صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > هدي الإسلام

هدي الإسلام معلومات ومواضيع إسلامية مفيدة

تاريخ الخلافة الإسلامية في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه

عثمان بن عفان رضي الله عنه نسبه هو عثمان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-11-2013 ~ 07:34 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي تاريخ الخلافة الإسلامية في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


عثمان بن عفان رضي الله عنه
نسبه
هو عثمان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب‏.‏ يجتمع نسبه مع الرسول ـ r ـ في الجد الخامس من جهة أبيه‏‏‏.‏ عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، فهو قرشي أموي يجتمع هو والنبي ـ r ـ في عبد مناف، وهو ثالث الخلفاء الراشدين‏.‏
وأمه أروى بنت كريز وأم أروى البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول ـ r ـ
ويقال لعثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ‏:‏ ‏(‏ذو النورين‏) لأنه تزوج رقية، وأم كلثوم، ابنتيَّ النبي ـ r ـ‏.‏ ولا يعرف أحد تزوج بنتيَّ نبي غيره
إسلامه
أسلم عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ في أول الإسلام قبل دخول رسول اللَّه دار الأرقم، وكانت سنِّه قد تجاوزت الثلاثين، دعاه أبو بكر إلى الإسلام فأسلم، ولما عرض أبو بكر عليه الإسلام قال له‏:‏ ويحك يا عثمان واللَّه إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، هذه الأوثان التي يعبدها قومك، أليست حجارة صماء لا تسمع، ولا تبصر، ولا تضر، ولا تنفع‏؟‏ فقال‏:‏ بلى، واللَّه إنها كذلك، قال أبو بكر‏:‏ هذا محمد بن عبد اللَّه قد بعثه اللَّه برسالته إلى جميع خلقه، فهل لك أن تأتيه وتسمع منه‏؟‏ فقال‏:‏ نعم‏.‏
وفي الحال مرَّ رسول اللَّه ـ r ـ فقال‏:‏ ‏(‏يا عثمان أجب اللَّه إلى جنته فإني رسول اللَّه إليك وإلى جميع خلقه‏)‏‏.‏ قال ‏:‏ فواللَّه ما ملكت حين سمعت قوله أن أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمد رسول عبده ورسوله، ثم لم ألبث أن تزوجت رقية‏.‏ وكان يقال‏:‏ أحسن زوجين رآهما إنسان، رقية وعثمان‏.‏ كان زواج عثمان لرقية بعد النبوة لا قبلها،
زواجه من ابنتى رسول الله r
رقية بنت رسول اللَّه ـ r ـ، وأمها خديجة، وكان رسول اللَّه قد زوَّجها من عتبة بن أبي لهب، وزوَّج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت‏:‏ ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)‏.‏ قال لهما أبو لهب وأمهما ـ أم جميل بنت حرب(حمالة الحطب) فارقا ابنتَي محمد، ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما كرامة من اللَّه تعالى لهما، وهوانًا لابني أبي لهب، فتزوج عثمان بن عفان رقية بمكة، وهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت له هناك ولدًا فسماه‏:‏ ‏"‏عبد اللَّه‏"‏، وكان عثمان يُكنى به ولما سار رسول اللَّه ـ r ـ إلى بدر كانت ابنته رقية مريضة، فتخلَّف عليها عثمان بأمر رسول اللَّه ـ r ـ، فتوفيت يوم وصول زيد بن حارثة
زوجته أم كلثوم
بنت رسول اللَّه ـ r ـ، وأمها خديجة، وهي أصغر من أختها رقية، زوَّجها النبي ـ r ـ من عثمان بعد وفاة رقية، وكان نكاحه إياها في ربيع الأول من سنة ثلاث، وبنى بها في جمادى الآخرة من السنة، ولم تلد منه ولدًا، وتوفيت سنة تسع وصلى عليها رسول اللَّه ـ r
وروى سعيد بن المسيب أن النبي ـ r ـ رأى عثمان بعد وفاة رقية مهمومًا لهفانا‏.‏ فقال له‏:‏ ‏ما لي أراك مهمومًا‏‏ ‏؟‏
فقال‏:‏ يا رسول اللَّه وهل دخل على أحد ما دخل عليَّ ماتت ابنة رسول اللَّه ـ r ـ التي كانت عندي وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك‏.‏ فبينما هو يحاوره إذ قال النبي ـ r ـ‏:‏ ‏(‏هذا جبريل عليه السلام يأمرني عن اللَّه عز وجل أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقها، وعلى مثل عشرتها‏)
صفاته
وكان ـ رضي اللَّه عنه ـ أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر، وكان رجال قريش يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمور لعلمه، وتجاربه، وحسن مجالسته، وكان شديد الحياء، ومن كبار التجار‏.‏
أخبر سعيد بن العاص أن عائشة ـ رضي اللَّه عنها ـ وعثمان حدثاه‏:‏ أن أبا بكر استأذن النبي ـ r ـ وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن له وهو كذلك، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف‏.‏ ثم استأذن عمر فأذن له، وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته، ثم انصرف‏.
ثم استأذن عليه عثمان فجلس وقال لعائشة‏:‏ ‏(‏اجمعي عليك ثيابك‏)‏ فقضى إليه حاجته، ثم انصرف‏.
قالت عائشة‏:‏ يا رسول اللَّه لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان‏!‏ قال رسول اللَّه ـ r ـ‏:‏ ‏‏إن عثمان رجل حيي وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال لا يُبلغ إليّ حاجته‏‏
وقال الليث‏:‏ قال جماعة من الناس‏:‏ ‏‏ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة‏‏
وكان لا يوقظ نائمًا من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم ‏، ويلي وضوء الليل بنفسه‏.‏ فقيل له‏:‏ لو أمرت بعض الخدم فكفوك، فقال‏:‏ لا، الليل لهم يستريحون فيه‏.‏ وكان ليَّن العريكة، كثير الإحسان والحلم‏.‏ قال رسول اللَّه ـ r ـ‏:‏ ‏( أصدق أمتي حياءً عثمان‏ )
وهو أحد الستة الذين توفي رسول اللَّه ـ r ـ وهو عنهم راضٍ، وقال عن نفسه قبل قتله‏:‏ ‏"‏واللَّه ما زنيت في جاهلية وإسلام قط‏"‏‏.
تبشيره بالجنة
قال‏:‏ كنت مع رسول اللَّه ـ r ـ في حديقة بني فلان والباب علينا مغلق إذ استفتح رجل فقال النبي ـ r ـ‏:‏ ‏يا عبد اللَّه بن قيس، قم فافتح له الباب وبشَّره بالجنة‏ فقمت، ففتحت الباب فإذا أنا بأبي بكر الصدِّيق فأخبرته بما قال رسول اللَّه ـ r ـ، فحمد اللَّه ودخل وقعد، ثم أغلقت الباب فجعل النبي ـ r ـ ينكت بعود في الأرض فاستفتح آخر فقال‏:‏ يا عبد اللَّه بن قيس قم فافتح له الباب وبشَّره بالجنة، فقمت، ففتحت، فإذا أنا بعمر بن الخطاب فأخبرته بما قال النبي ـ r ـ، فحمد اللَّه ودخل، فسلم وقعد، وأغلقت الباب
فجعل النبي ـ r ـ ينكت بذلك العود في الأرض إذ استفتح الثالث الباب فقال النبي ـ r ـ: يا عبد اللَّه بن قيس، قم فافتح الباب له وبشره بالجنة على بلوى تكون فإذا عثمان، فأخبرته بما قال رسول الله r فحمد الله، ثم قال: الله المستعان‏
بيعة الرضوان
في الحديبية دعا رسول اللَّه ـ r ـ عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له فقال‏:‏ يا رسول اللَّه إني أخاف قريشًا على نفسي، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها، ولكني أدلّك على رجل أعز بها مني، عثمان بن عفان، فدعا رسول اللَّه ـ r ـ عثمان بن عفان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحربهم وأنه إنما جاء زائرًا لهذا البيت ومعظَّمًا لحرمته‏.‏
فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص فحمله بين يديه، ثم أجاره حتى بلَّغ رسالة رسول اللَّه ـ r ـ‏.‏ فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول اللَّه ـ r ـ ما أرسله به، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول اللَّه ـ r ـ إليهم‏:‏ إن شئت أن تطوف بالبيت فطف، فقال‏:‏ ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول اللَّه ـ r ـ، واحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول اللَّه والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل،ولما لم يكن قتل عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ محققًا، بل كان بالإشاعة بايع النبي ـ r ـ عنه على تقدير حياته‏.‏ وفي ذلك إشارة منه إلى أن عثمان لم يُقتل، وإنما بايع القوم أخذًا بثأر عثمان جريًا على ظاهر الإشاعة تثبيتًا وتقوية لأولئك القوم، فوضع يده اليمنى على يده اليسرى وقال‏:‏ ‏اللَّهم هذه عن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك‏.
