صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > أبواب الدعوة > خطب إسلامية

خطب إسلامية من خطب الدعاة وعلماء الدين والشيوخ الصالحين

فتياتنا بين التغريب والعفاف

المقدمة ( ) إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-05-2013 ~ 11:10 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي فتياتنا بين التغريب والعفاف
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


المقدمة ( )
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" (آل عمران:102).
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" (النساء:1).
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً" (الأحزاب:70، 71).
أما بعد:
فياأيها الإخوة: يطيب لي أن نلتقي في هذه السطور مع موضوع طالما غفل عنه الكثير، موضوع يمس كل فرد في هذه الأمة، فما منا إلا وهو بين أم، أو زوج، أو أخت، أو بنت، أو قريبة، بل كل مسلمة على هذه الأرض لها من وشائج الصلة ما يجعلها مدار اهتمام المسلم، إنه موضوع أمهات المستقبل ومربيات الليوث القادمة، إنه يتحدث عن بناتنا بين العفاف والتغريب.

أيها الإخوة:
أكتب إليكم بقلم المحب المشفق الناصح المنذر. أكتب هذه الكلمات لأسباب عدة أوجزها فيما يلي:
أولاً: نبه المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى خطورة المرأة إذا حادت عن سبيلها وضلت طريقها، ونبه أيضاً إلى أنها ثغرة قد ينفذ منها العدو.
إخوتي: قد يصمد الرجل أمام أعتى عدو وأقواه، يصمد في المعارك والحروب، ولكن هذا الرجل العملاق، هذا الرجل الهمام يفاجأ أنه كثيراً ما ينهار أمام المرأة بمغرياتها وفتنها.
وصدق من قال:
يصـرعن ذا الجسم ( ) حتى لا حراك به
هـي الضلـع العوجـاء لست تقيمهـا
أتجـمع ضعفـاً واقتـدارا على الهوى
وهـن أضعـف خـلق اللـه أركانـا
ألا إن تقــويم الضلـوع انكسـارها
أليس غريبــاً ضعفهـا واقتدارهـا

وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :"ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن ".
كم من رجل معروف بقوة الشخصية وشدة الشكيمة يعجز الرجال عن إقناعه، يتسلل من يعرف خفايا الأمور إلى إحدى نسائه، أمًّا أو بِنْتا أو زَوْجًا، فيصبح الممنوع ممكناً، والمستحيل معقولاً.
وقضية المرأة وأثرها على الرجل عجيبة، فإن أثرها ذو جانب نفسي، ولذلك نبهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال:" اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " ( ).
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم :"ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" ( ) وفي الحديث الذي يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ".
ولا شك أن هؤلاء النسوة لسن نساء العفاف والطهر والإيمان، فإن هؤلاء النسوة مما يستعان بهن على العصمة من الفتنة، وتاريخنا حافل بأمثال هذه النماذج الشامخة، فما خديجة وعائشة وفاطمة وأسماء، وبقية أمهات المؤمنين، ونساء الصحابة والسلف الصالح إلا أعظم دليل على ذلك، ولنضرب صفحاً عن قصص الشهيرات منهن كأمثال خديجة وغيرها، ولنذكر مثالين: الأول، في عهد الصحابة. والثاني: من القرون التي بعده.
الأول: عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت: إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركاً، أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان، وإنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت؟ قال: فانصرف وفي قلبه ذلك ثم أتاها، وقال: الذي عرضت علي قد قبلت. قال: فما كان لها مهر إلا الإسلام( ). قال ثابت البُناني: فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهراً من أم سليم.
فلله در تلك الأيادي التي ربت أنساً وأمثاله.
الثاني: روى محمد بن سويد الطحان، قال: كنا عند عاصم بن علي (الحافظ المحدث)، ومعنا أبو عبيد وإبراهيم بن أبي الليث وجماعة، وأحمد بن حنبل يضرب، فجعل عاصم يقول: ألا رجل يقوم معي فنأتي هذا الرجل فنكلمه (أي: المعتصم)، قال: فما يجيبه أحد، ثم قال ابن أبي الليث: أنا أقوم معك. قال: وجاء كتاب ابنتي عاصم من واسط، وفيه: يا أبانا إنه بلغنا أن هذا الرجل (المعتصم) أخذ أحمد بن حنبل فضربه على أن يقول: القرآن مخلوق، فاتق الله ولا تجبه، فو الله لئن يأتينا نعيك أحب إلينا من أن يأتينا أنك أجبت" ( ).
فبأمثال هؤلاء والله ملكنا الدنيا، شرقها وغربها.
وكلماتنا ستكون أكثر تركيزاً عن اللاتي تفرقت بهن السبل، وضللن طريقهن، وإلا فالأصل هن نساء العفاف والطهر، والشاذ غيرهن.
ثانياً: تساهل كثير من الناس وغفلتهم عما يجري داخل بيوتهم ومجتمعهم.
من الملاحظ -أيها الإخوة- أن كثيراً من الرجال والقائمين على البيوت فيهم الخير، وفيهم الطيبة والصلاح، ولكنهم يغفلون كثيراً وكثيراً عما يجري داخل بيوتهم، فكم لطمة خد، ولحظات إغماء من الرجال قد جاءت حسرة، ولات ساعة مندم.
ثالثاً: _وهو سبب رئيس_ ما يقوم به العلمانيون والمنافقون، والمستغربون تبعاً لأسيادهم من اليهود والنصارى، من تنفيذ مخططاتهم، وتغريب المرأة، وسلخها عن دينها.

أحبتي في الله:
إن الذي يجري في عالمنا الإسلامي أمر رهيب كما تحدث بذلك العلماء، وأخص منهم الأستاذ الجليل محمد قطب، في كتابه الرائع (واقعنا المعاصر)، الذي بين فيه ما يخطط له اليهود والنصارى، وما ينفذ بأيدي العلمانيين والمنافقين والمستغربين (أمر مدهش)، وكثير من أهل الخير والصلاح من دعاة وطلبة علم غافلون عما يجري، فضلاً عن العامة، ولهذا وصلت الحال في كثير من الدول الإسلامية إلى حال يندى لها الجبين.
رابعاً: هل الواقع الذي نعيشه في مجتمعنا ونراه صباح مساء من حال قضية المرأة هو الواقع الذي كان عليه سلفنا قبل مدة قصيرة ربما تقل (في بعضها) عن عشرين سنة؟
تساءلوا بعقل لا بعاطفة وأجيبوا على أنفسكم!! إن كل عاقل لبيب يعلم أن ذلك المجتمع في عمومه لا يمكن مقارنته، بل ولا تستساغ المقارنة مع مجتمعنا اليوم ( ).
إن ما يجري وما نراه أمر كما سأبينه بعد قليل، نخشى والله من عقوبة تعم الصالح والطالح، إلا أن يتداركنا الله برحمته. إن ما يجري وما يرى أمر خطير، كما سأبينه بعد قليل، أخشى أن يجر علينا عقوبة تعم الصالح والطالح، إلا أن يتداركنا الله برحمته.
خامساً: هذا المجتمع -وكل مجتمع قام على الدين ونور الرسالة- هو مجتمع طيب، من هذا البلد انبثق نور الهدى فاستنارت به الأرض بأسرها، فحملته بقية الأمة إلى شرق الأرض وغربها، (وفي تاريخ الأمة) فرسخ في قلوبنا (عقيدة) هي أنه كلما ضعفت علاقة المجتمع بالدين والشرع حل فيه الضعف والهوان والفقر، وكلما أعاد النظر مرة أخرى وزادت صلته بدينه وبعقيدته عاد لقوته، وهيمنته، وسيطرته، وبسط الرحمة على الأرض.
من أجل الحفاظ على مجتمعنا، هذا المجتمع الطيب المبارك، ومن أجل أن تعود بقية مجتمعات الأمة إلى الأصل الذي به منحنا الخيرية. أكتب محذراً هذا المجتمع ومذكراً لإخوتي في المجتمعات الأخرى حتى تتبين لهم سنة الله التي أدركتهم، ومنبهاً لهم أن هذا يصبح مثلاً لحالهم فيما مضى، فمن أدرك طريق الهبوط قد يستدل به على طريق الصعود.
وقبل أن أشرع في الموضوع أود أن أعرِّف التغريب؛ لئلا تضيق الأفهام عند لفظه فتظن أن البلاء من الغرب فقط.



