صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > هدي الإسلام

هدي الإسلام معلومات ومواضيع إسلامية مفيدة

النسخ فى القرآن الكريم والإنجيل و التوراة

مبعث طرح غلاة المبشرين لقضية النسخ فى القرآن الكريم منذ زمن وإلى وقتنا هذا . وإن كان اليوم استخدام هذه الشبهة أشد , هو علمهم يقينا باختلاف نصوص كتابهم المقدس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-01-2012 ~ 05:52 PM
مزون الطيب غير متواجد حالياً
افتراضي النسخ فى القرآن الكريم والإنجيل و التوراة
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية مزون الطيب
 
الله اكبر
تاريخ التسجيل : Jan 2012


مبعث طرح غلاة المبشرين لقضية النسخ فى القرآن الكريم منذ زمن وإلى وقتنا هذا . وإن كان اليوم استخدام هذه الشبهة أشد , هو علمهم يقينا باختلاف نصوص كتابهم المقدس اختلافات بينة , ووجود تناقضات بينها وبين بعضها وبينها وبين العقل بينة , ولحسدهم كتاب الله لكونه نص واحد عند جميع المسلمين لا تناقض بين أى من فقراته " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " , لا يحتاج – أى القرآن – مثل التوراة والأناجيل لما يسمونه " علم نقد النصوص " أى مضاهاة النصوص والمخطوطات العديدة والمختلفة خاصة المكتشف منها حديثا للوصول إلى نص " مقدس " أقرب ما يكون للنص الأصلى المفقود !!! كذلك لا نجد سوراَ فى القرآن تسمى " النصوص الحائرة " أى تعتبر مقدسة فى زمن معين ثم لا تعتبر مقدسة فى وقت لاحق – حسب ما ترى المجامع الدينية – مثل بعض أسفار التوراة . كما تقول مقدمة " الكتاب المقدس " طبعة دار المشرق .



ومع كوننا نعجب أشد العجب من طرح هذه الشبهة – من أصحاب كتاب قامت ديانتهم أساسا على النسخ , بل وتعدت النسخ المقبول عقلا إلى التناقض البين بين النصوص – سنعرض مسألة النسخ فى القرآن الكريم ونجلى بإذن الله تعالى معناها ومدلولها عند المسلمين . ونظهر أنها لا تؤثر مطلقا على موثوقية أو سلامة النص القرآنى . وقبل ذلك نؤكد أن مسألة النسخ لم تؤد إلى اختلاف المصاحف – كاختلاف الأناجيل – فلم يحدث على مدى التاريخ أن طالب أحد من المسلمين بضم سورة أو فقرة أو آية ليست فى المصحف الشريف أو حذف أخرى . القرآن لم يكن فى حاجة يوما لمجامع مسكونية ( دينية ) لتقرير ما يعتبر قانونى فى القرآن أو غير قانونى , كالتوراة والأناجيل .

مثل مجمع " جمنيا " عام 100م عند اليهود لتقرير ما يراه الأحبار صحيحا من كتب التوراة . ومثل " مجمع نيقية " عام 325م – الذى قرر أيضا قواعد العقائد النصرانية !! ومثل مجمع " قرطاجة " عام397م عند النصارى .

أولا : المعنى اللغوى للنسخ .

تدور معانى النسخ حول عدة أمور : النقل , الإثبات , التبديل والإزالة . وأن كان رجوعنا لأكبر معجمين لغويين , تاج العروس و لسان العرب يساعدنا فى تحديد المفهوم أكثر , خاصة بذكر الأمثلة من مأثور كلام العرب . العرب تقول : نسخت الشمس الظل ( أى أزالته ) . وتقول : نسخت الريح آثار الديار ( أى أزالته ) . ونسخ ما فى الخلية من نحل وعسل إلى غيرها . ونسخ الكتاب ( اكتتبه حرفا بحرف ) وتناسخ الأزمنة ( أى تداولها ) .

وفى الحديث " لم تكن نبوة إلا تناسخت " ( أى تحولت من حال إلى حال ) يتضح من تلك الأمثلة أن النسخ هو النقل حقيقة أم مجازاَ بإزالة ( كالمثل الأول والثانى , إذ أن الشمس كأنها انتقلت مكان الظل والريح مكان آثار الديار ) أو بغير إزالة كباقى الأمثلة . ومن العلماء من يرى النسخ حقيقة فى الإزالة مجازاَ فى النقل , ومنهم من يرى العكس . ومنهم من يراه مشترك لفظى بينهما .

ثانيا : النسخ اصطلاحا .

هو رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر وقد كان االمتقدمون من التابعين يستخدمون مصطلح النسخ بمعنى مطلق التغيير , وهو المعنى اللغوى كما أسلفنا ( النقل أو الإزالة ) ثم جاء الإمام الشافعى فميز النسخ عما قد يشتمله لغة , من استثناء وتقييد وتخصيص وتفصيل وبيان وغير ذلك .