اختصاصة بكتابة الوحى
عن فاطمة بنت عبد الرحمن عن أمها أنها سألت عائشة وأرسلها عمها فقال‏:‏ إن أحد بنيك يقرئك السلام ويسألك عن عثمان بن عفان فإن الناس قد شتموه فقالت‏:‏ لعن اللَّه من لعنه، فواللَّه لقد كان عند نبي اللَّه ـ r ـ وأن رسول اللَّه ـ r ـ لمسند ظهره إليَّ، وأن جبريل ليوحي إليه القرآن، وأنه ليقول له‏:‏ اكتب يا عثيم فما كان اللَّه لينزل تلك المنزلة إلا كريمًا
على اللَّه ورسوله‏.‏ أخرجه أحمد وأخرجه الحاكم وقال‏:‏ ‏‏قالت‏:‏ لعن اللَّه من لعنه، لا أحسبها قالت‏:‏ إلا ثلاث مرات، لقد رأيت رسول اللَّه ـ r ـ وهو مسند فخذه إلى عثمان، وإني لأمسح العرق عن جبين رسول اللَّه ـ r ـ، وأن الوحي لينزل عليه وأنه ليقول‏:‏ اكتب يا عثيم، فواللَّه ما كان اللَّه لينزل عبدًا من نبيه تلك المنزلة إلا كان عليه كريمًا‏
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال‏:‏ كان رسول اللَّه ـ r ـ إذا جلس جلس أبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره، وعثمان بين يديه، وكان كَاتبَ سر رسول اللَّه ـ r ـ‏.‏
جيش العسرة
يقال لغزوة تبوك غزوة العُسرة، مأخوذة من قوله تعالى‏:‏ ِ ‏ لَقَد تَّابَ الله عَلَىالنَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة
ندب رسول اللَّه ـ r ـ الناس إلى الخروج وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك، وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وأمر الناس بالصدقة، وحثهم على النفقة والحملان، فجاءوا بصدقات كثيرة، فكان أول من جاء أبو بكر الصدِّيق ـ رضي اللَّه عنه ـ، فجاء بماله كله 40‏.‏4000 درهم فقال له ـ r ـ‏:‏ ‏‏هل أبقيت لأهلك شيئًا‏؟‏‏‏ قال‏:‏ أبقيت لهم اللَّه ورسوله‏.‏ وجاء عمر ـ رضي اللَّه عنه ـ بنصف ماله فسأله‏:‏ ‏‏هل أبقيت لهم شيئًا‏؟‏‏ ‏قال‏:‏ نعم، نصف مالي
وجهَّز عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ ثلث الجيش جهزهم بتسعمائة وخمسين بعيرًا وبخمسين فرسًا‏.‏ قال ابن إسحاق‏:‏ أنفق عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها‏.‏ وقيل‏:‏ جاء عثمان ـ رضي اللَّه عنه ـ بألف دينار في كمه حين جهز جيش العُسرة فنثرها في حجر رسول اللَّه فقبلها في حجر وهو يقول‏:‏ ‏‏ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم‏‏‏.‏ وقال رسول اللَّه‏:‏ ‏‏من جهز جيش العُسرة فله الجنة‏‏
بئر رومة
واشترى بئر رومة من اليهود بعشرين ألف درهم، وسبلها للمسلمين‏.‏ كان رسول اللَّه قد قال‏:‏ ‏‏من حفر بئر رومة فله الجنة
توسعة المسجد النبوى
كان المسجد النبوي على عهد رسول اللَّه ـ r ـ مبنيًَّا باللبن وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئًا وزاد فيه عمرًا وبناه على بنائه في عهد رسول اللَّه ـ r ـ باللبن والجريد وأعاد عمده خشبًا، ثم غيَّره عثمان، فزاد فيه زيادة كبيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والفضة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج، وجعل أبوابه على ما كانت أيام عمر ستة أبواب‏.‏
الخلافة
لما دفن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن صلى عليه صهيب، جمع المقداد بن عمرو أصحاب الشورى في بيت المسور بن مخرمة، وكانوا خمسة وهم : عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبدالرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، ومعهم عبدالله بن عمر، وطلحة بن عبيد الله غائب، وكان أبو طلحة الأنصاري يحرسهم، ويحجبهم من أن يدخل الناس إليهم.
تداول القوم الأمر، وتكلم كل منهم بكلمة تبيّن الاشفاق على الأمة والخوف من الفرقة. ثم قال عبد الرحمن بن عوف وقد كان في البداية أول المتكلمين "أيكم يخرج منها نفسه، ويتقلدها على أن يوليها أفضلكم؟" فلم يجبه أحد، فقال : فأنا انخلع منها، فقال عثمان : أنا أول من رضي، فإني سمعت رسول الله r يقول "أمين في الأرض أمين في السماء"، فقال القوم : قد رضينا - وعلي ساكت - فقال : ما تقول يا أبا الحسن ؟ قال : اعطني موثقاً لتؤثرن الحق ولا تتبع الهوى، ولا تخص ذا رحم، ولا تألوا الأمة ‍ فقال : اعطوني مواثيقكم على أن تكونوا معي على من بدلّ وغيّر، وأن ترضوا من اخترت لكم، عليّ ميثاق ألا أخص ذا رحمٍ لرحمه، ولا آلو المسلمين. فأخذ منهم ميثاقاً وأعطاهم مثله، فقال لعلي : إنك تقول : إني أحق من حضر بالأمر لقرابتك وسابقتك وحسن أثرك في الدين ولم تبعد، ولكن أرأيت لو صُرف هذا الأمر عنك فلم تحضر، من كنت ترى من هؤلاء الرهط أحق بالأمر ؟ قال : عثمان. وخلا بعثمان، فقال : تقول : شيخ من بني عبد مناف، وصهر رسول الله r وابن عمه، لي سابقة وفضل - لم تبعد - فلن يصرف هذا الأمر عني، ولكن لو لم تحضر فأي هؤلاء الرهط أحق به ؟ قال : علي. ثم خلا بالزبير فكلمه بمثل ما كلم به علياً وعثمان، فقال : علي. ثم خلا بسعد، فكلمه، فقال : عثمان. وهكذا حصر الأمر بين علي وعثمان، ولم يرد عبدالرحمن بن عوف أن يختار هو فيرجح الكفة، ويُنظر إليه أنه هو الذي اختار أو عيّن، فقد كانوا رضي الله عنهم يريدون أن يبتعدوا عن مثل هذه المواقف والمواطن.
ودار عبد الرحمن يلقى أصحاب رسول الله r ومن وافى المدينة من أمراء الأجناد وأشراف الناس يشاورهم، فكان أكثرهم يشير إلى عثمان، حتى إذا كانت الليلة التي يستكمل في صبيحتها الأجل وهو ثلاثة أيام، أتى منزل المسور بن مخرمة بعد ابهيرار من الليل، فأيقظه فقال : ألا أراك نائماً ولم أذق هذه الليلة كثير غمض ‍ انطلق فادع الزبير وسعداً. ويبدو أن عبد الرحمن رغب أن ينهي القضية بين أصحاب الشورى بالذات بالمناقشة، وأن يدع رأي من استشار خارجهم، عسى أن يوفق في كسب رأي الزبير وسعد إلى جانب أحد صاحبي الأمر عثمان أو علي، وبعد اجتماعه بالزبير ثم بسعد رأى أن رأيهما لا يزال كالسابق، عندها حزم رأيه أن يأخذ البيعة لأحدهما أمام الصحابة حتى تكون أقوى وحتى لا تكون محاباة - معاذ الله - وحتى لا يستطيع أحدهما أن يعترض أو يظن شيئاً. وبعد أن صلى المسلمون الفجر في المسجد، جمع عبد الرحمن أصحاب الشورى، وبعث إلى من حضر من المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار، وإلى أمراء الأجناد، فاجتمعوا حتى غصّ المسجد بأهله. فقام عبد الرحمن وقال : أيها الناس، إن الناس قد أجمعوا أن يلحق أهل الأمصار بأمصارهم وقد علموا من أميرهم. فأبدى بعض المسلمين رأيهم فتكلم سعيد بن زيد وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأعطى رأيه لصالح عبد الرحمن إذ قال : إن نراك لها أهلاً، فقال عبد الرحمن : أشيروا عليّ بغير هذا‍ فقام عمار بن ياسر وأيد علياً، ووافقه المقداد بن عمرو، ثم قام عبد الله بن سعد ابن أبي سرح فأيد عثمان ووافقه عبدالله بن أبي ربيعة. وكادت الأصوات تعلو، وعندها وقف سعد بن أبي وقاص وقال : يا عبد الرحمن، افرغ قبل أن يفتن الناس، فقال عبد الرحمن: إني قد نظرت وشاورت، فلا تجعلن أيها الرهط على أنفسكم سبيلاً، ودعا علياً، فقال : عليك عهد الله وميثاقه لتعملنّ بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده ؟ قال : أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي، ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي، قال : نعم، فبايعه، وبايع الناس جميعاً.