التغريب
هو: مجموعة الأفكار والمفاهيم والممارسات المتلقاة من الكفار، والتي يقصد بها صرف الأمة المسلمة عن دينها.
واشتقاقها من الغرب لغالبية دورهم في هذا المجال، وإلا فالكفر ملة واحدة،
وأنبه -أخي القارئ- إلى أنني سأركز على قضية التغريب تركيزاً رئيساً، وأختصر في قضية العفاف لسببين:
السبب الأول: أن الأصل في مجتمعنا هو العفاف، وكل بيت من بيوتنا -والحمد لله- يدرك معنى العفاف وأبعاده، ولذلك سيكون تعرضي له من باب الاختصار والذكرى والتنبيه.
السبب الثاني: أن الطبيب يذكر لمريضه مواطن المرض، وليس بالضروري أن يذكر مواطن العافية، فإنه إذا شرح لمريضه بأنه مريض ووصف له العلاج، فإذا اقتنع المريض بمرضه ووجد العلاج عند الطبيب فذاك، وإن لم يجد فسيبحث عن العلاج عند غيره.
إخوتي:
مهمتي هنا أن أقنع الكثير ممن يقرأ هذه الأحرف أن المرض يدب في أوصال مجتمعنا، فإذا اقتنع وأدرك هؤلاء وأولئك هذه القضية سهل عليهم -بإذن الله- تلقي العلاج والبحث عنه. هذه مسألة أحببت أن تكون مدخلاً لموضوعنا، فأقول والله المستعان.

مظاهر التغريب
ما هي مظاهر التغريب التي نراها تنخر في المجتمع المسلم ؟ إنها مظاهر عدة اختصرها وأوجزها فيما يلي:

أولاً: السفور
هذا الأمر أصبح عاديًّا عند كثير من فتياتنا وبناتنا، والالتزام بالحجاب لم يعد كما أمر الله ، بل ولا كما كنا نعهده في بعض مجتمعاتنا.
ألستم ترون معي المشاهد المخزية المتكررة يومياً، إن من يدخل أسواقنا اليوم قد يرى امرأة محجبة كبيرة في السن وبجوارها فتاة متبرجة، (وإن كانت كاسية)، تلبس الثوب الرقيق، الثوب الذي يصف البشرة، تلبس الغطاء الفاتن، ومن هذه يا ترى؟ إن هذه ابنة تلك _سبحان الله_! هذه المرأة كيف كانت، وكيف أصبحت؟ كيف أصبح أمراً مألوفاً عند هذه المرأة المحافظة المتحجبة أن تسير معها، وأن يكون في بيتها هذه الفتاة الكاسية العارية؟!
لا تتصوروا -أيها الأحبة- أن السفور هو في كشف الوجه فقط -لا- قد يكون كشف الوجه في بعض المجتمعات من أسهل أنواع السفور، وهو خطير ولا شك.
إن السفور أن تغطي المرأة وجهها، ولكنها تمشي وكأنها في صالة عرض لجسمها.
إن السفور أن تلبس الثوب الضيق والعباءة الجذابة منظراً وقصراً، والحجاب الذي يخضع أهل القلوب المريضة.
إن السفور أصبح في كثير من البيوت أمراً غير مستنكر، وهذا ما يزيد الطين بلة _كما يقولون_.
ثانياً: الاختلاط
إن هذا الأمر قد مسخ الفطر، وأفسد الأخلاق في كثير من مجتمعات المسلمين ولا ريب، ففي كثير منها اختلط حابلها بنابلها، وهذه مجتمعات تحتاج إلى نظرة أطول ووقفة أعمق.
ولكن بعضاً ممن لا ينظرون إلى هذا الأمر بشمول يظنون أن الاختلاط لا يكون إلا في المدارس أو الجامعات! أقول لهؤلاء: رويدكم رويدكم، فقد أبعدتم النجعة.
لا شك أن الاختلاط في الجامعات والمدارس جد خطير، ومرحلة متقدمة من المرض، ولكن هناك مجالات أخرى لا تقل خطورة، فالاختلاط في الأسواق أسوأ من الاختلاط في المدارس والجامعات أحياناً، وتجتمع مفاسد الاختلاط في المستشفيات بين الأطباء والطبيبات، بين المرضى والممرضات، بين المريضات والممرضين.
ولا يقل الاختلاط في الحدائق، وبعض الأعراس والمناسبات الاجتماعية، والمطاعم خطورة عن سابقيه.
إن هناك مظاهر كثيرة من الاختلاط تنذر بسخط الجبار -جل جلاله- فإياكم أن تأخذكم الغفلة، وتقولوا: إن الاختلاط تجل عنه مجتمعاتنا.
زعـم السـفور والاخـتلاط وسـيلة
كذبـوا متـى كـان التعـرض للخنا
للمجـد قـوم فـي المجانـة أغرقوا
شـيئاً تعـز بـه الشـعوب وتسـبق
ثالثاً: الخلوة
أيها الأحبة:
كم ثلث الشيطان ( ) رجلاً وامرأة قد اختليا _سبحان الله_ أيصحب الشيطان فتياتنا؟ نعم، إن هذا الأمر أصبحنا نراه صباح مساء.
ألستم ترون رجالاً قد صحبوا فتيات ونساء في سياراتهم، وواضح من شكل جلوسها وهيئة سائقها أنهما أجنبيان عن بعضهما. إنها صورة من صور الخلوة.
وصورة أخرى؛ إنها بين الخدم والسائقين ونساء البيوت.
أليست هذه خلوة؟ الخلوة هل يرضاها ذو غيرة وشهامة، فضلاً عن أن يكون ذا دين؟
بعض النساء ترفض أن تذهب مع السائق وحدها، بينما تأذن لابنتها أن تخرج مع السائق وحدها.
وهذا -كما قال الأستاذ محمد قطب- امتناع عن الخروج عادة لا عقيدة، لو كان امتناع الأم عقيدة لمنعت ابنتها، ولكنها العادة.

رابعاً: تحديد النسل
هذه الفرية التي بدأت تدب في مجتمعنا، وبدأنا نسمع من جعل تحديد النسل هدفاً من أهدافه.
_سبحان الله، سبحان الله_!! أسمع وتسمعون أن الرئيس الفرنسي يدعو لزيادة النسل، حتى وإن كان عن طريق غير مشروع، وهي دولة تعدادها بعشرات الملايين، ومساحتها وثرواتها لا تقارن بكثير من بلاد المسلمين.
وإن من زار أماكن صرف العلاج في أي بلد مسلم فسيرى عجباً، إن أقل الذي يعرض تكلفة هو وسائل تحديد النسل، بل إن في بعض هذه البلاد يكون من ضمن المعونات التي تقدمها الدول النصرانية لها كميات هائلة من تلك الوسائل. لماذا؟ لأن أعداءنا هم الذين يصنعونها، وهم الذي يصدرونها إلينا لأغراض في نفوسهم..
ذكرت إحدى الصحف المحلية أن رجلاً اتفق هو وزوجته على الاكتفاء بأولاد ثلاثة أو اثنين، فذهب بها إلى المستشفى لعمل عملية يوقف نسلها، وبعد نجاح العملية ذهب الزوج وأولاده لزيارتها، وبعد أن اطمأنوا على أن العملية قد نجحت خرج هو وأولاده، وفي أحد الشوارع وقع لهم حادث توفي على إثره جميع الأولاد.
وكأني بها عقوبة عاجلة قبل الآجلة، والله يمهل ولا يهمل، وإن في ذلك لعبرة.

