صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > المقالات

الأقباط في الدولة الإسلامية

6 February, 2009 بواسطة keshk هذه فقرة من كتاب الأستاذ جلال كشك ( ألا في الفتنة سقطوا ) الصادر في يناير 1992 ، لمناقشة جذور وتاريخ الفتنة الطائفية وتحليل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-2014 ~ 07:37 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي الأقباط في الدولة الإسلامية
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


الأقباط, الدولة, الإسلامية




6 February, 2009 بواسطة keshk
هذه فقرة من كتاب الأستاذ جلال كشك ( ألا في الفتنة سقطوا ) الصادر في يناير 1992 ، لمناقشة جذور وتاريخ الفتنة الطائفية وتحليل أسبابها ، ووضع الحل لاقتلاعها من تربة الوطن ، وفي هذه الفقرة تطرق الأستاذ كشك إلى وضع الأقباط وموقعهم من المناصب المختلفة في الدولة الإسلامية :
—————–
مع التسليم بأن الفتنة هي من صنع وتغذيه القوي الاجنبية، ومع التسليم بأن هذه القوي قد خلقت اوضاعا واقامت مؤسسات وعلاقات تقوم علي الفتنة وتعيش منها إلا أنه من المتفق عليه أن القوي الخارجيه لا يمكن أن تتحرك في فراغ وأنها تستخدم أوضاعا معينة ،وتحرك قوي لابد أن يفضي تحركها الي صدام، وتثير قضايا ربما لم يكن أحد لينتبه إليها لو لم تثيرها قوي الفتنه.. لذلك يجب اتخاذ خطوات تسد الطريق علي قوي الفتنة هذه، وعلي الأقل تعزل العناصر المخلصة عن تاثيرها وتضليلها -وقد أوضحنا أن الزعم بوجود أغلبية تمارس السيادة والتسلط والاضطهاد علي أقلية مسالمهةهي صورة تضليلية لا وجود لها.. الوضع الآن هو أغلبية مظلومة في رزقها مضطهدة في دينها، تواجه تهديدا بالإذلال والإبادة، وتعيش في ظل تحرش دائم لكل قيمها وطموحاتها المشروعة- وأقلية جماهيرها مقتنعة بأنها مظلومة مسلوبة الحقوق، تقودهاوتسيطر عليها تنظيمات مخلصها متضخم الاحساس بالذات، مسرف في طموحه، يعتقد أن لحظة تصفية الحساب قد حانت، غير منشغل أبدا بحماية الطايفة كما يقولون بل بأهداف تتراوح ما بين إلغاء الطابع الاسلامي للدولة وبين حلم جنوني بإلغاء الاسلام كله، وهناك بالطبع جماعات إسلامية مخبولة تجمع بين الجهل وضيق الأفق وسوء الخلق تظن أن العدو هو الأقباط غالبيتها ليست أكثر من دمية تحركها قوى الشر العالمية والصهيونية.. وفي مواجهة ذلك نطرح أولا تصورنا للوضع وللقضايا المطروحة كما ورد في كتابنا عن الأقليات الصادر منذ عشر سنوات تقريبا ثم نطرح مشروعا لمواجهة الفتنة..ونبدأ بما عرضناه منذ سنوات فنقول:الإسلام هو دين الغالبية العظمي من الامة العربية، والمحرك الأصيل لقوي هذه الامة، وهو القادر وحده علي خلق تيار التحرر والتجدد، وبذلك يشهد التاريخ المنتصر، وتجارب الحلول الفاشلة خلال مايقرب من مائتي سنة، أو منذ الغزوة الأوروبية الأخيرة..
الاسلام أوالتشريع الاسلامي هو وحده التراث التشريعي والقانوني والفكري ..أوالحضاري الذي يمكن نسبته للمنطقه، فهو وحده الأصيل، غير المستورد ينبع من جذورنا فعلا، ويدخل في صميم تكويننا النفسي، وما من أمة تنهض إلا عن مقوماتها الذاتية. ومهما فتشنا، وبكل حسن النية والرغبة الصادقة فليس لنا من تراث فكري أو قانوني أو هيكل حضاري أو ممارسات في الحكم والتشريع إلاالتجربة الاسلامية، ومن ثم فإن التنكر لها -كما قلنا- يعني إلاصرارعلي العبودية الفكرية والروحية، للحضارات الأخري المعادية، والتي لا يمكن التفاعل معها علي قدم المساواة، بل لابد من الفناء فيها. فالإسلام هو الذاتية العربية أو المصرية.
