد الله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين وبعد .

فلطالما ظل أهل السنة في إيران منقطعي الصلة بإخوتهم المسلمين في سائر أقطار العالم الإسلامي محصورين في الحدود المصطنعة التي أقامتها حولهم يد البغي منذ عهد الصفويين ( ) ، وطول قرون سوداء مضت ، إلى أن شاء الله تعالى أن يزول ذلك الحصار الجائز وينتهي عهد الفراق الطويل ويأتي دور لقاء الاخوة بعضهم ببعض وان كان ذلك اللقاء من خلال صفحات المجلات الإسلامية فقط ، الناطقة بإسم أبناء الأمة الإسلامية ، ولولاها لظل الأمر خافيا عليهم ، ولكن بماذا يا ترى نبدأ الكلام خلال هذه اللقاءات الحبيبة في هذا العصر الجاهلية الجبارة التي أمست الأمة


23



الإسلامية تعاني الكثير من وطئتها الطاغية منذ أن ابتعدت من هداية ربها ؟

هل يتأنى لبعضهم أن يتحدث في هذه اللقاءات عن قضايا غير فلسطين وكشمير وأريتريا و فيلبين و كردستان و بلوجستان و تركمن صحراء وغيرها من قضايا الأمة الإسلامية المهمة ؟ هل لبعضهم إذا لم يشأ التنكر للإسلام أن لايبالي بما يقاسيه أبناء أمته وان لا يتداعى بالسهر والحمى وان لا ينهض لتغيير المنكر بيده فان لم يستطيع فبلسانه ( وبقلمه ) فان لم يستطع فبقلبه ؟ اللهم ما دام هناك من يعدون أنفسهم مسلمين . إذن فاستمعوا يا أبناء الأمة لحديث اخوتكم أهل السنة في إيران حول قضيتهم المؤلمة عسى أن لا يخيب ظنهم فيكم .

في إيران : هذا البلد ذي الطابع الخاص من بين سائر البلاد الإسلامية … هذا البلد الذي لم يزل من حين فتحه المسلمون الأوائل رضوانا الله تعالى عليهم ودخل أهله الإسلام بعد الإطاحة بالنظام الملكي ا لساساني وإنزال الجبابرة عن عروشهم المستكبرة الباغية وتفريق شملهم ، ومن حين صار هذا البلد جزءا من العالم الإسلامي الكبير وفقد شخصيته ومكانته الاستعمارية في العالم كأكبر قوة على الأرض إذ ذاك … هذا البلد الذي لم يزل من ذلك العهد موطن مؤامرات ومثار فتن من قبل بقايا أهل بيت الملك الباغي وأياديهم ومن هم على وتيرتهم ، الذين ما كان بوسعهم أن يروا بلدهم يحكمه على رغم أنفسهم أجانب جاءوا من صحراء جزيرة العرب كأخوة للشعب المستضعف الذي نجا من استبعاد الملوك ، وان يروا إيوان كسراهم موطأ أقدام العرب الذين لم يكن لهم قبل أن يحييهم الإسلام شان يذكر ( كما يشكو شاعرهم فردوسي في منظومته شاهنامه من ذلك ويتفل في وجه الفلك الدوار و يلومه


24


اجل أن العرب الآكلين للضب الشاربين لألبان الإبل داسوا بأرجلهم عرش ملكهم وإيوان كسراهم في المدائن و … ) ولهذا فلقد انبعث أشقاهم فيروز اللعين فاغتال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مما ادخل على الإسلام ثغرة لم تسد بعد وجعل المسلمين يسلكون طريق الانحطاط خلال هذه القرون كما لا يخفى .

نعم لم تكن تلك الشر ذمة تستطيع ذلك ولم تكن تهدأ لها بال ما دامت ترى حكم الله مسيطراً على بلدها كما كان في أول عهد الفتح الإسلامي … ولكن ما الحيلة وقد أسلم أغلبية الشعب ولم يكونوا ليعودوا إلى ظلام النظام الكسروي بعد ما رأوا نور الإسلام وذاقوا حلاوة ثمرات حكم الله ؟ وليس هناك طريق لإثارة الفتنة لاستعادة المجد الذاهب والشواكة القاهرة الاستعمارية المستعبدة للشعب الإيران وسائر الشعوب إلا التذرع بالخداع والمكر والتعتيم على المسلمين بان يصور لهم الخلفاء الثلاثة من الراشدين وكذلك اكثر المهاجرين والأنصار أو قل : المتقدمين السابقين الأولين في الإسلام بصورة غاصبي حقوق أهل بيت النبوة وأعدائهم ؟ وان يعلن بين الناس أن هؤلاء الشرذمة يريدون إعادة الحقوق إلى ذويها .

ومن هذا المنطلق بدأت الفتنة الكبيرة وبدا المفسدون يثورون هنا وهناك ، ويصل بعضهم إلى عرش الحكم في قطر أو آخر … ودام هذا الوضع خلال بضع قرون إلى أن أدى الأمر إلى ظهور الصفويين الذين أسسوا دولة شيعية – منتسبة إلى أهل البيت بزعمهم ، والله يعلم أن أهل البيت بريئون منهم – مستقلة غير منقادة للحكم العباسي ، أو العثماني إذ ذاك الذي كان على علاته نقطة التقاء المسلمين واتحادهم . وبوصول أولئك إلى عرش الحكم حصل لإيران من جديد بعد عهد طويل شخصية مستقلة ( ) كما كانت لها في عهد ا لساسانيين ، وصا ر المذهب الرسمي لأهلها هو المذهب

25

الجعفري الاثني عشري كما كان للساسانيين الدين الزردشتي ( وهذا صرح به بكل اعتزاز في كتاب التاريخ الذي قرر كمادة دراسية لسنة من سني التحصيل في المدارس الحكومية ولا يزال بأيد الشباب ) .
ودعما لحكمهم الباغي قام الصفويون بحركة جادة عامة لنقل أهل السنة _ وكانوا يشكلون أغلبية المسلمين في إيران في ذلك الحين _ إلى التشيع بأي وسيلة حتى ولو احتاج الأمر إلى شتى صور التعذيب وسفك الدماء الآلاف ( كما يحكي التاريخ عن الشاه إسماعيل الصفوي ) . وكانت نتيجة ماراموا ، إلا في بعض نواحي كردستان التي تقع في غربي إيران من مدينة قصر شيرين إلى حدود تركيا وبلوجستان التي تقع في شرقي إيران من عند خراسان إلى بحر عمان وتركمن صحراء التي تقع في شمال إيران من بحر قزوين ( خزر) إلى الحدود الشرقية وكالمناطق التي تصل بلوجستان بتركمن صحراء من خراسان ومنطقة طوالش في غربي بحر قزوين وبعض سواحل الخليج وبحر عمان .

وبالجملة بقيت لأهل السنة الذين يبلغ عددهم الآن ثمانية ملايين تقريبا ( لم يتيسر لأهل السنة حتى الآن أن يعرفوا عددهم بالضبط لأسباب ليست خافية ) المناطق التي تقع على الحدود الملتصقة بالبلاد المجاورة لإيران منطقة خوزستان وقليلا من غيرها.

وبعد استيلاء الصفويين وخلال القرون الأخيرة ذاق أهل السنة على أيدي الحكام الطاغين الذين

26
كانوا ينتسبون – كذباً وزراً – إلى أهل البيت ما لا يعلمه إلا الله . كما كانت عمليات التعتيم والتضليل والأبعاد عن تعاليم الدين الصحيحة ومحاولات قلب الحقائق تقوى يوماً بعد يوم بين اخوتنا المسلمين من أهل التشيع الأمر الذي أدى إلى صنع أحقاد وعداوة بين هاتين الفئتين العظيمتين من المسلمين .

وطبيعي بعد هذا أن يحرم أهل السنة على أيدي الحكام الباغين من حقوقهم الإنسانية ويعاملون من قبل الحكام ومن قبل إخوانهم المسلمين من أهل التشيع أيضاً معاملة لا يعامل بها اليهود وغيرهم من غير المسلمين . وحتى أنه ما كان يجني ثمار هذا الغرس إلا الحكام وصنائعهم وليس أهل التشيع .

وهكذا انفصل هذا البلد عن العالم الإسلامي وصار قاعدة محكمة الأعداء الإسلام من أهل الغرب الذين طالما بحثوا عن قاعدة يرمون منها العالم الإسلامي . وليست الحروب الصفوية وما بعدها مع العثمانيين ببعيدة عن أذاهاننا .

ومضى الزمان وجاء دور السلالة البهلوية وبلغ الأمر ما قدر له أن يبلغ وتهيأ المجال لاجتراء الأخير الاشقى الشاه محمد رضا( ) على إلغاء التاريخ الهجري وإبداله بالتاريخ الشاهنشاهي كمحاولة لطمس بقايا الآثار الإسلامية وإزالتها من هذا البلد .

و … في إيران … هذا البلد المنكوب أهله شيعيهم و سنيهم قامت – كما تعلمون

27

– ثورة إسلامية اشترك فيها الشعب بكلتا فئتيه بحماس ديني وعاطفة إسلامية – وإن كانت المرحلة الأولى للثورة أي كسب الفهم الصحيح والوعي الشامل لتعاليم الإسلام بحماس وعاطفة صار كل ما كان بين الفريقين من التنكر العداوة والجفاء كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، واقترب الأخوة من بعضهم البعض وحل التعارف محل التناكر ، والمحبة محل العداوة ، والرحمة محل الجفوة ، وتغيرت الانظار من بعض إلى بعض واحتضن الأخ أخاه ودوى في فضاء إيران : ( لا تشيع … لا تسنن بل الإسلام ) ( ) وامتلأت القلوب بالأمل في أن يعود إلى المسلمين في كل العالم الإسلامي الوئام والوحدة بعد ما حل بهم مما لهم يكن ليحل لو كانوا محتفظين بوحدتهم .

وكذلك كان قادة الثورة وصنائعهم يعيشون ذلك الحماس وتلك العاطفة أو على الأقل كانوا يشعرون بسيطرتهم على المسلمين حتى أن إحدى القضايا الثلاث التي كان قائد الثورة الخميني يعيرها الاهتمام بجد وعرفت فيما بعد بعنوان( خط الإمام ) كانت أن لا تشيع ولا تسنن وإنما هو الإسلام وحسب.

قامت ثورة إسلامية وكان المسلمون في تلك الأيام في خير أيامهم أملين في مستقبل مشرق قد ترك وراءه ذلك الليل المظلم إلى الأبد. ولكن تلك الأيام خلت ولم يبق الآن غير ذكريات في أذهاننا، ذكريات هي بحق خير ذكريات يعيشها المرء المسلم، ذكريات تثير الأحزان وتهيج العبرات . نعم ما إن وصل السادة إلى كراسي الحكم حتى تبدل الأمر وذهبت كل الآمال أدراج الرياح وبدا منهم مالم نكن نحتسب وتغيرت الوجوه مرة أخرى وتناكرت القلوب وعاد بل أعيد ذلك الليل الحالك بل عاد أحلك مما كان وساءت حال أهل السنة أكثر مما كان وجاءت وطأة الظلم و البغي أشد من ذي قبل و

28

واخترعت أساليب تضليل وافتتان جديدة أشد خبثا وأبعد عن المروءة. ولعمري لم يبق لدينا شك في أن هؤلاء الحكام لا يسلكون إلا نفس الطريق التي سلكها الحكام الطواغيت من قبلهم وان ادعوا – وما أسهل الادعاء – أنهم شيعة علويون وليسوا صفويين .

ولو كانت الثورة شيعية وباسم التشيع من أول يوم ، وليست باسم الإسلام ولم يضرب فيها أهل السنة بسهم … لو كانت كذلك لم يكن هناك سبب كبير لكل هذا الأسى والضجر من أهل السنة ، ولكن الثورة كانت إسلامية وباسم الإسلام وكان لأهل السنة فيها ما كان من المساهمة والمساندة . فقد كان رجال الفكر والرأي من أهل السنة وعامة الناس يشاركون إخوانهم من أهل التشيع بنفس الجهد والحماسة والعاطفة . وإذا كان يوجد فيهم من لم يستجب لإرادة الشعب المسلم ، فقد كان في أهلا التشيع أكثر وأخطر ، نعم ساهم رجال الفكر وعامة الناس في الثورة وعلى رأسهم الشيخ المجاهد الذي نذر نفسه لإعلاء كلمة الله ولخدمة الثورة والذب عنها الأستاذ أحمد مفتي زاده .فلقد قام قبل الآخرين وأخذ مع بوادر الثورة يصدر البيانات ويلقي الخطب ويعقد الاجتماعات ويدير التدبيرات لايقاظ الناس وتعريفهم بواجبهم تجاه ربهم وتجاه الأمة وتعبئتهم للسير في طريق الثورة حرصا على سعادتهم وخوفا من أن يتخذهم عملاء الشاه وسائر الشياطين أداة طيعة لتحقيق أهوائهم ولتعويق الثورة ، وحاول بكل ما أمكن من الوسائل لقطع الطريق على الشياطين الذين يحاولون الاستفادة من الاختلاف المذهبي .

وكذلك بعد انتصار الثورة مع كل العوائق التي كان السلطة الجديدة تلقيها في طريقه لم يزل يدافع عن الثورة ويتعب نفسه بدون فتور لنصر الإسلام وإعلاء كلمة الله . وبعد الانتصار أيضا علاوة على

29

إصدار البيانات والقاء ا لخطب وتشكيل الاجتماعات اتصل هو وغيره من ذوي الفكر والرأي برجال السلطة وقدم اقتراحات عدة وعمل بكل ما أوتي من الإمكانيات وخاصة حين كان الدستور يدون ( وسنعرض على الاخوة المسلمين فيما يأتي بعض لقطات من بيانات وخطبه وغير ذلك أن شاء الله حتى يتبين ما ذكرناه آنفا ) ولكنكان جزاء كل ذلك أن اضطر بعد مدة ومنذ بضعة عشر شهرا حقنا للدماء التي كانت السلطة تريد اراقتها بإثارة الحرب بينه وبين الأحزاب الضالة … اضطر إلى ترك مسقط رأسه مدينة سنندج عاصمة كردستان ، وهو الآن يعيش منعزلا عن الناس( ) ببدنه وان كانت روحه معهم وبياناته الموجهة إليهم غير متوقفة .

وإذا كان قد جرنا الحديث إلى ذكر كردستان فلنقل عنها كلمة خاصة بها من بين المناطق السنية . قد يقال : ألم تكن هذه المنطقة قبل وبعد انتصار الثورة وحتى الآن قاعدة لأعداء الثورة والإسلام يديرون منها المؤامرات ويشنون الحروب على الجمهورية الإسلامية ويسببون المآسي للشعوب الإيرانية الكردية والفارسية وغيرهم . نقول: بلى ، هذا مما لا يمارى فيه ، ولكن هذا الظاهر ليس كل الأمر ، فمما لا يخفى على من له اطلاع يسير على أمر كردستان أن أهلها المنكوبين المحرومين من الحقوق الإنسانية على أيدي الحكام الظالمين قد وقفوا مواقف في وجه الظلم والبخس طوال القرون الماضية وكمحاولات في هذا المجال قد أنشئت فيما مضى منظمات وأحزاب وبرزت إلى الساحة قيادات .

وطبيعي أن يعلق هذا الشعب المظلوم أماله بتلك المنظمات والقيادات وكذلك طبيعي انه كما يكون من بين تلك وتلك منظمات وقيادات قد قامت بحق لتحقيق أماله الشعب فقد كانت هناك جهات

30

لا تريد الخير لهذا ا لشعب وحينما قامت الثورة كان في كردستان بعض ما ذكرنا . ولكنها في ذلك لم تكن أتت بشيء لم تأ ت به المناطق الأخرى ، ولو لم تقم السلطة بعد الثورة بدفع أولئك إلى الأمام وإغرائهم على الشعب الكردي المسلم لما تجاوز الأمر هناك الحدود التي لم يجاوزها في سائر المناطق ولكن السلطة قد قامت بهذا الأمر وأنزلت على هذه المنطقة بلآء ودمارا وعذابا لا يزال أهلها المساكين يعانون من ويلاته الشيء الكثير ، فكم من امرأة فقدت زوجها الحبيب ، وكم من ولد قصم ظهره بقتل أبيه من مدنها لدهشت من كثرة مشاهدة الثياب السود على النساء .

ولا تظن أنا نظلم السلطة الحاكمة بهذا الاتهام ، فلقد شهد بهذا شاهد من أهلها ألا وهو الطالقاني – وغيره أيضاً – حيث ذكر قبل وفاته بفترة للأستاذ مفتي زادة أن مجلس قيادة الثورة قد اتخذ قراراً مبنياً على أن يضغط على المخالفين للجمهورية الإسلامية في كل أنحاء البلاد كي يرتحلوا إلى كرستان لئلا تضطر السلطة إلى الاشتباك مع المخالفين في جبهات كثيرة ، ولأنها تعوق بهذا الإجراء تقدم مسيرة الحركة الإسلامية التي أخذت تنمو وتزدهر في ظل قيادة الأستاذ مفتي زادة إذ أن أخطر ما يستطيع أن يقف في وجههم ويفضح دعواهم حركة إسلامية بمعنى الكلمة ، ومسلم لا يقبل المساومة والمداهن كالأستاذ ( وهم الذين وصفوه بهذه الصفة وليس ذلك تزكية منا ) .

نعم هذه الحقيقة ، وإلا فكيف كان يرضى الشعب الكردي المسلم الذي التف أول الأمر حول ذلك الرجل المسلم الذي وعده قائد الثورة الخميني قبل أن يعود إلى إيران بوضع اقتراحاته موضع الإنجاز سواء فيما يتعلق بحقوق الشعب الكردي أو بغيرهم … كيف يرضى أن ينفض من حوله ويجري وراء منظمات وقيادات شيطانية .



31

ما كان له أن يفعل ذلك لولا دعم السلطة لها ، ولكن هذا الشعب المنكوب يتشبث بأتفه الطحالب لينجو من الغرق ، وليس أمامه إلا أن يلبي دعوة كل من يدعوه واعداً إياه اخذ حقوق له وان كانت الدعوة كذباً وزوراً في حقيقتها كما قد وقعت فعلاً بتدبير الحكومة ضد الحركة الإسلامية ، كل ما يحتاج إليه الشعب المسكين من مواد غذائية وغيرها التي كانت توزع في المدن والقرى من قبل الحكومة رأساً وتستعين أحياناً بقادة هذه المنظمات .

ولقد نجحت السلطة في تنفيذ قرار مجلس قيادة الثورة وشددت ضغطها على المخالفين من سائر الأنحاء فإذا الشياطين من كل حدب ينسلون إلى الميدان المهيأ في كردستان وهؤلاء بمجرد وصولهم بدأوا ينفخون في إخوانهم الذين تبوأوا الدار والكفر من قبلهم ، وروح الافسادو التدمير وجعلوا هم الآخرون يذكرون القادة العملاء والجهلاء من أول أيام الثورة إلى اشهر بعدها ، بكل إكبار وتبجيل علاوة على ما كانت تفعله السلطة حيث كانت أجهزة الإعلام لا تفتر عن تعريف الشعب الكردي بزعمائهم هؤلاء مضيفة إلى ذلك مكراً أكبر وهو أنها كانت تلقي في روع هذا الشعب فكرة فصل الدين عن السياسة حيث كانت تسمي واحداً بالزعيم المذهبي و آخر بالزعيم السياسي( ) مع أنها

32

كانت في غير هذا المجال المعتم ترفض بشدة تلك الفكرة وتعكس على قائلها صفو الحياة . وكذلك شكلت السلطة لجنة للمفاوضات مع القادة المصطنعة لأولئك المساكين ، لعباً بهم وخداعاً للشعب حيث ساد عليه الجزم بأن هؤلاء هم الذين يعملون بجد لرد الحقوق إلى ذويها ، وخطوة أخرى خطتها السلطة هي أن سمحت لهذه الأحزاب ( اللادينية ) أن تسلب بعض المعكسرات وتنشر الأسلحة ووسائل التخريب والتدمير بين الناس لتهيأ بذلك أنسب مجال للاشتباكات والصراعات ولتتدخل السلطة بعدها بالقهر والتدمير الأكثر بحجة إغاثة الناس ، وبذلك تستطيع أن تضع برامجها الموضوعة من قبل بشأن نقل الناس من التسنن إلى التشيع موضع التنفيذ ! وهذا هو ما يجري الآن وخاصة بين الشباب وبوجه أخص في المدارس .

وحين أتى على كردستان ما أتى ( فبلوجستان ) ( تركمن صحراء ) وغيرهما بل عليهم أن يعتبروا ولا يرفعوا رؤوسهم ولا يقفوا في وجه السلطة وما تريد من تنفيذ برامجها في تلك المناطق أيضاً وإلا فلينتظروا عاقبة مثل عاقبة إخوانهم الأكراد ، كما أشار إلى هذا قائد الثورة وهدد به المولوي عبد العزيز زعيم بلوجستان حين التقى هو والأستاذ مفتي زاده وعشرات من علماء المناطق السنية به في داره في مدينة قم بعد إقرار المادة الثنية عشر من الدستور ( ) ، لإقناعه بتغييرها الذي وعد به ، ولكن جعل ذلك فيما بعد نسياً منسياً .












33

مجلس شورى أهل السنة

وأخيراً بعد ما حصل اليأس من كل المحاولات التي أشرنا إليها إجمالاً اجتمع في أوائل فصل الربيع من هذه السنة عدد من ذوي الفكر والرأي من أهل السنة في طهران بدعوة من الأستاذ لتشكيل شورى كان المولوي عبد العزيز معاوناً للأستاذ في التمهيد لها وتيسير أمرها إلى حد محدود . وبعد المناقشة والبحث حول قضايا أهل السنة وحول كيفية تشكيل الشورى وإسناد أمر القيام بالدفاع عن حقوقهم إليهم خلال يومين انتخب عدد من الحاضرين كأعضاء للشورى وسميت بالاسم الذي اقترحه لها الأستاذ من قبل وهو ( شوراي مركزي سنت ) وعبر عنها بكلمة ( شمس ) المركبة من الأحرف الأولى من الكلمات الثلاث بإشارة من الأستاذ أيضاً .

مبادئ مجلس الشورى :

وكان خلاصة نظرات الحاضرين ست عشر مادة رتبت وقررت كمبادئ تنطلق منها الشورى وتسعى لتنفيذها ، وسنعرضها عليكم عن شاء الله تعالى ، ولكن ما إن انتشر الخبر حتى بادر رجال السلطة وعلى رأسهم قائد الثورة لشن الهجمات عليها وبث الدعايات المسمومة حولها واتهامها بأنها أمريكية وعملية و … ووقفت في وجهها وألقت العوائق أمامها ولا تزال تفعل ذلك بكل استطاعتها وتحاول التغطية على الحقيقة من أمرها ، علماً منها بأنها هذه الشورى إذا قامت على ساقها عرقلت مساعي السلطة لبلوغ مقاصدها المشؤمة وخيبت آمالها إن شاء الله تعالى .





34


ولنستعرض الآن تلك المواد المقررة :
1- ( السعي في سبيل إحياء ووحدة الأمة المسلمة وإزالة مظاهر التفرق عن وجهها ) وقبل أن اذكر الثانية أرى أن اذكر المادة الثانية عشر من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأضعها بجانب هذه المادة واترك للإخوة الحكم بينهما وأيتهما الأمريكية ؟ ( الدين الرسمي لإيران هو الإسلام و المذهب الجعفري الإثنىي عشري وهذه المادة غير قابلة للتغيير إلى الأبد ،والمذاهب الإسلامية الأخرى ن سواء الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي تتمتع بالاحترام الكامل ، واتباع هذه المذاهب أحرار فى أداء مراسيمهم المذهبية حسب فقههم و تتمتع هذه المذاهب برسمية في التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية ( الزواج ، الطلاق ، الارث ، والوصية ) والدعاوى المرتبطة بها في المحاكم ، وكل منطقة يتمتع فيها أتباع أحد هذه المذهب بالأكثرية فإن المقررات المحلية لتلك المنطقة تكون وفق ذلك المذهب في نطاق صلاحيات مجالس الشورى المحلية مع حفظ حقوق اتباع سائر المذاهب ) .

ولنذكر المادة الثالثة عشرة أيضاً لنرى بأم العين أن ما عومل به أهل السنة في الدستور هو عين ما عومل به اليهود وغيرهم ، اللهم إلا أن هناك فرقاً في مجال التنفيذ وهو أن ما كتب لأهل السنة لا يتجاوز القرطاس : وهذه هي المادة : ( الإيرانيون الزرادشت واليهود والمسيحيون هم الأقليات الدينية الوحيدة المعروفة التي تتمتع بالحرية في أداء مراسيمها الدينية ، والعمل وفق مبادئهم في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية ) .

2-( السعي من اجل توحيد وتنظيم قوى وإمكانيات أهل السنة في إيران كإحدى الخطوات اللازمة للوصول إلى الوحدة الإسلامية).


35


3-( تشكيل مجالس الشورى الفرعية التابعة للشورى المركزية في كل المناطق السنية من ذوي الصلاحيات لتكون وسائل لربط الناس بالشورى المركزية ) .

4-( العمل الدائب والجاد لإزالة المظالم المذهبية والقومية والطبقية في كل إيران عن أهل السنة عن طريق إصلاح مواد عديدة من الدستور وخاصة المادة الثانية عشرة ) .

( والمراد بالمظالم الطبقية وجود الفرق الشاسع بين المناطق الغنية كبعض المناطق الفارسية الشيعية وبين المناطق الفقيرة كالمناطق السنية بأسرها تقريباً ) .

5-( السعي لإنشاء مسجد ومركز في طهران للتجمعات وإداء المراسيم والخدمات الدينية كالجمعة والجماعات وإلقاء الكلمات ) . يجدر بنا أن نذكر هنا أنه تنفيذاً لهذه المادة طلبت الشورى بعد تشكيلها بقليل من السلطة الحاكمة ومن نفس الخميني إعطاء قطعة أرض لهذا الغرض ولكنهم لم يحركوا ساكناً حتى الآن .

6-( السعي لانشاء وتقوية المدارس الدينية في كل المناطق السنية الرسمية ) .

7-( إيجاد الجمعيات المتعددة من ذوي الإيمان والوعي والشعور بالمسؤولية للتبليغ في كل المناطق السنية ) .

8-( تعيين جماعة ذات صلاحية لكتابة التعاليم الدينية للمدارس الرسمية في كل المناطق السنية ) .

9-( السعي لتمهيد الطريق لإصدار مجلة تعكس مقاصد وآمال أهل السنة بصورة دائمة ) .

10-(العمل على سد الباب في وجه سب وإهانة عظماء الإسلام ودرجه في الدستور )( ) .

36


11-( السعي لتخصيص ساعات من البرامج اليومية للراديو والتلفزيون المركزيتين بالتبليغات المذهبية لأهل السنة تحت رقابة الشورى ) .

12-( نصب أئمة الجمعة و حكام الشرع في كل المناطق السنية برضى الناس وبتأييد من الشورى ) .

13-( السعي لتنظيم رؤوس أموال أهل السنة ووضعها في مسير الانتاج والبلوغ إلى الاكتفاء الذاتي خدمة للإسلام وسيراً بمبادئه في مسيرة التقدم ) .

14-( السعي لإيجاد الرابطة بين أهل السنة في إيران ربين سائر المسلمين في إيران وسائر العالم إحكاماً لأسس الوحدة والأخوة الإسلامية وخاصة للاستفادة من مساندة الراغبين في برنامج عمل الشورى المركزية للسنة ) ( ) .

15-( تيسير الأمر لإرسال الأفراد ذوي الاستعداد إلى المراكز الإسلامية في العالم لتعلم المعارف والعلوم الإسلامية ) ( ) .

16-( بناء على اقتراح وتأييد كل الحاضرين للسنة تحت رقابة العلامة مفتى زاده والمولوي عبد العزيز قائدي أهل السنة في إيران ومؤسسي الشورى المركزية للسنة وباقرار منهما ) .

37


وبعد ، فنحن ندعو كل ذي عقل وإنصاف لينظر في هذه المواد ويقول لنا رأيه بصراحه فيما إذا كانت مادة منها مخالفة لمبادئ الإسلام ، أو إذا كانت هذه المواد تخدم المخططات الأمريكية ، وإلا فليعرف حكام إيران أن هذه المقولة الكاذبة لا تفضح إلا أنفسهم ( ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً ) ، وإذا كانت هذه المواد أمريكية – كما يزعمون – فماذا يكون شكل
دستورهم المشؤوم الذي ما وضع إلا لتمزيق صفوف المسلمين الذي ألفت بينهم الثورة الإسلامية ( ) ؟ أم يخشى السادة أن يذكرهم عبد من عباد الله بسؤ عملهم فيبادرون لإلصاق سيئاتهم عبد هو بعيد عنها بعدهم عن الحق ؟ وجدير بالذكر أنه بعد ما حاولت السلطة تغطية الحقيقة وبثت الدعايات حول الشورى ، أصدرت شورى أهل السنة بياناً تحدت فيه السلطة أن تسمح بعقد اجتماع بين ممثليها وبعض أعضاء الشورى كي يناقشوا القضية على مسمع من الناس ومرأى عن طريق التلفزيون حتى يتميز الخبيث من الطيب و يعلم الناس الصادقين والكاذبين ، ولكن الخائفين من الافتضاح عموا وصموا ولم يحركوا ساكناً .

وأما الاتهامات وإلقاء العقبات في سبيل الشورى فليسوا بمقلعين عنه ماداموا يشعرون بأنه لا يعترض سبيلهم ولا يمنعهم عن بلوغ أمانيهم أي قوة قي داخل إيران إلا هذه الشورى , وأما إذا قضي عليها فهم يستطيعون بهدوء بال أن يتموا ما لم يتمه الصفويون من قبلهم .

38

فنحن نضرع إلى الله تعالى ونطلب منه أن يوقظ في صدور إخواننا المسلمين في العالم عاطفة الإخوة نحونا( ) و يستخدموا كل وسيلة ممكنة نظيفة للضغط على هؤلاء الشرذمة المتحكمة في رقاب المسلمين سنيهم بل وشيعيهم أيضاً ويرغموهم على تغيير سيرتهم ن والله على كل شيء قدير .


مواقف الخميني من المجلس :

وبعد عقد الاجتماع بشأن تشكيل ( الشورى المركزية للسنة ) بأحد عشر يوماً أدلى قائد الثورة الخميني بكلمات في لقاء بعض الزائرين من مدينة كركان وغيرها معه هاجم فيها الشورى والمشتركين في الاجتماع وخاصة الأستاذ مفتى زاده بما لا يمكن أن يصدر من قلب – إذا كان هناك قلب – فيه مثقال ذرة من خشية الله تعالى ، فقال :

( إن هناك مؤامرات في داخل إيران يجب إما أن نقضي عليها أو لا نعيرها اهتماماً ، يعقد اجتماعات تحت عنوان مسألة التشيع والتسنن لإثارة الشقاق بين الأخوة ، كما أن المرتبطين بسلطة أمريكا الكبيرة طرحوا هذه المسألة لصالح أمريكا ثم لصالح روسيا ، وهناك أيضاً سلك نفس الطريق من بعدهم زمرة غافلين عن أنه إن رجعت هذه القوى الكبيرة لم تبق لا الإسلام ولا أهل السنة ولا أهل التشيع ، إن رجع هؤلاء – لا سمح الله – أبادوا الإسلام من أساسه علماً بأنه هو الذي ألف بين الأخوة ، فلينتبه الأخوة الذين يعملون لإثارة الشقاق إن كانوا مرتبطين بأمريكا وروسيا فلعلهم لا يقبلون


39

النصيحة ، وإن لم يكونوا كذلك ولكنهم يريدون العمل لصالح الإسلام في هذا البلد الإسلامي فليعلموا أن الطريق إلى ذلك ليس بإثارة الشقاق بل إيقاع الصلح بين الفرق ، وليحفظوا هذا التآلف والوحدة بين كل الطبقات ، ما أبعد القائل عن الواقع ؟ المترجم ) .

نحن نستطيع أن نبلغ بهذا البلد مقاصد الإسلام العالية في ظل الأمن والوحدة ، وبذلك فقد نستطيع أن ننجي المستضعفين من المظالم التي نكبوا بها طوال التاريخ إن لم يكن أمن فلا زراعة ، ولا صنعة ، ولا القدرة على العمل لصالح المستضعفين ، ألا ترون أنه لما أثاروا الفتنة في كردستان وهوزستان باسم الإسلام لم تستطع الدولة حتى الآن أن تعمل هناك عملاً إيجابياً ذا واقع ، لأنه ليس هناك أمن والظروف غير مساعدة . كيف تكون الزراعة حين يحرق الحصاد ؟ كيف تكون الصناعة حين يدعي العمال إلى الإضراب الاشتغال بأعمال غير إنسانية ؟

يا أخوتي يا أهل التسنن ويا أهل التشيع اعلموا أن أسس الفساد قد ذهبوا ويذهبون الآن ، يريدون أن يثيروا بينكم الفتنة تحت عناوين شتى ويفوزوا هم بالربح . يوجد الآن في المناطق المختلفة من يريدون أن يلقوا بهذا البلد إلى حلقوم أمريكا وروسيا ، في مناطقكم ، وفي الشمال ، وفي نفس طهران يعقدون اجتماعات . في نفس طهران رفعوا رؤوسهم مشتغلين بالشيطنة يوجد سجل أعمال بعض هذه الزمرة المنحرفة عند رجال السلطة . يا هؤلاء أي ضر أصابكم من الأمن ؟ ( ) أي ضر أصابكم من الإسلام والجمهورية الإسلامية والقرآن الكريم حين شددتم المئزر لمحوه واشتغلتم بالمؤامرة بحجة العمل

40


للإسلام غير شاعرين أو شاعرين – لا سمح الله – بالحقيقة . أنتم تظنون أن مؤامراتكم خافية لا ، فإن سجلات أعمالكم في أيدينا ، فأقلعوا عن هذه المقالات والاجتماعات والمؤامرات . لا يستطيع الشعب المسلم الذي أعطى الدماء في سبيل الإسلام أن يرى حفنة من الذين كانوا مكبرات صوت النظام السابق ( ) يبدأون بأفاعيلهم من جديد ظانين أن الفرصة مواتية . لا سمح الله بأن يأتي يوم يعرف فيه شعبنا هؤلاء الذين هم كما ذكرنا سواء من يوجهون ضرباتهم تحت عنوان العمل للإسلام أو عناوين أخرى كمسألة التسنن والتشيع . ( عفواً من إيراد هذا المقال الركيك فإنى ناقل … المترجم ) لا تظنوا أن الشعب الذي تحمل كل هذه المشقات حتى بلغ بالجمهورية الإسلامية هذا المبلغ أن يدعوكم تفعلون ما تشاءون وتخربون بناءها بمؤامرات تستقي مما هو خارج إيران ( ويا للبهتان والزور ويا للجرأة !! المترجم ) أنا أنذر إنذارً ، وأريد ممن يطلبون الفساد – ونحن نعرفهم – أن يلتفتوا هم بأنفسهم إلى الإسلام ولا يخونوه بحجة أنا نريد استرداد حقوقنا . فإن حقوق كل الأفراد سواء الاخوة من أهل التسنن والأخوة من أهل التشيع والأقليات الدينية الرسمية مسجلة في الدستور ومعترف بها في الإسلام كذلك ، ويعاملون بالعدل الإسلامي . ( نعوذ بالله من ذلك العدل . المترجم ) واقلعوا عن القاء بذور الفتنة ، وعقد الاجتماعات المثيرة للفتن ، التفتوا إلى الإسلام والقرآن الكريم ، فإنه يذهب عن أيديكم سيطرة الأجنبيين عليكم ، أعداء الإسلام والقرآن ، والذين لا يستطيعون أن يروا الإسلام قائماً والذين أصابتهم اللطمة من الإسلام ، وإن أردتم أنتم هنا أن تثيروا – لا سمح الله – الاختلاف تحت عنوان التشيع والتسنن إذن فنحن نحس بواجبنا ، وجلي أنا نعرف أولئك الطالبين




41


للفساد والذين يريدون أن يثيروا الشقاق بافسادهم ، ولا يبعد – ولا سمح الله – أن نبين حقيقتهم للأخوة أهل التسنن وأهل التشيع وكل الشعب .

يجب ونحن في حالة الحرب والقوى الكبيرة وراء الأعداء الأجنبيين ويسعى صدام بكل قواه أن يبيد أساس الجمهورية الإسلامية وهو يعمل ضد الإسلام باسم الإسلام … يجب أن لا يصبح الاخوة العوبة في أيدي الأشخاص الطالبين للفساد الذين هم مشتغلون بالافساد حيناً في سنندج ، وحيناً في كرمانشاه ، وحيناً في طهران ، نحن ننذرهم كي يتلفتوا من جانب إلى مصالح الإسلام والمسلمين ومن جانب آخر إلى المؤامرات الخارجية ولا توسعوا دائرة الشقاق لأن هذا العمل اليوم معصية غير مغفورة ، وإن بدا لنا – ولا سمح الله – وجوب اتخاذ القرار نحوهم احتمل أن ينتهي الأمر بخسارة أولئك . إنني راغب في أن نستطيع أن نبلغ بهذا البلد ساحل النجاة في ظل الأخوة والتعايش السلمي والأمن ) .

وبعد مقالة الخميني بعشرة أيام كتب له الأستاذ مفتي زاده رسالة ونشرها بين الناس ، وهذه هي ترجمتها :

رسالة زاده للخميني


{ قل أعوذ برب الناس . ملك الناس إله الناس . من شر الوسواس الخناس . الذي يوسوس في صدور الناس . من الجنة والناس } .

قائد الثورة الإمام الخميني ! صورة إلى : شعب إيران المؤمن المؤثر على نفسه ! سمعت عن طريق الراديو يوم (24/1/1360-13/4/1981 )


42


كلماتكم في لقاء الزائرين الكركانيين معكم ، التي كانت فيها – كما يبدو – إشارات إلي وإ لى الشورى المركزية للسنة . وكذلك رأيت قبل ذلك وبعده مراراً نفس تلك الكلمات أو عبارات شبيهة بها في الجرائد ، وسمعتها من الراديو والتلفزيون ، ومن ألسنة زمرة يستغلون الراديو والتلفزيون لنشر المطالب الخادعة للناس ، ويخافون من وصول قول الحق إلى أسماع الشعب ن منهم رئيس ما يسمى ( بالمحكمة العليا ) ورئيس مجلس الشورى ورئيس الوزراء ، وكذلك إمام ( يوم الجمعة طهران ) ( كره أن يسميه إمام الجمعة – ج ) في كلماته التي أدلى بها في المجلس وكلماته التي تسمى خطب صلاة الجمعة ! وأذاع الراديو مرات أخرى أيضاً كلمات منكم كانت تشير إلى ( عملية التفريق ) .

حقاً لولا كلماتكم التي من شأنها – نظراً لوضعكم القيادي للثورة – أن يكون لها أثر خطير في التحقيق رغبة السادة المولعين بالسلطة لحد عبادتها ، في إيقاد نار الحرب ، لما كنت راغباً – بعد إمضاء سنتين في الكتابة والتكلم بلا جدوى – أن أتلف وقتي بالمناقشة حول أكاذيب وافتراءات السادة ، لأن كل إناء يترشح بما فيه ، وكنت قد اطلعت من أوائل الثورة على رغائب هؤلاء الذين هم إخوان حالة الضعف وأعداء حالة القوة . وقد سمعت من افتراءاتهم وبهتانهم على كل من لا يخدم رغائبهم الاستكبارية بالدين وبالناس ، ما لم يبق معه أمل في أن يكون للجواب جدوى . بل جواب كل ذلك الكذب والبهتان والتزوير ، الذي يشغل الأوقات كلها وصحائف الجرائد وأجهزة الإعلام العامة تقريباً ، والذي لوث جو إيران السياسي والخلقي و الاعتقادي بسم الكفر والشرك ، لا هو جائز ولا مقدور .

وأود أن تطمئنوا قبل كل شيء إلى أن كتابة هذه الرسالة ليست دفاعاً عن نفسي خوفاً من الافتضاح الذي أشرتم إليه . لأنه لا يوجد – بحمد الله – في - سابقتي السياسية منذ أن انعم الله عليَّ بنعمة

43

الإسلام ما يفيد أي احترام لطاغوت من الطواغيت إلى ما قبل نهضتكم في 15/3/1342 قبل ثمانية عشر عاماً – ج . من جميع رجال الدين الكبار حتى آية الله البروجردي الذي يقال أنكم تدعونه استاذاً لكم . وكذلك ليس خوفاً على النفس والمال . لأن المسلم لا يكون من الغباوة وعدم الفهم بحيث لا يقبل على التجارة الكثيرة الربح التي دعا إليها قوله تعالى { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } . ولا يليق بنا وقد كنا أخذنا في الطريق المؤدي إلى هذه التجارة في زمن النظام السابق في سبيل الإسلام والمسلمين ، أن هذا النظام إنما قدم بتلك الثورة الرفيعة العظيمة الثمينة ، ولكن عُبّاد السلطة الظافرين بها ضررهم للإسلام والمسلمين ونفس الثورة كذلك أكثر بكثير من النظام السابق . وكذلك أود أن تطمئنوا إلى أن سبب كتابة هذه الرسالة ليس عن بواعث تشكيل الشورى وأهدافها الذي هو مطلب خاص . لأن نظرة عابرة في سابقة أمري في السنوات قبل انتصار الثورة وبعده ، وفي طريق عمل السادة من يوم ظفروا بالسلطة ، تكشف بسهولة عن هذه الحقائق وهي : من الذين يعملون لإثارة الشقاق ويدبرون المؤامرات ويسببون سقوط الثورة ، ومن الذي يسعى لإزالة مظاهر التفرق والتفرقة ويقوم في وجه المؤامرة والمؤامرين الخائنين للثورة ؟ وعلاوة على هذا فإن إلقاء نظرة على قرار الاجتماع الأول المنعقد بشأن تشكيل الشورى يوضح جيداً أنها تسعى من الآن كذلك لإزالة الألوان المختلقة للأثرة والتفرقة بين أجزاء الأمة الإسلامية ولإحياء تلك الوحدة والأخوة التي أوجدناها قبل انتصار الثورة بين الأخوة السنيين والشيعيين ، ولكن – ويا للأسف – أماتها السادة المولعون بالقوة بدستورهم وبأعمالهم . ومن البديهي أن الأثرة والظلم يجتمعان مع الأخوة و الوحدة ، و حين






44


يوجد بين أخوين أثرة ( وبخس ) ، فالتكلم عن الوحدة والخلة ليس إلا أمنية كاذبة أو خداعاً ساذجاً . وهذا هو السبب لقيام أولئك العباد للسلطة الذين يرون بقاء سلطتهم في الفتنة والحرب ، ودعماً لسلطتهم يسرقون ويبذرون كل هذا الاسرف والتبذير في أموال وانفس هذا الشعب ( إذ يرون الأمن والفراغ والوحدة والأخوة بينهم باعثاً لطغيان الشعب وسقوطهم هم ) . هذا هو السبب لمناصبتهم إيانا العداء ومع كل المخلصين للثورة في كل إيران حتى مع علماء الشيعة أيضاً فإنه لسنا نحن فحسب هدف سهام البهتان والافتراء من السادة . انظروا كيف يتهم أخلص المخلصين الخادمين للثورة الذين هم في مقدمة زحفها من الأفراد ذوي العزم الشيعين أيضاً بنفس الأوصاف التي إنما تليق بالمسلطين على رقبة الثورة وأياديهم المعروفين ، لمجرد انهم لا يميلون إلى المدهنة مع المسلطين عليها . وهذا ليس بمستطاع حقاً أن يعرف أن هؤلاء الوارثين للثورة بلا حق ، وكل أولئك المعارضين ، أي فريق منهما هو صادق وأي هو كاذب ؟ وأي هو مخلص للثورة . وهل ليس بمستطاع أن يعرف أن كل هذه الأكاذيب والافتراءات المصاحبة للاستئثار بأجهزة الإعلام ووضع الرقابة عليها والإرهاب والأخذ والأسر ضد أشهر الوجوه المخلصة للثورة ونظام الجمهورية الإسلامية ، لا يمكن أن يكون لها سبب إلا خوف الخائنين من اكتشاف الحقائق وبلوغ وصايا وكلمات الرجال الصادقين إلى آذن الناس ؟

إن الباعث لكتابة هذه الرسالة بعد كل ما قلته وكتبته شيئان اثنان : الأول : إني قد سمعت ممن يوثق بهم أشياء عن معيشتكم الساذجة والبعيدة عن الترف ( ) وعن تقواكم بل وتهجدكم ، وكذلك

45


قد سمعت من أولئك ومنكم أيضاً عبارات كثيرة صريحة أو غير صريحة عن قلقكم العميق من تسلط المستأثرين بالثورة بغير حق عليها . ونحن جميعاً مطلعون على جهودكم ضد نظام الظلم والاستبداد السابق أيضاً طوال سنين . ومن المؤسف وأنتم تتمتعون بهذه الصفات الطيبة أن تدافعوا عن الخائنين وتعلنوا حرباً على المخلصين ( في الرسالة التي كتبتها إليكم قبيل الحرب الأخيرة توضيح كاف في هذا الشأن ) .

والثاني : أن شعب إيران البطل ، ظفر بهذه الثورة وهذا النظام بعد أن دفع الثمن باهظاً ، وأملاً في قيام دولة إسلامية بمعني الكلمة . وعدا عن أمل كان للعالم الإسلامي في هذه الثورة ، فإنه مؤسف جداً أن تكون نتيجة بذل الأنفس من هذا الشعب المؤمن ، اسماً بلا مسمى وشكلاً بلا محتوى .

لهذين السببين كررت الفعل الذي كررته بغير جدوى فيما مضى ، مرة أخرى بهذه الطريقة وإن كان الظاهر أن شروط التكليف { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } قد انعدمت بعد كل ما قد قلته وكتبته ( وكذلك قاله وكتبه الآخرون ) . ومع هذين السببين نكتتان مهمتان أخريان أيضاً توجبان إصراري على إدامة طريقة ( طريقة الدعوة إلى الخير ) .

النكتة الأولى : أن قدر هذه الثورة يبلغ من العلو درجة ، وخطر سلوك الوارثين بغير حق لها يبلغ من العظمة حداً ، يجعلان التوسل بأي عمل يرجى منه ولو أقل رجاء أن يكون ذا تأثير في انقاذ الثورة من شر المستأثرين بها بلا استحقاق واجباً .

النكتة الثانية : أن العواطف الناشة من الاشتباكات والاختلافات المذهبية بين المسلمين بعضهم مع بعض ، كما أنها كانت دائماً في أيدي المستكبرين لبقائهم هم واستضعاف الناس ، فهي الآن أيضاً

46

وسيلة في أيدي هؤلاء المستكبرين المستأثرين بالثورة بغير حق ، يستفيدون منها لتبرير استمرار سلطتهم وتحميلها على الناس . ( قد أشرت قبل هذا في رسالة أخرى أيضاً إلى مقالة الشباب المخدوع ( ) حول برنامج ( تقتيل أهل السنة) الذي هو حلم البائعين للدين القدماء منهم والجدد ( كان أحد الذين يسمونه حراس الثورة قد لقي حين دخولهم كردستان بعض من رآهم حول المساجد وكان قبل ذلك ألقي في قلبه أن كل مسلم فهو شيعي فعلى هذا ظنه شيعياً وقال له نحن جئنا لأخذ ثأر الدماء التي أراقها الأمويون ، المترجم ) وكذلك قد سمعنا من الراديو قول أحد حجج الإسلام بنفس المعنى في تبرير إدامة الحرب مع العراق إلى أن تصدر الثورة إليها وتقوم هناك حكومة شيعية ) .

وعلماً بهذه النية المولعة بإيقاد نار الحرب التي ينطوي عليها ذوو الإثارة الأعداء للناس والتي قد كشفت عنها جيداً – علاوة على ما قد أشرنا إليه إلى الآن من الشواهد – سجل تدوينهم الدستور وأعمالهم طوال هاتين السنتين ، أشعر بواجبي العظيم في الحزم و الاحتياط ، والذي أراه هو الانتقال من مواجهة هذه السلطة باعتبارها دولة إسلامية إلى مواجهتها باعتبارها دولة غير إسلامية ، لأن موقفاً كهذا يعطي السادة الحجة الكاملة في إيقاذ نار الحرب بين الأخوة . وقد رأينا في السنتين الماضيتين وفي كل التاريخ أن الذين يتحملون خسارات هذه الحروب هم عامة الناس ، لا الموقدون لنار الحرب المترفون . وحين يريد أحد الطرفين إيقادها وإبادة أنفس الشعب وأمواله ، يضطر الطرف الآخر إلى أن يكون في جهوده محتاطاً أكثر ما يمكن . وحقاً لولا ذلك لما وجد سبب شرعي لإدامة طريقة ( الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )


47

في مواجهة هذه الحكومة التي تسلط على عمرها مستكبرون مراؤون .

قد تكلمت وكتبت كثيراً قبل هذا بشأن أسباب إيقاد المستأثرين بالثورة نار الحرب ، وكذلك بشأن كون ضرر هؤلاء أكثر من النظام السابق لهذا أكرر مرة أخرى – بدل هذا العمل الذي له قصة لا متناهية – تلك المقولة السابقة وهي : إنني راغب تماماً ومستعد للاشتراك في بحث ومناقشة مباشرة وعلى مرأى من الناس لإثبات كون ماقلته إلى الآن حقاً واثبات أن المستأثرين بالثورة كاذبون وغير مسلمين . وبوجه خاص أؤكد بشدة على شيئين :

الأول : بشأن ( الشورى المركزية للسنة ) وزعمكم أنها مرتبطة بجهات خارجية هنا وهناك ( حقاً أن الكافر يظن الكل على ملته ) .

والثاني : بشأن الدستور ، حتى يظهر أن هذا المعجون لا يتفق ولا مع الفقه الجعفري أيضاً !

فإن كان السادة المستأثرون بالثورة صادقين في أنهم مسلمون وأن دستورهم وأعمالهم إسلامية ، وصادقين في أننا أهل المؤامرة والاغتيال وعملاء البعث والروس والأمريكان ومكبرات صوت النظام البهلوي و … فبديهي أنه لا ينبغي أن يساورهم خوف من المناقشة والمحاسبة . لأن الحق والصدق والصواب لا يغشى أبداً من مواجهة الباطل والانحراف والفساد والذي يفر من المناقشة العلنية على مرأى من الناس وهو حتماً لا يثق بأنه هو على الصواب والحق . فإن خشي هؤلاء من تلك المناقشة { فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين } [ آل عمران / 63 ] … وهب إنهم بالفرار من المناقشة والاستئثار بأجهزة الإعلام ، أخروا افتضاحهم عند الخاصة والعامة أياماً معدودات أخر ، فهذه محاولة غير مجدية لأمرين :


48

أولاً : إن هذا الشعب البطل الذي أظهر حماسه الإيماني في هذه السنين الأخيرة لا أظن أن يكون غير آبه بمصيره . وعلى أي حال – ولو أثيرت الحرب والفتنة لصرف الأنظار عن الحقيقة – سيعرف ماهية أعداء الثورة المسلطين عليها .

وثانياً : قريب جداً يوم الفصل الذي يصرح فيه الخائنون المبهوتون من رؤية أعمالهم قائلين : { ما لهذا الكتاب لا يغدر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها }

وأؤكد مرة أخرى على أنه إن كان السادة يخافون من المناقشة العلنية ، فكلفوهم أنتم بهذا الأمر بما أنكم تتمتعون بقيادة الثورة لكي يظهر لكم ولكل الناس الصدق والكذب والخدعة والخيانة . وحقاً ، إن القضية خطيرة جداً وعدم المبالاة بها هو عين الرضا بسقوط الثورة .