خامساً: التغريب في اللباس
هل ما تلبسه كثير من بناتنا ونسائنا هو اللباس الشرعي الذي ارتضاه الله ورسوله لنا؟ أبداً وعزة ربنا.
إنه يخرج من دور الأزياء -وإن شئت فارفع الهمزات وأبدل الياء نونا- أتلك الدور في بلاد المسلمين؟ إنها الدور الباريسية الخليعة، والبيوت اللندنية المنحلة.
والمدهش المحزن أن بعض نسائنا في بعض بلاد المسلمين قد تفصل الأزياء قبل أن تفصل في فرنسا وبريطانيا وغيرها.
إن الأزياء مظهر من مظاهر التغريب ووسيلة من وسائله؛ ولذلك جاء شاعرنا ليقول متحدثاً عن الأزياء وعن اللباس الذي يرى على نساء المسلمين، وأصبح أمراً غير مستنكر حتى لدى بعض الموسومين بالخير، فتراه يلبس بنته إلى حد الركبتين، ويقول: إنها صغيرة:
إن الرمــاح إذا عدلتهــا اعتـدلت ولا تليـن إذا كـانت مـن الخشـب
ويقول غيره:
وينشــأ ناشــئ الفتيــان فينـا
عــلى مــا كــان عـوده أبـوه

وها هو شاعرنا يقول:
لحـــد الـــركبتين تشــمرينا
كــأن الثــوب ظـل فـي صبـاح
تظنيــن الرجــال بــلا شـعور


بـــربك أي نهـــر تعبرينـــا
يزيــد تقلصــا حينــاً فحينــا
لأنـــك ربمـــا لا تشـــعرينا

إن هذه الأزياء لا تخلو من أمور تجعلها في زاوية الحظر الشرعي، فمثلاً:
التعري الفاضح في بعض هذه الأزياء، ومن أراد التحقق من هذا اللون من ألوان الانحلال فليكاشف مجلات الأزياء ومشاغل الخياطة.
محبة النساء الكافرات والإعجاب بهن، وهذا قادح في كمال عقيدة المسلم والمسلمة.
التشبه باليهود والنصارى وغيرهم، وهذا باب أوسع من أن يبسط.
التشبه بالرجال في اللباس، ولا نـزال نسمع بالأزياء الولادية.
هذا فضلاً عن انتهاب ثروات الأمة، وجعل بعض نسائها تلهث وراء هذه الأزياء وتنسى مهمتها الأساس.

سادساً: قضية العادات الاجتماعية
حتى هذه القضية لم تسلم من التغريب، فكثيراً ما يطرق أسماعنا عبارات مثل: أعياد الميلاد للأولاد، وغيرها من الممارسات الدخيلة.
يقول أحد الفضلاء: اتصلت بي امرأة يبدو من حديثها أنها امرأة صالحة، تقول: أنا امرأة ملتزمة أريد أن أقيم حفلاً بمناسبة بلوغ ابني سنة أو سنتين، وهو حفل -كما تقول هي- ملتزم لا محرمات فيه، فما الحكم؟ سبحان الله! من أين جاءتنا هذه العادة، إطفاء شمعة، أو شمعتين، أو ثلاثة، أو عشر.
كثير من العادات والمناسبات محتاجة لأن توزن بميزان الشرع.

سابعاً: قضايا تتعلق بالزواج والتعدد
قضايا الزواج تغيرت وتبدلت، فالزواج الشرعي أدخل عليه ما هو منه براء - الحب قبل الزواج، اختلاء الخاطب بمخطوبته، الخاتم -الدبلة- التي تحفظ عهد الخاطبين -كما يزعمون-، وهناك أمور أخرى تبكي من كان له قلب، وتجعل العقد الشرعي أمراً رسمياً لا غير -والله المستعان- حتى التصورات العامة حول هذا الموضوع لم تسلم، فلا زواج للفتاة إلا بعد الخامسة والعشرين أو أكثر، ولا شاب يتزوج إلا بعد الثلاثين، بدعوى تكوين نفسه.
أما قضية التعدد فهي قضية مؤسفة محزنة، بدأنا نسمع من يناقش وهو متكئ على أريكته، ما رأيك في التعدد؟ _أعوذ بالله_ كيف نبدي رأياً في قضية حسمها القرآن الكريم، وانظر إلى الإجابة، هذا يؤيد، وهذا يعارض، وهذا يؤيد بشروط، وهلم جرا. وتنشر الصحف هذه المناقشات، وهي قضية حسمها القرآن الكريم، والنقاش فيها من حيث الأصل خطير يخشى على دين من يناقشها، وهناك فرق بين أن نناقش هل فلان يناسبه التعدد أم لا؟ وبين أن نناقش أصل القضية.

ثامناً: عمل المرأة في غير مجالها
وهذا المظهر من مظاهر التغريب التي تتفاوت مجتمعات المسلمين في ابتلائها به، فمن غارق فيها، وعائم يقاوم الغرق.
بدأنا نسمع من يتحدث عن قضية عمل المرأة في المصنع، وامتلاء مدارس البنات، فلماذا لا تعمل في المصنع مع المحافظة على العادات الإسلامية؟! هذه الكلمة التي أصبحت كالطابع تقال في كل مناسبة، وتمرر خلالها كثير من المخططات؛ لأن الخيرين طيبون.
وطيبتهم هنا ليست الطيبة الشرعية، فإنهم إذا سمعوا مثل هذا الكلام اطمأنوا، وإذا علموا أن مصنعاً يريد أن تختلط فيه النساء بالرجال، وقال أهله: نحن نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا، ونحافظ على عفة المرأة، أجابوا بالرضا والطمأنينة، فما دامت هي معزولة، فما الذي يمنع.
وكما قال محمد قطب: "بطيء ولكنه أكيد المفعول" خطواتهم في هذه المجالات بطيئة ذكية، "ولكنه أكيد المفعول"،أي: أنه سيغرب المجتمع شاؤوا أم أبوا.
هذه بعض مظاهر التغريب، ولكن ما هي الوسائل التي أوصلت مجتمعاتنا إلى أن تشوه وجهها بتلك المظاهر؟



وسائل التغريب
ما هي الوسائل التي استخدمها الأعداء لتغريب المجتمع الإسلامي ؟
أهي رشاش وبندقية، أم مدفع ودبابة، أم هي حاملة طائرات وصواريخ؟ لو كانت كذلك لكانت أسهل وأهون، ولكن المتربصين بالأمة يعرفون مقوماتها الذاتية -التي تكفل لها بعد حفظ الله وتأييده- النصر في كل معركة مع الباطل. لذا استخدموا ما هو أخطر وأفسد وأشد فتكاً بالفتاة مما ذكر، لقد استخدموا الحرب مع تلك المقومات لدى محاضن الجيل المسلم، فما هي وسائلهم، وكيف كانت نتائجها؟
وسأقتصر في عرضي لها على أهمها:

أولاً: الإعلام
الإعلام يتحمل جريرة ما يجري في قضية تغريب المرأة المسلمة، وسأثبت هذا -بإذن الله- بالأرقام والإحصائيات، عن طريق المسلسلات والأغاني والأفلام، ووسائل الإعلام المقروءة.
أ) الصحف:
وهي نوع من الإعلام ذي الجرعات المنتظمة. أتعلمون كم يدخل إلى سوقنا في الشهر من الصحافة الماجنة التي تغرب المرأة؟ يدخل إليها أكثر من 40 صحيفة أسبوعياً أو شهرياً في غلافها فتاة لا تتكرر أبداً.
وبلغ عدد الصحف التي تدخل إلى سوقنا شهرياً ما يزيد على خمسة ملايين نسخة شهرياً، وعندما ذكرت هذا الرقم في مناسبة جاء من يقول لي: لعل فيه مبالغة و_سبحان الله_! تقع في يدي إحصائية جديدة قبل أيام قلائل، من مؤسسة تصدر مجلات لا تخفى عليكم، ويظهر الرقم كالآتي:
إحدى المجلات التي تصدر عن هذه الشركة -واحدة فقط- وهي مجلة قصد بها تغريب المرأة، توزع شهرياً أربعمائة وأربعين ألف نسخة، والعجيب أن هذه الإحصائية تقول: هذا هو العدد الذي يشترى،‏ لا العدد الذي يوزع، ولها مجلة أخرى توزع ثلاثمائة وثلاثين ألفاً في شهر واحد، من مؤسسة واحدة تصدر مجلتين، توزع قرابة ثمانمائة ألف لفتياتنا.
إذن، اسمحوا لي عندما أذكر لكم -أيها الأحبة- أنه يوزع خمسة ملايين نسخة، فهو رقم متواضع، وأنا متأكد أنه يزيد على هذا الرقم بكثير، ولكنني أتيت بالمؤكد الذي لا يقبل الشك.
من يشتري خمسة ملايين نسخة في شهر واحد؟ أهم غير المسلمين الموجودين بيننا، أم هي العمالة الوافدة من الشرق والغرب؟ إن نسبة من يقرأ العربية بينهم لا تذكر.
فمن الذي يقرؤها ويبتاعها؟ إنهم أبناؤنا وبناتنا.
ب) الأفلام:
أما الأفلام -فالله المستعان- كيف أتحدث عن الأفلام؟ كيف أتحدث عن هذه القضايا؟ واستمعوا إلى الأرقام؛ فإن حديث الأرقام اليوم أبلغ من حديث الألفاظ؛ ولأجل ألا يكون للمبالغة أي مجال.
في البداية انظروا إلى هذا التقرير من اليونسكو -ولقد تعجبت كيف تصدر اليونسكو هذا- تقول: "إن إدخال وسائل إعلام جديدة -وبخاصة التلفزيون- في المجتمعات التقليدية أدى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين، وممارسات حضارية كرسها الزمن" اليونسكو تعترف أن وسائل الإعلام غربت أمتنا، إذن يكفي هذا التقرير لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد.
يقول الدكتور حمود البدر: إنه تبين من خلال إحدى الدراسات التي أجريت على خمسمائة فيلم طويل أن موضوع الحب والجريمة والجنس يشكل 72% منها، وتبين من دراسة أخرى حول الجريمة والعنف في 100 فيلم وجود 68% مشهد جريمة أو محاولة قتل، بل وجد في 13 فيلماً فقط 73 مشهدا للجريمة.
ويقول الدكتور نشار -وهو أمريكي الجنسية-: تبين من دراسة مجموعة الأفلام التي تعرض على الأطفال أن 29.6% تتناول موضوعات جنسية -والقائل أمريكي- 27.4% تتناول الجريمة، 15% تدور حول الحب بمعناه الشهواني العصري المكشوف - هذه أفلام للأطفال!!!
ويقول الدكتور هوب أمرولر -وهو أمريكي أيضاً-: إن الأفلام التجارية التي تنتشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في موضوعاتها، كما أن المراهقات من الفتيات -وهذا له علاقة مباشرة بموضوعنا- يتعلمن الآداب الجنسية الضارة- من الذي يقول ضارة؟ إنه أمريكي! إذا كانت هذه ضارة في عقل هذا الأمريكي كيف بميزان الشرع، ثم يتابع: وقد ثبت للباحثين أن فنون التقبيل والحب والمغازلة والإثارة الجنسية والتدخين يتعلمها الشباب من خلال السينما والتلفزيون.
جـ- الدعاية:
هذا البلاء الذي امتلأت به صحافتنا وإعلامنا بسبب سوء التعامل معها.
قام الدكتور سمير حسين بإعداد دراسة حول برامج الإعلانات في التلفزيون، كما يراها المشاهد والمعلنون توصل فيها إلى ما يلي:
98.6% من الأطفال يشاهدون الإعلانات بصفة منتظمة، ويطمئن الآباء لهذه التوجهات لدى أبنائهم، وستعلمون الأرقام المدهشة بعد قليل.
96% قالوا: إن هناك إعلانات يحبونها؛ ولذلك تجدهم يحفظون نص الدعاية المعلن عنها.
ولهذا يقول الدكتور محسن الشيخ: من أخطر البرامج المقدمة من خلال الشاشة الصغيرة هي الإعلانات التجارية؛ لأنها قصيرة ومسلية، وتحمل رسالتها بسرعة إلى الأوتار العقلية فتوقظها.
قد تقولون: وما علاقة الإعلانات والدعاية بقضية المرأة؟
تأملوا ما يأتي ففيه الإجابة: نوقشت رسالة ماجستير في دولة عربية مهمة بعنوان (صورة المرأة في إعلانات التلفزيون) اعتمد الباحث فيها على تحليل مضمون 356 إعلاناً تلفزيونياً بلغ إجمالي تكرارها 3409 مرات، أي: تسع مرات خلال 90 يوما فقط. توصل الباحث إلى ما يلي:
1) استخدمت صورة المرأة وصوتها في 300 إعلان من 356 إعلاناً. نسبة رهيبة جداً!
2) 42% من الإعلانات التي ظهرت فيها المرأة لا تخص المرأة، أي: ليست بالضرورة أدوات تجميل أو أزياء، فلا تعجب إذا رأيت دعاية لإطارات سيارات بجوارها امرأة.
3) 76% من الإعلانات اعتمدت على مواصفات خاصة في المرأة، كالجمال والجاذبية.
4) 51% من الإعلانات تعتمد على حركة جسد المرأة.
5) 12% من الإعلانات استخدمت فيها ألفاظ جنسية.
بئست الحال التي تكون فيها المرأة مهانة إلى هذا القدر. هذه هي الصحافة، وهذه هي الأفلام، وتلك هي الدعاية.