• الاستثناء مثل قوله تعالى " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " إلى قوله " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " المائدة34 فالفقرة الثانية لم تلغ الأولى لكنها استثناء لها .

• التقييد : مثل قوله تعالى : " ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته " آل عمران 102 وقوله تعالى " فاتقوا الله ما استطعتم " التغابن 16 .
الفقرة الثانية لم تلغ الأولى , لكنه هنا قيد المأمور بالاستطاعة .
فالطاعة كما هو معلوم شرعا على قدر الطاقة .

• التخصيص والتفصيل مثل قوله تعالى " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المحسنين " البقرة180 , ثم ذكره تعالى آية المواريث الطويلة فى سورة النساء (12,11) فالأولى تخصيص للثانية والثانية تفصيل للأولى , ولم تلغ أى منهما الأخرى .

لعل عدم انتباه بعض قدامى المفسرين بذلك وتجاهل سبب النزول ودلالة السياق وعدم ادراك الاعجاز البليغ للأسلوب القرآنى هو الذى دعاهم للإسراف فى موضوع النسخ فى القرآن مسيئين بذلك إليه .

ثالثا : النسخ عند اليهود والنصارى .

لا ريب أن النسخ ثابت فى التوراة والأناجيل بكثرة بحيث أنها لا تحصى . ذلك فى الأحكام , بل وتعدتها إلى ما لا يجب فيه النسخ كالعقائد والقواعد الأخلاقية والقصص .

• من ذلك زواج إبراهيم من اخته سارة ثم نسخ ذلك فى سفر اللاويين(9:18) " لا تتزوج أختك بنت أبيك " , نقول ذلك مع شكنا فى أن سارة كانت فعلا أختا لإبراهيم .

• ومن ذلك جمع يعقوب بين أختين " ليا وراحيل " ثم نسخ سفر اللاويين لذلك أيضا (18:18) " لا تتزوج أمرأة على أختها " . نقول ذلك مع شكنا مرة أخرى فى كون يعقوب قد فعل ذلك خاصة أن الفترة الزمنية بين يعقوب وشريعة موسى لم تكن أبدا بعيدا .


• ومن ذلك جواز ذبح أى كائن حى كطعام فى شريعة نوح ( تكوين9:3) ثم نسخ ذلك فى شريعة موسى كما هو معروف كحرمة أكل الخنزير ( لاويين11) ثم نسخ النصارى ذلك مرة أخرى بعدم تحريمهم الخنزير . ثم تجاوزهم فى الختان وإبدالهم الأحد مكان السبت وتحريمهم الطلاق إلا لعلة الزنى .

• ومن ذلك إسقاط اليهود والنصارى للعديد من أحكام الكهنة الهارونيين من تقدمة وذبائح ( خطيئة كاهن أو شعب أو قادة أو إثم ) ومسح وتنصيب كهنة ومحرقات رائحة رضى للرب ! ومثل شريعة الأصلع الذى يجب أن يشق ثيابه ويكشف رأسه ويغطى شاربيه , وينادى " نجس , نجس . ومثل الثوب الأبرص ! والبيت الأبرص الذى يتسع فى جدرانه البرص ! فتقلع الحجارة المصابة بالبرص أو يهدم البيت بما فيه ! ثم يذبح عصفور فى إناء خزف فوق نهر جار ويطلق عصفور آخر فى الصحراء ! ( راجع سفر اللاويين 13,14) . ومثل شريعة الشك بارتكاب الزنى ( سفر العدد5 : 11-22) حيث يستحلف الكاهن المرأة إن كانت ضاجعت رجلا غير زوجها ويسقيها ماء اللعنة المر ( خليط من ماء وغبار الأرض ) فإن كانت مذنبة تورم بطنها ويسقط فخذها !! وهو التشريع الذى نسخ فى القرآن بما يسمى الملاعنة دون ذكر لهذه الترهات . أسقط اليهود كل هذه الشرائع .


رابعا : طبيعة النسخ فى الإسلام .

