صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > مكتبة طريق الخلاص > المكتبة العامة

المكتبة العامة كتب ومراجع وبحوث ود اسات في مختلف العلوم والمعارف

أثر الملل والنحل القديمة في بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام

الكتاب: أثر الملل والنحل القديمة في بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام المؤلف: الدكتور عبد القادر بن محمد عطا صوفي الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة: السنة السادسة والثلاثون, العدد الخامس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-12-2020 ~ 06:50 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي أثر الملل والنحل القديمة في بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


المكتبة, المكتبة الشاملة, الكتاب



الكتاب: أثر الملل والنحل القديمة في بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام

المؤلف: الدكتور عبد القادر بن محمد عطا صوفي
الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
الطبعة: السنة السادسة والثلاثون, العدد الخامس والعشرون بعد المائه 1424هـ/2004م
عدد الأجزاء: 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]
المقدمة
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
فمن خلال قراءتي في بعض كتب الفرق المنتسبة إلى الإسلام، واطلاعي على كثيرٍ من معتقداتهم الباطلة التي حملوها، ومُقارنتي لها بتلك التي اعتنقَتْها الملل والنحل القديمة، تبيَّن لي أنّ هذه المعتقدات وُجِدت نتيجة تسرُّب بعضِ الأفكار الدخيلة من تلك الديانات السابقة، إلى طوائفَ من المسلمين؛ حملوها جهلاً، أو بغرض الطعن في الدين، وتبنَّوها، ودعوا النَّاس إلى اعتناقها.
ومناقشة هذه النتيجة التي توصَّلتُ إليها تُمكن في عدّة وقفات، من خلال المقارنات التالية:
(1/47)
________________________________________
الوقفة الأولى: من خلال مقارنة معتقداتهم في الله تعالى:
الله جلّ وعلا واحدٌ أحدٌ، موصوفٌ بصفات الكمال، منزَّهٌ عن صفات النقص، تَأْلَهُهُ قلوبُ عباده محبَّةً، وخوفاً، ورجاءً.
وهو سبحانه فوق السماوات السبع، مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه.
وهو المعبود بحقّ وحده، لا إله غيره، ولا شريك له في ملكه؛ كما أخبر عن نفسه: {فَإِيَّايَ فاعْبُدُون} [العنكبوت: 56] ، {وَإِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ لا إِلهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيم ُ} [البقرة: 163] ، {لم يَلِدْ ولم يُوْلدْ. ولم يكن لهُ كُفُوَاً أَحَد} [خاتمة سورة الإخلاص] .
وهذا هو معتقد أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام، وأتباعهم، ومن تبعهم بإحسان.
وقد طرأ انحرافٌ خطيرٌ على معتقدات اليهود والنَّصارى في الله عزوجل، ووُجِد مع دياناتٍ وضعيَّةٍ أُخرى -منذ نشأتها- انحرافٌ مشابهٌ، تأباه الفطرُ السليمةُ، والعقولُ المستقيمةُ. ومن ذلك:
1- القولُ بالحلول:
فكرة (الحلول) من الأفكار القديمة، وهي تعني: حلول اللهِ في الأشخاص.
والنصارى ـ بعدما حرَّف لهم بُولسُ1 ديانَتَهم ـ قالوا بالحلول، وزعموا أنَّ المسيحَ عليه السلام صورةُ الله؛ أي أنَّ فيه طبيعةً لاهوتيَّةً، فهو الله متجسِّداً. واستندوا
__________
1 بُولُس يهوديٌّ دخل في النصرانيَّة بقصد إفسادها من الداخل، وقد كان قبل دخوله فيها يضطهد النَّصارى، ويقتل الكثير منهم. ثمَّ زعم أنَّه دخل في النصرانيَّة امتثالاً لأمر المسيح عليه السلام الذي أمره بالتبشير بها. (انظر: العهد الجديد: أعمال الرسل 7: 60،، 8: 3، 9: 1-2، 3-20،، 23: 6) .
(1/48)
________________________________________
في ذلك إلى نصوص وردت في إنجيلهم المحرَّف –العهد الجديد-، منها:
أ- (ولكن إن كان إنجيلُنا مكتوماً فإنّما هو مكتومٌ في الهالكين. الذين فيهم إلهُ هذا الدهرِ قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تُضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورةُ الله) 1.
ب- (فليكن فيكم هذا الفكرُ الذي في المسيح يسوع أيضاً. الذي إذ كان في صورة الله) 2.
ج- (شاكرين الآب الذي أهَّلَنا لشركة ميراث القدّيسين في النور. الذي أنقذنا من سُلطان الظلمة ونَقَلَنا إلى ملكوت ابنِ محبّته. الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا. الذي هو صورة الله غير المنظور، بِكرُ كل خليقة) 3.
وهذه النصوص تُصرِّح بعقيدة الحلول التي عليها نصارى اليوم؛ فهم يقولون: “إنَّ اللاهوت حلَّ في النَّاسوت، وتدرَّع به كحلول الماء في الإناء”؛ فالله ـ تعالى ـ حلَّ بالمسيح عليه السلام، والمسيحُ صورةُ الله ـ على حدّ زعمهم ـ. وقد حكى الله عنهم قولهم: {إنَّ اللهَ هو المسيحُ ابنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17، 72] ، وكفَّرهم لأجله.
والنصرانيَّة أخذت ـ بعد انحرافها ـ معتقد الحلول هذا عن الهندوس؛ لأنَّ هذه العقيدة كانت سائدة في الهند منذ عهدٍ بعيدٍ. ويُعتبر أرقى النَّاس في الهند، وأعمقهم فكراً ـ عند الهندوس ـ: مَنْ عَرَف حقيقةَ (AIRMEWADWITEA) يعني: هو فقط لا ثاني له. وهذه هي غاية الفكر الهندي، كما يوضح (الفيدا
__________
1 العهد الجديد: رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس 4: 3-4.
2 العهد الجديد: رسالة بولس إلى أهل فيليبي 2: 5-6.
3 العهد الجديد: رسالة بولس إلى أهل كولوسي 1: 12-15.
(1/49)
________________________________________
نت) 1: أنَّ الخطوة الأولى: أن تعرف الخالق بمعرفة مخلوقاته. والخطوة الثانية: أن تميّز بين الخالق وطبيعة الكون. والخطوة الثالثة: أن ترى الوحدة بين الخالق وطبيعة الذرّة التي خُلق منها هذا الكون. والخطوة الرابعة، وهي الغاية العظمى عند الهنادك: أن ترى أنَّ ذرة التخليق تتلاشى في ذات الخالق؛ لأنَّها هي هيولى الكائنات، ومصيرها الاتحاد بعلة العلل. ولهذا لا يستنكر (الفيدانت) على من يدعو مع الله إلهاً آخر2.
ومن المؤكَّد ـ أيضاً ـ أنَّ النصرانيَّة المحرَّفة قد تأثَّرت في هذا المعتقد بالمصريِّين القدماء؛ فعلماء الدين من المصريِّين الأقدمين كانوا يعتقدون حلول الآلهة في الأجسام، “بل إنَّهم ما كانوا يتصوَّرون عالماً روحانيًّا ومجرّداً من الجثمانيَّة؛ فالروح لا بُدّ لها من جثمان تحلّ فيه، حتى إنَّها عند الموت لا تُفارق الجسم إلا على عودةٍ سريعةٍ إليه. وإذا كان ذلك شأن الأرواح، فهو أيضاً شأن الآلهة، لا بُدّ من مأوى تأوي إليه في الحياة، وجسمٍ تحلّ فيه. وقد أعملوا
__________
1 الفيدا: معناه العلم. وقديماً كان يُطلق لفظ (فيدا) على جميع الكتب الهندوسيَّة، ثمَّ خُصَّ بأربعة كتب، هي: (ريج فيدا) ، و (ياجور فيدا) ، و (سآم فيدا) ، و (آتُورَ فيدا) . ويُعتبر (الفيدا) ـ حاليًّا ـ من أهمّ الكتب المقدَّسة لدى الهندوس، وقد نال شهرة كبيرة من الجماهير. وهو ليس اسم كتاب مؤلّف على الأبواب والفصول، وإنَّما هو مجموعة من الأجزاء المنتشرة من تعليمات الزهَّاد والنّسَّاك في القرون المظلمة قبل الميلاد. والفيدانت معناه: زبدة الفيدا. ويعتبر (الفيدانت) من الكتب الفلسفيَّة والأخلاقيَّة لدى الهندوس، وهو أصغر حجماً، وأكبر تأثيراً على الفكر الهندي الفلسفي والصوفي من أي كتاب آخر من الكتب الهندوسيَّة. [انظر فصول في أديان الهند: (الهندوسيَّة، والبوذيَّة، والجينيَّة، والسيخيَّة) ، وعلاقة التصوّف بها لمحمد ضياء الرحمن الأعظمي ص 20-21، 45] .
2 انظر فصول في أديان الهند للأعظمي ص 174.
(1/50)
________________________________________
فكرهم في الأحياء التي عساها تكون موضعَ حلول الآلهة، فزعموها في الأحياء التي تتصل بالخصب والإنتاج، والبَذر والإثمار، وأحلُّوها في غيرها لميزةٍ لاحظوها، أو توهّموها؛ فأحلُّوا آلهتهم أحياناً في ثورٍ، وأحياناً في قطّ، وأحياناً في غيرهما. وصاروا يعبدون هذه الحيوانات على أنَّها أوعية قد حلَّت فيها الآلهة..”1.
وفكرة الحلول قد ظهرت في الإسلام، وقُصِدَ بها حلول الله في شخصٍ، أو أشخاص، وكان الغرض منها ضربُ الإسلام في أهمِّ ركنٍ من أركانه، ألا وهو التوحيد.
يقول الحسن بن موسى النوبختي (ت 310?) عن الحلوليَّة: “ وكلّهم متفقون على نفي الربوبيَّة عن الجليل الخالق، وإثباتها في بدن مخلوق، على أنَّ البدن مسكنٌ لله، وأنَّ الله تعالى نورٌ وروح ينتقل في هذه الأبدان “2
وأوَّل من أظهر فكرة الحلول في الإسلام: غلاةُ الروافض الذين قَصَدوا إضفاء صفة الألوهيَّة على عليٍّ رضي الله عنه، والأئمَّة من بعده3.