في انتظار اتخاذكم القرار الحاسم .
أحمد مفتي زادة
طهران 3 / 2 / 1360 – 23 / 4/ 1981

وبعد فهل تحسبون يا إخواننا المسلمين أن قائد الثورة بل قائد السلطة فعل ما طلبه منه الأستاذ ؟ لا والله ولا شيئاً تافهاً ! فإن ذلك يفتقر إلى خشية من الله وأين هو منها ؟ وكيف تنفع الذكرى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته ؟ وحقاً ، إن أستاذنا الحبيب قد بلغ من حسن الظن بهؤلاء حداً بعيداً ! إن الرجل تبدل غير الرجل يوم أن أخذ بزمام الحكم ، وهو الذي يدفع أولئك السفاكين المفسدين إلى الأمام ويصر بأنة هو رباهم ، فكيف يستجيب لذلك التحدي ويرضى بافتضاح نفسه ؟ وصدق الله العظيم حيث يقول : { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام .

49

وإذا تولى سعي في الأرض ليفسد فيها و يهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد . وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد } .

ثم إننا ندعوا إخوتنا أن يقفوا عند كل جملة من هذه الرسالة ويمعنوا انظر فيها فإنها تنطوي على حقائق قلما يعلمها الأخوة المسلمون خارج إيران . إن هذه الرسالة قصة إجمالية لقضية أهل السنة في إيران ، وقد تضمنت أسرار إراقة الدماء البريئة في كردستان ، وياليت اخوتنا من سائر البلاد زاروا بلادنا ، ورأوا بأمّ العين تفصيل ذلك المجمل ، وعرفوا ما تريد تصديره إلى العالم تلك الشرذمة الباغية ، لتقشعر جلودهم من قلة الحياء ويسكبوا الدموع على مصائب أخوتهم المسلمين في إيران على أيدي أولئك الذين ليس لهم من المروءة ما يمنعهم بعد كل ذلك من أن يزورا بعض البلاد الإسلامية ويدعوا على رؤوس الأشهاد أن أهل السنة يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها الشيعة بل و يجرؤون على اكثر من ذلك فيقول شيطان منهم بعد رجوعه من سوريا إن رجال الدين ( ) هناك قالوا لنا إنكم انتم تابعوا سنة رسول الله صلى الله علية وسلم أو أشد منا اتباعاً لها ( لا أذكر قوله بالضبط ) ونحن أشد منكم تشيعاً ( أو كما قال ) !! ويا ليت شعري متى يأتي ذلك اليوم الذي يشعر فيه المسلمون بواجبهم نحوه بعضهم البعض ويتذكرون قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ؟ { ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في امرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكفرين } . آمين يا رب العالمين .




50


رسالة زادة لبني صدر :

وفي أواخر فصل الربيع من السنة الماضية أرسل الأستاذ مفتى زادة رسالة إلى بني صدر رئيس الجمهورية آنذاك بالحاح من ثلة من الإخوان المسلمين جاؤوا من خارج إيران وطلبوا منها أن يوضح رأيه حول ما يجرى في كردستان وليرشد الرئيس إلى الطريق لحل معضلاتها . وقدم إليه معها مجموعة من الاقتراحات بشأن إصلاح الدستور . وهانحن نذكر بعض ما جاء في الرسالة أولاً ونترجم المجموعة بعد ذلك بأجمعها إنشاء الله ، فإن فيها طائفة هامة من الأسرار والحقائق يجب إطلاع الاخوة عليها . وسنرى فيهما – وفي كل ما كتبه وقاله الأستاذ مواجهاً به الطاغوت السابق أو اللاحق – كيف يستنكف المؤمن من خفض الرأس أمام قوى البغي والطغيان ولو كانت بعضها لبعض ظهيرة ! ولقد كانت تلبية أهل السنة لزعيمهم المؤمن ضربة قاصمة في ظهر النظام السابق الذي طالما طمع أن يجعل منهم وسيلة لضرب الثورة ومنعها من التقدم . وما أحلها من دعوة وما أروعها من تلبية ! إنهما كانتا تنبثقان من أمل كبير في عودة حكم الله بعد ذلك الفراق الطويل ليظلل مرة أخرى هذه البقعة من أرض الله بظله الظليل وليمتد منها إلى الأقطار المعمورة . ولكن إبليس بدأ شوطاً آخر في الإفساد بإغواء إخوانه المسيطرين على الثورة بغير حق ، فذهبت الآمال لتستقبل القلوب من جديد هموماً ومآسي كانت يسيرة عليها لو لم تكن بأسم الدين ، ولو لم تكن آتية من أيدي أعداء يظهرون بمظهر الأخوة الناصحين ، فإنها لم يخل يوم من أيامها من هم ومأساة .

ذكر له أولاً أنه بعد هجرته من سنندج امتنع بالمرة من الاتصال برجال السلطة وما كان ليتصل من جديد ولا بإرسال هذه الرسالة لولا إلحاح أولئك النفر ووثوق كان له برئيس الجمهورية من أجل ما

51


شاهد من موقفة فيما يسمي بمجلس الخبراء . وحذره من أن يكون كمساوم في سوق الساسة ويظن أن هذا العمل إنما هو لكسب الجاه .

ثم ذكر انه كان يؤكد في أكثر رسالاته وخطاباته إلى بضعة أشهر بعد انتصار الثورة ، على الشيئين :

أحدهما : إن أكثر الحكومات تسير نحو الاستبداد تدريجياً ، فإنها تخطئ وتخطيء ولكن انانيتها لا تدعها تعترف بأخاطئها وتسعى لإصلاح ما أفسدت بل تجعلها تجتهد لإسكات الناس بوسائل مختلفة وينجر الأمر شيئاً فشيئاً إلى سفك دماء المعترضين في طريقها ، كما شاهدناه في كردستان .

والثاني : إن الاستئثار بالسلطة ومحاولة إخضاع الغير لسلطان النفس أكبر باعث للشقاق و التفرقة و أخطره كما تراه اليوم حيث يزداد التحزب والتفرق يوما ً بعد يوم من جراء استئثار هؤلاء بالسلطة . ثم أمل قادة الثورة في صيرورة هذه الثورة عالمية ، وبين كيف ساهم هو أيضاً في دعماها بما أوتي من الامكانيات بآمال كثيرة ، وإن كان يرى أن تحقيقها بعيد لأسباب كثيرة أهمها عدم اجتياز الثورة المرحلة الأولى لأي ثورة إسلامية وهي التوعية والتربية والفردية .

وبعد ذلك ذكّره بما فعله طوال عام وبضعة أشهر قبل وبعد انتصار الثورة جرياً وراء تلك الآمال وذكره بما يلي :

1-نشر عشرات البيانات في المناطق السنية وغيرها ، وأحياناً في بعض البلاد الإسلامية وغيرها البعيدة والقريبة ، لعموم الناس ، ولقادة الثورة وتعريفها لهم بالمنهج الذي عليهم أن يسلكوه .
2-إصدار البيانات إلى كل منطقة من المناطق السنية كان النظام السابق وأياديه يريدون إثارة الفتن الدامية فيها .

52



3-عقد اجتماعات للبحث حول المؤامرات التي يدبرها المثيرون للشقاق المتربصون الفرص المناسبة ، ولإلقاء الأضواء على جوانبها .

4-المناقشات مع علماء الشيعة وشخصياتهم الذين كانوا يزورون كردستان في مسألتين :

أولاً – توجيه قادة الثورة إلى أن الانتصار الحق لهذه الثورة بحاجة إلى زمن طويل وعمل دائب ووضع للبرامج الدقيقة وتنظيم للقوى .
ثانياً : ترسيخ معاني العواطف والأخوة الإسلامية أكثر ما يمكن .

5-الاتصالات المباشرة وغير المباشرة مع قادة الثورة لإطلاعهم على مشاكل الناس وآمالهم في كل المناطق ، وتنبيههم إلى أن المتربصين الفرص يستفيدون من هذه الظروف ضد الثورة الإسلامية . فيجب التصدي لتلك المشاكل برفعها والعمل على تحقيق تلك الآمال .

6-السعي بعد الانتصار لإطلاع المسؤولين على أخطائهم وتفريطهم وعدم تمتعهم بالكفاءة اللازمة ، كي يقوموا بواجباتهم في هذه المجالات .

7-إرسال رسائل إنذارية وباعثة للهمم في بعض الأحيان إذ كنا نرى أن التذكير لا أثر له والانخرافات عمدية مما يسير بالثورة في غير طريقها .
8-وأخيراً فقد كان الوقت يفوت ونحن نجتنب أن نجابهم بما يوهن الثورة وهم على ما هم عليه ، وكانت الثورة تصاب بضربات قاصمة وكان المخالفون للثورة والإسلام يجدون يوماً بعد يوم حججاً عاضدة لهم ، عندئذ رأينا أن التذكير المباشر بدون أن يعلم الناس لا يكفي . فنهضنا للطعن في حرمة هؤلاء المجاهرين بالمعاصي وألقينا خطابات معارضة .
ذكره ( ) بأصول المشاكل والمعضلات القاصمة لظهر الشعب، والتي كان قد بين قبل انتصار الثورة أنها ترجح إلى مظالم ثلاث :


53

1- الظلم القومي .
2- الظلم المذهبي .
3-الظلم الطبقي .

وأضاف أن غير الفرق الإسلامية ما كانوا يستطيعون إيراد هذه الاعتراضات وكان الحياء يمنعهم من ذلك ، وأما الحكومة فقد كانت مع كل هذا بمناًى من الوفاق وقبول الحق ، ومع سهولة المطلب فقد شرحه مرات بالمقابلة وإلقاء الخطابات وإرسال البرقية والتوصية والرسالة دفعاً لأي خطأ في فهمه . وذكر أنه بعد انتشار مسودة الدستور ، نبههم على أنها غير كافية في رفع هذه المظالم وكذلك قبل دعوة مجلس الخبراء للتعاون مع اللجنة السابعة التي عقدة للبحث في المسائل الاقتصادية . قبل دعوتهم رجاء أن يقوم بخدمة للناس في تلك الفترة المصيرية ، وبحث حول كل المسائل والمشكلات لشعب إيران والتي ترجع كلها إلى هذه المظالم الثلاث . وبذل ما في وسعه لأن يكون الدستور موافقاً للقرآن وذلك بأن يكون حاسماً وكافياً بشأن رفع هذه المظالم . وفي إحدى الاجتماعات العامة لكل اللجان شرح آثار هذه المظالم شرحاً أبكى ( ) بعض الحاضرين .

[ وقد نشر مؤسسة ( نشر مساوات ) هذه الرسالة مع المجموعة الاقتراحية بشأن إصلاح الدستور وإضافات وتعليقات هامة ، ومعه حواشي من قبل المؤسسة شرحت فيها بعض آثار حرب كردستان التي هيأت الحكومة المجال لها بتحريض الأحزاب اللادينية هناك عليها كما نقلنا عن الطالقاني الاقرار وا لشهادة بما كان من دور في مسائل كردستان و مآسيها مما أدى إ لى استشهاد عدد


54

كبير جداً من الشباب المؤمن بأيدي سفاكي الفرق المسيطرة على الشعب الكردي المنكوب . وأشار إلى بعض أساليب الاضطهاد والتعذيب والتقتيل التي اتخذها أولئك الشياطين نحو المؤمنين وهي :
1- ربط الأرجل بالحبال وضربها بالأسلاك
2- ربط الأيدي من وراء ووضع المسجون في زاوية من السجن وصب الماء أو النفط تحته ، فعلوا هذا مع عدة منهم الاخ شهاب آروند الذي كان في الثامنة عشرة من عمره في بيت الخلاء إلى أن أحرق النفط ظهره . وقد اعتقل هذا الأخ إحدى عشرة مرة وفي المرة الاخيرة ذهبوا به ولم ندرِ بعد ماذا فعل به كآخرين من المؤمنين .
3- ربط المسجون وضربه في المواضع المختلفة من جسده فإن مات فذلك وإلا استمروا على هذا الحال مدة خمسة عشر يوماً ، من عشرة إلى مائة وخمسين ضربة ، ومن المضطهدين بهذه الطريقة الأخ الشهيد حسن مرادي .
4-يضعون المسجون في الاصطبل ويتركونه إلى أن يموت ، واستشهد بهذه الطريقة الأخ بديع رادفر في الثامنة عشر من عمره.
5-ومن أشد أنواع التعذيب إيراد اللكمات المتوالية الكثيرة على جسد المسجون واستشهد بهذه الطريقة شباب أزكياء منهم الأخ ناصر ريح آوري وهو في العشرين من عمره . ولقد أبدى هذا الشاب المؤمن موقفاً غريباً فلقد جرحوا رجلاه بالسكين ووضعوا الملح في الجرح وجعل الجلادون يضربونه بالأسلاك وهو يقول : أحد ، أحد ، الله أكبر !!! وأخيراً ربطوه وجعلوا يوردون عليه اللكمات إلى أن استشهد . ومن أنواع التعذيب : سلخ جلد الرأس وثقبها وثقب العين بالمثقب وإحراق الأسير حياً – واستشهد بهذه الطريقة الأخوة مهدي شبلي وحميد إيزاد – وتقطيع الأعضاء- واستشهد بهذا الأسلوب الأخوة شهرام نمكي وشهريار نمكي ورحمت نمكي وكانوا أخوة من جهة النسب أيضاً وقلع الأظافر والكي و …] .

55


ثم ذكر علة هجرته من سنندج وبين انه لم يجد أمامه إلا طريقتين : إما أن يبقى هناك ويضطر آخر الأمر لدخول الحرب مع الأحزاب والفرق ( اللادينية ) وفيهم كثر من الذين خدعهم أولئك الشياطين بالوعود الكاذبة ، وذلك ما لم يكن ليرتكبه . إذ الكثيرون منهم كانوا طالبين لحقوقهم المشروعة ولكنهم لم يصيبوا في الأخذ بالوسيلة ، وبعضهم كانوا ينفرون من الإسلام بالمعنى الذي كان بعض رجال الدين العملاء لهذا النظام الطاغي ، والذي قبله يعرضونه على الناس ، والذي لم يكن قط إلا تبرير لاستمرار المستكبرين والمترفين في استكبارهم واترافهم واستضعافهم الشعب المنكوب . ولم يجر أولئك وراء التيارات المضادة للإسلام إلا لأنهم كانوا يحسبون أن الإسلام ليس إلا هذا ويبقى قليل يستحقون المواجهة العنيفة الغليظة ولكنهم بمنجى غالباً من البطش والنكاية ، إذن كيف يرضى من في قلبه إيمان أن يدخل حرباً لا يصاب فيها إلا الذين يجب الدفاع عنهم بدل محاربتهم ؟ فلم يبق إلا الطريق الآخر وهو ترك مسقط الرأس والهجرة إلى الله ، ولو فرض أن تلك الحرب كانت مشروعة لما كنا ندخلها في تلك الحالة أيضاً لأننا لم يكن لدينا قدرة مالية لشراء الأسلحة وتحمل مصارف الحرب إلا باستجداء القوى الطاغية العالمية ، وذلك ما لا يرضى به ذو مروءة فضلاً عن مسلم يخشى الله تعالى .

وفي الختام ذكر محاولة الحكومة لتوحيد الفرق كلها ضد الحركة الإسلامية في كردستان ولإبادتها من أساسها ، وقد شهد الطالقاني وغيره بذلك كما مر .

وبعد ذلك عرض على رئيس الجمهورية أربع مسائل طلب منه انخاذ القرار الحاسم بشأنها إذا كان هناك قدرة على اتخاذ القرار ، فإن ذلك هو الطريق الوحيد لانقاذ الشعب من الدمار والثورة من السقوط :




56

1-إصلاح الدستور بحيث يصبح صريحاً وحاسماً وكافياً في رفع المظالم الثلاث ، بأن يوكل إدارة أمور المناطق إلى مجالس الشورى المحلية حسب موازين الشريعة الإسلامية ، ويزال عن وجه المجتمع مظاهر الاستكبار والاتراف من جانب ، والاستضعاف من جانب آخر ، ويُمحى آثار الاختلافات والتمييزات الظالمة بين أتباع المذاهب . ( ويأتي بعد قليل إن شاء الله مجموعة الاقتراحات بشأن إصلاح الدستور ) .

2-أعطت الحكومة بعض الملاك الاقطاعيين الأسلحة لمواجهة الفرق والأحزاب التي إنما بلغت ذلك الحد بتمهيد الحكومة نفسها لها ، مما أدى إلى ارتكابها ذنباً كبيراً وهو تسليح أولئك الاقطاعيين المستكبرين الذين لم تأخذ أيديهم السلاح حتى رفعوا رؤوسهم منذرين الزارعين وغيرهم من المستضعفين بالنكال والاضطهاد بدل مواجهة الأحزاب المفسدة .

3-كانت الحكومة قد علقت آمالها بالفرق غير الإسلامية وشبه الإسلامية لابادتنا أو لتوهين أمرنا على الأقل ، حتى أننا سمعنا أنها – علاوة على المواساة النقدية وغير النقدية وتمهيد الطريق أمامها للاستفادة من كل الامكانيات الحكومية و … - أعطتها – كما يقال – في أول الأمر أسلحة . ولكنها بعد ما علم أن أولئك لا يجعلون زمام أمرهم في يد الحكومة ولو خدمتها بأكثر من ذلك لأنهم مرتبطون بالقوى الشيطانية الأخرى ، ورجعت عن الاعتماد عليهم ولجأت لأمرين آخرين : الأول / إعطاء الامكانيات والأسلحة لجماعتنا . والثاني : إثارة الفرقة بين جماعات المشايخ ورجال الدين المرتبطين بحزب ( رزكاري ) وبين غيرهم من سائر الفرق المتحالفة معهم ، وتحريضهم للتعاون مع السلطة .
فأما الأمر الأول فكان ينقصه حسن النية وكان يتم غالباً بأسلوب مريب فمثلاً لم تكن لتعطي أي راتب

57


لأفراد يوالون جماعتنا ، الذين كانوا في أيام الثورة يبذلون مساعيهم للدفاع عن الثورة وحراسة البلاد من الفتن ، وكان ذلك قاصراً على حراسها . ولقد صرح أحد المسئولين في اجتماع مع بعض اخواتنا انه ليست الحكومة مستعدة لإعطائكم الأسلحة التي تستطيعون أن تواجهوا وتقابلوا بها الأحزاب اللادينية . وجلي أن هذا يعني بلا شك أن الحكومة كانت تريد إبادتنا بإثارة الحرب بيننا وبينهم ثم تتركنا بلا دعم إلى أن نفنى عن آخرنا .

وأما الشيء الثاني فأرادت منه جعل تلك الحرب حربة في يدها تضرب بها الفرق من جانب وتجعلها عقبة في طريقنا من جانب آخر ، إذ هم ( رجال الدين ) فيستطيعون تضليل الناس باسم الدين كما كانوا يفعلون لصالح الطاغوت السابق . ولكن ذلك الحزب لم يخضع لأرادتنا لأسباب . وشاهِدنا على ما قلنا أمران :

الأول : أن اثنين من رجال الدين من أهل التشيع وهما حجة الإسلام ! الجنتي ! وحجة الإسلام ! الكرماني – وكان الأخير قد قضى أياماً في كردستان قبل انتصار الثورة ويعرف ما بيني وبين أولئك العملاء من رجال الدين – عقد اجتماعاً سرياً مع بعض من أولئك وبشرهم بأنه انتهى أمر فلان . فلا يقوم له بعد هذا قائمة . وقد روى هذا عنهما وأقّر به أحد الحاضرين في الاجتماع .

والثاني : إن وزارة الأوقاف أصدرت إلى دائرة الأوقاف في سنندج أمراً بشأن تعيين بعض من أهل العمامة والعباءة من الذين يتمتعون بحسن الصيت كي تصدر لهم الوزارة ألقاب ( آية الله وحجة الإسلام ) وتكل إليهم أمور كردستان المذهبية .

4-أن كردستان متأخرة جداً من الوجهة العمرانية فعليكم أن تبدأوا بأعمال عمرانية و إقتصادية فيها باستعانة الميزانية المقررة لها وإن كان الواقع أن ذلك المبلغ اقل مما يجب أن ينفق فيها ، وباستعانة


58



الخبراء المحليين… ولنستعرض الآن مجموعة الاقتراحات التي قدمها الأستاذ لرئيس الجمهورية حول اصلاح الدستور :

المجموعة الاقتراحية بشأن إصلاح الدستور :

يقول الأستاذ : وأما في شأن الدستور والاعتراضات الواردة عليه والمعضلات التي فيه ، فالكلام كثير : فما أكثر ما فيه من الإجمال والتعميم والإطلاق غير المفيد التي يجب أن يكون بعيداً عنها أي مجموعة قانونية مدونة ! – في مقابل ذلك – ما أكثر مافية من التكرار بل والحشو المخل والتطويل الممل مما زاد حجم المدون ! وما أكثر ما فيه من النقائض الفنية التي جاءت في ترتيب الفصول و تقسيم المطالب عليها وغيرت موضوعيتها ! و … فأما في أيام تدوين الدستور فإن الاشتغال بالاعتراضات الأساسية والخطيرة جداً ، الذي لم يثمر ثمراً كان يجعلنا نعد البحث حول هذه المسائل وما هو من قبيلها الذي لم يثمر ثمراً كان يجعلنا نعد البحث حول هذه المسائل وما هو من قبيلها تلهياً ومن قبيل الاهتمام بالكماليات .

والآن أيضاً مادامت تلك الاعتراضات الأساسية المنافية لذات الثورة وتقدمها موجودة فإن المناقشة حول الاعتراضات الأخرى ( وإن كانت في نفسها مهمة حقاً ) يكون أيضاً كجدال على لا شيء . ولا يحسن استعراض تلك الاعتراضات إلا إذا أذعن قادة الثورة بخطأهم في ظنهم أن حصيلة جهدهم غير قابل للتغيير إلى الأبد كنظام الكون الخالق ، وإلا إذا دخلوا في صف عباد الله الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، متواضعين خاشعين منشرحي الصدور شأن المؤمنين الصادقين ولو أدى ذلك – فرضاً – إلى تغيير حصيلتهم بالمرة ( وحقاً إن المتمتع بهذا الإيمان صعب جداً).

59


على أي حال فالذي أنا بصدده الآن هو تقديم مقترح يمنح الدستور الأحقية في إزالة المظالم الثلاث القومية والمذهبية والطبقية . وبعد أن دون الدستور وتفرقت المطالب في الفصول والمواد المختلفة ، فتقديم مقترح يحصل ذلك ولا يزيد معضلات الدستور الصورية والمعنوية ولا الحجم الظاهري للعمل كذلك صعب حقاً . لكني مع هذا اجتهد ما أمكن كي يقدم مقترح ينتج المقصود إلى حد ما ولا يلغي هذه المحظورات والمحذورات أيضاً. وهذا المقترح يقدم في ثلاثة فصول :

الفصل الأول: حول إزالة الظلم الطبقي (مادياً كان أو غير مادي):

1- بند (ج) من الفقرة السادسة من المادة الثانية ( وهو هكذا ( إزالة أي لون من الظالمية والمظلومية والقاهرية والمقهورية ) – ج ) يكمل بما يلي : ( إزالة أي لون من الظالمية والمظلومية والقاهرية والمقهورية والاتراف والاستكبار ) أو يختصر هذا البند في إزالة الاتراف والاستكبار . ولهذا الإصلاح أدلة كثيرة منها أن القرآن قد عبر عن كل المظاهر المختلفة للمظالم المادية وغير المادية التي هي موضوع هذا البند بكلمتي ( الاتراف والاستكبار ) الذين تفابلهما كلمة الاستضعاف بمعنى المستضعفية ، لا بعبارات كالظلمية والمظلومية والقهرية والمقهورية . ونعلم أن مدلولي القرآن ( منضبطان ) ومصداقهما أيضاً ظاهر جداً بل ومحسوس وملموس . في حين أن التعبيرات الأخرى ( منها تعبيرات الدستور) لا تتمتع بهذا الانضباط وذلك الوضوح ، بل فوق ذلك فهي مبهمة ومائعة وخيالية جداً وقابلة للتأويل بالمعاني المخالفة للمراد إلى درجة نفيه ، وشبيهة في الواقع بالمجاملات

60



والعبارات العرضية التي تفتقد الجدية التي لاتنشىء التزاماً ولا مسئولية . على نفس إحياء التعبير القرآني خطوة في طريق إحياء الثقافة الإسلامية التي هي حجر الأساس لإيجاد مجتمع توحيدي بمعنى الكلمة . ولولا أن في الأمر تهاوناً أو – لا سمح الله – بعضاً من الملاحظات الاحتياطية ، لما كان هناك داع لتبديل هذين التعبيرين الحاسمين القاطعين للحجة ، بتعبيرات هينة لينة وخطابية ! إذن فليبدل تعبيرات الدستور المختلفة في هذه المقولة أين كانت ، بهذين التعبيرين .

2- ليبدل آخر المادة الثانية والعشرين الذي هو هكذا ( إلا حسب تجويز القانون ) بهذه العبارة : ( إلا حسب اقتضاء موازين الشريعة الإسلامية ) كي يحترز عن احتمال وضع قانون مخالف لموازين الشرعية الإسلامية ، وكذلك يكون فيها إلزام الأجهزة التشريعية بوضع القوانين الموافقة لتلك الموازين كلما تصدت للوضع . وأما الاكتفاء بوجود مجلس المحافظة على الدستور وبمفاد المادة الرابعة في المنع من الاحتمال المذكور فهو خلاف الاحتياط ، على أن ذكر موازين الشريعة الإسلامية مكان القانون أوجه وبالآمال المعلقة بالثورة أوفق . وكذلك الاكتفاء بهذين بأول المادة التاسعة والأربعين في الالزام المذكور غير مناسب . لأن هذين – بفرض تحقق مصداقهما – إنما ينفعان في المانعية ( أي المنع من وضع قانون غير إسلامي ) . وكذلك المادة التاسعة والأربعون وإن كانت متمتعة بالجامعية في شأن الثروات غير المشروعة ولكنها لا تشمل المصالح المرسلة ( وهذا أيضاً من الملاحظات الاحتياطية لصالح المترفين ) .

3- ليصلح صدر المادة الثالثة والأربعين : الذي هو هكذا ( من أجل ضمان الاستقلال الاقتصادي للمجتمع واجتثاث جذور الفقر والحرمان وتوفير كافة متطلبات الإنسان في طريق النمو مع حفظ حريته يقوم اقتصاد جمهورية إيران الإسلامية على أساس القواعد التالية ) بهذه الطريقة :


61

( يقوم اقتصاد جمهورية إيران الإسلامية على أساس الاستقلال الاقتصادي للمجتمع واجتثاث جذور الاتراف و … ! ويجب على الدولة القيام بالأعمال التالية كمبادئ للسير في طريق الوصول إلى الاقتصاد الإسلامي ( لم أجرؤ أن أقول : ( الاقتصاد التوحيدي ) خشية أن يتهمني السادة بالماركسية ! ) وحقاً إن إهمال ذكر هذا الميزان ( الاتراف) والاتيان بكلمات ( كالفقر والحرمان ) الذي يغير مجرى النضال . مع علمنا بأن القرآن يعتبر الاتراف مظهر من مظاهر الاقتصاد الجاهلى ، إما تقليد لمنطق الإقتصاد الطبقى الرأسمالى و الإ شتراكى غافلا ً عن أن الفرق بين الاقتصاد التوحيدي وبينهما شاسع، وإما نوع من التعمية والصرف عن الحقيقة تم بمهارة للمداهنة ، كي يبقى للاتراف ( الذي هو الظهر الملموس لوجود الطبقات وكذلك النتيجة والحصيلة الآتية منه ) ( قيل ) ووجه للتأويل . وإلا فإن القرآن إنما تكلم في أي موضع تصدى لهذا الموضوع عن اجتثاث جذور الاتراف ولم يتكلم ولا مرة واحدة عن اجتثاث الفقر . نعم يمكن أن يلتقي معني هاتين العبارتين في بعض الأحيان إلا انه يمكن في بعض الأحيان أيضاً بتحقيق المعنى العرفي ( لإحتثاث جذور الفقر ) أن يغمض ويسامح بتفضل بالنسبة للمترفين الذين هم الأعداء الرئيسيون للبشر والذين أكثر القرآن من لعنهم ، كما أن بقية هذه المادة نفسها هي مظهر هذه المساحة ( وحقاً ، إنما يستطيع تنفيذ الموازين القرآنية ، الذين ليست معيشتهم بعيدة عن أي لون من ألوان الاتراف فحسب بل يلمسون بضمائرهم تلك النفرة التي يبديها القرآن في وجه المترفين ) . ومشهود وبين بنفسه أن تبديل ( ميزان القرآن الثوري ) اعني اجتثاث جذور الاتراف ، بأي ميزان آخر من موازين الأنظمة الاقتصادية الشرقية والغربية ، يبدل العزم الثوري الحاسم أيضاً … وما أحسن أن يصرح للناس السادة الذين هم أنفسهم من المترفين وليس باستطاعتهم الاقلاع عن الاتراف والعيش الكمالي والمائدة الملونة و … بأنهم يفتقدون الأهلية و

62


الاستطاعة اللازمتين لتنفيذ الموازين الإسلامية ، بدل أن يضحوا بالإسلام ومقاصد الاقتصاد الإسلامي في سبيل تحقيق آمالهم ! كي لا ينفروا الناس من الإسلام ولا يزيدوا على أوزارهم فإنه قريب جداً ذلك اليوم الذي يقول عنه الله تعالى : { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } { وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ؟ في سموم وحميم ، وظل من يحموم ، لا برد ولا كريم .. إنهم كانوا قبل ذلك مترفين … } .

4- ليؤت في المادة الرابعة والأربعين مكان كلمة ( العامة ) في الكلام عن القطاع الحكومي ( من القطاعات الثلاثة التي هي أسس النظام الاقتصادي ) بعبارة ( المشتركة بين القدرة العاملة والشعب حسب اسهام المصنع والعمل في الانتاج ) أو بعبارة شبيهة به تؤدي مفهوم قاعدة الملكية المشتركة – التي تصدق على المصانع وفق أصول الشريعة الإسلامية - . وإن عين في نفس هذه المادة ضابطة للصنائع الثقيلة أيضاً ( وهذا الأمر سهل كذلك ) ، رفع الابهام عن العبارة ( قد قدمت اقتراحاً لمجلس قيادة الثورة في أواخر السنة السابعة والخمسين ( قبل إرسال هذه إلى رئيس الجمهورية بسنة وبضعة أشهر – ج ) بشأن ترميم المصانع تكلمت فيه عن هذه الضابطة ) .

5-ليكتب في المادة التاسعة والأربعين ( وهي هكذا : ( الحكومة مسئولة عن أخذ الثروات الناشئة عن الربا والنصب والرشوة والاختلاس والسرقة والقمار وسوء الاستفادة من الموقوفات وسوء الاستفادة من المقاولات والمعاملات الحكومية وبين الأراضي الموات والمباحات الأصلية و … ) هذه العبارة : ( أو أي نوع من المعاوضات والاستفادات غير الموافقة للموازين الإسلامية منها ) لأنه يمكن أن يستفاد من الأراضي العامة بغير طريق البيع أيضاً .

6- ليُضف في الفصل الرابع مادة بشأن الأراضي المزروعة تحقق بصورة قاطعة مفاد ( الزرع


63


للزارع ) . وتبيد من الأساس الاقطاعية واستغلال الدين الذين يعملون على الأرض تحت أي عنوان . فإن التأكيد الشديد في قاعدة ( الزرع للزارع ) الإسلامية على إعطاء الأصالة للقدرة العاملة وكذلك على منع أي فرد غير العامل – ما عدا المجتمع – من الاشتراك في نتيجة العمل قد فصل الأمر بحيث : لو زرع رجل أرضاً لآخر بعد الاستيلاء عليها غصباً وعدواناً لكانت النتيجة حقاً للزارع ، ولم يكن فيها نصيب لمالك الأرض – وإن كانت ملكيته لها إنما حصلت عن طريق الاحياء التي هي طريق شرعي – ومع هذا فلا أدري بماذا يبرر هذا الموقف المداهن تجاه الاقطاعيين الذين يشاهد من بعض إلى درجة عدم الرضا بمقترح رضا أصفهاني ! ( والمصانع أيضاً – التي هي ملك للمجتمع – في كونها مشتركة بين الشعب والعامل كالأرض من حيث أن المجتمع يشارك العامل في نتيجتها – بحسب الانتاج – وأما إن لم يصل انتاج مصنع من غير تفريط العامل إلى درجة الأغناء ( بمعني إن لم يصل العامل في المعيشة إلى ما فوق المستوى الأوسط لمعيشة المجتمع من الوجهة المادية ) فليس للمجتمع في النتيجة نصيب بل ويجب أحياناً أن يعطي المجتمع العامل ما يجبر به فقره – الذي له مفهوم نسبي ويكون المراد منه ما دون المستوى الأوسط لمعيشة المجتمع كما يجب أن يعامل العامل على الأرض الزراعية نفس المعاملة ) .

الفصل الثاني : حول إزالة الظلم المذهبي :

1- لتصلح المادة الثانية عشرة بالطريف التي اقترحت في ما يسمى بمجلس الخبراء أو يعمل بأي طريق أخرى ( لأن المقصود صحة المعنى ولا حمية بنا للكلمات والعبارات فإنها اعجاب

64


بالنفس) على إزالة أي لون من التمييز من حيث الرسمية والاعتبار بين المذاهب الإسلامية ( وخاصة التسنن والتشيع ) . إن هذه المادة المكتوبة الآن معارضة ولا ريب للأهداف الرئيسية لثورة إيران وللفقرة الخامسة عشر من المادة الثالثة ( وهي : ( توسعة وتحكيم الأخوة الإسلامية والتعاون الجماعي بين كافة الناس ) ) وكذلك معارضة مع المادة الحاية عشرة التي جيء بها كمقدمة وتمهيد وتبرير للمادة التالية . ( والمادة الحدية عشرة هي هذه : ( بحكم الآية الكريمة { إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } فإن المسلمين هم أمة واحدة ، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة سياستها العامة على قاعدة ائتلاف واتحاد الشعوب الإسلامية وأن تواصل جهودها من أجل تحقيق وحدة العالم الإسلامي السياسية والاقتصادية والثقافية – مترجم ) . وحقاً ، إن الإتيان بعبارات كالتي جاءت في تلك الفقرة وتلك المادة ثم إخراج مادة كالمادة الثانية عشرة يوهم أن أكثر السادة قد كان نظرهم فى تدوين الدستور أقرب للمجاملة من نظرهم إلى تدوين سجل جاد تجسم فيه آمال شهداء الإسلام الذين بذلوا دماءهم في سبيل تحقيقها ، أو برنامج جاد لمواصلة السر في الطريق التي اتخذها شعب إيران في ثورتهم !

2- ليصلح صدر المادة الثانية والسبعين ( التي هي هكذا : ( لا يستطيع مجلس الشورى الشعبي أن يسن القوانين المغايرة لقواعد وأحكام المذهب الرسمي للدولة أو الدستور … )) هكذا : ( لا يستطيع مجلس الشورى الشعبي وكذلك مجالس الشورى في اللواءات ( والمناطق ) ( أو لا حق لها في .. أولا يجوز لها ) أن يضع قوانين تنافي القواعد والموازين الإسلامية . )( وذكر ( الدستور ) هنا أو (القوانين ) في المادة الخامسة بعد المائة وفي أمثالهما ) إن لم يكن ( حشواً مخلاً ) ( لايها مها المنافاة ) فهو غير لازم . ولهذا فالأحسن في كل ما هو من القبيل عدم الذكر ) 0 وهذا الايهام أسقط المادة الرابعة التي تقول يجب أن تكون كافة القوانين و … قائمة على أساي الموازين الإسلامية عن درجة الاعتبار اسقاطاً غريباً .



65


3- ليذكر في يمين رئيس الجمهورية ( المادة الحادية والعشرين بعد المائة ) مكان ( المذهب الرسمي ) كلمة ( الإسلام ) .

4- ليصلح آخر المادة الخامسة عشر بعد المائة ( التي هي هكذا: ( يجب أن ينتخب رئيس الجمهورية من بين الرجال المذهبيين والسياسيين الذين تتوفر فيهم الشروط التالية : أن يكون إيراني الأصل ( وإن كان من سلالة يزد جرد فهو أحسن … ! المترجم ) ويحمل الجنسية الإيرانية ، مديراً مدبراً ذا ماض مشرق تتوفر فيه الأمانة والتقوى مؤمناً ومعتقاً بمبادئ الجمهورية الإسلامية والمذهب الرسمي ) ) هكذا : ( مؤمناً ملتزماً بالإسلام وخادماً لجمهورية إيران الإسلامية ) .

الفصل الثالث : حول إزالة الظلم القومي :

1- ليحذف على الأقل من المادة الخامسة عشر قيد ( أدب ) التي بعد كلمة تدريس ، وليضف أيضاً في آخر المادة عبارة هكذا : ( لكن كتب وبرامج المدارس الابتدائية إلى نهاية السنة الثالثة ستكون باللغة المحلية ) . ( والمادة هي هذه : اللغة والخط الرسميان للشعب الإيراني هما الفارسية ويجب أن تكون الوثائق والمكاتبات والمتون الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة وهذا الخط ولكن يسمح الاستفادة من اللغات المحلية والقومية في الصحافة ووسائل الإعلام العامة وكذلك تدريس أدبها في المدارس إلى جنب اللغة الفارسية ) . وجلي أنه إن لم تكن المادة التاسعة عشرة عبارات عرضية ومجاملة فإن بين المادة الخامسة عشرة مع صلاحها أيضاً بالطريق التي أشرنا إليها وبين مفاد

66


تلك المادة بوناً بعيداً بعد . في حين يجب أن يراعى في مجتمع إسلامي مقام المادة التاسعة عشرة بكل جوانبها : ( والمادة في هذه ( أفراد الشعب الإيراني متساوون في الحقوق من أية قومية أو عشيرة كانوا وأن اللون والعنصر واللغة وما شابه ذلك لا تكون سبباً للتفاضل ) ) .

2- ليضف في المادة الرابعة والخمسين بعد ( مجلس الشورى الشعبي ) عبارة هكذا : ( وتنشأ شعب له في كل لواء تكون تحت إشراف ( مجلس شورى اللواء ) مباشرة .

3- ليضف في المادة الخامسة والخمسين بعد ( مجلس الشورى الشعبي ) عبارة هكذا : ( وكل شعبة منه إلى مجلس شورى اللواء وديوان المحاسبة في المركز ) .

4- ليضف في الفصل السادس مادة بشأن مجالس الشورى المحلية بعبارة هكذا : ( سيضع مجلس شورى كل لواء قوانين خاصة بالمنطقة متناسباً مع ظروف وحوائج المنطقة مراعياً في ذلك الموازين الإسلامية سواء ما ذكر منها في الدستور أو في سائر القوانين العامة أو لم يذكر ) .

تكون هذه القوانين رسمية وبالنسبة لتلك المنطقة ، وكل الأجهزة والوحدات القضائية والتنفيذية مكلفة برعايتها وتنفيذها ، وكلها ( ما عدا الجيش ، الذي هو تابع للحكومة المركزية ) مسئولة بين يدي مجلس شورى لوائها مباشرة . ويعين حدود اختيار مجالس الشورى وتكاليفها الموازين الإسلامية

5-لا يوجد إلزام لمجلس الشورى الشعبي تجاه المشروعات التي يقدمها المجالس العليا لشورى اللواءات إلى ذلك المجلس مع أنه يجب أن يكون ملزماً بمصادقتها بقيود منطقية .

67


وكما وضع حدود وقيود بشأن العلاقات والتكاليف التي بين الدولة والمجلس ومجلس محافظة الدستور و … كذلك يجب وضع مقررات بشأن العلاقات التي بين المجالس العليا لشورى اللواءات والمجلس الشعبي .

6- ليضف في المادة الخامسة بعد المائة في صدرها ( قوانين ) و بعد كلمة ( الدولة ) قيد
( العامة ) .

ثم إن مطالب الفصول الثلاثة السابقة وإن لم تكن في نفسها أهم المطالب في أمر إصلاح الدستور بجنب مسائل أخرى ، ولكنها – ولا ريب – من الأعمال الأساسية لإنهاء كثير من الفتن والتنافرات ولرفع قدر هذا الدستور نسبياً إلى درجة يكون مقبولاً للمسلمين في غير إيران أيضاً . وإن إصلاحات في هذه الحدود وإن لم تحقق المفهوم الإسلامي لتساوي الحقوق ( للشعوب والقبائل ) ولكنها تحققه على الأقل إلى درجة يكون اليوم بلوغها أمنية عميقة لكثير من الناس ، أمنية يعبر عنها ( بالحكم الذاتي ) .

وأما بشأن ( الحكم الذاتي ) فيبدو أن الإشارة السريعة إلى مطلبين قد بيناهما أكثر من مرة ضرورية :

1-أن الحرمان من العدل والقسط بالمفهوم الإسلامي صار سبباً لأن تطلب القوميات المسلمة ( بعض حقوقها الشرعية ) فقط تحت عنوان ( الحكم الذاتي ) . وإلا فإن ما تتمتع به القوميات المسلمة في المجتمع الإسلامي هي مساواة كاملة في جميع الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية و … تكون حقيقتها ( لا شكلها الفاقد للمحتوى ) أعلى من أي نوع من أنواع الحكم الذاتي المعروفة في العالم . فنظراً إلى هذه الحقيقة يكون طلب حقوقي في قالب الحكام الذاتي دون شأن قومية مسلمة . لأن هذه الحقوق يعترف بها الإسلام للأقليات الاعتقادية غير المسلمة . فاقتناع الناس بعنوان الحكم الذاتي إنما هو ليأسهم من الوصول إلى حقوق أكثر يتمتعون بها في ظلال الإسلام .

68



2- في هذه الظروف القائمة ليس لدينا وقت كاف وكذلك ليس مطلوباً أن ندخل في الأبحاث الدقيقة ونحاول أن نرشد الناس إلى كون ( المساواة الإسلامية ) أعلى من ( الحكم الذاتي ) ( وحقاً إنما تستطيع تفهيم هذه الحقيقة حكومة إسلامية بمعنى الكلمة تنفذ مبادئ العدل والقسط الحقيقي ) . فالأحسن الآن بدل الجدل على إصلاح صار من أجزاء ثقافة الناس وسيطر على عواطفهم أن تقّره ، ولا يساورن رجال السلطة خوف من إقراره ! فإن الإسلام يقر بأي قالب ثقافي رائج في مكان من الأمكنة ، ولكنه يعطيه محتوى يضمن للناس الحقوق ويوفر لهم السعادة .

هناك إضافة على مطالب الفصول الثلاثة السابقة مطالب أخرى أيضاً بشأن إصلاح الدستور خارجة عن حدود الاقتراحات الضرورية الخاصة بالظروف الراهنة . ولكنها مع هذا ليست من التدقيقات التي لا تأثير أساسياً لها في شؤون المجتمع الشتَّى . فلا يجوز إهمالها . وهذه المطالب هي :

1- ليؤت في الفقرة السابعة من المادة الثالثة ( وهى هذه : (تأمين الحريات السياسية والاجتماعية في حدود القانون ) ) ( وكذلك في أي موضع آخر ) مكان كلمة ( قانون ) بالموازين الإسلامية كي لا يحدث اللغز الذي يتعذر حله والدور الباطل اللذان يحدثان إذا وضعنا هذه الفقرة بجنب آخر المادة التاسعة ( وهو هذا … كما ليس لأي سلطة مسؤولة الحق في سلب الحريات المشروعة حتى لو كان بوضع القوانين والمقررات تحت غطاء الحفاظ على الاستقلال الوطني و … ) .

2- ليضف إلى الأقليات الدينية في المادة الثالثة ( الصابئون ) .

69


وهذا ألاقتراح يذكرنا بحادثة غريبة :
كان أحد الأصدقاء من الممثلين فيما يسمى بمجلس الخبراء يناقش ( فقيهاً ) ( المراد بالفقيه في هذا المطلب المفهوم المحدود الصغير الاصطلاحي ) بشأن هذه المسألة . وكان استدلاله جلياً وقاطعاً ، إذ كان يقول … جاء في القرآن ذكر الصابئين ثلاث مرات مع سائر الأقليات الدينية ، في حين أن الزردشتيين ( المجوس ) لم يأت ذكرهم إلا مرة واحدة . ولكن الآخر ( الفقيه ) كان يرد عليه بكل صراحة أنه : لم يذكر الصابئون في كتب الفقه ، وهذا يعني أن ذكرهم ليس مهماً وإلا لم يكن الفقهاء ليتركوه !!! وأنا كنت أستمع وقلبي يحترق رحمة بذلك الصديق ( الذي كان متمتعاً بعلم الفقه وبعلوم أخر أيضاً ، وحقاً كان في مأزق هو تفهيم ذلك الفقيه : أن القرآن أعلى من كتب الفقه ) وبمخاطبة وجميع الذين يتمتعون بعلم من العلوم فقط ولا يتقنون إلا ذلك العلم ، وكذلك كنت أضحك وأقول في نفسي : ضرر كون الإنسان فقيهاً فقط ! وحقاً ، إن التمتع بجانب من العلوم مع الحرمان من غيره، أضر من الأمية المحضة ولا فرق في ذلك بين أن يكون ذلك العالم فقيهاً أو فيلسوفاً أو رياضياً أو ميكانيكياً أو كيمياوياً أو نحوياً أو … ! إن استدلال ذلك الفقيه ما كان ليتوقف في حد ( من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ) . لأنه كان يسقط القرآن عن الاعتبار بكل جرأة لأجل رأيه ( أعني : رأي مذهبه المتبع هو له ) وما كان يؤوله ( وإننا كثيراً ما رأينا من المواقف الجرئية تجاه القرآن في الكتب المذهبية شراً منن هذا ولكن التصريح بكل الحقائق المريرة التي في المذاهب ليس جائزاً في كل الحالات ) . ويكون هذا النوع من مقابلة القرآن مشمولاً – ولا ريب – للغة المذكورة في { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ، فنبذوه وراء ظهورهم … و … } والشكاية المذكورة في { وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً } .

70


وما أسوأ حظ مجتمع يأخذ بزمام أمره زمرة هذا هو علمهم وتلك هي آثارهم في هذا الزمان الذي يعج بالمعضلات والمسائل المختلفة وخاصة في بلاد العالم الثالث وفي إيران بثرواتها ومواقعيتها الممتازة وبالاستعدادات التي توجد للتحزب إلى مالا يحصى من الحزاب – زمرة هذه رؤيتهم وما أضيقها ! وهذا أسلوب تفكيرهم وما أبعده عن التعمق ! وما اشد مخالفته للإسلام ! وما أبعدنا عن الواقع إن طمعنا في أن يجعل المجتمع إسلامياً زمرة هذه معرفتهم وتقديرهم للقرآن ( التي لا فرق بينها وبين نظرة أعداء الإسلام للقرآن ) !!!

3- توجد في المادة الخامسة عشر بعد المائة هذه العبارة : ( … الرجال المذهبيين والسياسيين ) . كما أن الجميع يستعملونها كل حين ، ويوحون بقولهم هذا فصل المذهب عن السياسة ، ولو كان إعلام هذه الأيثنية مع العلم بالفرق بين الدين والمذهب لما كان هناك بأس لأن الحق أن أكثر الرجال المذهبيين أجنبيون عن السياسة . لكنهم – ويا للأسف – يستعملون كلمة المذهب بمعنى الدين ( كما يرى في المادة الثانية عشرة ، حيث أنهم لم يضعوا بين كلمتي المذهب والجعفري فاصلة ( ، ) وكذلك حين أذاعوا قراءة متن الدستور من الراديو والتلفزيون قرأوا هاتين الكلمتين كمركب وصفي أو مركب إضافي ) ! ( يعني كان ينبغي أن يكتبوا المادة هكذا : ( الدين الرسمي لإيران هو الإسلام ، والمذهب الجعفري الأثنا عشري ) حتى يكون الذهب عطفاً على الدين ويكون الجعفري خبراً عنه ولكنهم كتبوا ( والمذهب الجعفري . فصار عطفاً على الإسلام وصار المعنة أن الدين الرسمي هو شيء يعبر عنه بكل من هاتين الكلمتين أي الإسلام والذهب الجعفري وهذا يعني وحدة الدين والمذهب بل ويحصر الإسلام في الذهب الجعفري !!! المترجم ) وبهذا المعنى لا يصح ذكر المذهب والسياسة ( أو المذهبي والسياسي ) كقسيمين . لأن السياسة ( من سياسة البيت إلى سياسة المدن ) جزء من الدين ليس إلا ، ولا يستحق أحد أن يسمي عالماً دينياً إلا إذا كان سياسياً أيضاً .

71



ولو كان تثبيت مبدأ فصل الدين عن الساسة مقتصراً على هذه المادة التي في الدستور لكان الأمر هيناً ! ولكن – ويا للأسف – لم يتوقف الأمر عند هذا الحد … ومع أن قادة ثورة إيران كانوا مطلعين على خطر السياسة الخائنة القائمة على فصل الدين عن السياسة الحاكمة طوال القرون ، ولأن المراجع لتدوين الدستور وكانت هذ القوانين المدونة الموجودة – لا القرآن – ( ولكنهم حاولوا أن يمزجوا به شيئاً من القرآن ) نرى أن هذه السياسة ( فصل الدين عن الساسة ) مسيطرة على هذا الدستور في كل موضع . ( قبل هذا وحين لم يدون الدستور بعد قد تكلمنا في هذا الأمر وشرحناه شرحاً وافياً ) فمثلاً في المواد المتعلقة ( بولاية الفقيه ) و ( القيادة ) و ( مجلس المحافظة على الدستور ) و … مع انهم قد بذلوا السعي لان يسيطر ويشرف رجال الدين على الأجهزة القضائية والتنفيذية و التشريعية ، لكن الفصل مشهود بوضوح حيث لم يقرر قعود هؤلاء على صلب المناصب الحكومية ومنزلة كل موجوديته فى الاجهزة مشخصة ، كما أن انفصال المراكز التعليمية الدينية عن المدارس الرسمية والجامعات ، وكما أن الملابس الخاصة والألقاب الرسيمة والمرجعية التقليدية والأشراف على … أهم وسيلة وكذلك أخطرها للاعتراف بهذا الفصل ، ولكن – ويا للأسف – لم يهتم أصلاً بهذه المسائل البديهية بسبب اتباع تلك السياسة الحاكمة طوال القرون ! وحقاً لا تستطيع السياسة الإسلامية مادام الحال هكذا أن تسيطر على المجتمع أصلاً ، ولا يكون فارغاً وسعياً عبثاً مادامت هذه المسائل والفواصل قائمة بدون حل ورفع .

1 4- ليؤت بمادة في الفصل المتعلق بالسلطة القضائية مكان المادة التسعين– التي جعلت في الجملة

72


القاضي والمدعي والمدعى عليه واحداً – والمادة الأربعين بعد المائة وكل ما هو متعلق بالشكايات والدعوى مما يكون أحد الطرفين فيه من رجال السلطة . ليؤت بمادة تكل التحقيق في أنواع التهم المحققة والمفروضة لكل ذوي المناصب من القائد إلى نواب المجلس والوزراء و … إلى المحاكم العامة كسائر الناس ، كي تضمن المساواة الإسلامية بين كل أفراد الشعب وفق موازين ( القضاء ) في الإسلام ووحدة الجهاز القضائي كذلك ، ويمنع من التمييز بين الناس وإيجاد التشتت في ا لجهاز القضائي .

5- ليضف في نفس الفصل المتعلق بالسلطة القضائية مادة تؤكد السيطرة على ما عدا الجيش من كل وجه ، لوزارة العدل كما تقتضيه الموازين الإسلامية ، وبذلك يتقوى استقلال السلطة القضائية .

6- قد تضمنت المادة السابعة والستين بعد المائة إلزام القاضي بإصدار الحكم بدون العلم بل وبدون الظن ! نعم إن القاضي ( لا يمكن أن يتذرع بسكوت أو نقص أو إجمال أو تعارض القوانين في عدم النظر في الدعوى وإصدار الحكم فيها ) . ولكن كيف يميز بين أن يكون عدم إصدار الحكم ناشئاً من التذرع وسوء النية وبين أن يكون بدون ذلك ومن أجل عدم التبين ؟ وعلى أي حال ، كيف يلزم القاضي بإصدار الحكم بدون علم ( التصديق بلا تصور ) والحال أن هذا الأمر من أكبر المعاصي ! وأ ن الاعتراف الصادق بالجهل من الأخلاق الإسلامية المهمة ؟ وبهذا نمت المجموعة .

