صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > هدي الإسلام

هدي الإسلام معلومات ومواضيع إسلامية مفيدة

هل كانت الفتوح الإسلامية الأولى سببا لإخافة السكان في البلاد المفتوحة؟

الأستاذ المساعد محمد عزيملي جامعة دجلة كلية الإلهيات قسم تاريخ الإسلام دياربكر- تركيا الغربيون عندما يتحدثون عن إنتشار الإسلام في العالم يصفون المسلمين كإنسان في احدي أيديه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-11-2013 ~ 07:28 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي هل كانت الفتوح الإسلامية الأولى سببا لإخافة السكان في البلاد المفتوحة؟
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012



الأستاذ المساعد محمد عزيملي
جامعة دجلة كلية الإلهيات قسم تاريخ الإسلام
دياربكر- تركيا
الغربيون عندما يتحدثون عن إنتشار الإسلام في العالم يصفون المسلمين كإنسان في احدي أيديه القرآن وفي في احدي أيديه الأخرى السيف.[1] وعندما يتحدثون عن أسباب الفتوح الإسلامية الأولي يقولون : "الجهاد فتح الأراضي و حرب مستمرة."[2] هل هذه الأراء صحيحة؟ أم غرض فيها؟ لا بدّ أن ندقق الأثرالذي تركت الفتوحات الإسلامية في المناطق التي أقيمت فيها وقبولها من ناحية شعوب المناطق لكي نفهم ان هذا التعريف تحقق بمعناه الأساسي و القرآني أم لا؟
معني الإسلام: سلام و صلح, وبإزاء الحرب.[3] يشرح هذا المعني في تلك الآيات القرآنية: "أدخلوا في السلم كافة" "فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً" " فإن جنحوا للسلم فاجنح لها" "لآ ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم و تقسطوا اليهم."[4] إذن يجب ان نفهم الفتوح الإسلامية الأولي كجهد نشر السلم و قيم صحيحة عالمية لا كتاريخ الحروب.[5]
الآيات القرآنية التي تأمر بالقتال في الإسلام[6] أوامر متجهة لمنع الظلم . يسمح القرآن للمسلمين أن يحاربوا ضد الظلم والإعتداء.[7] الأوامرالقرآنية في هذا المجال لا تختص بالمسلمين المظلومين ولكن تتضمن أيضا إنقاذ الناس المظلومين كلهم.[8] ولذلك يطلب من المسلمين بدون تقييد أو أي شرط أن تنقذوا المسلمين تحت الظلم فقط بل المظلومين في العالم جميعاً. الله جل وعلآ في قوله : "وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرأً ".[9] قد وظف المسلمين بأن ينقذوا الناس المسحوقين من أيدي الظالمين. ولا يختص هذا الأمر بقيد أي دين ويبشر الذين يقاتلون في هذا السبيل بأن لهم الجنة.
لو نظرنا هذا الأمر من منظور المسلمين نري أنهم كانوا يقاتلون لهذه الأسباب التالية : ان يُعرف دينهم في بلاد أخري[10] وإمكانية نشره هناك[11] و رفع الضغط والظلم أمام حرية الفكر و الاعتقاد و كما عن أهل الأديان الأخري[12] الذين لا يتمكنون من حرية الدين بحماية الأشياء الخمسة التي تملك أهمية حيوية للإنسان (الدين, العقل, المال, الحياة والنسل) . يقول الله عز و جل في القرآن المسلمين كانوا: " يقاتلون حتي لا تكون فتنة". إن محمود شيت خطاب يلخص هذه الحقيقة في تعريفه بمنطق الحرب في الإسلام و يقول: " لم يكن المسلمون الطرف الأول الذي يبدأ الهجوم إلا أنهم يحاربون حين إضطروا ذلك من ناحية أخري المسلمون لا يفعلون في حروبهم أعمالاً لا يليق بالشرف الإسلامي والعسكري بل يتبعون المعاهدات ولا يخونونها وينصرون المرضي والمجروحين ويعتنون بان لا يضروا بالأطفال والكهول من المدنيين."[13]
