صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > مكتبة طريق الخلاص > كتب ومراجع إسلامية

كتب ومراجع إسلامية حمل كتب وبحوث إلكترونية إسلامية

دور المرأة في حمل الدعوة

تأصيل شرعي الجزء الأول عصر النبوة تأليف محمد حسين عيسى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-05-2013 ~ 10:24 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي دور المرأة في حمل الدعوة
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012



تأصيل شرعي
الجزء الأول
عصر النبوة

تأليف
محمد حسين عيسى
ج

تقديم
الشيخ / محمد عبد الله الخطيب






الإهداء
إلى أم المؤمنين خديجة ـ رضي الله عنها ـ أول زوجة وفية بارة مؤمنة ، وقفت تصدق زوجها و تسانده في الشدائد ، و تقول له في ثقة و إيمان و ثبات و يقين " كلا و الله ما يحزنك الله أبدا ، انك لتصل الرحم ، و تحمل الكل ، و تكسب المعدوم ، و تقرى الضيف ، و تعين على النوائب الحق " و إلى كل مؤمنة تقف اليوم هذا الموقف ، و تؤدى هذا الدور ، و ترقى إلى هذا المستوى ، و توقن هذا اليقين أهدي هذا الكتاب .


المؤلف
محمد حسين عيسى










تقديم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد الخلق أجمعين ،سيدنا محمد و على اله وصحبه أجمعين ، و بعد ……
فان كتاب ( دور المرآة في حمل الدعوة ) قد تناول جوانب طيبة من حياة السابقات إلى الإسلام ، بدءا بأم المؤمنين خديجة ـ رضي الله عنها ـ و موقفها العظيم من الرسول صلى الله عليه و سلم ، و منزلتها في الإسلام ، و وفاء الرسول صلى الله عليه و سلم لها ، و ذكره لها ، و قد اشتملت الرسالة على نخبة عظيمة من هؤلاء المؤمنات ، ممن حملن دعوة الله و واجهن المشقات و المتاعب ، و شاركن في الهجرة الأولى إلى الحبشة ،أثم في الهجرة الكبرى إلى المدينة ، لإقامة دولة الإسلام ، و شاركن في كل معارك الإسلام الفاصلة ، و بايعن رسول الله صلى الله عليه و سلم
و الإسلام ينظر إلى دور المرآة حمل الدعوة من خلال نظرته إلى وضع المرآة ، فالمرآة إنسان كالرجل تماما ، و كل منهما له حقوق وعليه واجبات ، يقول سبحانه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى }من (13) سورة الحجرات ،و الله سبحانه يوجه أمره في القران الكريم إلى المؤمنين رجالا و نساء ،بصفة عامة ، فقد فرض نفس الواجبات ـ سواء في العبادات أو في المعاملات ـ على الجميع ، فجميع العبادات من صلاة و صوم و حج فريضة على الرجل و المرآة على السواء ، وكذلك كل الأحكام التي تتعلق بالحياة اليومية و العلاقات الاجتماعية و الله سبحانه و تعالى يحاسبهم و يجازيهم على قدم المساواة قال الله عز وجل {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } من (195) سورة آل عمران و قال الله عز وجل {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (97) سورة النحل
و ألزم الزوج بحسن معاشرتها و أمر بالإحسان إليها ، ففي الحديث الصحيح (خيركم خيركم لأهله ،و أنا خيركم لأهلي ) الترمذى. و المرآة في الإسلام ذات سلوك ديني ، و هذا يتحقق بالمحافظة علي نفسها ، فلا تتهاون في إظهار ما حرمت رؤيته ،بل تتمسك في مظهرها بالواجب عليها كمسلمة .
و لقد ذكر المؤلف في هذه الرسالة نماذج للمسلمات في صبرهن ، فأشار إلى الفترة الأولى في تاريخ الإسلام ،و إلي فاطمة بنت الخطاب ـ رضي الله عنها ـ و موقفها من أخيها عندما علم بإسلامها و إسلام زوجها ، و اقتحم عليها البيت ، و كان عمر قد سمع صوت قاري القران ، فقال لها : ما هذا الصوت الذي سمعته ؟
قالت له : لا شي ،و هنا ضرنها و جرحها ، فوقفت في و جهة مؤمنه قوية ، قالت :
لقد أسلمنا و أمنا بالله و رسوله ، فاصنع ما بدا لك ؟ و كان هذا الموقف القوي منها من أسباب إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
و أشار المؤلف إلي سمية ـ رضي الله عنها ـ أول شهيدة في الإسلام ، ففي رواية للبيهيقي :"مات ياسر( زوج سمية ) من العذاب ، وأغلظت سمية لأبي جهل ، فطعنها في قلبها فماتت ، و رمي عبد الله (ابن لسمية) فسقط ".
و كان الرسول ـ صلوات الله و سلامه عليه ـ يمر بهم فيقول "صبرا آل ياسر فان موعدكم الجنة " ، فهذه أول شهيدة في الإسلام بشرت بالجنة ، كما إن خديجة ـ رضي الله عنها ـ أول من بشرت بالجنة .
و هكذا يتتابع موكب العاملات لدعوة الإسلام في الصدر الأول ، يحمل لنا أمثلة للعطاء و نماذج للصبر و تحمل أعباء الدعوة ، و الاستشهاد في سبيلها ، و الصدق في المواقف ، و الأيمان بالله الذي يفوق الوصف ، و التضحيات التي لا يقل عن تضحيات الرجل .
و هكذا تكون المرآة في الإسلام .. فهي ألام و الأخت و الزوجة ، و العنصر النافع في المجتمعات ، و قبل ذلك تقف وراء زوجها تعينه و تسدده ،وتمسح ألامه ، و تخفف عنه من أعباء الحياة ، و تقف في المسجد تراجع الخليفة ، و تقدم المشورة ، و في كل هذه الميادين توجد المرآة التي استقامت مع ربها وصدقت مع إسلامها ، و أعطت لبيتها و أولادها و مجتمعها الكثير الكثير .
و مجتمعاتنا اليوم في اشد الحاجة إلي المرآة المؤمنة بالله ، التي نفقة دينها و تعرف ربها و تلتزم بدورها الكبير علي نهج و منوال من سبقنها علي الدرب ، و هن كثيرات في هذا الموكب الكريم .
والله اسأل إن ينفعنا بهذا العطاء انه سميع مجيب ...

محمد عبد الخطيب












المقدمة
الحمد لله الذي اعزنا بالإسلام ، فان ابتغينا العزة في غيرة أذلنا الله ، أما بعد ...
إن الإسلام يرتفع بقيمة المرآة و كرامتها ، باعتبارها ابنة و زوجة و أماً وعضواً نافعاً في المجتمع ، و قبل ذلك كله باعتبارها إنساناً ، فالمرآة مكلفة كالرجل ، مخاطبة بأمر الله و نهيه مثله و معاقبة ، كما يثاب الرجل و يعاقب .
وإننا في هذا الكتاب نحاول فتح أفاق المشاركة الايجابية الواعية أمام المرأة ، و إتاحة الفرصة لها لتؤدى دورها في حمل دعوة الحق أسوة بأخواتها اللاتي سبقنها في عصور سابقة ، من خلال استقرائنا للنصوص المحكمة من الحديث الشريف و السنة المطهرة ، و التي تعبر عن روح الإسلام في موقفه من المرآة .
من هذه النصوص ندرك إن المرآة المسلمة شاركت في الحياة الاجتماعية و الدعوية ، جنبا إلي جنب مع الرجل ، حتى شملت مشاركتها جميع المجالات العامة و الخاصة ، و ذلك استجابة لحاجات الحياة الجادة النشطة ، و تيسيرا علي المؤمنين و المؤمنات ، و لم يقيد هذه المشاركة سوى مجموعة من الآداب الرفيعة التي تصون و لا تعطل .
فقد شاركت المرآة المسلمة في ميدان التثقيف و التعليم ، و ميدان البر و الخدمات ، كما حملت في صدر الإسلام عقيدة تخالف عقيدة أهل مكة وواجهت الاضطهاد و التعذيب ، و هاجرت في سبيل عقيدتها ، كما تميزت بالاهتمام و الوعي بالأمور العامة ، و قدمت المشورة في بعض قضايا السياسية حتى و صل الأمر إلي مراجعة الخليفة و هو قائم يخطب علي المنبر ، فيقر الخليفة رأيها و يخطى رأيه .
و كان من ثمرات هذه المشاركة نمو وعي المرآة و بلوغها درجة عالية من النضج ، و تحقيقها الكثير من إعمال الخير لنفسها و لمجتمعها و لدينها .
و في عصرنا الحالي نجد أوضاعا اجتماعية تفرض مزيدا من مشاركة المرآة في النشاط الاجتماعي و السياسي و المهني ، مع احترام القواعد و المعالم التي رسمتها الشريعة و التي تحكم تلك الأوضاع و ما إليها ابد الدهر .
نسال الله عز وجل إن يوفقنا إلي ما فيه خير امتنا و عزة ديننا \ن و يرزقنا الرشاد و السداد ، انه علي ما يشاء قدير ، وأخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين .


محمد حسين عيسي






خديجة بنت خويلد
أول من أمنت و أزرت
تصديق و تثبيت و تبشير :
عن عائشة ـ أم المؤمنين ـ أنها قالت : أول ما بُدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حًبب إليه الخلاء ، و كان يخلو بغار حواء فيتحنث فيه قبل إن ينزع إلي أهله و يتزود لذلك ،ثم يرجع إلي خديجة فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق و هو بغار حراء ، فجاءه الملك فقال: أقرا قال : " ما أنا بقاري " قال : "فأخذنى فغطني حتى بلغ مني الجهد ،ثم أرسلنى فقال : أقرا ، قلت : ما أنا بقاري ، فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال : أقرا باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق أقرا و ربك الأكرم " فرجع رسول الله صلى الله عليه و سلم يرجف فؤاده ، فدخل علي خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها ـ فقال "زملوني زملوني " فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة و اخبرها الخبر : "لقد خشيت علي نفسي " فقالت خديجة : كلا و الله ما يخزيك الله أبدا ، انك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف و تعين علي نوائب الحق ، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد ألعزي ، ابن عم خديجة ، و كان أمرا قد تنصر في الجاهلية ، و كان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله إن يكتب ،و كان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : يا ابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال له ورقة : يا ابن اخي ماذا تري ؟ فاخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم خبر ما رأى ،فقال له ورقه : هذا الناموس الذي نزل الله علي موس ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ، فقال رسول اللهصلى الله عليه و سلم : " أو مخرجي هم ؟ " قال : نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، و إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقه إن توفى وفتر الوحي
نعم الزوجة خديجة ، ففي هذا الموقف الذي هو الغاية في الزلزلة ، نراها من وراء زوجها صلى الله عليه و سلم في غاية الثبات : تقول له : كلا ابشر ، فوالله لا يخزيك الله أبدا ....
ابشر ... ما احلي و أنبل إن يسمع الزوج من زوجته في المواقف الصعبة كلمة التأييد و التثبيت و التبشير ، فهي تزف له البشرى عند الخوف و الحزن لأنها تري من خلال عملها بخلقه و سابق مواقفه ، و الجزاء جنس العمل ، و هي تعلم إن سنة الله هي إكرام الكرماء ، و نصرة من ينصرون الضعفاء ، فوالله ما يحزنك الله أبدا : انك و انك .. أنها ـ رضي الله عنها ـ التي أمنت بالنبي صلى الله عليه و سلم قبل أي إنسان ، بل هي التي بشرته بالنبوة .
لذا صدقته :
لم يخامرها الشك فيما رواه ، و لو للحظة ، الم يعرف عند قومه بالصدق و الأمانة ، و هل اختارته إلا لصدق حديثه و عظيم أمانته و كرم أخلاقه ؟ لم لا تصدقه و معايشتها إياه كشف صفات كفيله بتأهيله للنبوة و القيادة .