ومن الجهود المتتابعة التي بذلها الأستاذ مفتى زاده لرد الثورة إلى مجرها القويم بعد انحرافها على أيدي المشترين بآيات الله ثمناً قليلاً ، أن قدم قبل تقديم هذه المجموعة إلى بني صدر بثمانية أشهر


73


تقريباً مقترحاً مشتملاً على مادتين ،قدمه إلى السلطة الحاكمة ولكن ما لأولئك وللنصيحة ؟ والمادتان هكذا :

1- إنشاء لجنة من رجال الثورة الإسلامية ذوي الاتجاهات المختلفة لجمع وتأليف الشخصيات والفرق الإسلامية العلمية والسياسية وتنظيم جهودهم ، للأشراف على أعمال الأجهزة المسؤولة والآخذين بزمام الأمور في كل البلاد ، ولبعث مجلس الثورة من سياستها .

2- دعوة جميع الذين قد ابدوا آراءا حول الدستور ( من غير أعضاء الحزب الحاكم ، كي يعقدوا اجتماعا وينتخبوا من بين أنفسهم أفرادا بعدد ممثلي مجلس الخبراء وليتعاون هؤلاء مع الممثلين الموجودين في المجلس في تدوين الدستور .

وللنقل الآن إلى اخوتنا المسلمين نموذجا من البيانات التي كان الأستاذ مفتي زاده يصدرها قبل انتصار الثورة دعما لها ودفاعا عنها وأعلاء لكلمة الله . وسترون فيه مدى الآمال التي كان ينطوي عليها الرجل والتي كانت تدفع به إلى الدخول في غمار المعركة مع الطاغوت مستهينا بالمال والنفس! وكذلك ما كان يملاْ أولئك الشباب الذين لم يكونوا يبالون بالموت في سبيل الله تعالى فكانوا يقومون بنشر تلك البيانات في المدن والقرى ! وبالله قولوا لنا : هل كانت الثورة تنتصر على الطاغوت الذي كثيرا ما حاول أن يتخذ من الاختلاف المذهبي وسيلة لضربها لولا تلكم الجهود من جانب ، وتلبية أهل السنة لنداء زعيمهم من جانب اخر ؟ وفي البيان الثالث الموجه إلى المسيطرين على الشعب بعد الانتصار تشاهدون جانبا من الواقع المر الذي آل إليه الأمر فيما بعد . فيالله لأهل السنة الذين يسامون سوء العذاب على أيدي من ملأوا أرجاء الأرض بدعوى إقامة دولة الإسلام ! وواعجبا من حال المسلمين في سائر البلاد الإسلامية حيث صرفهم حسن الظن بأولئك الخونة من التبين أنساهم ذكر اخوتهم !!

74



البيان الأول

هذا البيان صدر في أواخر فصل الخريف من السنة السابعة والخمسين الهجرية الشمسية ( أي قبل تاريخ كتابة هذه الدراسة بثلاثة سنوات ) وكان موجها لأزهاري الذي الشاه قبل شاهبور بختيار رئيسا اللوزراء :


البيان رقم 37
26 /9/1357

السيد اللواء الركن أزهاري !
ما أشقى شعبا ً يتولى أمره من ليس متمتعا بأدنى أهلية وصلاحية !

كان موضوع البيان السابق انه قد وكل إليكم - جهلا بالسياسة – مسؤولية لعب اكبر دور سياسي ، وغير خافية نتيجة هذا الأمر من البدء ، وتزداد ظهورا يوما بعد يوم ! كان ينتظر في هذه الأيام أن يمنعكم أربابكم من اتخاذ أسلوب الإرهاب والمكر ، إذ هم اختبروا هذه الأساليب مراراً عديدة فى هذه المدة التي قد بلغ الأوج فيها أمر نضال شعب إيران المسلم ضد النظام العميل المعادي للإسلام ، ولكنهم لم يزدادوا إلا قربا ً من الانهيار والسقوط الكامل . ومع هذا فقد اشتد في زمن سيطرتكم الإرهاب والمكر في مجالات شتى وأشكال مختلفة !



75

لقد كان أول مظهر أريتموه الشعب بعد الأيمان المعقدة والتضرعات ، تقتيل المسلمين العزل في اكثر المدن ، ذلك المسعى الذي لا تزالون تبدونه في كل مكان . وقد اتسعت في زمن توليكم الأمور وشملت سائر برامج الحكومة بأسلوب مخجل . منها محاولة البوليس المستمرة في بعض القرى والمدن اكثر من ذي قبل مع أقزام عملاء معروفين ، ليسيروا في الشوارع بصحبة أفراد البوليس المبدلين ثيابهم تحت حماية آخرين منهم مسلحين وليهتفوا بذلك الهتاف المملوء بالعار الباعث للموت ( عاش) ؛ ويخربوا البيوت والدكاكين والمراكز الإرشادية ! ومنها ذهاب عدد من بائعي الوطن الجواسيس وبعض أفراد البوليس المبدلين ثيابهم باناس غافلين لتحديد قطع من أراضي الناس وتقسيمها بينهم ، أو ذهابهم لتقطيع الأراضي العامة التي هي ملك للشعب ولم يسبق أن كانت تحت يد أحد . بالتعاون مع زمرة غير مؤمنين دأبهم العيش عن طريق الاستيلاء على الأراضي بغير استحقاق ثم بيعها للمساكين بأثمان كبيرة ! ومنها اعتداء أولئك الموظفين الخونة على الدكاكين والبيوت ليلا وإحراقها بعد النهب أحيانا ! ومنها تحريضهم بعض التجار الذين لا يخشون الله على رفع الأثمان ليجعلوا الناس ساخطين على مواصلة السير في طريق النضال الذي يستحيل الانصراف عنه . ومنها نشر أيادي النظام الخونة بين الناس اوراقا فيها رؤى مزعومة تنبىء عن سوء مصير المناضلين من أهل سنندج إذا استمروا في مجاهدة الطاغوت ! ومنها إعداد أشرطة حول الجدال المذهبي ثم نشرها تباعا بين الناس ، وكذلك كتابة كلمات السب والإهانة بعظماء الإسلام كسيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنهما على الجدران . ومنها إشاعتهم بين أهل التشيع أن الجند من أهل السنة ! يريدون بذلك المكر أحياء الصراع بين الأمة شان الأعداء السابقين ، ولكن هذه الأمة التي فرقتها خيانة الذين سبقوا قد تنبهت اليوم لهذه الحقيقة وتريد أن تحيي من جديد مصداقية القانون الإلهي المبين في قوله تعالى :
{ وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون } فلا تسمح بما يريدون من ادامة حكمهم الأسود

76


الشيطاني ليالي أخرى معدودة في ظلام الجدال المذهبي بين الأخوة ، إن هذه الأمة المظلومة التي فرقتها ذئاب الاستغلال قد قامت من نومها ولبت أمر ربها : { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } إن هذه الأمة التي كانت قد عانت القوة المطلقة طوال قرون ثم تفرقت بسبب أهواء الحكام الخائنين المفرقين ووقعت في هذه الذلة قد تذكرت مرة أخرى قول إمامها الكريم رسول الله الإسلام صلوات الله وسلامه عليه الذي معناه أنه أقبلت الشقاوة على ………… الجوانب العملية والاجتماعية من الدين وأقاموا …… ولا يرجعون إلى السعادة إلا إذا أقلعوا عن الجدال …… على العمل والاجتهاد فيه . ومن هذا آل … … تركت الجدال المذهبي وأخذت تجاهد ال …… المعدية اللإسلام، ولا يردها بإذن الله إلى ذلك …… وتلك الشقاوة هيانة الجواسي ومكرهم ( ) .

أيها السيد أزهار …… يكفي تجاهل هذه الحقائق البينة ومواصلة عمليات التقتيل والإرهاب والمكر لوصولكم إلى ما تريدون . انتم اليوم تهددون بقطع رواتب المضربين عن العمل ، وفوق ذلك تأمرون الوزراء أن يسلبوهم وظائفهم ، وترجون أن يلبس البرلمان هذا القرار ثوب القانونية !! إن أنتم لا تعرفون قانون العمل ( كما أنكم اعترفتم بأنكم غير عالمين بالسياسة ) فالبرلمان – مع انه آلة طيعة في يد الحكومة – لا يستطيع أن يستسلم إلى هذه الفضيحة ، ويجعل نفسه منبوذاً أكثر مما هو اليوم ، بالمصادقة على قانون يخالف القوانين الدولية للعمل – التي قد قبلتها ووقعت عليها إيران – ويحرم الموظفين من حقهم القانوني في الإضراب ، ولم يتوقف استكباركم عند هذا الحد بل صرتم تهددون رجال الدين القادة أيضاً الذين يدعون الناس إلى الإضراب كأسلوب من أساليب النضال وتنذرونهم بالعواقب السيئة لأعمالهم !


77



وأنا الآن كرد فعل لكل هذه الغفلة و الاستكبار ، أدعوا المسلمين عن طريق هذا البيان أن يضربوا عن العمل يوم الاثنين 27/9/57 إضرابا عاماً ، ليفضح مرة أخرى هذا الأسلوب التهديدي عند الخاصة والعامة ، وتدركون انتم وأربابكم أنه لا يغير مجرى النضال الإسلامي الذي بدأه الشعب الإيراني أية وسيلة وأية سياسة .

وسلام الله الأبدي على سالكي طريق الإسلام الصادقين واللعنة الدائمة على أعداء دين الله .
سنندج
أحمد مفتي زاده
26 /9/57

البيان الثاني
8/11/57 – رقم 62

هذا البيان صدر بعد البيان الأول بشهر ونصف على شكل خطاب لمنطقة ( تربت جام ) الواقعة قرب الحدود الشرقية لإيران ولسائر المناطق تحذيرا للناس من الجري وراء محاولات النظام الملكي لإثارة الصراع بينهم الذي لا يستفيد منه إلا المستكبرون .

{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } مسلمي منطقة تربت جام وسائر المناطق من إيران ، اخوتي أخواني الشيعيين والسنيين.


78



بعد أن أنقذ الله تعالى البشرية من الشقاوة والجهل بإنزال القران ، أمر أن يوكل تصريف جميع الأمور ( التي يؤدي ابداء الرأي فيها من غير المشاورة إلى تفرق الأمة الواحدة – ج ) سواء كانت مما يتعلق بالمجتمع أو بالعلاقات الدولية إلى العلماء بالدين وبالمشاكل الاجتماعية الأمناء الناصحين يتشاورون بينهم فيستنبطون احسن الأراء ليطيعها الناس وتنفذها السلطة التنفيذية ، كما قال تعالى { وامرهم شورى بينهم } وعندما ابتعد المسلمون عن الشورى تفرقوا واختلفوا ، وهذه نتيجة حتمية لأنه إذا يكن حل الأمور وعقدها شورى بين أهلها فلا مناص من أن ينظر كل عالم في الأمور على حدة وكثيرا ما يحدث أن يكون لاحدهم رأي فى أمر من الامور يخالف راى غيره . و طبيعى أن بعض الناس يختار رأى هذا وبعضهم رأي ذاك ، ومن هنا يبدأ التفرق وتحدث المذاهب . وإذا بلغ الأمر هذا الحد تهيأ المجال لمريدي الشر والفتنة ليحاولوا أن يبعدوا الفرق بعضهم من بعض اكثر ما يمكن . وهذا هو ما حصل بالفعل وأدي الأمر إلى أن هذا المجتمع الإسلامي الذي كان أول الأمر مصداق قوله تعالى : { واذكروا إذ انتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس … } ثم بلغ في ضوء هدي القران وقيادة سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أن أطاح بغدد سرطانية كملك إيران والروم ، وصل تدريجيا وخلال أربعة عشر قرنا بسبب التفرق إلى هذا الذي هو مبتلى به اليوم من الذل والهوان : فقد تقطعت أرض الأسلام إربا ً إربا ً و غزت القوى المعادية للإسلام الشرقية والغربية بلاد المسلمين وسلمت زمام الحكم في كل قطعة منها إلى عميل من عملائها . ونحن نرى اليوم – وواحسرتاه – أن هذه المناطق والدول قد بلغت من الهوان حيث أنها قد سلمت منطقة تعد من أعز بقاع العالم الإسلامي بعد مكة والمدينة – القدس وفلسطين – إلى اخبث أعداء الإسلام أعني الصهاينة . وقد سيطرت الماركسية – ولا تزال – على مناطق واسعة

79



وتاريخية من أرض الإسلام كتركمنستان وقوقاز وأذربيجان و … ) والأمبريالية مسيطرة على إيران وغيرها من أكثر هذه القطعات . وهؤلاء الأعداء الثلاثة يقتلون اليوم المسلمين في كل مكان . وقد تنبه المسلمون في بعض الأمكنة كفلسطين وإيران وفيلبين والحبشة وأفغانستان قبل غيرهم ؛ ويريدون أن يخرجوا أعداء الإسلام من هذه الأراضي الإسلامية . أما الأعداء فيلجأون إلى القتل أو شراء العملاء بالمال أو بإصدار البلاغات المليئة بالمكر المثيرة للشقاق بين المسلمين إبقاء لهم في أغلال العبودية والأسر .

أخواني وأخواتي ! إنكم ما نسيتم محاولات حكومة إيران لأبعاد المسلمين عن الإسلام ، ما نسيتم ما كانوا ينشرون في البلاد من البرامج والصور الخليعة عن طريق السينما والمشاهد والإذاعات والتلفزيون والجرائد والمجلات ! إنكم تعملون أن تلك المحاولات إنما كانت لقلع جذور الأخلاق والذاتية الإسلامية من قلوب الأطفال والناشئة ! وما نسيتم أن ( فرح ) ( زوج الشاه ) افتتحت برنامج اشاعة الفحشاء في صور شتى يستحي الإنسان لا من رؤية مثلها بل من استماع حكايتها أيضا وحدث هذا المهرجان العالمي في مدينة شيراز ! وما نسيتم انهم نسخوا تاريخ هجرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم العظيمة ، واحيوا مكانه تاريخ قعود قورش على عرش الملك ! وما نسيتم أن الشاه قال : لا حق لعلماء الدين في التدخل في شؤون البلاد !

أعزائي ، أخواتي ، أولادي ، إنما كانت كل تلك البرامج والجهود لجعل إيران بلدا غير إسلامي بالمرة ، لينهب الأرباب والأجانب وعملاؤهم ثروات البلاد هادئي البال غير خائفين من جهاد الناس ، أعزائي ، إننا استيقظنا بحمد الله وعرفنا نية العدو السيئة وقمنا في وجهه ، ولكن العدو لا يريد أن يتركنا بسهولة و اخطر وسيلة يتوسل بها في هذه المرحلة من نضالنا هي إثارة الجدا ل

80



المذهبي . لأنه يأمن بطش الشعب إذا كان الأخوة مشتغلين بالخصام والجدال ، أعزائي الداعين إلى (لا إله إلا الله ) وخاصة ، يا قادة دين التوحيد والوحدة إن الخصام والجدال بين الفرق الإسلامية هو الذي هبط بنا من سماء العزة إلى أرض المذلة ، حيث يئن كل فرقة من فرقنا المختلفة تحت ضغط واستبداد واحد من أعداء ( لا إله إلا الله ) . ارحموا أنفسكم وارحموا أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي أخذت ترفع رأسها ، إن تفرقنا نتيجة خيانة أو خطأ الذين سبقوا ، فلا تجادلوا أنتم ولا تختصموا على خيانة من سبق . اجعلوا قوتكم التي تستعملونها للجدال بينكم وسيلة لهزم أعداء الإسلام ولتوحيد المسلمين ولتحرير الأراضي الإسلامية .

أعزائي ، إن الإطاحة بالشورى هي التي أوقعتنا في كل هذه الشقاوات والمآسي . إذن ، فلا طريق لإنقاذ هذه الأمة إلا بأن نحيي نظام الحكم المبني على الشورى ، وأنا اليوم أحاول كأحد قادة أهل السنة والجماعة مع الأخوة قادة أهل التشيع لإ نشاء مجلس أعلى إسلامي للشورى ، لنبحث معاً في المسائل التي نختلف فيها واحدة بعد أخرى ونعرضها على الكتاب والسنة ، ونقبل ما هو حق ونرد ما هو باطل .

وإن نوفق نحن في هذا الأمر ، يكن هذا العمل أسوة لجميع المسلمين ، وعندئذ نستطيع أن ننشئ مجلساً للشورى من علماء العالم الإسلامي كله ونرفع هذه الأمة المتفرقة الذليلة مرة أخرى إلى أوج الوحدة والعزة . واعلموا أن من يعمل بأي حجة في الوضع الراهن عملاً يوقف هذا البرنامج المثمر للوحدة عن السير إلى الأمام ، ويهين عقائد ومقدسات أي من الفريقين ، يكون مسؤولاً أمام حاضر هذه الأمة المسكينة ومستقبلها ، وسيقف ناكس الرأس بين يدي ربه . أعزائي ، إننا نعد أنفسنا في هذه المرحلة من الانتصار لننصر الأخوة المسلمين في فلسطين وأفغانستان وفيلبين والحبشة .

81



ولكن موقفكم السلبي تجاه نضالنا سيسد باب الأمل الذي أخذ ينفتح في وجه المسلمين . أعزائي ، ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء ) . إننا نحن جميعاً اليوم قد ابتلينا بطاعة وعبادة أعداء الله بدل طاعة وعبادة الله تعالى . فيجب علينا جميعاً أن نحاول لنخرج من تحت إصر هذا الشرك الخطير . أنشدكم الله ، أن لا تتنازعوا ، ولا نتخدعوا بداعايات العملاء واحذروا من الفتن التي يريدون أن يثيروها { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } .

أرجو أن تسمعوا موعظة أخيكم ، ولا تعلموا عملاً تشفى به هذه الأمة المسكينة أكثر من هذا .

أحمد مفتي زادة
8/11/57



البيان الثالث




هذا البيان صدر بعد البيان الثاني بشهر خط للسلطة الجديدة و تنديد ! بمواقفها المنافية لروح الثورة و إنذارا ً بالقيام في وجهها لو دام ذلك الوضع .
من الثورة إلى الانقلاب العسكري
الفرق بين مصداقية الثورة و مصداقية الانقلاب العسكري نلخصه بعبارة بينّة أن الثورة تغير كل


82

ما ينبغي أن يغير ، و أما الانقلاب العسكري فلا يغير إلا النظام الحاكم إن الشعب الإيراني قام من ابتداء حركته العامة في وجه كل الأسس الفاسدة الاجتماعية و بدل ما بذل من النفوس لإقامة حكومة إسلامية بالأنظمة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية الاسلامية ! لا أن يطيح بنظام الشاه و يؤسس النظام الجمهوري و لو بلقب " الاسلامي " .
صحيح أن الثورة لم تكن ناضجة و كان السبب الأكبر لسقوط النظام مظالمه ، و في حالة كهذه لا تربى القوات المهذبة المستعدة لتصريف الشؤون المختلفة للبلاد بقدر يكفي ( و حين كان السيد حجتي كرماني في سنندج أرسلت هذه الوصية الى الإمام مع نفر من رجال الدين كانوا يذهبون الى النجف لزيارته و كان كرماني حاضرا ً عندنا و أكدت فيها على أنه يجب تعيين كل الأركان اللازمة لتصريف الأمور من الآن ) ؛ و صحيح أنه يمكن أن يتسلم في هذه الحالة بعض التكاليف من يضعف عن أدائها ؛ لكن ما لا يجوز صرف النظر عنه بأي وجه هي الآمال التي كان للناس و التي كانوا يجتهدون في سبيل تحقيقها ببذل أنفسهم .
و أختصر هذه الآمال و الأمنيات في ثلاث عبارات :
1. استواء جميع الشعوب المسلمة الإيرانية في الحقوق القومية و الثقافية والسياسية والاجتماعية .
2. استواء التسنن و التشيع سياسياً وقانونياً .
3. استواء جميع الأفراد في الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية .
وإني بعد زيارتي الأولى ولقائي بالإمام الخميني اتصلت بجميع المعتصمين في وزارة الخارجية بناء ً على دعوتهم إياي من قبل . و في أواخر بحث طويل أشرت أواصل مجاهدتي الى أن تتحقق الآمال الإسلامية تحققا ً كاملا ً .

83


و منذ أيام و أنا غي طهران أفاوض بلا فتور ولاة أمر الحكومة . و لكن _ و يا للأسف _ ليس الأمر أني أرى انبعاثا ًثوريا ً فحسب بل ان نخالات النظام السابق بل و أعرف الوجوه المعادية للثورة يدخلون شيئا ً فشيئا ً بلطائف الحيل في الحظيرة الثورة !! و لا يخفي مصير ثورة تبتلى بأمثال أولئك .
إن الشيء الوحيد الذي لا يمكن جحده هو أن النظام السابق قد أطيح به . و كذلك لا يمكن جحد أن البديل يسمى باسم آخر ! حقا ً إن أصل الحركة كان ثوريا ً من البدء الى النهاية ؛ و لكن إذا دام هذا الوضع لم يكن مولود الثورة شيئا ً غير الانقلاب العسكري !
و أنذر مرة أخرى مجاهدتي ستستمر بفرض وقوع ذلك أيضا ً .
احمد مفتي زادة
و السلام _طهران 7 / 12/ 57

و الآن و قد أشرنا فيما مر إشارة موجزة الى جوانب من الآمال الكبيرة التي كانت قلوب أهل السـنة تنطوي عليها و التي كانـت تدفعهـم الى دخول المعركـة مع الطاغوت جنبا ً الى جنب مع أهل التشيـع ، و إلى مـا آل إليـه الأمر بعد الإطاحـة بالنظام الملكي و سيطرت زمرة العدوة للثـورة عليها ، يجدر بنا أن نلفـت الأنظار الى بعض أفاعيل السلطـة المفسدة التي قد حازت قصب السبـق في ميدان البغي و تدعي بعد كل ذلك أنها هي القائمـة بالقسط و لا نجاة للبشرية في الدارين إلا بأن تقبـل شاكرة مـا تصدرها هي إليها مما تسـميه بالثورة الإسلاميـة و هي في الحقيقـة ثورة على الإسلام ! و يجب التنـبيه على أن تلك الأفاعيل ليسـت متناقضـة مع مـا كان لأهل السـنة مـن آمال فحسب بل متنافيـة تماماً مع مـا كان يبعـث أهل التشـيع للقيام في وجه البغي أيضا ً !


84

و ما كـان أروع ذلك الهتاف المدوي في فضاء طهران " خميني , كاك أحمد , صل على محـمد " إعلامـا ً بانتهاء عهد الشقاق بين الأخوة و تأليف الله بينهم من جديد الذي يتمثل في تآلف القائدين الخميني وأحمد مفتي زاده !! وما أعظم تلك المسيرة التي قام بها عشرات الآلاف من أخوتنا الشيعيين مشيا ً على الأرجل من طهران إلى سنندج اللتين بينهما مسافة أكثر من ستمائة كيلومتر هزا ً للمشاعر أكثر من ذي قبل ودعوة إلى نسيان ذلك العهد الأسـود إلى الأبـد وإدانة لأي تمييز بين الفريقـين سياسيا ً و قانونيا ً !! سقيا ً لتلك الصـدور , ما كان أشد حبـها لله و لرسوله !! و سحقا ًوبعداً للظلمة الخونة لله و رسوله باسم الإسلام !! .. و من أفاعيل هؤلاء الظلمة :
1. منع تدريس التعاليم الدينية على مذهب السنة و الجماعة في المدارس الحكومية في المناطق السنية ، إلا ما يتعلق بالعبادات كالصلاة و الوضوء و ... ! و شبـاب أهل السـنة و أطفالهم مكلفون بتعلم التعاليم الشيعية .
2. منع المعلمين و المعلمات العالمين بالتعاليم الدينية الناصحين الأمناء من تدريس ما يتعلق بالعبادات أيضا ً خوفا ً من أن يعلموا الشباب والاطفال شيئا ً غير ما يرتضونه هم و من ثم فلا يسمح بذلك إلا لمعلم شيعى أو لمن لا يتمتع بالعلم أو بالنصح و الأمانة من أهل السنة أو لشيوعي أو ...!
3. الضغط على المعلمين الواعين الناصحين و من كانوا على شاكلتهم من سائر الموظفين أو نفيهم الى بلاد أهل التشيع أو إخراجهم من الدوائر بتهم ملفقة .
4. محاولـة إغـلاق أبواب المدارس القـرآنية التي لا تحمل ترخيصا ً من الحكومة التي يتولى أمرها شباب مؤمنون يعلـمون الناشئة القـرآن ! وكذلك المكتبات التى يقوم على أمرها أولئك


85

الشباب . و لا يتحرجون في سبيل ذلك عن تلفيق أي تهمة . و قد أصدر من يسمى بحاكم الشرع ! في مدينة سنندج ( عاصمة كردستان ) قبل بضعة عشر شهرا ً حكما ً مبينا ً على إغلاق باب مكتبة مسجد الجامع التي لم تستطع الأحزاب اللادينية حين سيطرتها على كردستان إغلاق بابها .
5. تأسيسهم في المدن التي يسيطرون عليها معاهد دينية ! و مدارس قرآنية ! يولون أمرها من لا يأنف عن العمالة و يشرفون هم أنفسهم عليها لتربية بعض الناشئة كما يريدون هم .
6. بذل ا لجهود لنقل الناس و خاصة الشباب و الأطفال من التسنن الى التشيع بنشر الكتب في كل مكان تصل اليه ايديهم و بالقاء البحوث في المدارس و أجهزة الأعلام وخاصة التلفزيون . من ذلك بحث طويل ألقاه أحد رجال الدين تذاع كل دروسه من التلفزيون . و كان البحث حول عبادة بني اسرائيل العجل فقال فيه بصراحة ان الموحدين في زماننا في ايران هم المتبعون " خط الإمام " و من ليس منهم فهم من عبدة العجل .
7. حرمان من يتمتع بالوعي الإسلامي و الأمانة من شباب أهل السنة من العمل في الدوائر و خاصة دائرة التعليم و التربية وإعلامهم احياناً بأن قبول " ولاية الفقه " لا بد منها لذلك .
8. وضع أهل السنة أمام أمرين لا ثالث لهما : إما أن يقبلوا ولاية الفقيه النائب للمهدي الغائب المنتظر ، (و نظراً الى أن أهل السنة إنما يعتقدون بولاية أهل الحل و العقد فقبول ولاية الفقيه ترك للتسنن بل و انتقال الى التشيع ) . و إما ان ينصبوا أنفسهم أهدافاً لسهام الاتهام بالخيانة و العمالة و ...! و ما أخبثه مكراً ! لقد كان الصفويون غافلين عن مكر كهذا و إلا فما كانوا ليرضوا لبقاء

86

التسنن في ايران فتضطر هذه السلطة الأشد مكراً الى بذل الجهود لإبادة أهله عن بكرة أبيهم إلا أن يقبلوا التشيع .
9. نصبهم بعض العملاء مـن رجال الدين مـن أهل التسنن أئمة لصلاة الجمعة في أكثر المدن السنية و عـدم سماحهم بإقامة الجمعة إلا بطريقة يرضونها هم ، و من ثم ترك الناس في كثير من المدن صلاة الجمعة و إنما يحضرها قلة من الحراس و الموظفين و ... !
10. عـدم إجابتهم لطلبنا منـهم قطعـة أرض في طهران لبنـاء مسجد ومركز ديني لأهل السنـة مع أن في طهران أيضا ً كثيرا ً مـن أهـل التسنن , مع أن أهل التشيع لهم مساجدهم الخاصة في البلاد السنيـة .
11. تقوية سوء الظـن بأهل السنة في الشيعيين بحيـث إن الحراس لما دخلوا كردستان كـان بعضهم يظن قتال أهلها جهادا ً و " أخذا ً لـثأر الدماء التي أراقها بنو أمية " حسب تعبير ذلك البعض .
12. نشر كتـب حـول أن مـن لم يؤمن بوجود المهـدي المنتظر الغائب فهـو جاهلي .
13. اقتضاء نـص الدستور على مساواة أهل السنـة و اليهود والنصارى و الزردشتيـين في الحقوق .
14. التميز بـين السني والشيعي مـن اللاجئين الى إيران مـن البلاد المجاورة الى حـد أن بعض اللاجئين مـن أهل السنـة لا تعطيهم الحكومة ريالا ً واحدا ً .
15. عدم السمـاح لأهل السنـة بالاستفادة من أجهزة الإعلام لنـشر تعاليمهم الدينية إلا كما يردون هم , في حـين يذاع مــن التلفزيون البرامـج الدينيـة للأقليـات التي لا تديـن بالإسلام .

87


16. حرمان أهل السنة من إنشاء العلاقات الثقافية مع المراكز العلمية الدينية خارج إيران .
17. اقتحام الحراس بيت الأستاذ مفتي زاده في مدينة كرما نشاه بعد أن هاجر إليها من سنندج ونهب كتبه ومخطوطاته واعتقال بعض تلاميذه لا لشيء إلا لأنه زعيم أهل السنـة .
18. إعتقال كثير من الشباب الذين كانت تكاليف دعم الثورة قبل انتصارهم على الطاغوت السابق على عواتقهم بقيامهم بتوعية الناس ونشر البيانات التي كان الأستاذ مفتي زاده يصدرها . ومن لم يعتقل منهم فهو مهدد بالاعتقال والاضطهاد والإعدام إذا قام أي عمل لا يرضونه هم ولو كان تعليم القرآن .
19. اضطرار كثير من الناس إلى إلصاق صورة الخميني بجدار بيته أو دكانه أو غير ذلك خوفاً من اتهامه بالعداوة للإسلام و البطش به.
20. الذهاب بفرقة بعد أخرى من الناشئة إلى البلاد الشيعية لزيارة الخميني و الأماكن المقدسة عند الشيعيين والسعي لترسيخ عقائد الشيعة في قلوبهم
21. سب و إهانة عظماء الإسـلام السابقين و خاصة المهاجرين و الأنصار و بوجه أخـص العشرة المبشـرين بالجنة في أجـهزة الإعـلام العـامة أكثـر مـن الطاغوت السـابق بعشـرات المرات !!!
22. نشر الكتب المليئة بالسب و إهانة و التكفير لأصحــاب رسـول الله صلى الله عليه وسلم سواء ما كتـب منها طـوال القرون الماضية الى ابتداء الثورة و من جملتها " كشف الأسـرار " للخميني نفسه الذي فيه من السـب و الإهـانة ما لا يصـدر إلا من مثله ، أو ما

88


كتب بعد الانتصار . و من الكتب الجديدة الانتشار كتاب باسم " منافق و منافقين " أي النفاق و المنافقون لمن سمى نفسه " ع _ هاشمي " صدر من مطبعة " بيام آزادي " و طبع منه في الطبعة الأولى خمسة آلاف نسخة في أواخر فصل الصيف من السنة الماضية .
يقول المؤلف في المقدمة : و شاء الله أن يعرف المنافق .... و كان إعداد هذا الكتاب قد تم قبل سنة و نصف من الآن ، و لكن لم يكن بإمكاننا نشره في ذلك الحين نظرا ً الى استبداد النظام و إلقاءه الرقابة الشديدة على المؤلفات و .... و يقول في الصفحة الثالثة : الإهداء الى إمام الأمة قائد الأمة الإسلامية في زماننا !!!!
و على ظاهر جلد الكتاب صور ثلاثة من الوجوه المنافقة الرائدة في النفاق و يعني بها سادتنا أبا بكر الصديق و عمر الفاروق و عثمان ذي النورين رضي الله عنهم كما يتضح مما يأتي . و يذكر في الصفحة السابعة طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام و في الثالثة و التسعين أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم في عداد قادة المنافقين . و في الصفحة الرابعة و التسعين يذكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أمر برفع نعش طلحة من الأرض بعد ما قتل ثم قال : ويل لك لقد كان لك سبق في الإسلام و لكن لم تحتفظ به و غرك الشيطان و أسرع بك إلى جهنم !!!!
و في الصفحة الرابعة و السبعين يذكر تحت عنوان " الفرق المخالفة " أن المنافقين في المدينة كانوا فرقتين : فرقة بين المسلمين و فرقة بين اليهود . و يذكر من الفرقة الأولى عبد الله بن عمرو بن العاص ؟؟؟؟ ثم يقول : كان من هذه الفرقة زمرة غصبوا مقام الخلافة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه و سلم _ ج ) و سلطوا ذوي قرباهم و غيرهم من مشاهير المنافقين كعمرو بن العـاص على أنفس و أموال الناس !!!

89


و يبدأ الصفـحتين الثامنة و الستين و التاسـعة و الستين بهذا العنـوان " وجوه المنافقين في عصر النبي " (صلى الله عليه و سلم _ ج ) ثم يقول : كان المنافقون مختفين في حياة النبي ( صلى الله عليه و سلم _ ج ) لعدم تمكنهم من الأعمال المعادية للإسلام ....

و خاصة بعد هدم مسجد الضرار . و لكن المجال تهيأ لهم بعد وفاة النبي (صلى الله عليه و سلم _ ج ) فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة و أنشأوا مجلسا ً للشورى مصطنعا ً مجلسا لم يكن بإمكان الوجوه المسلمة الأصلية الدخول فيه لان مجلسا ً ً يكون المجتمعون فيه عبد الرحمن بن عوف و عمر بن الخطاب و أبا بكر بن أبي قحافة و عثمان بن عفان لا يستطيع أن يشرك في اجتماعاته علي و أبو ذر و سلمان و عمار .... وكل ما نحن فيه اليوم من الشقاء من ذلك اليوم _ يوم الاثنين نشأ _ .

ثم يقول : وبعد موت أول وجه من الوجوه المنافقة أخذ بزمام الحـكم المنافق الثانى الغاصب و .... ثم يقول : و بعد موت الخليفة الثانى أخذ بزمام الحكم عثمان . و هو كان منافقا ً أحمق ، لأنه لم يستطع ستر نفاقه و ... و في الصفحة السابعة و التسعين يقول : يكفي لمن يدعون التشيع هذا الذي ذكر ليفتحوا عيونهم و لا ينخدعوا بنفاق المنافقين ، و لتكن أبصارهم حادة و لا يكتفوا برؤية الظاهر ، لأن المجتمع الشيعي اليوم مبتلى بهذين الداءين ( المنافقين الأذكياء و المنافقين الحمقى ) ابتلاء ً شديدا ً.
23. تقتيل الأبرياء و تشريدهم . من ذلك ما أقامه خلخالي من المجازر في مدن كردستان ، و كذلك تقتيل الرجال في قرية من قرى خرا سان ، و مما قام به الحراس قتل و ذبح سبعة عشر رجلا ً في إحدى مناطق كردستان تسمى جوانرود , و غير ذلك مما يطول ذكره .

90


نعم يا اخوتنا المسلمين هذه نماذج مما أتى و يأتي على أهل السنة في ايران من المآسي و البلايا ، و لا يكتفي ( الإمام ) !! الخميني و أعوانه بذلك بل و يحاولون بكل ما أوتوا من الإمكانيات تصديره إليكم أيضا ً ، وقاكم الله شر ذلك و نجاكم من سوء أعمالهم.


و في ختام هذه الفقرة ننقل لكم ثلاث جمل سمعناها من الخميني نفسه حين اجتمع به في داره في مدينة قم عشرات من ذوي الفكر و الرأي من أهل السنة و على رأسهم الأستاذ مفتي زادة زعيم أهل السنة و مولوي عبد العزيز ( ) زعيم بلوجستان لاقناعه بتغيير المادة الثانية عشرة من الدستور التي

92

صودق عليها بيوم أو يومين قبل ذلك الاجتماع والتي ساوت بين أهل السنة والأقليات غير المسلمة في الحقوق . فبعدما كلمه الأستاذ في ذلك بكلام طويل مصرحا ًله بأن هذه الحكومة ليست جمهورية إسلامية بل هي جمهورية جعفرية و .. , أجاب الخميني بأشياء عجيبة أحفظ منها ثلاث جمل لها قيمتها في تعريف اخوتنا المسلمين بما ينطوي عليه الرجل من التصورات والأفكار ! وهي كما يلي :

93

1- أنا حينمـا استدللت على بطلان النظام السابـق في "بهشـت زهرا " عقب رجوعي من " فرنسا " إنما استدللت بالقانون لا بالشريعة !!! ( قال هذا حينما طلب منه الأستاذ أن يُلزم " مجلس الخبراء " !! بجعل الشريعة ميزانا ً في تدوين الدستور ) .

2. إن مجلس الخبراء يعمل على أساس الديموقراطية و لا اعتراض عليه !! ( قال هذا بكل اعتزاز نابذا ً وراء ظهره قوله تعالى : (( قل لا يستوي الخبيث و الطيب و لو أعجبك كثرة الخبيث )) الذي يبين أن أكثرية الآراء لا يجعل الباطل حقا ًً ) .

3. إن الدستور السابق كان حسنا ً و لكن الشاه نفسه كان شرا ً حيث لم يكن يعمل به !! ( و ليتأمل الأخوة فإن هذه القولة فيها عجائب ) نعم هذا هو الخميني الذي قال عنه فخر الدين حجازي أحد ممثلي أهل طهران في المجلس الشعبي في خطاب ألقاه في مدينة "كرمانشاه " : إنه أفضل من غير أولي العزم من الأنبياء ( صلوات الله و سلامه عليهم ) ... (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ، ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد )) .


96

بيانات مكتب قرآن
حول إجراءات الحكومة



بيان 1

(( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )) .
أيها المسلمون : اعلموا أن عبدة السلطان الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة يعيشون في فزع دائم من صيحة الحق العالية , والجهاد من أجل تبليغ رسالة الله الواحد القهار , ومن نداء القرآن الذي يحيي القلوب . وتتقطع قلوبهم فرقا ً عندما يرون المسلمين وقد ازدادوا معرفة بدينهم ,ووعيا ً وبصيرة بما فرضه الله عليهم .

إ ن أصحاب البغي والطغيان إنـما يجترئـون على الفساد والمكر والخداع , وإهلاك الحرب والنسـل , في غيبـة صيحـة الحق , وهداية البصير , وقيادة أهل الرشد ... وما هو إلا أن يشرق النور , فتتواري الظلمـة و تنكشف الغمة . والقلوب العامرة بالإيمان لا يصرفها شيء عن اجتناب الطاغوت وكرهـه .
إن الحق في بناء النفوس أصيل ((فطـرة الله التي فطر الناس عليها ))وهذه حقيقة قرآنيـة يعيشها من

97

يعيش في ظـلال القرآن لتبليغ دين الله بتعليم القرآن في المدارس القرآنية والساجد , وحمل الناس على تأييد الثورة في السنوات التي سبقت انتصارها , وبعد انتصارها متحملين في ذلك المشاق وضغوط أعداء الدين على مختلف أصنافهم .
نعم !! هكذا يواجه أصحاب السلطان الذين يدعون بأنهم يحكمون شرع الله المعلمين والتلامذة الخادمين لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم !!
فيا أيها القائمون على الأمور , الذين يزعمون بأنهم ملتزمون بالدستور الذي وضعوه : هل شهر أهل السنة في وجوهكم السلاح ؟!
_ وهل هذا هو الاحترام الذي أثبتموه للمذاهب في الدستور ؟!
_وهل هذه هي حرية الاعتقاد التي وعدتم بأنكم ستدافعون عنها ؟!
حقا ً لا نتوقع غير هذا من الذين (( يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم )) .
وأنتم يا إخواننا الذين جاهدتم مع إخوانكم الشهداء الذين زينوا محارب المساجد والجبال بدمائهم الزكية , لإقرار حكم الله في الأرض ... اجعلوا من السجن مدرسة لتعليم كتاب الله , امتثالا ً لأمر ربكم : (( فاصدع بما تؤمر )) , و أقيموا الصلاة صفا ً كأنكم بنيان مرصوص ، لتبينوا لهم أنهم لا يعادونكم و تاريخ البشرية شاهد عدل على أن المترفين و المستكبرين إنما نالوا ما نالوا بالمكر و الخداع و الإغراء ، و الظهور بمظهر الراشدين الناصحين المصلحين : (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم و أشد قوة و آثارا ً في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون )).
نعم أيها المسلمين الغيارى !! لقد داهم البارحة ] ليلة 28 من شهر شوال [ ، في جوف الليل _ كدأب كل متكبر جبار ، في الاستعانة بظلام الليل على ما يقترفه من جنايات و خيانات _ زبانية السلطة بيوت عشرات من المسلمين في مدينة " سنندج " بعد أن اعتقلوا عددا ً من المعلمين

98


و التلامذة التابعين لـ " مكتب القرآن " في " كرمانشاه ، و كامياران ، و بوكان " . و من جملة البيوت التي هجموا عليها ، بيت الأخ الأستاذ مفتي زاده ، الذي يسكنه الآن حاكم الشرع الشعبي لمدينة سنندج أميني ، و الذي نهبوا منه جميع المسجلات و المكتوبات و خاتم محكمة الشرع ، و كثيرا ً من الكتب الموجودة هناك و بعض الأثاث .
و من الذين يفعلون بهم هذه الأفاعيل ؟! إنهم المسلمون الملتزمون الذين جاهدوا بكل قواهم و إنما يعادون الله العلي العزيز ، و رسوله الكريم ، و خلفاءه و صحابته المكرمين صلى الله عليه و سلم و عليهم أجمعين .
أيها المسلمون !! إن الهجوم على البيوت في جوف الليل و نهبها ، و ترويع النساء و الأطفال هي ردهم الوحيد على الدعوات المتكررة للمناظرة و المباهلة التي دعاهم إليها الأستاذ مفتي زادة وفق الشروط التي وردت في بيانه الأخير :
و في الختام نعلن نحن أهل السنة _ مكتب قرآن _ بصراحة و شجاعة كاملة لجميع المسلمين أننا لم و لن نهاب هذه السياسة الباغية الماكرة ، و سنواجه كل أنواع الأذى و الاضطهاد ، و لن نتوقف عن واجب تبليغ كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ، و نسأل الله تعالى أن يثبت أقدامنا : (( ربنا عليك توكلنا و إليك أنبنا و إليك المصير )) .
سنندج _ مكتب قرآن : 28 / 10 / 1402 هـ

99


بيان 2

(( و يقولون آمنا بالله و بالرسول و أطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك و ما أولئك بالمؤمنين ، و إذا دعوا الى الله و رسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون )) .

إن مسؤولي الحكومة يخططون لإجراءات أخرى غير الاعتقالات التي شملت أكثر مدن كردستان ، و من أجل هذا يروجون الإشاعات ، و يستغلون الأحداث .لذا فإن مكتب قرآن يعلن موقفه مما يشاع ، و التزاما ً منه بقوله تعالى : ((و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )) و قوله : (( فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعملوا أن الله عز حكيم )) و قوله : (( ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة )) و نسأله تعالى أن يجعل نوايانا و أحوالنا و أقوالنا و أعمالنا خالصة لوجـهه الكريم .
و يجب أن نبين في البداية أن الرسول الأمين الذي أرسله الله رحمة للعالمين مر في مجاهدته أعداء الله طوال عشرين عاما ً بمراحل قد أوضحت للمسلمين استراتيجية الحركة الإسلامية .كان صلى الله عليه و سلم في مكة يقوم بتبليغ ما أنزل إليه من ربه ، و كان يواجه الاضطهاد و الأذى بالبيان ، و إنذار المشركين و تبشير المؤمنين ، و قد كان يمر بآل ياسر رضي الله عنهم و هم يعذبون فما يزيد إلا أن يبتسم في وجوههم و يبشرهم بما وعدهم به ربهم قائلا ً :" يا آل ياسر اصبروا فإن موعدكم الجنة " .
و ليعلم الذين يريدون أن يضطرونا الى الاشتباك المسلح معهم بطريقة أو بأخرى أنهم

100


كمن يحاول الاصطياد في عرين الأسد ، فإننا اليوم في لمرحلة الأولى من مراحل الجهاد ، أي تعلم الكتاب و تبليغه للناس ، و إنا لا نحيد لحظة عن الصراط المستقيم و اتباع الكتاب و السنة ، و جوابنا على الأنباء المختلفة و الإشاعات الكاذبة نحدده في النقاط التالية :
1- يشاع في هذه الأيام أن أتباع " مكتب قرآن " في مدن كردستان قد أخذوا السلاح ، و مصدر هذه الإشاعة ليس مجهولا ً عندنا ، و قد تمنى المسؤولون من حرس الثورة و غيرهم ذلك و طالما قالوا لإخواننا و أخواتنا : " ليتكم شهرتم السلاح في وجهنا " .
وقد ساعد على إشاعة هذا الإفك آخرون عن غفلة منهم أو ربما كانت لهم أهداف أخرى ، و موقفنا أعلنه الأخ مفتي زادة في رسالته الأخيرة و لا زلنا متمسكين به و هو أوضح من الشمس في رابعة النهار ، فالجهاد المسلح لا نعتبره واجبا ً علينا في هذه المرحلة ، و نرفض ذلك رفضا ًباتا ً.
2- كشر حراس الثورة الإسلامية في مدينة " سنندج " عن أنيابهم , فبعد اعتقال المسلمين ونهب أموالهم من بيوتهم أصدروا بيانا ً في غرة ذي القعدة جاء فيه أن أتباع " مكتب قرآن " و الأحزاب العلمانية سوا بسواء .. ويا للعجب كيف يحكمون على المسلمين الذين خاضوا معارك مع هذه الأحزاب الجاهلية , وقدموا فيها عشرات الشهداء بأنهم وإياهم سواء ؟! .
ثم يتوعدون المسلمين المجاهد ين بالهلاك و الموت !! ، ألا فليعلموا بأنهم في هذا التهديد و الوعيد كمن رجع بخفي حنين ، فهؤلاء الذين يتوعدون نالهم الكثير ، قبل قيام الثورة و بعدها فما وهنوا و لا استكانوا .
أيها السادة : هل البندقية هي جوابكم الوحيد على مطالبنا العادلة التي تقدمنا بها ؟! أم كيف تجمعون بين ادعائكم الإيمان بالله و اليوم الآخر و هذه الاتهامات الباطلة ؟ ألا تسمعون صيحة القرآن :

101


(( ويل لكل أفاك أثيم )) ، ألا تتعظون بقوله تعالى : (( و في الآخرة عذاب شديد و مغفرة من الله و رضوان ، و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )) ؟!
3- لم يقف " المركز الإسلامي الكبير " مكتوف الأيدي ، بل أخذ _ كدأب كل مفتر كذاب _ في إعداد الاتهامات و الافتراءات التي سيقذف بها الأخ الداعية مفتي زادة ، و يعرف شعب ايران و لا سيما شعب كردستان جهاده ضد نظام الشاه و التزامه بالكتاب و السنة .
و قال القائمون على هذا المركز بأن الأخ مفتي زادة منافق و عميل للأجانب .. وردنا على ذلك دعوة هؤلاء العلماء أن يتدبروا كتاب الله تعالى ، و يتذكروا قوله عز و جل : (( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا و رأوا العذاب و تقطعت بهم الأسباب )) ، و ليحذر من هذا النذير الذي يزلزل القلوب : (( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب و يشترون به ثمنا ً قليلا ً أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ، و لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم )) .
و يضاف الى ذلك كله أن هناك همسات و تحركات غريبة تدل على أن الظلمة يستعدون لفرض قيادة دينية و عالم ديني _ كما كان الماضي _ على شعب كردستان المحروم ، إمعانا ً في ازدراء أهل السنة و استغلالهم من أجل تحقيق أهداف غير مشروعة ، و ليعلموا أن الله لهم بالمرصاد (( ومكروا و مكر الله و الله خير الماكرين )) .
4- أشاعوا بأن أتباع " مكتب القرآن " قد شكلوا جبهة مع الأحزاب العلمانية و أن هذه الجبهة أخذت تستخدم السلاح ضد الحكومة . و نحن نقول : إن أساس اتحاد أية فرقة أو حزب ضد الآخر هو التصور و العقيدة ، وهذا يعني استحالة اتفاقنا مع الأحزاب العلمانية .


102


5- قامت السلطة باعتقال أفراد لا يمتون بأية صلة إلى مكتب قرآن ، و الهدف من وراء ذلك خدمة الإشاعات التي يروجونها ، و حرصهم على تلويث سمعة المنتسبين الى مكتب قرآن .
لعلنا فيما ذكرناه نكون قد كشفنا أبعاد المؤامرة و المتآمرين ، و معاذ الله أن تكون هذه الدسائس سببا ً للخروج على قيم الثورة : (( و لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا ، اعدلوا ، هو أقرب للتقوى )) . و نرجو أن نكون اليوم أشد دفاعا ً عن الثورة _ التي يزداد ظلمها لنا يوما ً بعد يوم _ منا فيما مضى .
و إليكم أيها الحراس !! الذين لا يألون جهدا ً في الدفاع عن الثورة ... أيها الأصدقاء الذين يبذلون دماءهم هنا و هناك ... يا أبناء الثورة ... فكروا ... انظروا من الذين يستغلون مشاعركم الحارة الطيبة ؟!
هل بذلتم و تبذلون الدماء ليداس القرآن الكريم بأقدام حراس الثورة أنفسهم ؟ .. هل كانت تضحياتكم من أجل أن يجلد المصلي جلدا ً يفقده الوعي فلا يفيق إلا بعد ساعات ؟ ]إشارة الى ما حدث في مدينة كامياران و قد أعلن تفصيل ذلك في بيان أصدره مكتب قرآن _ فرع كامياران _ [.
أيها الأصدقاء : إن جريمتنا التي ارتكبناها مطالبة السلطة باحترام جميع المذاهب ، و تحكيم كتاب الله فيما لا بد أن يقع بيننا من خلافات استجابة لقوله تعالى (( و ما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله )) فكيف يجوز التردد في ذلك و إهماله ، وأنتم تعلمون أن كتاب الله قد تعهد سبحانه و تعالى بحفظه من التغيير و التبديل و التحريف .