وهكذا استطاع عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن يمنع الخلاف والفرقة، وألا يدخل رأي غير أصحاب الشورى الذين كانوا بجانب عثمان، وألا يقف بجانب واحدٍ من الرجلين وقد تساوت الآراء وتعادلت الأصوات، لقد استطاع هذا بمعرفة طبيعة الصحابيين الجليلين رضي الله عنهما.
وفي اليوم الذي بويع فيه عثمان قدم طليحة بن عبيد الله أحد رجال الشورى -وقد كان غائباً- فقيل له : بايع عثمان، فقال : أكل قريش راضٍ به ؟ قال : نعم، قال :أكل الناس بايعوك ؟ قال : نعم، قال : قد رضيت، لا أرغب عما قد أجمعوا عليه، وبايعه.
وصعد عثمان بعد بيعته المنبر وهو أكثر أهل الشورى كآبة، وتكلم كلمة قصيرة نصح فيها الناس وذكّرهم بالآخرة، وحذّرهم من فتنة الدنيا.
وكانت بيعته رضي الله عنه في الأيام الأخيرة من شهر ذي الحجة إلى غرة المحرم من السنة الرابعة والعشرين من هجرة رسول الله r : وكان الولاة على الأمصار كما يلي :
والي مكة المكرمة : نافع بن عبد الحارث الخزاعي.
والي الطائف : سفيان بن عبد الله الثقفي.
والي صنعاء : يعلى بن منبه، حليف بني نوفل بن عبد مناف.
والي جَنَد : عبدالله بن أبي ربيعة المخزومي.
والي الكوفة : المغيرة بن شعبة الثقفي.
والي البصرة : أبو موسى عبدالله بن قيس الأشعري.
والي الشام : معاوية بن أبي سفيان الأموي.
والي حمص : عمير بن سعد.
والي مصر : عمرو بن العاص السهمي.
والي البحرين : عثمان بن أبي العاص الثقفي.
الفتوحات
فتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخرة وفارس الأولى ، ثم خو وفارس الآخرة ثم طبرستان ودرُبُجرْد وكرمان وسجستان ثم الأساورة في البحر ثم ساحل الأردن وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين
الفتنة
في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالاسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة ، أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود اثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم ، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان -رضي الله عنه- وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة ، فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل ، فدعاهم الى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شرا وتواعدوا على الحضور ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالاسلام
استشهاده
وفي شـوال سنة ( 35 ) من الهجرة النبوية ، رجعت الفرقة التي أتت من مصر وادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد ، وأنكر عثمان -رضي الله عنه- الكتاب لكنهم حاصروه في داره ( عشرين أو أربعين يوماً ) ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء ، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعـدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم اذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم ، ولكن المتآمريـن اقتحموا داره من الخلف ( من دار أبي حَزْم الأنصاري ) وهجموا عليه وهو يقـرأ القـرآن وأكبت عليه زوجـه نائلـة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه -رضي الله عنه- فسال دمه على المصحف ومات شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة ( 35 هـ ) ، ودفن بالبقيع000وكان مقتله بداية الفتنة بين المسلمين الى يومنا هذا0

ـــــــــــــــ

المجتَمَع الإسْلاَميّ أيَّام عُثمان
كان المجتمع الإِسلامي أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاضلاً متماسكاً، ولم يختلف يوم تولى الأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه، إن لم نقل أن الرضا كان من عثمان أكثر من عمر للينه، وقد ملّ المجتمع الحزم، ولرفقه وقد تعب الناس من الشدة وإن حاول الكثير إظهار الخلاف الكبير بين العهدين، والرضا بعهد عمر، وإنقاص حق عهد عثمان. ولم يكن للشورى التي أوصلت عثمان إلى الخلافة أي أثر في المجتمع، إذ تمت بشكل طبيعي ودون أن يحاول أحد رجالها أن يسعى للحكم، فعبد الرحمن بن عوف - كما نعلم - سلخ نفسه منها، والزبير رشح غيره، وكذا سعد، ولم يبق إلا علي وهو رجل زاهد فيها من البداية إلى النهاية، وبايع عثمان كما بايع غيره، ولم يختلف أحد من المسلمين.
إلا أن المشكلة التي كثر البحث فيها هي قتل الهرمزان وجفينة وابنة أبي لؤلؤة على يد عبيد الله بن عمر، فالحادثة التي قتل فيها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب جريمة سياسية اشتركت فيها أطراف متعددة من مجوس ويهود ونصارى ... وبعضهم كان يظهر الإِسلام، وبعضهم من بلاد ثانية كان لهم دور في التخطيط للقتل ... والمشتركون فيها لا بدّ من قتلهم قصاصاً ووضعاً للحد من جرائم القتل وعبث أعداء الإِسلام بأهله، إلا أن القتل لا بدّ من أن يكون برأي الخليفة حتى لا يكون تعدٍ على صلاحيات صاحب الأمر، وحتى لا يفلت زمام الأمر، ويقوم بتنفيذ الأحكام كل امرئٍ حسب رأيه وهواه باسم إقامة الحدود ... ولما قام بالأمر عبيد الله بن عمر فلا بدّ من حسابه، ولكن الخليفة أيضاً هو الذي يحاسبه وينظر في أمره وليس سوى ذلك، لذا فقد حُبس عبيدالله بانتظار رأي الخليفة الجديد، فلما تولى عثمان كانت هذه أول مشكلة واجهته، ولا بدّ من إقامة الحد وهو القتل، وهذا ما أشار به علي بن أبي طالب وعدد من الصحابة، وقد صعب على عدد آخر أن يقتل عمر بن الخطاب بالأمس بأيدٍ قذرةٍ واليوم يقتل ابنه، إلا أن المسلم لا يقتل بغير المسلم، وشك الناس في إسلام الهرمزان لذا فقد عرضوا على عثمان أن يكون هو ولي أمر المقتولين بصفتهم غرباء، وأن يدفع الدية من بيت المال وتعود، إذ أن بعضهم لا أولياء لهم، وفكر بعضهم أن يقوم الخليفة بدفع الدية من ماله الخاص، وعلى كلٍ فإن الخليفة لا يمكن أن يقبل بهذا التحايل لتعطيل حدٍ من حدود الله، ولكنه دفع عبيد الله بن عمر إلى القماذبان بن الهرمزان ليقتله بابيه، إذ عدَّ الهرمزان مسلماً، فيقول القماذبان : كانت العجم بالمدينة يستروح بعضها إلى بعض، فمرّ فيروز بأبي، ومعه خنجر له رأسان، فتناوله منه، وقال : ما تصنع بهذا في هذه البلاد ؟ فقال : آنس به، فرآه رجل، فلما أصيب عمر، قال : رأيت هذا مع الهرمزان، دفعه إلى فيروز. فأقبل عبيدالله فقتله، ولما ولي عثمان دعاني فأمكنني منه، ثم قال: يا بني، هذا قاتل أبيك، وأنت أولى به منه، فاذهب فاقتله، فخرجت به وما في الأرض أحد إلا معي، إلا أنهم يطلبون إلي فيه. فقلت لهم : ألي قتله ؟ قالوا : نعم - وسبُّوا عبيد الله - فقلت : أفلكم أن تمنعوه ؟ قالوا : لا، وسبّوه فتركته لله ولهم. فاحتملوني، فوالله ما بلغت المنزل إلا على رؤوس الرجال وأكفهم. وبهذا فقد عفا صاحب الحق، وعندها قام عثمان بدفع الدية من ماله الخاص، أما الذين لا أولياء لهم فالخليفة هو وليهم، وقد دفع الدية لهم ثم ردت إلى بيت المال. وهكذا حلت هذه المشكلة بطريقة سليمة، وانقطع الحديث فيها، وعاد للمجتمع تماسكه ورجع فاضلاً كما كان، إلا أنه مع الزمن بدأ يفقد مقوماته تدريجياً، وهذا الأمر يعود لأسباب منها ما تتعلق بالخليفة بالذات، ومنها ما يتعلق بتغير الظروف، ومنها ما يتعلق بالسياسة التي سار عليها.