ان النبي عليه السلام قد إجتنب دائماً من الحروب و العنف و الشدة في دعوته و نشهد الرسول في أثناء معاهدة الحديبية لتحقيق السلام جهدا كبيراً. و نري أيضاً خلال حرب الخيبر حينما يعطي الراية الي علي بن ابي طالب ليقود الحرب قال له: "لأن يهدي الله بك رجلآً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" .[14] وقال لعدي بن حاتم انه يريد عالما سليما من الحروب و العنف و الخوف : " فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية علي بعيرها حتي تزور هذا البيت لا تخاف".[15] فبينما قال النبي كذلك قبل أربعة عشر عصرا لنري في عالمنا الراهن أن الأطفال لا يزال يقتلون بدون أي ذنب و مقتل مليوني طفل في السنوات العشر الأخيرة أو المجروحين باعتبار عام ألفين و واحد يلتفت نظرنا.
إن ننظر إلي عصر النبي في هذا الصدد نري أنّ عدد قتلي المشركين في الحروب ضدهم قليل جداً.[16] والسر في هذا الأمر أن النبي حاول أن يفتح قلوب الناس بدل قتلهم و فتح أراضيهم. و بهذا المنهج استطاع أن يفتح مساحة بحجم أوروبا في زمن قصير. وقد تحقق هذا الأمر بإضاعة مائتين وخمسين شخصاً من كلا الطرفين تقريباً . و إذا قسنا القضية بعكسها نري أن عدد القتلي طيلة تسعة عشر قرناً لا يزداد أكثر من هذا العصر الذي نعيش الآن فيه وهذا شيء باستجلاب دقة النظر.
كما أن المسلمين لم يقتلوا رجال الدين وأذنوا بأن ينشأ كثير من الكنائس ايضا.[17] مثلاً أن أبا بكر حينما أرسل الجيش الإسلامي ضمن أول سفر إلي الشمال فقال: "لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا إمراةً ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوا ولا تقطعوا شجرة مثمرةً ولا تذبحوا شاتاً ولا بقرةً ولا بعيراً إلا لمأكله. سوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم."[18]
وإن كان هناك سائق ديني يسوق المسلمين الي هذه الحروب و مع ذالك لا نري بين أهدافهم تجعل لهم في حركاتهم و أغراضهم يتعاملون بغرائز دينية محض بل إنسانية تماما . لأن الكفر ليس بسبب الحرب لدي المسلمين. و إلا لكان يلزم عليهم أن يحاربوا الي الأحباش. وبهذه المناسبة نقول إنّ إنتشار الإسلام أثناء الفتوحات الأولي التي حققها جيوش الإسلام قاصدين إلي الشمال كان قد حصل بفتح القلوب لا بالزجر والسلاح.
بعد القضاء علي الحركات الارتدادية، ساق الخليفة الأولي الجيوش المستمرة الحروب الأهلية بين البيزنطيين و الساسانيين قبيل فترة الفتوح كانت تجري علي المناطق المراد فتحها. وهذه الحروب كانت قد أضرت إقتصاد كلا الدولتين من جانب. وجلبت غضب أهالي المنطقة بسبب وضع الضرائب الثقيلة وحركات النهب والسلب من جانب آخر. مثلا السريانيون و النسطوريون في شمال جزيرة العرب كانوا قد يإنّون تحت الأرثوذوكسيين المخالفون من النصاري يتعرضون للضغط علي كنائسهم ومجازرَ عنيفة وكانوا يجبرون علي تبديل مذاهبهم. كما نري أن القيصر البيزنطي أوستينوس الأول قد قتل كثيرا من السريانيين الذين يعتقدون مخالفين تماما عن الأرثوذوكسيين في سنة أربع عشرة وخمسمائة الميلادية.[19] وكان الظلم في عهد القيصر البزنطي مافريكوس قد بلغ إلي أقصي حدٍ. وفي هذه الفترة جمعوا السريانيين في منطقة بيت الشمس قرب حمص وتعرضوا لمجزرةٍ دموية تاريخية ضرب عنقهم بالسيوف دون أن يفرق بين الشيوخ والنساء والأطفال. بوصول الجيوش الإسلامي الي المنطقة قد إنقضت فترة الظلم والضغط.[20]
كان المسلمون ضمن عبر الهلال الخصيب كمنقذي أهالي المنطقة وبهذا المعني كان في بلوغ فتوح الإسلامية الي النصر دورٌ مهمٌ لإنحطاط البزنطيين والساسانيين عن أعين رعاياهم.[21] وفي هذه الفترة كان البيزنطيون يواجهون بمشاكل دينية ومذهبية. و الساسانيون بمشاكل إدارية ولم يهتم كلا الطرفين بفتوحات الإسلامية ولما شعروا بفخامة المسألة كان قد فات الوقت.