103


أيها الأصدقاء : إن الحرب بين أتباع المذاهب أعمق الحروب جذورا ً ، و قد أشرنا إلى ذلك مرارا ً حذراً من الوقوع فيه .. فحذار أن نبوء بآثام الذين يأتون من بعدنا و لنؤد بدل ذلك واجبنا من أجل إحياء القيم التي من أجلها كانت الثورة ، و لنفضح سوية المستأثرين بالثورة الذين اعتدوا علينا و تجاوزوا حدود الله .
و في الختام : ندعو المسلمين جميعا ً أن يعرفوا حقيقة الموقف الذي اتخذناه إزاء إجراءات الحكومة ، و ليعلم الجميع أن الأخ مفتي زادة و مكتب قرآن قد دعوا القائمين على الأمور الذي يزعمون أنهم ينشدون الحق ، و أنهم وحدهم الذين ينصرون دين الله ...
لقد دعاهم الأخ زادة لفض النزاع بأي طريقة يشاءون ، و عرض عليهم المناظرة من خلال " التلفاز " و الناس يحكمون ، أو المناظرة أمام أية جماعة منهم ... و أخيرا ً دعاهم الى المباهلة ... و اسألوا أيها الناس رجال السلطة إن لم تكن هناك مؤامرة معدة فلماذا يخشون من المناظرة أو المباهلة ؟ ... و هل اعتقال و اضطهاد لأبرياء المسلمين هو جوابهم الوحيد على كل ما طلبناه منهم ؟ ... إن لنا وقفة مع هؤلاء (( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ً و الأمر يومئذ لله )) .
و السلام على من استمع القول فاتبع أحسنه .
سنندج _ مكتب قرآن : 4 / 11 / 1402هـ
بيان 3

(( ولا تقف ما ليس لك به علم ، إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ً)) . أيها المسلمون في كردستان :

104


صدر باسم هيئة رجال الدين في كردستان _ يوم الثلاثاء 4 / 11/ 1402 _ بيانا ً نقلته الإذاعة و التلفاز و صفوا فيه المسلمين الدعاة _ مكتب قرآن _ بالنفاق و العمالة لأمريكا و للأحزاب العلمانية ، و قالوا أيضا ً إنهم لا ينتسبون الى مذهب من المذاهب ، فلا هم من الشيعة و لا من أهل السنة , و إنما ديدنهم إثارة الشقاق و خدمة أسيادهم الأجانب و ما كنا نظن أن رجال الدين في كردستان بلغوا من رقة الدين ما جعلهم يصدرون هذا البيان الذي يغص بالافتراءات و الأكاذيب ، و ما نسينا أن مثل هذا البيان قد صدر باسمهم قبل هذه المرة أصدره ما يسمى " بالمركز الإسلامي الكبير !!!" ..و ينبغي أن لا يصمت المسلمون عن هذا المنكر ، و كيف يصمت الأحرار عن اتهام إخوانه الملتزمين بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم بمثل هذه الاتهامات و الافتراءات إن مثل هذه الاتهامات لا يلتفظ بها مؤمن يخشى الله و يرغب في جنته .
لا يليق بالمركز الكبير أن يذر قرن الفتنة بين المسلمين ، و يتبع سياسة " فرق تسد " ، و ليتفضل هؤلاء بالإجابة على السؤال التالي :
هل وافق رجال الدين في كردستان على نشر تلك الافتراءات ؟ ، و إن كان الأمر كذلك فلماذا لم يذكر في ختام البيان اسم واحد منهم ؟ .. و إن كانوا صادقين فليعلنوا أولئك الذين يؤيدون هذه الأكاذيب ليعرف الناس . و ليعلم المسلمون أن رجال السلطة سيضاعفون من كيدهم ، و سوف يستعينون بضعاف النفوس ، و لن يقف أمرهم عند هذا الحد ، و ليعلم الغافلون عن ذكر ربهم أننا موقنون بقوله تعالى (( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولالنا و على الله فليتوكل المؤمنون )) و السلام علينا و على عباد الله الصالحين .
سندج – مكتب قرآن : 5/11/1402




105


بيان 4
(( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ..))
داهم بيوتنا قبل أيام زبانية السلطة ، و اقتادوا أرباب البيوت و أولادهم في جوف الليل المظلم إلى السجون ، و قد راجعنا المسؤولين عن هذه المعتقلات لنعرف أسباب الاعتقال و نطمئن على سلامة ذوينا ، فكانت أجوبتهم محيرة متناقصة ، مرة قالوا : " لا ندري " ، و مرة قالوا : " جرائمهم غير معلومة لدينا " ، و في الثالثة قالوا " بينّا لهم أسباب اعتقلهم و كفى ...
و من حقنا _ أسر المعتقلين _ أن نوجه للمسؤولين السؤال التالي :
_ أيها السادة :
إن دستوركم الذي تزعمون بأنكم ملتزمون به يقول : " لا يجوز حبس المتهم أكثر من أربع و عشرين ساعة بغير أسباب قانونية ، و يجب إعلامه بتهمته قبل مضي المدة المذكورة "
و ها قد مضت أضعاف هذه المدة و لم تتفضلوا بذكر الأسباب .. هل تخشون من الخزي و الفضيحة لأنكم تؤكدون بأنكم دعاة ثم تعتقلون الدعاة الطاهرين الأبرياء الذين يشهد على صدقهم و استقامتهم شعب كردستان المسلم .
و هل فكرتم لحظة واحدة بأن الذين يجعجعون بالعدل و المساواة لا يجوز لهم إرهاب و اعتقال المسلمين الآمنين الملتزمين بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم؟.. وكيف تجمعون بين أمرين متناقضين : ادعاء الدنيوية لله و الدفاع عن الدين ، و سجن و إيذاء المؤمنين ... أم تحسبون أن الناس لا يعلمون ؟
اسألوا أنفسكم : كيف تتكلمون عن المستضعفين في العالم ، و تدعون الدفاع عن حقوقهم ، و أنتم تستضعفون أهل السنة في ايران ، و تعتدون على حقوقهم ؟


106

ماذا تقولون إذا انتشر نفر من أهل السنة في أرض الله الواسعة ، و حدثوا إخوانهم عن ظلمكم و سجونكم و بطشكم ... ماذا تقولون و أنتم تخشون هذه المسألة أشد خشية ... بماذا تجيبون يا من تزعم أجهزة إعلامكم بأنكم لا تفرقون بين السنة و الشيعة ؟!
أين أنتم يوم يعلم المسلمون الشيعة الذين يتبعونكم _ في العالم _ بفضائحكم و مكائدكم ، فيتبرءون منكم ، و يضعون حدا ً لجرائمكم !!
أولا ً تنظرون المصير السيء الذي انتهى إليه من كان قبلكم فتعتبرون و تتعظون ...و ما مصير النظام البغيض السابق منكم ببعيد ..
و أخيرا ً ، ألا تذكرون الله و اليوم الآخر ، و قد ملأتم السجون بالدعاة إلى الله ؟.. و ما هو جوابكم يوم تقفون بين يدي الله أحكم الحاكمين ؟
ألا هبوا من غفلتكم لحظة ، و انظروا ما آل إليه الطغاة الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ، و اخشوا يوما ً ليس للمجرمين فيه من عاصم أحوال أهل السنة  في إيران frown.gif( إن جهنم كانت مرصادا ، للطاغيين مآبا ، لابثين فيها أحقابا ً )) .
و في الختام : نحن أسر المعتقلين المتبعين لكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ، نطلب من المسؤولين أن يفرجوا عن أعزائنا المعتقلين ، و يكفوا عن هذه الدسائس و الافتراءات . و السلام على من اتبع الهدى .
سنندج _ أسر المسجونين : 7 / 11 / 1402 هـ



107
بيان 5

ايها المسلمون :
إنكم _ من غير شك _ تذكرون جهود الأخ مفتي زادة الدائبة , و دعواته المتكررة لمناظرة المسؤولين عن طريق رسائله و بياناته ، و دعوته إياهم إلى المباهلة ، و كان ذلك آخر خطوة يخطوها مع المراوغين الذين يجحدون الحق مع علمهم به ... و كان الأخ زادة شديد الحرص على حل مشكلة النظام مع أهل السنة ، و من أجل هذا طالبهم أن يكون الدستور مطابقا ً للموازين الشرعية خاليا ً من المظالم المذهبية و القومية و الطبقية ، و كان يسعى أيضا ً إلى تأسيس " مجلس شورى أولي الأمر " .
و تعلمون كذلك المصائب و الابتلاءات التي نالته و من معه ، و لهذا فقد اختار الهجرة من مسقط رأسه ليضع حداً لاتهامات و أكاذيب السلطة و الأحزاب الجاهلية .
و لا يظن أنكم نسيتم خطط و مؤامرات جهاز المخابرات السابق _ السافاك _ ضده و ضد أهل السنة و إصرارهم على ظلمهم ، و كلكم تذكرون قضية إلقاء القنبلة على منزله ... و خلاصة القول : فقد كانت حياة الأخ مفتي زادة مليئة بالأحداث حافلة بالمؤامرات ، و من فضل الله عليه و علينا أنه حفظه من كل شر و رزقه جل و علا القدرة على مواصلة الجهاد في سبيل الله ...
و أخبرناكم في بيناتنا السابقة أن رجال السلطة اعتقلوا منذ أسبوعين عشرات من اخواننا في كثير من مدن كردستان ، و أصروا على عدم توجيه تهمة إليهم أو تقديمهم الى المحاكمة , و منعوا

108


أسرهم من زيارتهم و هذا كله يخالف نصوص دستورهم ، و من ذلك النص القائل : " يجب أن تعلن تهمة المتهم قبل مضي أربع و عشرين ساعة ...." .
و فضلا ً عن ذلك فقد قامت السلطة على اعتقال الأخ مفتي زادة ، و اقتادته من منزله في طهران أصيل يوم الاثنين العاشر من شهر ذي القعدة الى جهة مجهولة ، و لم تعلن عن هذا الاعتقال و أسبابه .
أيها الاخوة و الأخوات : حافظوا على الهدوء ، و لا تقدموا على عمل يتعارض مع الغايات الاستراتيجية لحركتنا ، و استعينوا بالله و اصبروا ، و تواصوا به في رد كيد أعداء الدين الظاهرين بكل مظهر . (( و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين )) . و نستودعكم الله ، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
سنندج _ مكتب قرآن : 11 / 11 / 1402 هـ
بيان 6

(( بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم ، فمن يهدي من أضل الله ، و ما لهم من ناصرين )) (( إن وعد الله حق ، فلا تغرّنكم الحياة الدنيا و لا يغرنكم بالله الغرور )).

109

زار ثلاثة من وزراء الحكومة مدينتنا ، و ظن الناس أن القائمين على الأمور قد تنبهوا لخطأهم في عدم الاهتمام بالأحداث التي تجري في المنطقة ، و تقصيرهم في محاسبة المسؤولين على مواقفهم المؤسفة و اضطهادهم لدعاة الإسلام من أهل السنة .
و اغتنم المضطهدون المستضعفون هذه المناسبة فتجمعت أسر المعتقلين و أتباع مكتب القرآن ، و ساروا بهدوء كامل نحو مركز المحافظة ، كي يبينوا للزائرين المظالم التي ترتكب بحق أهل السنة ، فاعترض جند المحافظة هذا الجمع و طلبوا منهم الانصراف ، و اضطر المحافظ الى الالتقاء بممثلي هذه المسيرة عندما رفض الجمع الانصراف و أصروا على مقابلة الوزراء , و يجب الانتباه إلى أن المحافظ هو الذي قابل ممثلي المسيرة و ليس الوزراء ، و هكذا يصبح الخصم هو القاضي .
وواجه المحافظ هذا الجمع من النساء و الرجال باستكبار و ازدراء ، و اعتقل ثلاثة من ممثلي هذه المسيرة ، أما الأخت الرابعة فاكتفى بإهانتها ، مخالفا ً بذلك كل الموازين الشرعية بل و الجاهلية أيضا ً .إن هذه الإجراءات المضادة للإسلام ما هي إلا تكرار لمواقف الطغاة المتجبرين طوال مراحل تاريخ البشرية و لن تزيدنا إلا إيمانا ً بعدالة مطالبنا ، و و إصراراً على وجوب الدفاع عن الإسلام بأقوالنا و أفعالنا ... و لهذا فقد اخترنا يوم الأحد 15 / 12 / 1402 هـ لنجتمع فيه عند مركز المحافظة و نسأل المحافظ _ الذي ينبغي أن يكون خادماً للناس _ عن المعتقلين الذين مضى على اعتقالهم قرابة شهرين ، و نسجل اعتراضنا على موقفه من المسيرة و اعتقاله ممثليها و نطالب بالإفراج عنهم .

و لكن حادث انفجار القنبلة في شارع ناصر خسرو في طهران ليلة 13 / 12 / 1402 ]و ذهب ضحيته عشرات من المسلمين الأبرياء [ جعلنا نؤجل هذه المسيرة على موعد آخر مشاركة

110

منا لشعب الايراني المسلم بهذه المصيبة . و احترازا ً منا من مكر رجال السلطة و غيرهم و تربصهم بنا الدوائر ، و سنواصل طريقنا ، طريق الدعوة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ابتغاء مرضاة الله تعالى . و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
سنندج _ مكتب قرآن : 15 / 12 / 1402 هـ


بيان 7

السيد موسوي ممثل قائد الثورة في كردستان !!
السيد أصغرنيا محافظ كردستان !! نخاطبكم بصفتكما المسؤولين عن كل ما يحدث في كردستان ونذكر كما بما يلي :
_ اذكروا اليوم الذي قتل فيه قابيل أخاه هابيل ، أي اليوم الذي بدأ فيه البغي والظلم على وجه الأرض ، وكان التعذيب من الوسائل التي استخدمها المجرمون أعداء الله ضد عباده المؤمنين الموحدين : (( لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسكم منا عذاب أليم )) .
_ واذكرو اليوم الذي حفر فيه الظالمون اخدودا ً للمؤمنين ، وأحرقوهم بالنار : (( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد )) .
_ واذكروا اليوم الذي آمن فيه سحرة فرعون ، أولئك الذين استأجرهم للإفساد والتضليل ، فآمنوا بالله العزيز الحكيم ، وآثروا الآخرة على الدنيا ... فهددهم فرعون قائلاً _ كما أخبرنا جل وعلا _ : (( لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين )) .


111


- واذكروا اليوم الذي شعر فيه أصحاب الكهف بالخوف من الظالمين المعتدين: (( إنهم أن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيديكم في ملتهم ولن تفلحوا إذن أبداً )) .
_ واذكروا اليوم الذي وضع فيه كفار قريش الأحجار الكبيرة على الصدر الطاهر ، صدر بلال رضى الله تعالى عنه حتى لايسمعوا صيحته الداوية : أحد ...أحد .
_ واذكروا اليوم الذي ... واذكروا اليوم ... ومن يمعن النظر في هذه الأحداث المتشابه يعلم أن التعذيب كان سلاح أعداء الله ضد عباده المؤمنين الموحدين ... وهكذا ففي هذه الأيام , وفي ظل حكومة تدعي أنها كحكومة الصدر الأول , ولا يقبل القائمون عليها أن يشبهوا حكومتهم بحكومة الصحابة رضي الله عنهم لأنهم أفضل منهم وأعلى درجة ... في ظل هذه الحكومة يسمع الناس أصوات المعذبين في سجون هؤلاء الطغاة من مسافات بعيدة ، و يسمع أيضا ً صيحات تكبير الأبطال المعتقلين و اختلاطها بكلمات الزبانية المجرمين .
أتدرون من هؤلاء السجناء المعذبين : إنهم أعضاء مكتب قرآن المتمسكون بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم الذين طالما شهد لهم رموز النظام بالصدق و الإخلاص ، و إذا كان هذا هو موقفكم مع الذين تشهدون لهم بالصدق و التقوى ، فكيف يكون موقفكم مع الذين تشهدون لهم بغير ذلك ؟!
_ و لا ندري ماذا سيقول موسوي و أصغر و غيرهما للأم الرؤوم و هي تتسلم ملابس ولدها المؤمن الملطخ بالدم ؟!
_ و لا ندري ماذا سيقولون و قد بلغ التعذيب حدا ً بحيث لا يستطيع حراس الثورة إنكاره ؟

112


_ لا ندري بماذا يبرران مخالفتهما الصريحة للدستور الذي نص في مادته (38) على ما يلي :" لا يجوز التعذيب لأخذ الاعتراف أو كسب المعلومات أو إكراه شخص على الشهادة ، و الإقرار أو الحلف ، و لا يعتد بشهادة أو إقرار أو حلف يحصل عليه بهذه الطريقة ، و المخالف لهذه المادة يعاقب حسب القانون " .

حقا ً إن أمر هؤلاء يدعو الى العجب !!
فهلا تحسون بالمسؤولية ولو لمرة واحدة ... و هلا تحترمون أقوالكم و لو مرة واحدة ... ها نحن نصدر البيان تلو البيان نشكو فيه استكبار المحافظ الذي أقدم على اعتقال ممثلي أسر المعتقلين لأنهم قالوا له أين أرباب أسرنا و لماذا اعتقلتموهم و ماذا فعلوا ؟ . يقول المثل السائر في اللغة الفارسية : إذا أكل الملك من جنة رعيته تفاحة فإن غلمانه يستأصلون الأشجار !!. فهل تظنون أن هذه الحياة ستدوم لكم ... فسيروا في الأرض ثم انظروا عاقبة المكذبين الضالين ... انظروا الى أفعالكم و مواقفكم ثم أخبرونا ما هو الفرق بينكم و بين أعداء الله .

و ختاما ً إذا كنتم تشكون بكلامنا فأعرضوا أمامنا إخواننا المعتقلين ، و اجمعوا الناس ليروا آثار التعذيب على أجسادهم... و إذا رفضتم الاستجابة لطلبنا فاعلموا أنكم تخشون الفضيحة ... و تخافون أن تسود وجوهكم .
و السلام على عباد الله الصالحين .
قرآن سنندج : 14 / 1 / 1403هـ



113

بيان 8

أيها المسؤولون :
اعلموا أن مراجعتنا المتتابعة و رسائلنا المتكررة لا تعبر عن خشيتنا من أقدامكم على أمر يضر بنا ، أو طمعنا بمغنم تقدموه لنا ... لا : ليس الأمر كذلك ، فنحن لا نخشى إلا الله سبحانه وتعالى ، و لا نسأل أحدا ً سواه ... و فضلا ً عن هذا و ذاك فرؤوسنا الشامخة لا تنخفض و لا تسجد إلا لله الواحد القهار ، و هذا هو العهد الذي عاهدنا الله عليه ... و هذا هو سر اتباعنا لرسول الله و أصحابه الغر الميامين صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم . قال تعالى : (( و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار ، و الذين اتبعوهم بإحسان ،رضي الله عنهم و رضوا عنه ، و أعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ً ، ذلك الفوز العظيم )).

و نشيرفي هذا البيان الى إجراءات ثلاثة اتخذتموها ضدنا :
1. اعتقال العلامة مفتي زادة قائد أهل السنة في ايران ، و لم تذكروا الأسباب التي دعتكم الى اتخاذ هذا الإجراء ... حدث هذا في وقت أعلنتم فيه أن السيد "شريعتمداري" دعم مؤامرة كانت تهدف الى إسقاط النظام ، و قتل قائد الثورة و مع ذلك لم يعتقل و لم يتخذ ضده أي إجراء صارم ، والأستاذ مفتي زادة لم يكن شريكا ً في أي مؤامرة ، و لا هم بقتل قائد الثورة

114


بل و لم يأذن بإهانته ..فما هي أسباب التفريق بين موقفكم من مفتي زادة و شريعتمداري أليس هذا نابعا ً من موقفكم الخاطئ البغيض من أهل سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فالأول اعتقلتموه وهو بريء لأنه من أهل السنة ، و الآخر لم تتخذوا ضده أي موقف رغم إدانتكم له لأنه شيعي !!
و من الذي اعتقلتموه ؟!
_ أو ليس هو الذي دعا أهل السنة الى الوقوف معكم و تأييد ثورتكم ، و استجاب لندائه هذا أكثر من نصف أهل السنة في ايران ؟!
_ أو ليس هو الذي أعلن مرارا ً أنه استعد لمناظرتكم _ عندما تنكرتم لوعودكم و قلبتم له و لغيره من أهل السنة ظهر المجن _ ليثبت أمام الملأ موقفه ، و شرعية المطالب التي ينادي بها ؟!
_ أو ليس هو الذي أعلن استعداده لمباهلتكم ، و كانت هذه آخر وسيلة يواجهكم بها ، و تجاهلتم دعوته لأنكم تخشون سوء العاقبة .

2. اعتقال حاكم الشرع الشعبي لمدينة سنندج ، و كثير من معلمي القرآن و تلاميذهم من أعضاء _ مكتب قرآن _ في جميع أنحاء ايران ، و نعت زبانيتكم أولئك الأعزاء الكرام بأقبح النعوت ، و أفتوا بكفرهم ناهيكم عن مختلف أنواع التعذيب و الاضطهاد التي مارسوها ضدهم داخل السجون ... و مثل هذه المعاملة لا يمكن أن تصدر عن قلب فيه مثقال ذرة من الإيمان ، و مع ذلك يدعون _ أي رجال السلطة _ أنهم مؤمنون مجاهدون ، و يسمون نظامهم : نظام الحكم بما أنزل الله .

3 . لم يأل الزانية و المسؤولون في المنطقة جهدا ً في الإساءة إلى أسر المعتقلين الذين يعانون الويلات من اعتقال فلذات أكبادهم .. و من ذلك إقدام المحافظ بكل بطر و استكبار على اعتقال ثلاثة من ممثلي أسر المعتقلين ، و استخدام حراس الثورة السيارات العسكرية لتشق صفوف

115


ا لمسيرة الصامتة ، و أجروا الماء بغزارة ،و منعوا أسر المعتقلين من زيارتهم ، ولم يكن موقف ممثل قائد الثورة أفضل من موقف غيره .
فبالله عليكم أخبرونا ماذا تريدون و لماذا تستخدمون هذه الأساليب الشائنة ؟! ألا تعلمون أن الحياة الدنيا تعقبها ساعة : (( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها )) و التي يصفها سيدنا علي رضي الله عنه بقوله : " ما أصف من دار أولها عناء و آخرها فناء ، في حلالها حساب ، و في حرامها عقاب ، من استغنى فيها فتن ، و من افتقر فيها حزن ، و من ساعاها فاتته ، و من قعد عنها واتته ، و من أبصر إليها أعمته " . و هل يليق بهذه الدار أن يرتكب لاكتسابها كل تلك المعاصي و المظالم ؟!
و تذكروا قوله تعالى : (( قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله ، حتى اذا جاءتهم الساعة بغتة ، قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها ، و هم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون )) و لكن أنى لهم الذكرى ؟!
و الحمد لله ، و سلام على عباده الذين اصطفى .
سنندج _ مكتب قرآن :13 / 2 /1403هـ

بيان 9

(( و لا يجرمنكم شنآن قوم على أن تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ، و اتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون )) .


116

السيد المدعي العام :
إن قاعدة " الضرورات تبيح المحظورا ت " المستقاة من نصوص الكتاب و السنة ، تجيز لنا أن نكتب إليكم لأننا أصبحنا سجناء نظامكم و كانت جريمتنا التي سجنتمونا من أجلها اعتراضنا على بعض مواد بعض مواد دستوركم التي خيبت الآمال ، و كرست الطائفية ،و أحدثت شرخا ً واسعا ً بين أبناء الأمة الواحدة .
و في اعتراضنا على دستوركم ما كنا نريد منكم مغنما ً و لا جاهاً ، و لا أردنا الإساءة الى الثورة ، و إنما قمنا بما قمنا به التزاما ً منا بسنة رسول لله صلى الله عليه و سلم المطهرة ، و أنتم لا تجهلون بريق سجل مواقفنا ، و لا تستطيعون إنكار نضالنا ، ضد النظام الطاغوتي السابق ، (( و كفى بالله شهيدا ً)) ,ولا تستطيعون تجاهل موقفنا الصامد من الأعداء الذين سعوا إلى نشر الفتنة , وإشاعة الشبهات , وكان رد المسؤولين _كما تعلم _ الاتهام و الإهانة و الفصل من الدوائر و المؤسسات الحكومية ، والنفي و السجن .
لنذكر لك قصة وقعت زمن الخلافة الراشدة ، و إياك أن تظن أننا نعتبر نظامكم إسلامياً ، و أننا نتوقع منكم أن تفعلوا أفعالاً مشابهة لأفعال الخلفاء الراشدين .. إن مثل هذا الاعتبار ظلم و كبيرة من الكبائر ، و لكن نريد من وراء ذكر هذه القصة بيان بعدكم عن الحق...
و من يبتغي مرضاة الله سبحانه و تعالى يجب أن لا تأخذه العزة بالإثم ، و يصر على الباطل إذا دعي الى خير . و هاك القصة :
خطب أمير المؤمنين الطاهر العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال :
" لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية من فضة ، فمن زاد أوقية جعلت ا لزيادة في بيت المال " . فقالت امرأة : ما ذاك لك . قال : لم ؟ فقالت : لأن الله تعالى يقول : (( و آتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً )) فقال عمر : أصابت امرأة و أخطأ عمر .

117


و ماذا قلنا نحن أو عملنا يا ترى حتى قمتم باعتقالنا و تركتمونا نقضي أعمارنا في زوايا سجونكم ؟!
و كيف تعاقبون من يعترض على دستور يدعو الى تفرق الأمة ، و لا تعاقبوا الذين وضعوا هذا الدستور ؟! حقاً إننا لا نعلم ما هي الموازين التي تزنون بها أفكاركم و أعمالكم ؟!.. أهي موازين الكتاب و السنة .. أم نهج البلاغة ... أم الدستور ... أم أقوال قائد الثورة .. أم أهواءكم و رغباتكم ؟!!
إننا مستعدون أن نثبت من المصادر المتفق عليها عند المسلمين أن موقفكم منا _نحن أهل السنة _ لا يتفق مع الكتاب و السنة ، بل إن بعض إجراءاتكم تخالف موازين المذهب الجعفري ، و من ذلك أن أحد المحققين مع أحد الأخوة السجناء فسر شدته بأنه يطبق معه معاني قوله تعالى : (( أشداء على الكفار رحماء بينهم )) ، و زعم هذا المحقق بوضوح بأننا _ أهل السنة _ كفار ، و هو و أمثاله من الذين ينطبق عليهم قوله تعالى : (( محمد رسول الله والذين آمنوا معه )) . و يا ليت الذي يسمينا كفارا ًعنده أدنى علم بحقيقة الإسلام و الكفر ، و ليس ببغاء يرد ما يقال له ... و هذا هو موقف الذين يدعون بأنهم يحكمون بما أنزل .
يقولون : إن مفتي زادة أهان كبار المسؤولين . و الجواب :
أولاً:إن الأخ مفتي زادة أعلن طوال سنتين من خلال رسائله و مقالاته استعداده لمناظرة المسؤولين و إقامة الحجة عليهم أمام الناس ... ثم دعاهم أخيرا ً الى المباهلة و هو الذي رزقه الله ابنا ً واحدا ً ، و كان الجواب : التشهير و السجن .

118



و ثانيا ً : و اذا كانت جريمة زادة إهانته للمسؤولين _كما تدعون _ , فأنتم توجهون إليه وإلى من حوله إهانات جائرة ظالمة , وتستخدمون أجهزة إعلامكم وهو الذي لا يملك أجهزة إعلام أما يكفيكم ذلك خلال سنتين , وأنتم تقرأون في كتاب الله ((وجزاء سيئة مثلها )) .
وإذن : لماذا السجن طالما أنكم تردون على ما تزعمون بأنها إساءة بعشرات أمثالها ؟!
السيد المدعي العام :هب أنك ستكون يوم القيامة مدعياً أجبنا :
_ بماذا سوف تدعي على الذين رموا رجال الطبقة الأولى من صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه و سلم بالردة و الكذب و النفاق ...
_ بماذا سوف تدعي على الذين يلعنون شيوخ السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار الذين رضي الله عنهم و أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ؟!
_ بماذا سوف تدعي على الذين رموا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالإفك الذي ردده المنافقون في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و هي زوج رسول الله صلى الله عليه و سلم نابذين وراء ظهورهم الآيات التي أنزلها الله تعالى _ سورة النور _ في براءتها ؟!
السيد المدعي العام :
إذا كان الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر جريمة فإننا مجرمون ، ومستعدون لقبول أي عقاب يرضي الله جلا و علا ... و إن لم يكن الأمر بالمعروف جريمة فلماذا تصرون على اعتقالنا الذي جرى في 28 / 10 / 1402 هـ ، و لماذا سلبتم حريتنا و اضطهدتم أسرنا ؟!.

119


و نختم هذه الرسالة بنصحكم و تذكيركم بتقوى الله سبحانه و تعالى ، و ما أحوجنا جميعاً الى محاسبة أنفسنا قبل أن يحاسبنا رب العزة ، و ليسأل كل منا نفسه من أي الفريقين سيكون : أمن ذوي الوجوه الضاحكة المستبشرة الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم ، أم من ذوي الوجوه الباسرة التي تظن أن يفعل بها فاقرة .
قال تعالى أحوال أهل السنة  في إيران frown.gif( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و يقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها )).
أيها السيد المدعي العام : و الله إن الغلبة و السلطان الدنيوي إن لم يكن في خدمة الحكم بما أنزل الله فسيكون و بالاً على أصحابه .
أيها السيد المدعي العام :!: (( كل نفس ذائقة الموت )) و (( ما يدريك لعل الساعة تكون قريباً )) .
و السلام علينا و على عباد الله الصالحين .
توقيعات أربعة عشر مسلماً من المعتقلين في بند دال محكمة الثورة .




121
تعليقات
على الرسالتين السابقتين


كان الأستاذ أحمد مفتي زادة في بداية حياته عضواً في حزب كردستان الديمقراطي ، و مكث في السجن عدة أشهر بسب نشاطه السياسي ، و بعد خروجه من السجن أصبح مقتنعاً أنه لا بد من إحياء الدين الحق ... الدين الذي جاء به القرآن الكريم ... كان يرى أن الدين كما ابتدأ بالقرآن يجب أن يعود بالقرآن ، و ليس بالمذاهب و آراء العلماء ، و كان يسمي المرحلة الأولى من حياته مرحلة المراهقة ،و يقول عن المرحلة التي تلتها : و بهذا الاعتقاد تقريباً بدأت اجتهادي ، و عملت في هذا المجال مع قلة الوعي و بطريقة انفعالية ... و قام الأستاذ بتأسيس " مكتب قرآن " و يسمي هذه المرحلة مرحلة النضوج ، و توسع نشاطه في منطقة كردستان و كثر أتباعه ، و كان هذا النوع من النشاط جديداً على كردستان ، لأن شبابها موزعون بين الأحزاب الشيوعية و العلمانية القوية و بين الشيوخ التقليدين و الصوفيين ، و أتباع هؤلاء قليلون جداً ، أما جمهور الشباب فقد انتزعهم الأحزاب الكافرة ، و إذن فغير مستغرب أن يكون أتباع " مكتب قرآن "

122

محارَبين من هؤلاء و أولئك ، و الكل يتربص بهم الدوائر ... و كان زادة مهتماً بتعليم أتباعه و تربيتهم مستبعداً أن تقع مواجهات بينه وبين السلطة في مثل هذه المرحلة .
و طرأت أحداث في ايران جعلته يعيد النظر في مخططاته ، فمعارضة أتباع الخميني للشاه قويت و استقطبت الشارع الشيعي ، فقرر هو و أتباعه تأييد ثورة الخميني لأنها إسلامية ، و لا ينبغي له أن يعارضها أو أن يقف منها موقف الحياد ، و توثقت علاقاته بقادة هذه الثورة عندما اجتمع بستة من رجال الدين الشيعة قدموا الى مدينة" سنندج " لزيارة السيد " جواد حجتي كرماني " الذي كان الشاه قد نفاه الى سنندج ، و تحدثت معهم عن الأوضاع في ايران ، و تابعوا طريقهم لزيارة الخميني في النجف متظاهرين بأنهم ذاهبون لزيارة عتباتهم في العراق ، و سلمهم زادة رسالة للخميني ينصحه بما يجب فعله لإسقاط الشاه و إقامة حكومة إسلامية بقيادة الخميني .

واهتم أحمد مفتي زاده بإقناع أهل كردستان في وجوب تأييد هذه الثورة , ونجح في هذه المهمة , واستطاع _ على حد قولة _ أن يطفيء نيران الحروب المذهبية في كردستان وغيرها .
ويتحدث عن أفكاره فيقول :
بين الدين والمذهب فروق كثيرة , فالدين وهو المنهج الذي جاء به القرآن مع بعض تنبيهات ( ) رسول الله صلى الله عليه و سلم كالبحر، و على العلماء المسلمين في كل عصر أن يستخرجوا منه درر أحكام قضايا ذلك العصربالتشاورفيما بينهم وأما المذاهب فهي بمنزلة الجداول و القنوات, والمذهب كهذه الحبة أو تلك الإبرة .


123


ومن المدهش أن المذهبية عند زاده ليست أحد المذاهب الأربعة المعروفة عند أهل السنة . انظر إلى قوله :
" وإنما أشرت هذه الإشارة السريعة كي نتنبه إلى المذاهب سواء المذهب الشيعي والسني وغيرهما من المذاهب الإسلاميـة لا تملك صلاحية البقاء كائنة ما كانت في الرقي , وفي النقـاء من أنواع الصبغات الأموية في السنن , والصبغات الصوفية في التشيع ... ويقول في الهامـش : قد بينت هذه المسألة في كتيب باسم "الدين والمذهب" ؛ وأكتفي هنا بهذه الإشارة السريعة , إبقاء على تماسك أجزاء الحديث "
وقال ما خلاصته : واجتهدت كثيرا ً في تهيئة المجال لاستنكار نفسية العصبية المذهبية بأصولها الخاصة في إيران , وموقفي هذا ليس قاصرا ً على مواجهة التشيع وإنما واجهت التسنن الذي هو سائد في كردستان .
وفي البيانات التي كان يصدرهـا أمثلة كثيرة على ذلك . جاء في البيان رقـم ] 33 [ :
وكان هذا الشعب المسلم قد بلغ من البعد عن سبيل الله بحيث لو سئل عن هويته لأجاب بالتسنن أو التشيع , وقلما كان من يجيب بالإسلام ! وكانت كلمة المذهب التي لم يعرفنا بها كتاب الله ولا مرة واحدة قد حلت محل مصطلح الدين العظيم الرباني ... وكان يجري دائما ً بدل لفظ الإسلام المشقة لفظتا " التشيع و التسنن " ثم يسترسل في البيان بمثل هذا الكلام .
وفي البيان ]45[ يعود فيحذ ر الناس من المذهبية _ أي التسنن والتشيع _ وهي دعوة إلى الفرقة يحاول النظام الشاهنشاهي إثارتها بيننا .


124


وفي البيان ]59 [ يهاجم الأمويين الذين بنوا القصور في بلاد الشام , ويشيد بالأمة التي تتخذ من جمال الدين الأفغاني وسيد قطب والطالقاني وعلى شريعتي ( ) نماذج تقتدي بها , وينادي بتأييد الحركة التي يقودها المجاهد العظيم الشـأن الإمام الخميني , ويحذر من التشيع و التسنن .
ويرى أن السلاطين العباسيين هم الذين اصطنعوا المذاهب , وهم الذين روجوا أسطورة " إغلاق باب الاجتهاد " .. ثم يهاجم العباسيين والأمويين في مواضع كثيرة من بياناتـه ورسائلـه , وكـان يعلم أنصاره أن يهتفوا في مظاهراتهم : " نه شيعي نه سني , رهبر فقط خميني " أي : لا تشيع ولا تشنن , ولا قائد إلا الخميني ... وكانوا يهتفون أيضا ً : " لا سنية لا شيعية إسلامية إسلامية " و " خميني كاك أحمد صلي على محمد " , وأحمد هو زاده , وهذا الهتاف كان في كردستان , و " كاك " يعني في اللغة الكردية أخ .
وفي أكثر من موضع هاجم يزيد بن معاوية بن أبي سفيان . جاء في البيان رقم ]35[ :
" فآباء جهل واليزيديون يسعون دائما ً لصد الناس عن دين الله " , وفي البيان نفسه يمتدح " صفدري " و " روحاني " من آيات الشيعة لأنهم بعيدون عن اليزيدية , والمشكلة هنا أنه قرن يزيد رحمه الله بأبي جهل , وفضل صفدري على يزيد , وتراه في الجزء الثاني من كتابه " قضايا أهل السنة " يتحدث عن سوء نوايا صفدري التي اكتشفها بعد نجاح الثورة .
وكان الرافضة في تلك المرحلة ينشرون بيانات زاده لأنه من علماء السنة , ويهمهم إقناع الناس بأن السنة معهم , جاء في كتاب أهل السنة _


125


الجزء الأول _ أن ما يسمى بآية الله عبد الله الشيرازي أمر ابنه أحمد أن يتصل بالأستاذ أحمد زاده ويقول له : قد سمعت أن أزهادي قد أصيب من شدة الغيظ الذي اعتراه بعد قراءة بيانك الأول بشلـل , فأرجو أن تصـدر في أسـرع وقت البيان الثاني , كي يموت وننجو منه ( ) ... وأن خامنئي إمام جمعه طهران الحالي ( ) _ ورئيس الجمهورية فيما بعد _ قام بنفسه بتصوير هذه البيانات و نشرها في طهران ، و هذا محمد بن منتظري يعترف بأن هذه البيانات و أمثالها كانت تترجم بلغات مختلفة و تنشر على مستوى أوروبا ، كما كان طلبة حوزة قم العملية يقومون بنشرها على مستوى ايران ليعلم الجميع دور السنة في تأييد هذه الثورة .

و من خلال تتبعي لبيانات و رسائل الأستاذ زادة أدركت أنه لم يكن مطلعاً على عقائد الشيعة و تاريخهم و مخططاتهم ، و الأساليب التي يتعاملون بها غيرهم ، و رغم ذلك فالمعلومات توفرت عنده على أن الخميني رافضي جلد .
انظر قوله :
و من أجل توحيد الصف بين السنة و الشيعة كنا نراقب بيانات الإمام التي تصلنا قبل انتصار الثورة و نحذف منها ما يشم منه رائحة التفرق ، و كل ما فيه صبغة مذهبية . و يدافع زادة عن صنيعه فيقول : حقاً كنا نراقب بيانات الإمام و الرقابة ليست سلبية دائماً وهذا على عكس مراقبة المستبدين . و ذكر _ أي _ زادة _ أن أحد علماء الشيعة _ لم يذكر اسمه _ نشر بياناً جاء فيه : يجب أن يكون رئيس الجمهورية شيعياً ، و مسؤول المقام الفلاني شيعياً ... و خشينا أن يستغل السافاك مثل هذا البيان فأصدرنا بياناً قلنا فيه : إن كاتب هذا البيان ليس قائد الثورة فليكتب ما يشاء ، و يضيف _ أي زادة _ إن كاتب البيان شجاعاً مناضلاً ثورياً جدا ً و لا يزال على قيد الحياة .

126


و قال أتباع زادة :
كان دعاة الفرق المعادية للإسلام يصورون في الأيام التي سبقت انتصار الثورة مواضع من كتاب الخميني : توضيح المسائل ، وكشف الأسرار ، و فيها إهانة للخلفاء الراشدين و لأهل السنة و يوزعونها بين الناس ، و يلصقونها على الجدران ... و كان الناس يقولون أتباعاً للشيخ مفتي زادة : هذه الأمور صدرت عن السيد الخميني فيما مضى ، و لا بد أن عهد الثورة قد غيّر فكره و مشاعره تجاه المسلمين أهل السنة .

و قال أيضاً طلاب زادة :
و في عام الثورة كان يصدر أحياناً حتى أن من الإمام نفسه بيانات فيها انحياز الى التشيع ، و كان يستغلها أعداء الثورة في كردستان و سائر مناطق أهل السنة لضرب وحدة الشعب التي ما كان لها نظير في عصور التفرق ، و في كل مرة كان الشيخ يهب لمحو آثار التفرقة فيلقي خطاباً أو يرسل رسالة أو يصدر بياناً .
و اذا كان الأخوة يجهلون شخصية الخميني و أفكاره و موقفه قبل انتصار الثورة فلقد أصبحت الأمور مكشوفة بعد أن أصبح شاهاً جديداً لإيران ، فعندما قال له مفتي زادة : أيها السيد الخميني أنت وعدتني بالجمهورية إسلامية و ها هي جمهورية شيعية صفوية ، و كنت تقول بأنك لا تفرق بين شيعة و سنة و لهذا فأنا مخالف لك في ميدان السياسة و التبليغ و لكن لا أشهر السلاح في وجهك .
فأجابه الخميني : بأن الجبال التي ذهب إليها غيرك موجودة و اعتذر عن استمرار الجلسة ... و يقول ناصر الدين الهاشمي : و العجب أنه لما دخل لم يصافح أحداً بل جلس فوراً ، و ربما كان الناس يظننا من الأنجاس ، و كذلك يظهر من كتبه ، و ليس هذاللمبالغة .

127


و مما يلفت النظر أن الخميني لم يقل لزادة و أنا الآن لا أفرق بين شيعي و سني ، و لم يلجأ الى التقية و إنما أجابه بكل صلف و عنجهية : إن الجبال التي ذهب إليها غيرك موجودة ، و الجبال هنا تعني القتال ، و زادة قال له : لن أشهر السلاح في وجهك ، و هذا يجيب أتحداك ، أشهر السلاح و سوف ترى ما لا يسرك .

رغم ذلك كله فقد بقي مفتي زادة يثني على الخميني ، و يشيد بتقواه وزهده و ورعه ، و يلتمس الأعذار له كقوله : إن من حوله يحجبون عنه المظالم لذلك فهو لا يعرف الانحرافات و فساد الآيات .

و لا أعتقد أن أحداً يوافق مفتي زادة في رأيه ، فالخميني قوي الشخصية ، يعرف من حوله أكثر من معرفة زادة لهم ، و رئيس الجمهورية لا يستطيع أن يرد له أمراً .
يقول الأخ الذي ترجم نشرات و رسائل زادة الى العربية ، و هو الذي يعرف زادة جيداً :

" نعم إنه _ أي مفتي زادة _ لم يزل يحسن الظن بالخميني ، و يرى أنه لا يعرف ما يجري ، و ظل كذلك الى أن دخل السجن ، و لا ندري هل تبين له _ و خاصة بعد اعتراف الخميني بأنه مسؤول عما قد جرى و يجري _ أنه ليس عنده شيء يسمى إخلاصاً أو صدقاً "

و بعد : هذه هي أفكار الأستاذ مفتي زادة و تصوراته منذ بداية الثورة ، و لم أتحدث عن علاقته بالثورة بعد انتصارها لأنه تحدث عنها في رسالته التي وردت في هذا الكتاب ، و تحدث عنها طلابه في رسائلهم التي أرسلوها من السجن أو كتبها أهلهم و هم في السجن ... و لا ينبغي لنا أن

128


نتجاوز هذه التصورات و المواقف دون أن نبين موقفنا منها :
1 _ تطوع أستاذ مفتي زادة فأيد ثورة الخميني ، و تطوع في دعوة الناس الى تأيدهم ، و في إصدار البيانات و الرسائل المناهضة لنظام الشاه .... واستفاد الرافضة كما أشرت سابقاً من هذا الموقف ، و هم الذين يعرفون كيف يتعاملون مع الناس ، و كيف يستفيدون من كل عمل يخدمهم .

و إذن لم يكن مفتي زادة من الذين صنعوا الثورة الرافضة ، و لم يكن أحد قادتها ، بل و لم يكن قائداً لمنطقة من المناطق فيها ، و لن يسمحوا له و لا لغيره من أهل السنة بذلك .
و بعد نجاح الثورة كذلك فأمر جماعته بحراسة الأمن في المنطقة ، فأوقعت الأحزاب بهم مذبحة عظيمة ، و رفضت حكومة الآيات منحهم أسلحة ليدافعوا عن أنفسهم ، و قال زادة فيما بعد : كان النظام حريصاً على وقوع هذه المذبحة ... و رفض نظام الآيات إعطاء جماعة زادة رواتب ، و أوكلوا لجماعته الإشراف على برنامج في الإذاعة خاص بأهل السنة ،ثم إستبدلوا بهم الذين ينافقون للرافضة و يشوهون صورة أهل السنة في أذهان الناس .
2 _ ما كان موقف مفتي زادة و جماعته في تأييدهم لثورة الخميني ليختلف عن موقف كثير من جماعات أهل السنة الذين تحدثت عنهم في الجزء الأول من هذه السلسلة .

و خلاصة هذا الموقف : الرافضة أفضل من الشاه و ينادون بالإسلام إذن يجب أن نأيدهم و نصفق لهم ، و إذا جاز لدعاة لم يخالطوا الرافضة أن يقفوا مثل هذا الموقف فلا يجوز لجماعة تعيش في ايران ، و تعرف تاريخ هذا البلد أن تقف هذا الموقف ... ، و صحيح أن الأستاذ زادة لم يكن عنده


129

اطلاع على عقائد الشيعة ، و لكن جاءه من يقدم هذه المعلومات فلماذا كان يحذف من بيانات هذا المجرم ما يؤكد شيعية ثورته ، و لماذا كان يقول : إن هجوم الخميني على الصحابة كان قديماً و قد تراجع عنه .

إن أبسط الأمور كانت تتطلب أن يقول زادة للآيات :
فليصدر خمينيكم بياناً يؤكد فيه أن موقفه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم قد تغير ، و أنه لا يكفرهم و لا يفسقهم ... و لا يقول منكراً في الشيخين و ذي النورين و عائشة رضي الله عنهم أجمعين .

3 _ لا أدري كيف التبست الأمور عليه و ظن أن أهل السنة مذهب من المذاهب و فرقة من الفرق ، و هم كالتشيع ، و أن الإصلاح الذي يدعو إليه يجب أن يكون نقياً من التشيع أو التسنن .
و الأدهى من هذا و ذاك اعتقاده انه ليس في الإسلام دليل يعتد به يدعو الى التمسك بالسنة . فالله جل و علا أمرنا بطاعة رسول الله صلى الله عليه و سلم . قال جل قائل (( و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله )) ] النساء / 64 [ . و قال : (( و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و اتقوا الله إن الله شديد العقاب )) ] الحشر / 7 [ .
و قال صلى الله عليه و سلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين" ]رواه أحمد : 4 / 126 ، و أبو داو ود : 4583 ، و الترمذي وقال : حيث حسن صحيح [ . و قال صلى الله عليه و سلم : " من رغب عن سنتي فليس مني ".و هو جز من حديث رواه البخاري ، باب الترغيب في النكاح .


130

فأهل السنة يتمسكون بما كان عليه الرسول و أصحابه صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه و سلم ، و ما كان عليه الرسول و أصحابه صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم لا يتغير و لا يتبدل لأنه الدين الحق الذي تكفل الله بحفظه ، وهو الأساس الذي يلتقي عليه المسلمون ... و أهل السنة يحبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و يحبون أهل بيته ، أما الشيعة فيكرهون الصحابة رضوان الله عليهم و يكفرون بعضهم ، و يزعمون أن في القرآن زيادة و نقصان ، و لا أريد الاسترسال في بيان انحرافاتهم و ضلالاتهم لأنني قد تحدثت عنها في الجزء الأول من هذه السلسلة .
فمن الظلم المساواة بين السنة والشيعة ، و من أراد الخير للإسلام و المسلمين فعليه أن يطالب الشيعة بالكف عن شتم الصحابة و تكفيرهم ، و التمسك بما كان عليه الرسول و أصحابه صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم ، و لا ينبغي أن نطالب أهل السنة بالعودة عن أصولهم و منهجهم لأن هذا معناه أننا نطالبهم بالانسلاخ عن دينهم.

لقد انتبه الأستاذ زادة _ فرّج الله كربه _ الى خطأه بعد أن تكشف له نوايا قادة الثورة ، و سارع الى تأسيس مجلس شورى أهل السنة و هذا يعني أنه راح يرفع شعار أهل السنة و قد كان يرى أنه شعار طائفي ، و كثر الحديث عن السنة في بيانات أعضاء مكتب قرآن .
و من المؤسف أن عودة زادة و أنصاره الى الحق جاء بعد ضياع استغله شيعة الخميني أبشع استغلال و استخدموه في زعزعة ضعف أهل السنة ، و لو دعا الأخوة _ أعضاء مكتب قرآن _ الى الله على بصيرة و فهم دقيق لأصول أهل السنة لما استطاع ثوار الخميني فتح ثغرات كثيرة بين عمموم أهل السنة في ايران .
4 _ لا نوافق الأستاذ زادة في موقفه من بني أمية و لا في تشبيهه إياهم بالصفويين .... و لا نقول أين الثرى من الثريا و لكننا نقول : أين الأوحال و المستنقعات من الثريا ؟!


131


_ فلقد كان من بني أمية أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، كعمرو بن العاص و معاوية بن أبي سفيان و غيرهما رضي الله عنهم .
_ و لقد كان من بينهم المجدد عمر بن عبد العزيز ، الذي لا ينكر فضله و تقواه و زهده منصف ، و لهذا فقد اعتبره بعض المؤرخين خامس الخلفاء الراشدين .
_ و كان من بينهم عبد الملك بن مروان و أبناؤه الذين نشروا الإسلام في الخافقين ، و أسسوا جيشاً إسلامياً لم يكن له مثيل .
_ و من آثار هذا العهد ظهور قواد عظام : أمثال محمد بن قاسم الثقفي ، و طارق بن زياد و غيرهما من عظماء القادة العسكريين الذين تعتز بهم امتنا الاسلامية ، فكيف قبل الأستاذ زادة على نفسه أن يساوي ما بين الأمويين و الصفويين ؟!
5 _ و لا نوافق الأخ زادة فيما قاله في لبيان رقم ( 35 ) و خلاصته :
"فآباء جهل واليزيديون يسعون دائماً لصد الناس عن دين الله ... " .
فأبو جهل علم من أعلام الكفر ، و يزيد بن معاوية مسلم لم يأمر بقتل الحسين رضي الله عنه ، و نحن لا نقول إنه كان من أصلح و أتقى أهل عصره ، و لكننا نقول ما نسبه الشيعة إليه كذب و محض افتراء ، و لا ينبغي المساواة بين أبي جهل و يزيد ، و ليس هناك أحد من المسلمين ينتسب الى يزيد بن معاوية ... وهنا قد يقول قائل : إن اليزيديين لا تعني الانتساب الى يزيد بن معاوية ... و الجواب على ذلك : إنه يقصد يزيد بن معاوية . فلقد جاء في بيان زادة رقم ( 40 ) :
" أيها الأخوة ! اليوم ، و صيحة التوحيد تمزق قلوب الطواغيت و الطاغوتيين يليق بكم _ و أنتم تلقبون بالحسنيين _ أن تغيروا على يزيد و اليزيديين المفرقين الناحتين الأصنام " .

132

و إذا أضفنا لهذا مشاركة زادة و إخوانهم للشيعة في مراسم التعزية بقتل الحسين رضي الله عنه في شهر محرم نعلم كيف استدرجوا لمواقف لا ينبغي لهم الاعتقاد بها ، و لو كان ذلك من باب المجاملة .

6 _ أسهب الأستاذ في رسالته التي أرسلها الى رئيس الجمهورية _ آنذاك _ بني صدر في الحديث عن الإصلاحات التي يطالب بها ، و كانت كثير من الفقرات شكلية بل وردت عبارات ما ينبغي أن تصدر عنه كوصفة للقرآن بأنه ثوري ، و ذلك لأن هذه الكلمة لم يستعملها علماء هذه الأمة من قبل ، و فضلاً عن ذلك فالشيوعيون هم الذين يكثرون من تردادها ، و رددها وراءهم الاشتراكيون و الفوضويون .

والأستاذ بالتأكيد ليس متأثراً بهذه الأصناف ، و هي منه اجتهاد خاطئ . _ 7 _ طالب زادة و إخوانه المسلمين فى خارج ايران بالقيام بواجبهم نحو اخوانهم أهل السنة في ايران ، و أن لا ينخدعوا بأقوال الآيات و أكاذبيهم .

و ذكر " ناصر الدين هاشمي " شيئاً من معاناة أهل السنة في ايران ، و عتبهم على علماء و دعاة أهل السنة الذين يزورون إيران فقال : اذا نجحنا في الاتصال بهم نجدهم فرحين لأنهم لا يرون الخمر و لا السفور في شوارع ايران ، و يتهموننا بالتعصب عندما نحدثهم عن مشكلاتنا أو يخبرون السلطة عنا فيُزجُ بنا في السجن ، و نتعرض للتعذيب و الإذلال . و أشار الهاشمي الى لقاء لهم بالشيخ سعيد شعبان ، و عندما أقنعوه بزيارة المناطق السنية حالت السلطة بينه و بين هذه الزيارة ... و نعت الهاشمي شعبان بالإخلاص تارة ، تارة أخرى بالفضل ، و مما قاله : " ... لأن الدولة عرفت أنه لو زار هذه المناطق و أهلها سيثبت له كذب كل ما قالته الدولة الإيرانية ، و لأنه رجل مخلص لذا سيتغير موقفه " ( ) .