النسخ فى الإسلام لا يكون فى العقائد ( كالنصارى الذين نسخوا عقيدة التوراة ) ولا يكون فى الحقائق الكونية ولا فى القصص والأخبار مثل قول المسيح : الذى أرسلنى هو معى ولن يتركنى الآب وحدى ( يوحنا 9-8) ثم نسخ فى آخر انجيلى متى ومرقص إذ قال : إلهى لماذا تركتنى . ومثل تراجع التوراة – سفر ملوك 2 .
, عن قولها لحزقيا أن يوصى على بيته لأنه ميت ثم نسخ ذلك حين وصل وسط الدار وزاد فى غمره خمس عشر سنة ! ومثل ذكر سفر التكوين أن إخوة يوسف باعوه لتجار مديانيين مباشرة بعد قوله أن التجار إسماعليون ! ثم ذكر نفس السفر أنه خباز الملك رأى فى منامه طيوراَ تأكل من فوق رأسه ثم يفسر الحلم بأن الطيور تأكل من لحمه لا رأسه بعد قطعها ! – على عكس ما يدل الحلم وما قاله القرآن – ثم فى أواخر نفس قصة يوسف يطلب من إخوته أن يذكروا للملك أنهم رعاة ماشية لا غنم فلما قابلوه أخبروه أنهم رعاة غنم فعهد إليهم بالإشراف على المواشى !! ( تكوين46,47) ولا يكون النسخ كذلك فى القواعد الخلقية مثل التوراة الحالية التى حرمت السرقة ثم تزعم أن نبى الله يعقوب يسرق بركة أخيه ( تكوين 27 ) ثم يتحايل ليسرق غنم خاله ( تكوين30) . ولا يكون فى النسخ معنى البداء . أى أن الله – تعالى عن ذلك – أمر أمرا ثم بدا له رأى آخر فنسخ الأول . أو مثل ما قال القمص زكريا بطرس – مقتديا بأستاذه فى العداء للإسلام مستشرق القرن التاسع عشر " بالمر " أن الله , تعالى عن ذلك علوا كبيرا , يغير رأيه .

والحق أن هذه المسألة نجدها بكثرة فى" التوراة والأناجيل " أى رمتنى بدائها وانسلت . فكم مرة نقرأ فى التوراة الحالية أن الله – تعالى عن ذلك – يفعل أمرا ثم يندم ويأسف عليه ! " فندم على عمله الإنسان على الأرض وتأسف وحزن بقلبه " ( تكوين 6:6) " ثم يقول على لسان داود فى المزامير (89:39) مخاطبا الله عز وجل " وتنكرت لعهدك مع عبدك !! وفى سفر صمويل (11:15) فكان كلام الرب إلى صموئيل قائلا : إنى قد ندمت على اقامتى شاؤل ملكا .. !! ثم تكررت العبارة فى آخر الإصحاح .

ومن البداء عندهم أيضا أن الله بزعمهم أمر نبيهم حزقيال أن يأكل كعك الشعير ملطخا ببراز إنسان ! فلما جأر إليه قال له : أنظر ها أنا أعطيك بعر البقر لتستعيض به عن براز الإنسان لتصنع علية خبزك " ( حزقيال12:4- 15 ) , بغض النظر عن عدم منطقية هذه الفقرة , هذا هو أن يفعل الله – تعالى عن ذلك – أمراَ ثم يتراجع عنه .

خامسا : حكمة النسخ .

قد يسأل سائل لماذا النسخ أساسا ؟ لماذا لا تبقى الأحكام كما هى ؟ نقول النسخ مثل تبديل الأدوية للمريض من الطبيب الذى يلاحظ حسب تغير حالة المريض . فكذلك أمة الإسلام فى أول عهدها كانت تعانى فترة انتقال من الشرك إلى التوحيد ومن عادات وثنية واجتماعية متأصلة إلى شريعة حكيمة متوازية ستستمر عبر الزمان. فيبدأ بحكم يخير فإذا تمكن من القلوب صار ملزما . مثل ذم القرآن للخمر مرتين ثم تحريمها تحريما قاطعا . ومثل ما قيل عن أمة الإسلام يقال عن الإنسانية كلها . إذ حين تمدن العالم ونضج جاء الإسلام بأنضج الشرائع . وقد كان عجبا أن يقبل النصارى التدرج فى العقيدة , إذ زعم من يهاجمون الإسلام منهم مثل زكريا بطرس أن عقيدة النصارى لم تعرض فى الكتب السابقة على كتابهم لأن الإنسانية لم تكن قد نضجت بعد . ثم بعد ذلك لا يقبلون التدرج فى التشريع !

من حكمة النسخ كذلك استمالة القلوب للإسلام كاليهود فى المدينة حين توجه المسلمون إلى بيت المقدس أولا . ثم من حكمته تمحيص الناس حين يتغير الحكم بعد ذلك . ومن حكمة النسخ كذلك التخفيف عن الناس فالتوراة مثلا فى سفر اللاويين 26 كانت تطلب أن يثبت الخمسة فى الجهاد أمام مائة . والمائة أمام عشرة آلاف !! ثم فى أول الإسلام طلب القرآن أن يقف الرجل أمام عشرة . ثم التخفيف الأخير أن يثبت الواحد أمام اثنين . " الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا " الأنفال 66

سادسا : إتجاهات حول النسخ عند المسلمين .