كان عمر بن الخطاب حازماً شديداً على أمرائه وهذا ما أخاف الناس وجعل له هيبة بينهم بحيث لا يجرؤ أحد على مخالفته، فقد روى ابن الجوزي : أن عمر قدم مكة، فأقبل أهلها يسعون، فقالوا : يا أمير المؤمنين، إن أبا سفيان ابتنى داراً فحبس مسيل الماء ليهدم منازلنا، فأقبل عمر ومعه الدرة فإذا أبو سفيان قد نصب أحجاراً، فقال عمر : ارفع هذا، فرفعه ثم قال : وهذا، وهذا، حتى رفع أحجاراً كثيرة خمسة أو ستة، ثم استقبل عمر الكعبة فقال : الحمد لله الذي يجعل عمر يأمر أبا سفيان ببطن مكة فيطيعه.
وروى الطبري : أن عمر رضي الله عنه جاءه مال، فجلس يقسمه بين الناس فازدحموا عليه، فأقبل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يزاحم الناس حتى خلص إليه، فعلاه عمر بالدرة، وقال : أقبلت لا تهاب سلطان الله في الأرض، فأحببت أن أعلمك أن سلطان الله لا يهابك.
أما عثمان فقد كان ليناً للناس الأمر الذي أطمعهم فيه، وطالبوه بأشياء كثيرة منها عزل الولاة، فقد عزل المغيرة بن شعبة عن الكوفة وولى سعد بن أبي وقاص، ثم عزله وولى الوليد بن عقبة، ثم عزله وولى سعيد بن العاص، ثم عزله وولى أبا موسى الأشعري. وعزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وولى عليها عبدالله بن عامر بن كريز. وعزل عمرو بن العاص عن مصر وولى عبدالله بن سعد بن أبي سرح. كما كان ليناً على الولاة فتطاول بعضهم عليه. فعثمان رضي الله عنه كان بطبعه ليناً، وعمر بطبعه حازماً.
واشتد عمر على أهله، فكان إذا نهى عن شيء جمع أهله فقال لهم : إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، إني والله لا أوتى برجل منكم وقع فيما نهيت الناس عنه إلا اضعفت له العذاب لمكانه مني، فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر، أما سيدنا عثمان فقد كان ليناً على أهله وأقربائه كما كان ليناً للناس جميعاً، بل الأولى والأحرى أن يكون ذا رفق بذي رحمه، ويوم قامت الدولة الإِسلامية كانت ينفق ما شاء الله أن ينفق على الدولة وتجهيز الجيوش، وإعداد الغزو، فلما قامت الفتوحات، وجاءت الغنائم والفيء، وأصبحت الدولة بحالة غنى وثراء التفت عثمان إلى أقربائه يعطيهم ويتقرب إليهم ويقربهم، وهذا أمر محبب ومطلوب يصل الإنسان رحمه، فهذا اللين لهم قد أطعمهم فيه أيضاً، وولى بعضهم لقدرته على العمل، وكفاءتهم في الإمارة، وقد كان بعضهم صاحب ولاية من قبل عثمان، وقد عرف رضي الله عنه أنه يحب اقرباءه لدرجة كبيرة.
عندما تولى عمر رضي الله عنه الخلافة كانت ماديات الدولة لا تزال ضعيفة وأحوال الناس المالية لا تزال قليلة، لذا كانوا أقرب إلى الحياة البسيطة الهادئة، والرضا بكل ما يأتي، والصبر على الشدائد، وقبول أوامر الولاة والأمراء، إضافة إلى انشغالهم بالجهاد والسير إلى الثغور والانطلاق من وراء الفتوحات في سبيل الدعوة ونشر الإِسلام، فلما توسعت الدولة، وجاءتها الغنائم من كل جهة، وزعت الغنائم على المقاتلين، وأعطيت الأموال إلى الناس حتى كثرت بأيديهم، وبطبيعة الحال فإن سيدنا عثمان كان يعطي ويوزع ما في بيت المال لكثرة ما يدخل، ولحاله وكرمه المعروفين، بل كان أحياناً يعطي من ماله الخاص إن لم يكن في بيت المال من فائض، وهذا ما جعل الحال تتغير تدريجياً عن أيام عمر حتى أواخر عهد عثمان حتى زادت زاوية التغير انفراجاً ووصلت إلى درجة واسعةٍ نسبياً في نهاية أيام عثمان.
كان عمر بن الخطاب قد منع كبار الصحابة من الخروج من المدينة، وأبقاهم بجانبه ليكونوا مستشارين له، وحتى يبقوا أسمى من مغريات الدنيا التي تعترض سبيلهم في البلاد المفتوحة، وخوفاً على المسلمين الذين يدخلون في الإِسلام جديداً من أهل الأمصار من أن يفتنوا بهؤلاء الصحابة فيقولون : هؤلاء صحابة سيد الخلق، وصحابة رسول الله و... وقال لهم رضي الله عنه : كفاكم ما جاهدتم به مع رسول الله r، فلما جاء عثمان بن عفان سمح لهم بالانسياح في أرض الله، والانطلاق أينما شاؤوا، وقد زاد حالهم وكثرت أملاكهم، وبنوا الدور في الأمصار، فقد بنى الزبير بن العوام داراً له بالبصرة وغيرها في الكوفة ومصر، وبنى طلحة بن عبيد الله داراً له في الكوفة، وكانت ينتقلون بين أملاكهم وضياعهم، وهذا بالإضافة إلى ما بناه عبد الرحمن بن عوف في المدينة وزيد بن ثابت وغيرهم، وارتبط أهل الأمصار بمن كان يتصل بهم ويحتك معهم من صحابة رسول الله r.
وهكذا تغير المجتمع في عهد عثمان بن عفان، إلا أنه رضي الله عنه لم يغيّر ولم يبدل، ولم يحدث جديداً، ولم يبتعد عن سيرة رسول الله r، ولا عن نهج الشيخين من قبله، وإنما لينه وحبه لأقربائه وكرمه في العطاء قد أطمع فيه فكثر القول، ووجود الموالي والأرقاء في المدينة والصحابة خارجها قد شجع أصحاب الأهواء البدء في العمل بالخفاء، وكثرة الأموال في أيدي الناس واكتفاؤهم قد جعل الألسنة تتكلم وبدأ الحديث عن الخليفة نقطة انطلاق والتهديم في المجتمع بدء ارتكاز.
ــــــــــــــ
عبدالله بن سبأ ودوره في ظهور الفتنة
بدأت الفتنة عندما أشعلها عبد الله بن سبأ (ابن السوداء)، وهو من يهود صنعاء، وكانت أمه سوداء، لذا عُرف بذلك، وقد أسلم أيام عثمان ليستطيع التأثير على نفوس أولئك الأعراب والبدو والذين دانوا حديثاً بالإِسلام من سكان الأمصار، إذ تنقل في بلدان المسلمين فبدأ بالحجاز، ثم سار إلى البصرة، ومنها إلى الكوفة، ثم إلى الشام، إلا أنه لم يستطع التأثير على أحد من أهل الشام، وبعدها أخرجوه إلى مصر حيث استقر هناك، وكان في كل مكان يحلّ فيه يتصل بالأشخاص ويتحدث إليهم ويبدي تفهمه للإِسلام، ويُظهر معرفته، ويقف موقف العالم، فيقول : عجيب من يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمداً يرجع، والله سبحانه وتعالى يقول : {إن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد}. فمحمد أحق بالعودة والرجوع من عيسى. وهكذا بدأ التشكيك في العقيدة، والناس على فطرتهم حديثو العهد بالإِسلام في الأمصار لا يعرفون الفلسفات والمناقشات، والبدو الذين يعيشون معهم أكثر جلافة وإذا اقتنعوا بشيء صعب استخلاصه من نفوسهم. ورأى هذا اليهودي أن علي بن أبي طالب على رأس الصحابة الذين بقوا من حيث الاحترام والتقدير، بل يعد الشخص الثاني بعد الخليفة، وكان له عند الشيخين مركز ووزن يستشار في كل أمر، ويدعى في كل معضلة، ويؤخذ رأيه في كل مشكلة، هذا بالإضافة إلى قرابته من رسول الله r وعلمه وفهمه، لذا رأى هذا الخبيث أن يركز على هذا الصحابي الجليل، وأن يدعو له لا حباً به وتقديراً، وإنما لبذر الفتنة في المجتمع، وحتى لا يُعرف مخططه فيظهر أنه يدعو إلى الشك والربية، فدعوته لأحد البارزين من الصحابة تخفي ما يضمر، وتقرّبه من نفوس بعض الرجال الذين يعرفون قدر علي. فكان يقول : إن علياً هو وصي محمد r، فإن لكل نبي وصياً. ثم انتقل بعد بذر الفتنة وإلقاء جذور البلاء في المجتمع يطعن بالخليفة نفسه وبولاته وامرائه وأنهم دون الصحابة الأجلاء، وأنهم لم يحتلوا هذه المراكز إلا لكونهم من ذوي رحم الخليفة الذي بلغ من العمر عتياً وأنهم قد أثروا عليه، وأصبح أداة طيعة في أيديهم.