الحركات المسيحية الوطنية ورجال الكنائس العربية، وفي مقدمتهم كنيستنا المصرية، نظروا دائما للإسلام هذه النظرة. فالمسيحية من ناحية، لم تطرح فكرا يتعلق بتنظيم الدولة أوالحكم، بل تجنبت ذلك بوضوح تام واصرار شديد منذ قولة المسيح الاكثر من مشهورة:”اعطوا مالقيصر لقيصر” أي أن الحكم هو من شأن رجال الدولة، وليس لرجال الدين المسيحيين فيه من حق، ولا للمسيحية فية برنامج محدد، ”لأن من ينهاهم عن محبة العالم، وما فيه لا يقرر لهم معاملاتة”ولأن المسيح رفض حتي أن يقسم للرجل ميراثه مع أخية. وقامت العلاقه بين الكنيسة والسلطة على هذا المبدأ الذي قرره الأنبا اثتاسيوس “ليس لرجال الدين أن يمارسوا حكما ارضيا،ولا للامبراطور ان يقوم بعمل كنسي”فهذا من ناحية المبدأ،اما من ناحية الممارسة ،فلم تقم ابدا سلطة مسيحية وطنية في العالم العربي ،لأن كنائسنا بدأت منشقة عن سلطة روما _بيزنطة ،محاربة من هذه السلطة، ولم تأمن علي دينها إلافي ظل السلطة الإسلامية بعد الفتح التعريبي ..ولذا فليس لها أي تراث سلطوي.ومن ثم _كما قلنا_ليس امامنا جميعا في الوطن العربي ،مسلمين ومسيحيين ،الا أحد حلين في اقامة الدولة العصرية المطلوبة :اما الاعتماد علي تراثنا ،استقراءه وتطويره..أو استيراد نمودج اجنبي وتحويل بلادنا وشعوبنا الي حقل تجارب ،وحيوانات مختبر بلا هوية ولا ذاتية.
- المسيحي العربي قبل ان يحكم بتشريعات لاتنتسب للمسيحية ، سواء لأن المسيحية لا تقدم تشريعات للحكم او لأن القوانين الغربية الحديثة لا تهتم بإعلان نسبتها إلى الدين ، بل بعض هذه القوانين استورد من دول تنكر الدين وتجهر باستبعاده . ومن ثم فلا معنى لرفض المسيحي العربي تشريعا صالحا لمجرد أن صدر عن الفكر الإسلامي .
- النزاعات الطائفية في أوساط الأقليات ، والتي ظهرت بشكل سافر في الأيام الأخيرة ( هذا الكتاب صادر في عام 1992 .. إلهامي ) ترجع بالدرجة الأولى إلى النشاطات الخارجية التي تستهدف ضرب الحركة الوطنية وتمزيق الوحدة الجماهيرية ، وهو دور مفهوم وقديم ويتم الآن لحساب الهيمنة الإسرائيلية ، وعملت على نجاحة الأجهزة العالمية في الدول المؤيدة لإسرائسل ن والمتخوفة من احتمال انبعاث الوطنية العربية ، ويمكن استقصاء الجذور الفكرية ، بل حتى البرنامج العملي لتحركات طائفية في مؤلفات ونشرات صدرت في الخارج على يد مؤلفين أجانب اتصالاتهم بأجهزة المخابرات تنبه لها عدد من العلمانيين ، من المسلمين والمسيحيين ، بل وبعض المتدينين من المسيحيين فثاروا لوطنيتهم ، وحذروا مواطنيهم مما يدبر لهم ( انظر كتابات الأب متى المسكين والأب غريغوري حداد ، والدراسة الموسوعية الممتازة لطارق البشري ( يقصد كتاب : الأقباط والمسلمون في إطار الجماعة الوطنية .. إلهامي ) ، وكتابات المؤرخ والمفكر القبطي البارز وليم سليمان ( قلادة ) الذي يكشف بالوثائق ، الأصابع الأجنبية ، والمعادية لاستقلالية الكنائس العربية الوطنية ودورها في أحداث ومحدثات الفتن .. وانظر أيضا النشاط البروفيسورة إيفون حداد ) .