فطنة و ذكاء :
و علي الرغم من الفرحة و التفاؤل الذي ملاها لتصديق مقالة الزوج الأمين ،فقد راحت تعمل ذهنها سريعا في البحث عن حكيم يؤمن بدين سماوي كي تطمئن أكثر ، فلا أفضل من ابن عمها ورقة . و لم تكتف ببشارة ابن عمها ورقة ، فان حدثا جليلا كهذا يحتاج إلي جهد عقلي لا يتوقف عن التفكير لاستخراج أدله تعين زوجها الحبيب علي احتواء دعوته ، فقد ورد أنها ـ رضي الله عنها ـ قالت لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أتستطيع إن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك ؟ قال صلى الله عليه و سلم : نعم ، قالت : فإذا جاءك فاخبرني به ، فجاءه جبريل علية السلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا خديجة ، هذا جبريل قد جاءني ، فقالت : قم فاجلس علي فخذي أليسري ، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فجلس علي فخذها أليسري،فقالت : هل تراه ؟ قال : نعم ، قالت : فتحول فاجلس في حجري ، فتحول رسول الله صلى الله عليه و سلم فجلس في حجرها ، فقالت : هل تراه ؟ قال : نعم ، فتحسرت فألقت خمارها و رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس في حجرها ، ثم قالت : هل تراه ؟ قال : لا ،قالت : يا ابن عم اثبت و ابشر فوالله انه لملك ، و ما هذا شيطان .
إن الأمر لا يخصها لأنه يخص زوجها ، لذا فهي منشغلة بالتفكير في الأمر ، و هي بعقلها و خبرتها و علمها احتالت لتصل إلي الحقيقة ، فهي تعلم إن الملائكة يستحون ، فلما اخبرها النبي صلى الله عليه و سلم بانصراف جبريل حين ألقت خمارها ، علمت انه ملك .. يا ابن عم اثبت و ابشر فوالله انه لملك ، و ما هذا شيطان .
ترابط و تعانق :
إننا نري في موقف هذين الزوجين الكريمين مدي التآزر و الترابط و التعانق للعلاقة الزوجية ، إفضاء للأسرار ، و تحمل للأمور الحادثة ، و نري عمق الارتباط و الالتقاء النفسي و الروحي و الجسدي و العقلي ، أنها و حدة المصير ، فالرؤية للأمور موحدة ، و الإغراض مجتمعة ، و الطبائع ملتقية ، و الإنس متبادل ، و العواطف متجاوبة ، أنهما الزوجان المترفقان المتآلفان .. إلي الأبد .
مصير واحد :
إن الأمر لا يختص به الرجال دون النساء ، انه أمر نبوة و دعوة و رسالة ، و جهاد و تضحيات ، يقف فيها النساء مع الرجال في خندق واحد ، يجمعهم مصير واحد . لذا كان الوفاء من الزوج :
و من هنا نفهم وفاء النبي صلى الله عليه و سلم لخديجة بعد موتها ، حيث كان يكثر من ذكرها و الثناء عليها ، حتى غارت أم المومنين عائشة فقالت للنبي صلى الله عليه و سلم : ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق ، قد أبدلك الله عز وجل بها خيرا منها ، قال "ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها ، قد أمنت بي اذ كفر بي الناس ، و صدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء " .
ولذا كان سلام الله و بشرى الملك :
كان بيت النبي صلى الله عليه و سلم بيت الدعوة ، تهيئة و تقوم خديجة ـ رضي الله عنها ـ وتنفق عليه من مالها ، فلا عجب إن يسلم عليها ربها ، و يبعث جبريل إلي النبي صلى الله عليه و سلم ليبشرها ببيت في الجنة ،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتي جبريل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ، هذه خديجة قد أتت ، معها أناء فيه أدام أو طعام أو شراب ،فإذا هي أتتك فأقرا عليها السلام من ربها و مني ، و بشرها ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه و لانصب .
صدقت بما جاء به زوجها صلى الله عليه و سلم من الله ، وآزرته علي أمره ، فكانت أول من امن بالله ورسوله ،فخفف الله بذلك عن رسوله ، لا يسمع بشي يكرهه من رد عليه و تكذيب له يحزنه ، إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها، تثبته ، وتخفف عليه ، وصدقه ، و تهون عليه أمر الناس ، رضي الله عنها .
و هكذا تعلم إن أول من امن بالرسالة امرأة ، و إن أول من شارك في الدعوة امرأة ، و إن أول من بشر بالجنة امرأة .
***********************
أم سلمة
المشورة و النصح
روي الإمام البخاري بإسناده عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه في حديث الحديبية : فلما فرغ من قضية الكتاب : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه : "قوموا فانحروا ، ثم احلقوا " قال المسور : فوالله ما قام منهم رجل ، حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلما يقم منهم احد دخل علي أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس ، فقالت أم سلمة : يا نبي الله ، أتحب ذلك ؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة ، حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك ، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك ، نحر بدنه ، ودعا حالقه فحلقله ، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضا ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما .
ثبات فاق ثبات الرجال :
ما أجمل إن يتحدث المسلمون و التاريخ عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ بهذا التفخيم لشانها وعقلها ،وتدخلها في أمور المسلمين ،والمسلمون بينهم نبيهم ، وفي حدث كاد إن يهلك فيه كثير من المسلمين ، بما فيهم عمر الفاروق رضي الله عنه ،حيث يحكي لنا ما فعله اعتراضه على الشروط التي وافق عليها النبي صلى الله عليه و سلم ، وجداله الطويل معه ،الذي ظهرت فيه أمارات الغضب و الغيظ وعدم الرضا ،يقول عمر : فأتيت نبي الله صلى الله عليه و سلم فقلت : الست نبي الله حقا ؟ قال : "بلى " قلت : السنا علي حق وعدونا علي باطل ؟ قال :"بلي " قلت : فلم نعطي النية في ديننا إذا ؟ قال : "أني رسول الله –ولست اعصيه،وهو ناصري"قلت :أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟قال "بلي، فأخبرتك أنا نأتيه العام ؟" قال :قلت :لا،قال:"فانك أتيه ومطوف به "
ثقة في محلها :
ولم يكتم النبي صلى الله عليه و سلم همه وحزنه عن زوجه ـ رضي الله عنها ـ لم تكن بمناي عن الإحداث ، حيث خرجت مع زوجها صلى الله عليه و سلم ومع المسلمين ،وحضرت معهم الوقائع ،إن الزوجة مع الداعية إلي الله سبحانه وتعالي شانا في الدعوة ،فالنساء لم يكن مغيبات ولا مستبعدات عن أموار الدعوة وشئون الحياة .
النبي لا يستخف برأي النساء :
و هذا نبينا صلى الله عليه و سلم ـ، وهو اعقل واعلم خلق الله سبحانه وتعالي ، وبين يديه ما يزيد عن ألف وخمسمائة صحابي ـ يأخذ بمشورة امرأة في أمر جسيم يتعلق بالدعوة ويطلب منها المشورة ، فتشير عليه ،ويعمل بمشورتها ،فيتحقق الخير ، وهكذا جلي الله سبحانه و تعالي عن المسلمين الغمة برأي امرأة ،حيث كان النبي صلى الله عليه و سلم وصحابته رضي الله عنهم لا يجنبون النساء أمورهم .
المرآة تشارك في أحداث المجتمع :
وكذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم يطلع زوجاته علي ما يستجد من إحداث تمس المجتمع المسلم ، ويشاركهن فيها ، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه ـ واحد الثلاثة الذين تيب عليهم عندما تخلفوا عن غزوة تبوك ـ قال :فانزل الله توبتنا علي نبيه صلى الله عليه و سلم حين بقي الثلث الأخر من الليل ، ورسول الله صلى الله عليه و سلم عند ام سلمة ، وكانت ام سلمة محسنة في شانى معينة في امرى ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "يا ام سلمة ،تيب علي كعب " قالت : أفلا أرسل إليه فابشره؟قال: "إذا يحطمكم الناس ،فيمنعونكم النوم سائر الليلة "
فكونها امرأة لم يمنعها من المشاركة والعناية بأمور المسلمين ، والنبي صلى الله عليه و سلم يخبرها قبل غيرها بتوبة الله عز وجل علي كعب وأخويه ، وتطلب منه إن يسمح لها بالإرسال إلي كعب لتبشيره فينصحها النبي صلى الله عليه و سلم بالتريث قليلا ، حتى لا يتكاثر عليا الناس ، للتحقق والسؤال عما نزل من القران في هذه الحادث .
**********************
سمية بنت خياط
الشهيدة الأولي
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كان أول من ظهر إسلامه سبعة :رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أبوبكر،وعمار ،وأمه سميه ،وصهيب ، وبلال ،والمقداد ،فإما رسول الله صلى الله عليه و سلم فمنعه الله بعمه ابى طالب ،وأما أبو بكر فنعمه الله بقومه ،وإما سائرهم فأخذهم المشركون وألبسوهم ادراع الحديد ،وصهروهم في الشمس .
وفي رواية البهيقي :فمات ياسر( زوج سميه) من العذاب ،وأغلظت سميه لابي جهل، فطعنها في قلبها ،فماتت،ورمي عبد الله (ابن سمية ) فسقط .
وكان رسول صلى الله عليه و سلم ـ يمر بهم فيقول "صبرا أل ياسر فان موعدكم الجنة "
امرأة وامرأة :
كما اختار الله سبحانه وتعالى امرأة ـهي هي خديجه ـ رضي الله عنهاـ لتكون أول من امن بهذا الدين ،وأول من بشر بالجنة ،اختار ايضا سبحانه وتعالى امرأة أخري لتكون أول من يدخل الجنة شهيدا ،فالجنة والسبق إليها ،لا يختصان بالرجال دون النساء ،والجهاد بالنفس والمال في دعوة الإسلام ليس حكرا علي الرجال دون النساء،وتحمل الأذى و التعذيب والتخويف يقع في سبيل الله علي النساء ،كما يقع علي الرجال .
أسرة مباركة :
الأب (ياسر)والأم( سمية )والابن (عمار)أسرة أمنت بالله عز وجل ،وصدقت برسوله صلى الله عليه و سلم ،بكل عنصرها وإفرادها ،لم يخش الأب علي ابنه إن يتتبع سبيل المؤمنين ،ولو كان في ذلك زهوق الروح ،ولم تجزع الأم علي ولدها رغبة في السلامة من الأذى ، بل كانت يدا وعونا له، ودافعا على الإصرار .
أم وأم :
وأين (أم مصعب )من أم (عمار )؟حين علمت أم مصعب بإسلامه وإتباعه محمداصلى الله عليه و سلم ،ومفارقته دين الإباء والأجداد ،بكت وانتحبت ،وخشيت وجزعت ونهت ،واشتدت في النهي بالتجويع والحرمان.... وأمثالها اليوم كثيرات .
وإما أم عمار ،سمية ـ رضي الله عنها ـ فقد هشت وبشت وأيدت ،بل اندفعت في حماس وقوة ،وتجاوزت ذلك إلي إعطاء المثل الاعلي بنفسها ... شهيدة ، فكانت النبراس والقدوة .
ثبات لا يزعزعه عذاب :
وعذب الجميع في الله ـ الأب والأم والابن ـ عذابا لا تتحمله الجبال ،بين قيد ثقيل وغليظ ،وجلد بالسياط اللاهبة ،التي تشق البدن ،وضرب بالعصي الغلاظ ،التي تكسر العظام ،وشواظ من أشعة شمس الصحراء ، التي تحرق الجلود ،فما هانوا،وما لانوا، ولم يرضخوا لتهديد أو وعيد ،
موعدكم الجنة :
وكان صلى الله عليه و سلم يمر عليهم وهم يعذبون ،فلا يملك إلا أن يثبتهم ويبشرهم بقوله:
"صبرا أل ياسر فان موعدكم الجنة " انه الإقرار من النبيصلى الله عليه و سلم لسمية ـ رضي الله عنها ـ علي مشاركتها بالجهاد بالنفس ،وموقفها الباسل في الدعوة ،وفي ثباتها وتضحيتها ،وعدم تفوهها بكلمة الكفر .
ثبتت مع أسرتها ،وضحوا ،وماتوا جميعا ،الرجل ياسر لا، والمرآة سمية ، والابن عبد الله،إلا عمارا ،اضطر من قسوة العذاب أن يتفوه بكلمة الكفر الفظا ،حتى ينجو من العذاب ،ولكن قلبه مطمئن بالإيمان .
بيت الشهداء الأول :
إن البيت كل البيت أمام دعوة الله تعالى أمره واحد ،الرجال والنساء والأولاد،ليكون دليلا وأسوة لكل بيت مسلم في امة محمد صلى الله عليه و سلم فبات بيت آل ياسر مثالا للتضحية والشهادة في سبيل الله ،وحتى يصبح قدوة البيوت في المجتمع المسلم ،وحتى يمكن أن يطلق عليه ـ بيت الشهداء الأول ـ فكما إن الصف المسلم فيه القدوات من الرجال والنساء و الأبناء ،فكذلك المجتمع المسلم فيه القدوات من البيوت، فهنيئا لبيت آل ياسر ببشرى رسول الله صلى الله عليه و سلم فكلهم شهداء ،حتى عمار بن ياسر الذي بقي ونجي من الموت التعذيب ،اتخذه الله شهيدا في المعارك ، بعد عمر ملي بالعلم والعبادة والجهاد ،وحتى لا يظن ظان أن الجهاد والتضحية في سبيل الله قصرها الله علي الرجال وحدهم ،وحتى يعلم الناس أن المجتمع الأول من السابقين في هذه الأمة تأسس وأقيم بجهود وتضحيات الرجال والنساء معا ، وذلك سنة للأمة إلي يوم الدين ، وحتى لا يظن احد من الدعاة أن الشهادة والتضحية حكر عليه دون وولده وولديه ،أو أن من الحكمة تجنب بيته وأهله مخاوف طريق الدعوة وتضحياته .
*********************