ظهرت بذور الشر أول ما ظهرت في الكوفة إذ بدأ الحديث عن الوالي سعيد بن العاص حتى وصل إلى الخليفة، وذلك على ألسنة العوام وأولئك البداة والذي دانوا بالإِسلام، ومن هؤلاء مالك بن الحارث الأشتر النخعي وثابت ابن قيس النخعي، وكميل بن زياد النخعي، وزياد بن صوحان العبدي، وجندب بن زهير الغامدي، وجندب بن كعب الأزدي، وعروة بن الجعد، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وأمثالهم من أهل الصحراء والقبائل. وكان ذلك في أواخر عهد سيدنا عثمان، وبعد مرور عشر سنوات على تسلمه الخلافة، وفي عام 34 هـ، سُيّر هؤلاء المنحرفون من الكوفة إلى الشام، إلا أنهم ردّوا مرة ثانية إلى الكوفة، فقالوا : إن الكوفة والشام ليستا لنا بدار، فاتجهوا إلى الجزيرة، فشدد عليهم واليها عبدالرحمن بن خالد بن الوليد، وسيّر الأشتر إلى المدينة، فخيّره الخليفة في المكان الذي يرغب سكناه، فاختار منطقة عبد الرحمن بن خالد، وسار إليه. وكان ابن السوداء في مصر يراسل من أثّر عليهم في كل الأمصار، ويزيد في اضرام نار الفتنة.
ــــــــــــــ
جمع أمراء الأمصار في موسم الحج
جمع الخليفة عثمان بن عفان أمراء الأمصار في موسم الحج عام 34 هـ وهم : معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وعبدالله بن سعد بن أبي سرح، وسعيد بن العاص، وعبدالله بن عامر، واستشارهم في أمر هؤلاء المنحرفين، وما يتكلمون به، فأشير عليه بأن ينقل هؤلاء المنحرفين إلى الثغور فينشغلوا بأنفسهم كما اقترح عليه إعطائهم الأعطيات حتى يرضخوا للأمر ويُطيعوا. ولكنه لم ير هذا الرأي ولا ذاك. ولما كثر الكلام عن سعيد ابن العاص أمير الكوفة، والمطالبة بأبي موسى الأشعري بدلاً عنه، استجاب الخليفة للطلب فعزل سعيداً وولىّ أبا موسى مكانه، وكتب لأهل الكوفة "أما بعد، فقد أمرت عليكم من اخترتم، وأعفيكم من سعيد، والله لأفرشنكم عرضي، ولأبذلن لكم صبري، ولأستصلحنكم بجهدي، فلا تدعوا شيئاً أحببتموه لا يُعصى الله فيه إلا سألتموه، ولا شيئاً لا يُعصى الله فيه إلا استعفيت منه، أنزل فيه عندما أحببتم حتى لا يكون لكم علي حجة". وفي الوقت نفسه سار حذيفة بن اليمان غازياً إلى باب الأبواب.
لم تفد المخربين أعمال الخليفة ولينه لهم بل استمروا في تصرفاتهم وكلامهم، فأرسل الخليفة بعض الصحابة إلى الأمصار يستطلعون آراء الناس، ويعرفون أخبار المسلمين وموقفهم، فقد بعث محمد بن مسلمة إلى الكوفة، وأسامة بن زيد إلى البصرة، وعبد الله بن عمر إلى الشام، وعمّار بن ياسر إلى مصر، ورجالا آخرين سواهم، فرجع الجميع ولم ينكروا شيئاً، إلا عمّار بن ياسر فقد تأخر واستمع إلى ما كان يشاع.
وجاء وفد من مصر في رجب عام 35 هـ إلى الحجاز يظهرون أنهم يريدون العمرة، وفي نيتهم مناظرة الخليفة ومناقشته في المدينة لبلبة الآراء وإشعال نار الفتنة، وتمت مقابلة الخليفة، وأبدى رأيه، واقنع الوفد خارج المدينة بنفسه أو بواسطة بعض الصحابة منهم علي بن أبي طالب ومحمد بن مسلمة، ودخل بعضهم المدينة، وحضر خطبة للخليفة أثنى فيها على الوفد، واستغفر الله، وبكى وأبكى الناس، وانصرف المصريون راجعين إلى بلادهم.
إلا أن أهل مصر عندما رجعوا بدؤوا يحرّضون الأمصار على التوجه إلى المدينة وإظهار الشكوى والتأفف من العمال والأوضاع العامة لأن المدينة أحرى بالفوضى أن تؤثر فيها، إذ أنها مقر الدولة ومركز الخليفة ومكان الصحابة ومدينة رسول الله r، ثم اتفقوا على أن يسيروا إلى المدينة في شهر شوال في ذلك العام، وأن يكون مسيرهم مع الحجاج لمغافلة الصحابة، وإمكانية نشر الفساد على نطاق أوسع. وانطلق أهل مصر وعددهم 600-1000 رجل، وفي الوقت نفسه انطلق أهل الكوفة وأهل البصرة، وقد خرجت كل جماعة على شكل فرق أربع، وعلى كل فرقة أمير، وعلى الجميع أمير، فالأمر يبدو على تخطيط وتنظيم واحد دقيق، وكان على أهل مصر الغافقي بن حرب العكي، ومعهم ابن السوداء، وهم يريدون البيعة لعلي بن أبي طالب، وعلى أهل الكوفة عمرو بن الأصم، ومعهم زيد بن صوحان العبدي، وعلى أهل البصرة حرقوص ابن زهير السعدي، ومعهم حكيم بن جبلة العبدي. وبمسيرهم مع الحجاج لم يعلم الأمراء عدد الناقمين، ولم يكونوا ليتصوروا أن هذه الشرذمة قادرة أو تفكر بقتل الخليفة أو تجرؤ على القيام بهذا العمل في دار الهجرة، لذا لم يبذلوا جهداً بإرسال قوة تحول دون خروجهم، أو تسير إلى المدينة لتمنع أمير المؤمنين، ووصل المنحرفون إلى مقربة من المدينة، فنزل المصريون بذي المروة، ونزل أهل الكوفة بالأعوص، واستقر أهل البصرة بذي الخشب.
وسمع أهل المدينة بما يحدث، وأبوا أن تقتحم عليهم المدينة، وتكلموا في الأمر، وحدّث الخليفة عليا في أن يركب ويركب معه المسلمون ليمنعوا المنحرفين من دخول المدينة عنوة ففعل وخرج معه طلحة والزبير ومحمد بن مسلمة وكبار الصحابة، ولما رأى المنحرفون استعداد الصحابة للدفاع عن دار الهجرة وقع الخوف في نفوسهم، فعندما كلمهم علي أظهروا الطاعة والخضوع، وأبدوا الرغبة في العودة إلى أمصارهم والهدوء فيها، وبالفعل فقد رجعوا أدراجهم، وظنَّ علي والمسلمون أن الخطر قد زال عن دار الهجرة فعادوا إليها، ولم يستقروا فيها حتى أروعهم التكبير داخل أزقتها، ومحاصرة دار سيدنا عثمان، وعندما سألهم سيدنا علي عن سبب رجوعهم قالوا : إن الخليفة قد أرسل كتاباً لقتلنا، وأظهر أهل مصر كتابا فيه قتل محمد بن أبي بكر، قال علي : فما بال أهل الكوفة قد عادوا ؟ فقالوا : تضامنا مع رفاقنا، وكذا أهل البصرة، لكن من الذي أخبر كل فريق بما حدث مع الآخر ؟ وهنا يبدو الاتفاق المسبق والتخطيط لدخول المدينة على حين غفلة من أهلها، وهنا يظهر تلفيق الكتاب الذي أظهره المصريون.