يقول الإمام عبد القاهر البغدادي (ت 429هـ) : “ الحلوليَّةُ في الجملة عشرُ فرقٍ، كلّها كانت في دولة الإسلام، وغرض جميعها القصدُ إلى إفساد القول بتوحيد الصانع. وتفصيلُ فرقها في الأكثر يرجع إلى غلاة الروافض “4.
وليس القول بالحلول قاصراً على غلاة الروافض فحسب، بل إنّ كثيراً من الصوفيَّة قالوا به أيضاً.
__________
1 مقارنات الأديان ـ الديانات القديمة ـ لمحمد أبو زهرة ص 14.
2 فرق الشيعة للنوبختي ص 44.
3 انظر مع الشيعة الإماميَّة لمحمد جواد مغنية ص 39-40.
4 الفرق بين الفرق للبغدادي ص 254.
(1/51)
________________________________________
يقول الإمام أبو الحسن الأشعري (ت 330?) : “ وفي النسَّاك من الصوفيَّة من يقول بالحلول، وأنَّ البارئ ـ سبحانه وتعالى ـ يحلّ في إنسان، وسَبُعٍ، وغير ذلك من الأشخاص “1.
وأكثر العلماء على أنَّ الصوفيَّ المشهور أبا مغيث؛ الحسين بن منصور، المعروف بالحلاَّج (ت 301?) ، كان يقول بالحلول. وممَّا نقلوا عنه قوله:
“أنا من أهوى ومن أهوى أنا ... ليس في المرآة شيء غيرَنا
قد سها المنشد إذ أنشده ... نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصرتَه أبصرتَني ... وإذا أبصرتَني أبصرتَنا
أثبت الشركة شركًا واضحًا ... كلّ من فرَّق فرقًا بيننا
لا أُناديه، ولا أذكره ... إنَّ ذكري وندائي يا أنا”2
ونُقل ـ أيضًا ـ عنه قولُه:
“أنا أنتَ بلا شكِّ ... فسُبحانَك سُبحاني
فتوحيدك توحيدي ... وعصيانُك عِصياني”3
وقوله:
“فأنا الحقُّ، حُقَّ للحقِّ حقُّ ... لابسٌ ذاتُه، فما ثَمَّ فَرْقُ
قد تجلَّت طوالعٌ زَاهِراتٌ ... يَتَشَعْشَعْنَ والطوالعُ بَرْقُ”4
__________
1 مقالات الإسلاميِّين لأبي الحسن الأشعري 1/81.
2 ديوان الحلاَّج –جمع وترتيب الشيبي- ص 78. وانظر الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة للقاسم ص 111.
3 ديوان الحلاج ص 81-82.
4 المرجع نفسه ص 67.
(1/52)
________________________________________
وكذا قوله:
“سُبحان من أظهر ناسوتَه ... سرَّ سنَا لاهوتِه الثاقبِ
حتى بدا في خلقِه ظاهرًا ... في صورةِ الآكل والشاربِ”1
وقد علَّق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت 728هـ) على هذين البيتين ـ الأخيرين ـ، بقوله: “ فهذه قد تعيَّن بها الحلول الخاصّ، كما تقوله النصارى في المسيح “2.
فالحلاَّج ـ كحال من وافقه من غلاة الصوفيَّة ـ تأثَّر بالحلول الذي نادت به النصرانيَّة المحرَّفة، فأخذه عنها، واعتنقه، وصرَّح به، ودعا إليه.
وقد تفطَّن إلى هذه الحقيقة الدكتور نيكلسون [Nicklson] ، فقال معلِّقاً على أبيات الحلاَّج “أنا من أهوى ومن أهوى أنا”، مؤكِّداً تأثُّره بالنصرانيَّة: “وهذا المذهب في التألُّه الشخصي، على الشكل الخاصّ الذي طَبَعَهُ به الحلاَّج، بينه وبين المذهب المسيحي الأساسيّ نسبٌ واضحٌ، ولذا كان هذا المذهب عند المسلمين كفراً من شرِّ أنواع الكفر. وقد قيَّض الله له أن يعيشَ دون تغيير فيه بين أتباعه الأقربين والحلوليّين، وهم الذين يقولون بالتجسيد.. “3.
فالتشابه واضحٌ بين المذهبين، كما نبَّه على ذلك (د. نيكلسون) .
وممَّن قال بالحلول من الصوفيَّة ـ أيضاً ـ: أبو يزيد البسطامي ومن العبارات التي نُسِبَت إليه، قوله: “رفعني الله مرةً فأقامني بين يديه، وقال لي: يا أبا يزيد! إنَّ خلقي يُحبُّونَ أن يروكَ. فقلتُ: زيِّنِّي بوحدانيّتِك، وألبِسْني أنانيَّتك، وارفعني
__________
1 المرجع نفسه ص 31.
2 مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية 1/94.
3 الصوفية في الإسلام لنيكلسون ص 141.
(1/53)
________________________________________
إلى أحديّتك، حتى إذا رآني خلقُك قالوا: رأيناكَ، فتكون أنت ذاكَ، ولا أكون أنا هنا”1.
وقول البسطامي ـ هذا ـ، وإن كان مشابهًا لقول سلفه ـ الحلاَّج ـ، إلاَّ أنَّه أوغل منه في الحلول، بل يُشمّ منه رائحة الاتحاد الذي انتهى إليه ابن عربي، وأشباهه. وهذا ما جَزَمَ به الدكتور عبد القادر محمود [د. ت] ، إذ قال ـ بعد أن نقل عبارة البسطامي المتقدّمة، وعبارات أخرى ـ: “ونصل من هذا، إلى أنَّ هذا النوع من التوحيد عبر الاتحاد الذي لا إشارة فيه، ولا مُشار، ولا مُشير. هذا النوع من التوحيد يتلقَّاه الصوفيُّ حال السَّكَر؛ وهو فناء الذات الخاصَّة في ذات الألوهيَّة، وأنَّه ما ثَمَّ إلا الله، فوجود العبدِ وجود الربِّ، والعكس. ومن هنا يُنسب للعبد ما نُسب للربّ”2.
ولم يُنكر الصوفيَّة هذا المعتقد الإلحادي، بل رفعوا من شأن معتنقيه، وزعموا أنَّه منزلة من منازل العارفين، يصل إليها الخواصّ، فتفنى ذاتهم وصفاتهم البشريَّة، وتتحوَّل إلى صفات إلهيَّة؛ أي يحلّ الله فيهم، فيُصبحون آلهة ـ تعالى الله عن قولهم.
ولنستمع إلى أحد أئمَّتهم3، معبِّرًا عن هذا المعتقد بقوله: “إنَّ العارف من فَنِيَتْ ذاته وصفاته في ذاته تعالى وصفاته، فلم يبقَ له اسمٌ ولا رسمٌ”4.
وبهذه النقول اليسيرة ـ التي أوردتُها على سبيل المثال، لا الحصر ـ يتضّح أنّ عقيدة الحلول ليست من الإسلام في شيء، بل هي عقيدةٌ إلحاديَّةٌ، دخيلةٌ عليه، جاء الإسلام لمحاربتها وأشباهها من المعتقدات، وقد تسرَبت إليه من
__________
1 نقلها عنه أبو السراج الطوسي في كتابه (اللمع) ص 461.
2 الفلسفة الصوفيَّة في الإسلام لعبد القادر محمود ص 319.
3 هو عبيد الله بن أحرار النقشبندي.
4 نقله عبد الوهَّاب الشعراني في كتابه (الأنوار القدسيَّة في بيان آداب العبوديَّة) ص 163.
(1/54)
________________________________________
النصرانيَّة المحرَّفة، أو الديانات الهنديَّة أو المصريَّة القديمة، وحملها مَنْ وافقهم من غلاة الصوفيَّة، وغيرهم.
2- القول بالتثليث:
وهو صورةٌ أخرى من صور الانحراف عن العقيدة الصحيحة.
وقد وُجد لدى بعض الأمم القديمة ـ سيّما الهنديَّة ـ تعاليم دينيَّة تقول باللاهوت الثلاثي.
فقد ظهر التثليث ـ أولاً ـ في الديانة البرهميَّة ـ إحدى الديانات الوضعية في بلاد الهند ـ، والتي كان أتباعها يعبدون القوى المؤثِّرة في الكون وتقلّباته ـ في زعمهم ـ، “ثمَّ لم يلبثوا أن جسَّدوا تلك القوى؛ بأن اعتقدوا حلولها في بعض الأجسام؛ فعبدوا الأصنام لحلولها فيها، وتعدَّدت آلهتهم حتى وصلت إلى ثلاثةٍ وثلاثين إلهاً. ثمّ عرا عقائدهم التغيير والتبديل، حتى انحصر الآلهة في ثلاثة أقانيم، وذلك أنَّهم توهَّموا أنَّ للعالم ثلاثة آلهة، وهي:
1- براهما، وهو الإله الخالق، مانح الحياة، القوي الذي صدرت عنه جميع الأشياء، والذي يرجو لطفه وكرمه جميع الأحياء، وينسبون إليه الشمس التي يكون بها الدفء وانتعاش الأجسام، وتُجري الحياةَ في الحيوان والنبات بزعمهم.
2- سيفا، أو سيوا، وهو الإله المخرِّب المُفني، الذي تصفرُّ به الأوراق الخضراء، ويأتي الهرم بعد الشباب، وتفنى مياه الأنهار في لجج البحار. وينسبون إليه النَّار؛ لأنَّها عنصرٌ مدمِّرٌ مُخرِّبٌ، إن تأجَّجَ لا يُبقي ولا يَذر.
3- ويشنو، أو بشن ... ويعتقدون أن ويشنو هذا حلّ في المخلوقات ليقيَ العالم من الفناء التامّ ... وهذه الآلهة الثلاثة أقانيم لإلهٍ واحدٍ
(1/55)
________________________________________
في زعمهم..”1.