ثانياً: التعليم
التعليم!! إذن نحن ضد التعليم -لا، كلا وحاشا- نحن نريد التعليم، ونطالب بالتعليم، ولكننا نطالب بالتعليم الحقيقي، لا التعليم المزيف.
إن التعليم سلاح ذو حدين، إن كان في الخير فهو خير، وإن كان في الشر فهو كذلك.
التعليم الآن: هل هو التعليم الإسلامي في مجتمعنا الإسلامي؟ هل المرأة الآن تدرس في الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية -فضلا عن الجامعة- ما تحتاج إليه في أمور دينها ودنياها؟
ارجعوا إلى مناهج التعليم في العالم الإسلامي؛ لتروا المدهش في هذه القضية، عن طريق التعليم جاءنا الأدب السمج في القصة والمسرحية والقصيدة التي تعني بالحب المبتذل وغيره.
أيها الأحبة:
باسم التعليم عزفت المرأة عن الزواج حتى تكمل تعليمها، أتعلمون أنه في جامعة من جامعاتنا ستة آلاف فتاة، لم يتزوج إلا أربعمائة فتاة.
وباسم التعليم وجد في عينة درست من مائة وعشر فتيات تخرجن من كلية الطب، لم يتزوج منهن إلا إحدى عشرة طبيبة.
قـد كـنت أرجـو أن يقـال طبيبـة
فقـل للتـي كـانت تـرى فـي قدوة
وكـل مناهـا بعـض طفـل تضمـه


لقـد قيـل مـاذا نـالني مـن مقالها
هـي اليـوم بيـن الناس يرثى لحالها
فهــل ممكـن أن تشـتريه بمالهـا

هل فتياتنا استخدمن التعليم لتعلم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما يحتجن إليه في حياتهن، أم لقراءة خمسة ملايين صحيفة شهرياً؟ نحن نعرف أن في الأمة خير عظيم في نسائها وفتياتها، ولكننا نتحدث عن أرقام ووقائع ترونها وتبصرونها.
ماذا نرجو من فتاة تعيش خمس سنوات تتعلم الأدب الإنجليزي، وقصص شكسبير، وقصص الحب والغرام؟ ماذا تتوقعون أن تتخرج الفتاة بعد ذلك؟
إن التعليم وسيلة من وسائل التغريب إذا لم يستخدم في مجاله الصحيح، وقضية التعليم قضية طويلة، ولمن أراد المزيد فأحيله على كتاب شيخنا الأستاذ محمد قطب (واقعنا المعاصر)، ولقد صدر فضل المرأة في رسالة مستقلة بعنوان (قضية تحرير المرأة).

ثالثاً: الابتعاث
إذا كان الابتعاث غرب كثيراً من أبنائنا فكيف تتصورون ببناتنا؟ لقد جر الابتعاث على أمتنا الويلات، حتى أصبحنا نرى هياكل نعرفها، ومخابر أجنبية عنا.
وهذه الوسيلة لا تحتاج إلى أرقام، فحقيقتها أكبر من الأرقام، ووضوحها أشد من الشمس في رابعة النهار.

رابعاً: اللباس والأزياء والزينة والعطور
هذه القضية يكفي أن أقرأ فيها هذا النص عليكم: يقول هاري فورد اليهودي: "إن اليهود من أجل تحقيق غاياتهم قد سيطروا على ثلاثة أمور منها الأزياء".
الأزياء يعترف اليهود أنها واحدة من ثلاث وسائل لتغريب فتياتنا.
قضية اللباس، كما قالت شاعرة غيورة:
يـا بنـت عمـي التي حادت بملبسها
آذيــت بـالملبس المبتـور فاطمـة
إبليس راض وحـزب اللـه في غضب

عـن المقـاييس آذيـت المقـاييس
بنــت النبــي كمـا آذيـت بلقيس
عـلى التـي فـاخرت في حب إبليس
هذه هي الأزياء، وكثير من الأحباب الطيبين لا يتصور أن امرأته أو بنته حين تقف أمام الخياط يبذل لها مادة غربية، يغرب فيها أخلاقها، يقول: ثوب، ماذا فيه؟ نعم، قد لا يكون قصيراً، ولكنه أسوأ من القصير، ثوب عجيب، ضيق مشقق، مفتوح الصدر، قصير الكمين، ماذا تريدون أكثر من ذلك " كاسيات عاريات " العنوهن فإنهن ملعونات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.
وأما عن التشبه، فحدث عن البحر ولا حرج، ويكفي في هذا " من تشبه بقوم فهو منهم ".
أما العطور، فكل يوم تأتينا صرعة من صرعات العطور، تبتذل المرأة فيها أيما ابتذال، وتنهب جيوب بناتنا ونسائنا لتنقل إلى خزائن الناهبين.
إن من تمعن في وسائل الإعلام فسيجد من الدعاية للعطور ما يحيره، ويجعله يتساءل لماذا تفجرت الدعاية للعطور فجأة؟ هل هذا يعني أن وسائل التغريب الأخرى قد سبقته فهو يحاول اللحاق بها أم ماذا؟

خامساً: محلات الكوافير والتجميل
هذه الأماكن من المواضع الغريبة على المجتمع المسلم، فعن القصات لا تسأل، وسل عن أي العاهرات التي تنعت بها هذه القصة لتعلم إلى أين وصل الحال ببعض _وأقول: بعض فتياتنا_.
إن تلك المآسي المنعوتة بالكوافيرات؛ لتوحي لنا إلى أي مدى وصلت حفيدات الفاتحين، وسليلات المجد من الصين إلى الأندلس. يحق لنا أن نبكي بدل الدموع دماً إذا رأينا الفرق بين امرأة تقص ظفائرها لتكون لجاماً لخيل الله المسرجة، وامرأة تقص ظفائرها لتكون أشبه بالغانية.

سادساً: إدمان الخروج من المنـزل وتصويره بأنه سجن
تعددت وسائل الخروج من المنـزل، حتى كأنه قد حكم على فتياتنا وبناتنا ونسائنا أن تخرج من المنـزل.
التي لا تدرس تدرس، والتي لا تدرس تعمل، والتي لا تعمل تخرج إلى المستشفى، والتي لا تخرج إلى المستشفى تخرج إلى السوق، أو تخرج إلى أقربائها، ولا يظن قارئ أننا ندعو إلى أن توضع المرأة خلف أسوار، وتوصد دونها الأبواب، كلا وحاشا، ولكن يجب أن يقتصر الخروج لما لا بد منه، ولقد أرشد الله -جل جلاله- خيرة نساء الأمة -أمهات المؤمنين- "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" (الأحزاب: من الآية33).
وكما قال محمد قطب: "صور الأعداء لبناتنا أن البيت سجن، وأن البيت انتقاص من الحرية".
أعرض عليكم مثالاً واحداً فقط يعرف الجميع أن المرأة في الماضي إذا أرادت أن تخرج إلى السوق لا تخرج إلا لضرورة، وإذا خرجت ورأت بعض الرجال انـزوت في جانب الطريق إذا كان الطريق ضيقاً، أما الآن فما الذي يحدث؟ الرجل الصالح هو الذي لا يخرج إلا لضرورة، وإذا خرج وقابلته الفتيات انـزوى حتى يخلو له الطريق؛ ولذلك أصبح المرء لا يستطيع أن يخرج بأهله إلى السوق.
إن قضية الأسواق وأوضاعها مأساة من مآسي الأمة.

سابعاً: الاصطياف في الخارج
أصبح السفر إلى الخارج للترفيه والتفرج والسياحة موضة يتسابق فيها كثير من بيوت المسلمين، وما إن يرجع هؤلاء حتى يتسابقون في أيهم أكثر مروراً بالبلدان، وتالله لقد تسابقوا في إضاعة الدين والدنيا.
يخرج الرجل مع بناته فيسلخ حياءهن كما تسلخ الأضحية، وليته عاد بالجلد، ولكنه قد نسيه هناك.