إلا أن هذه الأصابع الأجنبية لا تتحرك في فراغ ، والفتنة تحتاج لمتعصب في كلا الجانبين ، والشارع افسلامي لا يخلو من تأثيرات شريرة ، ولكن أهم من ذلك كله – في اعتقادي – أن التيار الإسلامي قد وقف جامدا لم يحاول أن يطرح برنامجا قوميا يكسب إليه الجماهير والقيادات المسيحية الوطنية . وقد أدت العزلة الفكرية إلى عزلة تنظيمية ، وجفوة .. فاحتكاكات ..
وقد آن الأوان لطرح هذا البرنامج الإسلامي – القومي ، ولعل هذا الحديث وما قد يثيره من مناقشات يشكل مساهمة في خلق المناخ الفكري الملائم لظهور هذا البرنامج .
* لم تعد هناك قضية ذميين أو أهل ذمة ، فتلك قضية تاريخية مصاحبة للفتح ، وللدولة التي قامت على أساس الفتح الإسلامي ، ولا وجود لها اليوم . فكل الأوطان العربية يسكنها مواطنون شركاء في الوطن والتاريخ والحقوق والواجبات .
* لا مجال للحديث عن الجزية ، فهي قد شرعت من نص الآية ، على المحاربين الذين ينهزمون ويرفضون الدخول في الإسلام . ونحن لا نحارب مواطنينا المسيحيين ولا نعرض عليهم لا الإسلام ولا السيف .
*ولهم مالنا وعليهم ماعلينا هي الأساس الدستوري الإسلامي في كفالة المساواة الدائمة ، ولا يجوز لأحد أن ينقح الحكم الشرعي فيجعله “لهم بعض مالنا ، وعليهم بعض ماعلينا” ، أما عن الممارسات التاريخية ، فيجب النظر إليها من واقع الظروف التاريخية لدولة ظهرت في ظروف شديدة الخصوصية وامتدت من خلال الصراع المسلح مع دولة مسيحية ظلت تشكل الخطر الدائم عليها أو المواجه الرئيسي . كما يجب الأخذ في الاعتبار الظروف التي نشأت فيها الدولة الإسلامية ، وممارسات الشورى الأولى . فالمدينة لم يكن بها أقلية مسيحية يعتد بها أو تمثل جزءا أساسيا من مواطنيها . واليهود كان لهم وضعهم الخاص فهم إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، كانوا يرفضون الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها ، ويعتبرون هذا الاندماج مؤامرة على جنسهم ، حتى لو سمح لهم بالاحتفاظ بدينهم . فهم يعزلون أنفسهم ويشكلون كيانا منفصلا . والثابت أن رسول الله – صلي الله عليه وسلم – حاول الدخول معهم في تنظيمات إدارية تستند إلى الاعتراف ” بحقوق لهم ” ولكن نتيجة موقفهم ، وحرصهم على التميز ، اتخت هذه التنظيمات شكل العلاقات الدولية بين كيانين . حتى وصفت بالمعاهدة . وإن كانت قد أكدت أن العلاقة الطبيعية التي يبدأ بها الإسلام هي التعايش لا المحاربة . إلا أن هذه العلاقة لم تتطور إلى المواطنة ، أو المشاركة ، بل جاءت الحرب فصفت الوجود اليهودي نهائيا . فهم لم يعتبروا مواطنين أبدا ولا حتى أهل ذمة ، ولا هم اعتبروا أنفسهم مواطنين أو جزءا من الكيان العربي .. أما عمر – رضي الله عنه – فقد أجلي اليهود والمسيحيين من جزيرة العرب ، لضرورات الأمن خلال أكبر حرب خاضتها جزيرة العرب أو حتى عرفتها المنطقة ، حرب غيرت وجه المنطقة إلى الأبد . وفي الأربعينات من القرن العشرين اعتقلت الولايات المتحدة جميع مواطنيها من أصل ياباني وهي تحارب اليابان التي يفصلها عنها المحيط الهادي كله .. وهي تمتلك قنبلة ذرية .. وعمر – رضي الله عنه – كان يكره حتى السماح بوجود العبيد الفرس ، المأسورين في الحرب مع فارس ويستشعر الخطر منهم على أمن العاصمة لولا فتاوى ابن عباس والعباس ، وقد تحققت مخاوفه – رضي الله عنه – بأفدح ثمن .. مصرعه بأبي وأمي ..