أم شًرِيك
ثبات ينجيها و يرغم أعداءها
يقول ابن عباس رضي الله عنه ـ"وقع في قلب أم شريك الإسلام ،فأسلمت وهي بمكة، ثم جعلت تدخل علي نساء قريش سرا فتدعوهن وترغبهن في الإسلام ،حتى ظهر أمرها لأهلا مكة فأخذوها ،وقالوا :لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا ،لكنا نسيرك إليهم،قالت:فحملوني علي بعير ليس تحتي شي ،ثم تركوني ثلاثا لا يطعمونني ولا يسقونني،وكانوا إذا انزلوا منزلا أوثقوني في الشمس،واستظلوا هم منها ،وحبسوني عن الطعام والشراب،فبينا هم نزلوا منزلا وأوثقوني في الشمس ،إذا أنا ببرد شي في صدري ،فتناولته فشربت منه،ثم رفع، ثم عاد ،فتناولته ،ثم رفع مرارا،ثم تركت فشربت حتى رويت ،ثم أفضت سائرة على جسدي وثيابي،فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء،ورأوني حسنة الهيئة ،فقالوا لي : انحللت فأخذت سقاءنا فشربت ،قلت:لا والله، ولكنه كان من الأمر كذا وكذا ،قالوا :لئن كنت صادقة لدينك خير من ديننا ،فلما نظروا إلي أسقيتهم وجدوها كما تركوها ، فاسلموا عند ذلك" .
نشر الدعوة بين النساء فريضة :
انه فرض قديم منذ نشأت الدعوة بمكة،أن تقوم المرآة المسلمة بنشر دينها بين النساء،حتى ولو اضطرت أن تقوم به سرا،وذلك عندما يضيق أعداء الإسلام علي المسلمين، ويمنعونهم من القيام بفرائض الاسلام .
لقد علمت أم شريك ـ رضي الله عنها ـ أن عليها دورا بين بنات جنسها ،حتى ولو كن مشركات بالله سبحانه وتعالى ،فقامت به،وهي تعلم الأخطار التي تحيط به وبدعوتها.
وقد ابتليت إذ علمت قريش بأمرها فأخذوها،وعذبوها بالقيد والترك في الشمس الحارقة،مع التجويع والتعطيش والإيذاء،ثم نفوها بعيدا عن مكة،فثبتت ـ رضي الله عنها ـ
الفرج من الله :
ولكن الله عز وجل ما كان أيضا ليتخلى عن عباده الصادقين ،فيبعث إليها بالتثبيت و الفرج،و يشملها برعايته وعانيه سبحانه وتعالى ، بعدما أبدت من الصبر والثبات الكثير،فيحدث لها كرامة من الكرامات التي يكرم بها عز وجل أولياءه ،فيرسل إليها ما يزيل ألمها ،ويروى غلتها ،ويشرح صدرها .
فضل وزيادة :
وانعم عليها الله عز وجل بفضل وزيادة منه،فكانت سببا لإسلام أعدائها الذين آذوها ، بعدما رأوا كرامتها عند ربها ،فعلموا صدقها ،وصدق هذا الدين ،وأرغمهم ثباتها علي القناعة بدينها الحق .
*************************
لبيبة
ثبات الجبال
روى البلاذرى والصالحي في السيرة الشامية أن جارية ضعيفة من بني المؤمل اسمها لبيبة ،أسلمت قبل إسلام عمر بن الخطاب ،وكان عمر يعذبها حتى يمل ،فيدعها،ثم يقول :إني لم ادعك إلا سامة ،(كذلك يعذبك ربك إن لم تسلم ).
ويروى ابن سعد عن حسان بن ثابت رضي الله عنه ما رآه من تعذيب لبيبة ،يقول : قدمت مكة معتمرا ،والنبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه يؤذون ويعذبون ،فوقفت علي عمر وهو يخنق جارية حتى تسترخي في يديه ،فأقول :قد ماتت،فاشتراها أبو بكر فاعتقها .
**************************
زنيرة الرومية
إيمان وثيق
وهذه زنيرة الرومية، كان عمر بن الخطاب وأبو جهل يعذبانها ،واستمرا تعذيبها حتى عميت ،فقال لها أبو جهل :إن اللات والعزى هما اللتان فعلتا بك ما ترين ،فقالت وهي لا تبصر دور المرأة  في حمل الدعوة frown.gif وما تدرى اللات والعزى من يعبد هما ،ولكن هذا امر السماء، وربي قادر علي أن يرد بصري ) فأصبحت تلك الليلة وقد رد الله بصرها ،فقالت قريش :هذا من سحر محمد ، فاشتراها ابو بكر فاعتقها .
وأمثال سمية ولبيبة وزنيرة كثيرات ،فهذه ام عنيس ،وهذه النهدية وابنتها ،وهذه حمامة أم بلال ،وغيرهن ،وغيرهن .
**************************
فاطمة بنت الخطاب
الحرص والحذر
روى عن عائشة ـ رضي الله عنهاـ أن أبا بكر رضي الله عنه ألح علي رسول الله صلى الله عليه و سلم في الظهور أمام المشركين ،حتى ظهر رسول الله صلى الله عليه و سلم ،وتفرق المسلمون في نواحي المسجد ،كل رجل في عشيرته،وقام أبو بكر في الناس خطيبا ،فكان أول خطيب دعا إلي الله ورسوله،فثار المشركون علي أبو بكر ،وضربوه ضربا شديدا حتى ما يعرف وجهه من انفه ،وجاءت بنو تيم ،فأجلت المشركين عن أبي بكر،وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى ادخلوه منزله وهم لا يشكون في موته،وقالوا لامه :انظري أن تطعميه شيئا أو تسقيه إياه،فلما خلت به وسألته عن حاله،جعل يقول :ما فعل رسول اللهصلى الله عليه و سلم ؟ فقالت :والله مالي علم بصاحبك ،فقال :اذهبي إلي فاطمة بنت الخطاب فاسأليها عنه، فخرجت حتى جاءت فاطمة فقالت:إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ،فقالت :ما اعرف أبا بكر ولا محمد ابن عبد الله ، وان كنت تحبين اذهب معك إلي ابنك ، قالت :نعم،فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا دنفا ،فدنت فاطمة منه وأعلنت بالصياح ،قائلة:والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر ،واني لأرجو أن ينتقم الله منهم ،قال: فما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟قالت :هذه أمك تسمع ،قال:لا شيء عليك منها ،قالت :سالم صالح .
رائدة من الرائدات :
إن هذه الفترة من تاريخ الدعوة التي يطلق عليها أهل السيرة (سرية الدعوة ) كان المسلمون يستخفون بدينهم ، ويعذبون ويضطهدون ،وكانوا يتخذون من دار الأرقم مأوى يلتقون فيه بالنبي صلى الله عليه و سلم ،كما كانوا يتعبدون فيه أوفي شعاب مكة بعيدا عن أنظار المشركين في مجموعات أو فرادى .
وكان قد اسلم من النساء في تلك الفترة ثلاث عشرة امرأة ،وهن :خديخة بنت خويلد،وفاطمة بنت الخطاب ،وأم ايمن بركة ،وسمية أم عمار ،وأسماء بنت أبى بكر ،وأم الفضل بنت الحارس امرأة العباس ،/وأسماء بنت عميس ،وأسماء بنت سلامة ،وفاطمة بنت المجلل ،وفكيهة بنت يسار ،ورملة بنت عوف ، واميمة بنت خلف ، وبجلة بنت هناءة ،رضي الله عنهن جميعا .
لقد كانت تلك الفترة تحتاج إلي الحذر الشديد ، ولقد شاركت النساء مع الرجال في تحمل أعباء هذه المرحلة ، فكن أهلا للقيام بالأعباء،وتحمل المسئوليات العظيمة ، والتضحيات الجسيمة، مثلهن مثل الرجال ،سواء.
إنكار واستفسار:
فهذه فاطمة بنت الخطاب ـ رضي الله عنهاـ تذهب إليها أم أبى بكر لتسألها بأمر أبى بكر عن رسول الله ، فترد عليها بحرص بحذر:ما اعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله ، وفي نفس الوقت تحتال لتخبر بنفسها أبا بكر من جهة ،ولتطمئن عليه من جهة أخرى، فتقول لامه :وان كنت تحبين اذهب معك إلي ابنك ، فلما رأت أبا بكر اعنت بالصياح كأنها لم تكن تعرف ما حل به،أمعانا منها في التغطية على أمرهما .
حَذَرٌ وتَحْذِير:
فقال لها رضي الله عنه : ما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت هذه أمك تسمع ،انه الحذر والتحذير من المرآة من جماعة المسلمين من فرد في معسكر المشركين ،حتى ولو كان هذا الفرد أم احدهم ،وحتى لو كان المحذر من المسلمين غير محرم وغير قريب ،أنها إخوة الأيمان ووحدة الصف .
وأبو بكر الصديق رضي الله عنه يعرف النفوس وأخلاقها، فكيف لا يعرف أمه البارة بابنها ؟ لذلك قال لفاطمة عندما نبهته أن أمه قريبة منهما وتسمع كلامهما :لا شيء عليك منها ،قالت :سالم صالح ،قال :أين هو؟قالت :في دار الأرقم .
فلم تنطق فاطمة بما تعلم إلا بعد الإذن و في حدود السؤال فقط.
ولقد أسلمت ألام بعد ذلك ,وانضمت إلي معسكر المسلمين ،واستمرت القافلة في السير برجالها ونسائها .
المستور ينكشف :
وروى ابن إسحاق وابن سعد وأبو يعلي والحاكم والبزار هذه القصة :عندما علم عمر بإسلام أخته وزوجها ،أسرع اليهما ،وقرع عليهما الباب ،و عندهما خباب ابن الارت معه صحيفة فيها آيات من سورة طه يعلمهما إياها، فلما سمعوا صوت عمر اختبأ خباب ،وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها ،ولكن عمر كان قد سمع قراءة خباب عليهما حين دنا من البيت ،فلما دخل قال : ما هذا الصوت الذي سمعته ؟ قالا له :لا شيء ،فقال:والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا علي دينه ، وضرب سعيد بن زيد،فقامت اليه فاطمة لتكلفه عن زوجها ،فضربها وجرحها ، فلما فعل ذلك قالا له دور المرأة  في حمل الدعوة frown.gif نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله ،فاصنع ما بدا لك )
صبر يزلزل الكفر:
فلما رأى عمر أخته في الدم ندم علي ما صنع ،وقال لأخته : أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرءونها فانظر ما الذي جاء به محمد، فقالت له أخته:إنا نخشاك عليها ، قال لا تخافي ،وحلف لها بآلهته أن يردها اليهما بعدما يقراها ،فلما قال ذلك طمعت فاطمة في إسلامه، فقالت ،يا أخي أنت نجس علي شركك ،وانه لا يمس القران إلا الطاهر ،فقام عمر فاغتسل ، فأعطته الصحيفة ،فلما قرأ جزءا منها قال: ما أحسن هذا الكلام وأكرمه فلما سمع ذلك خباب خرج إليه ،فقال له :يا عمر ،والله أني لأرجو إن يكون الله عز وجل قد خصك بدعوة نبيه ، فاني سمعته أمس وهو يقول :"اللهم اعز الإسلام بأحب هذين الرجلين أليك :بابي جهل أو بعمر بن الخطاب " ،فالله الله يا عمر،وبالفعل اسلم عمر رضي الله عنه .
هكذا كان يلتقي المسلمون وقت التخفي والخوف من بطش قريش ،فقد اتخذوا بيوتهم قبلة، والأسرة من الزوج والزوجة وأخ لهما في الله يجتمعون ويقرءون ،ويعلم بعضهم بعضا ،ويعبدون ربهم ،وبرغم هذا ،ولحكمة يعلمها الله ،يتوصل أليهم أهل البطش ،ويقتحمون عليهم بيوتهم ،ويوقعون بهم ،وفي هذه القصة ظهر لنا من لطف الله الخفي أن ما وقع لهم من الترويع والتعذيب كانت ثمرته أسلام عمر رضي الله عنه .
وفي هذه القصة تثبت لنا مشاركة المرآة في الدعوة إلي الله برغم تعرضها للأذى
،وإنها تتلقى العلم والفقه مع الرجال ،بل إن فاطمة بنت الخطاب ـ رضي الله عنهاـ هي التي تولت إقناع عمر بالإسلام ،وإنها علي علم بالفقه ،حيث تعلم نجاسة الكفار ،فلم تقبل أن يمس عمر القران قبل أن يغتسل .
كما تعطيني هذه القصة اثر وقع الظلم علي القلة المستضعفة ، حتى إنهم لا يجدون ملجأ إلا الله ،فهذا قدوة الدعاة إلي الله،محمدصلى الله عليه و سلم يدعو الله أن يعز الإسلام بأحد رجلين من الأقوياء، برغم ما كان يقع منهما من عداوة للمسلمين ،يدعو لهما بالهداية ،ولم يدع عليهما بالهلاك ،ويستجيب الله عز و جل دعاء رسوله ـ رضي الله عنها.
***************************
أسماء بنت أبي بكر
المهام الصعبة
تخبر عائشة ـ رضي الله عنهاـ في حكايتها لقصة هجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم مع أبيها الصديق رضي الله عنه:أنهم بينما هم ظهرا في بيتهم وليس عند أبى بكر إلا ابنتاه :
عائشة وأسماء ،إذا هم برسول الله صلى الله عليه و سلم حين قام قائم الظهيرة ،وكان لا يخطئه يوما أن يأتي بيت أبي بكر أول النهار وأخره،فلما رآه أبو بكر جاء ظهرا، فقال: ما جاء بك يا نبي الله إلا أمر حدث، فلما دخل عليهم البيت ، قال لأبي بكر "اخرج من عندك " فقال: قال ليس عليك عين ، إنما هما ابنتاي،قال :"إن الله عز وجل قد أذن لي بالخروج إلي المدينة " .
وتتابع عائشة ـ رضي الله عنهاـ روايتها،تقول :قال ـ،أبو بكرـ :فالصحبة بابي أنت وأمي يا رسول الله ؟قال "نعم " قالت:فجهزناهما أحث الجهاز ، ووضعنا لهما سفرة في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها ،فاوكات به الجراب ..... ثم لحق النبي صلى الله عليه و سلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور فمكث فيه ثلاث ليال .
وروي أن أسماء بنت أبي بكر كانت تاتيهما إذا أمست بما يصلحهما من الطعام ،وقالت أسماء ـ رضي الله عنهاـ :لما خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر أتانا نفر من قريش ،فيهم أبو جهل بن هشام ، فخرجت اليهم فقالوا:أين أبوك يا بنت أبي بكر ؟ والله لا ادري أين أبي ،فرفع أبو جهل يده ،وكان فاحشا خبيثا ،فلطما خدي لطمه خرج منها قرطي .
أمينتا سر الدعوة :
انه موقف في غاية الخطورة والحساسية ، انه أمر السماء بان يهاجر النبي صلى الله عليه و سلم بعد أن اجتمعت قريش واجتمعت علي قتله والتخلص منه صلى الله عليه و سلم ،ولذلك يتقنع النبي صلى الله عليه و سلم ، ويخرج في ساعة ليس من عادته الخروج فيها، ويخير أبا بكر رضي الله عنه بالأمر بعد أن يحتاط فيقول لأبي بكر"اخرج من عندك" فيطمئنه أبو بكر بقوله :ليس عليك عين ،إنما هما ابنتاي.
نطاقان في الجنة:
وتشرع البنتان في تجهيز الطعام للمهاجرين في سرعة وخفة،فلا يجدان ما يربطان به جراب الطعام ،فما كان من أحداهما إلا أن شقت نطاقها لتربط به الجراب ، إذ لا وقت للبحث عن غيره، وروي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال عن سماء :"إن لها نطاقين في الجنة" فسميت ذات النطاقين .
ابنة العشرين :
ونجد أن أسماء بنت أبي بكر ـرضي الله عنهما ـ وكانت في العشرين من عمرها ـ كانت شريكة في المهام الهجرة وتأمينها، أنها تذهب ليلا كل يوم إلي الغار الذي يبعد عدة كيلومترات عن مكة ، في مكان مقفر موحش بين الجبال ،وكل من في مكة ومن حولها في حالة استنفار هائل موتور للبحث عن أي خيط يوصلهم إلي محمد صلى الله عليه و سلم وصاحبه.
لا ادري أين أبي :
فهذا أبي جهل ـ عليه لعنة الله ـ يقتحم عليها الدار ويسألها عن لبيها ، وبرغم رهبة الموقف ،وغلظة أعداء الله فأنها لا تزيد عن قولها :والله لا ادري أين أبي ،فيلطمها الخبيث لطمه أطارت القرط من أذنها ، فتتحمل محتسبة الأجر عند ربها .
بيوت الدعوة :
من تلك المواقف ندرك أن بيوت الدعاة جزء من الدعوة ،ففيها يتم ترتيب و تدبير أمور الدعوة ،لذلك يقوم الدعاة بتامين تلك البيوت تأمينا لدعوتهم ،وان البيت ،كل البيت ، من زوجة وأولاد ،جزء من الدعوة ،وهم أمان للدعوة ، بل هم مشاركون فيها، وتوزع عليهم الأدوار ، مثل تجهيز وإعداد مطالب المهام والأحداث ،ومن دفاع وتامين للأسرار ،ولو تعرضت إحداهن للأذى بالضرب والإهانة، مثلما تعرضت أسماء وتحملت من عدو الله أبي جهل عندما اخفت الخبر الذي تعلمه ،
رغم الأخطار :
ونساء البيت مثل رجاله ، لديهن الاستعداد للقيام بالمهام الصعبة، كما خرجت أسماء مرارا ليلا، وفي الظلام ،لتذهب إلي الغار البعيد عن العمران ،برغم الأخطار والمخاوف التي تحف بالمهمة ، وكان حاديها في هذا الخروج ، الرغبة في نصرة الدعوة ودين الله، وتقديم ما يمكن تقديمه في سبيل الله.
***********************