133

و المشكلة هنا أن اخواننا أهل السنة في ايران كانوا يجهلون أحوال الشيعة في بلدهم ، كما كانوا يجهلون أحوال العلماء و الدعاة خارج ايران .
والهاشمي عندما يشهد لسعيد شعبان بالفضل و الإخلاص ، و تنتشر مثل هذه الشهادة عنه في أوساط أهل السنة ، و يستغل آيات قم و طهران هذه المسألة فسوف يسارعون الى تنظيم زيارات للمنافق الكبير سعيد شعبان ، و سيقف خطيباً في مدن أهل السنة و يطنب في الثناء على الخميني و ثواره ... و ستحدث هذه الزيارة بلبلة في أوساط أهل السنة ، و سوف يتشيع بعضهم و يقولون للهاشمي و غيره : هذا عالم كبير من علماء أهل السنة و قد قلتم في وصفه : إنه فاضل و مخلص . و هذا الذي نقوله يا اخواننا أهل السنة في ايران ليس رجماً بالغيب ، و إليكم ما نشرته كيهان في عددها الصادر 8 / 7 / 1979 :
" أشاد الشيخ سعيد شعبان أمير حركة التوحيد الإسلامي في لبنان المجود حالياً في الجمهورية الإسلامية بدور الإمام الخميني قدس سره في إحياء الإسلام الأصيل مؤكداً أن نهضته هزت أركان الظلم و الفساد في المنطقة .
و أضاف في كلمة ألقاها في صلاة الجمعة بمدينة أرومية شمال غرب ايران بأن الشعوب الإسلامية في العالم أدركت ببركة جهاد الأمام الخميني قوة و عظمة الإسلام .
و تحدث فضيلة الشيخ سعيد شعبان أمير حركة التوحيد الإسلامي في لبنان خلال زيارته لمحافظة أذربيجان الغربية ، تحدث قبل ظهر أمس الى جمع حاشد من الاخوة السنة في مسجد الإمام الشافعي بمدينة أرومية .
و أكد فضيلته في جانب من حديثه حول الأمة الواحدة : إن الفكر و العقيدة الإسلامية قائمة على أساس التوحيد ، و متى ما كانت الأخوة الإسلامية و الوحدة الإسلامية تحكم في مكان ما فإن الإسلام هناك كانوا منتصرين .


134


و أشار فضيلته الى رحيل قائد الثورة الإسلامية العظيم سماحة الشيخ الإمام الخميني قدس سره الشريف ثم طالب الأخوة السنة بأن يجعلوا الأحكام الإسلامية أساس أعمالهم دائماً ، أعاد الى لأذهان أن سماحة الإمام الراحل " طاب ثراه " إنما استطاع أن يعيد للإسلام حياته من جديد عبر الجهاد و الكفاح المستمر الذي مارسه من أجل هذا الهدف .
و كان فضيلة الشيخ شعبان أمير حركة التوحيد الإسلامي بلبنان الذي يزور الجمهورية الإسلامية على رأس وفد من علماء فلسطين و لبنان قد زار عدة مدن حدودية و أخرى تقع في جنوب محافظة أذربيجان "
و مضى يقول في هذيانه الذي نشرته كيهان في العدد الآنف الذكر : "و كما دخل المسلمون الى مكة منتصرين بعد صلح الحديبية فإن الإسلام الأصيل الذي أحياه الأمام الخميني سيدخل مكة ظافراً ".
ليس لقوله هذا إلا تفسير واحد : الإسلام الصحيح الأصيل هو الذي جاء به الخميني و شيعته ، و ما عداه فإسلام مشوه ، و حال أهل مكة الآن كحال أهل الجاهلية ... ويله من مشهد عظيم ، و يكفيه قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت " ] رواه البخاري في صحيحه [ .
يا اخواننا : استفيدوا من الخطأ الذي وقعتم به عندما أيدتم ثورة الخميني و نعتموهم بما لا يستحقون ، فلا تنعتوا غيره بما لا يستحق ، و لا تتسرعوا في الثناء على من لا تعرفون من الخلق .

135

عندما بدأ المدعو سعيد شعبان نشاطه المشبوه في طرابلس الشام ، اجتمع بنفر من الدعاة بعد عودته من زيارته الى طهران و قال لهم : لقد تعهد الإمام الخميني بتقديم كل ما نحتاجه من أموال ، و أنت يا فلان اترك عملك و سندفع لك أي راتب تطلبه ، فتخلى عنه معظمهم منذ بداية الطريق و أيقنوا أن الرجل باع دينه بدنياه ... و هؤلاء أحياء يرزقون ، و يقومون بواجب الدعوة الى الله بعد أن اضطروا الى ترك مدينتهم في ظل تحالف أهل المدينة السابق _ شعبان _ مع ايران و حلفائها من الناصريين .
و إذا كان قد بقي من يشكك في تصريح شعبان الذي نشرته كيهان ، فليتابع ما تنشره صحف و أجهزة إعلام نظام الآيات منذ حوالي عشر سنين ، و ليتصل بالذين يعرفون هذا الضال المضل أو ليجتمع به إن شاء ، و سيسمعون منه أخطر مما نقلناه عنه .
8 _ في رسالة نشرها أبناء المعتقلين و زوجاتهم مؤرخة في : 7 / 11 / 1402 هـ ، وقد جاء فيها :
" أين أنتم يوم يعلم المسلمون الشيعة الذين يتبعونكم في العالم بقضائكم ، و مكائدكم ، فيتبرءون منكم ، و يضعون حداً لجرائمكم " .
و مما يجدر ذكره أنهم يقصدون في قولهم ( أين أنتم ) نظام الآيات ، و أن هذه جاءت بعد وقوع المحنة ، و هذا يعني أن اخواننا ما زالوا لا يعرفون العقلية التي يفكر بها الرافضة ، و يتصورون من سذاجتهم أن الذي يفعله حكام ايران بأهل السنة لن يلقى قبولاً و لا استحسانا ًعند الشيعة في العالم .
يا اخواننا : آن لكم أن تفهموا أننا كفار في موازيين و مقاييس آيات و مراجع الشيعة سواء كان هؤلاء من أهل ايران أو أهل أي بلد في العالم ...

136

و آن لكم أن تفهموا أن القول فينا جميعاً ما يقوله آيات قم و طهران ... و ها قد مضى على محنتكم حوالي تسع سنين فماذا فعل شيعة العالم ؟ هل تبرءوا من أصحابكم أم هل وضعوا حداً لجرائمكم كما كنتم تتوقعون ؟! كفى غفلة و سذاجة !!( ) .
9 _ استفز جند الآيات الأخوة ، و كان ينتظرون أن يضطر _ مكتب قرآن _ الى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم و عندئذ يسهل على جند الآيات القضاء عليهم ، و إبادتهم عن بكرة أبيهم ، و استطاع الأخوة بوعيهم إفشال هذه الخطة الخبيثة ، و آثروا السجن و الهجرة على حمل السلاح ، و هذا درس للدعاة في كل مكان ، إذ أن عليهم أن ينتبهوا لمكائد أعدائهم ، و بينوا أمورهم على حسابات جادة ، و إذا أرادوا خوض معركة فهم الذين يجب عليهم أن يحددوا وقتها و مكانها .
10 _ أنشأ الآيات _ كما ذكر الأخوة في رسائلهم _ مسجداً ضراراً في كردستان أسموه " المركز الإسلامي الكبير " ، و أعضاء المركز ممن يسمون ( رجال الدين ) ، و يعرف أهل كردستان أنهم من أهل السنة ، و تولى هؤلاء نشر الاتهامات الباطلة عن _ مكتب قرآن _ كقولهم : إنهم ملاحدة ، ووهابيون ، و عملاء للشيطان الأكبر ... و كانت هذه الاتهامات الباطلة تنشر في صحف الآيات و بعض وسائل إعلامهم ، و كان بعض الناس من أهل السنة يسمعون أقوال علمائهم !! و لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن منطقة كردستان الايرانية متخلفة يسود فيها الجهل و تفتقد الوعي .
و أقام الآيات مراكز أخرى بين أهل السنة في غير كردستان ، و في كتابنا هذا أمثلة على ذلك ، و هؤلاء الآيات من المنسوبين لأهل السنة كانوا ينافقون للشاه ، و سينافقون لمن يأتي بعد الآيات ، و لهم أخوان في مختلف بلدان العالم الإسلامي يتقنون تأدية مثل هذا الدور ... و يجب على الدعاة المخلصين أن يختاروا الأسلوب الأمثل في مواجهة المنافقين .

138
مقابلات


المعلومات الواردة في هذا المبحث هي خلاصة مقابلات تم أجراؤها مع عدد غير قليل من أهل السنة في ايران ، وبشكل أخص مع أهل خراسان ، بلوشستان ،وحاشية الخليج ... أما كردستان الايرانية ، فقد اكتفينا بالمعلومات الواردة في هذا الكتاب ، لأن ما قاله الاخوة من أهل هذه المنطقة لا يختلف عن المعلومات التي وردت في رسالة (( قضايا أهل السنة في إيران )) .
وكانت الحاجة إلى مثل هذه المقابلات ملحة ، وذلك لأننا لو اكتفينا بما ذكرناه عن أهل كردستان لقال قائل : ما يعانيه أهل كردستان في إيران لا يختلف عما يعانيه هذا الشعب في غير إيران ، فلي ماذا جعلتم مشكلتهم في إيران مشكلة أهل سنة .
لهذا أجرينا هذه المقابلات ليعلم القراء أن المشكلة عامة لا تخص منطقة دون أخرى ، ولا فرق في ذلك بين أهل خراسان وكردستان ، أو بين بلوشستان وحاشية الخليج ,ولم يسلم من هذا الاضطهاد أحد صوفياً كان أو سلفياً ، وأكدنا أن انتماء الناس لأهل السنة هو سبب محنتهم على يد الآيات .

139


واشترط الأخوة الذين أجريت معهم هذه المقابلات أن لا نذكر أسماءهم ، وقد التزمنا بهذا الشرط لأننا نعلم الأذى الذي قد يتعرضون إليه أو قد يتعرض أهلهم إليه على يد عصاه سفاحين لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة .
و غني عن البيان أن هؤلاء الأخوة ثقاة أمناء ، و قد تخالف أقوالهم أقوال دعاة آخرين وردت أسماؤهم في كتابنا هذا و ربما كان الجميع من منطقة واحدة أمن مدينة واحدة . و هذا لا يضر لأن الجميع قد اتفقوا على فظاعة الجرائم التي يرتكبها أهل الرفض و اختلاف الاجتهادات طبيعي الدعاة ، فهذا يتحدث عن أمر شاهده و قد يكون الآخر شاهد غيره .

و أحياناً كان الشباب يتجاوزون الحديث عن الإقليم أو المدينة ، و يذكرون أوضاعا ًحدثت في إقليم أخرى ، و كانوا في كل ما يذكرون ينقلون عن شهود عيان شاهدوا هذه المآسي .








140

خراسان
_ العاصمة : مشهد ، و نسبة السنة 25% من مجموع عدد السكان ، و تزيد هذه النسبة من القرى ، و تقل في المدن . و لغة أهل السنة الفارسية .
_ السنة في هذه المنطقة فقراء يعملون في الزراعة ، أما الشيعة و البهائيون فأغنياء .
_ مدارس أهل السنة ضعيفة , و غير معترف بها من قبل الحكومة ، و التعليم فيها قاصر على العبادات ، و مذهب أهل السنة " الحنفي " .
_ و في مداري الحكومة يُدرسون فقه الشيعة و عقائدهم للسنة و الشيعة ، و لأهل السنة كتيبات صغيرة في العقيدة تمت صياغتها وفق ما يريد الشيعة .
_ نسبة السنة قليلة جداً في مدارس الحكومة ، و هم على قلتهم موالون للحكومة ، و اذا كان بينهم متمسكون بمنهج السنة فلا يستطيعون أن يربوا الطلبة عليه ، و لو فعلوا فستكون عاقبتهم السجن أو الطرد من عملهم .
_ كبار المسؤولين في وزارة التعليم من أهل السنة تم فصلهم من وظائفهم بعد الثورة أو جرى نقلهم الى مناطق شيعية ليس فيه سنة .
_ أسندت الحكومة قيادة أهل السنة الى علماء السوء من المنافقين الذين يسبحون بحمد كل حاكم .
_ عندما يطالب أهل السنة بحقوقهم يقولون لهم : أنتم قلة و نحن الأكثرية ، و الحكم للأكثرية ، و من جهة أخرى يشنون حملة ضد المخلصين من علماء أهل السنة و يتهمونهم بالوهابية و الكفر و الزندقة , و الوهابية في ايران أخطر من البهائية و المجوسية ، و هي عندهم أشد أنواع الكفر .

141


_ في عام 1985 م جرت انتخابات ، و رغب بعض شباب أهل السنة دخول هذه الانتخابات ، فلم تسمح لهم السلطة لأن لهم صلة بالشيخ _ محي الدين _ و رغم ذلك تمكن الشباب من خوض الانتخابات ، و أقدمت السلطة على منعهم من دخول البرلمان .
_ الشيخ " مولوي محي الدين " مدير مدرسة دينية في " صالح آباد " كتب مقالات يحذر فيها الشباب فيها من عقائد الشيعة ، فاعتقلوه و زعموا أنه وهابي ، و بعد عام أخرجوه من السجن و نفوه من بلده في خراسان الى " نجف آباد " التي لا يوجد فيها سني واحد ، و سجنوا عدداً من العلماء و الدعاة ، و نفوا بعضهم لأنهم دافعوا عن الشيخ محي الدين في خطبهم .
_ كل أيراني في سن معين يؤخذ للتجنيد الإجباري ، لا فرق في ذلك سني و شيعي ، أما الفرق ففي الرتب العسكرية ، فالسني يبقى جندياً و ممنوعاً من تولي القيادة في الجيش ، و كذلك فالسني الذي يقتل في الحرب الايرانية العراقية لا يحصل على تعويض لأنه كافر و قد قتله الكفار ، أما الشيعي فيعطون أهله التعويض المادي ، و قد تحدث أحد الدعاة _ نور الدين _ فيما أسموه أسبوع الوحدة عن أمثال هذه الظواهر ، و كان نصيبه السجن .
_ من المواد المقررة في المدارس و المعاهد السنية : نهج البلاغة ، و الفقه الأكبر ، و كتاب آخر لأحد علمائهم _ مطهري _ ، و الشيعة هم الذين يمتحنون السنة بهذه الكتب ، و النجاح و الرسوب متوقف على قناعتهم بأن الطالب متفهم لهذه الكتب و لا يرفضها .
_ في مدينة مشهد لا يوجد سوى خمسة مساجد لأهل السنة فقط و هي ( التوحيد ، الشيخ فيض ، النور ،رضائيان ، و مسجد آخر لا يذكر الأخ اسمه ) و أراد السنة أهل هذه المدينة بناء مسجد عام 1983 في شارع 17 شهر يور ، و جاءت السلطة ليلاً و هدمت ما بني منه " بالبلدوزر " .


142


_ تشيع بعض السنة في إقليم خراسان ، و من هذا العدد القليل " غلام يحي " ، و كان معروفاً بفساد خلقه و سوء طويته ، و من الأدلة على سوء خلقه أنه كان يشرب " الحشيش " ، و بعد تشيعه لبس لباس علمائهم ، و أغدقوا عليه المال ، و سلطوا عليه الأضواء و مقابل ذلك فلقد نبذ عقائد الشيعة و انحرافاتهم عدد من علمائهم و أصبحوا من أهل السنة ، و من هؤلاء " رضائي " الذي كان من علمائهم البارزين في مشهد ، و العلامة " البرقعي" الذي كان من زملاء الخميني ، و درس في العراق _ النجف _ و بعد أن هداه الله في وقت لهم فيه تمام الهيمنة ، أخرجوه من بيته ، و من مدينة " تبريز " و أرسلوه الى خراسان ، ثم زجوا به في السجن ، و حاولوا اغتياله قبل سجنه فأطلقوا عليه النار ، و نجاه الله بعد أن مكث أياماً في مستشفى من مستشفيات طهران ، و أنكر الشيعة أنهم حاولوا اغتيالهم _ كما هو شأنهم _ يكذبون _ ، و سبب اغتياله خوفهم من نشاطه ، فكان يدرس مجموعة من طلبة الجامعة عقائد أهل السنة و يطلب منهم أن ينكروا أمام الشيعة أنهم سنة ، و كانوا يسمون أنفسهم " أهل القرآن و الرأي " و لجأوا الى مثل هذه التسمية ليتخلصوا من بطش الحكومة بهم ... و مما يجدر ذكره أن " رضائي " من طلاب " البرقعي " .
_ ليس في خراسان أحزاب أو جماعات سنية و غير مسموح بنشوء مثل هذه التكتلات , و لا بطباعة و توزيع مؤلفات و منشورات سنية .
_ القضاء و المحاكمات كلها على المذهب الشيعي ، و اذا كان هنا موظفين في هذه المحاكم من أهل السنة ، فهم منافقون للنظام .
_ أصبح أهل السنة في خراسان شديدو التمسك بعقيدتهم ، و يشعرون بتميزهم عن الشيعة بعد الثورة ، و ذلك لأن منابذة الشيعة لهم بالعداء تركت في نفوسهم أثراً إيجابياً ، و أصبحوا يدركون أنهم يدفعون ضريبة التمسك بالدين الحق .

143


_ الطلبة السنة الذين يدرسون في الخارج قلة ، و لا تعطى لهم جوازات سفر ، و لهذا يضطرون الى مغادرة ايران بدون جواز ، و في الخارج تصادف الطلبة صعوبات في دراستهم
لأن مستواهم العلمي أقل من مستوى زملائهم من أهل البلدان الأخرى ... و عندما يعود هؤلاء الطلبة الى ايران تلقي السلطة القبض عليهم لأنهم لا يحملون جوازات سفر .
_ كان في خراسان جمعية اسمها " جوانان توحيد " و بعد الثورة الخمينية تم حلها ، و اتهمت من قبل الحكومة بالشرعية _ تودة _ ، و مرة أخرى قالوا إنها من مجاهدي خلق ، و هي ليست من هؤلاء و لا من هؤلاء ، و أعضاؤها يشعرون بما يشعر به أهل السنة ، و بعد الثورة نشط " شمس " أي شورى أهل السنة بزعامة مولوي عبد العزيز ، غير أن الثورة حلت هذه الحركة التي استقطبت علماء أهل السنة فترة من الوقت .
_ علماء أهل السنة ثلاثة أقسام : قسم يقول الحق و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و هؤلاء بعضهم في السجن و بعضهم تم نفيه ، و قسم يعرف الحق و يؤثر الصمت ، و قسم يوالي السلطة و يتعاون معها .
_ ليس أمام ضعاف النفوس من أهل السنة إلا التشيع لأنهم يحرصون على الوظيفة ، و التشيع هو الطريق الوحيد إليها ، و الشباب الطيب قد يتهم و يحاكم لأنه من تجار المخدرات ، و هو الذي لا يعرف المخدرات و لا تجارتها .
_ هناك عدد محدود من الطلبة يدرسون في مدارس الحكومة ، و يدخل بعض هؤلاء الجامعات الإيرانية ، و بعضهم الآخر يحاولون إرساله الى جامعة قم لإفساد عقيدته .
_ العمران في مدن السنة قديم و رديء و الطريق المعبدة قليلة ، و الخدمات _ كالكهرباء و الماء و غير ذلك _ سيئة و البترول بالبطاقة ، و ليس الشيعي كالسني في الحصول على هذه البطاقة ، و من الأمثلة على ذلك بلدتي " خرم آباد " و " نصر آباد " و سكانهما من الشيعة و لهذا فكل الخدمات متوفرة بحالة جيدة ، أما قرية " محمود آباد " التي بجوارها فوضعها سيئ لأن سكانها من السنة ، و مثال آخر 144

فهناك قرار منذ أيام الشاه لتعبيد شارع من مشهد الى قرية درازاب السفلي و العليا و الى الآن لم ينفذ هذا القرار.
_ كتب الشيعة التي تهاجم السنة توزع بشكل يلفت الأنظار ، وتنفق عليه مبالغ طائلة ، أما الكتب التي تفضح عقائد الشيعة فيجري التحقيق فوراً مع حاملها ، و جريمته أشد من جريمة الذين يروجون المخدرات .
_ و لأن السلاح ممنوع في خراسان فلم تجر مصادمات مسلحة بين السنة و الشيعة .
و عندما سئل الأخ ما الذي يحتاجه أهل السنة في خراسان أجاب :
ماذا عند أهل السنة في ايران كلها ، و ليس في خراسان وحدها ... فمثل هذا السؤال يصح أن يوجه لقوم ينقصهم شيء بسيط ، أما نحن فينقصنا كل شيء ، و لكن من الذي يساعدنا و من الذي يعيش معنا في محنتنا ؟!.
فأُجيب : هون عليك يا أخي !! الله معكم فكونوا معه ، والمسلمون في كل مكان قد انتبهوا الى مصيبتكم ، ويقفون معكم في مشاعرهم و عواطفهم ، و قد آن الأوان لينجم عن هذه المشاعر تعاون صادق يقتلع جذور هؤلاء المجوس .
و أجريت مقابلة أخرى مع دعاة آخرين من أهل خراسان فزودونا بمعلومات عن مدن أخرى من الإقليم ، و بينوا أحوال الناس فيها ، و من هذه المدن :
_ " تربة خام " على حدود ايران مع أفغانستان و يبلغ عدد سكانها 23 ألف نسمة ، و 55 % منهم سنة ، و من أبرز شيوخ السنة في المدينة " شيخ حاجي " يمدح الخميني في خطبه ، و هذا الشيخ هو قاضي البلدة ، و له أحكام يتحدث عنها الناس باشمئزاز ، و لهذا فالجهلة من الشباب ينفرون من الدين لأجله ويذهبون الى مجاهدي خلق أو الى الشيوعية في كابل فيبقون هناك

145

هرباً من الحكومة و التجنيد أو يعملون في تجارة المخدرات و يجلبونها من أفغانستان . و كما قلت فهذا الموقف من بعض الشباب سببه الجهل و الهوى و إلا ففي " تربة جام " علماء جيدون ، و منهم الشيخ " مصطفى أربابي " و هو من الدعاة العاملين الى الله و غير موال للحكومة .

_ مدينة " تايباد " : عدد سكانها 25 ألف نسمة , و 60% منهم من أهل السنة , وفيها مدارس دينية ومساجد يسكن فيها الطلبة ويدرسون على نفقة المحسنين من أهل المدينة .

ومن الطرائف التي حدثت في هذه المدينة أن أحد جنود السنة أقسم بأنه سيقتل من يشتم الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم , ونفذ قسمه فقتل ستة من الشيعة , وعندما قدموه إلى الحكمة قال : أنتم قلتم لا فرق بين الشيعة و السنة , وهؤلاء شتموا أئمتنا وأنا ثأرت لهم , فحكموا له البراءة , وخرج من السجن بعد فترة قصيرة لأنهم أرادوا حماية الشيعة وهم قلة في المدينة من غضبة السنة .

ومن وسائلهم في تشييع السنة مدارس الحكومة وخاصة الحضانه والإبتدائية , والطلبة يسكنون في هذه المدارس _ داخلي _ وهم من أبناء السنة , والذين يتولون تربيتهم _ من الرجال والنساء _ شيعة , فيعلمونهم عقائد الشيعة وقد تحول بعض هؤلاء الطلبة في مدينة " تايباد " وغيرها من المدن من السنة إلى الشيعة .

_ في صلاة الجمعـة يأتي حرس الثورة إلى المساجد ، ويستمعون إلى خطبة الجمعة ،فإن قال الخطيب شيئاً يخالف عقيدتهم ، أو يخالف مواقفهم السياسية ، اقتادوه إلى التحقيق ، هناك يقدمون

146


له " شريط كاسيت " بخطبته إن أنكر ، ومن الذين حققوا معهم واتخذوا ضدهم إجراء " مولوي عرب " و " مولوي محي الدين " في تربة جام . ومن أجل إفساد أخلاق أهل السنة يكلفونهم بالتجسس على إخوانهم ، ويغدقون عليهم المال ، والناس هناك بحاجة إلى المال لأنهم يعيشون على الكفاف لذلك يجدون من يستجيب لهم .
ومن الأمور التي ترعب الناس في " تايباد " وما حولها : كثيرة قطاع الطرق لأن المنطقة على الحدود مع أفغانستان ، وقطاع الطرق كثر من جهة أفغانستان ، والمستهدفون أهل السنة وحدهم ، وجيش الشيعة لا يحافظ على الحدود ، والشرطة لا ترعى الأمن ، ولهذا فقطاع الطرق يسرقون الأغنام والسيارات وكل ما يقع عليه أيديهم من مال ومتاع ، وفي عام 1987 سرقوا سيارة وسائقها وحتى كتابة هذه الأسطر لا يعرف مصيره ... وكذلك يأخذون الحلي والذهب من النساء ، وأخيراً أقدم قطاع الطرق على خطف بنات و نساء أهل السنة ... وهذا يحدث في مدن أهل السنة وقراهم ، أمامدن الشيعة فلا يستطيع قطاع الطرق الوصول إليها بله أن يرعبوا سكانها .
والسلطة تقول : إن قطاع الطرق هم من السنة الأفغان ، والصحيح أنه إذا فقد الأمن ، وانتشرت المخدرات والمفاسد كثر قطاع الطرق ، وهؤلاء بعضهم من الشيعة وبعضهم من السنة وبعضهم من إيران وبعضهم من أفغانستان والمشكلة ليست في وجودهم وإنما المشكلة ناجمة عن فقدان الأمن ... وهي سياسة تتبعها السلطة ، وبدلاً من حمايتها للحدود ، فهي تسخر أجهزة الأمن في مراقبة المواطنين والتضييق عليهم ، وكبت أنفاسهم وفضلاً عن ذلك فيأخذون شباب أهل السنة للقتال ضد العراق ويضعونهم في مقدمة الجيش ليموتوا .
ويعيش أهل السنة في " تايباد " وما حولها على رعاية الأغنام والزراعة وغير ذلك من الحرف البدائية .

147

_ وهم _ أي السلطة _ لا يتساهلون مع الطلبة الذين يدرسون في الخارج ، ويجدون من المنافق ين من يقدم لهم اسم كل طلب يدرس في الخارج ، ويقومون بإلقاء القبض عليه لأنه وهابي ، وفي سجونهم نماذج كثيرة ... وهكذا أغلقوا بوجهنا الجامعات في الداخل ، وأرادوا منعنا من الدراسة في الخارج .




_ يعيش أهل السنة _ وهم الأكثرية _ حياة ً بدائية , ويعتمدون على الرعي , والتجارة البسيطة لا سيما و أن المنطقة تقع على حدود إيران مع باكستان ... وللنظام القبلي سلطان في بلوشستان , وتستغل حكومة الآيات مساوئ القبيلة , وتشعل بينهم نار الفتنه , ففي عام 1988 نشب قتال بين قبيلة " بار محمد " و " قبيلة الريجي " , ووقعت خسائر فادحة بين القبيلتين .

_ الجهل متفشي لأن المنطقة مهملة منذ أيام الشاه , وأوضاع الشباب مزرية تنتشر بينهم المخدرات , وتسهل الحكومة انتشار هذا البلاء الذي يفتك بعقول الشباب ويدمر قلوبهم وأجسادهم ثم تصفهم فيما بعد بأنه لهم إلا تجارة المخدرات ... وفي السنوات الأخيرة خرجت أعداد كبيرة من الشباب البلوش إلى خارج إيران و استوطنوا في دول أوربا الغربية وبشكل خاص في السويد

148


وكثر عدد النساء في المنطقة , وأصبحن يخرجن إلى الأسواق من بيوتهن ولا يعرفن التجوال في الشوارع والوقوف أمام البقالات والأفران وغير ذلك .
_علماؤنا في بلوشستان لا يستطيعون تأليف كتاب يخالف عقائد الشريعة التي تمس ديننا وعقيدتنا , وبالتالي فهم عاجزون عن الدفاع عن السنة , وأكثر من ذلك فهم مجبرون ( ) على الذهاب إلى جبهات القتال , ومـن يرفض الذهـاب يغلقـون مدرستـه ... كما أنهم مجبرون على أن يبنوا للناس من فوق منابرهم يوم الجمعة أن القتال ضد العراق فرض عين على كل مسلم سنيا ً كان أو شيعيا ً .
_ لا يوجد خلاف مذهبي بين أهل السنة فكلهم على مذهب أبي حنيفة النعمان رحمه الله وبدأت السلطة تتحدث عن الوهابية والوهابيين , واستفتت المنافقين ممن تسميهم علماء فأفتوا بكفر كل من ينتسب إلى الوهابية , واتخذت من هذه الفتوى ذريعة لسجن بعض الدعاة في منطقة نجوار وغيرها .
_ ومن العلماء العاملين الذين اعتقلتهم السلطة " صوفي دوست محمد " , وهو كاتب , وله مؤلفات تحدث فيها عن بطلان عقائد الشيعة , وكان منتبها ً لخطرهم منذ أيام الشاه , وهو من مدينة سروان في بلوشستان , وعاقبوه في السجن لمدة سنتين ثم نفوه إلى أصفهان , ومؤلفاته كتبها باللغة الفارسية .
_ ويحاول نظام الآيات تشييع أهل السنة , ويسلكون طرق مختلفة من أجل تحقيق هذا الهدف :
منها إفساد الذمم والضمائر بالتجسس , وصرف رواتب ومكافآت لمن يقومون بهذه المهمة

149

وتجمع السلطة هؤلاء الذين فسدت ضمائرهم في حلقات خاصة يدرسونهم فيها عقائد الشيعة .ومنها : نشاط الطلبة في المدارس الحكومية , ففي العطلة الصيفية يقيمون المخيمات التربوية خارج الإقليم , ولا تجد في هذه المخيمات على كثرتها موجها ً سنيا ً واحدا ً فالموجهون والمربون و الأساتذة الشيعة يدرسون أبناء أهل السنة ... يدرسونهم مثالب الصحابة كما يشاءون ويفترون ... ويدرسونهم عقائد الشيعة ... ويدرسونهم سياسة نظام الآيات ، ولقد تشيع بعض شباب أهل السنة في مدينة " إيران شهر " ( ) .
- يقوم بعض أفراد القبائل بقطع طرق الشيعة لأسباب مختلفة منها فقرهم المدقع وحاجتهم إلى المال وشعورهم أن هؤلاء هم سبب فقرهم ... ومنها : اعتقاد هؤلاء بوجوب قتال الشيعة , وليست لهم أهداف مادية ... ومنها : أنهم قد لا يكونوا فقراء , ولكن هذه هي مهنتهم .
_ يعيش الناس في بلوشستان في ضيق وشدة ، فكل شيء مراقب ، وكل شيء يتجسسون عليه : صناديق البريد ، الهواتف , الشوارع , المدارس الأهلية , ورغم ذلك يقول الرافضة في أجهزة إعلامهم أنه لا فرق عندهم بين سني وشيعي .
_ في الإذاعة خصصوا ساعة واحدة في الأسبوع لأهل السنة , ويشغلها المنافقون في النفاق للحكومة والدفاع عنها .
_ البلوش يملكون السلاح ، ولو كانت لهم قيادة تجمع شتاتهم لانتزعوا حقوقهم من الرافضة ، والدولة تعرف ذلك ، وتعرف خطرهم وخطر الأكراد عليها .



150

حاشية الخليج
تبلغ نسبة السنة في إقليم هرمز حوالي 50%أما في بندر عباس _العاصمة _فتبلغ 30%
وفي الأصل فأن سكان بندر عباس معظمهم من السنة ,والشيعة وفدوا إليها من الخارج ,ويكثر السنة في القرى .
ولا يوجد في الإقليم كله أكثر من ثمان مدارس أهلية ,ومنها "مدرسة العلوم الإسلامية لأهل السنة " يديرها الشيخ محمد علي ضيائي ,وهو من خريجي الجامعة الإسلامية _ المدنية المنورة _ , ويعتبر قدوة لشباب أهل السنة في الإقليم ,ويتجمع حوله الشباب لكنه لم يحاول أن يؤسس حزبا ً أو جماعة إسلامية , وفي عهد الشاه كان يلقي درسا ً سريا ً ( ) لصفوة مختارة من الشباب , وكان له نشاط اجتماعي في " بندر عباس " و
" انجمن " , وكان يطبع الكتب ويوزعها ,, وتقلص نشاطه بعد الثورة الخمينية , واقتصر على رعاية مساجد أهل السنة ، وانقطع عن الدرس الخاص .
و كان له مكتبة اسمها مكتبة التوحيد ، و لكن مجاهدي خلق تمكنوا من السيطرة على هذه المكتبة مستغلة مجموعة من الشباب السنة المغفلين ,فلجأت الحكومة الى إغلاق هذه المكتبة و اعتقال الشباب بحجة أنهم من مجاهدي خلق .
_ تحسنت أحوال أهل السنة في بندر عباس بسبب هجرة مجموعة من العراقيين إليها أثناء الحرب العراقية الايرانية ، و كان أحدهم إماماً و خطيباً لمسجد عمر بن الخطاب في " بندر

151

خمير " ، و انتبه نظام الآيات الى الخطر الوافد عليهم فاعتقلوا الشباب العراقيين ، والتهمة جاهزة لا تحتاج الى إعداد أو الى طول التفكير :إنهم وهابيون و كفى.
_ في " بندر خمير " مدرسة للعلوم ا لدينية و اسمها " صدر الإسلام " و الناس في هذه المدينة سنة أما الشيعة فقلة قليلة ، و مع ذلك فالمدرسة الحكومية و الإدارات بأيدهم و ليس بينهم أحد من أهل السنة حتى المسؤول عن المدينة فهو أحد الوافدين إليها ، و قد بنى مسجداً كبيراً للشيعة ، مع أن عدد المصلين الشيعة لا يتجاوز أصابع اليد .
_ حصل صدام مسلح في عام 1980 ميلادي بين السنة و الشيعة في مدينة "بند لنكة " بسبب خطبة ألقاها الدكتور " اسماعيلي " و هجم الشيعة على المسجد لقتل الشيخ د . اسماعيلي و أستاذه " الشيخ محمد علي خالدي " المشهور " بسلطان العلماء " و بدأ القتال بعد صلاة الجمعة ، واستمر حوالي ساعة ، و أطلقوا النار على المصلين ، و لكن لم يقتل أحد من الطرفين .
و خرج شباب أهل السنة بعد ذلك في مظاهرة احتجاجاً على هجوم الشيعة على مساجده ، و جاءت قوات الجيش فأحاطت بالمتظاهرين و قتلت عدداً منهم ، و تمكن أحد شباب السنة من اعتلاء منارة المسجد الجامع و هو يحمل " كلاشنكوف و ستة مخازن " ، و قتل من الشيعة في اليوم الأول عشرين قتيل ... ثم توسعت دائرة القتال ، و حاصر الجيش المدينة لمدة أسبوع ، و جاءت قوات شيعية مدنية من خارج المدينة لنجدة اخوانهم ، و كانوا يلبسون الثياب التي أعتاد أهل السنة لبسها، و بلغ عدد القتلى من الشيعة سبعين ، و من السنة سبعة عشرة و كان أكثرهم من النساء .

أما الشيخ د . اسماعيلي فاستطاع أن يغادر " بندر لنكة " و التجأ الى

152


إتحاد الإمارات ، ثم توقف الذي كان يقوده ما يسمى بآية الله " ركني " و غادر سلطان العلماء مدينة " بندر لنكة " و استقر أيضاً في اتحاد الإمارات ، و حاولت السلطة إقناع الشيخ محمد علي الخالدي بالعودة الى ايران لأن وجوده خارجها يحرجهم أمام الرأي العام في الخارج لكن الشيخ رفض و أعلن بأنه لا يأمن على نفسه اذا عاد .

تشيع في" بندر خمير " ستة أشخاص من عائلة الجيلاني ، ومن الذين أصبحوا سنة الدكتور " مظفريان " و هو الآن خطيب و داعية في " شيراز " و يعاني ضغوطاً شديدة .
وسئُل الأخوة عن المشكلات التي تواجه أهل السنة في " حاشية الخليج " فأجابوا كلاماً مشابهاً للكلام الذي سبق ذكره عن مشكلات بلوشستان و خراسان و غيرهما ، و من هذه المشكلات : البطالة ، و الفقر ، و الجهل ، و منعهم من مغادرة ايران سواء كان ذلك من أجل العمل أم أجل الدراسة ، و ثالثة الأثافي المخدرات التي يستوردونها من بلوشستان و أفغانستان .

عز الدين الحسيني
الشيخ عز الدين الحسيني قائد ديني تقليدي للأكراد الإيرانيين ، و قد أيد الخميني ضد نظام الشاه ، و عندما نكث الخميني بوعوده للأكراد قاد عز الدين المقاومة المسلحة عام 1979 م ضد نظام الآيات ، و في عام 1980 أخلى المدن و صعد الى الجبال و استمر يقاتل معتصماً بجبال كردستان حتى عام 1985 م فاضطر الى مغادرة ايران و التجأ الى العراق .

153

و يقول في عدد من المقابلات التي أجريت معه :
إن الخميني أعلن الجهاد ضد الشعب الكردي لأنه يعتقد كفره ، و يقول أيضاً : إن الخميني لم يعترف بأي مرجع ديني في كردستان الايرانية على اعتبار أن هؤلاء من السنة . لقد كانوا و لا يزالون يعتمدون على بعض رجال الدين الشيعة الذي تم إحضارهم من خارج المنطقة .
و أضاف قائلا ً الكل يعرف أن هناك إهانة يومية للخلفاء الراشدين رضي الله عليهم ، و هناك استفزاز دائم لمشاعر أهل السنة ، و علاوة على ذلك فقد قاموا بإغلاق جميع المدارس الدينية السنية في " مهاباد " .

انظر مجلة " المجلة " 20 /2 / 1990 ومقابلة أخرى أجرتها جريدة " العرب " اللندنية في 15 / 10 / 1986 مع أخيه الشيخ جلال الدين الحسيني زعيم النضال القومي الإسلامي " خبات " .
و هناك شيوخ صوفيون لا شأن لهم بالساسة ، وكانوا يظنون أن العلاقات الودية سوف تستمر بينهم و بين نظام الخميني ، و لكن الأخير بعد أن انتهى من العلماء و الدعاة الطيبين التفت الى الصوفيين و غيرهم و بدأ يستفزهم و ينشر التشيع بينهم فاضطر الشيخ عثمان نقشبندي الى مغادرة ايران و الإقامة في فرنسا ، ثم غادر الى تركيا و أقام فيها بين " مريديه " ، و راح يعمل من أجل توحيد صفوف المعارضة ... و هكذا لم يترك نظام الآيات أحداً من السنة ... و كانوا يتحالفون مع هذه الجهة ضد تلك ، ثم يغدرون بحلفائهم ، و في كل مرة يجدون من يتعاون معهم .

155


مقابلة مع الشيخ ضيائي

هذه المقابلة محاولة لكشف حقيقة أهل السنة العرب في جنوب ايران في العهد الشاهنشاهي و عهد الثورة الايرانية ، و من هنا جاء الحوار مع أحد علماء السنة في ايران الشيخ محمد بن محمد صالح ضيائي ... خطيب الجمعة في مدينة " بندر عباس " بإيران ، مدرس العلوم العربية في احدى المدارس الثانوية منذ ( 13 ) سنة ... تلقى علومه الدينية الابتدائية في مدرسة دينية بمدينة " عوض " السنية على يد الشيخ " أحمد فقيهي " أول أستاذته على حد قوله ثم انتقل الى المدينة المنورة عام 1960 لاكمال الدراسة الدينية فدخل الجامعة الإسلامية عندما افتتحت عام 1963 و تخرج منها عام 1970 ليرجع الى ايران و يخدم أهل السنة فيها الى اليوم

و جرى هذا الحوار في بيت متواضع مبني من الطين بمدينة " عوض " و هي إحدى المدن السنية المتوزعة في جنوب ايران حيث يتوزع المسلمون السنة في ايران على الجهات الأربع فهم سنة عرب في الجنوب الايراني ، و السنة البلوش في منطقة بلوشستان على حدود باكستان ، و الأكراد في منطقة كردستان في الشمال الغربي من ايران . و الخراسانيون على حدود أفغانستان و روسيا ، و التركمان في شمال ايران ، فالسنة خمسة أقسام موزعون على الجهات الأربع من ايران .


156

و قد حاولت " المجتمع " من خلال هذه المقابلة مع الشيخ ضيائي أن تستكشف أحوال أهل السنة في جنوب ايران المشتهر بجنوب فارس فكان هذا الحوار :

المجتمع : نود أن تحدثنا عن أحوال المسلمين من أهل السنة و الجماعة في ايران في عهد الشاه ؟

الشيخ ضيائي : في الحقيقة قبل الثورة الإسلامية كان أهل السنة يعيشون عيشة علمانية فأسباب الفساد متوفرة للجميع سواء كان الإنسان سنياً أم شيعياً ، لم يكن الشاه يخدم الشيعة أو السنة و إنما كان يؤيد الفرقة البهائية و قد تتضرر أهل السنة كثيراً في الخمسين سنة الماضية خصوصاً في عهد _ رضا شاه _ كما في مسألة رفـع الحجاب مما دفع العديد من العائلات السنية الى الهجرة نحو بلدان الخليج و لم يكن لأهل السنة في عهد الشاهنشاهية أية حقوق اجتماعية فمدارس أهل السنة كانت ضئيلة أذكر في مدينة " بندر لنجة " وهي مدنية كبيرة 99 % من أهلها من السنة كانت فيها مدرسة دينية واحدة يتخرج منها أئمة المساجد وغيرهم ولم تكن للمدرسة صفة رسمية , وفي مدينة " عوض " أيضا ً مدرسة دينية واحدة تمول من قبل الحسنين المقيمين في الكويت وغيرها من الدول العربية والدولة الشاهنشاهية لم تمول مسجدا ً واحدا ً لنا من مجموع ألف مسجد لأهل السنة في جنوب إيران .


157

كما تضررنا قبل الثورة من جهة التربية والتعليم فالجامعات كانت قائمة في المدن الإيرانية الكبيرة التي يغلب عليها الطابع الشيعي . فالطالب الشيعي ينسجم مع هذا الوضع أما الطالب السني فهو مخير بين اتجاهين إما اتجاه ديني شيعي معاد للخلفاء وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وهذا مرفوض بالنسبة له , وإما اتجاه سياسي مادي شيوعي فمن الطبيعي والحالة هكذا أن يتجه إلى الشيوعية فلو وجدت في كل جامعة مكتبة صغيرة تخص أهل السنة لما اتجه الطالب الجامعي السني إلى الشيوعية ، لذلك كان أكثر الطلاب الذين تخرجوا من الجامعات الايرانية يحملون أفكارا ً شيوعية وهذا من أكبر الأضرار التي تحملناها قبل الثورة وبدأت نتائجها السيئة بعد الثورة ...
المجتمع : هل تغير أحوال أهل السنة بعد الثورة ؟

الشيخ ضيائي : لقد تغيرت من بعض النواحي فقد فمن ناحية الأمور الاجتماعية والأخلاقية أزيلت جميع آثار الفساد من المدن السنية مما أنتفع أهل السنة كثيرا ً لكن بما أن مذهب الدولة الرسمي هو المذهب الشيعي فمن الطبيعي أن رجال الدولة لا يعملون على تقوية مذهب أهل السنة والجماعة مع أن من المفروض أن يظهر كل من الفريقين على أنهما شعب واحد لا اختلاف بينهما ولكن الحقيقة غير ذلك . نحن نقول بأن أبا بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم من أعظم رجال الإسلام وأخلصهم وأنهم يدخلون الجنة مع الرسول الله والشيعة تكذب ذلك وتقول أنهم في النار " معاذ الله " والسنة تعتقد أن علماء الإسلام عليهم أن يرشدوا الحكام والشيعة تعتقد أن علماء الدين بمنزلة الأنبياء وطاعتهم مطلقة كطاعة الله ورسوله وهناك اختلاف في الأحكام بين السنة والشيعة فكيف يكون هناك انسجام ؟
المجتمع : هل تقوم حكومة الثورة بنفسها بفتح المدارس الشرعية وإنشاء المساجد لأهل السنة وتسمح لأهل السنة بنشر وطبع الكتب السنية الشرعية ؟

158


الشيخ ضيائي : لم تفتح الحكومـة لأهل السنـة مدارس دينية ، نحن أسسنا في ( بندر عباس ) مدرسة دينية غير رسمية والحكومة لم تمانع كما علمنا أن مدارس دينية عديدة أنشئت في بلوشستان وحكومة الثورة لم تمانع ذلك أيضا ً ونظرا ً لانشغال الدولة في حروبها الداخلية والخارجية فحتى الآن لم نعلم نواياها الحقيقية اتجاه موضوع المدارس . أما بشأن الكتب الشرعية فالدولة لا تشجع كتب أهل السنة بينما تؤيد بقوة نشر الكتب الشيعية التي تطعن في أنساب الخلفاء والصحابة ومهاجمة أهل السنة مما يشجعنا على القول بأن الدولة لا تريد خدمة السنة .
المجتمع : يقال أن السنة يلاقون اضطهادا ً من بعض الشيعة المتعصبين كانتهاك مساجد أهل السنة وسب الصحابة فما حقيقة ذلك ؟
الشيخ ضيائي : نصف الخبر صحيح والنصف الآخر كذب فمهاجمة الشيعة لأهل السنة ولمساجدهم غير صحيح وكذب خالص عدا تلك المشكلة الداخلية التي حصلت في مدينة ( لنجة ) بين السنة والشيعة أبان الثورة والتي أثارها اليساريون لاشغال الثورة بأمور داخلية وقتل فيها ( 17 ) شخصا ًمن الشيعة و (27 )من السنة وإلى الآن لا نعلم السبب الصحيح لها وانتهت بسيطرة الدولة على الأمور والمصالحة بين الطرفين هذا في جنوب ايران ، أما في " كردستان " فنحن لم نذهب إلى هناك على كل لم نسمع أن مسجدا ً من مساجد السنة أغلق .
أما صحة نصف السؤال المطروح فتتعلق في أن الحكومة تؤيد سب الصحابة والنيل منهم كائنا ً من كان في أيام وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا عدا على علي بن أبي

159

طالب رضي الله عنة وولديه الحسن والحسين رضي الله عنهم وأئمة الشيعة . وقد وزع الحراس الثورة في بعض القرى رسائل تهين الصحابة ولما بلغ المسؤولون بالأمر منعوا توزيع الرسائل في منطقة السنة فقط ! ولاتزال الشيعة تسمي الصحابة المذكورين بالخونة والفسقة والمرتدين وأهل النار... وهذا شيء لا يستطيع أحد إنكاره ، وعلى سبيل المثال : قال الخميني قبل رمضان في تلفزيون إيران بالحرف الواحد : " أن شعار الفرقة الناجية وعلامتهم الخاصة من أول الإسلام إلى يومنا هذا إقامة المأتم " معنى هذا أن الذين لا يقيمون المأتم ولا يلبسون الأسود ولا يقيمون مجالس النيابة غير ناجين من النار إشارة إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تفرق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة واحدة منها ناجية والباقي في النار " وهذا حكم واضح من الخميني على أهل السنة بأنهم من أهل النار وكتب الشيعة تؤيد ذلك وتشجع طبع ذلك الكتب .
المجتمع : فضيلة الشيخ نود لو حدثتنا عن شعور أهل السنة تجاه الدستور الإيراني الحديث الذي يعامل أهل السنة معاملة أهل الذمة ويحرمهم من تسلم المناصب القيادية في الدولـة كرئيس الجمهورية والوزراء والمجلس الذي يخلف الخميني وقيادة الجيش وغيرها !!
الشيخ ضيائي : أكثرية أهل السنة يشعرون بأنهم محتقرون لحرمانهم بعض الحقوق بموجب الدستور وهناك أقلية وأنا منها تعتقد الذي حصل في الدستور حول هذه المسألة أمر طبيعي فالأكثرية لم تعط الحق المعلوم للأقلية وأنا أرى بأن من الأفضل والأنسب لمستقبل المسلمين السنة في إيران أن ينص الدستور الإيراني على مذهب الشيعة وعندها يكون كل ما يجرى في إيران من سب ولعن ومأتم وشق للجيوب على مذهب الشيعة لا باسم الإسلام فلو كان

160

باسم الإسلام فقط دون النص على مذهب الشيعة لكان الموضوع أخطر بكثير وهذا الرأي ربما بعض العلماء يؤيدني فيه .
المجتمع : ما مدى تكاتف وتعاون أهل السنة من عرب وأكراد وتركمان وبلوش وبعض السنة من الفرس في توحيد مطالبهم ؟
الشيخ ضيائي : للأسف ليس بين أهل السنة تكاتف معنوي يجمعهم ويحدد مشاكلهم ويوحد مطالبهم وذلك عائد لأسباب عديدة منها أن السنة موزعون جغرافياً على أربع جهات إيرانية تبعد كل جهة عن الأخرى آلاف الكيلومترات مما يجعل الاتصال فيما بينهم صعبا ً وهناك سبب أخر يتمثل في تنوع الأهداف واللغات لكل مجموعة من مجموعات السنة , فكردستان تطالب بالاستقلال الذاتي منذ خمسين سنة , بينما أهل السنة في الجنوب لا يدعون إلى الاستقلال أبدا ً . بلوشستان لها لغة خاصة أقرب إلى الأوردية والتركمان لهم لغة خاصة أقرب إلى التركية ، والسنة في الجنوب يتكلمون لغة فارسية خاصة ، كما أن الحرمان من التأييد لمذهب السنة في إيران منذ نصف قرن أدى إلى جهل بالعلوم الشرعية و ان وجدت الكتب الشريعة فهي قديمة لا تتماشى مع الزمن وأهل السنة يشعرون بتأخر عن ركب الحضارة الإيرانية ، مثلا ً في مدينتي " جهرم " و " لار " وهما مدينتان شيعيتان وقريبتان من مدينة " عوض " السنية

في منطقتنا ، الأهالي يرسلون أبنائهم إلى " قم " و " مشهد " من أجل الدراسات الدينية فيرجعون باسم حجة الإسلام ويبينون حقائق الشيعة !! أما نحن فلا نملك مدارس دينية ولا مراكز علمية وقد قمنا مؤخرا ً بإرسال طالبين من " عوض " إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة . كل هذا يمنع وحدة أهل السنة والدولة نفسها لا تحبذ هذه الوحدة ، مثال ذلك أن علماء السنة في

161


جميع أنحاء إيران دعوا إلى عقد مؤتمر علمي سني في طهران أيام كان " محمد على رجائي " رئيسا ً للوزراء و "بنى صدر " رئيسا ً للجمهورية , واصدر المؤتمر قرارا ً يطالب الحكومة بتعيين مجلس خاص لعلماء السنة يتولى شؤون دينهم في جميع وزارات الدولة ويكون مرجعا ً لأهل السنة ، فكان جواب رجائي : " لا يمكن أن يكون ذلك ! هذا المجلس يعتبر دولة داخل دولة ! " حتى أن القرار الذي أصدره المؤتمر منع من التوزيع لأنه يدعو إلى الفرقة حسـب قول رجائي !
المجتمع : فضيلة الشيخ ... لماذا يرفض سلطان العلماء الشيخ محمد على العودة من دبي إلى طهران وما هي قصته ؟
الشيخ ضيائي : أنا أرى بأنه كان على سلطان العلماء أن لا يتدخل في بعض الأمور السياسية وألا يصدق ما وعيده الشباب اليساريون فقد نقل عن الشيخ أنه حرم التصويت على الدستور الإيراني تأيدا ً لشيخ عز الدين الكردي الذي يحارب الدولة وما كان ينبغي له أن يخرج من إيران ولو عاد الآن فلن يغتالوه وسيخدم أهل السنة كما كان يخدمهم في السابق .

لقد خرج الشيخ بمفرده في زيارة دبي ثم دعى عائلته دون أي سبب عندما حصلت الفتنه " لنجه " وخوفه الناس من العودة ولكنني طمأنته فعاد إلى " لنجه " وعاش فيها خمس شهور هدأة فيها الأمور ثم ارتأى الشيخ أن يخرج ثانية من إيران لأنه سئم من الأوضاع وأحب أن يستريح في دبي , ويستطيع الشيخ العودة إلى إيران وأنا شاهدت بنفسي رسالة بخط رئيس الجمهورية الحالي " علي خامنئي " كتبها للشيخ يدعوه للعودة
إلى إيران ليخدم شعبة ومذهبه والمسؤولون الإيرانيون يقولون بأنه مادام الشيخ سلطان العلماء قد خرج بنفسه وبإرادته فليس من المصلحة أن ترسل له وفدا ً يدعوه للعودة وذلك لأن

162

قضية الوفد طرحها مؤيدو الشيخ وأنصاره وأنا ناقشت المشكلة مع مؤيدي الشيخ من أجل عودة الشيخ إلى " لنجة "دون الحاجة إلى وفد وليس هناك أي خطر فيما أعتقد ولنفرض أن هناك خطر فهل نهرب من الموت ونتخلى عن مسؤولياتنا هذا أمر خطير ألا نعود خوفا ً من الموت والله تعالى يقول : ((وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً )) أما كون الشيخ يخاف من القتل والاغتيال ولا يعود إلى إيران فهذا عيب في الشيخ هداه الله .