في زمن كان الدين هو الولاء ، ولم تكن القوميات ولا مفهوم الوطنية قد ظهر ، أكان عمر يترك اليهود والنصارى في جزيرة العرب وكل شبابها القادر على حمل السلاح في قلب فارس وجبال الشام ؟ ولا أدل على أنه ليس موقفا طائفيا هو سلوك عمر وسلوك الفاتحين المسلمين مع المسيحيين واليهود في الشام ومصر .
المهم لم يكن في جزيرة العرب ، وبالأحرى في المدينة ، غير المسلمين حتى نستدل من عدم اشتراكهم في الشورى في ذلك الوقت على عدم جواز اشتراكهم فيها للأبد .. أو سقوط حقهم في تولي مناصب الدولة .. ثم لا يجوز أن نغفل التصور الخاص والمنطقي في ذلك العصر لفكرة السلطة ، وقد رفض المسلمون أن تكون الإمامة في الأنصار بحجة واحدة حاسمة هي أن “العرب لا تطيع إلا هذا الحي من قريش” . ورغم وضوح التفسير ، وأنه لا يعتمد على نص أو فقه يحرم الخلافة على غير قريش ، وأنه ضرورة سياسية تلجأ إليها الدولة ، أو النخبة الواعية القائدة ، إلا أن بعض الذين يرون في جميع الاجتهادات نصا دينيا ، ويعتقدون أن النص يجمد التاريخ وليس يفسره ويحركه للأمام ، هؤلاء مازالوا يتحدثون في القرن الخامس عشر عن إعادة الخلافة إلى قريش .. مع أننا قلنا لهم أنه لو صح حديث “الخلافة في قريش ما أقاموا الدين” ( الحديث صحيح وراه البخاري ومسلم وكثير من أصحاب السنن والمسانيد .. إلهامي ) فهو من أحاديث النبوءات وليس التشريع كقوله صلوات الله عليه : “لتتبعن حذو من سبقكم حتى إذا دخلوا حجر ضب … ” أو قوله : “ثم يصبح ملكا عضوضا” فيكون الذين أقاموا الملك العضوض – بهذا المفهوم – هم الذين أقاموا السنة .. وأطاعوا الرسول !!
وعمر رضي الله عنه عندما عين مجلس الشورى للخلافة ، لم يجد إلا ستة يستحقون هذا الأمر ، وكما بينا خطأ الاستدلال بهذه الأحداث على حرمان المسلمين من خارج قريش من حقوق أهل الحل والعقد ، كذلك لا يجوز الاستدلال بها أو غيرها في معاملة الأقليات اليوم . فهذه ظروف تاريخية اجتهد فيها أئمتنا ، فأحسنوا الاجتهاد ولا يجوز كما علمنا عمر رضي الله عنه أن نجعل اجتهاد البشر قيدا على حركة التاريخ .. وعلى إمكانات الدين الصالح لكل زمان ومكان . فمن طبيعة الزمان التغير وطبيعة المكان الاختلاف . ومن ثم فباب الاجتهاد مفتوح إلى يوم القيامة لمواجهة هذه المتغيرات .
لم يعرف التاريخ الإسلامي مجلسا تشريعيا بالمفهوم المعاصر ، حتى يمكن أن نستشهد به على تمثيل الأقليات ، ولا جرت انتخابات بالمعنى المفهوم . كانت البيعة تتم في نطاق معين ، فمهما قيل عن عدد الذين اشتركوا في اجتماع السقيفة .. فلا يمكن القول أن بيعة أبي بكر قامت بانتخاب المسلمين في جميع أنحاء الجزيرة العربية كما يفهم من انتخابات اليوم .. والذين كانوا خارج السقيفة مباشرة لم يعرفوا النبأ إلا بعد أن تمت البيعة . وإنما يجوز القول أن الحزب الحاكم أو أهل الحل والعقد رشحوا أبا بكر في السقيفة واتسفتي الأمة عليه في البيعة العامة بالمسجد وكان الحق مكفولا لأي مسلم في الاعتراض بالطبع .