فأتباع الديانة الهندوسيَّة (البرهميَّة) يعتقدون أنّ الله ـ تعالى وتقدَّس ـ له ثلاثة أقانيم؛ براهما (موجد العالم) ، وويشنو (افظ العالم) ، وسيفا (مهلك العالم) 2.
ومن يقرأ في كتب الهندوس، يُلاحظ ـ أيضاً ـ أنّهم يعتقدون بوجود آلهة كثيرة أُخرى أقلّ قدراً من الإله المتقدِّم ذي الأقانيم الثلاثة؛ فالسماء ـ عندهم ـ لها إلهٌ، والأرض لها إلهٌ، والمطر كذلك، والرعد، والنَّار، والصبح… إلخ3.
يقول الشيخ محمَّد أبو زهرة [1974م] : “ودون هذه الآلهة الثلاثة آلهة أخرى، دون هذه الآلهة سلطاناً، وقوَّةً، وعبادة. وهم من هؤلاء في الدرجة الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة4.. “5.
لكنّ هذه الآلهة جميعاً، بل وجميع الكائنات صدرت عن الإله الواحد، وسرت منه روحٌ في الجماد، والنبات، والحيوان؛ فالموجود بحقّ ـ بزعمهم ـ هو الإله وحده، وليست الكائنات جميعها إلاّ مظاهر منه6.
وهذا المذكور أخيراًً من معتقدات البراهمة (الهندوس) ، يُعبَّر عنه بنظرية (وحدة الوجود) التي انتقلت منهم إلى غلاة المتصوِّفة، فحملوها، واعتنقوها،
__________
1 مقارنات الأديان ـ الديانات القديمة ـ لمحمد أبو زهرة ص 24.
2 انظر أديان الهند الكبرى لأحمد شلبي ص 214.
3 انظر آلهة في الأسواق لرؤوف شلبي ص 99-100.
4 وهم رموز وإشارات للإله الكبير؛ فعبادتها هي ـ في الحقيقة- عبادة له.
5 مقارنات الأديان ـ الديانات القديمة- لمحمد أبو زهرة ص 24.
6 انظر الإنسان في ظلّ الأديان ـ المعتقدات والأديان القديمة ـ لعمارة نجيب ص179، 188، 191-192.
(1/56)
________________________________________
ودعوا النَّاس إليها.
وليست الهندوسيَّة هي الديانة ـ الهنديَّة ـ الوحيدة التي قالت بالتثليث، بل شاركتها البوذيَّة أيضاً1.
وكذا كانت العقيدة المصريَّة القديمة ـ أولاً ـ قائمة على تقديس ثالوثٍ مكوَّنٍ من (أوزيريس) ـ إله الإنبات والخصوبة، أو إله النيل ـ، وزوجته (إيزيس) ـ إلهة الحكمة والتشريع والسحر ـ، وابنه (هوروس) ـ إله الإنتاج والعمارة ـ، والجميع يرجع إلى إلهٍ واحدٍ2.
ومن المؤكَّد أنّ النصرانيَّة المحرَّفة استمدت فكرة الأقانيم الثلاثة من الهندوسيَّة، أو من العقيدة المصريَّة القديمة، فخرجت على النَّاس بمعتقد التثليث: الأب، والابن، وروح القدس.
يقول بطرس البستاني [1882م] : (كلمة الثالوث تُطلق عند النَّصارى على وجود ثلاثة أقانيم معاً في اللاهوت، تُعرف بالآب، والابن، والروح القُدُس) 3. وهذه الأقانيم كلمة سريانيَّة الأصل، مفردها "أقنوم"، وهو الشخص الكائن المستقلّ بذاته.
وهذا هو التثليث، الذي أخذته النصرانية ـ بعد انحرافها ـ عن الوثنيِّين.
ولندع الكلام لشاهدٍ من أهلها؛ وهو (ول ديورانت) [Will Diorant] ، يتحدَّث عن هذا التأثُّر، فيقول: “لمَّا فتحت المسيحيَّة روما، انتقل إلى الدين الجديد دماء الدين الوثني القديم: لقب الحبر الأعظم، وعبادة الأم العظمى،
__________
1 انظر العقائد الوثنيَّة في الديانة النصرانيَّة لمحمد طاهر التنّير ص 16-17.
2 انظر مقارنات الأديان –الديانات القديمة- لمحمد أبو زهرة ص 11-12.
3 دائرة المعارف لبطرس البستاني 6/305.
(1/57)
________________________________________
وعدد لا يُحصى من الأرباب التي تبثّ الراحة والطمأنينة في النفوس، وتمتاز بوجود كائنات في كلّ مكانٍ لا تُدركها الحواسّ، كلّ هذا انتقل إلى المسيحيَّة كما ينتقل دم الأم إلى ولدها ... إنَّ المسيحيَّة لم تقض على الوثنيَّة، بل ثبّتتها؛ ذلك أنَّ العقل اليوناني عاد إلى الحياة في صورةٍ جديدة؛ في لاهوت الكنيسة وطقوسها، ونُقلت الطقوس اليونانيَّة الخفيَّة إلى طقوس القُدَّاس الرهيبة، وجاءت من مصر آراء الثالوث المقدَّس، ويوم الحساب، وأبديَّة الثواب والعقاب، وخلود الإنسان في هذا، أو ذاك..”1.
ولقد تأثَّرت بعض الفرق ـ المنتسبة إلى الإسلام ـ بعقيدة التثليث هذه؛ فنظرة فاحصة في عقائد النصيريَّة2 تجعل الناظر يجزم بهذا التأثُّر، بسبب ما يلمحه من تشابهٍ كبيرٍ بين الديانتين؛ فالإله عند النصيريَّة مكوَّن من ثلاثة أقانيم؛ هم عليّ، ومحمَّد، وسلمان. لذلك يستعيضون عن التسمية بقولهم: بسر ع م س. فالعين (ع) هوعليّ بن أبي طالب، وهو المعنى؛ أي الذات الإلهيَّة، والميم (م) هو محمَّد، وهو الاسم، والحجاب، والنبيّ الناطق. أمَّا السين (س) فهو سلمان الفارسيّ؛ وهو الباب الذي خلقه محمَّد –على حدّ زعمهم3.
يقول سليمان أفندي الأضني4 [1410?] كاشفاً عن ديانة أبناء طائفته ـ
__________
1 قصة الحضارة لول ديورانت 11/418.
2 من فرق الباطنيَّة. تنتسب إلى محمَّد بن نُصَيْر، وتعتقد أُلوهيَّة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. ويجمعها مع الفرق الباطنيَّة القول بأنَّ للنصوص الشرعيَّة ظاهراً وباطناً، وأنَّ الباطن غير مراد، والقول بالتناسخ. (انظر طائفة النصيرية للدكتور سليمان الحلبي ص 36-39) .
3 انظر الحركات الباطنيَّة في العالم الإسلامي للدكتور محمد أحمد الخطيب ص 360.
4 من الطائفة النصيريَّة، ولد في أنطاكية ـ من إقليم أضنةـ سنة 1250?، وتلقى تعاليم الطائفة، ثمّ لم يلبث أن تنصَّر على يد أحد المبشرين، وهرب إلى بيروت؛ حيث أصدر كتابه (الباكورة السليمانيَّ) ، يكشف فيه أسرار هذه الطائفة. وبعدما علم به أبناء طائفته، استرجعوه، وحين عاد وثبوا عليه وخنقوه، وأحرقوا جثته.
(1/58)
________________________________________
النصيريَّة ـ: “.. وهؤلاء الثلاثة ـ علي، محمَّد، سلمان ـ هم الثالوث الأقدس؛ فعليٌّ عندهم هو الأب، ومحمَّدٌ الابن، وسلمان الفارسيّ هو الروح القُدُس”1.
والنصيريَّة ـ كشأن البرهميَّة ـ عندهم آلهة أقلّ منزلة من الثلاثة المتقدِّمين، وهم خمسة، يُطلقون عليهم اسم: الأيتام الخمسة، ويزعمون أنَّ الذي خلقهم هو سلمان الفارسيّ، وينسبون إلى كلّ واحدٍ منهم ألوهيَّة خاصَّة به، ونوعاً من الخلق مقصوراً عليه.
يقول الأضني [1410?] عن أبناء طائفته: “ويعترفون بأنَّ السيّد سلمان خلق الخمسةَ الأيتام، والخمسةُ الأيتامُ خلقوا كلَّ هذا العالم الموجود، وأنَّ كلَّ ترتيب السموات والأرض بيد هؤلاء الخمسة الأيتام؛ فالمقداد موكَّلٌ بالرعود والصواعق والزلازل، وأبو الذرّ موكَّلٌ بدوران الكواكب والنجوم، وعبد الله ابن رواحة موكَّل بالرياح وبقبض أرواح البشر، ويعتقدون بأنَّه عزرائيل الذي يأخذ الأرواح. وأمَّا عثمان فهو الموكَّل بالمعدة، وحرارة الجسد، وأمراض الإنسان. وأمَّا قنبر فهو يُدخل الأرواح في الأجسام”2.
ونستطيع ممَّا تقدَّم أن نقول: إنَّ التثليث عند النصيريَّة مشابهٌ له عند البرهميَّة، ومن نحا نحوهم من الوثنيِّين. وكذا يُشابه ما عند النصرانيَّة المحرَّفة.
وممَّا يجدر ذكره أنَّ النصيريِّين يُحاولون في كثيرٍ من كتبهم أن يُبرهنوا على أنَّ الثالوث النصراني (الأب، والابن، والروح القدس) لا يختلف عن
__________
1 الباكورة السليمانيَّة لسليمان الأضني ص 30.
2 المرجع نفسه.
(1/59)
________________________________________
ثالوثهم (ع. م. س) ، بل يتفق معه1.
وبهذا يتبيَّن من خلال مقارنة معتقدات الديانات القديمة، مع معتقدات بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام ـ في الله عزوجل ـ، مدى التشابه الكبير بينهما، ممَّا يجعل القارئ يجزم بتسرُّب الأفكار والمعتقدات من الأسبقين إلى التالين.