المجتمع : يا ترى ما هو دور السنة في الثورة الإيرانية التي أطاحت بحكم الشاه ؟

الشيخ ضيائي : لم يكن للسنة أي دور في الإطاحة الشاه والذين قادوا الثورة هم علماء الشيعة وإهانة علماء الشيعة للصحابة في خطبهم تجعل أهل السنة تشمئز منهم وشباب السنة الذين أيدوا الثورة قبل خروج الشاه وبعد خروج الشاه هم يساريون شيوعيون ولا يعني هذا أن أهل السنة كانوا يؤيدون الشاه ، فالشاه نفسه كان مروجاً لمذهب الشيعة فكيف يؤيدونه ؟ وإنما جبروت الشاه وسيطرته جعل أهل السنة كأقلية في إيران تخاف منه وتخاف في حال عدم نجاح الثورة أن يبطش بها كأقلية . هذا الظن جعل أهل السنة يعيشون على شيء من المحافظة وحتى الآن هنالك الكثير من الشيعة والسنة تخاف من عدم دوام الحكم وسيطرة الشيوعيين . ومعظم أهل السنة يعتقدون أن علماء الشيعة لا يخدمون السنة اطلاقا ً وخدمتهم للسنة في الحجاب ومنع الفساد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما تم لإشتراك السنة والشيعة في هذه السائل والخميني لم يقم بهذه الأمور تأييدا ً للستة وإنما أزال المنكرات لأن مذهب الشيعة يؤيد إزالة المنكرات .

المجتمع : هل تفرق الحكومة في توزيع الخدمات بين المناطق السنية والشيعية ؟

163


الشيخ ضيائي : ما نعلمه أن الحكومة لا تفرق بين توزيع الخدمات لكن بعض المسؤولين في المناطق يسيئون التصرف لغرض في أنفسهم كما هو حاصل الآن في جزيرة " قشم " وبعض الجزر السنية حيث بدأت الدولة حصارا ً اقتصاديا ً لرجال السنة بقطع جميع الروابط التجارية بين جنوب الخليج وشمالها علما ً بأن 90% من التجار في هذه الجزر من أهل السنة وبعضهم الآن يحكم على عمل عملوه قبل عشرين سنة بنقل أشخاص من السنة من دبي إلى بندر عباس ولكن يبدو لي أن هذا الأمر لسوء غرض المسؤولين في المنطقة وليس بأمر من طهران .

المجتمع : ما دور علماء المسلمين السنة في محاربة البدع و الخرافات و مزارات الأولين و الصالحين و بناء القبب على القبور المنتشرة في مدن المسلمين و قراهم من أهل السنة ؟

الشيخ ضيائي : علماء السنة لا يمكنهم القيام بمحاربة البدع و الخرافات لأن المذهب الشيعة تأسس على تعظيم القبور و عبادتها فكيف يمكن لسني أن يحارب أموراً تؤيدها الشيعة ؟ هذه محاربة لمذهب الشيعة باعتباره مذهب الدولة , بالمقابل من الذين يهدمون القباب ؟ و من الذين يطبقون الحدود ؟ طبعاً الحكومة لذلك أرى بأن علماء السنة لا يمكنهم بأي حال من الأحوال أن يقوموا في جنوب فارس بمحاربة الخرافات و هدم القباب و الدولة وحدها قادرة على ذلك و التوعية يمكن أن تلعب دوراً في هذا الموضوع لكن للأسف عدد العلماء قليل .

المجتمع : هل تقوم بين السنة دعوة إسلامية تدعوهم الى نبذ الاتجاهات الغربية و الشيوعية و الالتزام بالاسلام ؟



164

الشيخ ضيائي : لا يوجد بين الشباب اتجاه غربي اطلاقاً و الاتجاه السائد بين الشباب هو الاتجاه الديني العادي ، أو الاتجاه اليساري الشيوعي المكتسب من الجامعات الايرانية في عهد الشاه ، و للأسف لا يوجد دعاة مخلصين ليشكلوا جبهة تقاوم الاتجاه اليساري و من العار على السنة أن يكون بينهم شباب ينتمون للشيوعية الحمراء و يؤيدون البلشفية الروسية فيما ترتكب من جنايات في أفغانستان . المجتمع : فضيلة الشيخ ... ما هو دوركم في ذلك ؟
الشيخ ضيائي : أنا لي مدرسة دينية في " بندر عباس " فيها ( 30 ) طالبا ً كما أعمل مدرساً للعلوم العربية في مدرسة ثانوية ، و أخطب يوم الجمعة في بندر عباس بالعربية و الفارسية مبيناً أحكام الدين و المسائل التي تهم المسلمين و الواقع ، و إمكانياتي محدودة مما يجعلني لا أقوم بالواجب على الوجه الأكمل ...
المجتمع : يقال أن الحكومة الايرانية تضيق عليك و أنها منعتك من الذهاب الى الحج سنتين متتاليتين ... فما حقيقة ذلك ؟
الشيخ ضيائي : هذا غير صحيح و الدولة لا تضطهدني بدليل أن ايران تؤيد حافظ الأسد وأنا ما ذكرت حاكما ً بسوء إلا وقرنت به الأسد و الدولة لم تعترض مطلقاً لماذا تسب حافظ الأسد ؟ بل ان الحكومة حاولت تقديم مساعدة شهرية لطلابي بما يعادل ألف تومان لكل طالب . لكنني رفضت المساعدة خشية الوقوع في عواقب غير محمودة كأن تكون بعدها أوامر رغم أن الدولة قدمت المساعدة دون قيد أو شرط .

المجتمع 5 / 10 / 1990 م

165

تعليــق

كان الشيخ ضيائي جريئاً فيما ذكر عن تصورا الشيعة و عقائدهم و مواقفهم من أهل السنة ، و آ كد فيما قاله أنه لا لقاء بين الشيع و السنة ، و قوله هذا لا يجادل في صحته كل مطلع على تاريخ الرافضة عقائدهم .
و رغم أهمية المقابلة فلنا عليها الملحوظات التالية :
1 _ قال الشيخ : إن الشاه لم يخدم الشيعة أو السنة . و في قوله هذا نظر لأن الشاه كان يقدم مساعدات للشيعة داخل ايران و خارجها ، و كان عدد غير قليل من الآيات يؤيدونه و يستفيدون من المساعدات التي يقدمها لهم ، و يجيد الآيات لعب مثل هذه الأدوار . و قد شهدت جامعات الرافضة و معاهدهم و حوزتهم ازدهاراً منقطع النظير في عهد الشاه .
و صحيح أن الشاه كان علمانياً فاسداً لكن علمانيته لا تتعارض مع اهتمامه بالشيعة ، فالشيعة متعصبون لقيادتهم الفارسية ، و هذه القيادة تكره العرب .... و هذا الذي كان يريدوه الشاه .و قد انتبه الشيخ الى خطأه في موضع آخر من المقابلة فقال : " فالشاه نفسه كان مروجاً لمذهب الشيعة "
2 _ قال الشيخ : إن إخبار مهاجمة الشيعة لأهل السنة و لمساجدهم غير صحيح و كذب خالص ، و استثنى من ذلك القتال الذي نشب بين السنة و الشيعة في مدينة " لنجة " .

166


و قال أيضاً : إن قيادة الثورة لا يفرقون بين الشيعة و السنة في توزيع الخدمات ، و اذا حصل هذا التفريق ، فالخطأ يتحمله المسؤولون في المنطقة ، و ليست القيادة في طهران ... و في مواضع أخرى من المقابلة نجده يميل الى حسن الظن بهم .
و الصحيح أنه كان هناك تفريق في توزيع الخدمات ن و كان الشيعة يهاجمون السنة و يطاردونهم بل من المسلمات أن الاعتداء على العقيدة أهم من الاعتداء على الأجساد ، و الشيخ اعترف بعدوانهم على العقيدة ... و لا ندري كيف وقع بهذا الخطأ ؟! ربما أنه ما كان يدري بجرائم الشيعة التي ترتكب في المناطق الأخرى من ايران ، و تراه يشير لهذه المسائل فيقول : أما في كردستان فنحن لم نذهب الى هناك ، لكنه يضيف : على كل لم نسمع أن مسجداً من مساجد السنة أغلق !!
و ربما كان الشيخ يظن أنه قادر على الاستمرار بعمله و دعوته دون أن يبطش به الرافضة .
3 _ هناك أخطاء في تقويم الشيخ للأمور ، و من الأدلة على أن الدولة لا تضطهد أهل السنة _ كما يرى الشيخ _ قوله إنه لا يهاجم حافظ الأسد صديق نظام الآيات و مع ذلك فإنهم لم يتعرضوا له بإذى .
و كان عليه أن يقوم الأمور بغير هذه الطريق : فليس مهماً عند الآيات مهاجمة ضيائي لحافظ الأسد و إنما المهم أنه لا يهاجمهم ، و ربما كان السبب في تركه أنهم مشغولون بغير من أهل السنة ، و أن دور محاسبته و اضطهاده لما يأتي بعد .
و عندما جاء دوره ألقوا القبض عليه و أودعوه إحدى معتقلاتهم ، و لعله أدرك وهو في السجن كما أدرك من قبله مفتي زادة و غيرهما أن الأمر ليس كما كانوا يظنون و يتوقعون ، و من المؤسف أن كثيراً من طلاب العلم من أهل السنة يفتقدون القدرة على معرفة الواقع المعاصر و حسن التعامل معه ، و في ذلك خسارة كبيرة .



168
أحوال أهل السنة
بعد توقف الحرب


هذه دراسة عن أحوال أهل السنة في ايران ، و أعدها احد الإخوة الدعاة الى الله بعد توقف الحرب العراقية الايرانية ، و الهزيمة التي منيت بها القوات الخمينية .
و الكاتب هنا يتحدث عما يجري لأهل السنة في كافة المناطق في ايران ، و ليس في منطقة معينة وحدها و لهذا فقد جاءت شاملة وافية .
و من جهة أخرى فإن هذه الدراسة جاءت بعد تنقل كاتبها في مناطق مختلفة ، و مراقبته للأحداث و دخوله في حوار مع السنة و الشيعة حول تفسيرهم لما يجري ... و هذا ما يميز هذه الرسالة عن الرسائل السابقة . لقد وُفق كاتبها في فضح أساليب و مخططات الرافضة الحديثة , و تميز أسلوبه بالعمق و النضوج .


169

مقدمة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبارك وسلم أما بعد : فهذه نبذه مختصره عن أحوال أهل السنة والجماعة في إيران في ظل الحكومة الخمينية التي التي لم تقم إلا لنشر عقائد الرافضة وتصدير ثورتهم إلى سا ئر بلدان العالم الإسلامي .

وهذه الحرب الطويلة الأمد التي خاضتها مع العراق لم تقم إلا لتحقيق أحلامهم والوصول إلى تطلعاتهم في إقامة دولة عظمى شيعية تسيطر على العالم الإسلامي بأسره بأسرع وقت ممكن عن طريق القتال .

ولكن الله عز وجل حال بينهم وبين نواياهم بعد هزائمهم المتلاحقة في هجومهم على العراق وعلموا علم اليقين بعد هذه الخسائر وخاصة بعد استراداد شبه الجزيرة الفاو أنهم لن يستطيعوا السيطرة على العراق أو قلب نظام حكمة بعد أن أبدى العراقيون شجاعة باسلة في قتالهم مع الإيرانيين فلذا خضعوا للصلح الذي طلبته الامم المتحدة .

ولكن بعد هذا الصلح الموقع بين البلدين فما هي نوايا الحكومة الإيرانية وأين تنفق هذه الأموال العظيمة التي كانت تستنزفها المعركة , وبعد أن علموا أنهم لايستطيعون السيطرة على العالم الإسلامي عسكريا ً بعد أن خاضوا تجربتهم العسكرية مع العراق .
فيتطلع حكام إيران الآن إلى نشر عقائد وترويج مذهبهم في ثوب جديد يسمونه الدعوة ونشـر الإسـلام وتخصيص ميزانية لذلك في إفريقيا وجنوب شرق آسيا وبلاد المسلمين عامة .

170


ولكن بالأخص أهل السنة في إيران وكما يقول بعض أئمتهم في إيران أن سبب هزيمتهم أو عدم تمكنهم من فتح العراق والقضاء على نظامه لأنهم لم يقوموا بالإصلاح الداخلي لإيران وكان الواجب عليهم ان يصلحوا هذه الحفنة الضالة كما يسموهم أي اهل السنة والجماعة ثم يقوموا بنشر عقائدهم في ارجاء المعمورة وبمجرد انتهاء المعركة فقد تأسس في مناطق اهل السنة والجماعة في إيران جماعة التبليغ والإرشاد الشيعة وذلك لنشر معتقداتهمم في هذة المناطق عن طريق الوعظ والإرشاد الشيعية وذلك عن طريق الوعظ والإرشاد وتقديم بعض المعونات إذا دعت الحاجة لذلك , وهم في خطتهم المدروسة والمبرمجة في القضاء على عقائد اهل السنة في إيران قد اتخذوا سبلا ً ووسائل كثيرة في ذلك و قد اعدوا لهذا الغرض برامج طويلـة الأمد محكمة البنيان في نظرهم لينشأ الجيل الجديد من اهل السنة على عقائدهم ويحيو ا في مستنقعاتهم وسخروا لأجل ذلك كل طاقاتهم وإمكاناتهم .
وإن كان البعض منهم يرى أن لابد من إبادة أهل السنة جسديا ً يتقربون بهم إلى الله الا ان اغلب أئمتهم لايرون ذلك إبتداءً لما استفادوه في معركتهم مع العراق التي قلبت بعض تصوراتهم .

وأيضا ً في خوضهم المعارك الدامية مع أهل السنة في إيران افتضاح لأمرهم لاسيما وهم الذين ينادون في المجامع والندوات العالمية بالتقارب والأتحاد وذلك لكسب رأي العامة وجمهور المسلمين .
ومن خلال الفترة التي عشتها في إيران اطلعت على بعض مؤامراتهم ضد المسلمين وما صاحبها من تدمير عقائدهم و نذويب شخصيتهم الإسلامية ، ولقد أولوا اهتماما ً كبيرا ً بالنشأ والجيل الصاعد حتى يشبوا على ما يغذونهم به من أفكار وينسلخوا عن عقائدهم ودينهم . فبدأوا أولا ً بفصل مدرسي التربية الإسلامية السنة من مدارسهم وتعيين مدرسين مكانهم من الشيعة في كافة مناطق أهل السنة .

171

منهج التربية الإسلامية :
وكان منهج التربية الإسلامية مستقلا ً لأهل السنة والجماعة كتبه بعض علماء أهل السنة المعروفون والمشهود لهم بالخير فعملت الحكومة على توحيد المنهج بحيث يدرس الجميع منهاجا ً دراسيا ً واحدا ً يدرس فيه عقائد الشيعة ولما رأوا عدم إقبال الطلاب على دراسة المنهاج الموحد اعادوا لأهل السنة كتابا ًخاصا ًبهم بأسم ( ويثره أهلسنت ) أي خاص بأهل السنة وقد كتبه بعض الشيعة ولكن كتب على غلاف الكتاب " وقد اطلع على الكتاب مولوي محمد اسحاق مدني مستشار وزير التربية لشئون أهل السنة والجماعة " .

وقد كتب وألف الكتاب بطريقة تنفر أهل السنة عن مذهبهم وفيه دعوة غير مباشرة إلى التشيع فغالب الكتب على اختلاف المراحل الدراسية لاتتحدث إلاعن الأئمة الأربعة ومقارنة هؤلاء الأئمة بأئمة الاثنا عشرية من آل البيت ثم إن طبيعة إيران عامة ومناطق أهل السنة خاصة قرى متناثرة على ضفاف بعض الأنهار أو العيون أو مجاري الأدوية وكل قرية تحتوي على مدرسة ابتدائية وان كان عدد سكان القرية لا يتجاوز الأربعين وبعض وبعض القرى تحتوي على مدارس إعدادية وهذه المدارس يدرس فيها من يتخرج من المدارس الإبتدائية من القرى القريبة المتجاورة ثم ان المدينة تحتوي على المدارس الثانوية أو الجامعة في بعض المدن الرئيسية والمدرسة الثانوية في المدينة يتبعها مئات القرى التابعة لهذه المدينة حسب التوزيع السياسي للمدن والقرى فمثل ً المدينة التي عرفتها عن كثب يبلغ يبلغ عدد طلاب الثانوية العامة فيها أربعة عشر ألف طالبا ً كما أخبرني أحد المدرسين والعامل لدى سجلات المدرسة وعدد الطلاب في المدينة ألف طالب تقريبا ً والبقية قدموا من القرى التابعة لهذه المدينة .
فأسست الحكومة الحالية لهؤلاء الطلاب سكنا ً خاصا ً لهم تحت إشراف علمائهم ، وهؤلاء يقومون بإلقاء المحاضرات الدروس المنتظمة للطلبة .

172


سياستهم العملية مع المدرسين والطلاب :
وأيضا ً قاموا بشراء بعض علماء السنة إما بإعطائهم بعض المناصب أو بناء سكن لهم أو بإجراء راتب شهري لهم _ وما أكثرهم _ لدعوة أهل السنة ( وخاصة هؤلاء الطلاب ) الى المذهب الشيعي ، وعند زيارتي لهذه المدينة كانت هناك محاضرة لأحد علماء المسلمين السنة لهؤلاء الطلاب ( بعنوان وإعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ) فيبن أن الخلاف بين السنة والشيعة خلاف سطحي وإننا نؤمن أن ما يقولونه حق وإن القول بولاية الفقيه قول حق يجب علينا اتباعه وان الخلاف الوحيد بيننا وبين اخواننا الشيعة في إرسال اليد وقبضه وهذا خلاف قد وقع بين أهل السنة أيضا ً كما هو رأي المالكية .
ثم للعجب لقد علمت أن الشيخ قدم إلى دولة خليجية لجمع التبرعات .
وحتى لايبقى للمسلمين صبغة إسلامية حتى أسماء المدارس التي كانت تحمل طابعا ً إسلاميا ً فقد غيروها إلى اسماء اخرى فمثلا ً مدرسة ثانوية أبو بكر الصديق رضي الله عنه أصبحت الآن مدرسة آية الله بهشتي ، ومدرسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصبحت الآن مدرسة قمبر .

وأما المدارس والمساجد التي بناها المسلمون في مناطق السنة بعد الإنقلاب فقد قاموا بتسميتها على حسب مايرون من الأسماء كآية الله طالقاني وخميني ورجائي ... وأحيانا ً يسمون ببعض أسماء الصحابة وهم فقط أبو ذر الغفاري وسلمان الفرسي والمقداد وعلى بن أبي طالب والحسن والحسين رضوان الله عليهم أجمعين بل إنهم يغيرون أسماء كثير من المدن والقرى إلى اسماء شيعية بحته . وأما أسماء أئمتهم الاثني عشرية فقد كتبت تقريبا ً على جدار كل مدرسة سنية وعلى جدران بيوتهم ومحلاتهم بل على الأوراق الحكومية الحديثة كشهادات الميلاد , وصكوك الأراضي والمستندات الرسمية ورخص القيادة وفهرسة الهواتف ... ألخ .

173

وقد كتبت مع أسماء الأئمة بعض المأثور من كلام الإمام الخميني والدعوة الى الإعتقاد بولاية الفقيه وكتب هذا أيضا ً على أغلفة الكتب المقررة في جميع مراحل السنوات الدراسية .
ولقد سألت أحد السنة الدارسين في مدارس الحكومة الإيرانية أذكر لي إسم نبي من الأنبياء فقال لي : علي ، فقلت له :لا ليس على بنبي رضي الله عنه ، ثم أصبح يذكر لي أسماء الأئمة الإمام تلو الإمام وأنا أجيبه بالنفي ، وهكذا إستقر في رأي وأذهان الناس لكثرة سماعهم لهذه الأسماء بأنهم أنبياء .

ثم إن الشيعة نظموا رحلات بالعطلة الصيفية لنابغين من طلاب أهل السنة والجماعة الى منطقة مازندران أو الى أماكن أخرى تحت اشراف علماء الشيعة يقومون بتلقينهم وتدريسهم طيلة هذه الفترة ثم يرجعون مصطحبين معهم بعض الكتب والهدايا .
ثم إنهم انشأوا مدارس دينية شيعية لاتدرس فيها العلوم العصرية في مناطق السنة لتدريس أبناء المسلين السنة في هذه المدارس مع وضع بعض المغريات لهم التي تجعل الطلاب يلتحقون بها كجوائز تشجيعية ، ومن هذه الجوائز الإعفاء من الخدمة العسكرية وتأمين العمل لهم بعد الدراسة .

وبالمقابل فإن لأهل السنة والجماعة مدارس إسلامية خاصة بهم انشئت من عهد الشاه تقوم بتدريس عقائد السنة وفق الدراسات الشرعية في البلاد الإسلامية فقد وضعت الحكومة الخمينية كثيرا ً من العراقيل لتحد من عمل ونشاط هذه المدارس ، ومن هذه العراقيل التدخل في منهج الدراسة ووضع شروط لقبول الطلاب في المدارس الإسلامية واقفال بعض المدارس كليا ً كما حدث لإحدى المدارس

174

الإسلامية في منطقة سنية ( باهو ) حيث أصدرت الحكومة أوامرها بهدم المدرسة فقامت الجرافات ليلا ً فهدمت المدرسة ومافيها من كتب ومصاحف , وفي الصباح قام بعض أهالي القرية بمظاهرات وسرعان ما أخمدت تظاهراتهم .
كما أن طلاب المدارس الإسلامية السنية لايعفون من الخدمة العسكرية ومدتها سنتان إلى أن الحكومة وقبل شهر أعلنت أن ستعفي من الخدمة العسكرية جميع طلاب المدارس الإسلامية والسنية بشرط أن يجتازوا الإختبارات التي تضعها الحكومة لهم ، وقد قرروا على الطلاب بعض الكتب لدراستها والآن لست أدري ماهي نواياهم الجديدة .
كما أنه صدر أمر بعدم السماح في بناء مدارس جديدة لأهل السنة والجماعة في المدن السنية مع إقرار العمل في المدارس الإسلامية القديمة ،كما أن ( الكميته ) ( ) يقومون دائما ً بزيارات الى المدارس الإسلامية السنية للإطلاع على أحوال الدراسة والمنهج الدراسة فهم يحاولون إدخال بعض كتبهم ضمن مناهج المدارس الإسلامية السنية كما صرح لي مدير أحد المدارس الإسلامية عندما سألته عن سبب زيارة ( الكميته ) له وأشار أحد الحاضرين على مدير المدرسة قائلا ً : إن كان لابد من أخذ كتبهم فقبلوا ذلك وضعوها في المستودعات من غير تدريسها ، فأجاب الشيخ مبتسما ً : إن هؤلاء لايرضون بهذا ولو فتحنا الباب لهم سيأتوا لنا تكرارا ً ومرارا ً بدعوى أنهم يختبرون الطلاب في كتبهم المقرره على الطلاب لكنني إن شاء اللة اخرج من هذة الورطة عن طريق حل آخر عسى الله عز وجل ان يوفقني لذلك.



175

وكذلك كثيرا ًما يقومون بزيارة المدارس الكبيرة و يطلبون منهم بعض الفتاوى التي توافق مذاهبهم و على ألسنة المدرسين و مديري المدارس فإن كانت الفتاوى مما يوافق أهواءهم نشروها بين الناس باسم علماء السنة ، و كما أنهم أحياناً يختلقون بعض التهم ثم يأتون الى المدارس الاسلامية و يقولون لقد بلغنا أنكم تعملون لصالح دولة أجنبية و تتلقون الدعم المادي منهم ، أو بلغنا أنكم تعتنقون المذهب الوهابي ( )حتى يكونوا في اضطراب نفسي مستمر لكي يغلق علماء السنة أبواب مدارسهم بأنفسهم خوفاً من الاتهامات .
كما أن للباسدار( )و جهاز سازنكي ( )رحلات للقرى يقومون خلالها بجمع شباب هذه القرى في مكان معين و يحضرون لهم جهازا الفيديو و التلفاز مع " مكينة " للكهرباء ليطلعوهم على بعض الأفلام المسلية ثم يلقون عليهم محاضرة دينية ثم يقومون بتوزيع البسكويت و الحلوى على الحاضرين و هكذا يتنلقون من قرية الى قرية وفق برنامج لكل قرية يوم معلوم ينتظره شباب القرية بفارغ الصبر لكي يشاهدوا هذه المسلسلات .

كما يقومون بفتح المكاتب العامة للمطالعة و التي تحتوي على كتب الشيعية و المجلات الشيعية و هي قليلة التأثير في أهل السنة و الجماعة لأن أغلب السنة لا يجيد القراءة و الكتابة ، و في هذه المكاتب أيضاً يقومون بتوزيع بعض الشعارات مجاناً حيث تلصق على الجدران و السيارات منها مثلاً : يا مهدي أدركني ، يا قائم أهل البيت و أسماء الأئمة و بعض الأدعية للخميني ، و بعض أقوال الخميني ، و أسماء الأئمة و صورهم من علي الى الحسن العسكري ، و صور الخميني و غيرهم و بعض الأحاديث المخرجة من كتب أهل السنة( ) .


176


تزويج من شاء من السنة بالشيعيات :
و اتخذت الحكومة وسائل أخرى للقضاء على أهل السنة و الجماعة في ايران ، منها تزويج السنة بالنساء الشيعيات و اللاتي تصدرهن الحكومة بعد اعطائهن دروساً مكثفة ، و اقناعهم بأنهن داعيات الى التشيع و عليهن دعوة الأزواج و أهل بيوتهم و ذريتهم الى التشيع ، و إظهار حسن الأخلاق و المعاملة الحسنة مع الزوج و أن تساير الزوج في طبيعته ...
فتعلن الحكومة في احدى المدن الاسلامية السنية مثلاً عن وصول مائة امرأة فمن يرغب في الزواج فليبادر قبل فوات الفرصة ، فيبادر أهل السنة الى الزواج و ذلك بقصد الشهوة و قضاء الوطر في البيض الحسان . و بهذا التزاوج كثيراً ما يتأثر به الأزواج و أهلهم فيميلون الى معتقداتهم ، و أما الذرية من هذه الشيعية فيتشيعون حتماً إلا النادر اليسير ، و صح عن النبي صلى الله عليه و سلم : " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه " .
ثم إن الأزواج يتأثرون كثيراً من هذه الزوجات و يتركون لهم تسمية أولادهم ، و في سفري من مدينة الى مدينة أخرى في ايران كان يجلس أمامي شاب معه طفل و بجواره زوجته فرأيته ينادي ابنه فيروز فسألته عن سبب تسمية ابنه بهذا الاسم ؟ فقال لي : إن زوجتي طلبت مني أن أترك لها تسمية أبنائي فاستجبت لها .
و أخبرني شيخ من علماء السنة بأن في قريتهم أيضاً تزوج أحد أهل السنة بشيعية إلا أنها كانت تظهر محبتها للسنة و أنها غير متعصبة و ذلك لأن هذه القرية كانت محافظة و متأثرة بآراء هذا الشيخ ، ثم حملت المرأة و أنجبت طفلاً فأمر الشيخ الرجل أن يسمي ابنه عمراً ، فذهب الرجل الى المرأة و هي مريضة بسبب متاعب الحمل و قال لها : إنني أريد تسمية ابني ، فقالت المرأة بأدب : أنت أبو الولد و الأمر إليك , فقال : إنني سميته عمراً ، فيقول الزوج : يا عجب ما رأيت لقد نهضت

177

المرأة بسرعة مذهلة من الفراش و صاحت بصوت مرتفع : لم تجد من الأسماء غير عمر . فياعجباً يتسمون بفيروز ( لعنه الله ) قاتل عمر ، و لا يتسمون بعمر بن الخطاب رضي الله عنه . و هذه القصة ذكرتني بما رأيت أثناء تأديتي لمناسك الحج ، ففي المدينةالمنورة كان مجموعة من الشيعة يريدون الدخول الى المسجد النبوي من باب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، و سمعت رجلاً من بعيد ينادي عليهم بصوت مرتفع : لا تدخلوا ، لا تدخلوا ، فالتفتوا إليه و التفت معهم ، ثم قال لهم : هذا باب عمر فغير الجماعة طريقهم الى باب آخر , و صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث قال : " ايه يا ابن الخطاب ما سلكت فجاً وإلا و سلك الشيطان فجاً آخر " ، و لا أراهم إلا شياطين .
تغيير معالم المناطق السنية :

و قاموا أيضاً بإنشاء مستوطنات في مناطق السنة و بناء بيوت حكومية في المدن السنية و توزيعها على الشيعة القاطنين في أماكن بعيدة من بلاد السنة ، و جلب الأيدي العاملة الشيعية الى مناطق السنة و ذلك لتكثيف عدد سكان الشيعة ، فمن زار مناطق السنة في ايران يلاحظ نشاطهم الرهيب في اقامة المستوطنات و خاصة في كردستان و تركمان و بلوشستان ، فمثلاً كانت زاهدان قبل خمسة عشر عاماً لا يسكنها شيعي واحد ، فكلهم سنة كقبائل شاهوزئي و شاه بيك ، و سرحدي ، و بعض العوائل السنية التي قدمت من مشهد و تربت و كان لا يوجد لهم إلا مسجد واحد صغير للشيعة عند مقر الجيش جاندار مرى( ) كما أخبرني أهل زاهدان ، والآن و قبل سنتين كان عدد الفائزين في الانتخابات لتمثيل مدينة زاهدان نصف من السنة و نصف من الشيعة ، و في انتخابات هذه السنة الحالية لم يفز إلا الشيعة ، و ذلك لتشجيع الحكومة في الهجرة الى هذه المناطق ، هذا و مع ما يحدث

178

من تزوير الانتخابات لصلاح الشيعة إلا أنه لم يبلغ بهذه المناطق بعد فيما أرى بأن لا يفوز السنة و لا حتى بمقعد واحد مع اعتبار زاهدان من أهم مراكز أهل السنة في ايران .
كيف يعاملون المهاجرين السنة من الأفغان ؟:

و مع تشجيعهم للشيعة في سكنى المناطق السنية ففي المقابل يمنعون السنة القادمين من خارج ايران من الإقامة و الاستيطان في أماكن السنة و خاصة مهاجري الأفغان المجاورة بلادهم لأهل السنة في ايران ، فأهل السنة كانوا يرحبون بإخوانه الأفغان في بداية هربهم من الروس لما يرونه من وجوب نصرتهم و الوقوف معهم و خاصة لأنه يجمع بينهم الدين الموحد و العقيدة المشتركة و العادات و التقاليد الواحدة ، و أحياناً تجمعهم لغة محلية مشتركة ، و لقد عرفت الحكومة الكائدة لأهل السنة و الجماعة خطورة نزول المهاجرين في مناطق السنة فأخذت تكيد لهم حتى ينفر أهل السنة من الأفغان المهاجرين ، و المهاجرون من أهل السنة إنها خطط خبيثة خفيت على عامة أهل السنة فأذاعت الحكومة و نشرت عن كثير من الحوادث الإجرامية الشنيعة و قالت إن أصحاب هذه الجرائم هم من الأفغان الذين قدموا الى هذه البلاد . و من الأمثلة على ذلك أن أهالي إحدى القرى يتحدثون عن أن أفغانياً قدم الى احدى المناطق المجاورة لهم و سكن لدى احدى العوائل السنية فأكرموه و أنزلوه في أحسن منزل إلا أنه اغتنم فرصة ذهاب رب الأسرة الى العمل فهجم على المرأة فقطع أذنيها لأجل القرط و معصمها لأجل الخاتم و الأساور ثم فعل ما فعل و بقر بطن المرأة و خرج هارباً ، و في الطريق تمكن حرس الخميني من القبض عليه بعد أن رأوا الدم يسيل من " شنطته " ففتحوا " الشنطة " فإذا بهم يجدون أذني امرأة و بعض الذهب ، و نفس هذه القصة تسمعها عندما تنتقل الى مسافة سبعمائة كيلومتر من مدينة أو قرية أخرى سنية لأن هذه الشائعات مصدرها واحد ، و أيضاً من باب زيادة التنفير منهم يعلنون و يذيعون بين الناس أنهم مصابون بأمراض خطيرة معدية حتى أنهم أحرقوا

179

ستة من الأفغان في احدى المدن الإيرانية السنية ليظهروا للناس أن بهم من الأمراض الخطيرة المعدية ، و بحرقهم تموت " الميكروبات" و الجراثيم التي يحملونها ، و التي لا يمكن القضاء عليها إلا بحرقهم .
و مع كثرة هذه الدعايات أصبح السنة ينفرون من الأفغان السنة نفراً شديداً و يبلغون عنهم اذا رأوهم في قراهم و مدنهم أو يحاولون طردهم من بلادهم ، و بالقابل نجد أن شيعة الأفغان من قبيلة هزاري يربعون في ايران و يصولون و يجولون في المدن الشيعية دون أية مضايقات بل إن أكثر أماكن المتعة في المدن الايرانية يتزاحم عليها شيعة الأفغان ، كما أخبرني بعض من شاهد هذه الأماكن .
و لم يكتفوا بتنفير أهل السنة من الأفغان بل نفروا الأفغان أيضاً من أهل السنة ، و أشاعوا بينهم أموراً كاذبة نعف عن ذكرها ، و قبل شهر تقريباً هجم الجيش الايراني على موقع المهاجرين الأفغان في احدى المدن السنية ليلاً و أجلوهم عن هذه البلدة و لقد اطلعت بنفسي على بيوتهم بعد أن أجلوهم عنها و فيها آثار هدم للأسوار و الأبواب فالله سبحانه و تعالى المستعان .
ثم إن غالب السنة في ايران يقطنون في الأماكن الحدودية من ايران على حدود تركيا و العراق و أفغانستان و باكستان و روسيا فهم لا يجدون صعوبة في الخروج من ايران ، و أما الدخول فالصعوبة شديدة جداً فتجد أفراد القبائل الحدودية يسلكون طرقاً وعرة في الدخول الى أماكنهم و قراهم و ذلك لأن الحكومة تحرص على تشجيع السنة على الهجرة و الخروج من ايران .
تطبيق مبدأ " فرق تسد ":
و من ضمن خطط الحكومة الحالية في إحكام سيطرتها و تمكين قبضتها على الأقاليم السنية في ايران ما نوجزه فيما يلي في أحد أكبر أقاليم السنة في ايران وجدت الحكومة أن هناك ثلاث

180


فئات لها نفوذ قوي في الشعب و هم : طبقة الحكام ، و الشباب المثقف ، و طبقة العلماء ، فعمدت الى إثارة مسألة ظلم الحكام و اغتصابهم لحقوق الشعب و الأهالي و أنهم سرقوا أموالاً طائلة في زمن الشاه و بهذه الكلمات و الدعايات أثاروا الشعب على الحكام حتى أنهم ثاروا على حكامهم السابقين و استولوا على ممتلكاتهم و استطاع معظم الحكام من الهروب الى الدول الأوروبية أو الى دول أخرى ثم بعد فترة غير طويلة أعادت الحكومة معظم ممتلكات الحكام السابقين الى حوزتها .
ثم أثاروا علماء السنة ضد الطبقة المثقفة و أثاروا الشعب معهم زاعمين بأنهم شيوعيون و أصبحت الحكومة توزع بعض المنشورات بأسماء هؤلاء فيها سب صريح للدين و الإسلام و لعلماء المنطقة ثم أصبح الجيش الايراني يكتب على الجدران في المدن السنية الموت للإسلام و تحيا الشيوعية باسم هؤلاء الشباب حتى ثار الشعب و علماء السنة ضد هؤلاء الشباب و مكنوا الدولة من القبض على بعضهم حيث نفذ حكم الإعدام فيهم بل أعدم بعضهم في المدن " دهساً " بالسيارات كما " دهسوا " مهندس آمشكاني ، و بهذه الدعوة طاردت الحكومة و تتبعت كل من يحمل شهادة الليسانس من السنة و كثير ممن يحمل شهادات الثانوية العامة ثم انفردوا الآن بطبقة العلماء و بعد الأحداث التي افتعلوها في الحج شنت الحكومة حرباً شعواء على الوهابية في خطتها لضرب علماء السنة ثم طلبت من علماء السنة إصدار فتوى في حكم الوهابية فوقّع الحاضرون بالإجماع خوفاً من غضبة الحكومة بأنه مذهب مبتدع و للحكومة الحق في تأديب من اعتنق هذا المذهب و البعض وقع جهلاً منه في شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى و في دعوته الإصلاحية.


181

اتهامهم لعلماء السنة:
و كم قبضت الحكومة على علماء أفاضل بدعوى أنهم وهابيون و كم أغلقت مدارس بدعوى أن مؤسسيها وهابيون ، و بلغ الحد بهم أن هدموا إحدى المدارس بالجرافات ليلاً بدعوى أن مؤسسها وهابي .
بل إنه بلغ بهم الأمر أنهم قبضوا على مولوي نذير أحمد و هو عضو في مجلس الشورى الايراني سابقاً ، و من العلماء الصالحين و ذلك لأنه تكلم عن فضل الصحابة رضوان الله عليهم ، و حكم من سبهم أو لعنهم ثم ظهر الشيخ على شاشة التلفاز بعد القبض عليه و لمدة سبعة دقائق يتحدث بأنه كان عميلاً للرئيس صدام حسين ، و أنه من الاستخبارات العراقية ، ثم لم يكتف بهذا الأمر ، و أخيراً حكمت عليه المحكمة الايراني بالرجم بتهمة الزنا ( و العياذ بالله ) هكذا يعاملون علماء المسلمين .
بل إن الأمر أدهى من ذلك و أمر , و ذلك بأنهم قبضوا على أحد علماء السنة في احدى المناطق السنية لأنه يتكلم في خطبته يوم الجمعة عن ولاية الفقيه ، و قال : لا يجوز لنا الاعتقاد في العصمة لأحد من الناس بعد نبينا كائناً من كان ، ثم لم يلبث الشيخ في السجن أقل من أسبوع حتى أعلن توبته في المذياع و أمر بولاية الفقيه على الملأ ، ثم بعد أن سأله أحد كبار العلماء عن سبب رجوعه عن رأييه ( ليتني لم أسمع ما قاله ) فقال : و الله ما رجعت عن اعتقادي و لكنني اضطررت لذلك عندما أدخلوا السجن عشرة شبان من الحرس الخميني و معهم من يرتدي العمامة السوداء و هو يحثهم على اللواطة بي أو أن أرجع عن رأيي على الملأ و هو يقول لهؤلاء الشبان أنتم في فعلكم هذا مثابون عند الله عز وجل و ليس عليكم غسل بعد اللواطة ( ) ، هكذا أعداء الله يفعلون .




182


ثم التقيت بأحد العلماء الغيورين ( جزاه الله خيراً و أثابه ) و قد تكلم في بعض الأشرطة عن معتقدات أهل السنة و الجماعة في كثير من الأمور و قال هذا الذي نعتقده و ندين الله عز وجل به يوم القيامة و هذا قولنا و رأينا فإن غيّرنا بعد ذلك أو تكلمنا بغيره ربما استكراهاً أو تحذيراً فلا تأخذوا عنا إلا هذا الذي سمعتموه منا في هذه الأشرطة .

أسبوع الوحدة الإسلامية :

و من مخططاتهم في تشييع أهل السنة و الجماعة إقامة أسبوع في كل سنة يسمى بأسبوع الوحدة ، و يبتدئ من 12 / ربيع الأول إلى 17 / ربيع الأول حيث يجتمع علماء السنة و الشيعة في مكان واحد و يتبادلون الخطب و المواعظ يتحدث علماء السنة عن الوحدة و حكم الفرقة ، و يتحدث علماء الشيعة عن معتقداتهم و يجب على الجميع اتباع الخميني ، و القول بولاية الفقيه ثم يرددون جميعاً ( جه شيعه جه سنه رهبر فقط خميني ) ( ) .
ثم يصلون جميعاً خلف أئمة الشيعة على الملأ من السنة و الشيعة و في إحدى احتفالات أسبوع واحد في منطقة سنية و كان نسبة السنية أكثر من تسعين بالمائة من مجموع الحاضرين فطلب العلماء أن يتقدمهم في الصلاة أحد علماء السنة فرفض الشيعة هذا الطلب و اتهموهم بأنهم يخالفون أسبوع الوحدة و بالتالي فإنهم يخالفون الحكومة الإسلامية .
و كذلك تحاول الحكومة إثارة النزعات القبلية السنية لإيقاع الحروب بينهم و تسعى في إشعال هذه الحروب و تأجيجها فمثلاً عندما يذهب أحد أفراد القبائل الى الحكومة ليشتكي على قبيلة ما أوعلى شخص ما بأنه قتل أخاه أو ابنه يجيـبه بأنني أعطيك السلاح و انتقم لنفسك،هكذا كثير من القبائل تتطاحن فيما بينها بتشجيع من الحكومة .



183


جيش البسيج:

ثم إن الحكومة الآن شكلت جيشاً جديداً يسمى البسيج في عموم مناطق ايران ، و يتألف من السنة في مناطق السنة من غير أن تصرف لهم رواتب و يقولون لهم أخرجوا رواتبكم بأنفسكم بعد أن تعطيهم الأسلحة كالرشاشات ، و من أجل الحصول على رواتبهم يضعون الحواجز على الطرق ثم يوقفون السيارات و المارين و يطلبون من أصحاب السيارات غرامات مالية و يخلقون لهم بعض التهم و المخالفات و بسبب هذا البسيج كم من حوادث قتل حدثت بل إن البسيج أصبحوا يتقاتلون فيما بينهم على مرأى من الحكومة و عند إحدى محطات البنزين التقى بسيج قرية مع بسيج قرية أخرى و بسبب خلاف وقع بينهما لم ينته هذا الخلاف إلا و في المحطة اثني عشر قتيلاً .

و بعد هذه الحادثة قام بعض أهل العلم و الحكمة في توضيح الأمر للناس ، و بينوا قصد الحكومة من إنشاء هذا البسيج في مناطق السنة فتخلى كثير ممن يعمل في البسيج عن وظيفته و أعادوا الأسلحة إلى الحكومة .


و أيضاً فإن الحكومة وضعت إغراءات لمن يعتنق التشيع و يظهر ذلك ، و خاصة لعلماء السنة في إجراء الرواتب لهم ، و إعطائهم بعض الامتيازات ، و يا للأسف كم من رجل باع دينه بعرض من الدنيا قليل فإن إحدى القبائل تشيع نصف رجالها تقريباً ، بل إن هناك منطقة تشيع أكثر من 80% من عدد سكانها و قامت الحكومة بعد ذلك بإعطائهم بعض الأراضي الزراعية مع مكائن الماء و تسو ير هذه الأراضي ، و كذلك فإن أحد علماء السنة كان يعمل إماماً لأحد مساجد السنة و يتقاضى خمسمائة تومان راتب شهري من أهالي القرية كما هو حال جميع أئمة المساجد السنية ، و المدرسون يتقاضون رواتبهم من الأهالي و لا يوجد إمام واحد و لا مدرس واحد يتقاضى راتب من الحكومة
184


الايرانية أو من وزارة الأوقاف التي أنشئت لهذا الغرض اللهم إلا من يتعاون مع الحكومة ، و الآن تشيع هذا الرجل و يعمل إمام مسجد للشيعة في أحد المناطق السنية و يتقاضى راتباً شهرياً من وزارة الأوقاف قيمته ثلاثون ألف تومان غير ما يحصله من الهدايا و التحف .

تكفيرهم للسنة :
بل أعلن الكميته في جريتهم الرسمية و في أثناء الحرب العراقية الايرانية و انشغالهم في المعركة بأنهم استطاعوا إدخال عشرة من السنة في الإسلام و ذلك عن اقتناع منهم من غبر رهبة و لا رغبة ثم علقت الجريدة على هذا النبأ قائلة بأن ذلك من أجل الأعمال التي استطاعت كميته أن تفعله في هذه المنطقة ، و بعد نشر الخبر قام بعض علماء السنة بالاحتجاج على هذا الخبر و خشيت الحكومة وقت ذاك لانشغالها في المعركة فأعلنت أن هذا الخبر رأي مجرد للصحفي و أن الحكومة ترى أن السنة مسلمون .

فيا أخي المسلم الغيور على دينك اذا كانوا يعلنون ذلك بالأمس و هم أذلة في معركتهم مع العراق فما تظنهم فاعلون اليوم . و تجد الحكومة في قضايا يسيرة تقع لأهل السنة تعاقب أصحابها أشد أنواع العقوبة و على سبيل المثال قام صاحب مطعم سني ببيع حمار كما ادعت الحكومة لبعض زبائنه فلما قبض عليه حكم عليه بالإعدام و نفذ الحكم ، فهل هذا حكمه شرعاً على فرض صحة التهمة ؟

و رجل آخر ارتدى زي الباسدار ( الحرس الخميني ) و هو مدرس في الثانوية العامة فحكم عليه بالإعدام و نفذ الحكم ، فهل هذا حكمه شرعاً ؟
و ثلاثة من السنة وقعوا في أسر ثوار السنة بعد معركة قتل أحدهم و كانوا أربعة و جرح أحد الثلاثة ، و اكتفى الثوار بأخذ أسلحتهم و تركهم مقيدين ، بعد علم الحكومة بذلك حكمت الحكومة

185


عليهم بالإعدام و نفذ الحكم ، و لو كانوا في دولة منصفة رشيدة لنالوا من حكومتهم أوسمة الشجاعة و الشرف و البطولة . و كانت التهمة في هذه القضية التواطؤ مع الثوار .

و لذلك كثير من أسرى الحرب يتمنى الموت دون الرجوع الى ايران لأنه ربما يحكمون عليهم بالتواطؤ مع الجيش العراقي .

و مع هذه العقوبات الصارمة التي تصدر في حق أهل السنة مقابل مخالفات يسيرة نجد أن الحكومة تشجع المخدرات و تروجها في مناطق أهل السنة بل إن الباسدار بأنفسهم يقومون ببيع الهيروين على أهل السنة ، و لقد تكلمت بنفسي مع رئيس الباسدار في أحد المناطق السنية عن انتشار الهيروين في المنطقة و لمحت له بتقصيرهم عن هذه المهمة فأجابني : إننا على استعداد لتأديب أي مدمن أو تاجر بشرط أن نتأكد من صحة الخبر ، و قبضت الحكومة على بعض تجار مخدرات الهيروين ثم أطلقت سراحهم بعد ثبوت القضية عليهم و اكتفت بأخذ بعض الغرامات المالية عليهم .

بشائر خير :

و ليس معنى هذا الكلام أن ايران انتهت و تحولت الى دولة شيعية بحتة و إن كانوا يكيدون كيداً و يريدون ليطفئوا نور الله إلا أن الله عز و جل ناصر دينه و معلي كلمته و إن كره المشركون من غير حول منا و لا قوة فنجد و لله الحمد و المنة من علمائهم و من هم في رتبة آية الله يعلنون عن رجوعهم الى عقيدة أهل السنة و الجماعة من غير تقية و لا رغبة و لا رهبة كآية الله برقعي في طهران ، و في قم نفسها و في شيراز و أصفهان .

بل تأسس في أصفهان جمعية سرية تطلق على نفسها الباحثون عن الحقيقة و أصدروا كتاباً سموه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، يقولون فيه كيف أننا عشنا على بغض هذه الشخصية

186


الفذة العملاقة ، و كيف يعقل أن هذه الشخصية تغتصب الخلافة من أصحابها ثم يأبى أن تكون الخلافة من بعده لابنه مع إلحاح من الصحابة رضوان الله عليهم كحذيفة بن اليمان رضي الله عنه ليجعلها في ابنه عبد الله و يذكره بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن عبد الله رجل صالح " فيأبى ذلك مع تمكنه من ذلك و لو فعل لنفذ و لكن يجعله في ستة مات الرسول صلى الله عليه و سلم و هو عنهم راض و هم أولى من ابنه و ليس فيهم أحد من عدي بن كعب .


و أيضاً بعد حملة ايران الشرسة على الوهابية و بعد افتضاح أمرهم في الحرم المكي الشريف أصبح الإيرانيون الشيعة و خاصة الطبقة المثقفة يأتوننا ليسألوا عن الوهابية ما هي الوهابية ، لأن الكثير منهم أصبح لا يطمئن لآراء الحكومة و لحسن الحظ كان لدي عدة نسخ من كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الهاب ، مترجم باللغة الفارسية بجوار الكتابة العربية ، و لله الحمد ما قرأه أحد الشيعة إلا و تأثر بل إن أحد الشيعة أقسم أن يطبع هذا الكتاب على نفقته الخاصة . و ظهرت الآن جماعة من الشيعة يسمون أنفسهم بالموحدين و خاصة في شيراز و ينفرون مما كانوا هم عليه في السابق من الإشراك بالله عز و جل .

و فعلاً يا أخي المسلم لو أنك أخذت جولة في ايران لا تشعر بأنك في دولة إسلامية ، أصنام و أشخاص تعبد من دون الله عز و جل ، و الله الذي لا إله إلا غيره ما كان مشركو مكة أكثر غلواً بأصنامهم من هؤلاء بأئمتهم من دون الله عز و جل ، و لو أنهم قرءوا القرآن بصدق لنبذوا ما هم عليه من الإشراك بالله عز و جل ، بل تجد الجيش الايراني و معهم أعلام كتبت عليها لبيك يا خميني ، حتى الماء الذي يضعونه في سبيل الله عز و جل في الطريق و الشوارع كتب على ثلاجات الماء (بنو شيد بنام حسين ) أي اشرب باسم الحسين و العياذ بالله عز و جل .


187



فنسأل الله عز و جل أن يجنبنا و أبناءنا و المسلمين الإشراك به و نسأل الله عز و جل بأسمائه الحسنى و صفاته العليا أن يهديهم للإسلام و التوحيد فإنه مقلب القلوب و الأبصار .

و أيضاً و لله الحمد و المنة فإن في ايران علماء مخلصين و رجالاً صالحين يقومون بالتبليغ و نشر الدين و قد أخذوا على عواتقهم هذه المسؤولية يبتغون بذلك وجه الله و الدار الآخرة ، و قد أسسوا المدارس الإسلامية في القرى و المدن و في الأماكن الوعرة الجبلية لمن يقطنها من المسلمين و قد التف حولهم كثير من الناس و هم على استعداد ليفتدوا بأرواحهم في سبيل الله عز و جل ، و لا يزال المسلمون و العلماء يأخذون جانب الحكمة و التأني و الدعوة بالموعظة الحسنة دون أن يعلنوا الجهاد في سبيل الله عز و جل حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً .

و لو رفع المسلمون علم الجهاد في ايران لن يضعوا الراية حتى يؤذن الأذان المشروع في طهران و قم ، و انظروا الى مدى تعصب هذه الحكومة الشيعية التي رفضت أن تبني للمسلمين السنة مسجداً سنياً واحداً مع أن عدد السنة في طهران حوالي خمسمائة ألف ( ) مع وجود السفارات الإسلامية كلها في العاصمة و قام أهل السنة بجمع التبرعات لإنشاء مسجد سني واحد في طهران ثم أخذ الأموال الشيخ الجليل مفتي زادة فك الله أسره حتى يلتقي بالإمام الخميني لأجل هذا المشروع فماذا حدث ، اغتصبت الحكومة أموال المسلمين و ألقي الشيخ في السجن و لا يزال في سجنه منذ سنوات .

و قد ناشد كثير من المسلمين و الجمعيات الإسلامية في خارج ايران الحكومة الايرانية في إطلاق سراح الشيخ مفتي زادة لما له من جهاد كبير ضد الحكومة السابقة شاه إيران و لكن دون أية استجابة من الحكومة .