المسلمون فى هذا المجال مذاهب شتى , فمنهم من ينكره تماما منذ أبو مسلم الأصفهانى والرازى من السلف ومن تبعه من الخلف كالباقورى والغزالى والخضرى ود/ محمد البهى , ومنهم من أسرف فىعدد مواضع النسخ فى القرآن كابن سلامة والكرمى من السلف وبعض المعاصرين , ومنهم من اعتدل فى عدد تلك المواضع كالسيوطى ( فى كتابه : الاتقان ) الذى ذكر أن تلك المواضع لا تتعدى العشرين ونظم فى ذلك قصيدة . وتبعه من المعاصرين الكثير كالدكتور / مصطفى زيد فى كتابه القيم " النسخ فى القرآن الكريم " ثم تبعه من كبار الفقهاء الكثير كالدكتور / عبد العظيم المطعنى ود/ محمد بكر اسماعيل الذين يروا أن المواضع التى بها نسخ فى القرآن أربعة أو خمسة فقط .

كما أن الشافعى ورواية لأحمد رفضا نسخ السنة للقرآن . كذلك رفض الشيخ الغمارى نسخ التلاوة ( أى بقاء حكم فى القرآن مع نسخ رسمه فى المصحف ) . وتبعه فى ذلك تلميذه د / على جمعة مفتى الديار المصرية , وهو موقف الأمام أبو زهرة والطاهر بن عاشور صاحب تفسير " التحرير والتنوير " .

هذه الاختلافات فى هذه المسألة لم تدعو أحد لتكفير أو تفسيق أحد لأنه لم يتكلم أى مسلم عن نسخ فى أمور عقائدية مثلا . وإن كان المسرفون فى النسخ قد أساءوا للإسلام . فحتى لو كان كل المسلمين مسرفين فى أمر النسخ كما يتمنى أعداء الإسلام فإن ذلك لا يقدح فى القرآن . لأنه لم يطلب أحد منهم يوما ضم شئ للقرآن ليس فى النسخة الواحدة التى بيت أيدينا , المحفوظة بلغة وحيها لا يتدخل فيها بشر ولا مجامع . بحفظ ملايين المسلمين له عن ظهر قلب .

واما ما قد يتبجح به البعض من أحاديث مروية عن نصوص قرآنية نسخت مثل حديث " بلغوا قومنا أنا لقينا ربنا " فى البخارى و" والشيخ والشيخة إذا زنيا " فقد قال الشيخ الغمارى فى ذلك أن هذه الأحاديث وإن صحت لا تقوم بها حجة . كما أنها ليس فيها بصمة ولا إعجاز القرآن ورابط يربطها به , فإن من روى هذه الأحاديث لم يقل أين موضعها فى المصحف . ثم قارن معى يأخى بين " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وبين قوله تعالى " الزانية والزانى فاجلدوهما ثمانين جلدة جزاءا بما كسبا نكالا من الله " ففى الأولى ما بالنا لو كان المحصن شابا لا شيخا ؟ ثم كيف يبدأ بالذكر دون الأنثى على العكس من الثانية . فالبدأ بالمرأة أوقع لأنها بسلوكها وهيئتها قبل كلامها تكون غالبا الداعية للزنى . ومن اعجاز القرآن أن رأينا عكس ذلك فى مسألة السرقة .

وقد قال أبو بكر ابن العربى أن هذه الرويات هى روايات آحاد لا يعول عليها . ولم تذهب بعيدا , فإن ابن حجر نفسه صاحب الكتاب الذى شرح صحيح البخارى فى قد استدرك فى بعض الأمور عليه . ولا يقدح ذلك فى البخارى آلاف الأحاديث التى رواها . بل إن البخارى نفسه فى كلامه عن صحيحه ما يفهم منه أنه لا يضمن عصمته .

سابعا : النصوص القرآنية التى يستدل بها على النسخ .

احتج مجيزو النسخ بالمواضع الآتية فى القرآن الكريم :

1- " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتى بأية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب , يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " ( الرعد 38-39) .

الحق أن سياق الآيات هنا يجزم أن المقصود بكلمة آية هنا هو المعجزة الحسية . منذ قوله تعالى فى الآية رقم 7 من السورة : " ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " . ثم قوله تعالى فى الآية 27 " ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب " ثم قوله تعالى فى الآية 30 " ولو أن قرءانا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء لهدى الناس جميعا .. "

فيكون المعنى إذن أن مشيئة الله تعالى محو المعجزة النبوية التى تأتى بالوعيد بأن يلهم المذنبين التوبة والعكس الصحيح أو أن الآيات الحسية للأنبياء منها ما يمحى من ذاكرة الناس ومنها ما ثبت فى ذاكرتهم أو الكتب السماوية .

2- " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم " ( الحج 52 ) .