__________
1 انظر الحركات الباطنيَّة في العالم الإسلامي للخطيب ص 352.
(1/60)
________________________________________
الوقفة الثانية: من خلال مقارنة معتقداتهم في الأنبياء:
الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مصطَفَوْن من الله تعالى، اختارهم الله عزوجل لتبليغ رسالته إلى النَّاس، فأدُّوا الأمانة، وبلَّغوا الرسالة.
وأمَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم تؤمن برسل الله جميعاً، ولا تُفرِّق بين أحدٍ منهم، وتعتقد أنَّ رسالةَ النبيّ محمَّد صلى الله عليه وسلم هي خاتمة الرسالات، والمهيمنة عليها.
وبجانبهم نجد أهل الديانتين المحرَّفتين؛ اليهود والنصارى يكفرون بأكثر رسل الله، ولا يؤمنون بهم، ويُجوِّزون على أنبياء الله معصية الله تعالى في جميع كبائر الذنوب وصغائرها، خلا الكذب في التبليغ فقط.
فاليهود ـ مثلاً ـ لم يكتفوا بنسبة المعصية إلى الأنبياء عليهم السلام، بل نسبوا إلى بعضهم ما يترفَّع عن ارتكابه أهل الفسق والمجون.
فزعموا أنَّ نبيّ الله لوطاً ـ عليه السلام ـ الذي شهد له ولبناته أعداؤه بالطهر والعفاف ـ: {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: 82]ـ بعد أن أنجاه الله من القرية التي كانت تعمل الخبائث، شرب الخمر، ثمّ زنى بابنتيه، فحبلتا منه. وهذا نصّ توراة اليهود المحرَّفة: “وصعد لوطٌ من صُوغَر، وسكن في الجبل، وابنتاه معه؛ لأنَّه خاف أن يسكنَ في صُوغَر، فسكنَ في المغارة هو وابنتاه، وقالت البكر للصغيرة: أبونا قد شاخَ، وليس في الأرض رجلٌ ليدخل علينا كعادة كُلِّ الأرض، هلمّ نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه، فنُحيي من أبينا نسلاً. فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة، ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. وحَدَث في الغدّ أنَّ البكر قالت للصغيرة: إنِّي اضطجعتُ البارحةَ مع أبي. نَسقيه خَمراً الليلة أيضاً، فادخلي اضطجعي معه، فنُحيي من أبينا نسلاً. فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة أيضاً، وقامت الصغيرةُ واضطجعت معه، ولم
(1/61)
________________________________________
يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. فحبلت ابنتا لوطٍ من أبيهما، فولدت البكر ابناً ودعت اسمه موآب، وهو أبو الموآبيِّين إلى اليوم، والصغيرة أيضاً ولدت ابناً ودعت اسمه بَنْ عَمِّي، وهو أبو بني عَمُّون إلى اليوم”1.
ولم يكتف اليهود بنسبة الفاحشة إلى هذا النبيّ الكريم عليه السلام، بل نسبوا إلى ـ من زكَّاه ربُّه عزوجل بقوله: {واذْكُر عبدَنَا داودَ ذا الأَيْدِ إنَّه أوَّاب} [ص، 17]ـ داود عليه السلام أنَّه تآمر على قائد جيشه، فقتله طمعاً في الزواج من امرأته ـ التي رآها تستحمّ، فوقعت في قلبه، فزنى بها، فحبلت منه، فدبَّر مؤامرة للتخلُّص من زوجها، ثمّ تزوجها ستراً على فعلته2.
بل زعموا أنّ المزكَّى من ربِّه عزوجل بقوله: {ووهَبْنا لِداودَ سُلَيمَانَ نِعْمَ العبدُ إنَّه أوَّاب} [ص، 30] ؛ سليمانَ عليه السلام قد وقع منه الشرك نتيجة تعلُّقه بنسائه اللواتي أَمَلْنَ قلبه وراء آلهةٍ أخرى3.
والتوراة المحرَّفة حُبلى بأمثال هذه النصوص التي لا تُراعي حرمةَ الرسالة، ولا تُبالي بمنزلة النبوّة.
أمَّا نظرة النصارى إلى الأنبياء ـ خلا نبيِّهم عيسى عليه السلام ـ، فإنَّهم لم يؤمنوا برسولنا محمَّد صلى الله عليه وسلم، ورأوا أنَّ الأنبياء ـ قبل نبيِّهم ـ عُصاة، قد حملوا جريرة أبيهم آدم عليه السلام حين عصى ربَّه فأكل من الشجرة، فلزمتهم الخطيئة، حتى جاءهم مَنْ يُخلِّصهم من ذنبٍ لم يرتكبوه4.
__________
1 العهد القديم: سفر التكوين 19: 30-38.
2 انظر العهد القديم: سفر صموئيل الثاني 11: 2-27.
3 انظر العهد القديم: سفر الملوك الأول 11: 1-13.
4 انظر عصمة الأنبياء بين اليهوديَّة والمسيحيَّة والإسلام لمحمود ماضي ص 54.
(1/62)
________________________________________
وكذا لو نظرنا في معتقدات البراهمة (الهندوس) ، نلمحها ناضحةً بإنكار النبوات، والتكذيب بوجود الأنبياء؛ فـ (براهما) الرجل الذي ينتسبون إليه قرَّر استحالة بعثة الأنبياء عقلاً.
يقول أبو الفتح محمَّد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت 548هـ) : “ وهؤلاء البراهمة إنَّما انتسبوا إلى رجلٍ منهم يُقال له براهم، وقد مهَّد لهم نفي النبوَّات أصلاً، وقرَّر استحالة ذلك في العقول”1.
ووافق أغلب البوذيَّةِ البراهمةَ في معتقدهم هذا، وعلَّلوا إنكارهم النبوَّةَ بأنّ الأرواح قد أُودِعَتْ قوى تستطيع بها أن تعرف الخير من الشرّ، ومن أجل ذلك لا يُرسل الله رسلاً اكتفاء بذلك2.
وهذا التكذيب بالأنبياء، وعدم الإيمان بهم حقيقةً، وُجِد عند كثيرٍ من الفرق المنتسبة إلى الإسلام:
منها: أغلب فرق الباطنية؛ كالإسماعيليَّة3، والنصيريَّة، والدروز4، ونحوهم؛ الذين يعتقدون أنَّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام طلاَّب دنيا ورئاسة، منهم من أحسن في طلبها، ومنهم من أساء.
__________
1 الملل والنحل للشهرستاني ص 506-507.
2 انظر أديان الهند الكبرى لأحمد شلبي ص 182.
3 من فرق الباطنيَّة. قالت بإمامة محمَّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق. يجمعها مع فرق الباطنيَّة القول بالظاهر والباطن للنصوص الشرعيَّة، والقول بالتناسخ أيضاً. (انظر طائفة الإسماعيليَّة لمحمد كامل حسين ص 11 وما بعدها) .
4 من فرق الباطنيَّة. تعتقد ألوهيَّة الحاكم بأمر الله. تربَّت في أحضان الإسماعيليَّة، ثمّ انشقت عنها، وخرجت عليها ببعض المعتقدات التي تُخالفها ـ ظاهراً. (انظر الحركات الباطنية للخطيب ص 199) .
(1/63)
________________________________________
فمن العقائد الرئيسيَّة في الديانة الدرزيَّة: إنكار ومحاربة جميع الأنبياء والرسل، وشرائعَهم، ونسبتهم إلى الجهل، لكونهم دعوا النَّاس إلى توحيد العدم ـ بزعمهم ـ وما عَرَفوا الإله الظاهر ـ الحاكم بأمر الله1.
والملاحظ أنَّهم يقذفون الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ بأقذع وأفحش الأسماء والألفاظ؛ كالقبل، والدبر، والبول، والغائط. ولا يخلو مجلسٌ من مجالسهم من التشنيع، والسبّ، والشتم لأولئك المصطفَين الأخيار2.
وهم يُطلقون على أولي العزم من الرسل (نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، محمَّد ـ عليهم الصلاة والسلام) اسم إبليس، والشيطان3.
ونظرة في معتقدات القاديانيَّة تؤكِّد أنَّ زعيم هذه الفرقة، وأتباعَه يُنكرون أن تكون رسالة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم خاتمة الرسالات، ويزعمون أنَّ النبوَّة جارية، وأنَّ الله يُرسل رسلاً حسب الضرورة4.
يقول محمود أحمد؛ ابن القاديانيّ الكذَّاب، وخليفته الثاني: “نحن ـ أي القاديانيَّة ـ نعتقدُ بأنَّ اللهَ لا يزال يُرسل الأنبياء لإصلاح هذه الأمَّة، وهدايتها على حسب الضرورة”5.
ولايكتفون بذلك، بل يُفضِّلون نبيَّهم المزعوم على سائر الأنبياء، بل وعلى نبيِّنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم أيضاً6.
__________
1 انظر خطط الشام لمحمد كرد علي 6/264.
2 انظر الحركات الباطنيَّة في العالم الإسلامي للخطيب ص 302.
3 انظر عقيدة الدروز لمحمد أحمد الخطيب ص 170.
4 انظر القاديانيَّة والاستعمار الإنجليزي لعبد الله سلُّوم السامرائي ص 166-167.
5 جريدة (الفضل) القاديانيَّة، عدد 14 مايو 1925م. نقلاً عن القاديانيَّة ـ دراسات وتحليل ـ لإحسان إلهي ظهير ص 102.
6 انظر القاديانيَّة لإحسان إلهي ظهير ص 57-58، 65-66.
(1/64)
________________________________________
يقول غلام أحمد القادياني ـ نبيّ القاديانيَّة المزعوم ـ (ت 1908م) : “أنا أفضل من جميع الأنبياء والرسل، ولذا سُمِّيتُ آدمَ، وشيثاً، ونوحاً، وإبراهيم، وإسحاق، وإسماعيل، ويعقوبَ، ويوسفَ، وموسى، وداود، وعيسى”1.
ويقول في موضعٍ آخر: “وآتاني ما لم يؤت أحداً من العالمين”2.