ثامناً: الخدم والسائقون
أعود قليلاً إلى الأرقام:
ذكرت مجلة اليمامة أنه يوجد في بيوتنا سبعمائة وخمسون ألف خادمة، وعدد النساء العاملات في التدريس والطب وغيره ثلاثون ألفا فقط، وهذه دراسة أعدتها إحدى الجامعات.
أيها الأحبة:
إنها دراسة تنسف كل المقارنات، وهي أبلغ من حديث الكلمات.
إنني أخشى أن يتربى جيل تصعب عليه لغة القرآن الكريم، وتلتبس عليه مفاهيمه، فتسأله عن مكة ويجيبك عن مانيلا، وأولادنا هم شباب وفتيات الأمة،
أما السائق -هذا المحرم الجديد- فيقف القلم عن الحديث عن مآسيه.

تاسعاً: محاولة التأثير على المرأة وحديث الذئاب عن حقوقها
يطرح من يلبس لبوس الراعي ويستبطن قلب الذئب مسائل حول حقوق المرأة، فمرة يطرحون قيادة المرأة للسيارة، ومرة قضية الجلوس في البيت، ومرة قضية الحرية، وأخرى حول الزواج قبل التعليم، وخامسة المجتمع يتنفس برئة واحدة، وما علموا أن المرأة في البيت كالدم للجسم، فهي محاضنه، وسادسة نصف المجتمع معطل... إلى آخر الأفكار التي تطرح، ومعروف ماذا يجري بعدها.


عفوية أم تخطيط ؟
إن ما ذكرته لكم لم يأت عفواً، ولم يأت بين عشية وضحاها، إنه مخطط تتقاصر عنده مخططات الحروب وميادين القتال. إنه إفساد وتغريب لأمتنا، وهذه هي الأدلة والبراهين، لا العواطف والتخمين.
يقول اليهود في بروتوكولات حكماء صهيون: "علينا أن نكسب المرأة، ففي أي يوم مدت إلينا يدها ربحنا القضية".
ويقول يهودي آخر: "لا تستقيم حالة الشرق -أي لهم- إلا إذا رفعت الفتاة الحجاب". هل توقف عند هذا المكر فقط؟ لا. إلا إذا رفعت الفتاة الحجاب عن وجهها وغطت به القرآن الكريم.
وقال أحد قادة الماسونية: "كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوها في حب المادة والشهوات".
وربما قال قائل: هذا حديث اليهود والنصارى، فما شأننا نحن؟ وللإجابة على هذا التساؤل أقدم بمقطوعة جميلة للمنفلوطي يقول فيها:
"ذهب فلان إلى أوربا، وما ننكر من أمره شيئا، فلبث فيها بضع سنين، ثم عاد وما بقي مما كنا نعرفه منه شيئاً".
واستمعوا إلى هذه الحقيقة التي تزيل ذلك التساؤل.
عقد المؤتمر الإقليمي الرابع للمرأة في الخليج والجزيرة العربية في 15 / 2 / 1986م في إحدى دول الخليج، وكان التركيز على قضية ما يسمى بتحرير المرأة، وهو -والله- استعبادها لشهوات المتنكرين لدينهم وأمتهم، وأصدر بعضاً من القرارات، منها:
1) لا بد من مراجعة قوانين الأحوال الشخصية في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة، ومحاولة الدفع باتجاه دراسة قانون الأحوال الشخصية العربية الموحد -قانوني علماني-.
سبحان الله! حتى الأحوال الشخصية لا يريدونها على ضوء الإسلام، في حين أن دولاً علمانية أخرى لم تتجرأ على هذا التشريع.
2) التأكيد على أهمية وضرورة النظر في الكتب والمناهج التربوية عند تناولها لقضية المرأة بما يضمن تغيير النظرة المتخلفة لأدوارها في الأسرة والعمل!
أسألكم بالله أيها الإخوة: هل فهمتم من هذه الفقرة غير النظرة الإسلامية؟ وليهنأ حكماء صهيون والمستعمرون بهذه النماذج من أفراخهم.
ثم تتابع هذه الدراسة التي لم تصغها أيد متوضئة بقولها:
إن القوانين والأنظمة التي كانت تخضع لها الأسرة قبل ألف عام لا تزال تطبق على العلاقات الأسرية في عصرنا الحاضر!! دون النظر إلى مدى ملاءمتها لنا!
وهذه العبارة هي التي كشفت اللثام عن قلوبهم المريضة، فما هي الأنظمة والقوانين قبل ألف عام؟ إنها الشريعة الربانية الإسلامية المرفرفة على أرض الله.
وهذه قرارات ليست حبراً على ورق، إنما حبر على عقول.
وتقول نوال السعداوي: إن نجاح تحقيق التنمية الحقيقية في بلادنا العربية يحتاج إلى تحرير ثقافي، ويحتاج إلى تحرير النساء من سيطرة الرجال بمثل ما يحتاج إلى تحرير البلاد العربية من سيطرة الغرب.
إن هذه مخططات وقرارات، ونحن نائمون غافلون عن هذا الميدان. يقول أحد دعاة الاختلاط في جامعة الكويت: ولعل الدرس الأكبر الذي ينبغي الخروج به من هذه التجربة كويتياً وخليجياً أن الوقوف ضد حركة التبديل الاجتماعي هو جهد باطل، وطاقة مبددة، ووقت مهدور، والتاريخ لا يرفق بالذين يرفضون الصعود في معارك القوة.
وأقول: إن الواقع شاهد في معارك القوة هذه، والله المستعان.
إذن، أيها الإخوة: هذه مخططات تجري وتنفذ على أيدي من يدعون الإسلام. يتكلمون بلغتنا، وينتسبون إلى بني جلدتنا، وبعضهم قد يصلي في مساجدنا، مخططات كانت تحاك في الليل، أما الآن فتدار في وضح النهار، وتنفذ أمام الأبصار، وهذه هي القضية وهي قضية خطيرة جداً، وأؤكد أن أساليبهم بطيئة، لكنها أكيدة المفعول.



تساؤل وبيان
أيها الأحبة:
نقول لهؤلاء الذين يدعون إلى تغريب فتياتنا: تعالوا لنتناقش بأدلة الواقع إن كنتم لا تنصاعون إلى نصوص الشريعة.
إنني أسأل كل من يريد أن يغرب فتياتنا: هل هؤلاء النساء في الغرب يعشن في سعادة وراحة وطمأنينة؟
إنني أدع الإجابة لكل ذي لب وعقل نقي من شوائب الفتنة، وذلك بعد أن يقرأ مآسيهم، وأحببت أن يكون الحديث بمنهج مقنع، وأن يشهد شاهد من أهلها.
نشرت مجلة التايم أن ستة ملايين زوجة في أمريكا يتعرضن لحوادث الضرب من جانب الزوج كل عام.
وأن ألفين إلى أربعة آلاف امرأة يتعرضن للضرب الذي يؤدي إلى الموت.
وأن رجال الشرطة يقضون 33% من وقتهم للرد على مكالمات حوادث العنف المنـزلي.
ونشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عام 1979م أن 40% من حوادث قتل النساء بسبب المشكلات الأسرية، وأن 25% من محاولات الانتحار التي قد تقدم عليها الزوجات يسبقها نـزاع عائلي.
وذكر تقرير للشرطة الأمريكية عام 1978م أن 40% من إصابات رجال الشرطة و20%. من حوادث قتل رجال الشرطة في أوربا وأمريكا تقع بسبب وجودهم في أماكن حدوث نـزاع عائلي.
أين السعادة لنساء أوربا وأمريكا؟
إن هناك 75% من نساء ألمانيا يشعرن بالخوف خارج المنـزل عند حلول الظلام، وترتفع النسبة في بعض المدن إلى 85%، وقد خصصت بلدية لندن حافلات خاصة بالنساء من الساعة السادسة مساء إلى منتصف الليل بسبب الاعتداء عليهن.
يقول الرئيس الفرنسي السابق ديستان: لقد كشفت وزيرة شؤون المرأة النقاب عن الحقوق المزعومة للمرأة التي طرقت جميع أبواب الرجل، حتى أفسد ذلك المجتمع الفرنسي وفكك عرى الأسرة.
بلغ عدد المواليد غير الشرعيين في بريطانيا عام 1986م مائة وواحداً وأربعين ألف مولود، وهذه هي الإحصائية الرسمية.
نشرت جريدة الشرق الأوسط في 19 / 10 / 1410هـ مقالاً قالت في مقدمته: في أحدث دراسة بريطانية أذيعت أمس عن العلاقات الاجتماعية وظاهرة تصاعد نسبة الطلاق التي بلغت 70% بين النساء البريطانيات.
وعن مفهوم الخيانة الزوجية اعترفت 70% من المشاركات في الدراسة أنهن يدركن عقب الزواج بأشهر قليلة خيانة أزواجهن لهن مع أخريات.
بلغت نسبة الاغتصاب في أمريكا 35% من الجرائم عام 1984م، وهذه الإحصائية المسجلة رسمياً، وأكثر منها لم يصل إلى الشرطة ولم يسجل، أما حالات الرضا فتعد على الأصابع.
أيها الإخوة:
هذه هي الحالة التي يريد المستغربون والعلمانيون والمنافقون أن نصل إليها _أخزاهم الله وأذلهم ورد كيدهم في نحورهم_.