كان حصار دار عثمان يسيراً حيث كان يخرج الخليفة ويصلي بالناس، ويأتي الصحابة إليه، ويأتي إليهم. ثم بعث إلى العمال في الأمصار يأمرهم أن يرسلوا إليه الجند لينصروه، ويخرجوا من المدينة هؤلاء الطارئين، وعندما عرف المنحرفون هذا الخبر، وأن حبيب بن مسلمة قد سار من الشام، ومعاوية ابن حديج من مصر، والقعقاع بن عمرو من الكوفة، ومجاشع السلمي من البصرة، وكل على رأس قوة لنصرة الخليفة تغيّر حصار الدار واشتد عمل المنحرفين.
وخرج عثمان كعادته إلى الصلاة، يوم الجمعة، وخطب، وخاطب المخربين، فقام محمد بن مسلمة فشهد على قوله فاسكته حكيم بن جبلة وتكلم زيد بن ثابت فأسكته محمد بن أبي قتيرة، وثار الناس، وحصب بعضهم بعضاً، وأصيب عثمان، وأغمي عليه، ونقل إلى داره، وثار الصحابة وأبناؤهم ومنهم الحسن بن علي، وسعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وزيد بن ثابت وغيرهم، وأرادوا قتال المنحرفين إلا أن الخليفة قد منعهم، وأراد ألا يحدث شيء بسببه، وزار بعد ذلك عثمان كلا من علي وطلحة والزبير، ثم عاد فدخل بيته، وشُدّد عليه الحصار فلم يعد يخرج أبداً حتى كان يوم استشهاده رضي الله عنه.
وأقام المنحرفون رجلا منهم يصلي بالناس وهو زعيم المصريين الغافقي بن حرب العكي، وإذا وجد علي أو طلحة صلى بالناس أحدهما. ومنع الماء عن الخليفة، فأرسل إلى علي وطلحة والزبير وعائشة وأمهات المؤمنين فأسعفه علي وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان. وزجر علي الثائرين فلم يرعووا، وكان بين الحين والآخر يطل الخليفة بنفسه على أولئك المنحرفين المحاصرين له فيعظهم، ولكن لا يأبهون لأحد حتى أن أم حبيبة لم تستطع الوصول إليه لإسعافه بالماء، إذ ضربوا وجه بغلتها وكادت تسقط عنها، وهذا ما ألزم الناس بيوتهم لا يخرج منهم أحد إلا ومعه سيفه، إذ اختل نظام الأمن في دار الهجرة، ودخل دار عثمان بعض أبناء الصحابة فيهم : عبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر وعبدالله بن الزبير والحسن والحسين أبناء علي، ومحمد بن طلحة وغيرهم، وطلب منهم عثمان ألا يقاتلوا، وعزم عليهم في ذلك أشد العزيمة.
سارت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى الحج، وطلب عثمان من ابن عباس أن يحج بالناس هذا العام، وكان على الباب مع أبناء الصحابة، فأراد أن يبقى مجاهداً إلا أن عثمان أصرّ عليه فخرج إلى الحج.
وصلت الأخبار إلى المدينة بأن الإمداد قد دنت من المدينة، وأن من جاء منها من الشام قد وصل إلى وادي القرى فخاف المنحرفون، وأرادوا دخول الدار على عثمان فمنعهم من فيها : الحسن بن علي، وعبدالله بن الزبير، ومحمد بن طلحة، ومروان بن الحكم، وسعيد بن العاص وغيرهم، فتسوروا الدار من خوخة بينها وبين دار عمر بن حزم، ثم أحرقوا باب الدار، وسيدنا عثمان يقسم على أبناء الصحابة أن يلقوا سيوفهم حتى ألقاها بعضهم، وهجم المنحرفون على الخليفة فضربه الغافقي بن حرب العكي بحديدة، ثم ضرب قتيرة بن حمران زوج الخليفة نائلة التي رفعت يدها تدافع عن زوجها فقطع أصابعها ثم ضرب الخليفة أخوه سودان بن حمران السكوني، وكذلك كنانة بن بشر بن عتاب التجيبي فقتل رضي الله عنه، وقيل بل قتله عمرو بن الحمق، وقتل غلام لعثمان سودان بن حمران فقتل قتيرة الغلام، ثم قتل غلام آخر لعثمان قتيرة، ونُهبت الدار، كما نُهب بيت المال، وكان أمر الله قدراً مقدوراً. وكان قتل الخليفة الراشدي الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه في 18 ذي الحجة من عام 35 من هجرة المصطفى r، وبذا تكونه مدة خلافته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً، وكان عمره إذ ذاك اثنتين وثمانين سنة.
وعاد الحجاج فوجدوا خليفتهم مقتولا رضي الله عنه، والأمن غير مستتب.
وسيدنا عثمان هو الذي اشترى بئر أرومة وجعلها للمسلمين، وجمع القرآن الكريم، وأول من وسع مسجد رسول الله r، استجابةً لرغبة رسول الله حين ضاق المسجد بأهله، وله من الفضائل الكثير رضي الله عنه.
ــــــــــــــ
مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه
رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد الساعدي التي نقلها الطبري في "تاريخه" 3/390-414
الجزء الأول: سيدنا عثمان يجتمع بالوفد القادم من مصر محتجاً عليه:
"سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا عليه، فاستقبلهم وكان في قرية له خارجة عن المدينة، فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه، وكره أن يقدموا عليه المدينة، فآتوه فقالوا له: أدع بالمصحف: فدعا بالمصحف، فقالوا له: افتح السابعة، وكانوا يسمون سورة يونس السابعة، فقرأنها حتى أتى هذه الآية: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل الله أذن لكم أم على الله تفترون}[يونس: 59]. فقالوا له قف: أرأيت ما حميت من الحمى؟ آلله أذن لك به أم على الله تفتري؟ فقال: أمضه نزلت في كذا وكذا، فأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة، فلما وُلِّيتُ زادت في إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد في إبل الصدقة. أمضه. فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول: أمضه نزلت في كذا وكذا. والذي يتولى كلام عثمان… ابن ثلاثين سنة. ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج فعرفها فقال: استغفر الله وأتوب إليه، وقال لهم: ما تريدون؟ فقالوا: نأخذ ميثاقك وكتبوا عليه شرطاً، وأخذ عليهم ألا يشقوا عصا، ولا يفارقوا جماعة ما قام لهم بشرطهم أو كما أخذوا عليه. وقال لهم: ما تريدون؟ قالوا: نريد ألا يأخذ أهل المدينة عطاء. قال لا! إنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب رسول الله r، فرضوا بذلك وأقبلوا معه إلى المدينة راضين. فقام فخطب فقال: إني والله ما رأيت وفداً في الأرض هم خير لحوباتي من هذا الوفد الذين قدوا علي. وقال مرة أخرى: خشية من هذا الوفد من أهل مصر، ألا من له زرع فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع فليحتلبه. ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب رسول الله r، فغضب الناس، فقالوا: هذا مكر بني أمية".
هذا ما يستخلص من الجزء الأول من رواية أبي سعيد:
1- تحكيم كتاب الله بين سيدنا عثمان الوفد القادم من مصر، وهذا يظهر من نص آخر عن محمد بن سيرين، حيث يقول: "فعرض عليهم كتاب الله فقبلوه" وَبقِيَّت الشروط تظهر في رواية محمد بن سيرين حيث يقول: "واشترطوا جميعاً أن المنفي يُقلب، والمحروم يعطى، ويوفر الفي ويعدل في القسم، ويستعمل ذو القوة والأمانة".
2- لم يستطيع سيدنا عثمان أن يبرر كل أعماله لوفد مصر.
3- القضية الهامة والأساسية هي توزيع مال الفتوح.