وجيوش المسلمين في الشام وفارس لم تعرف “بانتخاب” عمر إلا عندما وصل النبأ بالبريد ، وكان قد تولى السلطة فعلا ، وجاء نبأ ولايته مع قراره بعزل قائد الجيش الذي لم يشترك في انتخابه .. وإن كانت وقائع العصر لا تشير إلى أنه – أي قائد الجيش – قد رأى أن من حقه معارضة ما اتفق عليه المسلمون في المدينة . وقد أشرنا إلى حصر عمر حق الترشيح والانتخاب في ستة .. فهل يجوز أن نستشهد بذلك على أن المسيحيين ليس لهم حق الانتخاب ؟
إذا كان عمر بن الخطاب لم يجد “عمرو بن العاص” فاتح مصر أهلا لا للترشيح ولا حتى للانتخاب ، ونفس الشئ عن معاوية حاكم الشام وأمير المؤمنين فيما بعد.. فهل كنا نتوقع أن يعين عمر في مجلس الشورى قبطيا مصريا أو مسيحيا شاميا ؟ .. وهل نجوز أن نستدل بأنه لم يفعل على عدم جواز تولي المسيحيين اليوم عضوية تشكيلات الحل والعقد ؟!
( تعليق : العبارة هنا ليست بمعناها الحرفي فلا يتصور أن عمر لم يرى أن عمرو أو معاوية أهلا حتى للانتخاب .. ولكن ما حدث في السياق التاريخي هو أن معاوية وكذلك عمرو لم يترشحا ولم تسمح ظروف حكمهما للشام ومصر لكي يكونوا فيمن ينتخبون الخليفة الذي شارك في انتخابه كل من بالمدينة .. وإنما اراد الأستاذ كشك أن يقول : إن عدم وجود عمرو أو معاوية في الستة المرشحين وعدم تمكنهما من الانتخاب لا يمكن أن يففهم منه أنهما لا حق لهما في الترشح أو الانتخاب ، وإنما هذا هو الظرف التاريخي الذي لا يجب أن يقيد الاجتهاد الآن بعد 15 قرنا … إلهامي )
حسب هذا السلف الصالح ، أنهم أقروا مبدأ البيعة ، أي جعل الشرعية لا تكتمل إلا بموافقة الأمة . فالحكم لا يغتصب ولا يورث بالدم الأزرق . ولا ينتزعه قائد منتصر . وإنما القيادة السياسية ترشح وتختار ثم تعرض الأمر على الأمة ، أو على الجماهير معترفة بحقها في الرفض أو حتى الخلع ، وكله حدث .. فقد قتلت الجماهير أحد الخلفاء ( يقصد استشهاد عثمان ) ورفضت الجماهير وبعض أهل الحل والعقد خليفة آخر ( يقصد عليا ) .. ورفض الحسين خلافة يزيد .. إلخ ورأى الرافضون أن من حقهم بل وواجبهم الإسلامي مقاتلة الخليفة أو الأمير المرفوض حتى يخلعوه .
( تعليق ، وليعذرني القارئ لكثرة تدخلي وإنما أخشى أن يفهم كلام الأستاذ كشك على غير مقصده خصوصا وأن الرجل ليس مشتهرا بين الناس : لم يقصد كذلك في الفقرة السابقة أنه يرضى عن ثورة الجماهير على عثمان أو محاربة طائفة من المسلمين لعلي .. بل المقصود هو بيان أن هؤلاء الثوار رأوا أن من حق الأمة محاسبة الخليفة والثورة عليه وخلعه وهذا انطلاقا من المفاهيم الإسلامية التي تؤكد حق الأمة في المحاسبة والمراجعة وحتى الثورة وخلع الخليفة .. وهذه هي القفزة التاريخية الكبرى في مجال الحكم والسياسة والتي حققها الإسلام ، إذ ظل العالم محكوما بمن يرى أنه ممثل الله في الأرض حتى مائتي سنة فقط .. إلهامي ) .
كل شروط الديمقراطية ، كل مبادئ الشورى بمعنى الرأي الجماعي ، لا الاستئناس برأي البعض ! كل صيغ الرقابة من الأمة على السلطة ن كل الأدلة التي تؤكد أن الأمة هي مصدر السلطات ، طرحت وتأكدت بممارسة هؤلاء الئمة ، في الصيغ المناسبة لظروفهم وبيئتهم ، وبقي علينا أن نبني على هذه الأسس الصيغ الديمقراطية التي تناسب عصرنا ، فليس من الضروري أبدا أن يكون رئيس الدولة هو الإمام وأن ينتخب مدى الحياة .