مهاجرون ومهاجرات
يروى ابن إسحاق انه في السنة الخامسة من البعثة ،رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يصيب أصحابه من البلاء ،ونه لا يقدر علي أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، فقال لهم ،"لو خرجتم إلي ارض الحبشة،فان فيها ملكا لا يظلم عنده احد ،وهي ارض صدق ، حتى يجعل الله تعالي لكم فرجا مما انتم فيه " ،فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلي ارض الحبشة مخافة الفتنة،وفرارا إلي الله سبحانه وتعالي بدينهم ،فكانت أول هجرة في الإسلام ،وهاجرت المؤمنات مع أزواجهن ،وكانت أول من هاجرت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم مع زوجها عثمان ابن عفان ،ثم تبعهم في هذا السبق العظيم وفي تركهم الدور والأوطان والأهل والأموال وكل المحاب فرارا بدينهم ونصر لدعوتهم :
1 ـ أبو سلمة بن عبد الأسد ، وامرأته أم سلمة بنت أبي أمية رضي الله عنهما .
2 ـ السكران بن عمرو ، وامرأته سودة بنت زمعة رضي الله عنهما.
3 ـ عامر بن ربيعة ، وامرأته ليلي بنت أبى حثمة رضي الله عنهما .
4 ـ أبو حذيفة بن عتيبة بن ربيعة، وامرأته سهلة بنت بن عمرو رضي الله عنهما .
5 ـ أبو سبرة بن أبي رهم ،وامرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو رضي الله عنهما .