الجزء الثاني: عثور الوفد على كتاب مهور بخاتم سيدنا عثمان يأمر بقتل بعض أفراد الوفد:
"ثم رجع الوفد المصريون راضين، فبينا هم في الطريق إذا هم براكب يتعرض لهم، ثم يفارقهم، ثم يرجع إليهم، ثم يفارقهم ويسبقهم. قالوا له:ما لك؟ إن لك لأمراً، ما شأنك؟ فقال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر. ففتشوه، فإذا هم بكتاب على لسان عثمان، عليه خاتمه، إلى عامله بمصر: أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف. فأقبلوا حتى قدموا المدينة، فأتوا علياً، فقالوا: ألم تر إلى عدو الله؟ إنه كتب فينا بكذا وكذا وأن الله قد أحل دمه، قم معنا إليه. قال علي: والله لا أقوم معكم، فقالوا: فَلِمَ كتبت إلينا؟ فقال: وما كتبت إليكم كتاباً قط. فنظر بعضهم إلى بعض ثم قال بعضهم لبعض: ألهذا تقاتلون، أو لهذا تغضبون؟ فانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية، فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان، فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا، فقال: إنما هما اثنتان: أن تقيموا عليّ رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو: ما كتبت ولا أمللت ولا علمت. وقد تعلموا أن الكتاب يكتب على لسان الرجل، وقد ينقش الخاتم على الخاتم، فقالوا فقد والله أحل الله دمك، ونقضت العهد والميثاق. فحاصروه".
وهذا ما يُستخلص الجزء الثاني من رواية أبي سعيد، فهو غاية الأهمية حيث إنه كشف حقائق مطموسة.
1- الرسول المرسل من قِبل عثمان -كما زعموا- أمره عجيب حين إنه تعَّرض للوفد ثم فارقهم ثم رجع إليهم، وكأنه يريد أن يقول لهم شيئاً أو يريد أن يلفت نظرهم إليه ليسألوه عما به، فهو ليس برسول عادي أرسل بمهمة سرية -كما هو شأن المرسلين- ويريد أن يبلغ هدفه دون لفت أنظار الناس إليه، بل هو يقصد أن يثير الشبهة، وكأنه يقول لهم: أسألوني ما بي وما معي؟ وهذا ما حصل فعلاً أن أوقف وسئل عما معه.
2- الكتب التي تلقاها الوفد من سيدنا على بن أبي طالب تحثهم على المجيء للمدينة المنورة ومعاداة عثمان، فسيدنا علي ينكر بعثه لهذه الكتب ويقول: "والله ما كتبت إليكم كتاباً قط". فهذا الأمر يظهر أن هناك مزورين كتبوا هذه الكتب، ولا يستبعد أنهم هم الذين أرسلوا الكتاب المزعوم بقتل بعض وفد المصريين.
3- نفي سيدنا عثمان الكتاب المزعوم، مما يدل أن الخاتم الذي مهر به الكتاب خاتم مزور يشبه خاتم سيدنا عثمان.
يظهر لنا من هذه الحقائق الثلاث أن وراء هذه الأحداث مؤامرة تحاك، ويختبىء ورائها رجال مزورون يريدون وقوع الفتنة.
الجزء الثالث: مناقشة سيدنا عثمان للوفد، ومنعهم الماء عنه:
"وأشرف عثمان ذات يوم فقال: السلام عليكم، فما سمع أحداً من الناس رد عليه إلا أن يرد رجل في نفسه، فقال: أنشدكم بالله هل علمتم أني اشتريت بئر رومه من مالي يستعذب بها، فجعلت رشائي منها كرشاء رجل من المسلمين؟ قيل: نعم. قال: فَعَلامَ تمنعونني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر؟ وقال: أنشدكم الله هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد؟ قيل: نعم. فقال: فهل علمتم أن أحداً من الناس منع أن يصلي فيه قبلي؟ وقال: أنشدكم الله هل سمعتم نبي الله r يذكر كذا وكذا -أشياء في شأنه- وذكر الله إياه أيضاً في كتابه المفصّل، ففشا النهي فجعل الناس يقولون: مهلاً عن أمير المؤمنين. وفشا النهي وقام الأشتر يومئذ أو في يوم آخر فقال: لعله قد مُكر به وبكم. فوطئه الناس حتى لقي كذا كذا.
ثم يقول أبو سعيد مولى أبي أسيد الذي يقص هذه القصة: فرأيته أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكّرهم، فلم تأخذ فيهم الموعظة، وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة في أول ما يسمعونها فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم".
هذا الجزء الثالث من رواية أبي سعيد:
وفيه إشارة إلى المؤامرة التي دبرت لسيدنا عثمان.
الجزء الرابع سيدنا عثمان يرى رسول الله r في المنام وانتظاره الموت
"ثم إنه فتح الباب ووضع المصحف بين يديه، وذاك أنه رأى من الليل أن النبي r يقول: أفطر عندنا الليلة".
يُستخلص من الجزء الرابع من رواية أبي سعيد التالي:
رؤية سيدنا عثمان للنبي r في المنام وقوله له: "أفطر عندنا الليلة" واعتقاد سيدنا عثمان بالمنام الذي رآه، وتسليمه له. وهذا يوضح أمر سيدنا عثمان الصحابة والمدافعين بالذهاب إلى بيوتهم.
الجزء الخامس: مقتل سيدنا عثمان وبيان من قتله:
ودخل على عثمان رجل، فقال: بيني وبينك كتاب الله، فخرج وتركه. ثم دخل عليه آخر فقال: بيني وبينك كتاب الله، والمصحف بين يديه، فأهوى إليه بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها -لا أدري أبانها أم قطعها ولم يَبِنْها- فقال: أما ولله إنها لأول كف خطت المفصَّل وأخذَت ابنة الفرافصة حليلها فوضعته في حجرها، وذلك قبل أن يقتل فلما اُشعر أو قتل تجافت عنه، فقال بعضهم: قاتلها ما أعظم عجيزتها، فعلمت أن أعداء الله لم يريدوا إلا الدنيا".
رواية سهم الأزدي التي رواها ابن عساكر في تاريخ دمشق:
قال ثور بن يزيد الرحبي: " أخبرني سهم أنه كان مع عثمان بن عفان يوم حُصر في الدار، فزعم أن ركب الشقاء من أهل مصر أتوه قبل ذلك فأجازهم، وأرضاهم، فانصرفوا.
"حتى إذا كانوا ببعض الطريق انصرفوا وخرج عثمان بن عفان فصلى إمّا صلاة الغداة وإمّا صلاة الظهر، فحصبه أهل المسجد، وقذفوه بالحصا والنعال والخفاف.
"فانصرف إلى الدار ومعه طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، ومروان بن الحكم، وأبو هريرة، والمغيرة بن الأخنس، في أناس لا أحفظ من ذكر منهم إلا هؤلاء النفر، فأشرفوا على ظهر البيت، فإذا هم بركب أهل الشقاء قد دخلوا المدينة، وأقبل ناس حتى قعدوا على باب الدار، عليهم السلاح. فقال عثمان لغلام له يقال له وثاب: خذ مكتلاً من تمر.. فانطلق بها إلى هؤلاء القوم، فإن أكلوا من طعامنا فلا بأس بهم، وإن شفقت منهم فدعهم وارجع، فانطلق بالمكتل، فلما رأوه رشقوه بالنبل، فانصرف الغلام وفي منكبه سهم، فخرج عثمان ومن معه إليهم ، فأدبروا وأدركوا رجلاً يمشي القهقرى فقلت له: ما القهقرى؟ قال: ينكص على عقبيه كراهية أن يُولى، فأخذناه أخذاً فأتيناه به عثمان بن عفان فقال: يا أمير المؤمنين إنَّا والله ما نريد قتلك، ولكن نريد معاتبتك، فأعتب قومك وأرضهم، قال: يا أبا هريرة فلعلهم يردون ذلك؛ فخلوا، قال: فخلينا سبيله.
"وخرجت عائشة أم المؤمنين فقالت الله الله يا عثمان في دماء المؤمنين؛ فانصرف إلى الدار.
فلما أصبح صلى بنا الغداة، فقال: أشيروا عليّ، فلم يتكلم أحد من القوم غير عبد الله بن الزبير فقال: يا أمير المؤمنين أشير عليك بثلاث خصال فاركب أيهن أحببت: إما أن نهل بعمرة فتحرم عليهم دماؤنا. ويكون إلى ذلك قد أتانا مددنا من الشام -وقد كان عثمان كتب إلى أهل الشام عامة وإلى أهل دمشق خاصة: إني في قوم قد طال فيهم عمري واستعجلوا القدر، وقد خيروني بين أن يحملوني على شوارف إلى جبل الدخان، وبين أن أنزع لهم رداء الله الذي كساني، وبين أن أُقيدهم، ومن كان على سلطان يخطىء ويصيب، وأن يا غوثاه، ولا أمير عليك دوني- وإما أن نهرب على نجائب سراع لا يدركنا أحد حتى نلحق بمأمننا من الشام، وإما أن نخرج بأسيفنا ومن شايعنا، فنقاتل فإنا على الحق وهم على الباطل.