وقد حاول القادياني أن يُقلِّد الأنبياء الذين يُطلعهم الله عزوجل على المغيّبات، فادّعى ـ كذباً ـ أنّ الله تعالى أطلعه على كثيرٍ من أمور الغيب، وأخبر بها أتباعه، ولكن لم يَصْدُقْ من تلك الأخبار خبرٌ واحد، بل كانت كلّها كاذبة، لا توافق الواقع البتة3.
وكذا لو تأمَّل الناظر في أفكار ومعتقدات المذاهب المعاصرة؛ من علمانيَّة، وقوميَّة، وشيوعيَّة، لخرج بنتيجة مفادها: أنَّ تلك المذاهب تُنكر النبوَّة، وتدعو إلى الإلحاد.
وهذا يؤكِّد مدى التشابه الموجود بين الأديان القديمة، والمذاهب المعاصرة في موقفهم من الأنبياء والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ممَّا يجعل الباحث يجزم بتأثُّر اللاحقين بالسابقين.
__________
1 هامش حقيقة الوحي للقادياني ص 72، نقلاً عن القاديانيَّة لإحسان ص 71.
2 إعجاز أحمدي للقادياني ص 87، نقلاً القاديانية لإحسان ص 69.
3 انظر القاديانيَّة لإحسان إلهي ظهير ص 107 وما بعدها.
(1/65)
________________________________________
الوقفة الثالثة: من خلال مفارنة معتقداتهم في اليوم الآخر
...
الوقفة الثالثة: من خلال مقارنة معتقداتهم في اليوم الآخر:
من المعلوم من الدين بالضرورة أنّ النَّاس إذا ماتوا فقد قامت قيامتهم، ودخلوا في دار البرزخ التي تستمرّ حتى يوم البعث.
وبعد دار البرزخ، يُبعث النَّاس من قبورهم للحساب والجزاء.
فمن أنكر شيئاً من ذلك، فقد أنكر معلوماً من الدين بالضرورة.
ومن أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، فهو كافر.
فمن أنكر البعث بعد الموت، والجزاء، والحساب، والجنَّة، والنَّار، فهو كافرٌ؛ لقوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [النحل: 71] .
وقد دخل على أصحاب الديانات السابقة تحريفٌ خطيرٌ في معتقد الإيمان بالبعث بعد الموت، وما يعقبه من الحساب والجزاء.
فاليهود يعتقدون برجعة بعض الأموات ـ وهم بنو إسرائيل ـ إلى دار الدنيا قبل يوم القيامة. وهذه العقيدة من لوازم إيمانهم بـ (المخلِّص المنتظر) ، وبـ (يوم الربّ) ، أو (آخر الأيام) ، وكلُّها تنضوي تحت ما يُسمَّى (الإيمان بالأخرويَّات) (Eschatology) ؛ أي الأمور الحادثة في آخر الزمان، والبعث، والآخرة.
ورد في كتاب دانيال قوله ـ في معرض حديثه عن آخر الأيَّام ـ: “وفي ذلك الوقت يقومُ ميخائيل الرئيس العظيم القائمُ لبني شعبك، ويكون زمانُ ضيقٍ، لم يكن منذ كانت أمّة إلى ذلك الوقتُ. وفي ذلك الوقتُ يجيء شعبُك؛ كلُّ مَنْ يُوجد مكتوباً في السِّفر، وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون؛ هؤلاء إلى الحياة الأبديَّة، وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبديّ، والفاهمون يُضيئون كضياء الجلد. والذين ردُّوا كثيرين إلى البرّ كالكواكب إلى أبد الدهور”1.
__________
1 سفر دانيال 11: 1-3.
(1/66)
________________________________________
وليس المراد هاهنا القيامة الكبرى؛ لأنَّ قوله:”وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون” لا يعني الكلّ، وما ورد من الإشارة إلى الحياة الأبديَّة، والعار الأبديّ، يُحمل على الثواب والعقاب الدنيويّ في عهد المخلِّص المنتظر عند اليهود؛ لأنَّنا نجد في كتاب (دانيال) نصوصاً كثيرةً تُصرِّح بأبديَّة مملكة المخلِّص المنتظر1
وقد ورد في سفر (حزقيال) وصفٌ دقيقٌ لكيفيَّة رجعة اليهود إلى الدنيا، وكيف تتجمَّع العظام، ثمّ تُكسى باللحم والعصب والجلد، ثمّ تدخل الروح في البدن، وتنشق القبور، ويخرج الأمواتُ منها: “.. فدخل فيهم الروح، فحيوا، وقاموا على أقدامهم، جيشٌ عظيمٌ جداً جداً. ثمّ قال لي: يا ابن آدم! هذه العظام هي كلّ بيت إسرائيل. هاهم يقولون: يبست عظامنا، وهلك رجاؤنا، قد انقطعنا. لذلك تنبّأ وقل لهم: هكذا قال السيّد الربّ: ها أنذا أفتح قبوركم، وأُصعدكم من قبوركم يا شعبي، وآتي بكم إلى أرض إسرائيل”2.
والنَّصارى ـ أيضاً ـ يعتقدون برجعة المسيح عليه السلام ـ ومعه جماعة كبيرة ممَّن ماتوا ـ إلى دار الدنيا، قبل يوم القيامة، ولعلّ في رسالة (بولس) ـ الأولى ـ إلى أهل (تسالونيكي) ما يوضِّح ذلك، وممَّا جاء فيها: “ ثمّ لا أُريد أن تجهلوا أيُّها الإخوة من جهة الراقدين ـ الأموات ـ، لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم؛ لأنَّه إن كنَّا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون سيُحضرهم الله أيضاً معه”3.
__________
1 انظر سفر دانيال 2: 44،، 7: 13-14.
2 سفر حزقيال 37: 1-12.
3 العهد الجديد: رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي 4: 13-14.
(1/67)
________________________________________
وقد ذكر بولس ـ في رسالته الثانية ـ أشراطاً كثيرة لا بُدَّ أن تقع قبل رجعة المسيح1 عليه السلام ومن معه، منها: ارتداد النَّاس، ومجاهرتهم بالمعاصي؛ “لأنَّه لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولاً، ويستعلن إنسان الخطيئة”2.
ومن اليهود والنصارى انتقل معتقد الرجعة إلى الرافضة الذين ألَّفوا الكتب الكثيرة لإثبات هذا المعتقد الدخيل3.
وقد عرَّفوا الرجعة بقولهم: “الرجعةُ: عبارةٌ عن حشر قومٍ عند قيام القائم الحجَّة بن الحسن عليه السلام، ممَّن تقدَّم موتهم؛ من أوليائه وشيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته؛ وقوم من أعدائه ينتقم منهم، وينالون بعض ما يستحقونه من العذاب والقتل على أيدي شيعته، وليُبتلوا بالذلّ والخزي بما يُشاهدونه من علوّ كلمته. وهي عندنا الإماميَّة الإثنا عشريَّة تختصّ بمن محض الإيمان ومحض الكفر، والباقون سكوتٌ عنهم”4.
وواضحٌ من قوله، أنَّ الرجعة لا تكون إلا لمن بلغ درجة عالية في الإيمان، أو من بلغ الغاية في الفساد والكفران.
وهذا المعتقد حملته فرق الرافضة جميعها ـ سيّما الإماميَّة منهم ـ، وجزم بصحته كبار علمائهم.
فهذا أحدهم يقول: “اعتقادنا في الرجعة أنَّها حقٌّ”5.
__________
1 نحن لا نؤمن أنّ المسيح عليه السلام قد مات، بل معتقدنا أنّ الله رفعه إليه، وأنَّه سينزل في آخر الزمان. ونزوله لا يُوافق معتقد النصارى في رجعته ورجعة عدد من الأموات معه.
2 العهد الجديد: رسالة بولس الثانية إلى أهل تسالونيكي 2: 3.
3 منها: إكمال الدين وإتمام النعمة في إثبات الرجعة لابن بابويه القمي، والإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة للحر العاملي، والرجعة لأحمد الأحسائي، وغيرها.
4 عقائد الإماميَّة الإثني عشريَّة لإبراهيم الزنجاني 2/228.
5 علم اليقين في أصول الدين لمحسن الكاشاني 2/827.
(1/68)
________________________________________
وآخر يقول: “إجماع جميع الشيعة الإماميَّة، وإطباق الطائفة الإثني عشريَّة على اعتقاد صحَّة الرجعة، فلا يظهر منهم مخالفٌ يُعتدّ به من العلماء السابقين ولا اللاحقين”1.
وهذا ما جعل المستشرق (برنارد لويس) [Bernard Lewis] يجزم بأنَّ اعتقاد الرجعة من خصائص فرق الشيعة، بقوله: “ومن هنا ظهرت لأوَّل مرة عقيدة الغيبة والرجعة المهدويّتين اللتين هما من خصائص جميع فرق الشيعة المتأخِّرة تقريباً”2.
فمعتقد الرجعة ـ إذاً ـ أخذه الرافضة عن اليهود كما تبيَّن.
وثمَّة عقيدة أُخرى خالفت معتقد المسلمين في اليوم الآخِر، ألا وهي عقيدة تناسخ الأرواح، المبنيَّة على إنكار البعث بعد الموت، والجزاء على الأعمال.
وأوَّل من قال بها أصحاب الديانات الهنديَّة الوضعيَّة؛ كالهندوسيَّة، والبوذيَّة، الذين يُنكرون البعثَ بعد الموت، والجزاءَ والحساب في الآخرة جملةً وتفصيلاً، ويقولون بوجوب الجزاء والحساب على الأعمال ـ من خيرٍ وشرّ ـ في دار الدنيا، لا في الآخرة، ويعتقدون أنَّ الروح تنتقل من جسدها عند الموت إلى جسدٍ آخر غير السابق، ويُطلقون على ذلك اسم (سمسارا Samsara) ؛ “فالنَّفس ـ الروح ـ أبديَّة الوجود، لا عن ولادة، ولا إلى تلفٍ وعدمٍ، بل هي ثابتةٌ قائمةٌ، لا سيف يقطعها، ولا نارَ تُحرقها، ولا ماء يُغصّها، ولا ريح تُيَبِّسُها، لكنها تنتقل عن بدنها إذا عُتِق، نحو آخر..”3.