الهتاف الأعظم :
لم يكن أمر هذا الدين وحمله والدفاع عنه والدعوة إليه يدع أهله يعيشون في رفاهية ورخاوة عيش ونعومة ويسر وطمأنينة واستقرار ، فالجنة غالية، والمقام فيها دائم ، ونعيمها لا يزول ،والأمن والرضا فيها كامل ، وسنة الله مع أهلها في الدنيا من أصحاب النفوس الطيبة الزكية ، جهاد دائم للعدو وللنفس "حفت الجنة بالمكارة " " يبتلي العبد علي قدر دينه" ، فيستعين المؤمنون بربهم {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} الفاتحة ,وهتافهم الدائم : {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ} ،
فتكون الاستجابة من ربهم الكريم . {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}
بعضهم من بعض :
وهكذا يبين القران دستور المسلمين ، سواسية المسلمين في الأحكام والعمل والجزاء، { مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } والسبب هو اشتراكهم في الأعمال {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ} (195) سورة آل عمران فهؤلاء المهاجرون رجالا ونساء قد اخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيل الله ، وهذه سمية قتلت في سبيل الله ، وعذبت مع أخواتها المؤمنات ،وكان الخطاب في التكاليف دائما موجها للمرآة ، كما كان موجها للرجل : "لو خرجتم إلي ارض الحبشة فان فيها ملكا لا يظلم عنده احد " ،"صبرا آل ياسر موعدكم الجنة" فلم تجنب النساء ولم يهملن في شئون الدعوة إلي الله ،فكم من السابقات سبقت في الهجرة والشهادة والتضحية قبل كثير من الرجال الأصحاب رضي الله عنهم .
هجرة ثانية :
وعاد أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم من الهجرة الأولي إلي مكة ، واشتد عليهم قومهم وسطت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذي شديدا، فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخروج إلي ارض الحبشة مرة ثانية ، فكان خروجهم الثاني أعظم مشقة ، ولقوا من قريش تعنيفا شديدا ، لما بلغ قريش عن النجاشي من حسن جواره للمؤمنين .
قائمة الشرف :
وكان عدة من الخروج في هذه الهجرة من الرجال ثلاثة وثمانين، وكان معهم من النساء عشرون امرأة ، هن:
1 ـ أسماء بنت عميس، وولدت عبد الله وعون ومحمد أولاد جعفر بن أبي طالب ، وهي بالحبشة ، رضي الله عنها .
2 ـ بركة بنت يسار، رضي الله عنها .
3 ـ حريملة بنت عبد الأسود الخزاعية ، وماتت بأرض الحبشة ، رضي الله عنها .
4 ـ حسنة أم شرحبيل ، رضي الله عنهما .
5 ـ خزيمة بنت جهم العبدرية ، رضي الله عنها .
6 ـ رقية بنت سيد الخلق صلى الله عليه و سلم، رضي الله عنها .
7 ـ أمينة بنت خلف،رضي الله عنها . وولدت بالحبشة سعيدا لزوجها خالد بن سعيد.
8 ـ رملة بنت أبي عوف ، وولدت بالحبشة عبد الله لزوجها المطلب بن أزهر ،رضي الله عنهما .
9 ـ ريطة بنت الحارس ، رضي الله عنها .
10 ـ سهلة بنت سهيل بن عمرو ، وولدت محمدا لزوجها أبي حذيفة بن عتيبة ، رضي الله عنهما .
11 ـ سودة بت زمعة ، ام المؤمنين ، رضي الله عنها .
12 ـ عميرة بنت اسعد العامرية ، رضي الله عنها .
12- فاطمة بنت صفوان بن امية ، رضي الله عنها .
14- فاطمة بنت علقمة العامرية ، رضي الله عنها .
15- فاطمة بنت المجلل ، وولدت بالحبشة محمدا والحارث، لزوجها حاطب بن الحارث الجمحي ، وقد مات حاطب رضي الله عنه وهو بأرض بالحبشة .
16- فكيهة بنت يسار ، رضي الله عنها .
17- ليلي بنت أبي حثمة ، رضي الله عنها .
18- هند بنت أبي أمية ، أم المؤمنين ، أم سلمة رضي الله عنها .
19- أم حرملة بنت عبد الأسود ، رضي الله عنها .
20- أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو ، رضي الله عنها .
هؤلاء الصالحات السابقات من أولياء الله،منهن من هاجرت إلي الحبشة مرتين ، ثم هاجرن جميعا إلي المدينة ، فسبقن غيرهن من الرجال في هذا الشأن .
وقد كانت يد قريش في عدائها للمسلمين تتطاول حتى تصل إلي المهاجرين في الحبشة ،وتتخذ من الوسائل والحيل والدسائس عند ملك الحبشة للإيقاع بهم والأضرار لهم، وقد استدعي ملك الحبشة المسلمين ،وقام بالتحقيق معهم جميعا إمام جمع من قومه، وكان جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه خطيب القوم ذلك اليوم، فوفقه الله وأجاد ، فخلي سبيلهم وأمنهم في مملكته.
من خلال أحداث تلك المرحلة من الدعوة ، نلاحظ قيام الزوجات بواجبهن الدعوى إلي جانب أزواجهن ،ومشاركتهن الدعوة بكل أعبائها ، من قلق وخوف وترويع وترقب ومتابعة ، وتغريب عن الأهل والأوطان ،
وهذا محمد بن حاطب - رضي الله عنهما ـ يروي أن أمه فاطمة بنت المجلل ـ رضي الله عنهاـ ولدته في السفينة أثناء الهجرة إلي الحبشة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أني قد رأيت أرضا ذات نخل ، فاخرجوا " فخرج حاطب وجعفر في البحر قبل النجاشي ، فولدت أنا في تلك السفينة .
وهكذا تحملت النساء مع الرجال ـ سواء بسواء ـ كل التضحيات من اجل الدعوة .
***************
أم كلثوم بنت عقبة
فتاة هاجرت فنزل فيها قران
تقول ـ رضي الله عنها ـ :" كنت اخرج إلي بادية لنا فيها أهلي ، فأقيم بها الثلاث والأربع ، وهي ناحية التنعيم ، ثم ارجع إلي أهلي ، فلا ينكرون ذهابي البادية حتى أجمعت المسير ، فخرجت يوما من مكة كأني أريد البادية ، فلما رجع من تبعني ، إذا رجل من خزاعة ، قال : أين تريدين ؟ قلت : ما مسألتك ؟ ومن أنت؟ قال : رجل من خزاعة ، فلما ذكر خزاعة اطمأنت إليه لدخول خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت : أني امرأة من قريش ، واني أريد اللحوق برسول الله صلى الله عليه و سلم ، ولا علم لي بالطريق ، فقال:إنا صاحبك حتى أوردك المدينة،ثم جاءني ببعير فركبته ، فكان يقود بي البعير،
ولا والله ما يكلمني بكلمة ، حتى إذا أناخ البعير تنحي عني ، فإذا نزلت جاء إلي البعير فقيدة بالشجرة ،وتنحي إلي فيء شجرة ، حتى إذا كان الرواح حدج البعير فقربه وولي عني ،فإذا ركبت اخذ برأسه فلم يلتفت وراءه حتى انزل ، فلم يزل كذلك حتى قدمنا إلي المدينة ، فجزاه الله من صاحب خيرا ،فدخلت علي أم سلمة وأنا منتقبة ، فما عرفتني حتى انتسبت وكشفت النقاب ، فالتزمتني ،وقالت : هاجرت إلي الله عز وجل والي رسوله صلى الله عليه و سلم ؟قلت: نعم ،وأنا أخاف أن يردني كما رد أبي جندل وأبا بصير، وحال الرجال ليس كحال النساء ، والقوم قد طالت غيبتي اليوم عنهم خمسة أيام منذ فارقتهم ،وهم يتحينون قدر ما كنت أغيب ثم يطلبونني ، فان لم يجدوني رحلوا ، فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم علي أم سلمة ، فأخبرته خبري ، فرحب بي ، فقلت : اني فررت اليك بديني فامنعني ، ولا تردني أليهم يفتنوني ويعذبوني، ولا صبر لي علي العذاب ، إنما أنا امرأة ، وضعف النساء إلي ما تعرف ، وقد رايتك رددت رجلين ،فقال صلى الله عليه و سلم : إن الله عز وجل قد نقض العهد في النساء ، وحكم في ذلك بحكم رضوه كلهم " .
نبتة خضراء :
إنها فتاة شابة ، أثرت الإسلام وصحبة الرسول الكريم علي الأب وإلام والإخوة ، وهي ابنة من ؟ابنة احد فوارس حلبة الشرك (عقبة بن أبي معيط ) ،فقد كانت كالنبتة الخضراء في الأرض القاحلة ، ولقد جسدت هجرتها كل المعاني الإيثار والصبر والوفاء لنصرة هذا الدين ، أسلمت بمكة ، وبايعت قبل الهجرة ، وكانت هجرتها في هدنة الحديبية .
تدبير وتخطيط :
هذه الشابة الذكية الراسخة الإيمان ، كانت تخرج إلي بادية لأهلها ، فتقيم بها ، فما ينكر أهلها ذلك ، ففكرت بذكاء ، وخططت بنور الإسلام ، لقد حانت فرصة الخلاص والاعتناق .
شجاعة وفراسة :
حتى إذا غادرت مكة وكأنها تريد البادية ، وفؤادها يسابق قدميها قاصدا المدينة ، يعترضها رجل يسال عن شانها ، وككل حرة ترتاب ، وترفض تدخله، لكنها و بذكائها اللماح تجد فيه الطمأنينة ، فهو من خزاعة التي دخلت في حلف مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ،وصدق حدسها، فكانت صحبته نعم الصحبة ، رعاية وأمانة ، حتى وصلت إلي مدينة رسول الله ، وسط أخطار جمة أحاطت بالرحلة .
معزوفة الإيمان :
ويبقي كلامها لرسول الله صلى الله عليه و سلم ": إني فررت إليك بديني فامنعني ، ولا تردني أليهم يفتنوني ويعذبوني، ولا صبر لي علي العذاب ، إنما أنا امرأة ، وضعف النساء إلي ما تعرف" يبقي هذا الكلام كما لو كان معزوفة يسمعها الزمن لبنات جيلنا ، فهي تحكي الرفض بأوتار الضعف والتوسل بالرسول صلى الله عليه و سلم ، حرصا علي الإسلام ، فأي ضعف هذا الذي يتسع لكل هذه التضحيات 0والاخطار :: إنها قوة الاستعطاف التي يحتاجها الموقف الكبير .
ولينصرن الله من ينصره :
ويطلع الله علي هذا المشهد ، ويابي سبحانه وتعالي خذلان امرأة أرادت نصرته ، وتهبط الآية الكريمة في أم كلثوم و مثيلاتها دور المرأة  في حمل الدعوة frown.gif يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإذا علمتوهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )
الامتحان :
وتسعد أم كلثوم بالجوار والصحبة المباركة ، ويأتي الامتحان لها وللنساء ، فكانت المهاجرة تستحلف بالله أنها خرجت من بغض زوجها ، ولا رغبة من ارض إلي ارض ، ولا التماس دنيا ، ول عشقا لرجل من المسلمين ، بل حبا لله ولرسوله , فإذا حلفت بالله لا اله إلا هو علي ذلك ، أعطي النبي صلى الله عليه و سلم زوجها مهرها ،وما أنفقته عليها ولم يردها .
وامتحنت أم كلثوم ـ رضي الله عنها ـ فصدقت ، وتزوجها زيد بن حارثة ، ثم الزبير بن العوام بعد استشهاد زيد ، ثم عبد الرحمن بن عوف ، ثم عمرو بن العاص ، فقد كانوا رضي الله عنهم يتحرون الزواج من ذوات السبق والتضحية في دين الله عز وجل .
وهكذا تكون عناية السماء بالسابقات المهاجرات المجاهدات ، فينزل فيهن قران يتلى ويتعبد إلي يوم الدين ، فلم يقتصر اهتمام القران علي أحداث الرجال دون النساء ، فهن كما قال صلى الله عليه و سلم" إن النساء شقائق الرجال "
**************************
أسماء بنت عميس
شهادة تقدير نبوية