سياق الآيات هنا يجزم أن النسخ هو رفع أثر ما يلقيه الشيطان من شبهات حول القرآن ثم يحكم آثار آياته . سواء كان معنى الكلمة " تمنى " من الأمنية أى رجاء حصول الشئ أو كان معناها قرأ . فقوله قبلها فى الآية49 " قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين " يجزم أن القراءة هذه هى تبليغ النبى دعوته . ولا يجوز الالتفات مطلقا إلى رواية الغرانيق التى رواها الزنادقة فيفترون على النبى ( ص) أنه مجد الأوثان بتأثير من الشيطان ! كيف وبين الكلام عن اللات والعزى إلى آخر السورة آيات كثيرة فى إبطال الأصناف كما قال الطاهر بن عاشور . ومن الجميل مضاهاه هذه الآية بقولة تعالى : " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم . إنه لا سلطان له على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " ( النحل 98-99 ) فكيف للشيطان سبيل على النبى إذ ليس له سلطان على المؤمنين ؟
والحق أن المتدبر يجد مسألة رفع ( نسخ ) ما يلقيه الشيطان من افتراءات على القرآن الكريم نجده فى مواضع أخرى من القرآن غير هذه الفقرة . مثل النحل ( 98-99) سالفة الذكر ومثلسورة الأنعام , من بداية الجزء الثامن , كقوله تعالى : " وكذلك جعلنا لكل نبى عدواَ شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا "( الآية 112) , " إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم .." ( الآية 121) وغيرها من الآيات , لكنها تأتى كلها فى سياق اتباع تلك الشياطين فى تحريم بعض الأطعمة خاصة . فليس ببعيد إذن أن يكون المقصود بقوله تعالى : " إذا تمنى " ليس فقط تلاوة الآيات أو تعريفهم بصحيح العقيدة , لكن تعريفهم بصحيح الشرع كذلك . خاصة أنه تعالى قال بعد تلك الفقرة بقليل : " لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه .. "
( الحج67) .


3- " وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون " ( النحل 101 )

الآيات السابقة واللاحقة لهذه الفقرة من أول السورة تقريبا وحتى الآية 124 السياق كله يؤكد على أمرين :
أولا : - افتراء الكفار على القرآن . ولنحصى عدد كلمة افتراء ومشتقاتها فى تلك الفقرة وبين أى فقرة قرآنية أخرى . سنجد " إنما أنت مفتر " " إنما يفترى الكذب " " لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون " " تالله لتسئلن عما كنتم تفترون "

ثانيا : - كلام عن الوصايا الأخلاقية : إن الله يأمر , وأوفوا ولا تنقضوا ,ولا تكونوا , ولا تتخذوا , ولا تشتروا , ( أمر بالصدقة والعمل الصالح ) . ولعل هذا مما أثبته الله فى التوراة أو ما يسميه اليهود الوصايا العشر . ثم كلام عن وصايا تشريعية ( فكلوا ... حرم عليكم ) ثم نقض لوصايا تشريعية عند اليهود ( وعلى الذين هادوا حرمنا ... إنما جعل السبت )
والحق أن هذه الفقرة من سورة النحل (90-124) قريبة جدا من الحزب الأخير من سورة الأنعام الذى يتكلم عن نقض وصايا تشريعية عند المشركين ثم عند اليهود وبيان سبب ذلك " ذلك جزيناهم ببغيهم " ثم فى الآيات 151 إلى 153 يسرد وصايا تشريعية تكاد تكون هى ما يسميه اليهود الوصايا العشر . خاصة أن الله تعالى قال بعدها " ثم آتينا موسى الكتاب "

إذن قوله " وإذا بدلنا " المقصود به : الدفاع عن القرآن الكريم ضد ما يفترى عليه به خاصة من اليهود ( وهذا من وحى الشياطين ) فى مجال تعديل تشريعات كانت لديهم .

4- " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيئ قدير , ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير " ( البقرة 106-107 )

سياق الآيات من ( الآية 87 إلى الآية 111) يركز تماما على
اظهار عدم تمسك اليهود بشرعهم , فلم إذن يتحججون بها لعدم
اتباعهم النبى ؟ كما نلاحظ أن لفظ " خير " ذكر ثلاث مرات
فى فقرة قصيرة (103 إلى 106) . ثم إن الآية السابقة على تلك
الفقرة تقول : " ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خيرَ من ربكم , والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم " يتضح من هذا السياق أن " الخير " هو الوحى المنزل على المسلمين وهو كذلك الرحمة والفضل . وقوله بعد ذلك " ما ننسخ من آية " يكون معناه ما نبدل من آية من وحى انزلناه وهو خير . ثم قوله : " أو ننسها " قد يعنى – كما فى قرائتى ابن كثير وأبو عمرو – ننسأها أى نؤخرها فى المجيئ مثل تأخر ظهور دين الإسلام . وقد تعنى " ننسها " – وذلك أقرب للفهم – اضمحللال تلك الشريعة من الذاكره , كشريعة آدم ونوح وكثير من فقرات التوراة والإنجيل . ما يؤكد ذلك قوله تعالى فى سورة المائدة الآية 14 : " ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به " ما يؤكد ذلك أن التوراة فى سفر ملاخى تسمى كتاب نبى آخر الزمان " الذكر " و " التذكرة " أى القرآن كما هو معلوم . وهو الكتاب الذى يحفظ ولا ينسى .
قوله بعد ذلك : " نأت بخير منها أو مثلها " أى نأت بما هو أفضل . من حيث التخفيف على الناس ومن حيث ألإستمرارية مثل شريعة الإسلام المستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . أو مثلها كنسخ شريعة هود لصالح .
• ثم قوله تعالى بعد ذلك : " ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير . ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض .. " يذكرنا فى الكلام عن ملك الله وقدرته بقوله تعالى : " قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير " ( آل عمران 26) وكان ذلك فى معرض كلام يبكت اليهود على حسدهم للمسلمين لميراثهم النبوة والملك المقترن بها . وهذا يوحى بأن الشريعة خاصة فى الإسلام قرينة للملك .
• مما هو جدير بالذكر أنه يفهم تماما من التوراة والإنجيل الحالية أن هناك مشروع إلهى فى آخر الزمان يشمل : -