ومن ذلك جاء اعتقادهم في تناسخ الأرواح، وهو الطابع الذي امتازت به
__________
1 الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة للحر العاملي ص 42.
2 أصول الإسماعيليَّة لبرنارد لويس ص 88.
3 تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة للبيروني ص 40.
(1/69)
________________________________________
النحلة الهنديَّة ـ سيّما البرهميَّة ـ، حتى قال البيروني (ت 440هـ) في ذلك: “كما أنَّ الشهادة بكلمة الإخلاص شعارُ إيمان المسلمين، والتثليث علامةُ النصرانيَّة، والإسبات1 علامةُ اليهوديَّة، كذلك التناسخُ عَلَمُ النحلة الهنديَّة، فمن لم ينتحله، لم يكُ منها، ولم يُعدّ من جملتها”2.
واعتقادهم بتناسخ الأرواح أمرٌ ناتجٌ عن إنكارهم البعث؛ لأنَّهم يرون ـ كما مرّ ـ أنّ الجزاء يكون على الروح حين انتقالها بين الأجساد؛ إذ من عقائدهم أنَّ من مات انتقلت روحه إلى حيّ جديد، ثمّ إلى آخر بعد موته، ثمّ إلى ثالثٍ، وهكذا، إلى ما لا نهاية، وهذه الروح لا بُدّ أن تلقى معاقبة أو إثابة الأعمال التي لم تلق جزاءها في الحياة السابقة.
وليس أمام الروح ـ في الديانات الهنديَّة القديمة ـ إذا تخلَّصت من بدنها إلاَّ أحد ثلاثة عوالم تتصل بها؛ “أوّلها العالم الأعلى، وهو الملائكة، تصعد إليه الروح إن كانت بعملها تستأهل الصعود إليه، والخلاص من الجسم، والسموّ إلى الملكوت الأعلى؛ والعالم الثاني عالم النَّاس، وهو عالمنا الحاضر معشر الآدميِّين، والنفس تعود إليه بالحلول في جسم إنسانيّ آخر، لتكتسب عمل خيرٍ، ولتجتنب عمل شرٍّ، إذا كانت أعمالها في الجسم الأول لا ترفعها إلى مراتب التقديس في أعلى عليِّين، ولا تنزل بها إلى أسفل سافلين في العالم الثالث، وهو عالم جهنَّم”3.
وعالم جهنَّم هذا ليس في درجة واحدة، فقد يكون انتقال الروح إلى جسد شيطان، وقد يكون إلى حيوان، وقد يكون إلى حشرات؛ فقد ورد في شريعة (منو) أنَّ “الطالب الذي يستمع إلى غيبة شيخه، يُولد في الحياة الثانية في جنس
__________
1 أي قيام اليهود بأمر السبت. (القاموس المحيط للفيروزأبادي ص 195) .
2 تحقيق ما للهند من مقولة للبيروني ص 39.
3 مقارنات الأديان ـ الديانات القديمة ـ لمحمد أبو زهرة ص 43.
(1/70)
________________________________________
الحمار، والذي ينتقده، يُولد في هيئة الشيطان، والذي يُضيِّع أمواله، يُولد في حالة الحشرات”1.
بل “إنَّ أحطّ درجات الظلمة تجعل من المخلوقات جماداتٍ، وحشراتٍ صغيرةً وكبيرةً، وسمكاً، وحيَّاتٍ، وسلاحفَ، وحيواناتٍ أهليَّةً، وأخرى ضارية. والدرجة المتوسّطة من درجات الظلمة، تجعل من المخلوقات فيلة، أو خيلاً، أو أُناساً من طبقات الشودرا2، أو من طبقة الأسافل، أو أسوداً، أو نموراً، أو خنازير.. “3.
وعقيدة التناسخ هذه، قد قامت عند أهلها القائلين بها على دعائم أربع4:
1- أنَّ الدنيا دار الجزاء؛ ثواباً كان، أو عقاباً.
2- أنَّ رجوع الروح إلى الدنيا يتكرّر مراراً؛ بولادة في جسدٍ جديدٍ، أو بغير ولادة.
3- أنَّ هذا التكرار لا نهاية له ـ عند أصحاب هذا المعتقد الفاسد ـ، إلا بالترقِّي التدريجي في درجات التناسخ، فتُصفَّى الروح الطيِّية شيئاً فشيئاً، حتى تصل إلى درجة معيَّنة، هي بالنسبة لها نهاية الكمال.
4- أنَّ الأرواح يتميَّز طيّبها من خبيثها في درجات التناسخ.
وعن هذه الديانات الوضعيَّة ـ الهندوسيَّة، والبوذيَّة ـ أخذت بعض فرق
__________
1 شريعة (منو) ، الباب الثاني: 201، نقلاً عن مقارنات الأديان لأبي زهرة ص 43-44.
2 الشودرا هي أحطّ طبقات الهندوس، وهم الذين خُلقوا ـ بزعم علماء الهندوس ـ لخدمة الطبقات الأخرى ـ البراهمة، الكاستريا، ويشا (بويسيه) . [السيخ، أو العدو الخفي لمحمد إبراهيم الشيباني ص 12، 22-23] .
3 البوذيَّة: تاريخها، وعقائدها، وعلاقتها بالصوفيَّة لعبد الله نومسوك ص 254.
4 انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم 1/165-169. والملل والنحل للشهرستاني ص 343-344، 599.
(1/71)
________________________________________
الباطنيَّة؛ كالإسماعيليَّة، والنُّصَيْرِيَّة، والدروز معتقد تناسخ الأرواح، واستغلّته “لنسخ مبدأ المعاد، وإنكار الجنَّة والنَّار، والطعن بالفرائض، وإباحة المحرَّمات”1.
فالإسماعيليَّة يعتقدون أنَّ أرواح مخالفيهم لا تزال تتناسخها الأبدان، وتتعرَّض فيها للألم والأسقام؛ فلا تُفارق بدناً، إلاّ ويتلقَّاها آخر، وهذا هو عقابها2.
يقول أحدُ دعاتهم ـ وهو إبراهيم بن الحسين الحامدي (ت 557?) ـ مقرِّراً ذلك: “إنَّ النَّفس في عالم الكون والفساد كائنة في الأجساد، وهي الأرواح الهابطة للزلَّة التي كانت منها، والخطيئة التي جَنَتْها؛ فأُهبطت وأُبعدت من دار الكرامة، فبقيت معذَّبة مربوطة بالطبيعة الحسيَّة، والتكليفات اللازمة لها في الشرائع النَّاموسيَّة، جزاء لها بما أسلفت”3.
فأرواح المخالفين للإسماعيليَّة تبقى محبوسة في الأبدان أبد الدهر، والبدن بالنسبة لها هو القبر؛ كما ورد في تأويلاتهم الباطنيَّة: “والقبر: فهو الصورة الجسمانيَّة، والهياكل الجرمانيَّة”4.
واعتقد النُّصيريَّة كذلك تناسخ الأرواح، وقالوا: “ليس قيامة، ولا آخرة، وإنَّما هي أرواحٌ تتناسخ بالصور، فمن كان محسناً، جُوزي بأن يُنقل روحه إلى جسدٍ لا يلحقه فيه ضررٌ ولا ألم، ومن كان مسيئاً، جُوزي بأن يُنقل روحه إلى أجسادٍ يلحق الروح في كونه فيها الضرر والألم، وليس شيء غير ذلك، وأنَّ الدنيا لا تزال أبداً هكذا”5.
__________
1 الشعوبيَّة حركة مضادَّة للإسلام والأمَّة العربيَّة لعبد الله سلُّوم السامرائي ص 62.
2 انظر الإفحام لأفئدة الباطنيَّة الطغام ليحيى بن حمزة العلوي ص 21.
3 كنز الولد للحامدي ص 112-113.
4 الدستور ودعوة المؤمنين للحضور لشمس الدين الطيبي ص 93.
5 نقل هذا المعتقد عنهم: أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميِّين 1/119.
(1/72)
________________________________________
فالمعاد ـ عندهم ـ عودة أرواح مؤمنيهم إلى العالم الروحاني ـ الذي منه انفصالها ـ بعد أدوار تتردَّد فيها في الأجساد. أمَّا مخالفوهم فأرواحهم تتناسخ أيضاً، ولكنْ شتَّان بين تناسخ هذه الأرواح وتلك؛ فأبناء طائفتهم لا يجري عليهم المسخ ـ وهو انتقال الروح من جسد آدميّ إلى جسد حيوان ـ، وإنَّما يجري عليهم النّسخ ـ وهو انتقال الروح من جسد آدميّ إلى جسد آدمي آخر ـ لعدّة دورات، تُطهَّر أرواحهم فيها تماماً، وتصير نوراً خالصاً، ثمّ تصعد إلى السماء، لتتخذ من الكواكب والنجوم مستقرًّا لها؛ أي أنها تلحق بالعالم النوراني الأكبر ـ على حدّ زعمهم ـ؛ فتكون بذلك قد عادت إلى مستقرّها الأصليّ الحقيقيّ1.
أمَّا مخالفوهم ـ وهم الذين لا يؤمنون بألوهيَّة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـ، فيجري عليهم سائر أشكال التناسخ ـ عدا النسخ ـ؛ “لأنَّ الواحد منهم لا يُركَّب في صورةٍ إنسانيَّة أصلاً، وإنَّما يُركَّب في الصورة البهيميَّة، وكذلك في صورة السباع والوحوش؛ حتى يَرِدَ في صورةٍ يُستوحَش منها. وهذا دأبه وديدنه أبد الآبدين”2.
وليس انتقال أرواح مخالفي النصيريَّة في الصور الحيوانيَّة فقط، بل “في كلّ شيءٍ خالف الصورة الإنسانيَّة”3.
فيُمكن أن تنتقل أرواحهم إلى صور جامدةٍ؛ من معدنٍ، وحجرٍ، وحديدٍ، وغيره؛ فتذوق بذلك حرّ الحديد والحجر، وبردَه4.