وفي هذا الصدد ان الفتوحات الإسلامية الآتية من الجنوب كقوة منقذة عالجت مشاكل مجموعات دينية ومذهبية لاسيما أن النصاري والسريانين. وجدوا إمكانيات تطيح لهم جوا مناسبا لإدامة وجود السريانين بتلك الفتوح. ولذلك لما حاصر المسلمون أهم مدينة المنطقة وهي دمشق كان الناصرون لهم البطارقة النصاري.[22] نصاري المنطقة قد إستقبلوا الجيش الإسلامي بالمزامر حوالي حمي.[23] والإمبرطور البزنطي هرقل حينما استشار مع الذين معه وناقشوا أسباب مغلوبيتهم قال شيخ منهم:" إن القوم يقيمون الليل ويصومون النهار ويوفون بالعهود ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ولا يظلمون احداً ويتناصفون فيما بينهم ما يأكلون إلا بثمن ولا يدخلون إلا بسلام ومن أجل إنا نشرب الخمور ونركب الحرام وننقض العهد ونغضب ونظلم و نأمر بسخط الله عن ما يرضي الله ونفسد في الأرض."[24] أن هرقل قد إستشار أهمية القوة البدوية المحرقة الممتزجة بالروح الإسلامي الجهادي. و قال هرقل للذي أوضح له الوضع بالجمل السبقة ذوأهمية: " لئن صدقت ليرثن ما تحت قدميّ هاتين." وظعن في ارض الروم التفت فقال "عليك السلام يا سورية ونعم البلد هذا للعدو[25] وسلام مودع لايري أنه يرجع اليك أبدًا."[26]
ونريد أن نضرب مثالا يدل على أهمية ما نجحه هؤلاء القواد الذين قادوا الجيوش الإسلامية وعلى أن الهدف الأصلية للفتوح الإسلامية لم يكن نهبا للأموال ولا استثمارا إقتصاديا فنقول: هم أبو عبيدة بن الجراح رد الجزية التي دفعها النصارى من أهل البلاد الشامية إلى أصحابها قائلا بأنهم أخذوا منهم الجزية على أن يحموهم ولكنهم في الوقت لا يقدرون على ذلك لأنهم قرروا الإسترجاع عند ما وصل إليه بأن البيزنطيين عمدوا إليهم مجهزين بجيش ضخمة منظمة خلال الفتوح في البلاد الشامية. وكان أهل الذمة قد تحيروا من هذا، وما أخذوا الجزية، وساعدوا لنصرة المسلمين على البيزنطيين الذين هم كانوا نصارى أيضا. وقال البلاذري في هذا الصدد: لما جمع هرقل للمسلمين الجموع وبلغ المسلمين اقبالهم اليهم لوقعة اليرموك ردوا علي اهل حمص : " لولايتكم وعدلكم احب الينا مما كنا فيه من الظلم والغشم ولندفعن جند هرقل عن المدينة مع عاملكم." ونهض اليهود فقالوا:" والتوراة لايدخل عامل هرقل مدينة حمص إلا ان نغلب و نجهد." فأغلق الأبواب وحرسوها وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصاري واليهود.وقالوا :" إن ظهر الروم وأتباعهم علي المسلمين صرنا الي ما كنا عليه وإلا فأنا علي أمرنا ما بقي للمسلمين عدد." فلما هزم الله الكفرة وأظهر المسلمين فتحوا مدنهم وأخرجوا المقلسين فلعبوا و أدوا الخراج.[27]
إن الشعوب التي لا تدخل الإسلام كانت ذا حقوق كثيرة في عهد عمر. هؤلآء لا يعطون ضرائب ثقيلة كانت تؤخذ الإتاوة من الذين يستطيعون إستعمال السلاح.[28] إعطاء عمر النصارى التي تسكونون في القدس وثيقة أمنيةً لأجل ان لا يعتدي عليهم وأن يكونوا في أمن.[29] إذا دخل خالد بن الوليد دمشق كان يقول في وثيقته الأمنية هذه الجمل الأتيية: "ًهذا ما أعطي خالد بن الوليد أهل دمشق إذا دخلها أعطاهم أمانا علي أنفسهم وأموالهم و كنائسهم وسور مدينتهم لآ يهدم ولآ يسكن شيء من دورهم لهم بذلك عهدالله و ذمة رسول الله عليه وسلم والخلفاء والمؤمنين لآ يعرض لهم إلآ بخير إذآ أعطوا الجزية."[30]