1- مكان جديد للسجود ( قبلة غير المسجد الأقصى ) " يوحنا 4:19"
2- تعميد ( صبغة جديدة للمؤمنين ) وهى الإسلام صبغة الله .
3- لغة جديدة يخاطب الله بها اليهود وهى العربية .
4- أسم جديد يطلق على الدين الجديد وهو الإسلام .
5- نبى آخر من بنى عمومه بنى إسرائيل . " تثنية 18:18" .
6- كتاب جديد من عند الله ياتى به ذلك النبى واسم ذلك الكتاب الذكر أو التذكرة .
7- ملك جديد ينشأ مع تلك النبوة بعد نزعه من اليهود " حزقيال 21:16" .

• إذن كلمة "آية" فى فقرة " ما ننسخ من آية " تعنى الوحى وما يلزمه من وجود أمة جديدة لها كتاب جديد بدين جديد . وتؤتى هذه الأمه ملك جديد بقدرة الله .

• إذن آيات النسخ فى تلك السورة تخاطب اليهود بالدرجة الأولى فتقول لهم : لماذا لا تتبعوا النبى محمد ؟ ولماذا تتحججون بتمسككم بالتوراة – زاعمين أنها لا تنسخ – رغم أن تاريخكم فى التمسك بها يقول غير ذلك ؟ فإن شريعة محمد هى الخير والكتاب الذى يأتى به هو الرحمة , وهو بديل لتلك التوراة التى بين أيديكم لآن جزءا كبيرا منها قد فقد ونسى . وجزءا آخر منها قد حرق , علاوة على تبديلنا لبعض الشرائع منها تخفيفا ولمناسبة أحوال الأمة الآخرة . وذلك عهدنا فى تبديل شرائع الأنبياء منذ الأزل . ولا تحسدوا المسلمين على ما جاءهم من الملك الذى يلحق بالنبوة . فالله قادر على تبديل الملك من أمة إلى آخرى . وأنتم أيها المسلمون حين تبدل بعض الشرائع فى أواخر عهد النبوة عن بدئه لا تفعلوا كما فعلت اليهود .

• هكذا يفهم من النصوص القرآنية التى يستدل بها على النسخ تفاسير عديدة . أعمها أن القرآن وآياته ناسخ لما قبله من كتب , وأحكامه ناسخة لأحكامها , ودفاع الله عن هذا الكتاب العزيز . كما أن هناك فقرة منه " يمحوا الله ما يشاء ويثبت " لم تتكلم عن النسخ أساسا , بل عن المعجزات الحسية للأنبياء . لم يفهم منها أبدا نسخ فى عقائد أو قصص أو أخبار كما فهم منه عند أهل الكتاب .

ثامنا : - من عجائب الإسراف فى النسخ .

الحق أن النسخ ثابت وإن كانت المسألة فيها سعة فى الخلاف . لكن المسرفين فى هذه المسألة قد أساءواللإسلام , وسنعرض بعضا من فقرات زعموا فيها نسخا فى حين لا يمكن أن يفهم من النص ذلك .

• من ذلك زعمهم أن آية السبت " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد " ( التوبة 5 ) قد نسخت ثمانية وعشرين آية فى القرآن فيها موادعة الكفار وبلاغ لهم فحسب . مثل " فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه " و " قل لست عليكم بوكيل " و " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " فأى منافاة بين تبليغ الناس وقتالهم إذا فرض ؟

ولا يفوتنا أن هذه الآيات أخبارية لا تنسخ . ثم إن تاريخ الإسلام يحكم عليه . هل أجبر الإسلام أحدا على الدخول فيه وإلا قتل ؟ وماذا نفعل بقوله تعالى : " لا إكراه فى الدين " ثم تعقيبه مباشرة بقوله : قد تبين الرشد من الغى " ؟ هل بعد البيان من نسخ أو إبدال ؟ وماذا نفعل بقوله تعالى : " الذين إن مكناهم فى الإرض أقامو الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور " ( الحج 41) ومثلها كثير من الوصايا النبوية التى طبقها بالفعل المسلمون الأوائل ؟