وعن أبي موسي رضي الله عنه قال: بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه و سلم ونحن باليمن ، فخرجنا مهاجرين إليه ، فركبنا سفينة ، فالقتنا سفينتنا إلي النجاشي بالحبشة ، فوافقنا جعفر بن أبي طالب ، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا ، فوافقنا النبي صلى الله عليه و سلم حين افتتح خبير ، وكان أناس من الناس يقولون لنا ـ يعني لأهل السفينة ـ: سبقناكم بالهجرة ، ودخلت أسماء بنت عميس ـ وهي ممن قدم معنا ـ علي حفصة زوج النبي صلى الله عليه و سلم زائرة ، وقد كانت هاجرت إلي النجاشي فيمن هاجر، فدخل عمر علي حفصة وأسماء عندها ، فقال عمر حين راي أسماء : من هذه ؟ قالت : أسماء بنت عميس ، قال عمر : الحبشية هذه ، والبحرية هذه ؟ قالت أسماء :نعم ، قال : سبقناكم بالهجرة ، فنحن احق برسول الله منكم صلى الله عليه و سلم، فغضبت وقالت : كلا والله ، كنتم مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم ، وكنا في دار ـ البعداء البغضاء بالحبشة ، وذلك في الله وفي رسوله صلى الله عليه و سلم ، وايم الله ، لا أطعم طعاما ، ولا اشرب شرابا ،حتى اذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه و سلم ،
ونحن كنا نؤذي ونخاف ، وسأذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم ، واسأله ، والله لا اكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه ، فلما جاء النبي صلى الله عليه و سلم قالت : يا نبي الله ، إن عمر قال كذا وكذا ، قال : "فما قلت له ؟" قالت : قلت كذا وكذا ، قال : " ليس بأحق بي منكم ، وله ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم انتم أهل السفينة هجرتان " وبهذا قضي رسول الله صلى الله عليه و سلم لأسماء بنت عميس وأصحابها ،بالسبق علي عمر ، وهكذا ناضلت أسماء لإثبات حقها الشرعي ، وها هي تبشر وتنشر هذا الأمر بين من كانوا يأتونها جماعات للسؤال عن حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وقضائه لهم بالسبق في الهجرة والجهاد .
********************
أم هانيء
ذات الجوار المحترم
عن أم هانيء بنت أبي طالب ـ رضي الله عنها ـ قالت : ذهبت إلي رسول الله صلى الله عليه و سلم عام الفتح ، فوجدته يغتسل ، وفاطمة انته تستره ، فسلمت عليه ، فقال : " من هذه " فقلت: أنا أم هانيء بنت أبي طالب ،فقال : " مرحبا أم هانيء "فلما فرغ من غسله قام فصلي ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد ، فقلت : يا رسول الله، زعم ابن أمي انه قاتل رجلا قد أجرته ، فلان بن هبيرة ،فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"قد أجرنا من أجرت أم هانيء " .
وروي أن الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة ـ وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أمر بقتلهما وان تعلقا بأستار الكعبة ـ عندما بلغهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قد أجاز جوار أم هانىء ، دخلا بيتها فأقاما يومين ، ثم خرجا إلي منازلهما ، فجلسا بأفنيتها لا يتعرض لهما أحد .
كيان له احترامه :
أنها ـ رضي الله عنها ـ امرأة من المسلمين ،يحتمي بها بعض من أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم
بقتلهم ، ويستجيرون بها فتؤمنهم بجوارها ، وهذا تدخل منها في أمر عظيم من أمور الدولة ، وقد تقرر هذا الأمر بقرار حاسم من النبي صلى الله عليه و سلم ، قائد المسلمين ورئيسهم ، وهو رسول الله ، يوحى إليه، فتصدر امرأة من قبل نفسها ، وتتدخل في هذه الشئون ،
ويقبل النبي صلى الله عليه و سلم تدخلها ، ويحترم جوارها لمن استحق القتل ، ويوقف أمره بقتله.
وتؤكد عائشة ـ رضي الله عنها ـ احترام المسلمين لجوار المرآة فتقول :" إن كانت المرآة لتجبر على المؤمنين فيجوز " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن المرآة لتأخذ للقوم" يعني تجير علي المسلمين .
انسيابية الحياة :
وهكذا تمضي حياة المجتمع المسلم ، في بساطة ويسر ،وقناعة بأهمية الحياة ،وبأهمية كل فرد في المجتمع ،رجلا كان أو امرأة ،وبلا تعقيد ولا عقبات تمنع من انسياب الحياة ، التي تتحقق فيها النافع مع احترام الضوابط الشرعية سواء بسواء
***************
أم عمارة وأم منيع
بيعة صرخ منها إبليس
عن كعب بن مالك رضي الله عنه ـ وكان ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه و سلم ـ
قال :"خرجنا إلي الحج ، فواعدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم العقبة من أوسط أيام التشريق ، فلما فرغنا من الحج ، وكانت الليلة التي وعدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ... فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا ، حتى إذا مضي ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه و سلم نتسلل مستخفين تسلل القطا ، حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ، ونحن سبعون رجلا ، ومعنا امرأتان من نسائهم ، نسيبة بنت كعب ، أم عمارة ، احدى نساء بنى مازن بن النجار ، وأسماء بنت عمرو بن عدى بن ثابت ، احدى نساء بنى سلمة ، وهى أم منيع ..." .
انه حدث هائل في التاريخ ، تاريخ الدنيا ، وتاريخ دعوة الاسلام ، شهده النبي صلى الله عليه و سلم ، وتغير به وجه التاريخ ، ان هذا الحدث يصدق في الوصف بأنه حدث كوني ، ولخطورته صرخ ابليس ـ عليه لعنة الله ـ فسمع صوته ، سمعته قط يا اهل الجباجب ـ والجباجب المنازل ـ هل لكم في مذمم والصباة معه قد أجمعوا على حربكم .
وتحضر هذا الحدث امرأتان جليلتان ، فتبايعان رسول الله صلى الله عليه و سلم مع الرجال ، فيجتمعون برسول الله صلى الله عليه و سلم في خفاء من قومهم ومن المشركين ، مشاركة منهما في أعظم واهم أحداث الدعوة .
*****************
نسيبة بنت كعب
امرأة بألف رجل
استيعاب للدور :
أنها نسيبة ـ أم عمارة ـ إحدى امرأتين اللتين بايعتا النبي صلى الله عليه و سلم عند العقبة ،ها هي تعود إلينا في موقف أخر ،أنها كانت تدرك إبعاد البيعة التي بايعتها للنبي صلى الله عليه و سلم كم كانت تدرك التضحيات التي تتطلبها هذه البيعة .
لقد خرجت أم عمارة يوم احد مع زوجها وابنيها، لتضرب أروع واخلد الأمثلة لنساء المسلمين ، فقد خرجت ـ رضي الله عنها ـ مع جند الحق لتسقي العطشى وتداوى الجراحي ، شانها شان باقي نساء المسلمين ،ولكن الله عز وجل أراد لها زيادة في الشرف .
بطولة نادرة :
خرجت ـ رضي الله عنها ـ ومعها سقاء فيه ماء ـ وكانت بجوار النبي صلى الله عليه و سلم ، فلما انهزم المسلمون انحازت إلي رسول الله صلى الله عليه و سلم ،فتركت السقاء وهبت تدافع عن النبي صلى الله عليه و سلم بالسيف ، وترمي بالقوس ، حتى خلصت الجراح إليها ، فقد برز ابن قمئة ـ عليه لعنة
الله ـ يريد قتل رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فوقفت بينه وبين النبي صلى الله عليه و سلم ، فضربها علي عاتقها ضربة شديدة ، فجرحها جرحا غائرا كبيرا ، فضربته عدة ضربات ، ولكن عدو الله كانت عليه درعان ، وبقيت تقاتل دفاعا عن الحبيب صلى الله عليه و سلم حتى أصابها اثنا عشر جرحا .
المقام الكريم :
ولقد أثبت النبي صلى الله عليه و سلم لنسبية هذا الفضل ، وأنها بفعلها في يوم أحد قد فاقت الكثير من الرجال ، فقد قال صلى الله عليه و سلم : "لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان "
وقال صلى الله عليه و سلم : "ما التفت يمينا ولا شمالا الا وأنا أراها تقاتل دوني "
وقال لابنها عبد الله : "بارك الله تعالى عليكم أهل بيت ، مقام أمكم خير من مقام فلان وفلان ، ومقام زوج أمك غزية بن عمرو خير من مقام فلان وفلان ، رحمكم الله أهل بيت " .
أمنية غالية وهمة عالية :
ولما سمعت أم عمارة ثناء النبي صلى الله عليه و سلم عليها وعلى أسرتها ،وجدتها فرصة لتنال أغلى أمنية لديها ، فقال للنبي صلى الله عليه و سلم ادع الله تعالي أن نرافقك في الجنة ، فما كان من
النبي صلى الله عليه و سلم إلا أن استجاب لها فورا ، فدعا ربه سبحنه وتعالى قائلا : " اللهم أجعلهم رفقائي في الجنة " ، فقالت نسيبة بعد أن سمعت بشرى ودعاء النبي صلى الله عليه و سلم : فما أبالي ما أصابني من أمر الدنيا بعد ذلك .
الجرح يهدأ :
ونهراها في مشهد أخر يوم اليمامة ، والمسلمون يقاتلون المدعي الكاذب مسيلمة ، لقد خرجت مع ابنها عبد الله في جيش المسلمين وهدفها أن تري الكذاب صريعا ، وكان العين قد قتل ابنها حبيبا عندما أرسله النبي صلى الله عليه و سلم أليه ،مما ترك في نفسه جرحا عميقا يوازى جرح عاتقها في احد .
وقاتلت أم عمارة يوم اليمامة فقطعت يدها وهي تريد مسيلمة الكذاب لتقتله ، وهدأت ثارتها حين ابلغها عبد الله بمصرع مسيلمة ، وزهوق روحه الخبيثة ، واخبرها انه شارك في قتله ، وامسك بيدها واتي بها إلي حيث تمددت جثة الكذاب ،فقالت : ما كانت لي ناهية حتى رأيت الخبيث مقتولا .
نحتاج إليها:
إن فعل نسيبة وغيرها من نساء الصحابة دليل علي حاجتنا اليوم إلي أن تحمل المرآة المسلمة عبء الدعوة إلي الله من جديد ، وتساهم كما ساهم هؤلاء النسوة في الكفاح في سبيل دعوة الإسلام ، في أوساط الفتيات والزوجات والأمهات ،ولتغرس في أطفالها حب الله ورسوله ، والاستمساك بالإسلام وتعاليمه ، والرغبة في الجهاد ، ولا يقعدهن خشية الإخطار، وما يلحق بهن إن شاركن في الدعوة إلي الله ، فقد تعرضت النساء الأول ـ رضي الله عنهن ـ لأعظم الأخطار ، من قتل وجرح واسر ، وتحملن الأعباء الجسيمة من مشاق السفر والجوع والخوف ، وترك الأهل والولد والبيت ، فهذه سنة مقررة ، وضرورة تحتاجها الدعوة .
***************
مجاهدون ومجاهدات
إن نساء المسلمين جميعهن ـ وليست نسيبة وحدها ـ لم يفتنهن شرف الجهاد ، ونصرة الحق، جنبا إلي جنب مع الرجال ، وتلك مجرد أمثلة لجهادهن : فعن انس رضي الله عنه قال : ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وانهما لمشمرتان ، أرى خدم سوقهما ، تنفران القرب علي متونهما ، تفرغانه في أفواه القوم .
وعن الربيع بنت معوذ قالت : كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه و سلم ، فنسقي القوم ونخدمهم ، ونرد الجرحى والقتلى إلي المدينة .
وعن انس رضي الله عنه إن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا ، فكان معها ، فراها أبو طلحة فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما هذا الخنجر " قالت : اتخذته إن دنا مني احد من المشركين بقرت به بطنه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يضحك .
وعن أم عطية الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ قالت: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم سبع غزوات اخلفهم في رحالهم ، فاصنع لهم الطعام ، وأداوى الجرحى ، وأقوم علي المرضي .