نحن نرى أن منصب رئيس الدولة ليس محدد الصيغة في الإسلام ، فقد بويع للخلفاء ومدى الحياة ، ثم جاء الملك الوراثي ، مع استمرار البيعة وهو أيضا مدى الحياة بالطبع ، وإن كنا شخصيا نؤمن بالنظام الملكي ، ونعتقد أنه هو الأفضل للبلاد العربية والإسلامية عموما وأنه يحل مشكلة رئاسة الدولة ، وقضية الحق ” النظري” للأقليات في التطلع إليها . لأنه في الدول الملكية تتقبل الشعوب حصر رئاسة الدولة في عائلة هي عادة من دين ومذهب أو حتى جنس ولون الأغلبية ، وهذا يفسر تشبث الإنجليز بالملكية ، لأنها تبعد عن رئاسة الدولة ، الكاثوليكي واليهودي .. وانظر للمشاكل التي بدأت تظهر في أمريكا أو الوحدة الوطنية في بعض البلاد العربية ، وما يمكن أن يحدث لو أصبحت جمهورية .. إلخ . إلا أننا نقول إنه في النظام الجمهوري ، ورغم تأكدنا بأن الأغلبية ستختار رئيس الجمهورية من بينها ، فإننا لا نرى مانعا “نظريا” من قبول حق أي مواطن في ترشيح نفسه فضلا عن أن يصوت في انتخابات الرئاسة .. مادام الرئيس يقسم على احترام “الدستور الإسلامي ” ويتعهد بحمايته وتنفيذه ..
أما ما يثار من دفوع شكلية ، مثل أن الرئيس في الدولة الإسلامية هو قائد الجيش ، أو الإمام الذي يؤدي الصلاة الجامعة ، فتلك قضايا تاريخية ونظرية ، لم تقع إلا في عصر الرسول ، عندما كان الإسلام في المدينة ن والمسلمون يمكن جمعهم في مسجد واحد .. ولكن لا سيدنا أبو بكر ولا سيدنا عمر ولا سيدنا عثمان قادوا الجيوش التي فتحت نصف العالم . والجيش الذي أدخل مصر في الإسلام لم يسعده الحظ بأمير المؤمنين إماما للصلاة طوال جهاده ومرابطته ، ولا أظن أنه يدور ببال أحد أن رئيس الدولة الإسلامية سيصلي بكل رعيته .
لقد أصبح لكل مسجد إمامه ، والخليفة العثماني استمر يحكم ويصلي به الإمام لعدة قرون . وقد انقسم الأمر إلى فقهاء وأمراء منذ أيام عمر بن الخطاب ، الذي كان يقول : قضية ولا أبا الحسن لها .. وهلك عمر لولا عليّ ، في قضايا الفقه ، ولكنه لم يجد عليا أحق بالحكم منه لأنه أفقه . وما من دليل يثبت أن أمير المؤمنين يجب أن يكون أفقه أهل عصره ، ولا حتى أكثرهم تدينا .. يمكن أن يوجد فقيه أو شيخا للأزهر يصلي بأهل العاصمة ، إذا تصورنا مسجدا يضم هذه الملايين .
أما أهل الحل والعقد فهم في الدولة الحديثة فصلا ، القيادات السياسية والمؤسسات الدستورية ن لأننا لا نرى أي مبرر لمنع غير المسلمين من عضويتها وانتخاب أعضائها ، فقد قرر ابن خلدون أن ” أهل الحل والعقد ” هم الذين يطيعهم السواد الأعظم من الناس ، ويقبلون قرارتهم . أو يحملهم ” أهل الحل والعقد ” بما لهم من قوة ونفوذ على الطاعة ، أي القوة التي تضمن وحدة الأمة ، وتمنع انقسامها ، أو ” الفتنة ” بالمصطلح الإسلامي . وقد رأينا أنه لما فقد أهل الحل والعقد في المدينة ، السيطرة على العامة ، انتقلت الشرعية أو السلطة للبيت الذي تعود حكم العرب والسيادة قبل ظهور الإسلام . وانتقل مركز القيادة النهائية من الحجاز ، ولم يعد إليه أبدا ، ولما تبددت قوة العرب سقط الالتزام بأن تكون الخلافة في قريش ، وأفتى الفقهاء بأنها “لمن غلب” ، وظهر أئمة من كل جنس ولون .. وبالتالي فأهل الحل والعقد هم الذين يحققون المصلحة العامة : وحدة الأمة وسلامة الوطن .. أي هم القيادة السياسية لهذه الأمة ، الذي تكفل لها حرية وأمن ممارسة عقيدتها ، وليس من الضروري أن تكون قيادتها الدينية ، فابن عباس وابن عمر كانا يفتيان في المدينة ، ” وابن هند ” ( يقصد : معاوية بن أبي سفيان .. إلهامي ) يحكم في دمشق ، ويوفر لهم الأمن من الخطر الفارسي والرومي .. والفتنة الداخلية .