موقف عقلاء وعاقلات الغرب
قبل أن أسرد شيئاً من أقوالهم وأقوالهن أقدم هذه الحادثة: "ذهبت فتاة نمساوية إلى المركز الإسلامي بألمانيا وتبرعت بعشرة آلاف مارك، ورغبت في الزواج من شاب مسلم؛ لأنها تقول: لم يعد لنا ثقة بالرجال النصارى؛ لأنهم يعتدون على النساء".
وتقول الكاتبة آرنون: لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن بالمعامل؛ حيث تصبح المرأة ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها الحشمة والعفاف والطهارة.
وتقول إحدى أساتذة الجامعات في بريطانيا وهي تودع طالباتها بعد أن قدمت استقالتها: ها أنا قد بلغت سن الستين من عمري، ووصلت فيها إلى أعلى المراكز، نجحت وتقدمت في كل سنة من سنوات عمري، وحققت عملاً كبيراً في نظر المجتمع، لقد حصلت على شهرة كبيرة، وعلى مال كثير، ولكن هل أنا سعيدة بعد أن حققت كل هذه الانتصارات؟ تجيب هي على نفسها فتقول: لا، إن وظيفة المرأة الوحيدة هي أن تتزوج وتكون أسرة، وأي مجهود تبذله بعد ذلك لا قيمة له في حياتها بالذات.
وتقول الدكتورة -أيبرين-: إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا، وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل الأسرة فزاد الدخل وانخفض مستوى الأخلاق، ثم تواصل قولها: إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى الحريم ( ) هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير فيه.
وقال أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي: إن المرأة تستطيع أن تخدم الدولة حقاً إذا بقيت في البيت الذي هو كيان الأسرة.
وقالت لاديكون: علموا النساء الابتعاد عن الرجال، أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد.
أما الممثلة والغانية المشهورة بريجيت باردو فقد سألها صحفي: لقد كنت في يوم من الأيام رمزاً للتحرر والفساد.
فأجابته قائلة: هذا صحيح، كنت كذلك، كنت غارقة في الفساد الذي أصبحت في وقت ما رمزاً له، لكن المفارقة أن الناس أحبوني عارية، ورجموني عندما تبت، عندما أشاهد الآن أحد أفلامي السابقة فإنني أبصق على نفسي، وأقفل الجهاز فوراً.
كم كنت سافلة، ثم تواصل قائلة: قمة السعادة للإنسان الزواج، ثم تقول: إذا رأيت امرأة مع رجل ومعها أولاد، أتساءل في سري: لماذا أنا محرومة من مثل هذه النعمة.
فقـل للتـي كـانت تـرى فـي قدوة
وكـل مناهـا بعـض طفـل تضمـه
هـي اليـوم بين الناس يرثى لحالها
فهــل ممكـن أن تشـتريه بمالهـا
أيها الأحبة:
هذا هو التغريب، وهذه وسائله، ونتائجه، ومآله، ولكن ما هو العلاج؟


العلاج
إن العلاج هو شطر العنوان الثاني إنه العفاف.
العفاف الذي توضحه وتبينه الآيات التي تأتي، وفي الاقتصار عليها كفاية، ومن أصدق من الله قيلاً.
يقول _تعالى_ لخيرة نساء الأمة: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" (الأحزاب: من الآية33).
ويقول _تعالى_: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ" (الأحزاب: من الآية59).
ويقول _عز من قائل_: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ" (النور: من الآية30)، ثم ينتقل السياق إلى المؤمنات طالبات العفة والصيانة "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" (النور: من الآية31).
ويقول الحكيم الخبير: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" (الأحزاب: من الآية32).
ويقول: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" (الأحزاب: من الآية53).
الله أكبر. أطهر لقلوب من؟ إنها قلوب زوجات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وقلوب خير الأمة، صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بحالنا؟ وكيف بنسائنا؟ وكيف برجالنا؟! والله المستعان.

قنوات العفاف
أولاً: كلمة إلى المسؤولين
أقول لهم: اتقوا الله أيها المسؤولون، يا من توليتم أمورنا، وصارت الأمة أمانة في أعناقكم، أنتم مسؤولون أمام الله _جل وعلا_: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" ويقول الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
أيها المسؤولون عن بناتنا، أيها المسؤولون عن إعلامنا، أيها المسئولون عن أمورنا: اتقوا الله فينا، أدوا أمانة الله كما ائتمنكم عليها، وإلا فستتعلق بكم الأمة يوم القيامة، ويقولون: يا رب هؤلاء خانوا الأمانة، فاقتص لنا منهم.

ثانياً: كلمة إلى المصلحين من دعاة وعلماء وطلبة علم
أيها الأحبة: إن مخططات الأعداء وكيد الكائدين أكبر من أن نختلف عليها إلى مسائل لم يفاصل عليها سلف هذه الأمة وخيارها، كما يجب أن نحرص على سلامة المنهج في هذا الشأن وشأننا كله "وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً" (الأنفال: من الآية25).

ثالثا: كلمة إلى المجتمع
إنني أتساءل كيف دخلت كثير من العادات السيئة إلى مجتمعنا، كيف انسقنا وراءها بدون نظر ولا روية؟ المناسبات الدخيلة، والعادات المستهجنة، وما قضية الأسواق المتردية، وما الخدم والسائقون إلا أمثلة على ذلك.
أيها المجتمع:
لا بد أن تحمي نفسك من مؤامرات أعدائك "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ" (الأنفال: من الآية24).

رابعاً: كلمة إلى كل قيم
إنها دعوة لأن يصون كل قيم من تحت يده من زوجة أو بنت أو أخت، أو ممن ولاه الله أمر رعية، فهن -والله- أغلى وأثمن من جواهر الدنيا وكنوزها، والمتربصون بنا كثر: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" (التحريم: من الآية6).
وأدعوه إلى أن يؤدي حق القوامة التي أودعها الله إياه، وأن يقتنع بأن للمرأة دوراً يجب أن تؤديه في مجتمعها وبيتها، وعليه أن يعدها لذلك.