لا نمنعهن :
لم يضيق الشرع علي المرآة أن تخرج للجهاد رغم ما فيه من مشقة بالغة وما يحتاجه من غلظة وقسوة ، قد يبدو في الظاهر أنها تخالف مشاعرها الرقيقة ، ولكن المرآة إذا أنست في نفسها القوة والقدرة علي المشاق والجهاد فلا يمنعها الشرع إن تشارك بجهودها مع الرجال .
وقد أوضح ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن ذلك كان سنة النبي صلى الله عليه و سلم ، فقد أرسل إليه احد الخوارج يسأله عن عدة مسائل ،منها : هل كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغزو بالنساء ؟ فكتب اليه ابن عباس : " كتبت لتسألني : هل كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغزو بالنساء ؟ وقد كان يغزو بهن ، فيداوين الجرحى ، ويخذين الغنيمة .." وقد ذكر بطال لا وابن حجر في شرحهما للبخاري إن القتال ليس واجبا علي النساء كما وجب علي الرجال، ولا يعني ذلك تحريمه عليهن ،بل لهن أن يتطوعن .
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أراد أن يخرج اقرع بين أزوجه، فآيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه و سلم معه ، فاقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج سهمي ، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بعدما نزل الحجاب .."


شاهد بجزيرة قبرص :
عن انس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى رؤيا في منامه استيقظ منها ضاحكا ،فقالت له أم حرام بنت ملحان : وما يضحكك يا رسول الله لا؟ قال : " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ، ملوكا علي الأسرة " ، فقالت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم وضع رأسه ، ثم استيقظ وهو يضحك ، فقالت : وما يضحكك يا رسول الله ؟قال:" ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله " كما قال في الأول ، فقالت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم ، قال :" أنت من الأولين " فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان ، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت .
وفي رواية أبي داود : فتزوجها عبادة بن الصامت ، فغزا في البحر ، فحملها معه ، فلما رجع قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها ، فاندقت عنقها فماتت . وقال أبو داود : وماتت بنت ملحان بقبرص . ولا يزال قبرها إلي الآن يزار ، ويعرف لأهل قبرص بقبر الشهيدة ، ليصبح شاهد كل عصر علي خروج النساء للجهاد مع الرجال .
انه الإقرار والتشريع بخروج المرآة للجهاد والاستشهاد ، ولو بركوب أخطار لبحر،
فهن يخرجن مع المقاتلين يسبقن ويتعاهدن الجرحى ويمن المقاتلين ، فإذا دعت
الحاجة شاركن في القتال دون تردد ، والأمثلة التي ذكرناها فيها ابلغ دلالة علي ذلك،
ولا تحتاج إلي تفسير.
********************
رفيدة الأسلمية
أول طبيبة ميدانية
ذكر ابن سعد في الطبقات أنه لما أصيب سعد بن معاذ رضي الله عنه يوم الخندق ،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اجعلوه في المسجد ، حتى أعوده من قريب " .
خيمة الخير :
لقد ارتبط اسمها بخيمتها ، مع كل غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه و سلم ، وظهرت خيمة
رفيدة على مسرح الأحداث بدءا من يوم أحد ، تستضيف الجرحى ، تضمد
جراحاتهم ، وتسعفهم ، وتسهر على راحتهم ، وتواسيهم .
تميز وتفرد :
كانت رضي الله عنه قارئه كاتبة ، قد استهوتها حرفة التمريض ،ومهنة التطبيب
والمداواة ، وتفوقت في ذلك حتى اشتهر عنها ، وعرفت بين الناس قاطبة .
أضف إلي ذلك أنها كانت صاحبة ثروة واسعة ، ومال جزيل ، مع كرم وسخاء
وعطاء غير محدود .