وليس معتقد الدروز في التناسخ عن معتقد النصيريَّة فيه ببعيد، وإن كان
__________
1 انظر الهفت الشريف للمفضل الجعفي ص 49-50.
2 الهفت الشريف للمفضل الجعفي ص 142.
3 المصدر نفسه ص 66.
4 انظر تعليم الديانة النصيريَّة ـ مخطوط- ق 17/أ، نقلاً عن الحركات الباطنيَّة للخطيب.
(1/73)
________________________________________
يُخالفه في شكل انتقال الروح؛ إذ الروح ـ عند الدروز ـ في انتقالها تلزم شكلاً واحداً فقط؛ هو الانتقال من جسدٍ بشريّ إلى جسدٍ بشريّ آخر؛ سواء أكان الجسد لمخالفٍ لهم، أو موافق1.
من أجل ذلك كرهوا لفظ (التناسخ) ، واستبدلوه بلفظ (التقمُّص) ، ورأوا أنّ القول بوقوع التناسخ بين عامَّة المخلوقات لا يجوز، بل هو قاصرٌ على بني البشر فقط2.
وهذا الذي ذكرته من معتقدات الإسماعيليَّة، والنصيريَّة، والدروز ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ، هو عين معتقد أصحاب الديانات الهنديَّة، وهو يؤكِّد وقوع التأثُّر من اللاحقين بالسابقين، ويؤكِّد قول الشهرستاني (548?) عن الفرق الغالية: “إنَّما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلوليَّة، ومذاهب التناسخيَّة، ومذاهب اليهود والنَّصارى”3.
__________
1 انظر طائفة الدروز لمحمد كامل حسين ص 124-125.
2 انظر مذهب الدروز والتوحيد لعبد الله النجَّار ص 62.
3 الملل والنحل للشهرستاني ص 173.
(1/74)
________________________________________
الوقفة الرابعة: من خلال مقارنة موقفهم من الزهد:
عرَّف الإمام ابن الجوزي (ت 597هـ) الزهد بأنَّه: “عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خيرٌ منه. وشرط المرغوب عنه: أن يكون مرغوباً فيه بوجهٍ من الوجوه؛ فمن رغب عن شيء ليس مرغوباً فيه، ولا مطلوباً في نفسه لم يُسمّ زاهداً؛ كمن ترك التراب لا يُسمَّى زاهداً ... ليس الزهد ترك المال، وبذله على سبيل السخاء والقوَّة واستمالة القلوب، وإنَّما الزهد أن يترك الدنيا للعلم بحقارتها بالنسبة إلى نفاسة الآخرة”1.
وليس المراد بترك الدنيا: تخليتها من اليد، ولا إنفاق جميع المال، وسؤال النَّاس بعد ذلك، وإنَّما المراد إخراجها من القلب بالكليَّة؛ بحيث لا يلتفت إليها، ولا يدعها تُساكن قلبه وإن كانت في يده.
فليس الزهد أن تترك الدنيا من يدك وهي في قلبك، وإنَّما الزهد أن تتركها من قلبك وهي في يدك؛ كحال الخلفاء الراشدين (، وغيرهم2.
وقد انحرف الصوفيَّة في مفهوم الزهد انحرافاً خطيراً؛ فصرَّحوا أنَّ الزهد هو الابتعاد عن الدنيا بالكليَّة، وعدم الاهتمام بها.
ولم يكتفوا بذلك، بل دعوا النَّاس إلى تعذيب أنفسهم بالجوع، والعري، وبكلّ الشدائد. ومدحوا الفقر، ودعوا إليه، وقدَّموا سؤال النَّاس على العمل، والاشتغال بالرزق الحلال.
بل زادوا على ذلك انحرافاً آخر، حين زعموا أنَّ درجة الولاية لله لا يُمكن أن تُنال، أو يصل العبد إليها، إلاَّ إذا قام بهذه الطقوس المبتدعة، التي تدعو إلى
__________
1 نقل عنه هذا التعريف: المقدسي في مختصر منهاج القاصدين ص 324.
2 انظر طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن قيم الجوزيَّة ص 252.
(1/75)
________________________________________
تعطيل الإنسان عن وظائفه التي خلقه الله لها1.
ونقلوا عن أئمتهم العبارات التالية:
1- ما أخذنا التصوّف عن القيل والقال، لكن عن الجوع، وترك الدنيا، وقطع المألوفات والمستحسنات2.
2- لا يكن معك شيء تُعطي منه أحداً3.
3- الفقر أساس التصوُّف، وبه قوامه4.
4- أكره للفقراء دخول الحمَّام. وأُحبّ لجميع أصحابي: الجوع، والعري، والفقر، والذلّ، والمسكنة. وأفرح لهم إذا نزل بهم ذلك5.
إلى آخر كلامهم الطويل الذي يدلّ على أنّ القوم يعتقدون أنّ الزهد الحقيقي هو ترك الاكتساب، وعدم الادّخار، وتعذيب النفس بشتّى أنواع العذاب؛ من جوعٍ، وعري، وغيرها، حتى تصل إلى ولاية الله حسب زعمهم.
وقد يتساءل المرء: من أين استقى الصوفيَّة هذا الانحراف العقديّ؟
فأُجيب: لقد أخذوه عن الديانات الهنديَّة القديمة؛ سيّما البوذيَّة، التي كانت تدعو إلى تعذيب الإنسان لنفسه، وإماتة شهواته ورغباته، وترك فضول حاجاته،
__________
1 انظر مظاهر الانحرافات العقديَّة عند الصوفيَّة وأثرها السيئ على الأمة الإسلاميَّة لإدريس محمود إدريس 2/791.
2 هذا القول منسوب إلى الجنيد. (نسبه إليه القشيري في الرسالة القشيريَّة ص 132) .
3 هذا القول منسوب إلى السري السقطي. (نسبه إليه السهروردي في عوارف المعارف ص 92) .
4 إيقاظ الهمم في شرح فصوص الحكم لابن عجيبة الحسني ص 213.
5 هذا القول منسوب إلى أحمد الرفاعي. (نسبه إليه عبد الوهاب الشعراني في الأنوار القدسيَّة في بيان آداب العبوديَّة ص 132) .
(1/76)
________________________________________
والسعي في قطع العلائق الدنيوية، واختيار العزلة التامَّة، وترك التزوّج.
فالبوذيُّون قيَّدوا أنفسهم بأنواع معيَّنةٍ من الأطعمة، وحرَّموا كلَّ شيءٍ غيرها، ولم يلبسوا إلا خشن الثياب، ولم يرضوا إلا مرّ العيش. وقد تركوا كلّ ملذّات الحياة وراءهم ظهريًّا، وسَعَوا في قطع العلاقات الدنيويَّة، واختاروا العزلة التامَّة1.
وغاية البوذيّ من هذا كلِّه “رياضة الإرادة على الحرمان، وتعويدها السيطرة على الرغبة في الملاذّ، لكيلا تشقى بطلبها، ويحزّ فيها الحرمان”2.
ويُقارب معتقد الهندوس في الزهد ما نهجه البوذيَّة في هذا الباب:
فمن التعاليم التي أوجبها (مَنو) على أتباعه: السيطرة على جميع شهواتهم، وعدم أكل اللحم، أو استخدام الطيب3.
وعلى الرجل منهم إذا بلغ خمسين عاماً أن يترك الحياة الدنيويَّة، ويتجه إلى الغابة بصحبة زوجته ـ إن رغبت في ذلك، على ألاّ يقربها ـ، حيث يعيش على الثمار والزهور والخضروات التي تُنبتها الأرض، ويتجنَّب أكل اللحم، ويحرم عليه أكل الغلاَّت التي زُرعت في الحقول. وعليه أن يلبس جلود الغزال، ويُربِّي شعر رأسه، ولا يُقلِّم أظفاره، وينام على الأرض، ويتخذ من أصول الشجر بيتاً. وعليه أن يتحمَّل شدَّة الحرّ؛ فيجلس تحت الشمس المحرقة، ويعيش أيام المطر
__________
1 انظر: فصول في أديان الهند للأعظمي ص135. وأديان الهند الكبرى لأحمد شلبي ص145.
2 مقارنات الأديان ـ الديانات القديمة ـ لمحمد أبو زهرة ص 64. وانظر الإنسان في ظلّ الأديان لعمارة نجيب ص 208-211.
3 انظر شريعة (منو) ، الباب الثاني: 175-177، نقلاً عن فصول في أديان الهند للأعظمي ص 76.
(1/77)
________________________________________
تحت السماء، ويرتدي اللباس المبلَّل بالماء في الشتاء. وهكذا يقهر جسده ويُعذّبه1.
وهكذا يتّضح أنَّ أديان الهند الوضعيَّة كانت ذات أثر خاصّ في الصوفيَّة، في مفهوم الزهد، وتقديس الأشخاص، والغلوّ في العبادات.
__________
1 انظر شريعة "منو"، الباب السادس: 6، 8، 13، 16، 19، 22، نقلاً عن المرجع السابق ص 80-81.
(1/78)
________________________________________
الخاتمة
...
خاتمة
وبعد أن يسرَّ الله لي إتمام هذا البحث، لا مانع من ذكر بعض ما توصَّلتُ إليه من خلال المقارنات التي أجريتُها بين الملل والنحل القديمة، وبعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام:
1- إنَّ هذه الفرق المذكورة في ثنايا هذا البحث لم تأتِ بجديد في مجمل عقائدها، وإنَّما ورثت ما سبق أن ابتدعته الملل والنحل القديمة.
2- إنَّ هذه المقارنات –وإن كانت يسيرة-، إلا أنَّها أرشدت إلى أنّ الفرق التي انحرفت عن الكتاب والسنَّة، كان من أهمّ أسباب انحرافها –إن أحسنَّا الظنَّ بأصحابها-: عكوفهم على كتب الديانات القديمة، دون أن يُحصِّنوا أنفسهم بالعقيدة الصحيحة، مِمَّا كان ذا أثرٍ كبيرٍ واضحٍ في انحرافهم انحرافاً مشابهاً لانحراف أولئك.