190

مشاهدات علماء أهل السنة

الذين زاروا ايران




بعد أن أستعرضنا أقوال أهل السنة في إيران ، وبينا الظلم الذي لحق بهم ، والأساليب الشيطانية التي يمارسها آيات طهران ضدهم ... ضدهم جميعا ً كأهل السنة ، وليس ضد الأكراد وحدهم أو ضد البلوش وحدهم .
ننتقل في هذا المبحث إلى عرض أقوال نفر من علماء أهل السنة الذين زاروا إيران استجابة لدعوات رسمية من قادة الثورة الخمينية ... وهؤلاء جميعاً كانوا من الذين أيدوا ثورة الخمينية عند قيامها ، وظنوا إنها ثورة إسلامية وليست رافضية ، فصدمتهم الحقائق عندما شاركوا في مؤتمرات طهران العالمية ،ومن بين نشرات وتقارير كثيرة وقع اختيارنا على التقارير الثلاثة التالية :
_ تقرير لنائب الأمين العام لجمعية علماء الإسلام في باكستان الشيخ زاهد الراشدي ، وقد نشرته مجلة البلاغ الباكستانية ،وهو اجود هذه التقارير وأكثرها رصانة .
_ تصريحات لشيخ محمد عبد القادر آزاد رئيس مجلس علماء باكستان أدلى بها لأكثر من صحيفة ، ونشرها في رسالة مطبوعة عنوانها " ماذا يجري لأهل السنة في إيران " .
_ تقرير كتبه " محمد سعيد بانو " من جنوب إفريقيا ، ونشره في كتاب عنوانه " تسعة أيام في إيران " .






191


تقرير الشيخ زاهد الراشدي

هذه ترجمة لما كتبه نائب الأمين العام لجمعية علماء الإسلام في باكستان الشيخ زاهد الراشدي بلغة " أردو " وذلك بعد عودته من إيران في زيارة رسمية لها بدعوة من قبل بعض المسؤولين الإيرانيين ، وقد كشف في بيانه ما شاهده هو وأعضاء الوفد المرافق له من المضايقات على أهل السنة في إيران
.
وقد نشرت هذه المقالة عدة مجلات شهرية بلغة الأوردية ، ومنها مجلة "البلاغ " التي تصدر شهريا ً من " دار العـلوم " كراتشي ، في مجلدها الحـادي والعشرين تحت رقم 6 بتاريخ 1/6/1407ه الموافق 1/2/1987م وهذا نص الترجمة :
" قمت بزيارة بعض الأماكـن والمدن الإيرانيـة بمرافقة عدد من العلماء والمفكرين بتاريخ 1/1/1987م إلى 12/1/1987م بدعوة من مسئولين إيرانيين ، وكان الوفد مكونا ً من :
1_ الشيخ منظور أحمد جنيوتي عضو مجلس البنجياب .
2_ شودري صفدر علي من لاهور .
3_السيد محمد أحسن خاكواني من ملتان .
4_ راجه رب نواز من كويته .











192

5_ د . اعجاز شفيع من إسلام آباد .
6_ السيد مختار حسن من راو لبندي .
7_ المفتي دائم الدين من سكهي .
8_ السيد أسد الله بوتو من سكهي .
9_السيد حسين احمد من كويته .
10_السيد عبد الرحمن من كويته .
11_د.عطاء الرحمن من كويته .
12-د.عبدا لواسع من لورلائي .
13_السيد شاهد حسين من كويته .
14_ ميرزا رشيد بيك من كويته .

وكنا في ضيافة الحكومة الإيرانية_ إدارة شئون الدعوة الإسلامية _ ويرأس الإدارة في الخارج السيد حجة الإسلام محمد علي تسخيري ورفقائه السيد مسعود علي رضوي ،
والسيد خالد حسين وهم الذين كانوا يتولون امور الضيافة وقد احسنوا ضيافتنا ونحن نشكرهم على حسن الضيافة .
وقد تيسر لنا زيارة عدة مدن إيرانية منها : زاهدان ،طهران ، مشهد ،قم .
كما تيسرلنا اللقاء مع كبار زعماء الثورة الإيرانية والتحدث معهم ومن بينهم السيد آية الله المنتظري " نائب الخميني "،السيد آية الله جنتي ، والسيد آية الله خز علي ،
والسيد آية الله طبسي ، وغيرهم من أعضاء البرلمان الإيراني " مجلس الشورى " كما قمنا بزيارة المدارس الدينية " الشيعية " في مدينة قم وبالخصوص : المدرسة الفيضية للسيد آية الله الخميني ، وزيارة جامعة الإمام جعفر الصادق بطهران، وجامعة الإمام رضا بمشهد ،وجامعة زاهدان "بلوشستان "،




193


وقد تبين لنا مستوى النظام التعليمي في إيران ، وقد كان من أهداف زيارتنا لإيران :
أولاً: الإطلاع على مخلفات الثورة الإيرانية .
ثانيا ً: مشاهدة تحول المجتمع الإيراني بعد الثورة .
ثالثا ً: معرفة طرق الجهود والمساعي المبذولة للثورة الإيرانية .
رابعا ً وأخيرا ً: معرفة أحوال أهل السنة ومدى ما يتمتعون به من الحقوق المدنية والاستحقاقات الأخرى .
وكانت مساعينا موجه بقدر الإمكان تجاه الاستفادة وحصول العلم عن تلك المقاصد المذكورة "أعني بعد إظهار انطباعاتي وتأثيراتي نحو أحوال أهل السنة وحقوقهم في إيران وليس بلازم ان تكون هذه الانطباعات لجميع أعضاء الوفد " إلا أن أساس هذه التأثرات مبني على الوقائع التي قد شاهدها الجميع . وكان طريق معرفتنا بأهل السنة في إيران من قبل المضيفين لنا حيث إنهم اختارونا لنا اليوم الذي حدد لنا لمشاهدنا البرلمان الإيراني ، وفي نفس اليوم خصصوا لنا جلسة مع ثمانية أعضاء في البرلمان الإيراني من أهل السنة ، وأخبرنا بأن مجموع الأعضاء في البرلمان الإيراني مائتان وسبعون عضوا ً _ من بينهم أربعة عشر عضوا ً من أهل السنة ، ومنهم ثمانية الذين شاركناهم في الجلسة _ وكان الشيخ محمد إسحاق المدني والشيخ محمد حامد دامني والشيخ السيد حسين يرأسون أعضاء أهل السنة في البرلمان ، والأولان من بلوشستان الإيرانية والثالث من كردستان ، وقد توفرت لنا هذه الجلسة معلومات كثيرة مفيدة جدا ً نحو عمل البرلمان الإيراني ونحو تعامل الثورة الإيرانية مع أهل السنة وانطباع أهل السنة تجاه الثورة الإيرانية ،واتضحت لنا القضايا العديدة من خلال الاستفسارات ولكننا لاحظنا ان الشيخ محمد حامد و الشيخ محمد إسحاق المدني ( ) مع أجادتهما اللغة

194


الأردية تجنيا المحادثة بها وتحدثا معنا باللغة الفارسية وأصرا باستمرار المحادثة بالفارسية وأدركنا سبب امتناعهما عن المحادثة بالأردية ولم يكن من المقرر من قبل المضيفين أن نزور علماء أهل السنـة أو الطوائف الأخرى منهم بل لاحظنا أحيانا ً أنهم يكرهون ذلك ، إلا أننا حاولنا زيارة بعض علماء أهل السنة بتغيير جدول الزيارات المنسق من قبل المسئولين والانصراف عن بعض البرامج المقررة من قبلهم ، وعند زيارة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله سربازي وقعت لنا مع الإيرانيين مسألة مهمة ، فالشيخ المذكور خطيب الجامع المركزي بزاهدان " بلوشستان " وهو من كبار علماء أهل السنة في إيران وكان على صلة وثيقة بزعماء الثورة الإيرانية في بدء الأمر ، وبعد الثورة كان عضوا ً في برلمان تصويب القانون الأساسي في إيران من قبل بلوشستان ، ولما وصلنا إلى زاهدان علمنا أن الشيـخ عبد العزيز مريض وهو في مستشفى بطهران ، فحاولنا بعد عودتنا إلى طهران أن يسجل في برامج زيارتنا عيادة الشيخ عبد العزيز ولكننا مع الأسف لم ننجح في تحقيق هذه الأمنية على رغم مساعينا المتتابعة ، وذلك حينما أظهر المسؤولون من خلال فعلهم هذا أنهم لا يرتاحون لذلك ، وعلى كل حال لما قرب أوان مغادرتنا طهران إلى مشهد عزمت أنا والسيد منظور أحمد جنيوني ، و السيد حسين أحمد ، والقارئ عبد الرحمن ، و د. عطاء الرحمن ، وشودري صفد علي على أن نتشرف بزيارة الشيخ عبد العزيز فوصلنا إلى مقره في المستشفى وتشرفنا بعيادته والمحادثة معهم في شتى المجالات ولاحظنا من شكواه من زعماء الثورة , أن عدم شمول لقائه وعدم وضع عيادته في برنامجهم لم يكن بلا سبب ، وعند عودتنا إلى زاهدان حصل لنا عين ما حصل في طهران ، حيث







195


زرنا نحن ( ثلاثة أو أربعة من الزملاء ) دار العلوم _ زاهدان ، وتركنا بقية زملائنا في الاستراحة والتقينا هناك بالشيخ نذير أحمد والشيخ محمد قاسم وهما من خريجي دار العلوم كراتشي بباكستان ويُدرسان حاليا ً في دار العلوم زاهدان ، وقد أعلن في برنامج الوفد أن صلاة العصر ستكون في المسجد المركزي , ولكنهم اشغلوا الوفد من بعد الظهر حتى ذهب وقت العصر ووقت المغرب في حين قرروا السفر الى باكستان صباحا ً واضطررنا أن نؤدي صلاة العصر والمغرب في جامعة زاهدان وبعد الإصرار والإلحاح الشديدين ومرارة الكلام وفق الوفد بالوصول الى المسجد المركزي لأداء صلاة العشاء وفعلا ًصلينا العشاء في المسجد المذكور ولقينا عدد من المصلين وعدداً من طلبة دار العلوم زاهدان ، وبحثنا معهم بعض المشاكل والمسائل واستفدنا من بعض المعلومات الجديدة وكنا نود أن نزور الشيخ محمد يوسف التلميذ الخاص للعلامة السيد محمد يوسف البندري رحمه الله تعالى حيث أنه في سرادان يدير المدرسة الدينية الكبيرة وفيها عدد كبير من طلبة العلوم الدينية في جميع المراحل حتى المرحلة النهائية أعني درجة الفراغ من الكلية ، والشيخ محمد يوسف من زملاء الشيخ منظور أحمد جنيوني حيث درسا معا ً _ وسرادان تبعد عن زاهدان حوالي مئتي كيلو متر _ وقد أخبر الشيخ محمد يوسف هاتفيا ً برغبتنا هذه فوصل إلى زاهدان الليلة التي كنا نريد أن نغادر زاهدان وحينما وصل إلى مقرنا كان الوفد على استعداد للذهاب لزيارة أمير بلوشستان وأمرني الوفد بأن أبقى مع الشيخ محمد يوسف بعد تشاور فيما بينهم ويذهب بقية أعضاء الوفد لزيارة الأمير إلى أن المسئولين منعوا الشيخ محمد يوسف ( ) و زميليه من الدخول الى غرفتنا و أمرونا بالجلوس في غرفةا لضيافة








196


التابعة لقســم الاستعلامات تحت حراسة عدد من الأفراد وكنا نتحدث في حدود ساعة أو أكثر كأننا في السجن وكما يعامل زعيم سياسي في السجن عند لقائه بزواره ، ولقد تيقنا أن أهل السنة والجماعة يعانون المشاكل والمصائب في إيران ، ولعلنا ما كنا ( ) نصدق هذه الأمور إلا أن المسئولين والمبرمجين لزيارتنا قد أثبتوا لنا هذه المشاكل المذكورة والشكاوى الواردة بمعاملتهم وسلوكهم ، ولم يتركوا لنا مجالا ًللبحث عن مزيد ولم يبق لنا إلا اليقين والتصديق بما سمعناه من الشكاوى والمشاكل وعلمنا بأنها محققة ، وبعد هذا العرض الموجز أذكر تلك المصائب والمشاكل التي تواجه أهل السنة في إيران ويظهر على ضوء ما يعامل زعماء الثورة الإيرانية أهل السنة أنه لا منقذ لحل هذه المشاكل حاليا ً .

1_ الإحصائيات في إيران لم تتم من حيث الشيعة والسنة ومن ثم فمعرفة نسبة عدد أهل السنة على وجه الدقة واليقين صعب جدا ً إلا أنه حسب تقريرات بعض زعماء أهل السنة يبلغ عدد أهل السنة بالنسبة إلى مجموع سكان إيران خمسا وعشرين في المائة ويقطن معظم أهل السنة في محافظتي بلوشستان و كردستان ( ) إلا أن نظام الحكم نظام محدد مركزي لا دخل لأمراء المحافظات لأن أمير المحافظة مندوب عن الحكومة المركزية فحسب ، ولذلك لا أثر لأكثرية أهل السنة سياسيا ً ولا وزن لهم في المحافظين المذكورين إلا إذا طبقت الحكومة النظام الأقليمي فعندئذ يحصل لأهل السنة من بين الشيعة في بلوشستان كردستان وزن ووقار .
2_ ولا يوجد لأهل السنة مسجد واحد في عاصمة إيران مع وجود عدد كبير لأهل السنة فيها وذلك لعدم سماح الحكومة الإيرانية ببناء مسجد لهم .



197


3_ ونسبة أهل السنة في الوظائف الحكومية المهمة والمناصب الحساسة ضئيلة جدا ً ، ولا تستحق الذكر .
4_ المناصب التي أكثرية سكانها من أهل السنة يتولى المناصب العليا فيها الشيعة ومن غير سكانها ولا سيما بلوشستان فجميع من يتولى المناصب الهامة فيها من غير أهل السنة ومن غير المقيمين بها .
5_ وتسعى الحكومة الإيرانية في إبعاد أهل السنة من الوظائف بشتى الطرق .
6_ تخطيط توسعة إسكان غير أهل السنة في المناطق التي أغلبية سكانها من أهل السنة وذلك تدريجيا ً وقد أفادنا بذلك كبار زعماء أهل السنة وأبدوا تخوفهم الشديد من الخطة التي يطبقونها في مقاطعتي بلوشستان وكردستان بأنه لو استمرت الأحوال هكذا سوف تحول المنطقتان المذكورتان من أكثرية إلى أقلية خلال عشر سنوات .
7 _ منحت السلطة الأقليات في إيران حق تشكيل منظمات حسب القانون الأساسي إلا أهل السنة فإنهم محرومون من هذا الحق , وذلك أن أحد كبار زعماء أهل السنة أحمد مفتي زادة حاول تشكيل منظمـة تربط أهل السنة فيما ( باسم مجلس الشورى المركزية لأهل السنة )إلا إنه فوجئ بعده مباشرة بإلقاء القبض عليه وما زال يعاني في السجن ما يعانيه السجناء من اللآلام الشديدة .
8 _ وقد ألقي القبض على دوست محمد البلوشي من مدينة سراوان وهو من كبار علماء أهل السنة بجرمية رفعه مطالب حقوق أهل السنة والدفاع عن عقيدته الغالية , وقد أصيب بمرض شديد

198


في السجن فأخرج منه وحكم بتغريبه لمدة خمس سنوات إلى قرية نجف آباد إحدى قرى الشيعة قرب أصفان وذلك بعد قضائه في السجن سنة كاملة .

9_ وهكذا ألقي القبض على أحد كبار العلماء من أهل السنة الشيخ محي الدين البلوشي مدير مدرسة دار التوحيد الإسلامي في مدينة سرخس بجريمة رفعه مطالب حقوق أهل السنة والدفاع عن عقيدته الغالية . وقدأصدر قرار في حقه بتغريب سبع سنوات إلى بلد أخر بعدما قضى سنة كاملة في السجن .

10_ وقد ألقى القبض على الشيخ نظر محمد البلوشي العضو السابق في البرلمان الإيراني المنتخب من قبل سكان مدينة إيرانشهر بلوشستان بجريمة احتجاجه على محاضرة ألقيت في موضوع أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها ومعركة الجمل التي أذيعت من إذاعة طهران وقال المحاضر فيها : أن المرافقين لعائشـة في معركة الجمل أئمة الكفـر فجـاشت غيرة الشيخ المذكور الدينيـة ورد على هذه المحاضرة وذمها وقـدم احتجاجـه بخصوصهـا .

11_ ولعدم وجود التعليم الديني في إيران على مستوى لائق , وعدم تيسره في أكثر مناطق إيران يرحل طلاب أهل السنة الإيرانية إلى باكستان لتحصيل العلوم الدينية إلا أن حصول الجوازات لهم أمر صعب وأي طالب يسافر الى باكستان لتحصيل العلوم بدون الجواز يقبـض عليه بعد عودتـه في حين أن الوضع على عكس ذلك بخصوص الشيعة حيث يدرس ألف طالب باكستـاني في مـدارس قم وحسب الأنباء الـواردة إلينا فإن بعض الطلبة من أهل السنة طلبوا جوازات السفر لكنهم حُرموا منها وهـذه العراقيـل تقلل همم الطلاب وتفلح رغباتهم في تحصيل العلوم الدينية في المدارس والجامعات الإسلامية في باكستان .

199


12_ كما أن أهل السنة كانو يشكون عدم قبول طلابهم في الجامعات الإيرانية ولا سيما الطلاب الذين عندهم خلفيات مذهبية معينة وعندهم حماس ديني وغيره إيمانية .

13_ وأفادنا شخصية كبيرة من علماء أهل السنة وأبدى تأسفه على ما يصدر من قبل الشخصيات البارزة من الشيعة في الحفلات المشتركة بيننا وبينهم نحو مساسهم بعقائد أهل السنة من إهانة أكابر الصحابة ومن دونهم ، وأضاف هذا العالم الكبير أننا نتحمل كل شيء حتى أننا مستعدون لنفقد حرية العيش إلا أننا لا نطيق أن نتحمل إهانة الأكابر وكيف يتحمل ذلك وهو فوق التحمل والموت عندئذ أحلى بكثير من هذه الحياة المريرة .
14_ الموظف السني الذي له شعور وإدراك بحقوق أهل السنة ومسائلهم ينحى ويبعد من مقر عمله إلى مكان شاسع كي يجبر على ترك وظيفته و بهذه الحيلة تتخلص الحكومة من الموظفين السنيين وبهذه الحيلة بعينها أبعد الشيخ عبد الحكيم سربازي عن وظيفته .
ومن الجدير بالذكر أن هذه الشكاوي من قبل أهل السنة من فئات لها جهود جبارة في دعم الثورة الإيرانية في بدئها وأساسها ، وهؤلاء أصحاب الشكاوى يعترفون علناً {مع هذه الشكاوى} بأن المجتمع الإيراني أحسن معيشياً ( )ومذهبياً بعد الثورة من الحال السابق في عهد الشاه ، ويعترفون أيضاً بأن سلوك زعماء الثورة مع أهل السنة في البداية كان مشجعاً إلا أنه كلما ازدادت الثورة الإيرانية سيطرة واستحكاماً تغيرت الأوضاع من حسن المعاملة إلى سيئها ومن ومن سيئها الى أسوأ .

200



واستمرار الشكوى من أهل السنة الذين يشكون 25% من مجموع سكان ايران يعبر عن قلة ثقتهم بزعماء الثورة الإيرانية وينتج خلللا ً كبيرا ً ليس في صالح الدولة الإيرانية .
وإني أرى من الواجب علي أن ألفت أنظار العالم الإسلامي منظمات وجمعيات ومفكرين نحو اخوانهم الأشقاء أهل السنة في ايران ، وأختم مقالتي هذه راجيا ً من كرم الله عز وجل وفضله أن يتخذ العالم الإسلامي رأيا ً موحدا ً بصوت واحد نحو اخوانهم أهل السنة في ايران الذين حرموا من حقوقهم ، ويجب أن ترتفع أصوات العالم الإسلامي مناشدة زعماء الثورة الإيرانية منح أهل السنة حقوقهم المشروعة حتى يعيشون معززين مكرمين " .



تصريحات رئيس علماء باكستان


زار الشيخ محمد عبد القادر آزار _ رئيس مجلس علماء باكستـان _ إيران مرتين : المرة الأولى كانت في فبراير 1980 م بمناسبة ما أسموه عيد الثورة الإيرانية الثالث .
والمرة الثانية في عام 1982م بمناسبة انعقاد المؤتمر العالمي لأئمة الجمعة و الجماعات .

201



وتمت الزيارتان بدعوة رسمية من قيادة الثورة الإيرانية ، وكان الشيخ محمد عبد القادر آزار يرأس وفداً يتألف من ثمانية عشر عالماً من علماء باكستان، وقابل الشيخ " الخميني " وسأله واستمع الى أجوبته ,وناقشـه في أمور مهمة ، كما قابل بقية قادة الثورة الإيرانية ... واستاء مما رأى وسمع , واضطر ذات مرة إلى الانسحاب والعودة الى الفندق برفقة علماء باكستان ، وواجه وزير الخارجية الإيرانية ]علي أكبر ولايتي [ بالأسباب التي دعته الى الانسحاب ... وبعد عودة الشيخ من إيران تحدث وحاضر ونشر ملحوظاته عن الثورة الإيرانية ونجتزيء فيما يلي ما قاله عن أهل السنة في إيران ( ) :

" _ تم تصفية جميع الموظفين من أهل السنة بتهمة تعاونهم مع شاه إيران .
_ وبالرغم من أنهم يمثلون 33 % من السكان فليس لأحد منهم الحق أن يتولى منصب الرئيس أو رئيس الوزراء أو قيادة الجيش أو غير ذلك من الوظائف العليا .
_ وأهل السنة في إيران يعيشون مثل الأسرى ، وفي مدينة طهران التي يسكنها سبعة ملايين نسمة لا يوجد بها مسجد واحد لأهل السنة بالرغم من وجود اثني عشر معبدا ً للنصارى , وأربعة لليهود ، بخلاف معابد المجوس فكيف يكون ذلك مع أن الإمام الخميني هو الذي يدعو لوحدة الأمة ؟!!

وبعد انتخاب الشيخ محمد عبد القادر آزار نائبا ً لرئيس لجنة الاقتراحات في المؤتمر العالمي لأئمة الجمعة والجماعات _ أي في زيارته الثاني _ قام بتقديم اقتراحـات مهمة كان منها ما يلي :







202


_ من الأدلة على سعيكم لتفتيت وحدة الأمة الإسلامية اعتقال جميع علماء السنة مثل العلامة " ضيائي " و " مفتي زاده " .

_ وجهـت الحكومة الإيرانية إلى الجنود الإيرانيين من أهل السنة تهمة الخيانة واعتبرتهم بغاة وعصاه ومن أعوان الشاه وحكمت عليهم بالإعدام ، وهذا أمر خطير يعوق وحدة الأمة الإسلامية ويفرق كلمتها ويزيد من تمزقها .

_ ومنذ ثلاث سنوات وعد الخميني في لقاء مع وفد أهل السنة برئاسة الأستاذ الشيخ عبد العزيز رئيس خطباء أهل السنة في " زاهدان " بإعطاء قطعة أرض يشاد عليها مسجد لأهل السنة في طهران , ورغم دفع ثمنها فقد أصدر أمرا ً باغتصاب الثمن المدفوع والسجن لمن سدد هذا الثمن ، ورغم مطالبتي للخميني في العام الماضي بإنجاز وعده لأهل السنة فوجئت في المؤتمر الذي حضرته هذا العام بقول بعض أنصاره : لو أعطينا قطعة الأرض ليقام عليها مسجدا ً لأهل السنة فإنه سيصبح " مسجدا ً ضرارا ً " .

_ اعتاد أهل السنة منذ عشر سنوات إقامة صلاة العيدين في ميدان عام في طهران ، ولكن هذا العام بعد أن منحوا التصريح الرسمي بالصلاة في عيد الفطر ، وتجمع المصلون حضرت قوات الشرطة وفرقت المصلين باستخدام الهراوات والعصي .

_ إذا كان الخميني مخلصا ً في دعوته لوحدة الأمة الإسلامية فعليه أن يعلن على رؤوس الأشهاد أن أبا بكر وعمر وعثمان رضوان الله تعالى عليهم أجمعين كانوا مسلمين ، وأن على كل مسلم _ سني أو شيعي _ أن يحترمهم احتراما ً كاملا ً لا يقل عن احترام علي بن أبي طالب رضى الله عنه وبذلك تضيق الفجوة بين السنة والشيعة " .1هـ .

هذه أهم الاقتراحات التي قدمها الشيخ رئيس جمعية علماء باكستان

203


إلى المؤتمر ، وقد قوبلت بالرفض ، ويقول الشيخ أن النزاع اشتد بينه وبينهم وانتبه علماء أهل السنة وكان عددهم لا يقل عن مائه إلى أهداف الإيرانيين , ولم يوقعوا على البيان الذي أراده أتباع الخميني .


تقرير الشيخ محمد سعيد بانو

• الشيخ محمد سعيد بانو عالم وداعية من جنوب أفريقيا شارك في مؤتمر 1982 م الذي شارك فيه الشيخ آزاد _ أي المؤتمر العالمي لأئمة الجمعة والجماعات _ , وكتب تقريرا ً تحت عنوان " تسعة أيام في إيران " , وأول شيء لفت نظره أن العديد ممن شارك في هذا المؤتمر يقال لهم أئمة وليسوا أئمة , ولقد جاءوا عن طريق الوساطة أو لأنهم يحملون توصية خاصة ... وعن أوضاع أهل السنة يلخص مشكلاتهم فيما يلي :

(1) قلـة ممثليهم في البرلمان فلهم أربعة عشر مقعدا ً من مائتين وسبعين مقعدا ً أي نسبة 5 %مع أنهم يمثلون 25 % , وليس من بينهم وزراء أو نواب وزراء .
(2) العمل بالمذهب الشيعي في القضاء .
(3) الكبت , فأبرز علمائهم _ ومنهم أحد مفتي زادة _ مع حوالي ألفين مفكر سني يعيشون داخل السجون .
(4) عدم وجود مساجد للسنة في طهران مع السماح ببناء معابـد لأتباع الأديان الأخرى .
(5) الدعوة ضد المذهب السني في وسائل الإعلام ، فالشيعة يكرهون الصحابة وخاصة الخلفاء الثلاثة الأول .


204



(6) لنظام التعليمي متحيز للمذهب الشيعي .
(7) التميز في التعامل حيث يجد السنة صعوبة في الحصول على عمل بعكس الشيعة .

ويدعو الكتاب ]محمد سعيد بانو [ إلى بحث مشاكل السنة في إيران وخاصة في السجون ... وقد لاحظ ]الشيخ خلال المؤتمر [ أنه عندما يصلون جماعة لم يحدث أن دعوا شخصا ً
سنيا ً ليؤمهم في الصلاة .

ويذكر أن هناك طلابا ً قدموا من بلاد إسلامية تتبع المذهب السني ليدرسوا في إيران ,و وتحولوا إلى المذاهب الشيعي , ويتساءل عن مستقبل هؤلاء عند عودتهم إلى بلادهم ورفض مجتمعهم لهم !!

ثم يتحدث عن التناقض بين الدعوة والتطبيق في إيران فهم يدعمون النظام السوري البعثي الذي قتل الإخوان المسلمين ويحاربون نظام الحكم البعثي في العراق , ومثل دعمهم للقذافي _رغم مواقفه الإسلامية المؤسفة _ إلى غير ذلك "









206



ماذا يجري في سجون الآيات ؟!


في هذا المبحث شهادة المضطهدين من أهل السنة ، وهم عدول ثقات بمجموعهم ، وليست هذه الشهادة قاصرة على فرد أو على فردين أو منطقة أو منطقتين ، ومن نجا من الشهود يستطيع الباحث عن الحق الاتصال بهم في تركيا والخليج وباكستان والسماع من أفواههم ، وإذن فشهادة أهل السنة لا يشك منصف بأنها بلغت حد التوتر .



ونقلنا كذلك في هذا المبحث مقتطفات من تقرير منظمة العفو الدولية ولا تخرج هذه المقتطفات في مضمونها عما ذكره أهل السنة ... وحرصنا على ذكر هذه المقتطفات لتعلم الخلائق براءتنا من الظلم والظالمين الذين يلبسون لباس الإسلام , وحزننا على الضحايا المنكوبين مهما كانت اتجاهاتهم , فللمرتد حد ... و للزانى حد ... وهكذا , أما هذه الصور من التعذيب فهي مجوسية بربرية يأباها دين الله الذي ارتضاه لعباده ...



ومن لا يقنعه شهادة أهل السنة , ولا تقارير منظمة العفو الدولية , ولا الأقوال التي بلغت حد التوتر ؛ فقد أطفأ مصباح عقله , وتبلدت أحاسيسه , وأسره هواه .









207


شهادة أهل السنة


كنا _ ولا نزال _ نسمع بين حين وآخر , من بعض الذين كانوا قد أفرج عنهم من سجون الحكومة الإيرانية , عن طريق الإذاعات الأجنبية , التي تتفرج على مآسي المستضعفين ولا سيما المسلمين منهم , والتي يجب ( ) إتهامها فيما تنشر من الأنباء عن حكومة من الحكومات الصغيرة , نظرا ً إلى أنها لا تتأتى منها إلا خدمة مصالح القوى الاستعمارية الكبرى , كنا نسمع أنباء عن سوء معاملة النظام للمسجونين السياسيين .

ولكن كون كثير من المعارضين الحكومة إنما يعارضونها لأن عليها صبغة ضعيفة من الإسلام , مع كون تلك الإذاعات كما ذكرنا , كان يجعل الذين يتبنون _ إن جاءهم فاسبق بنبأ _ يحتاطون فلا يسارعون في تصديق تلك الأنباء , وإن كانوا لا يستطيعون أن ينفوا الصحة عنها نظرا ً لأن الحكومة العدوانية خارج السجون , التي لا تبقى معها شك في أن الحرمات والأعراض لا قيمة لها عندها .
ثم كان أن ألقت الحكومة في العام الماضي القبض على عشرات من

208

خيرة شباب أهل السنة , وعلى رأسهم قائد أهل السنة في إيران الشيخ أحمد مفتي زادة , و أودعتهم سجون مدن سنندج تبريز وسمنان كرماشان وزاهدان , ولكنها أفرجت بعد أشهر عن زهاء ثلاثين منهم كانوا في سجون كرماشستان ( مركز محافظة من المحافظات الغربية ) وزاهدان ( مركز محافظة بلوجستان ) , كي لا يشعر الناس بأن الأمر أمر أهل السنة جميعهم , وتظهر عمليات الاضطهاد والقمع في محافظة كردستان ( محافظة كردستان التي مركزها سنندج جزء من كردستان بمعناها العام الشامل لعدة محافظات ) بمظهر مخالف لحقيقة الأمر التي هي إرادة إبادة أهل السنة أو إكراههم على التشيع .


وبخروج هؤلاء الأخوة المؤمنين _ الذين يجب الوقوف عند شهاداتهم _ من السجون , تيسر لنا أن نقف على قليل مما يجري في تلك السجون التي تسميها الحكومة الجامعات الصانعة للإنسان . وليعلم أن ما شاهده وعلم به أخوتنا إن هو إلا نزر يسير من الإجراءات المعتدية على الإنسانية . وذلك لأنه لم يعلم تتهيأ حتى اليوم الظروف المساعدة للحكومة على اتخاذ قرار حاسم بشأن المتبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين ألقت وتلقي عليهم القبض , وتخشى أن يأتي المستقبل بأحداث ترغمها على إخلاء سبيلهم أو ترى أن الإفراج عن بعض منهم في ظروف خاصة يكون في صالحها , فإنها تتحرز عن أن تعاملهم بمثل ما يعامل به الآخرون , وتحاول أن تبعدهم بقدر الإمكان عن السجون التي تقوم فيها المجازر الإرهبية .

ولنستمع لأخ من أولئك الأخوة الذين قضوا ستة أشهر في السجون ثم أفرج عنهم , يقص علينا مشاهداته من حين داهم الحراس بيت الشيخ مفتي زادة في مدينة كرماشان بعد أيام من عقد الاجتماع الذي انعقد بدعوة منه بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيس مجلس الشورى المركزية للسنة ,

209


فألقوا القبض على الأخ وعلى ابن الشيخ وآخرين جاءوا ضيوفا ً , ( كان الشيخ نفسه قد ترك كرمانشان قبل الحادث وذهب إلى طهران حيث ألقى عليه القبض هناك ) , إلى أن أفرج عنه _ أي عن الأخ _ بعد الأشهر الستة . يقول الأخ :
كنت في البيت أنا وابن الشيخ وآخرين , وذلك في السادسة والعشرين من شهر شوال بعد انعقاد الاجتماع بعشرة أيام , أشارت الساعة إلى التاسعة والنصف وإذا يدق الباب . فلما فتحنا الباب فوجئنا بالحراس يدخلون علينا البيت بوحشية وعنف . كنا في تلك الساعة نشرب الشاي , فدعوناهم ليشربوا معنا ولكنهم ردوا علينا بالشتم والإهانة وضرب أحد الضيوف . وأخذوا ينثرون الأثاث والأمتعة ثم خرج بنا بعض منهم من البيت وأذا بأسطح بيوت الجيران والشارع مملوء بالحراس المسلحين وأذا بهم قد جمعوا أهل تلك البيوت في الشارع وأركبوهم السيارات . وكل ذلك فعلوه من أجل إلقاء القبض على بضعة أشخاص عزل كانوا يتوقعون أن تقدم الحكومة في تلك الأيام على اعتقال المؤمنين الملتزمين بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتبعين للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار , فلم يكن هناك ما يقتضي تطويق البيت بتلك الكتيبة , ولا ما يقتضي مجيء المسلحين , فإن الحركة الإسلامية كانت قد أعلنت قبل ذلك أنها في مرحلة التزكية , والتعليم فلذلك ترفض المقاومة المسلحة رفضا ًباتا ً .


وعلمنا بعد ذلك أن الذين بقوا منهم في البيت كانوا قد نثروا كتب الشيخ في ساحة البيت وسرقوا ما وقعت عليه أيديهم من العملة والثياب والأشرطة وغيرها , كما أنهم أخذوا منها ما كان معنا من العملة .


ثم إنهم ذهبوا بنا إلى مقر الحراس , وقبل أن يدخلوا عصبوا على أعيننا بعصابات , ثم فرقوا بعضنا عن بعض وأخذوا في إيذائنا بالشتم والضرب , ثم أدخلوا مكانا ً وأخذوا يلقون علي أسئلة مختلفة , وكلما رددت عليهم بجواب غير معجب لهم واجهوني بالوكـز والرفس .






210


ودام هذا الوضع يومين وليلتين وأنا مشدود اليدين والرجلين ثم نقلوني إلى حيث وجدت أخوين آخرين ألقي عليهما القبض بعد اعتقالنا . وبعد أيام جيء بأخوة آخرين من سائر مدن المحافظة . ثم ذهبوا بالجميع بعد إجراء تحقيقات معهم في السجن (( ديزل أباد )) وبقيت أنا وابن الشيخ نتلقى التعذيب النفسي طوال أسبوع , حيث كانوا يهددوننا بالضرب ويسمعوننا أنباء كاذبة عن سائر الأخوة , ثم نقلونا أيضا ً إلى ذلك السجن .

وفي ذلك السجن كنا نقضي الوقت في تلاوة ودراسة القرآن واللغة العربية ونقيم الصلوات جماعة , مما أثر في سائر المسجونين تأثيرا ً كبيرا ً , وكان الحراس يجتمعون بنا كل بضعة أيام يجادلوننا ليصرفونا عن اتجاهنا , وكانوا يتوسلون بإغرائنا بمتاع الحياة الدنيا , فلما استيأسوا منا انتهوا عن ذلك .ومن جملة ما كانوا يجادلونا به قولهم : إنه ما دام الإمام حيا ً فلا معنى للشورى ولا حاجة إليها , وقولهم : إن كلمة الشورى التي جاءت في القرآن لا تعني أن يكون هناك تشاور , وإنها بمعنى آخر , وأن الذين كانوا يحلون ويعقدون بالشورى في عهد الخلافة ما كانوا يريدون بذلك إلا الإمارة , وكقول مدير ما يسمى بدائرة التعليم والتربية وكانوا قد جاءوا به للبحث مع أخوتنا المدرسين والمعلمين : دعونا من التذكير بآيات القرآن , تكلموا بصواب من القول , واعلموا أنا نعتبر حكم حاكم الشرع أعلى من حكم الله !!! (( سبحانه وتعالى عما يقولون علوا ً كبيرا ً )) . ولما رأوا أن كنا نفعل من إقامة الصلوات جماعة وتلاوة القرآن وتفسيره يؤثر في سائر السجناء , وأن عدد المشاركين معنا في أداء الصلوات جماعة يزداد كل يوم , نهونا عن ذلك ولكننا لم ننته .


وفي هذه الأيام أذن لأقاربنا بزيارتنا , وقدم جميع الأخوة إلا أنا وآخر للمحاكمة . وأما أنا فدعوني إلى مكتبهم فظننت أنهم سيقدمونني أنا أيضا ً

211


للمحاكمة , ولكنى فوجئت بهم يقولـون : إنا نأذن لك بالزيارة مرة أخرى لأننا سنعدمك . هدني هذا الخبر نفسياً ولنك حاولت أن لا أظهر بمظهر يشمتهم . وحاولـت أن أكون عند زيارة أقاربي أبعد ما أكون عن الحزن والأسى .

كماأن سلوكي في السجن لم يسمح بانتشار الخبر ، فلم يعلم به إلا أحد الأخوة ، و كان تبرمهم من برامج التلاوة و التفسير و إقامة الجماعة بحيث أخذوا في اصطناع الحجج لإخراجنا من بين سائر المسجونين الى الزنازين ، فكانوا يطلبون منا أن نحضر مراسيم الندبة و دعاء كميل ، فلما رفضنا ذلك نقلونا الى زنزانة قضينا فيها أربعة شهور . و الزنازين المجاورة لنا كانت مساكن للرجال و النساء المنتسبين الى الأحزاب المعارضة للحكومة . فأما الرجال فكان بعضهم في الانفرادية . و أما النساء فلم يكن في كل زنزانة إلا واحدة منهن . و في هذه الزنازين كانت تقع الجرائم و الاعتداءات الإنسانية و سأذكر نماذج منها :

كانت الزنازين لحداثة بنائها و لبرودة الهواء كثيرة الروائح ، بحيث كان أكثر المسجونين قد أصيبوا بالمرض . و ما كان يؤذن برؤية الشمس فضلاً عن التمتع بحرارتها ، حيث كانوا يعصبون الأعين حيث الخروج لقضاء الحاجة و لم يكونوا يسمحون بالخروج لقضاء الحاجة و التوضؤ إلا أربع مرات في اليوم و الليلة . و كانوا هم الذين يعينون الأوقات لذلك ، فمثلاً كانت إحدى المرات في الساعة الرابعة صباحاً و المرة الثانية بعد الظهر . و كانت المدة المقررة لقضاء الحاجة دقيقتين فقط . و أما الاغتسال و غسل الثياب فلم يكونوا يسمحون بذلك إلا مرتين في الشهر ، و لم تكن المدة المقررة له لتجاوز خمس عشرة دقيقة ، و مع ذلك كان الماء بارداً و برد الشتاء قارصاً . و مما كانوا يؤذون به المسجونين إذاعة الأناشيد و مراسين الندبة في صالة الزنازين عن طريق مكبرات الصوت من الصباح الى نصف الليل .

212



و من الأساليب التي كانوا يستخدمونها للتعذيب النفسي الإتيان بالأخبار الكاذبة المحزنة ، و إخراج بعضنا من الزنزانة ليلاً ، و معنى ذلك في عرف السجون الإسلامية أنه قد صدر حكم الإعدام ( ) على ذلك البعض و حان وقت تنفيذه عليه . و منها سب السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار و افتراء البهتان العظيم على أم المؤمنين عائشة الطيبة رضي الله عنهم أجمعين . ففي إحدى المناقشات التي جرت بيننا و بينهم قال لنا واحد من رجال الدين !!! و كان يسمى " إمامي " : الحقيقة أننا لسنا مخالفين لكم فحسب بل نخالف أيضاً حكومة الشورى التي كانت بعد عهد النبي و نعتبرها و نعتبر أبا بكر و عمر و عثمان غاصبين ، و نعتبر عائشة بغياً (( سبحانك هذا بهتان عظيم )) ثم قال : إننا قد منعنا مائتين و ثلاث و ثمانين كلمة أن يتلفظ بها في الإذاعة و التلفزيون كلها في سب الخلفاء الراشدين و غيرهم من الصحابة و في سب عائشة ، و أما في المجلس المختصة بأهل التشيع فنسبهم بجميعها .

و من أشد العذاب النفسي لإنسان لم تنطمس إنسانيته أن يرى أخاه الإنسان _ أياً كان تصوره و عقيدته _ يقتل ظلماً ، أو يرى أختاً يعتدي على عرضها و تهتك حرمتها ثم تقتل مظلومة ، وهو لا يملك أن يدافع عنه أو عنها ، أمر الذي كنا نقاسيه ليل نهار . فلم تكن تمضي ليلة واحدة بغير إعدام ( ) .
و كان التعذيب النفسي يبلغ أقصاه حينما كانت تختلط صرخات امرأة بضربات البنادق و هتافات الحراس " الله أكبر خميني رهبر " ، و تشق سكون الليل الساجي .






213


و في إحدى الليالي انطفأت المصابيح حوالي الساعة العاشرة و النصف , فقال الأخوة نفضي الوقت بإنشاد الأشعار الدينية الى أن يعود الكهرباء . و مضت ساعتان و لم يعد ، و فجأة علت صرخات نساء من الزنازين المجاورة ، فلم يملك الأخوة أنفسهم من البكاء لأنهم لم يكونوا يستطيعون إنقاذ أولئك المسكينات من أيدي أولئك الذئاب المفترسة . فلما أصبحنا سألنا رجلاً كان يأتينا بالطعام و هو من النادمين الذين تسميهم الحكومة بالتوابين عن سبب الحادث ، فتأوه ثم قال لقد رأيت أسوأ من هذا بكثير ، و السبب أن الشيعة يعتقدون أنه لا يجوز إعدام الأبكار ، فإذا أريد أن تعدم بكر عقد عليها لأحد الحراس عقد متعة و بعد الاعتداء عليها يعدمونها"كان النادم نفسه أيضاً شيعياً "( ) .

كان الرجال أحسن حالاً من النساء ، فما كانت تستطيع واحدة منهن أن تستريح في زنزانتها أو تسرح شعرها مثلاً ، لأن الحراس ما كانوا ليغضوا أبصارهم عنهن ساعة . بل رأيت مرة واحدة منهم واقفاً عند نافذة الحمام ينظر الى نسوة كن يغتسلن فيه ، فلما رآني أخذ يشتم أولئك المسكينات و يقول لم دخلتن الحمام عاريات ؟!! و عليكن بثيابكن فالبسنها . و أما مواجهتهن بالكلمات النابية التي لا تصدر عن رجل له نصيب من الإنسانية( ) كانت شيئاً هيناً عليهم .

و قبل أن يفرقوا بيننا و بين سائر المسجونين كان معنا رجل في حوالى الستين سنة تقريبا ً


214


كانوا قد ضربوه بالأسلاك ( 1800 ) ضربة على ظهره و قدميه ، و كان يحمل معه في خرقة قطعات من لحم أقدامه تناثرت من ضربات الأسلاك . و مع ذلك فإن الرجل كان يقول أشد ما يؤلمني أنهم دعوني مرة و قالوا إما أن تعترف و إما أن نعذب امرأتك ، فقد أتينا بها و هي الآن في الغرفة المجاورة . و عند ذلك سمعت صراخ امرأة من تلك الغرف ، فاستسلمت لهم خوفاً على امرأتي و قلت لهم اكتبوا ما تشاءون لأوقع عليه على أن تخلوا سبيل امرأتي . و لكني بعد ذلك سألت امرأتي عن الأمر عند مجيئها لزيارتي فنفت ذلك فعلمت أن المرأة لم تكن امرأتي و عملهم كان احتيالاً لأخذ الاعتراف مني . ثم إنه بلغ التعذيب من الرجل أن عمد إلى كمية من النورة فبلعها محاولة الانتحار و لكن لم يشأ الله أن يموت .


و كان معنا آخران كانا قبل ذلك في بناية اللجنة المركزية ، فكانا يقصان علينا أنه كان هناك رجل كانوا قد ضربوه بالأسلاك خمس و أربعين يوماً متتابعة كل يوم مائتين الى ثلاثمائة ضربة . و في احدى الليالي استيقظنا من النوم حوالي الساعة الثانية و النصف فإذا بحريق وقع في غرفتنا و إذا بهذا الرجل قد لف نفسه في بطانية و صب عليها النفط و أحرق نفسه ، و إذا به يلفظ أنفاسه الأخيرة ,و يقول بصوت هامس طوبى لي ، نجوت منهم . فحاولنا أن نطفأ الحريق فلم نستطع ، و اضطررنا أن نلقي بأنفسنا من النافذة ، فبادر الحراس بإطلاق النار علينا ظانين أنا نريد الفرار ، فلما علموا الأمر هرعوا من الغرفة ، و كان الرجل قد مات فألقوه من النافذة و أخذوا يشتمونه و يهينوه ، و أصدروا الأمر بحجز أمواله لأنه كان قد اعتدى على مال بيت المال بإحراقه للبطانية ، ثم سمعنا أنهم ألقوا القبض على امرأته أيضاً .


215



و هذان الرجـلان ضربوا واحداً منهما ستمائة ضربة بالأسلاك ، و كـانوايطلبون منه أن يدلهم على المعارضين و هو ينكر أنه يعرف أحداً ، و لكنه اضطر أخيراً أن يسمي لهم عدة أشخاص ، فلما جاءوا بهم و جمعوهم به أقسم أنه لا يعلم عليهم من سوء ، فأفرجوا عن هؤلاء و طلبوا منه أن يعترف بآخرين ، و هكذا كلما جاءوا بفريق أقسم على براءتهم فأفرجوا عنهم بعد الإيذاء و التعذيب الذي بلغ أن ذهبوا بفريق الى مكان الإعدام و أطلقوا على رؤوسهم النار إيهاماً لهم أنهم يعدمونهم .

و أما نحن المدافعين عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و عن السابقين الأولين ، فمع أن معاملتهم لنا كانت تختلف عن معاملتهم للآخرين ، لم ينجُ كثير منا من اعتداءاتهم ، فمنا من كسرت يده ، و منا من كسرت سنه ، ومنا من كسرت ضلعه ، و منا من ...! فلعنة الله على الظالمين .

و بعد فإنما اكتفينا في الكلام عن السجون الخمينية بما حكى لنا هذا الأخ مما رآه بعينيه لنكون قد اجتنبنا الحديث بما قد يصدر عن الظن ، فإن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً . و لا يظن أحد أننا نريد أن نصور بهذه الكلمات المعدودة واقع تلك السجون ، فعلم ذلك عند الله الذي يعلم الجهر و ما يخفى ، و نعوذ بالله من أن نظلم بذلك الإنسانية المهانة تحت أقدام البغي و الطغيان ، فلها الله الواحد القهار الذي سينتقم لها من الفجار ، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .




مكتب قرآن
3 / 9 / 1403

216



و ليس ما جاء في الرسالة السابقة الصادرة عن " مكتب قرآن " هو كل ما ذكره الأخوة _ أهل السنة _ عن سجون الآيات ، ففي رسالتهم " قضية أهل السنة في ايران " ص 54 أشار الأستاذ مفتي زادة الى بعض أساليب الاضطهاد و التعذيب التي أدت الى استشهاد عدد من الأخوة ، و من استعراض وسائل التعذيب التي استخدموها نلاحظ أنها مرحلة كانت أشد همجية ووحشية من المرحلة السابقة ، لأنها كانت الأولى ، و كانوا يرجون عودة شباب أهل السنة عن آرائهم .

و في الصفحة ( 82 ) ذكروا الشيخ السني الذي نقد ولاية الفقيه ، و بعد أسبوع أعلن توبته في الإذاعة ، و عندما سأله أصحابه عن هذا التناقض أجاب : و الله ما رجعت عن اعتقادي و لكنني اضطررت لذلك عندما أدخلوا علي في السجن عشرة شبان من الحرس الخميني ، و معهم من يرتدي العمامة السوداء و هو يحثهم على اللواطة بي أو أن أرجع عن رأيي على الملأ ، و هو يقول لهؤلاء الشبان أنتم في فعلكم هذا مثابون عند الله عز و جل ، و ليس عليكم غسل بعد اللواطة .

و حكموا على مولوي نذير أحمد _ و هو عضو في مجلس الشورى الايراني السابق _ بالرجم بتهمة الزنا لأنه تحدث عن فضل الصحابة و بين حكم من يسبهم ، و أجبروه من شدة التعذيب على الاعتراف أمام الجمهور من خلال التلفاز بأنه عميل للمخابرات العراقية ، و هو رجل طيب و عالم عامل بعيد عن الشبهات ، و لم يكن له ذنب سوى دفاعه عن الصحابة رضوان الله عليهم ...
و سنذكر أمثلة أخرى في موضع آخر من هذا الكتاب عن جرائم الآيات ضد أهل السنة إضافة لما ذكرناه سابقاً .

217




مقتطفات من تقرير لمنظمة العفو الدولية

1_ أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع سجناء سابقين و من بين هؤلاء عضو في منظمة مجاهدي خلق كان في سجن تبريز من شباط / فبراير 1981 الى أيلول / 1983 . قال السجين السابق :


" عندما نتقاسم مع سجناء سياسيين زنزانة واحدة تربطك بهم علاقة حميمة و خاصة ... و مرور الوقت بدأت أتعرف على زملائي و بدأت أحبهم ، و كانوا هؤلاء يعدمون ثم يأتي سجنا جدد الى زنزانتي فأبدأ بالتعرف عليهم بنفس الطريقة كما كنت أتعرف على من سبقهم ، و قد تكرر نفس الشيء مرات عديدة ، و في النهاية صرت أتمنى لو أنهم يأخذونني للإعدام في المرة التالية و زيادة على التعذيب البدني فهناك التعذيب النفسي ... كانوا يجبروننا على تحميل شاحنة بالأجساد التي قد ينقص بعضها يداً أو رجلاً . أجبروني على القيام بذلك ثلاث مرات ، فكنت أجمع الأجساد في أكياس ثم أُحمل الشاحنة .


أحياناً كانوا يعدمون الأقارب دفعة واحـدة ، و أحياناً أخرى كانوا يعدمون واحداً منهم فقـط و قبل ذلك كانوا يسمحون للأقارب بالاجتمـاع لفترة

218

قصيرة، كانت زنزانتي تقع قرب ساحة الإعدام ، فكنت أسمع ما يجري في هذه الاجتماعات و النحيب الذي كان يعقب الاعدامات .

1 _ وصفت طالبة قضت الفترة ما بين أيلول / سبتمبر 1981 و آذار / مارس 1982 في سجني إيفين و غزال هصار ، لمنظمة العفو الدولية تجربة عشيها في زنزانة ضمت مائة و عشرين امرأة تراوحت أعمارهن من الطالبة الى العجوز ، و بعضهن تم إعدامهن . قالت الطالبة :

" ذات ليلة جاءوا بفتاة صغيرة السن اسمها طاهرة من قاعة المحكمة الى زنزانتها مباشرة . كانت المحكمة قد حكمت عليها بالإعدام ، فكانت مرتبكة متهيجة ، تبدو و كأنها لا تعرف سبب وجودها هناك . و بعد فترة استقرت للنوم الى جانبي ، لكنها كانت تستيقظ فجأة من حين لآخر مذعورة ، فـتتعلق بي سائلة : هل سيعدمونها حقاً . كنت أحيطها بذراعي لأهدئ من روعها و لأطمئنها بأنهم لن يعدموها , لكنهم أتوا في الساعة الرابعة صباحاً و أخذوها لإعدامها كان عمرها ستة عشر عاماً " .


3 _ و قد شهد سجناء سابقون بأن السلطة كانت تكرههم على النظر الى جثث ضحايا الإعدام ، كما جاء في قول أحدهم :

" كان الجو ملئاً بالبكاء و العويل ، قال لي أحد الحراس : سنزيح عنك عصابة عينيك . يجب أن تنظر حولك . انظر الى الأمام فقط . و لما فتحت عيني رأيت فتى يتدلى من شجرة ، كانت ذراعاه مضمدتين حتى المرفقين ، و ساقاه حتى الركبتين ، و كان نحيفاً جداً و اسمه مكتوب على بطاقة معلقة في عنقه ، ووقف حارس الى جانب جثة الفتى ينخسها بعصا جعلتها تدور مراراً ، أثناء ذلك كان الحراس يراقبون السجناء لمعرفة ردود فعلهم " ( سجن إيفين ، عام 1981 / 1982 ).