أول ظهور:
ولما عاد المسلمون من بدر منتصرين ، وماجت المدينة بالفرحة ،كان بين العائدين
بعض الجراحي ، فمنهعم من عالجه أهله في داره ، ومنهم من لم يكن له مال ،ولا
سكن،ولا أهل. في تلك الأثناء تطوعت رفيدة ـ رضي الله عنها ـ لخدمة هؤلاء
،بإسعافهم وتضميد جراحهم ، ومداوتهم ، وتقديم الغذاء والدواء ،فنصبت في المسجد خيمة ،حيث تجمعهم ، وحملت معها أدواتها وعقاقيرها ، وعكفت على علاجهم أياما ،حتى برئوا واندملت جراحهم ، وعادت أليهم عافيتهم .
مستشفى المدينة :
وأوضحت خيمة رفيدة علما ، لقد كانت هذه الخيمة في ناحية من مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم أشبه بالمستشفى ،فيه الأسرة،والعقاقير والأدوية، والأربطة والضمادات،وأدوات
الجراحة والإسعافات،ويعاونها في عملها بعض نساء الصحابة من المتطوعات ـ
رضي الله عنهن ـ .
وكانت رضي الله عنه تخرج في الغزوات ، وتنقل معها خيمتها بكل متطلباتها
وأدواتها واحتياجاتها فوق طهور الجمال ، ثم تقيمها بإزاء معسكر المسلمين ،حيث
تنضم إليها الصحابيات ـ رضوان الله عليهن ـ في العمل ، العمل الذي يحتاج إلي يد
حانية ، وقلب عطوف ، وكلمة مشجعة .
جهاد ونفقة :
إما الأغرب والأعجب من عمل رفيدة ـ رضي الله عنها ـ هذا ، فهو إنفاقها عليهمن
حر مالها ، وخالص ثروتها ، متطوعة بالجهد والمال في سبيل الله ،وان كانت لاترد
يد باذل ومساعد .
هذه الصورة المشرقة المشرفة ، باركها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وبارك صاحبتها ، وأيدها .
جيوش من النساء :
إن وأراء الجيوش جيوشا كثيرة ، تعدها وتعززها ، حتى تثبت وتنتصر ، وفي
عصورنا الحديثة أصبحت الحاجة للنساء في القيام بهذه المهام ضرورة لا يستغني
عنها ، ثم أن التقدم المدني ، وتعقد الحياة ، وكثرة الحوادث والأمراض ، كل ذلك يستدعي أن تتعلم المرآة المسلمة شئون التمريض والإسعافات ، وغير ذلك من الفنون، حتى تكفي بيتها ومجتمعها القريب ،بالمشاركة والتعلم والتعليم .
***********************
صفية بنت عبد المطلب
أول من قتلت مشركا
روى ابن هشام في سيرته انه عندما خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلي الخندق ، جعل النساء والصبيان في حصن مرتفع لحسان بن ثابت ، وجعله معهن ،وقد ناهز الستين ، تقول صفية ـ رضي الله عنها ـ : فمر بنا رجل من يهود ، فجعل يطيف بالحصن ، وقد حاربت بنو قريظة ، وقطعت مابينها وبين رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وليس بيننا وبينهم احد يدفع عنا ، ورسول الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون في نحور عدوهم ، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إن أتابا آت ، فقلت : يا حسان ، إن هذا اليهودي كما تري يطيف بالحصن ، واني والله ما أمنه إن يدل علي عورتنا من وراءنا من يهود ، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه ، فانزل وقاتله ، قال : يغفر الله لك يا ابنة عبد المطلب ، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا ، فلما قال لي ذلك ، أخذت عموداً ، ثم نزلت من الحصن إليه ، فضربته بالعمود حتى قتلته ،فلما فرغت إلي الحصن ، فقلت يا حسان : انزل إليه فاسلبه ، فانه لم يمنعني سلبه إلا انه رجل ، قال ما لي بسلبه من حاجة .
حامية الظهور :
أنها عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وأخت حمزة أسد الله ، وأم الزبير بن العوام حواري الرسول الكريم .
والموقف لا يحتاج إلي كثير تعليق ، ففي تلك الساعات الحالكة ، والمسلمون في نحور أعدائهم ، والمدينة خالية من الرجال ، والأعداء يجتمعون علي المسلمين ، والموقف كما وصفه الله عز وجل إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً} ـ
في تلك الساعات الرهيبة ، لا تفقد المرآة المسلمة أعصابها ، وتظل متماسكة متحفزة،عندها الاستعداد الكافي لحماية ظهور المقاتلين ، حتى ولو تقاعس عن هذا الواجب الرجال .
الحياء محفوظ :
لعل من السهل جدا أن تتعلم المرآة كيف تقاتل ، بل وكيف تقود طائرة حربية أو دبابة ، أو تضغط علي زر معين في صاروخ لينطلق نحو الهدف ، بيد ان من الصعب أن تحافظ مع هذا كله علي كونها امرأة مسلمة ، متميزة بخلقها وحيائها واستطاعت صفية ـ رضي الله عنها ـ أن تفعل ذلك ، فقد نزلت من الحصن ، وقتلت اليهودي ، ولكن حياءها كمسلمة منعها من أن تمسه لتأخذ سلبه " فانه لم يمنعني من سلبه الا انه رجل " فتركته ودعت إليه رجلا مثله ليأخذ السلب . انه الحفاظ علي الثوابت والمبادي ، التي طالما باعها أناس وتخلو عنها ، بدعوى التحرر والتقدم .
متى يتعين القتال علي المرآة ؟
اتفق علماء المسلمين علي أن المرآة كالرجل في وجوب الجهاد والقتال عليها إذا دهم أعداء الإسلام ارض المسلمين ، ولذا يجب تهيئة المرآة للجهاد كلما توقع المسلمون دخول الأعداء إلي بلادهم ، بجانب إن المرآة يجب عليها الدفاع عن نفسها وعرضها و مالها ، إذا دعا لذلك داع .
*********************


حلقات علم النساء
عن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال : لقد جاءت امرأة إلي الرسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقالت : يا رسول الله ، ذهب الرجال بحديثك ، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه ، تعلمنا مما علمك الله ، فقال : " اجتمعن في يوم كذا وكذا ، في مكان كذا وكذا " فاجتمعن ، فأتاهن رسول الله صلى الله عليه و سلم فعلمهن مما علمه الله ..
أن العلم الشرعي وغيره، ليس قاصر علي الرجال دون النساء ، وتعليم النساء في حلقات خاصة بهن بدأه النبي صلى الله عليه و سلم ، فعلمهن مما علمه الله ، اجتمعن بأمره في اجتماع منظم في مكان وزمان محددين ، وكانت النساء يغشين المساجد للصلاة وسماع العلم مع الرجال, ويجلسن في صفوف خلف الرجال, وبلا ساتر مادي, إلا ساتر الحياء وتقوى الله عز وجل وروى عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها" .
وعن عاتكة بنت زيد امرأة عمر بن الخطاب أنها كانت تستأذن عمر بن الخطاب إلى المسجد فيسكت, فتقول: والله لأخرجن إلا أن تمنعي، فلا يمنعها .
وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال : رأي رسول الله صلى الله عليه و سلم نخامة في قبلة المسجد ، فغضب حتى احمر وجهه ، فقامت امرأة من الأنصار فحكتها ، وجعلت مكانها خلوقا ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما أحسن هذا " .
فهي مخالطة ومشاركة طاهرة ومنضبطة بآداب الشرع ، وعن أسماء بنت يزيد ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر في المسجد يوما وعصبة من النساء قعود ، فالوي بيده بالتسليم .
وعن عائشة رضي الله عنها ـ زوج النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده .
**********************
الاختلاط المنضبط
عن أم العلاء ـ رضي الله عنها ـ قالت : عادني رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا مريضة ، فقال " ابشري يا أم العلاء ، فان مرض المسلم يذهب الله به خطاياه ، كما يذهب النار خبث الذهب والفضة " .
وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل علي أم السائب ، فقال : " ما لك يا أم السائب تزفزفين ؟" قالت : الحمي لا بارك الله فيها ، فقال : لا تسبي الحمي فأنها تذهب خطايا بني أدام ، كما يذهب الكير خبث الحديد "
وعن سهيل بن سعد رضي الله عنه قال : لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه ، فما صنع لهم طعاما ، ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد ، بلت تمرات في تور من حجارة من الليل ، فلما فرغ النبي صلى الله عليه و سلم من الطعام أماثته له ، فسقته تتحفه بذلك .
وعن الربيع بنت معوذ قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه و سلم غداة بني علي فجلس علي فراشي .
وعن أسماء بنت يزيد ـ رضي الله عنها ـ قالت : إني قينت عائشة لرسول اللهصلى الله عليه و سلم ثم جئته فدعوته لجلوتها ، فجلس إلي جنبها ، فأتي بعس لبن فشرب ، ثم ناولها النبي صلى الله عليه و سلم فخفضت رأسها ، فانتهزتها وقلت لها : خذي يد النبي صلى الله عليه و سلم ، فأخذت فشربت شيئا ، ثم قال لها النبي صلى الله عليه و سلم " أعطي تربك " فقلت : يا رسول الله ، بل خذه فاشرب منه ، ثم ناولنيه من يدك ، فأخذه فشرب منه ،ثم ناولنيه ، فجلست ثم وضعته علي ركبتي ، ثم طفقت أديره واتبعه بشفتي لأصيب منه مشرف النبي صلى الله عليه و سلم ثم قال لنسوة عندي:
" ناوليهن" فقلن : لا نشتهيه ،فقال النبي صلى الله عليه و سلم " لا تجمعن جوعا وكذبا "
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : إن كنا لنفرح بيوم الجمعة ، كانت لنا عجوز تأخذ أصول السلق ، فتجعله في قدر لها ، فتجعل فيه حبات من شعير ، إذا صلينا زرناها فقربته إلينا ، وكنا نفرح بيوم الجمعة من اجل ذلك .
مئات من المواقف والأحداث ، تشهد في عصر النبوة وبعد انسياب المجتمع المسلم ، بلا حواجز نفسية أو مادية ، وذلك في ظل آداب وضوابط إسلامية ، تجعل الحياة بين الجنسين مترابطة ومتجاوبة ونافعة ، تؤدي إلي خدمة المجتمع ، لامع الحرص علي طهارة القلوب كلها من الظنون الفاسدة والعوائق المانعة .
*******************
الخاتمة
الرفيق والشريك :
إن المرأة أكثر من نصف المجتمع ، أو هي نصفه ، ودورها في هذا المجتمع يبدأ بتوالد أفراد المجتمع من أحشائها ، وتحت رعايتها يتربى أفراد المجتمع ، كل أفراد المجتمع ، رجالا ونساء ، يدفع بهم من خلال البيوت التي ترعاها النساء ، فالآم مدرسة ، إن أعددتها أعددت شعبا طيبا الأعراق ، فهي التي تربي ، وهي التي تتلقي الرجال فتخفف عنهم ويلات ما يلاقون في حياتهم ، وهي التي تهيىء الأزواج والزوجات لتكوين البيوت الجديدة ، فهي لا تضيف ـ فقط ـ للمجتمع أفرادا ، ولكن هي التي تضيف للمجتمع أيضا بيوته ، وهي التي إن أهملت تتولي إفساد المجتمع ، كل المجتمع ، بل هي وسيلة شياطين الإنس والجن في إشاعة الرذيلة والفساد في الحياة .
فلنساعدها وندفعها :
فجدير بكل راغب للفضيلة ،وطالب للقيم ، وعامل لتحقيق شرع الله في أرضه ، أن يتبنى تربية المرآة في حدود رعايته ، وان يدفعها ويساعدها علي القيام بدورها في المجتمع ، وفي الحياة ، كما شرع الله عز وجل في دينه ، وكما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم في ضوء هذه المواقف القليلة التي عرضناها ، وغيرها من المواقف الكثير التي لا تحصي في تاريخ هذه الأمة .


المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدعوة في بيوتنا نور الإسلام أبواب الدعوة 0 20-05-2013 10:57 AM
أبواب الدعوة نور الإسلام أبواب الدعوة 0 20-05-2013 10:51 AM
الدعوة إلى الله نور الإسلام أبواب الدعوة 0 20-05-2013 10:47 AM
الدعوة عبر الانترنت نور الإسلام أبواب الدعوة 0 11-04-2012 03:47 PM
وسيط الدعوة نور الإسلام أبواب الدعوة 0 08-02-2012 11:03 AM


الساعة الآن 03:56 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22