قال عثمان: أما قولك أن نهل بعمرة فتحرم عليهم دماؤنا؛ فوالله لم يكونوا يرونها اليوم عليهم حراماً لا يحرِّمونها إن أهللنا بعمرة. وأما قولك أن نخرج نهرب إلى الشام؛ فوالله إني لأستحي أن آتي الشام هارباً من قومي وأهل بلدي. وأما قولك نخرج بأسيافنا ومن تابعنا، فنقاتل فإنا على الحقوهم على الباطل؛ فوالله إني لأرجو أن ألقى الله ولم أهرق محجمة من دم المؤمنين.
فمكثنا أياماً صلينا الغداة، فلما فرغ أقبل علينا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن أبا بكر وعمر أتياني الليلة، فقالا لي: صم يا عثمان، فإنك مفطر عندنا، فإني أشهدكم أني قد أصبحت صائماً وأعزم على من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر إلا خرج من الدار سالماً مسلماً.
فقلنا: يا أمير المؤمنين إن خرجنا لم نأمنهم على أنفسنا، فائذن لنا فلنكن في بيت من الدار يكون فيه حماية ومنعة؛ فأذن لهم فدخلوا بيتاً، وأمر بباب الدار ففتح، ودعا بالمصحف فأكب عليه، وعنده امرأتاه ابنة الفرافصة الكلبية وابنة شيبة.
"فكان أول من دخل عليه محمد بن أبي بكر الصديق، فمشى إليه حتى أخذ بلحيته فقال: دعها يا ابن أخي فوالله إن كان أبوك ليلهف لها بأدنى من هذا، فاستحى فخرج وهو يقول: أشعرته وأخذ عثمان ما امتعط من لحيته فأعطاه إحدى امرأتيه، ثم دخل رومان بن وردان -عداده في مراد- رجل قصير أرزق مجدور هو في آل ذي أصبح، معه جرْز من حديد فاستقبله فقال: على أي ملة أنت يا نعثل؟ فقال عثمان: لست نعثل ولكني عثمان بن عفان، وأنا على ملة إبراهيم حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، فقال: كذبت، فضربه بالجرْز على صدغه الأيسر، فقتله. وأدخلته بنت الفرافصة بينها وبين ثيابها".
رواية الأحنف بن قيس التي رواها الطبري في "تاريخه" 3/510-512:
قال الأحنف: "قدمنا المدينة ونحن نريد الحج، فإنا لبمنازلنا نضع رحالنا إذا أتانا آت فقال: قد فزعوا وقد اجتمعوا في المسجد، فانطلقنا، فإذا الناس مجتمعون في نفر في وسط المسجد، وإذا علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص، وإنَّا كذلك إذ جاء عثمان بن عفان فقيل: هذا عثمان قد جاء وعليه مليئة له صفراء قد قنّع بها رأسه، فقال: أههنا علي؟ قالوا: نعم، قال: أههنا الزبير؟ قالوا: نعم، قال: أههنا طلحة؟ قالوا: نعم، قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله r قال: من يبتع مربد بني فلان غفر الله له،
فابتعته بعشرين أو بخمسة وعشرين ألفاً، فأتيت النبي r فقلت: يا رسول الله قد ابتعته. قال: اجعله في مسجدنا، وأجره لك، قالوا: اللهم نعم.وذكر أشياء من هذا النوع.
قال الأحنف: فلقيت طلحة والزبير، فقلت: من تأمراني به وترضيانه لي؟ فإني لا أرى هذا الرجل إلا مقتولا. قالا: علي، قلت: أتأمراني به وترضيانه لي؟ قالا: نعم. فانطلقت حتى قدمت مكة، فبينا نحن بها إذ أتانا قتل عثمان، وبها عائشة أم المؤمنين فلقيتها، فقلت: من تأمرينني أن أتابع قالت: علي، قلت: تأمرينني به وترضينه لي؟ قالت: نعم، فمررت على علي بالمدينة فبايعته ،ثم رجعت إلى البصرة، ولا أرى الأمر إلا قد استقام، فبينا أنا كذلك إذ أتاني آت فقال: هذه عائشة وطلحة والزبير، قد نزلوا جانب الخريبة فقلت: ما جاء بهم؟ قالوا: أرسلوا إليك يدعونك يستنصرون بك على دم عثمان، فأتاني أفظع أمر أتاني قط، فقلت: إن خذلاني هؤلاء، ومعهم أم المؤمنين وحواري رسول الله r لشديد، وإن قتالي رجلاً ابن عم رسول الله صلى الله علي وسلم قد أمروني ببيعته لشديد، فلما أتيتهم، قالوا: جئنا لنستنصر على دم عثمان رضي الله عنه قتل مظلوماً، فقلت: يا أم المؤمنين أنشدك بالله أقلت لك: من تأمرينني به، فقلت: علي، فقلتُ: أتأمرينني به وترضينه لي؟ قلت: نعم؟ قالت: نعم، ولكنه بدل، فقلت يا زبير يا حواري رسول الله r، يا طلحة أنشدكما الله أقلت لكما ما تأمراني؟ فقلتما: علي، فقلت: أتأمراني به وترضيانه لي؟ فقلتما: نعم، قالا: نعم ولكنه بدلْ، فقلت: والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله r ولا أقاتل رجلاً ابن عم رسول الله r أمرتموني ببيعته".
ما يستخلص من الروايات الثلاث
1- رد سيدنا عثمان بن عفان كثيراً من التهم الموجهة إليه، واستغفر عن بعض أعماله التي أقر بأنها خطأ عمله، وبذلك رضي عنه الثائرون، حيث إنه وعدهم بتصحيحها.
2- لم يرسل عثمان إلى عامله في مصر أي كتاب يحرضه على قتل الثوار، وذلك لأن عثمان لم يغير وعده لهم.
3- كان باستطاعة عثمان مقاتلة الخارجين وردهم، ولكنه لم يُرد إهراق الدم في الدفاع عن نفسه، ولم يرد ترك المدينة، بل رضي أن يقتل لرؤية رأها في المنام.
4- كان بجانب عثمان الصحابة الأولين يوالونه ويشدون أرزه، وأبناؤهم أيضاً.
5- لم يكن يطمع طلحة والزبير في الاستيلاء على الخلافة بعد عثمان، لأنهما كانا يريان أن علياً هو الأصلح لها. وهذا هو رأي السيدة عائشة.
6- خروج السيدة عائشة وطلحة والزبير يطالبون بدم عثمان لاعتقادهم أنه قتل مظلوماً.
7- هناك عدد من أهل المدينة ينقمون على عثمان لأمور مادية، لأنه أراد أن يمنعهم من المشاركة في الفتوح.
8- إن بين الثائرين على عثمان من هم مدفوعون بالغيرة على الدين.
9- هناك أيدٍ خفية تحرك الأمور من وراء الستار لتوقع الفرقة بين المسلمين، فهي التي صاغت الكتب على لسان الصحابة، وهي التي زورت الكتاب المرسل إلى عامل عثمان في مصر، وهي التي كانت تستعجل الأمور.
10- كان بين هؤلاء الثوار رجال من الصحابة كمحمد بن أبي بكر، ولعل منهم: عمار بن ياسر، ولكن الأمر لم يبلغ بهم حد الاشتراك في القتل.
ــــــــــــــ


المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الخلافة الاسلامية نور الإسلام هدي الإسلام 0 09-11-2013 07:38 PM
عثمان بن عفان رضي الله عنه نور الإسلام هدي الإسلام 0 06-06-2013 06:45 AM
صفحات من تاريخ الدعوة الإسلامية في دولة الباراغواي نور الإسلام أبواب الدعوة 0 09-04-2012 09:08 AM
عثمان بن عفان رضي الله عنه مزون الطيب أخبار منوعة 0 13-01-2012 01:27 PM
رسالة إلى الخليفة متخلف عن ركب موسى بن نصير نور الإسلام أخبار منوعة 0 12-01-2012 06:45 PM


الساعة الآن 05:14 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22