هذه الآيات المتسامحة لم تنسخ فى القرآن مثل فقرات الإفناء والإبادة ( ولا أقول السيف ) فى التوراة الحالية التى لم تنسخ كذلك بل وطبقت مرارا وتكرارا على مدى التاريخ منذإبادة موسى ثم يوشع المزعومة القبائل التى قابلته فى الطريق إلى فلسطين "... والآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال "1" , واقتلوا كل امرأة عرفت مضاجعة رجل ... "( عدد14:3-18) هل يوصى نبى الله موسى بتلك الوصية ؟ ثم هل يعقل أن لا تعلق التوراة الحالية على جرائم سلفه يوشع التالية بكلمة : " ... وحرموا كل ما فى المدينة من رجال وحتى المرأة , ومن الشاب وحتى الشيخ , حتى البقر والغنم والحمير "2" , فاقتلوهم بحد السيف" !! ( يوشع 20:6-21) " وأما مدن تلك الشعوب التى يعطيك الرب إلهك إياها ميراثا , فلا تستبق فيها نسمة حية " !! ( التثنية 20:16-17) .
عند اليهود والنصارى هذه وصايا إلهيه ويقولون أن كلام الله لا نسخ فيه "3"
"1" مسألة قتل الأطفال تذكرنا بوصايا شارون بقتل أطفال الفلسطينين . وما محمد الدرة منا ببعيد .
"2" مسألة قتل البهائم مع البشر تذكرنا بما حدث فى مذبحة صابرا وشاتيلا من اليهود ونصارى لبنان .
"3" هذا يفسر الإبادات المتتالية بعد ما زعم لموسى ويوشع إلى إبادة الملايين من الهنود الحمر من نصارى الغرب معللين ذلك بتلك الوصايا !! ويفسر ما فعلوه من استبعاد لملايين الأفارقة إلى إلقاء القنابل الذرية وإبادة الملايين فى حروب عالمية إلى احتلال الشعوب المغلوبة وسلسلة شعوبهم بجبروت الشركات العابرة للقارات إلى ما يفعله المبشر بوش من احتلال جديد ودمار وبعث مبشرين على قباب الدبابات .

• ومن ذلك زعمهم أن آية " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم " ( النحل 18) ناسخة لقوله تعالى : " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار " ( إبراهيم 34) كيف يكون ذلك ؟ إن هذا لمن بديع البيان فى القرآن . فإن موضوع سورة إبراهيم هو الكفر بالنعمة . وموضوع سورة النحل هو نعم الله , فمناسب أن يقول : " إن الله لغفور رحيم " أى يغفر لكم عدم إحصائكم لنعمه عليكم لكثرتها . ثم إن الأخبار لا نسخ فيها , فكيف يدعون النسخ هنا ؟
• ومن ذلك زعمهم أن قوله تعالى : " ثلة من الأولين . وثلة من الآخرين " ( الواقعة 40,39) قد نسخ قوله فى نفس السورة " ثلة من الأولين . وقليل من الآخرين " ( 14,13) . وفاتهم أن سياق الفقرة الثانية يتكلم عن السابقين . " والسابقون السابقون . أولائك المقربون . فى جنات النعيم . ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ". وأما الفقرة الأولى فتتكلم بوضوح عن اصحاب اليمين وهم أقل درجة . ذلك يتضح من السياق أيضا .
• ومن ذلك زعمهم أن قوله تعالى عن الملائكة ( يتضح من أول السورة أنهم حملة العرش تحديدا ) : " ويستغفرون للذين آمنوا " ( غافر7) قد نسخ قوله تعالى ( عن الملائكة بشكل عام ) : " ..... والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن فى الأرض ... " (
الشورى 5 )
• هذه الأمور المضحكة قد جعلت أعداء الإسلام يتطاولون على القرآن فيزعمون وجود تناقض فيه . من هؤلاء قسيس يدعى القمص مرقص عزيز فى كتاب له بعنوان : " استحالة تحريف الكتاب المقدس " . فزعم وجود ثمانية عشر موضعا فى القرآن يتناقض مع مواضع أخرى قريبة منها . تسبب فى ذلك كما اسلفنا بعض أخطاء مفسرين للقرآن بعد أجتهاد منهم والله تعهد بحفظ كتابه لا تفاسير هذا الكتاب .
• نختم كلامنا فى هذا الفصل بوصية للإمام ابن حزم للمسرفين فى النسخ : ( لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول فى شئ فى القرآن والسنة هذا منسوخ إلا بيقين ) .


وأخيرا خلاصة البحث .

ذكرنا فى أول بحثنا أن هذه الشبهة لم يطرحها أعداء الإسلام إلا للوصول إلى فرية تحريف أو نقصان القرآن الكريم حسدا منهم لذلك الكتاب العزيز ودفعا منهم لحقيقة تحريف الكتاب المقدس التى لا مناص منها . وقد أزعجهم أن يجدوا القرآن محفوظا بحفظ الله " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ( الحجر9) ثم بحفظ ملايين المسلمين له كاملا فى صدورهم منذ عهده الأول . فحفظ نصا واحدا بلغة وحيه كلمة كلمة وحرفا حرفا . ولو خرجت على المسلمين نسخة واحدة للقرآن بها خطأ فى حرف لما سكتوا عن هذا الأمر .