الشعوب التي تعيش في المنطقة أدركت أنهم أناس مساوية للينانيين والبزنطيين النصاري في المنطقة.[31] كانوا يتعرضون للظلم من قبل الأ رثودوكسيين لأجل عدتهم من أهل البدعة. إذا جاء المسلمون أداموا وجودهم في أمن وحرية.[32] يؤيد كثير من مؤلفي النصاري أن المسلمين كانوا يحسنون معاملتهم بالنصاري في أثناء الفتوح وبعدها. من هؤلآء عدي شر يفيد فتح المسلمين الشام بهذه الألفاظ: "العرب عاملت معاملة حسنة. بنصرة الله دامت السعادة. ملأت قلوب النصاري فرحا لأجل فتح بلآدهم. قواهم الله وأعانهم."[33] يمكن أن توجد مثل هذه الأقوال في كتب مؤلفي النصاري الآخرين. من هؤلاء المشل الكبير بطريق اليعقوبي الأنطاقي يقول "إن الله أرسل بني إسماعيل لأجل إنتقام من الرومانيين الذين هدموا ونهبوا كنائسنا."[34] غيرالمذكورين السابقين يقول أبوا الفرج ألسرياني مخبراً عن نهب البزنطيين السوريةَ: "إن المسلمين أنصفُ وأرحمُ من البزنطيين الذين هم من أهل دينهم."[35]
تناقش الفتوحات الأولي في عهد الخلفاء الراشدين " هل أجريت لأجل مبررات إقتصدية أم لآ".[36] إدعي بعض المؤلفين[37] "أن فتوح هذ العهد أجريت ألنهب[38] أراضي الشمال الكثيرة المحصوُل".[39] نقض هذه الإدعاء عدم وقف هذه الفتوح بعد الوصول إلي هذه الأراضي. لا يمكن أن يقال سبب تقدم جيوش المسلمين في المناطق اقتصادي بعد فتحهم المناطق الغنية.[40] غير هذا عدم نهب هذه المناطق المفتوحة بيّنٌ ويُعَْلَمُ من قبل كلّ من بحث عن هذه المسئلة. إن كان العامل الأساسي في هذه الفتوح الجوع فلا بدّ أن تعكس شكلا نهبيأً.
وكان الفاتحون الذين قادوا الجيوش الإسلامية المتوجهة إلى الشمال ذوو خبرة في تدبير الجيوش وفق نظام من خواصه أن يشتمل على حقوق الحرب، في وقت وبيئة ما كان من شأن الجيوش أن يتبعوا حقوق الحرب وما كان الحرب يعني لهم غير القتل. هذا وما ترك القواد الجيوش الإسلامية سدى يفعلون ما يشائون متبعين أهوائهم النفسية وميولهم الفردية. ولو لم يطبق القواد عليهم قواعد قاسية خلال الفتوح لكان من المحتمل أن يتحولوا إلى جيوش ناهبة. فبتطبيق نظام له أحكامه تمكن القواد من استعمال ما للأعراب من الإستعداد ورغبة الغزو في أحسن صورة.
وكانت لهذه الحروب التي جرت على نظام حقوقي و نتائج مرضية، فلم يكره أحد في دينه ولم يشاهد في أرض قتل الجماهير. والذي نريد أن ننبه عليه هو أن قواد الجيوش الإسلامية أصابوا في أهدافهم بتوجيههم إستعداد الأعراب إلى أحسن الأهداف، ومنعوا ما يعوق انتشار الدين الجديد من ميلهم إلى الأموال ورغبتهم في الأمتعة. وأخذوا بهم إلى ساحة كان القواد هم الواضعون أحكامها وقواعدها وحدودها. هذا وكان الفضل لهؤلاء القواد في تكثيف جهود الناس وآمالهم وتوجيهها إلى الأهداف المرضية النتائج. وبهذا إستطاعوا الوضع أمام الناس أنموذجا حسنة في الفتوح والفاتحين.
ولو أمعنا النظر في التطبيقات التي أجريت في البلاد المفتوحة، لتعينت لنا أهداف الفتوح وغاياتها بصورة بينة قاطعة. وكان قد طبقت علي سكان هذه البلاد حقوق الحرب ذات ثلاثة إقتراحات، وقد خيروا بين الإسلام والجزية والحرب. في الحقيقة ليس من المعقول البحث عن إقتراح أوفق في وقت ما كان يعرض علي سكان بلاد المنهزمين في الحرب غير نهب أموالهم جبرا وغصب ما يملكون ظلما، وما كان لهم إختيار حتى بين الأسر والقتل. ومما يجلب النظر أنه لم يفرض الجزية علي الشيوخ والأطفال والنسوة والرهبان الذين هم رجال الدين. وكان الجزية فرضت على هؤلاء الرجال الذين لهم قدرة على الحرب.[41] أما الذين ينتسبون إلى الجيش مثل الأرمنيين من بلاد آذربيجان كانوا لا يدفعون الجزية. أما الجزية فكانت قليلة جدا إذا ما قيس على خدمة الجيش الضرورية. وما كانت الجزية يدفع إلى خلل في واردات أحد. وكان أقل مما كان الناس يدفع إلى البيزنطيين قبل الفتوح الإسلامية.[42] ومما يدل على أن الجزية ليس الهدف منها هو الوارد الإقتصادي، كون نسبة الجزية موازيا لنسبة الزكاة عند المسلمين.[43]