وكما قلنا من قبل ، لا يمكن قبول حزب سياسي في الساحة يسعى للسلطة ، حتى ولو كان تحت شعار “بناء الدولة الإسلامية ” إلا إذا ضم بين صفوفه نسبة من المواطنين غير المسلمين المؤمنين ببرنامجه السياسي ، وإن رفضوه من الناحية الدينية بمعنى أنهم يوافقون على أن هذا البرنامج هو الصيغة الوطنية والحضارية الملبية لتطلعات الشعب ، والحل الأمثل لمشاكله الداخلية والخارجية ، ولكنه ليس من عند الله .
فإن شاء “لجوج” مزعج أن يطرح فرضية انتخاب الأغلبية المسلمة لحزب أغلبيته من المسيحيين ، ورئيسه مسيحي لإقامة دولة الإسلام ! فردنا : أنهم أحرار فيما اختاروا لأنفسهم ليس لنا عليهم من سلطان ، وليس لهم أن يحتجوا إذا ما أصبح ” أمير المؤمنين ” من أهل الذمة ( سابقا ) فكيفما تكونوا يولى عليكم ! نحن لا نعتقد أنه من الناحية العملية سينتخب غير مسلم لمنصب رئيس الدولة ، أو حتى رئيس الوزراء حيث تصل نسبة المسلمين إلى 90% ( في الوطن العربي ) ومن ثم فالجدل حول هذا الموضوع ينبع من الرغبة في الشقاق وليس في الاتفاق .
ونحن نعتبر النظام الإسلامي ، هو الذي يأخذ بالديمقراطية وبأوسع وأصدق الأشكال في تمثيل إرادة الشعب ، ولا نقبل التحايل حول هذا المبدأ تحت شعارات من طراز ” نسيج وحده ” و ” لا شرقية ولا غربية ” أو الطعن بفساد النظم الديمقراطية الغربية .. إلخ . ونحن نعرف أن هذه النظم ناقصة ، وهي لابد أن تكون ، ونعرف أن الإسلام نسيج وحده ، لأنه يستطيع تغطية احتياجات كل عصر ، وفي عصرنا الحاضر فإن الثوب الشرعي الذي نريده من النسيج الخاص هو الديمقراطية ، ولا بد أن نطرح ذلك بوضوح وبالتحديد .
—————
من كتاب : ألا في الفتنة سقطوا / ط1 يناير 1992 ، رجب 1412 / مطتبة التراث الإسلامي / القاهرة / ص : 402 إلى 41
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأقباط, الدولة, الإسلامية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأنبا مكسيموس في لقاء خاص يكشف عن عدد الأقباط المتحولين للإسلام بمصر نور الإسلام نصرانيات 0 03-06-2014 06:08 PM
الكنيسة الكاثوليكية: نرفض معونة الأمريكان لحماية الأقباط بمصر نور الإسلام نصرانيات 0 03-05-2014 08:20 PM
مدى خضوعِ غيرِ المسلِمِين للقضاءِ الإسلامي في الدولة الإسلامية نور الإسلام كتب ومراجع إسلامية 0 19-05-2013 06:55 AM
مدى خضوعِ غيرِ المسلِمِين للقضاءِ الإسلامي في الدولة الإسلامية نور الإسلام كتب ومراجع إسلامية 0 19-05-2013 06:55 AM
المتطرف موريس صادق: الفيلم لم يهن الإسلام وهدفه كشف اضطهاد الأقباط نور الإسلام نصرانيات 0 13-09-2012 11:39 AM


الساعة الآن 08:56 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22