قد يقول قائل ( القمص مرقص عزيز – فى كتابه " استحالة تحريف الكتاب المقدس " ص 53 " ) أين كان سبحانه – تعالى الله عن ذلك الوصف – حين تم تحريف كتابه ؟ لن نقول : بل أين كان حين صلب ابنه بزعمكم ؟ لكنا سنقول أن الله قد عهد إلى الأحبار فى الماضى بحفظ الكتب " والربانييون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء " ( المائدة 44 ) ولنقرأ دائرة المعارف البريطانية باب bible لترى أنها تذكر 150 ألف خطأ به ! ولنقرأ فى نقد ذلك الكتاب من علمائه منذ أوائل القرن التاسع عشر وإلى اليوم . فقد تأسس جماعه فى أمريكا من علماء الكتاب المقدس تحت إسم " ندوة عيسى " jesus seminar مكونة من مائتى عالم لاهوت خرجوا على العالم بنص جديد للأناجيل سموه " الأناجيل الخمسة " قالوا فيه أن 82% مما هو مذكور فى الأناجيل الأربعة المقننة عند النصارى لم يقلها المسيح!!
لم يحدث ذلك للقرآن مطلقا . لم يحدث أن خرجت له طبعة " قياسية مراجعة " r.s.v مثل التوراة – وهى طبعة إنجليزية واسعة الأنتشار تجد فيها فقرات كثيرة كتبت بين هلالين هذه الفقرات تذكر الطبعة أنها ليست فى أقدم المخطوطات . ثم حذفت بعد ذلك من الطبعات الأجنبية ومنها فقرة هامة جدا هى الوحيدة القاطعة عندهم فى التثليث . القرآن لم يأتنا عن طريق كتاب عديدون " لم يدر بخلدهم أن ما كتبوه سيكون له مثل هذه القداسة " ( كما تقول دائرة المعارف الأمريكية ) ولا نجد فى سورة منه من يقول " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة ... رأيت أنا أيضا ... أن أكتب ... ( إنجيل لوقا 1: 1-4 ) . القرآن لم يكتب على مدى أكثر من عشرة قرون كالتوراة منسوب إلى عشرات المؤلفين المختلفين , بل جاءنا عن طريق إنسان واحد هو النبى محمد ( ص) . مكتوب بلغة واحدة لا عدة لغات كالتوراة والأناجيل .

• الحق أن عدم اقرارنا بتحريف التوراة يعنى أن نلغى عقولنا . فهل من المنطقى أن الله تعالى : يندم ويأسف ويتصارع مع إنسان ويقدر ذلك الإنسان ! أو أن النبات خلق قبل الشمس , أو أن عمر الإنسان على الأرض 5000سنة ! أو أن الأنبياء منهم من يزنى بابنتيه أو يكون سكيرا أو يصنع وثنا أو يصبح كافرا أو يخون صاحبه !! هل الأوصاف الآتية لا تعنى أن التوراة محرفة ؟ وهل هذا يليق بكتاب مقدس ؟ لنتأمل الكلام المقدس التالى ... " دغدغت ثديهما .. سكبوا عليها زناهم .. منيهم كمنى الخيل .. نجست الأرض وزنت مع الحجر ومع الشجر .. ثدياك كحشفتين .. بطنك صبرة .. سرتك .. دوائر فخذيك .. سكبت زناك على كل عابر وفرجت رجليك لكل عابر ..!!
• هل بقى بعد ذلك من يقول أن القرآن به تناقض أو نقص أو تحريف نتيجة نسخ آيات ؟

} إن الذين يلحدون فى آياتنا لا يخفون علينا. أفمن يلقى فى النار خير أمن يأتى آمنا يوم القيامة , اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير . إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد { " فصلت40-42"
صدق الله العظيم

الكاتب / الشيخ هشام طلبه
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القرآن والإنجيل- أيهما كلام الله ... باللغة العربية نور الإسلام هدي الإسلام 0 13-05-2014 06:51 AM
خطبة حول القرآن الكريم نور الإسلام خطب إسلامية 0 02-04-2014 07:21 AM
الوسطية في القرآن الكريم نور الإسلام كتب ومراجع إسلامية 0 20-05-2013 06:24 AM
الرد على شبهة النسخ والمنسوخ في القرآن نور الإسلام هدي الإسلام 0 17-05-2013 06:11 PM
القمص زكريا بطرس:شهادة القرآن الكريم للتوراة والإنجيل مزون الطيب هدي الإسلام 0 18-01-2012 12:06 PM


الساعة الآن 02:54 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22