وأيضا مما يدل على أن الفتوح لم يقم على أهداف إقتصادية بالنسبة إلى قواد الفتوح، أن عمر رضي الله عنه إمتنع من توزيع الأراضي المفتوحة على المحاربين المسلمين خلافا للصحابة قاطبة. وما أطبق عمر رضي الله عنه الأحكام القرآنية في الغنيمة، ولكن حكم بإبقاء تلك الأراضي لأصحابها، ليكون عونا على إقلاع ما يمكن أن يضمروا في قلوبهم من السخط والمقاومة، مستندا إلى الآية التاسعة من سورة الحشر. وقد ضيقه الصحابة وعارضوا ما حكم به قائلين "لماذا لا تتبع ما أمر الله". أما عمر فكان يرى أن في تجمع كافة الأراضي إلى أيد الفاتحين ما يسبب إنزال سكان البلاد المفتوحة إلى المرتبة المواطن الثانية، وهذا يجلب الردود ويحرضهم على المقاومة في المستقبل. وفوق كل هذا كان عمر رضي الله عنه يفكر في أن ما أجراه كان أوفق إلى الإنسانية مما عرضه الصحابة عليه.[44] قال عمر لسعد: فإذا أتاك كتابي فانظر ما أجلب عليه أهل العسكر بخيلهم و ركابهم من مال او كراع فأقسمه بينهم بعد الخمس واترك الأرض والأنهار لعمالها ليكون ذلك في إعطيات المسلمين فإنك إن قسمتها بين من حضر لم يكن لمن يبقي بعدهم شيء.[45]
هذه صفة فتوح المسلمين أحيانا كثيرةًً. لم يجبر أهل المناطق المفتوحة علي الدخول في دين الإسلآم أحسن أمثلة هذا فتح جنوب شرقي ألأناضول. شعب هذه المنطقة قد دخل الإسلآم نتيجة مصالحة الرها. متن هذه المصالحة يوجد في كتابنا وثيقة مهممة.[46] هذه الحال غير محدودة بالفتوحات السابقة. المغولييون الذين يُعلمون أكثرشعوب ظلما قد دخلوا ألأسلآم بلآ إكراه وإجبارٍ. المسلمون قد ذهبوا إلي أندلس لإجابة الشعوب التي تعيش فيها لإنقاذهم من ظلم أمرائهم. أهل بلقان إستقبل العثمانيين بفرح وسرور و دخل البسنوييون ألأسلآم كذلك . يمكن أن نُرِيَ جزور الهند و زنقبار وفيليبيين ومالزيا و أندونزيا أماكن نُشِرَ فيها ألإسلآم بلآ غزوٍ عسكريٍّ.
ونرى أن سجل المسلمين للفتوح الأولى بريء من التهم بكل أنواعها. ونقول إنه ليعطي لنا فكرة كافية أن نقيس بين روح الفتوح الإسلامية وتلك التى شاهدنا بل شاهد التاريخ في الغزو الصليبي، فلا حاجة إلى المزيد من القول عن الفتوح الإسلامية. وقد تم قتح القدس بالصلح دون سفك قطرة من الدم في عهد عمر رضي الله عنه عام أربعة عشر الهجري المقابل لعام ستة وثلاثين وستمائة. أما الصليبيون فقتلوا الرجال والنساء والشيوخ والأطفال من المسلمين عندما إحتلوا القدس سنة اثنين وتسعين وأربعمائة هجرية المقابلة لسنة تسع وتسعين وألف ميلادية، حتى إنهم لم يكفوا عند هذا الحد بل قتلوا اليهود أيضا. ولما استرجع المسلمون القدس من أيد الصليبين سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة الهجرية الموافقة لسنة سبعة وثمانين ومائة وألف أيضا ما قتلوا أحدا، وكل ما أطبقوا على الصليبين كان عبارة عن أخذ الفدية.[47]
وفي ما قلنا كفاية لبيان مسيرة الفتوح الإسلامية، ونقول ختاما لخطابنا هذا بأن التاريخ لم يشاهد جيشا ولا مجتمعا مثل هذا الذي انتشر بهذه السرعة ونجح في ما فتح من البلاد بأقل الضياع. ونترك آخر القول إلى الكاتب البارز الأمين المعلوف الذي هو من نصارى الموارنة الساكنة في لبنان منذ خمسة عشر قرن حيث يقول: "لو كان آبائي مسلمين في بلدة غزاها النصارى، بدلا من كونهم نصارى في بلدة فتحها المسلمون، فلا أظن أنه كان لوسعهم أن يعيشوا حافظين على دياناتهم في القرى والمدائن خلال أربعة عشر قرن. فأين مسلمو إسبانيا؟ وأين مسلمو سيجليا؟ قتلوا لآخرهم أو تنصروا بالحديد والنار."[48]