219


4_ و قد امتدت الاعتقالات منذ بداية الثورة عام 1979 ، لتشمل المجال السياسي كله : و هناك العديد من مناصري المجموعات المعارضة ، فقد اعتقلت السلطات عدداً كبيراً من أعضاء الأقليات العرقية ، كالأكراد الذين يناضلون من أجل استقلالية أكبر.

إن العديد من السجناء في ايران هم سجناء رأي يعانون الاحتجاز لمجرد التمسك بمعتقدات عبروا عنها بطرق خالية من العنف ، و لا تستطيع منظمات العفو الدولية تقدير عدد سجناء الرأي المحتجزين حالياً ، بسبب الصعوبات التي تواجهها في الحصول على المعلومات حول الحالات الفردية ، و في التحقق منها .

لقد شملت الاعتقالات الكتاب و الصحفيين و الأطباء و الأساتذة المحاضرين و المدرسيين و الطلبة و ربات البيوت و عمال المصانع و العمال اليدويين .

و بعض السجناء متقدمون في السن ، ككتاب يبلغ عمره أربع و سبعين عاماً هو رهين السجن رغم كونه مريضاً جداً ، و كان قد ألقب القبض عليه للمرة الأولى في آذار / مارس 1981 ، و تمكن من الهرب في نفس السنة ، إنما أعادت السلطات اعتقاله في كانون الأول / ديسمبر 1981 ، و قد ورد أن السلطات قامت بتعذيبه خلال فترة اعتقاله للمرة الأولى ، و في أوائل عام 1987 ، أطلق سراحه بصفة مؤقتة ، و سمح له بالرجوع الى منزله تحت الرقابة ، إلا أنه أعيد للسجن رغم كونه بحاجة لعلاج طبي نظراً لمرض خطير أصاب معدته و كليتيه ، و هو كذلك مصاب بالشلل في رجليه و يكاد يفقد بصره . كما أن العديد من السجناء هم أحداث و مراهقون كانوا في مدارسهم عند اعتقالهم .


220

الرهائــن

5_ يتعرض أقارب السياسيين المعارضين للاعتقال ، أما كرهائن الى حين إلقاء القبض على المطلوبين ، و إما للضغط على الأفراد الذين تم إلقاء القبض عليهم بهذه الطريقة اعتقلت زوجات المشتبه بنشاطاتهم السياسية الذي تفادوا السجن ، و قد قالت إحداهن لمنظمة العفو الدولية :

" أتى رجال الحرس الثوري الى بيتنا في أصفهان في تشرين الثاني / نوفمبر 1983 بحثاً عن زوجي دون أن يكون لديهم مذكرة توقيف . كان زوجي قد تمكن من مغادرة البلاد ، و لما فشلوا في العثور عليه ، قالوا إنهم عازمون على أخذي لمجرد ساعتين لالقاء بعض الأسئلة عليّ كما أخذ الحرس الثوري أبي و أختي الأصغر مني و عمرها تسعة عشر عاماً ، و لكنهم أطلقوا سراحهما بعد ست ساعات ، و أما أنا فقد مكثت في السجن لمدة أربعة عشر شهراً … " .

مثل هذه الاعتقالات التي تم وصفها ما تزال مستمرة في ايران حتى الآن , ففي عام 1985 احتجزت السلطات امرأة في طهران بعد أن فشلت في العثور على زوجها ، فحكم عليها بالسجن لمدة سبع سنوات ، و قد أخبرتها السلطات ، على ما يبدو بأنه سيطلق سراحها إذا تم العثور على زوجها ، و يعتقد أن هذه المرأة موجودة حالياً في سجن غزال هصار .

و قد اعتقلت السلطات عائلات بأجمعها :
" جرى اعتقالي في أيلول / سبتمبر 1980أتى بيتنا رجال الحرس الثوري و فتشوه كان أبي و أمي و أختي و أخي الأصغر مني موجودين في البيت ، فحسبهم رجال الحرس الثوري جميعاً في غرفة واحدة ، و لما عدت بعد ذلك الى البيت كان أخي قد وصل قبلي بمدة وجيزة , و لم يكن لنا


221


علم بما يجري ، كان بيتنا قبو أخذنا إليه رجال الحرس الثوري و قاموا بضربنا : كان عددهم حوالي عشرة أو اثني عشرة رجلاً ، و بعد ذلك أخذونا الى مقر قيادة الحرس الثوري في أرومية ، و لحسن الحظ أفلحنا في إقناعهم بالإفراج عن والدينا بعد أيام من احتجازنا " .

إن لكل فرد الحق في أن يعلم أسباب احتجازه فور توقيفه ، و في أن يُخبر فوراً عن أية تهمة موجهة ضده و هذا الحق الأساسي يقره الدستور الايراني صراحة ، إلا أنه في الواقع لا يجري إبلاغ المحتجزين السياسيين بسبب توقيفهم لأسابيع أو لأشهر بأكملها ، كما يظهر أنه ألقي القبض على العديد من الأفراد لأن أصدقائهم أو زملاءهم ذكروا أسماءهم و هم تحت التعذيب .

كما تعلم منظمة العفو الدولية بأمر أشخاص اعتقلوا خطأ لتشابه أسمائهم و أسماء مناضلين سياسيين مطلوبين من طرف قوات الأمن .

فقد أخبر سجين سابق منظمة العفو الدولية عن رجل عمره حوالي ستين عاماً أدخلته السلطات السجن رغم كونه يتلقى علاجاً طبياً في المستشفى لمرض قلبي ، و قد حمل الى السجن في نقالة ، و مكث هناك مدة يومين قبل أن تدرك سلطات السجن أن اسمه يشابه اسم مناضل سياسي معروف ، و انه ليس الشخص المطلوب .

و كثيراً ما تحتجز السلطات أشخاصاً تأخذهم من منازلهم و كل ما تقوله لهم هو أنهم مطلوبون للإجابة عن بعض الأسئلة ، و أن ذلك يستلزم حضورهم لبضع ساعات ، إلا أنها قد تحتجزهم لعدة أشهر و ربما لعدة سنوات ، كما تقوم السلطات بإهانة أقارب المحتجزين و بتحذيرهم من الاستفهام عن مصيرهم ، و بتهديدهم بالسجن إذا فعلوا ذلك.


222



أما الأشخاص الذين يعتقلون خارج منازلهم ، فهم لا يستطيعون إخبار عائلاتهم بما وقع لهم أو بمكان وجودهم ، و عندما يلتمس أحد من السلطات المختصة معرفة ما وقع لفرد ما ، فإن هذه تنكر احياناً وجوده في عهدتها ، لذلك ليس من غير المألوف أن تقضي عائلات أشهراً كاملة باحثة عن قريب "مفقود " سائلة كل سجن و كل مركز للحرس الثوري و كل كوميتيه في المنطقة .

إن منع الاتصال بين المحتجزين و أقاربهم يزيد الى حد كبير في خطر ممارسة التعذيب و المعاملة السيئة ، و يطيل الكرب دون داع على المحتجز و أقاربه أجمعين .

6_ فقد وصفت امرأة تعتبر شهادتها نموذجاً للعديد من الشهادات في حوزة المنظمة ، ما حدث لما أتى رجال الحرس الثوري بيتها في طهران في تشرين الثاني / نوفمبر 1983 بحثاً عن زوجها المشتبه بنشاطه في منظمات المعارضة :

" وقف ببابنا أربعة حراس مسلحين ، و سألوني عما إذا كان هذا هو بيت زوجي , فلما أجبت بالإيجاب ، اندفعوا داخلين ، كان كل منهم يحمل معه بطاقة تعريف خاصة بسلك الحرس الثوري الإسلامي ، كنت في البيت مع أطفالي الثلاثة ، الذي يبلغ عمر أكبرهم أحد عشر عاماً و أوسطهم ثمانية أعوام و أصغرهم ستة أشهر ، و أخت زوجي و طفليها الاثنين ، و بعد أن حبسنا الحرس جميعاً في غرفة واحدة ، و أغلقوا الباب ، قاموا بتفتيش البيت ، و بعد انتهائهم سمحوا لي بالخروج من الغرفة لاستنطاقي ، فسألوني عن عمر زوجي و ثقافته و مهنته أخبرتهم بأن زوجي غائب بسبب عمله ، عند ذلك أخذوا صوره الفوتوغرافية ، و نقلوا وصفاً له الى مقر قيادتهم عبر الهاتف ، كان الأطفال يبكون طوال الوقت لكنهم لم يسمحوا لي بأخذ ولدي الأصغر الى الطبيب رغم أن أحد أسنانه كان قد اقتلع صباح ذلك اليوم ، و ما زال الدم يسيل من فمه ، و كلما قرع أحد باب

223


بيتي ( و كثيراً ما حدث ذلك لطيبة جيراني ) ربض كل حارس في ركن من الغرفة مصوباً سلاحه الى الباب و أنا أفتحه ، و كانوا يستبدلون الحراس كل ساعتين ، ولما جاء أخي أخذوه الى غرفة أخرى لاستنطاقه ، و من ثم الى مكان آخر ، و أرجعوه في الساعة الواحدة من ظهر اليوم التالي ، و لما قام الحرس بتفتيش المنزل ، و أخذوا كل ما استهوته أنفسهم من آلات حاسبة و كتب و أقلام و حتى كتب الأطفال ، و لما أرجعوا أخي كان ذلك لأخذي أنا محله ، كان أطفالي يبكون و يتعلقون بي لمنعي من الذهاب ، و لكن الحراس دفعوهم جانباً ، و أمروني بأخذ رضيعي معي ، و عندما وصلنا الى سجن إيفين ، عصبوا عيني ، و أخذوا رضيعي مني "


7_ و تعتبر المعاملة الموصوفة في الشهادة التالية نموذجاً للكثير مما حدث في أوائل الثمانينات :

"حوالي الساعة الثانية و النصف من صباح أحد أيام أيلول / سبتمبر1981 أتى باب بيتي شاب يرتدي لباساً مدنياً ، و طلب التحدث الى ابني ، عندما طلبت منه أن يعود في الصباح ، أصر في طلبه ، و فجأة أخرج جهازاً لاسلكياً من جيبه ، فسمعت أحدهم يقول : من الأفضل أن تدخل . حينئذ برز رجال الحرس الثوري من جميع الجهات ، حتى من فوق السطح ، كان بداخل البيت أحد عشر حارساً مسلحاً ، و بخارجه عدد أكبر لم أستطع حصره ."


انهالوا عليّ ضرباً لأنني لم أسمح لهم بالدخول ، و اندفعوا داخلين غرفة نوم زوجتي ، فطلبت منهم إن كانوا مسلمين حقاً أن ينتظروا خارج الغرفة الى أن تتستر بملابسها ، و لكنهم انهالوا عليّ بالشتم و الإهانة ، و عيروني باللوطي ، و طرحوا زوجتي من السرير ، و جروا ابني من شعره و ضربوه ، و بعد ذلك نقلوه فوراً الى سجن إيفين .




224


أما باقي أفراد الأسرة ، فقد نقلوا الى مكتب للحرس الثوري في غلبي طهران ، و أطلق سراح زوجتي و ابنتي في اليوم التالي ، إلا أنهم احتجزوني لمدة أسبوع ضربوني خلاله يومياً ، كما حرموني من الطعام للأيام الثلاثة الأولى ، و ما يزال ابني في سجن حتى الآن " .



شهادة قاض


8- أخبر قاض ثوري إسلامي سابق العفو الدولية : " أن سلك الحرس الثوري هو صاحب سلطة مطلقة في إيران ، فمن الوجهة النظرية هم يتلقون الأوامر من مكتب المدعي العام فيما يخص قضايا الأمن والمخابرات ، أما من الوجهة العملية ، فهم قادرون حتى على تسبيب نقل أو فصل حاكم الشرع ( القاضي الشرعي ) أو أمام صلاة الجمعة ، لقد خلق أفراد الحرس الثوري جوا ً جعل القضاة أنفسهم حذرين في التعامل معهم , فهم يستشيرون الحرس عند إصدار القرار في قضية , وحتى عند النطق بالحكم … " .

تستخدم مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء إيران , والعديد من هذه المراكز غير معترف بها رسميا ً ، فبعضها بنايات ومكـاتب كانت تستعمل من طرف أفراد الشرطة السرية ( السافاك ) في عهد الشاه السابق ، هذا زيادة على مدارس ومنازل ومكاتب وحتى مسارح تم تحويلها إلى مراكز احتجاز .

إن الحق الأساسي في محاكمة عادلة خلال فترة معقولة من الاحتجاز لا يكترث به على الإطلاق في القضايا السياسية . ونظرا ً لعدم وجود حد قانوني لمدة السجن الانعزالي ، فإن الأفراد يحبسون في معزل دون محاكمة لعدة أسابيع أو أشهر ، وجاء في أقوال محتجزين سابقين أن السلطات كانت

225


تأمل بأن " يعترف " بعض المحتجزين بجرائمهم تحت تأثير التعذيب ، أو بأن يزودوها بمعلومات حول زملائهم الساسين ، أو بأن يفشي غيرهم من المحتجزين أسرار نشاطاتهم السياسية ، ويؤكد هؤلاء أن هناك أشخاصا ً يوجدون رهن الاحتجاز أملا ً في بروز معلومات يمكن على ضوئها توجيه التهم ضدهم .

أحيانا ً يجري استنطاق المحتجزين فور وصولهم إلى مكان الاحتجاز ، وأحيانا ً أخرى يودعون في زنزانات معزولة ويزودون بقلم وورقة ، ويؤمرون بتدوين " مشاكلهم " أو سرد قصص حياتهم ، إضافة إلى اسماء كل مناضل سياسي يعرفونه , وقد تتخذ هذه البيانات في وقت لاحق أساسا ً لاستجوابهم .
وقد قضى بعض السجناء السابقين أشهرا ً كاملة دون استنطاقهم ، وأفادوا أنهم عانوا الكرب الشديد بسبب الترقب وعدم معرفة مصيرهم .
وقد يفرج عن بعض المحتجزين أحيانا ً بعد قضاء عدة أشهر رهن السجن , بدون أي اتهام أو محاكمة . ويتعين على اقارب المحتجزين إيداع أموال أو أملاك كضمانات , أو إعطاء تعهدات شخصية بعدم تورط المفرج عنه في نشاطات سياسية , أو عدم مغادرته للبلاد .
وفيما يخص الفترة المحكوم بقضائها في السجن , فإن المدة التي يقضيها محتجز رهن الاعتقال لاتؤخذ بعين الاعتبار , إذ تبدأ مدة السجن من وقت صدور الحكم وإن كان المحتجز قد قضى سنوات كاملة في السجن ، كما أن بعض الأفراد يبقون في السجن بعد انقضاء مدة حكمهم بفترة طويلة

المحاكمات الجائرة

9_ "أخذوني إلى بناية تسمى بالمحكمة , كان فيها قاض " مُلا ّ "في حوالي العشرين من عمره , يجلس خلف مكتب ، كما كان هناك أربع كراس مصطفة إلى جانب من الغرفة ، جلست على

226


احداها الى جانب ثلاث أخريات ، لم يكن هناك شيء يجمع بيننا سياسيا ً ، فقد اعتقلت كل منا لأسباب مختلفة عن الأخرى ، وبعد أن أدلينا بأسمائنا ، سئُلت كل من بصدد أية منظمة جرى اعتقالها ، وعن ماهية نشاطاتها السياسية ، أجبت بأنه جرى اعتقالي لأن السلطات لم تعثر على زوجي , وقالت امرأة أخرى أنها كانت في حفل عند اعتقالها وأنها ليست لها أية انتماءات سياسية ، لم تدم الجلسة لأكثر من خمس دقائق ، توقفت الأسئلة , وأمرنا بمغادرة القاعدة " ] من شهادة امرأة احتجزت في سجن إيفين وجوهر دشت من تشرين الثاني نوفمبر 1983 , حتى أوائل عام 1984 [ .
" في قاعدة المحكمة قرأ المُلا ّ قائمة من خمس وعشرين تهمة موجهة إلي ّ ، وقال إنني قد اعترفت بها كلها ، وكان من بين التهم انتمائي إلى منظمة بيكار ومعارضة الإمام الخميني ومحاولتي غسل أدمغة طلبتي . ولما سألني المُلا ّ عما إذا كان هناك شيء أريد أن أقوله دفاعاً عن نفسي . أنكرت جميع التهم المسندة إلي لأنها تهم ملفقة ، حينئذ قال أنه يعرف أن جميع أعضاء عائلتي ينتمون الى بيكار ، و أنني أستحق الحكم بالإعدام ، و أنه سيحكم علي بالسجن المؤبد بدلاً من ذلك حتى أدرك بأن الإسلام دين الرأفة ، كما أخبرني بوجود شهود ضدي ، و لما طلبت رؤيتهم ، أمر بردي الى زنزانتي ، و عندما استلمت بعد ذلك الإشعار الرسمي بعقوبتي ، وجدت أنني قد حكمت بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً " ( من شهادة رجل اعتقل عام 1981 ) .


التعذيب الجسدي


10 _ أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مفصلة مع عدد كبير من ضحايا التعذيب الذين غادروا ايران ليعيشوا كلاجئين في بلدان أخرى ، و قد تم فحص بعضهم من طرف أطباء بناء على طلب

227


منظمة العفو الدولية . و قد استنتج الأطباء في جميع الحالات بأن الندوب الجسدية و الأعراض الموصوفة تدعم ادعاءات التعذيب من حيث الطرق و التوقيت معاً .

يتعرض المعتقلون للتعذيب بعد توقيفهم مباشرة ، و ذلك خلال احتجازهم معزولين في مراكز الاعتقال المستعملة من طرق الكوميتية أو الباسدران ( أي الحرس الثوري ) و بعد ذلك في السجن حيث يقوم أفراد الباسدران مقام الحرس الثوري كذلك .

و قد يتعرض المحتجزون للتعذيب فور وصولهم الى هذه المراكز ، و رغم أن بعضهم يكون قد تعرض للضرب قبل ذلك في عربات النقل . و حالما يدخلون مراكز الاحتجاز ، فهم تحت رحمة سجانيهم ، دون أي اتصال بالعالم الخارجي ، و قد يدوم ذلك لعدة أشهر .

تنزل السلطات التعذيب بالسجناء لانتزاع الاعترافات بنشاطاتهم السياسية ، و للحصول على أسماء و عناوين المناضلون السياسيين و عنوان المنازل الآمنة .
و الدافع الآخر لاستعمال التعذيب هو حث السجناء على التخلي عن آرائهم أو الارتداد عن عقائده الدينية ، و على الظهور أحياناً على شاشة التلفزيون لشجب آرائهم السابقة .

_ و قالت فتاة كان عمرها لا يتجاوز ستة عشر عاماً عند اعتقالها في تشرين الثاني / نوفمبر 1983 ، و التي استمر احتجازها حتى نيسان / إبريل 1985 ، أنه عندما أخذتها السلطات الى سجن إيفين لاستنطاقها : " عصبوا عيني و لفوا بطانية حول رأسي حتى أنني لم أعد قادرة على رؤية شيء و بدأت الجلدات تمزق لحم أخمص قدمي ، فأغمي علي عدة مرات " .

228



_ ووصفت طالبة عمرها ستة و عشرون عاماً ، احتجزت في سجن افين ما بين أيلول / سبتمبر 1981 و آذار / مارس 1982 ، أول مرة تعرضت فيها للضرب : فقالت :

" عندما رفضت الاعتراف ، عصبوا عيني و أمروني بالاستلقاء على الأرض ، و شرع أحدهم يضرب أخمص قدمي بسلك ثقيل ، و كنت ألبس جوراباً ، و لكن الضربة الأولى كانت من الألم بحيث أنني قفزت واقفة و بدأت أجري حول الغرفة ، و بعد ذلك قيدوا يدي خلف ظهري و ربطوا رجلي بعد إزالة جواربي ، و غطوا رأسي ببطانية ، ثم انهالوا علي بالضرب على ظهري و أقدامي آمرين أن اعترف باسم المنظمة السياسية التي أنتمي إليها و بأسماء رفاقي السياسيين ".

" لا أدري الى متى استمر الضرب ، إلا أنني تظاهرت بالإغماء من شدة الألم ، فما كان منهم إلا أن زادوا ضربي قسوة متهمينني بمحاولة خداعهم ، و عندما كفوا عن ضربي في النهاية ، كان الدم يسيل من قدمي بغزارة ، و خاصة حول الأظافر " .

" قالوا بأنهم ذاهبون لتناول الغذاء و تركوني جالسة على كرسي ، لكنني لم أكن قادرة على الاستقرار عليه من شدة ارتجافي ، و لما ذهبت الى المرحاض ، كان هناك دم مختلط ببولي ، و بعد عودتهم استأذنتهم بالاستلقاء على الأرض من شدة ألمي ، و لكنهم لم يسمحوا لي بذلك " .

بعد وصولهم الى مراكز الاحتجاز ، غالباً ما يتعرض المعتقلون للضرب على أجسامهم دون تمييز ، و قد يرافق الضرب أسلوب " كرة القدم " و هي طريقة تستعمل لارباك المتحجز و للحط من معنوياته ، إذ يدفع المحتجز المقيد و المعصوب العينين من حارس الى آخر بعنف بينما ينهالون عليه ضرياً و لكماً و رفساً .


229


و قد قال رجل كان قد اعتقل في طهران في آب / أغسطس 1982 م لمنظمة العفو الدولية:

" قيدني رجال الحرس الثوري بأصفاد كانت تنقبض كلما حركت يدي ، و ربطوا يدي الى الخلف بحيث شكل ذراعي قطرين متقاطعين يمتد أحدهما فوق الكتف و الآخر تحته ... و نتيجة لذلك تحس و كأن أكتافك ستقتلع و بأن ضلوعك ستنكسر ... و بعد ذلك علقوني من الأصفاد من خطاف مثبت في الحائط ، فكانت رؤوس أصابع رجلي فقط تلمس الأرض ، في البداية طبعاً حمّلت أصابع رجلي بعض ثقل جسمي ، و ذلك لتخفيف الألم عن كتفي ، و لكن قدمي كانتا قد تعرضتا للضرب قبل فترة فكانتا متورمتين و جد مؤلمتين ، وبعد مدة ، بدأ التعب ينال من ساقي تدريجياً ، فاسترخى جسمي و هبط ، و بدأ الثقل يضغط على كتفي " .


الاعتداءات الجنسية

كما أدلى ضحايا سابقون لمنظمة العفو الدولية بتقارير عن مختلف أنواع الاعتداء الجنسي ، بما فيه اغتصاب السجناء رجالاً و نساءً ، و منذ عام 1980 و خلال استجوابهم من طرف منظمة العفو الدولية ، أصيب بعض السجناء السابقين بالكرب الشديد عندما سألتهم المنظمة عما تعرضوا له من اعتداء جنسي الى حد أنهم انهاروا و لم يقدروا على وصف معاناتهم .
و هناك تقارير لقيت دعاية واسعة عن سجينات صغيرات السن أرغمن على الدخول في عقود زواج مؤقتة مع رجال الحرس الثوري ، ثم اغتصبن ليلة إعدامهن ، و قال بعض السجناء السابقين لمنظمة العفو الدولية أن رجال الحرس يتبجحون بمثل هذه الأفعال أمام السجناء ، و يهددونهم بعقد زواج من ذواتهم من النساء ، السجناء السابقين كانوا خلال مكوثهم في السجن يعيشون في خوف دائم من مثل هذه الاعتداءات .


230


التعذيب النفسي


12 _ غالباً ما كان يرافق التعذيب الجسدي التهديد بالإعدام أو حتى تنفيذ عمليات إعدام صورية فيؤمر المعتقلون بكتابة وصاياهم ، ثم تعصب أعينهم و يهيئون للإعدام و بعد ذلك يؤمر الحرس بإطلاق النار ، فيطلق الرصاص حول الضحية .


وقد جاء في وصف سجين سابق لمعاناته ما يلي :
" أخذني الحرس الى ساحة ثبتت فيها أربعة أعمدة خشبية على شكل نصف دائرة ، ثم ربطوا كلاً منا الى عمود ، كان أولنا فتى في الرابعة أو الخامسة عشر من عمره ، ينتمي الى جماعة مجاهدي خلق ، أما الثاني ، فكان ضابطاً في الجيش ، و كان الثالث و عمره ثلاثة و عشرين عاماً تقريباً ، عضواً في بيكار ، و كنت أنا رابعهم ، و كان الحرس قد سألوني سابقاً عما إذا كانت لدي أمنية أخيرة ، فسألتهم أن يزيحوا العصابة عن عيني ، لهذا لم يعصبوا عيني هذه المرة فرأيت الرصاصة تصيب الفتى ، كما أصيب الضابط في بطنه ، ربما كان عضو بيكار قد مات من قبل ، لأن جسده لم يتأثر بوقع الرصاصة ، و كان الفتى يرتجف بعنف من أثر الرصاصة في جسمه ، كانت يداه مكبلتين ، و كان يحاول بكل قواه أن يخلص نفسه ، و كان الدم يسيل بغزارة من جرحه ، فصحت بهم : " ماذا تنتظرون ؟ لماذا لا تطلقوا النار علي ؟ فبدءوا يضحكون ، و لم يكن بوسعي أن أفعل شيئاً ، ومات الفتى أخيراً ، و تلاه الضابط ، بينما وقفت أنا أشاهدهم يتعذبون ... إني أحاول جاهداً أن أمحو هذه الذكرى " .


231



و قد أدلى سجناء سابقون آخرون بشهادات عن طول مدى الآثار النفسية الناتجة عن إكراههم على مشاهدة إعدام زملائهم السجناء ، و حتى على تحميل جثثهم على الشاحنات .
كما قال عدد من السجناء السابقين أنهم هددوا باحتجاز أقاربهم ، و اغتصابهم و إعدامهم ، ما لم يدلوا بمعلومات .و أخبر شاهد آخر كان قد اعتقل في شيراز في أوائل عام 1983 ، منظمة العفو الدولية عن سجينة صغيرة السن كانت معه في السجن خلال نفس الفترة أخبرها الحرس بأن زوجها عُذب بقسوة ، و بأنهم سيكفون عن تعذيبه إذا ما تخلت هي عن عقيدتها فلما أبت ، أخذوها لرؤية زوجها فصعقت لحالته ، كان الزوج قد فقد أكثر وزنه ، و علت القروح المقيحة الدامية ظهره ، كما اقتلعت أظافر رجليه ، و قد أعدمتها السلطات في وقت لاحق .إن الاضطراب العقلي الشديد لا يستغرب نتوجه عن المعاملة السيئة ، وجاء في أقوال بعض السجناء أن سجناء مضطربين عقلياً وضعوا عمداً في زنزاناتهم لكي يزيدوا من كربتهم .



الحبس الانفرادي


_ و كثيراً ما يحبس المحتجزون بمعزل لفترات طويلة ، فلا يعرفون شيئاً عن مصيرهم ، و يمنعون من الاتصال بسجناء آخرين أو بالعالم الخارجي ، و يصف الكثيرين منهم إحساسهم بفقد صلتهم بالواقع ، فقد كانت أعينهم تعصب لمدد طويلة ، مما يزيد من حدة شعورهم بعدم الاستقرار و وعرضة للخطر ، بينما كانوا يسمعون صراخ السجناء الآخرين و هم يعذبون ، هذا و يشيع الإحساس بالذل و الاشمئزاز من النفس بين السجناء في معظم التقارير .

232



و قالت امرأة عمرها حوالي عشرين عاماً ، كانت قد قضت أربعة عشر شهراً في سجن إيفين و في سجن جوهر دشت ، بعد أن فشلت السلطات في إلقاء القبض على زوجها :
" في سجن جوهر دشت لا تمر دقيقة واحدة دون سماع صراخ بعض السجناء و هم يعذبون يمكنك الإحساس بوقوع التعذيب ، كما يمكنك الإحساس بالشخص في الزنزانة المجاورة و هو يجر خارجها،و ليس للضرب أية علاقة بالاستنطاق ، و هذا ما يجعل جوهر دشت مرعباً الى هذا الحد ، فليس التعذيب إلا جزء من حياة السجن " .
" من الأشهر الأربعة عشر التي قضيتها في السجن ، قضيت تسعة في حبس انفرادي إما بالمعنى الحقيقي للكلمة ، و إما في زنزانات خصصت لفرد واحد ، إنما أودع بها شخصان أو ثلاثة ، إلا أنه خلال تلك الأشهر لم يتح لي أي اتصال بالعالم الخارجي ، أو أية مواد للقراءة أو أي شيء آخر ، خلال تلك الفترة كنت أحاول أن أهتم بنفسي و أن أحتفظ برباطة جأشي ، لأنني كنت أشعر أنني تحت الضغط و أنني بدأت أفقد توازني العقلي تدريجياً ... كنت طوال الوقت أتخيل أشياء غريبة كأنها صور في ذهني كنت أشعر بأن كل من حولي مخبرون ، كما تخيل لي أنني رأيت زوجي ، و أنه كان مستنطقاً ، تصور! فحتى ابني الصغير ظننته مستنطقاً كذلك " .




العناية الطبية




14 _ يحرم ضحايا التعذيب من تلقي العلاج الطبي لإصابتهم و جاء في بيان نموذجي لسجين سابق :" لم يكن هناك عادة أي علاج طبي بعد التعذيب ، فكل ما في الأمر هو أنهم يرجعونك

233



الى زنزانتك و يتركونك لمصيرك ، و قد يعتني بك السجناء الآخرون ، إذ قد يكون لدى بعضهم معرفة بالإسعاف الأولي ، كما أن بعض السجناء يدخرون الدواء سراً من أجل الحالات الطارئة . و حسب معلومات منظمة العفو الدولية ، فإن السجناء لا يخضعون لفحص طبي عند وصولهم الى السجن ، كما أنه في أغلب الأوقات تنعدم حتى وسائل العناية الطبية الأساسية ، و لا يتوفر في بعض السجون طبيب مؤهل خاص بها ، فيقوم بتقديم العلاج طلبة الطب أو الأطباء الذين هم أنفسهم سجناء أو الحراس الذين تم تدريبهم على الإسعاف الأولي فقط ، و في بعض الحالات ، يرفض أخذ السجناء الى المستشفى للحصول على العلاج التخصصي اللازم أو يؤخر مدة طويلة .و قد أدت قلة النظافة و عدم كفاية المرافق الصحية في السجون متضافرة في بعض الأحيان مع الازدحام الشديد ، الى انتشار الأمراض الجلدية ، كما اشتكى العديد من السجناء السابقين من آلام في الكلى أصيبوا بها نتيجة للضرب و لم يتلقوا العلاج من أجلها ، و كثيراً ما أصبحت جروح التعذيب ملوثة و مؤلمة و كريهة الرائحة ، نتيجة للظروف غير الصحية و عدم توفر العناية الطبية .




235


الخـاتـمة


أخي القارئ: إذا كنت قد قرأت هذا الكتاب بتدبر وإمعان , فقد أدركت ما يفعله أحفاد : هرمز , وابن سبأ , وفيروز , والطوسي , والعلقي , والصفويين بإخوانك أهل السنة في إيران .


وحرصنا على أن نعرض بين يديك أقوال علماء ودعاة أهل السنة من مختلف مناطق إيران , وأقوال العلماء الذين زاروا إيران استجابة لدعوات تلقوها من أركان المنظمة ورأوا بأعينهم أمورا ً لا ينبغي كتمانها ... ولعلك لم تنسى أن كبار علماء باكستان منعوا من زيارة علماء أهل السنة , وعندما أصروا على مقابلة أحدهم جاء رجال أمن الآيات به وجلسوا بينه وبين علماء باكستان حتى يسمعوا كل شاردة و واردة , وقال العلماء الأفاضل : كنا نشعر أننا في سجن , ولسنا ضيوفا ً على الحكومة ..


ولا ينبغي لك أخانا أن تنسى أيضا ًلقاء هذا الوفد مع عضوين من مجلس الشورى
( البرلمان ) وهما يمثلان أهل السنة , لقد أصروا على أن يتحدثا مع الوفد الزائر بالفارسية



236




مع أنهما يتقنان لغة (الأوردو ) , وكانت المقابلة تحت سمع وبصر جواسيس الآيات ... فتأمل كيف يعيش أعضاء _ البرلمان _ من أهل السنة ... فأين الحرية وأين الحصانة الدبلوماسية ؟!
ومر بك مشاهد مروعة مما يحدث في سجون الآيات : فالبنت العذراء يغتصبها الأوباش _ حراس الثورة _ قبل إعدامها لأن دين الخميني يحرم موتها وهي بكر !!

وعندما سئل عالم جليل من علماء أهل السنة : لماذا تراجعت عن موقفك وعن الفتاوى التي كنت تفتي به ؟! أجاب الرجل وقلبه يعتصر ألما ً :

لقد دخل زنزانتي مرجع من مراجع الشيعة ومعه مجموعة من حراس الثورة , وأمرهم أن يلوطوا بي , وزعم _قائله الله _ أنهم مأجورون على ما سيفعلون , وليس عليهم أن يغتسلوا من الجنابة ... وخيرني الخبيث بين أمرين أحلاهما مر : الاعتراف بما يريدون , أو أن ينفذ الحراس بي ما أمرهم به شيخهم , فاخترت الأمر الأول , وأفتيت لهم بما يريدون , واعترفت بأنني عميل للعراق وللولايات المتحدة الأمريكية , ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا ً منسيا ً .
لقد سود المجرمون آلف الصفحات في الحديث عما كانوا يلقون في سجون الشاه وسجون بعث العراق ... فانظروا ماذا يفعلون في سجونهم !!
وليست جرائمهم قاصرة على إقليم دون إقليم آخر , ولا على قوم دون قوم ... فإيران كلها في ظلهم أصبحت سجنا ً , ولم يسلم من بطشهم حتى الآيات وأقطاب الثورة .. وانظروا إن شئتم ماذا فعلوا بشريعتمداري واتباعه , وبالمنتظري وأعوانه , وبرئيس جمهوريتهم السابق بني صدر الذي كان فضل على الخميني , وبوزير خارجية الثورة السابق قطب زادة ... فمن ذا الذي يأمن على نفسه في إيران ؟!

237




أيها المسلمون العرب : إخوانكم في إيران يعتبون عليكم أشد العتب ويقولون لكم :

_ إن الوضع جدا ً خطير , وتزداد هذه الخطورة يوما ًبعد آخر لأن طغمة الخميني يعملون دون كلل من أجل أن لا يبقى في إيران سني واحد , فماذا أعددتم لمواجهة هذا الخطر ... وهل تظنون أن أطماعهم لن تتجاوز حدود إيران .. من منكم لم يسمع أخبار تصدير الثورة .. ومن منكم من لم يعلم أو يسمع عن العمليات التي نفذوها في عدد من بلدان العالم الإسلامي ؟!

_ نحن و إياكم في خندق واحد , بل نحن جزء منكم نفرح لفرحكم ونحزن لحزنكم فلماذا لا تبادلونا هذه المشاعر بمثلها ... أو لستم تقرأون في كتاب الله قوله تعالى : (( إنما المؤمنون أخوة )) . وقوله : (( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) ( التوبة / 71 ) .

أين أنتم من قوله صلى الله عليه وسلم : (وترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا أشتكى منه عضوا ً تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ]رواه الشيخان و اللفظ للبخاري [ : و قوله : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " ] رواه الشيخان [ . و قوله : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "
] رواه الشيخان [.

_ منذ مئات السنين _ و ليس في عهد الخميني كما يشاع _ وآيات قم يعتبرون أنفسهم مسؤولين عن كل شيعي في العالم ... يبنون لهم الجامعات ، و المعاهد ، و المدارس ، و الجوازات ، و المساجد ، و يتبنون مشكلاتهم ، و يتم ذلك كله على شكل تنظيم جماعي دقيق و مستقيل .

أما أنتم أيها المسلمون العرب : فلا تسألون عنا ، و لا تزرون مناطقنا و تتفقدون أحوالنا ، و إن حدث شيء من هذا فيكاد لا يذكر لندرته ... فكيف ترضون أن يكون الرافضة _ أهل الباطل _ مثل الجسد الواحد أو مثل البنيان المرصوص ، و لا يكون أهل الحق كذلك ؟!


238



هذا ما سمعه الذين التقوا بإخواننا ، حتى أن بعضهم رفض أن يزودنا بمعلومات عن أحوال أهل السنة في بلده ، لأنهم لا يثقون بجدوى تقديم مثل هذه المعلومات أو يخشون أن تصل مع أسمائهم الى جهاز مخابرات نظام حكام طهران ... و لهذه الخشية ما يبررها ، لقد أحسنوا الظن بمن يسمون أنفسهم علماء و دعاة من المسلمين العرب الذين لهم علاقات متينة مع الآيات ، فاجتمعوا بهم في طهران و حدثوهم عما يلقون من اضطهاد و قهر ... و هؤلاء بدلاً من تقديم العون و المساعدة لهم و شوا بهم عند أصدقاء فتعرضوا للتحقيق و التهديد و الاعتقال .

من حق إخواننا أن يعتبوا علينا ، و يتبرموا من إهمالهم لقضيتهم ، و إن كان هذا الإهمال ليس عاماً ، و لا يشمل قومنا كلهم ... و لعل هذا الكتاب يكون سبباً إن شاء الله في تنبيه الغافلين ، و إيقاظ النائمين ، و إقناع المخدوعين الذين لا يزالون يحسنون الظن بثوار الخميني و يلتمسون الأعذار .

و الذين أرجوه من القارئ بعد أن يفرغ من قراءته أن يفكر طويلاً بما يجب أن يقدمه نحو إخوانه أهل السنة في ايران ، و لا ينبغي أن يسيطر عليه الحزن و هو يقلب صفحاته ، ثم تمر الأيام فينسى هذه القضية كما نسي أو تناسى غيرها من القضايا .

و إذا كانت المشكلة أكبر من فرد أو أفراد ، و لا يستطيع إخواننا الإيرانيين _ أهل السنة _ وحدهم النهوض بهذا العبء الثقيل ، فلا بد إذن من الرجال الذين يشعرون و يعتقدون بأنهم جسد واحد ، و في طليعة هؤلاء يأتي دور الجماعات الإسلامية المتمسكة بما كان عليه الرسول و أصحابه صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه و سلم ، كما يأتي دور المحسنين أصحاب العقيدة السليمة الذين

239


يعرفون خبث الرافضة و كيدهم ، و الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله و يعرفون كيف ينفقونها ، و من الذين يستحقونها ، فعملية الإنقاذ تحتاج الى أهل العلم و الفكر و السياسة كما تحتاج الى المال .

و الخطوة الأولى في عملية الإنقاذ تحتاج الى تعبئة الرأي العام الإسلامي و توعيته ، و من أجل إنجاح هذه الخطوة فإنني أنصح بما يلي :

1 _ أرجو ممن يقرأ هذا الكتاب ، أن ينقل ما فيه من معلومات مثيرة الى أصدقائه و أقاربه الذين يجالسهم كثيراً ، و إن كان مدرساً فليلخص أهم ما فيه لطلبته بأسلوب شيق و مؤثر .

ليقرأ كل من يحصل على نسخة من هذا الكتاب فقرات من أساليب الرافضة و مخططاتهم ، و سوف يواجهه سيل من الأسئلة ، فليستعد للإجابة عليها ، و تفنيد شبهات المبطلين ، و ليعلم أن الذين فطروا على الخير و حسن الظن لن يقبلوا مضمون هذا الكتاب بسهولة إذا كانوا يجهلون مخططات الرافضة و عقائدهم و أساليبهم .

و لتكن موضوعات هذا الكتاب مادة للحوار مع الذين لا يزالون يتعاطفون مع ما يسمونها " الثورة الإسلامية في ايران " ، بل و مع الرافضة أنفسهم لأن مثل هذا الضغط يحرج آيات قم و طهران ، ويحتم عليهم إعادة النظر بخططهم و مواقفهم من أهل السنة ، لأن أتباعهم يعيشون في بحر متلاطم من أهل السنة ، و سياسة المعاملة بالمثل تهز أركان نظامهم .

2 _ أناشد الوعاظ و خطباء الجمعة أن يكون هذا الموضوع مادة لعدد من خطب الجمعة ، و من المفيد أن يتوسع الخطباء فيتحدثوا عما يفعله و يفعله الرافضة في القديم و الحديث ، ليذكروا :



240



_ وقوفهم الى جانب التتار عند اجتياحهم لبغداد .
_ تعاون الصفويين مع الإنجليز و البرتغال ضد العثمانيين السنة .
_ تعاونهم اليوم مع اليهود ضد العرب ، و مع السوفييت ضد الأفغان ، و مع الهندوس ضد المسلمين في الهند و باكستان .

و أرجو أن لا يغفل خطباؤنا عن أهمية الأدلة لأن العواطف الهوجاء تنفر الجمهور و تخدم العدو . و من الوسائل الإعلامية الفعالة أن يخاطب أهل السنة في ايران الجمهور من خلال ندوات تعقد لهذا الغرض ، و قديماً قيل : أهل مكة أدرى بشعابها ، و الذي أظنه أن أهل السنة مستعدون لتأدية هذا الدور إذا تهيأت لهم الأسباب اللازمة لذلك . و إذا نجح خطباء الجمعة في تعبئة المصلين ، و دفعهم الى إرسال برقيات احتجاج ، و استنكار لما يحدث أمام سفراء ايران في الخارج ، فيكونون بذلك قد قاموا بجزء مهم من الواجب المترتب عليهم نحو إخوانهم أهل السنة في ايران .
أن تفتح الصحف و المجلات الإسلامية ملف أهل السنة و الجماعة في ايران ، و تتحدث فيه عن تاريخ محنتهم ، و تجري لقاءات صحفية مع دعاتهم الشباب الذين ألجأهم استبداد الآيات الى مغادرة أرضهم و ديارهم و الانتشار في أرض الله الواسعة ، و ترسل مندوبيها الى مناطق أهل السنة في ايران ليجروا استطلاعات صحفية شاملة عن أحوالهم و مساجدهم و مدارسهم ، و هل الخدمات التي تقدمها الدولة مشابهة للخدمات التي تقدمها الشيعية . و إذا رفضت ايران السماح للصحفيين بدخول أرضها و زيارة مناطق أهل السنة فليثيروا هذه المشكلة على نطاق واسع .

241


و ينبغي أن يطرح الصحفيون قضايا محددة من أبرزها :
_ أين السجن الذي يقيم به مفتي زادة و لماذا لا يسمحون بزيارته ، و كم عدد المعتقلين من أنصاره ؟!
_ ما هو سبب اعتقال الشيخ ضيائي مع أنه كان يتبع سياسة عدم الاصطدام بالسلطة ؟!

_ لماذا قتلوا الشيخ بهمن شكوري ، و كم عدد الذين قتلوهم من أهل السنة ، و كم عدد المعتقلين من مختلف المناطق ، و لماذا لا يطبق عليهم أحكام الدستور ؟!

_ ما الفائدة من الاحتفال بأسبوع الوحدة الإسلامية كل عام و هذه هي أحوال أهل السنة ، و هل هذه الوحدة تعني أن يتشيع أهل السنة كلهم ؟!

و هنا يبرز سؤال : من هي الصحف و المجلات التي تطلب منها فتح ملف أهل السنة ؟!

و الجواب على ذلك : إن الصحف و المجلات الإسلامية في البلاد العربية و غيرها لا ينبغي أن تقف على الحياد ، و يجب عليها أن تسارع الى فتح هذا الملف ، و هناك صحف و مجلات غير إسلامية يهمها إثارة مثل هذه المشكلة ، و لا يعنينا نوايا و أهداف القائمين عليها ، أما إخواننا أهل السنة في ايران سواء الذين فروا من جحيم الآيات أم الذين لا يزالون يقيمون داخل السجن الكبير و الصغير فهذه نصائحي لهم :


1_ أن يقوموا أخطائهم السابقة ، و من هذه الأخطاء : مسارعتهم الى تأييد ثوار الخميني ، و هتافاتهم المؤسفة : لا سنية ... لا شيعية ، و حذفهم العبارات _ من البيانات التي كان يصدرها الخميني _ التي تكشف تعصبه للشيعة ، و أهم هذه الأخطاء : اعتقاد كثير منهم أن أهل السنة فرقة من الفرق الكثيرة و هي لا تمثل صفاء الإسلام و نقاءه.

و إذا قال قائل : لماذا إثارة هذه المسألة و قد مضى وقتها ، و بينات الأخوة تؤكد التزامهم بأصول أهل السنة ؟! .


242



و الجواب : إن الرافضة قوم لا خلاق لهم ، فقد يضطرون الى الإفراج عن المعتقلين ، و السماح لهم بممارسة شيء من نشاطهم الدعوي ، ثم يقولون لهم : إنه لا فرق عندنا بين الشيعة و السنة ، و الأخطاء السابقة يتحمل مسؤولياتها فلان و فلان ، و نحن جميعاً مسلمون و قائدنا " خامنئي " ، و يجب أن يكون الرد عليهم في هذه الحالة :

كذبتم فهناك فرق كبير بيننا و بينكم ، و الخامنئي تلميذ الخميني ، و لن نثق بكم بعد الآن ، و منهج أهل السنة هو المنهج الحق .

2_ كان توحيد صفوف أهل السنة يُعد ضرباً من الخيال ، فهناك اختلاف بينهم في اللغة ، و الجنس ، و هناك مسافات واسعة بين كل منطقة و أخرى ، و يضاف الى هذا كله الفقر و الجهل و فقدان المفكرين الأفذاذ و المحسنين الذين يمولون مثل هذا المشروع . أما اليوم فقد جمعت بينهم المحنة ، و شاء الله سبحانه و تعالى أن يلتقي في ديار الغربة الكردي مع البلوشي و العربي و التركماني ، كما شاء جل و علا أن يتوحد صفهم و تتآلف قلوبهم ... و كذلك حال أهل السنة في سجون الآيات ، فاحرصوا يا أخوة على تعميق مفاهيم و أصول هذه الوحدة ، و احذروا من مداخل الشيطان ، و من إعجاب كل ذي رأي برأيه .

3_ استقلالية القرار : إن الذين يربطون أنفسهم بدولة أجنبية يخسرون خسارة فادحة ، لأن هذه الدولة تساعدهم ما دامت تحقق فائدة من وراء هذه المساعدة ، فإذا انقطعت الفائدة انقطعت المساعدة .

و من الأمثلة على ذلك أنه عندما تتصالح دولتان متخاصمتان يكون من بنود هذه المصالحة التزام كل دولة بوقف المساعدة التي كانت تقدمها للذين يعارضون النظام الآخر ، لا بل قد تقدم إحدى الدولتين على تسليم رموز المعارضة أو أسرارها للدولة الأخرى .




243


و إخواننا الآن لا يملكون ما تستفيد منه الدول المعادية لإيران ، و من جهة اخرى فليس هناك من يتبنى قضية أهل السنة ، و لكن من يسير في طريق لا بد أن يعرف كيف يصل و كيف يتجنب المزالق .

4_ رب ضارة نافعة ، فلولا هذا الضرر الذي لحق بأهل السنة لما خرج عدد كبير من شبابهم من ايران و حطم قيود العزلة التي كانت و لا تزال مفروضة عليهم .

و قد أتاح لهم هذا الخروج فرصة الاختلاط بالدعاة و الجماعات الإسلامية من بلدان مختلفة ، فاستفادوا من تجاربهم ، و توسعت مداركهم ، و أصبحت العالمية عندهم حقيقة ملموسة ، و ليست شعاراً تردده الألسنة دون أن يكون له وجود في عالم الواقع.

و أسأل الله جل و علا أن يجمع قلوب إخواننا على ما يحبه و يرضاه ، و يهديهم سواء السبيل ، و أن تعود ايران بهم قلعة من قلاع أهل السنة ، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .























الفهــرس


• مقدمة .................................................. ..... .... 5
• ملحوظات .................................................. ..... 17
• قضية أهل السنة في ايران ........................................ 21

 مقدمة ........................................... ... 22
 مجلس شورى أهل السنة ........................... 33
 مبادئ مجلس الشورى ............................. 33
 موقف الخميني من المجلس ......................... 38
 رسالة زادة للخميني ............................... 41
 رسالة زادة لبني صدر ............................. 50
 المجموعة المقترحة بشأن إصلاح الدستور .......... 58
 الفصل الأول : حول إزالة الظلم الطبقي ............ 59
 الفصل الثاني : حول إزالة الظلم المذهبي .......... 63
 الفصل الثالث : حول إزالة الظلم القومي ........... 65
 البيان الأول . .......................................74
 البيان الثاني ..................................... .. 77
 البيان الثالث ...................................... 81

• بيانات مكتب قرآن حول إجراءات الحكومة .................... 95



 بيان 1 ............................................... 96
 بيان 2 .............................................. 99
 بيان 3 .............................................. 103

 بيان 4 .............................................. 105
 بيان 5 ............................................ 107
 بيان 6 .......................................... . 108
 بيان 7 ........................................... 110
 بيان 8 .......................................... 113
 بيان 9 .......................................... 115


• تعليقات على الرسالتين السابقتين ........................... 121
• مقــــابلات ........................................... 137

 خراسان ........................................... 140
 بلوشستان ........................................... 147
 حاشية الخليج ....................................... 150
 عز الدين الحسيني ................................. 152

• مقابلة مع الشيخ ضيائي .................................... 155
• تعليق .................................................. .... 165



• أحوال أهل السنة بعد توقف الحرب ....................... .. 167

 مقدمة ................................................ 169
 منهج التربية الإسلامية ............................... 171

 سياستهم العملية مع المدرسين و الطلاب ............. 172
 تزويج من شاء من السنة بالشيعيات .................. 176
 تغيير معالم المناطق السنية ........................... 177
 كيف يعاملون المهاجرين السنة من الأفغان .......... 178
 تطبيق مبدأ فرق تسد ................................ 179
 اتهاماتهم لعلماء السنة ............................... 180
 أسبوع الوحدة الإسلامية ............................ 182
 جيش البسيج ...................................... 183
 تكفيرهم للسنة ..................................... 184
 بشائر خير ........................................ 185
• مشاهدات علماء أهل السنة الذين زاروا ايران .............. 189
 تقرير الشيخ الزاهد الراشدي ....................... 191
 تصريحات رئيس علماء باكستان .................. 200
 تقرير الشيخ محمد سعيد بانو ........................ 203
* ماذا يجري في سجون الآيات ؟ ................................206

 شهادة أهل السنة .................................... 207
 مقتطفات من تقرير لمنظمة العفو الدولية ....... 217
 الرهائن ........................................ 220
 شهادة قاض .................................... 224
 المحاكمات الجائرة .............................. 225
 التعذيب الجسدي ................................ 226
 الاعتداءات الجنسية .......................... 229
 التعذيب النفسي .............................. 230

 الحبس الانفرادي ............................... 231
 العناية الطبية ................................... 232
• الخاتمة .................................................. ...... 235
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
قديم 28-05-2013 ~ 02:44 PM
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
ورقة
  مشاركة رقم 2
 
عضو جديد
تاريخ التسجيل : May 2013


جـزاكـِ الله خيرا

قبح الله المجوس ( الروافض )

-------------------------------

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خطبة حول أحوال الناس بعد رمضان نور الإسلام خطب إسلامية 0 26-04-2013 12:25 PM
وسط أجواء توتر.. السنغال تنتخب رئيسًا مزون الطيب أخبار منوعة 0 26-02-2012 01:32 PM
سفينتان حربيتان إيرانيتان تصلان إلى ميناء طرطوس السوري مزون الطيب أخبار منوعة 0 19-02-2012 12:31 PM
سفينتان حربيتان إيرانيتان ترسوان في ميناء جدة مزون الطيب أخبار منوعة 1 05-02-2012 02:02 PM
شبهة أحوال الناس في يوم القيامة نور الإسلام هدي الإسلام 0 10-01-2012 06:47 PM


الساعة الآن 07:14 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22