3- إنَّ الديانة النصرانيَّة المحرَّفة حَمَلَتْ أكثر معتقدات الديانات الهنديَّة، والديانة المصريَّة القديمة، فكانت معتقداتها رجع صدى لمعتقدات الأقدمين.
4- إنَّ الله عَصَمَ أهل السنَّة والجماعة بسبب تمسكّهم بالكتاب والسنَّة، فكانوا هم الفرقة الناجية.
نسأل الله أن يُمسّكنا بالكتاب والسنَّة، وأن يُميتنا على منهج سلف الأمَّة، إنّه سميع مجيب. وصلَّى الله على النبيّ الأمين، وعلى الآل والأصحاب أجمعين.
(1/79)
________________________________________
مصادر ومراجع
...
مصادر البحث ومراجعه
(مرتبة على أسماء المؤلِّفين)
1- أبو زهرة، محمد، (1991م) ، مقارنات الأديان –الديانات القديمة-، القاهرة: دار الفكر العربي.
2- الأضني، سليمان أفندي، (1410هـ ـ 1990م) ، الباكورة السليمانيَّة في كشف أسرار الديانة النصيريَّة، القاهرة: دار الصحوة.
3- الأشعريّ، علي بن إسماعيل، (1389? ـ 1969م) ، مقالات الإسلاميِّين واختلاف المصلِّين، القاهرة: مكتبة النهضة المصريَّة.
4- الأعظمي، محمد ضياء الرحمن، (1417هـ ـ 1997م) ، فصول في أديان الهند (الهندوسيَّة، والبوذيَّة، والجينيَّة، والسيخيَّة) وعلاقة التصوّف بها، المدينة المنورة: دار البخاري للنشر والتوزيع.
5- إدريس، إدريس محمود، (1419? ـ 1998م) ، مظاهر الانحرافات العقديَّة عند الصوفيَّة وأثرها السيء على الأمة الإسلاميَّة، الرياض: مكتبة الرشد.
6- ابن بابويه القمي، محمد بن علي، (1389هـ ـ 1970م) ، إكمال الدين وإتمام النعمة في إثبات الرجعة، النجف: المطبعة الحيدريَّة.
7- البستاني، بطرس، (1882م) ، دائرة المعارف، طهران: مؤسسة مطبوعاتي إسماعيليَّان.
8- البغدادي، عبد القاهر بن طاهر، (1977م) ، الفرق بين الفرق، بيروت: دار المعرفة.
9- البيروني، محمد بن أحمد، (1403هـ ـ 1983م) ، تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، بيروت: عالم الكتب.
(1/80)
________________________________________
10- التنّير، محمد طاهر، (1992م) ، العقائد الوثنيَّة في الديانة النصرانيَّة، الرياض: دار الشوَّاف.
11- ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، (1403هـ ـ 1983م) ، مجموعة الرسائل والمسائل، بيروت: دار الكتب العلميَّة.
12- الجعفي، المفضل بن عمر، (1980م) ، الهفت الشريف من فضائل مولانا جعفر الصادق، بيروت: دار الأندلس.
13- الحامدي، إبراهيم بن الحسين، (1389هـ) ، كنز الولد، بيروت: دار الأندلس.
14- ابن حزم، علي بن أحمد، (1402هـ ـ 1982م) ، الفصل في الملل والأهواء والنحل، جدة: دار عكاظ.
15- الحسني، ابن عجيبة، (1397هـ) ، إيقاظ الهمم في شرح فصوص الحكم، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للنشر والتوزيع.
16- حسين، محمد كامل، (1962م) ، طائفة الدروز تاريخها وعقائدها، القاهرة: دار المعارف.
17- حسين، محمد كامل، (1966) ، طائفة الإسماعيليَّة، القاهرة: دار المعارف.
18- الحلبي، سليمان، (1404هـ ـ1984م) ، طائفة النصيريَّة: تاريخها وعقائدها، الكويت: الدار السلفيَّة.
19- الخطيب، محمد أحمد، (1404هـ ـ 1984م) ، الحركات الباطنيَّة في العالم الإسلامي، عمَّان: مكتبة الأقصى.
20- الخطيب، محمد أحمد، (1400هـ ـ1980م) ، عقيدة الدروز، عمَّان: مكتبة الأقصى.
21- ديورانت، ول، (د. ت) ، قصَّة الحضارة، (ترجمة محمد بدران) ، جامعة
(1/81)
________________________________________
الدول العربيَّة: إدارة الثقافة.
22- الزنجاني، إبراهيم، (1402هـ ـ 1982م) ، عقائد الإماميَّة الإثني عشريَّة، بيروت: مؤسسة الوفاء.
23- السامرائي، عبد الله سلُّوم، (1984م) ، الشعوبيَّة حركة مضادَّة للإسلام والأمَّة العربيَّة، بغداد: المؤسسة العراقيَّة للدعاية والطباعة.
24- السامرائي، عبد الله سلُّوم، (1981م) ، القاديانيَّة والاستعمار الإنجليزي، بغداد: وزارة الثقافة والإعلام.
25- السهروردي، عبد القاهر، (1403هـ) ، عوارف المعارف، بيروت: دار الفكر.
26- الشعراني، عبد الوهاب، (1373هـ ـ 1954م) ، الأنوار القدسيَّة في بيان آداب العبوديَّة، القاهرة: مكتبة ومطبعة مصطفى البابي.
27- شلبي، أحمد (1986م) ، أديان الهند الكبرى، القاهرة: مكتبة النهضة المصريَّة.
28- شلبي، رؤوف، (1400هـ ـ 1980م) ، آلهة في الأسواق، القاهرة: مكتبة الأزهر.
29- الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، (1977م) ، الملل والنحل، بيروت: دار الفكر.
30- الشيباني، محمد إبراهيم، (1406هـ ـ 1986م) ، السيخ أو العدوّ الخفي، الخرج: دار المنار.
31- الشيبي، كامل مصطفى، (1404هـ ـ 1984م) ، ديوان الحلاج، بغداد: دار آفاق عربيَّة.
32- الطوسي، أبو السراج، (1407هـ) ، اللمع، القاهرة: مطبعة السعادة.
(1/82)
________________________________________
33- الطيبي، شمس الدين بن أحمد، (1953م) ، الدستور ودعوة المؤمنين إلى الحضور، بيروت: دار الكشَّاف.
34- ظهير، إحسان إلهي، (1397هـ ـ 1977م) ، القاديانيَّة دراسات وتحليل، لاهور: إدارة ترجمان السنَّة.
35- العاملي، الحر، (1362هـ) ، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة، إيران: انتشارات نويد.
36- العلوي، يحيى بن حمزة، (1406هـ) ، الإفحام لأفئدة الباطنيَّة الطغام، الإسكندريَّة: منشأة المعارف.
37- الفيروزأبادي، محمد بن يعقوب، (1407هـ-1987م) ، القاموس المحيط، بيروت: مؤسسة الرسالة.
38- القاسم، محمود عبد الرؤوف، (1408هـ ـ 1987م) ، الكشف عن حقيقة الصوفيَّة لأول مرة في التاريخ، بيروت: دار الصحافة للطباعة والنشر.
39- القشيري، عبد الكريم، (1957م) ، الرسالة القشيريَّة، القاهرة: مطبعة حسَّان.
40- ابن قيم الجوزيَّة، محمد بن أبي بكر، (1402هـ ـ 1982م) ، طريق الهجرتين وباب السعادتين، بيروت: دار الكتب العلميَّة.
41- الكاشاني، محسن، (1399هـ) ، علم اليقين في أصول الدين، خال من مكان النشر.
42- كرد علي، محمد، (1969م) ، خطط الشام، بيروت: دار العلم للملايين.
43- لويس، برنارد، (1940م) ، أصول الإسماعيليَّة، (ترجمة خليل أحمد حلو وآخر) ، بغداد: مكتبة المثنَّى.
44- ماضي، محمود، (1990م) ، عصمة الأنبياء بين اليهوديَّة والمسيحيَّة
(1/83)
________________________________________
والإسلام، الإسكندريَّة: مكتبة الإيمان.
45- محمود، عبد القادر، (د. ت) ، الفلسفة الصوفيَّة في الإسلام، القاهرة: دار الفكر العربي.
46- مغنية، محمد جواد، (1987م) ، مع الشيعة الإماميَّة، بيروت: دار الشروق.
47- المقدسيّ، أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة، (1398هـ ـ 1978م) ، مختصر منهاج القاصدين، دمشق: مكتبة دار البيان.
48- النجَّار، عبد الله، (1965م) ، مذهب الدروز والتوحيد، القاهرة: دار المعارف.
49- نجيب، عمارة، (1400هـ ـ 1979م) ، الإنسان في ظلّ الأديان –المعتقدات والأديان القديمة-، الرياض: مكتبة المعارف.
50- النوبختي، الحسن بن موسى، (1936م) ، فرق الشيعة، النجف: المطبعة الحيدريَّة.
51- نومسوك، عبد الله، (1407هـ) ، البوذيَّة تاريخها وعقائدها وعلاقتها بالصوفيَّة، رسالة ماجستير، قسم الدراسات العليا، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
52- نيكلسون، ر. أ، (1371هـ) ، الصوفيَّة في الإسلام، (ترجمة نور الدين شريبة) ، القاهرة: مكتبة الخانجي
(1/84)
________________________________________



http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المكتبة, المكتبة الشاملة, الكتاب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سقوط إسرائيل في ظل النصوص القديمة نور الإسلام المقالات 0 17-08-2014 09:16 AM
مدونة المناظرات رائعة مناظرات مع الملل والنحل والفرق والمذاهب خادم الإسلام مناظرات وحوارات 0 20-07-2013 06:32 AM
موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام كتاب عادل محمد أخبار منوعة 1 02-04-2012 07:52 PM
التثليث في الوثنيات القديمة للدكتور منقذ نور الإسلام لاهوتيات 0 17-01-2012 07:35 PM
التثليث في الوثنيات القديمة مزون الطيب لاهوتيات 0 11-01-2012 09:53 PM


الساعة الآن 01:24 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22