[1] Philip K. Hitti, İslam Tarihi, Çev; Salih Tuğ, İstanbul, 1989, I. 218.

[2] Hans Kruse, “İslam Devletler Hukukunun Ortaya Çıkışı”, İslam Tetkikler Enstitüsü Dergisi, Çev; Yusuf Ziya Kavakçı, İstanbul, 1971, c. 4, cüz, 3-4, sh. 57-65.

[3], 350 راغب الإصفهاني, المفردات, إستانبول , 1986

[4] صورة البقرة 208, صورة النساء 90, صورة الأنفال 61, صورة الممتحنة 8.

[5] Ebu’l-Fazl İzzeti, İslam’ın Yayılış Tarihine Giriş, Çev; Cahit Koytak, İstanbul, 1984, 10.

[6] صورة.البقرة193

[7] صورة الحج 39

[8] صورة القصص 5-6

[9] صورة النساء 75

[10] W. Bartold, İslam Medeniyeti Tarihi, Çev; Fuat Köprülü, Ankara, 1973, 105.

[11] Ahmet Yaman, İslam Devletler Hukukunda Savaş, İstanbul, 1998, 25.

[12] Mevlana Şibli, Asrı Saadet, Çev; Ömer Rıza Doğrul, İstanbul, 1997, I, 392.

[13] Mahmut Şit Hattab, Komutan Peygamber, Çev;Ahmed Ağırakça, İstanbul, 1988, 18.