خامساً: كلمة إلى العفيفة
إلى التي تعلم عظم الأمانة الملقاة عليها، إلى من يقفن على ثغرة من ثغور المسلمين، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلهن، إلى اللائي ترخص عليهن النفوس والأموال في سبيل الله، وإلى اللاتي ينشدن:
أصـون عـرضي بمـالي لا أدنسـه
لا بـارك اللـه بعـد العرض في المال

أقول لك أختي الكريمة: إن هناك واجبات عليك لمواجهة كل المتآمرين ضد دينك وعفافك وكرامتك وحيائك، ومن تلك الواجبات:
أ- العلم الشرعي:
أقول للعفيفات من فتيات الأمة: عليكن بالعلم الذي ينير بصائركن، فما سما رجال ومجاهدو هذه الأمة إلا بوجود قيادات للتموين الداخلي، فحين كان الرجال على الثغور كانت النساء نعم المعلمات لأطفالهن، بل ولقد كان في الأمة قيادات علمية نسوية يشار إليها بالبنان، فما عائشة ولا أم سلمة إلا أمثلة ساطعة على ذلك.
إننا نريد العلم الحقيقي، لا العلم المزيف، نريد العلم بالله وبشرع الله، ونريد اعتناء بسير الصحابيات وسلف هذه الأمة اللاتي يمثلن مشاعل من نور للسائرين على الطريق.
وإنه لمما يعلم أن المرأة تقبل من المرأة؛ لأن كلا منهما تمثل أحاسيس وشعور الأخرى، فإذا تحدثت أو كتبت فالقبول منها أكبر.
ب- العمل بذلك العلم:
إن كل فتاة تعلمت وعلمت وفطنت لمؤامرة الأعداء عليها ثم تنساق وراء تلك المؤامرة ليخشى عليها أن تكون ممن يلحق بها الوعيد لمن لم يعمل بما علم ( ). جـ- أن تكون المرأة داعية:
وإن من الواجبات على الفتاة أن تكون داعية في بيتها وفي مجتمعها وفق ضوابط الشرع وأوامره، فكم سمعنا عن منارات يهتدى بها في ليل التغريب من فتيات صالحات ونساء قانتات كن سبباً في صلاح بيوتهن وأخواتهن _وفقهن الله للسداد والصواب_ "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً_ (فصلت: من الآية33).
وصدق من قال في هذه الأمور السابقة:
والعلـم زيـن وتقـوى اللـه زينتـه
وحجــة اللـه يـا ذا العلـم بالغـة
تعلـم العلـم واعمـل ما استطعت به
وعـلم الـناس واقـصد نفعهـم أبدا
وإن تكـن بيـن قـوم لا خـلاق لهم
فـإن عصـوك فراجـعهم بلا ضـجر





والمتقـون لهـم فـي علمهـم شغل
لا المكـر ينفـع فيهـا لا ولا الحـيل
لا يلهـينك عنـه الـلهـو والجـدل
إيــاك إيــاك أن يعـتادك الـمـلل
فـأمـر عليهـم بمعـروف إذا جهلوا
واصـبر وصـابر ولـا يحزنك ما فعلوا

د- ممارسة التربية الصالحة:
إن التربية الصالحة ليست كلمات تتلا، ولا عصا ترفع، إنها حياة كاملة فيها اللين والرقة، كما أن فيها الشدة والحزم، وصدق شاعر النيل حين قال:
الأم مدرســــة إذا أعددتهــــا
أعــددت شــعباً طيـب الأعـراق

نحن نريد الأمهات كخديجة وعائشة وأمهات المؤمنين _رضي الله عنهن أجمعين_، نريد كأم سليم وبنتي عاصم.
نريد من نسائنا أن يعددن أبناء الأمة للجهاد في سبيل الله، ولحمل راية الإسلام مهما واجهوا من متاعب ومصاعب.
وإن الأم التي تبكي وجلاً وخوفاً كلما ذكر الجهاد، لا يمكن أن تخرج يديها مثل أبناء الخنساء.
هـ. القدوة الحسنة:
وإنني أذكر أنه لا تربية بغير قدوة، فإن من تلهث وراء وسائل التغريب ليست أهلاً لأن تكون قدوة لأبناء كابني عفراء اللذين انقضا على أبي جهل كالصقرين، فكانا سبباً في قتله.
و- الوعي بمخططات الأعداء:
إن كل عفيفة تملك علماً لا بد لها من وعي تتقي به -بعد حفظ الله- مخططات أعدائها، وأسأل الله أن أكون قد وفقت لعرض شيء من مخططاتهم، فما الأزياء ولا بعض مظاهر الإعلام إلا حبائل ينصبها أعداؤنا لنا، فلتكوني أختي العفيفة سداً منيعاً ضد هذه المخططات بوعيك والتزامك.
ز- المحافظة على الوقت:
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه "
فإن من علمت أنها سيسألها الله عن كل لحظة من لحظات عمرها حري بها أن تقف وقتها على _رضى الله تعالى_، وما ينفعها في دنياها وأخراها.
ح- التخلق بخلق الحياء:
إذا كان الحياء في الرجال جميل فهو في النساء أجمل، فهو التاج الذي تعتز به كل امرأة سوية، وفقدانه هدم لكيان أخلاق المرأة ومسخ لفطرتها.
وإن الواقع ليشهد مظاهر تنم عن خلع هذا التاج عن جبين مجموعة من النساء، فإن من يعلو صوتها في ممرات المستشفيات والأماكن العامة، ومن تزاحم الرجال في أماكنهم لهي بائعة لهذا اللباس.
فالله الله أن تعدمي الخير أيتها العفيفة، فإن الحياء لا يأتي إلا بخير.
الرضا بما أعطاها الله:
أقول لأختي المسلمة: عليك بالرضا بما أعطاك الله، فهو الخالق، وهو العالم بما يصلح لخلقه، وإن هذا الرضا من تمام العبودية له _جل شأنه_.
وأكتفي بهاتين الآيتين في هذا الباب ومن أصدق من الله قيلاً: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً" (الأحزاب:36)، وقول الحكيم الخبير: "وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً" (النساء:32).


وختاماً
إن ما بين هذه السطور من آيات بينات، وأحاديث شريفة، وحقائق جلية، وأرقام واضحة إنما هو عمل أريد به أن أضع الأمة أمام مسؤولياتها؛ لندرك سوياً الخطر المحدق بنا، وأن سنة الله لا تتغير ولا تتبدل حين توجد في الأمة دواعيها.
ومن تفكر في الأمم حوله أدرك أن الذنوب سبب لأخذ الله _تعالى_ وبطشه "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونًَ (النحل:112).
وقوله _عز من قائل_: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً"(الإسراء:16).
وما هذه الوقفات إلا جهد مقل مناه أن يرى أمته قد علت راياتها، واستقامت على طريق الهدى مجتمعاتها.
أليست الأرض أرض الله؟ والعبد عبد الله؟ والشرع شرع الله؟ فلا مكان في أرض الله لعبد الله إلا شرع الله.
اللهم احفظ فتيات المسلمين من كيد الكائدين وتربص المتربصين، واجعلهن بالصحابيات مقتديات، وعن الضلال معرضات، وللكتاب والسنة مقتفيات.
اللهم أقر أعيننا برؤية زرع الإسلام وقد استوى على سوقه، يعجب الزراع لنغيظ به الكفار، إلهنا إله الحق.
ناصر بن سليمان العمر
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فتياتنا يحتفلن بعيد القسيس فالنتاين ! مزون الطيب هدي الإسلام 0 01-02-2012 06:50 PM


الساعة الآن 10:21 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22