[14] البخاري, الصحيح, المغازي 40

[15] السهيلي الروض العنف بيروت 2000, 8, 478

[16] İbrahim Sarıçam, Hz. Muhammed ve Evrensel Mesaj, Ankara, 2003, 150.

[17] T. W. Arnold, İntişar-ı İslam Tarihi, Çev; Hasan Gündüzler, Ankara, 1982. 81.

[18] الطبري, تاريخ الطبري بيروت 1995, 2, 246.

[19] إبن الأثير، الكامل, بيروت 1995, 1, 333

[20] Mehmet Çelik, Süryanî Tarihi, Ankara, 1998, I, 324.

[21] V. J. Parry, “İslam’da Harp Sanatı”, Tarih Dergisi, Çev; Erdoğan Merçil, S. Özbaran, Fasikül, 13, trz. ,byy. 193.

[22] البلآذري, فتوح البلدان, بيروت1991, 128.

[23] Philip K. Hitti, Arap Tarihinin Mimarları, Çev; Ali Zengin, İstanbul, 1995, 42.


[24] الأزدي ، فتوح الشام القاهرة 1994 ، 236

[25] ابن الأثير 2 493.

[26] الطبري 2 445

[27] البلآذري, 143.

[28] البلآذري, 130.

[29] P. Gabriel Akyüz, Osmanlı Devleti’nde Süryanî Kilisesi, Mardin, 2001, Belge, 137.

[30] .البلآذري,169

[31] İsmail R. Faruki, Luis L. Faruki, İslam Kültür Atlası Çev; Mustafa Okan Kibaroğlu, Zerrin Kibaroğlu, İstanbul, 1991, 246.

[32] Will Durant, İslam Medeniyeti Tarihi, Çev; Orhan Burhanettin, İstanbul, Trz., 56.

[33] Aday Şer, Siirt Vekayinamesi, Çev; Celal Kabadayı, İstanbul, 2002, 360.

[34] Faruki, (Mihail’den Naklen) 246.

[35] Gregory Abu’l-Farac, Abu’l-Farac Tarihi, Çev; Ömer Rıza Doğrul, Ankara,1987, I,177.

[36] Marshall G. S. Hodgson, İslam’ın Serüveni, çev; Heyet, İstanbul, 1993, I, 150.

[37] W. H.T. Gairdner, Batının İslam Korkusu, Çev; Hüseyin Küçükkalay, Konya, 1995, 50.

[38] Durant, 13.

[39] Leon Caetani, İslam Tarihi, Çev; Hüseyin Cahit, İstanbul, 1927, X, 113.

[40] Fikret Işıltan, Urfa Bölgesi Tarihi, İstanbul, 1960, 38.


[41] 131 البلآذري ,

[42] Hitti, I, 219.

[43] Ammara, Muhammet, Laiklik ve Dini Fanatizm Karşısında İslam Devleti, Çev; Ahmet Karababa, Salih Barlak, İstanbul, 1991, 211

[44] البلآذري, فتوح البلدان ، 267 .

[45] البلآذري , فتوح البلدان, 265.

[46] الواقدي, فتوح الشام , دمشق, 1996, 161

[47] Sarıçam, 406.

[48] Amin Maalouf, Ölümcül Kimlikler, Çev.:Aysel Bora, İstanbul 2000, 50.
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل يمكننا الثقة فى الاناجيل او كتبتها ؟ "لأنهم لم يفهموا إذ كانت قلوبهم غليظة" ابن النعمان لاهوتيات 0 19-02-2013 09:20 AM
نيجيريا: مخاوف نصرانية من تحول البلاد إلى دولة إسلامية مزون الطيب الإسلام في أفريقيا 0 16-03-2012 10:48 AM
السلطات الهولندية تغلق أقدم مسجد في البلاد نور الإسلام الإسلام في أوروبا 0 29-02-2012 04:18 PM
تحميل برنامج Athan Basic لسماع الأذان أوتوماتيكيا وقت كل صلاة ( أيا كانت بلدك) نور الإسلام أخبار منوعة 0 15-01-2012 10:04 AM
السكان الأصليون لأستراليا يعتنقون الإسلام نور الإسلام الإسلام والعالم 0 13-01-2012 05:30 PM


الساعة الآن 04:47 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22