صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > مكتبة طريق الخلاص > كتب ومراجع مسيحية

كتب ومراجع مسيحية بحوث ودراسات وكتب مفيدة للباحثين في الدين والعقيدة المسيحية

المسيحية والمؤرخين القدامى

المؤرخــــــــــون الــقدامى (أ‌) المؤرخــــــــــــون اليهود · فــيلون السكندري · فـيلافيوس جــوزيف · جــوست من طبرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-2012 ~ 02:41 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي المسيحية والمؤرخين القدامى
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


المؤرخــــــــــون الــقدامى
(أ‌) المؤرخــــــــــــون اليهود
· فــيلون السكندري
· فـيلافيوس جــوزيف
· جــوست من طبرية
(ب‌) المؤرخـــــــــون الوثـنيون
· بيلاطس
· سويتونيوس
· تاسيتوس
· سينيكا
(جـ) المؤرخـــــــــــون اليونان
· بلــوتـارك
· بليني القديم
· أبو للونيــوس من طوانة
· سيلـس ( القرن الثاني )
· بـورفـير
(د) الامبـــــــــراطور جــــوليــان

المسيحية والمؤرخــــــــــون الــقدامى (1/4)
بقلم الدكتورة زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية

من أهم ما يعاب على تاريخ نشأة المسيحية إختفاء أية أصول ووثائق قديمة وعدم الإحتفاظ إلا بما صاغته الأيادى العابثة ، وهو ما ضمنته الأناجيل الأربعة ، وما أطلقت عليه كتب وتراث الآباء ، وبخلاف ذلك لا أثر لتلك النشأة بصورة علمية موثقة ، وهو ما سوف نعرضه من خلال أربعة مقالات لهذه الجزئية ، أى لدى المؤرخون القدامى بمختلف أحقابهم ، وهم المؤرخون اليهود ، والمؤرخون الوثنيون ، والمؤرخون اليونان ، والإمبراطور جوليان لأنه يمثل نقطى فارقة أو علامة كاشفة سنراها فى حينها. ونبدأ بالبند الأول :

1المؤرخــــون اليــــهــود :
فــيلون السكندري (13 -20 ق .م -54 م ) Philon d'Alexandrie
فيلسوف ومثـقـف ، ولــد أيــام هيـرود الأكـبر ، وتـوفى عـام 54م ، أي أنه فرضاً يُعـد معاصراً تماماً ليسوع ؛ وهـو شـديـد الإلمام بكل ما يتعلق باليهود , وتتضمن أعماله 57 عملاً، منها كتاب بعنوان "عصر بيــلاطس " وهـو كتاب لو استطاع أن يضمنه شيئاً عن يسوع المسيح لـوجـد عشرات الإمكانيات ؛ لكنه لم يـذكر يسـوع مـُطلقاً .
ويُعـد فيـلون من كبار مـثـقـفي عصره وأنه شـديد الأمانه الموضوعية ومشهود له بأنه لا يغــفل كبيرة ولا صغيرة في الموضوع الـذي يتناوله . وذلك ما إتبعه في كل كتاباته المتعلقة بالطوائف الدينية المتعـددة ، لذلك لا يملك المرء إلا أن يتساءل : لماذا لا يـذكر شيئاً عن يسوع وحـواريـيه ، خاصة وأن شعبية يسوع – وفـقاً للوثـائق الرسمية – كانت تـفوق الآفـاق ، وأنها تعـدت سـوريا ، وأنهم أحضروا كل المرضى ليشفيهم ، ولا يـذكر شيئاً عن ألاف الأشخاص الـذيـن إتبعوه وأطعمهم بمضاعـفة الخبز والسمك .. خاصة لا يـذكر فيلون شيئاً عن عملية "صـلب " المسيح ولا عـن تلك القـيامة المتـفردة بين الأمـوات ، أو عن أولئك الموتى الذين عـادوا إلي الحياة وراحـوا يتجولون في المدينه ! وكلها أحـداث لا يمكن لمـؤرخ بمثل دقـة فـيلون أن يغفلها أو ألا يــذكر عنها سيئاً .
بل المعروف أن فـيلـون كان من الشجاعة بحيث أنه سـافـر إلي رومــا لمقابلة الإمبراطور الـرومـاني كاليجـولا دفـاعاً عن اليهود ضحايا الإضطهاد الـدامي سنة 39 في الأسكندرية . فاستقبله كاليجولا لكنه لم يستجب لمطلبه .. وبعد عـودته إلي الإسكندرية راح يواصل كتابة أعماله التي لا يـرد بها أي ذكـر ليسـوع أو لجماعة المسيحـيين السكندريين ومنهم المـدعـو أبـوللونيـوس الطـواني ، الذي يـُقال عنه أنه كان منافساً أو شبيهاً ليسوع الرسـول .
وكان فـيلون تـلميذاً لأفـلاطـون ، صاحب نظـرية "اللوجس" أو "الكلمة" وما أكثر ما كتبه عنها وعن العـلاقة بين الله العــالِم بكل شيئ وبين تلك الـدنيا بنواقـصها . وسرعان ما جعل من "الكـلمة" كائناً مستـقلاً قـد خـلق كل شيئ لأنه يحتوي على الصفات الإلهية ، وكل المخلوقات نتجت عنه وهـو غير مخلوق ومنبثق من الله ذاتـه .. وما أشبه بذلك ببـداية إنجيل يوحنا الذي يـبدأ بعبارة : " وفي البدء كانت الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله " (1:1 ) .
أي أن فكرة "الكلمة" كانت واردة في الـفكر الفلسفي ولم يضـف إليها إلاعبارة "التجـسد" التي أضيفـت في القرن الثاني .
والأكثر من ذلك أن القـس الإيطالي ليـوجي كاتشيولي الذي خـرج عن سلك الرهبنه ، وهو من مـواليد عـام 1934 م ، يـؤكد في كتابه المعنون : "مهـزأة المسيح" أن فيلونالسكندري كان ينتمي إلي جماعة الأسينيين ، ورغمها " لايـذكر أبـداً أي شيئ عن يسوع أو المسيحيين ، بل بالعكس تماماً ، نــراه يستبعدهم من أعماله المكتوبه فيما بين سنة 50 و 60م ، ويتحدث عن ( لوغـوس) لا يزال سوف يأتي روحياً ، وبذلك فهو ينكر أي مجيئ ليسوع في شكل مادي " (صفحة 109 ) .
فـلافــيوس جوزيف (حوالي 37م -100) Flavius Joseph
وُلــد جوزيف عــام 37م من أسـرة يهودية ميسورة الحـال وتـم تعيينه حاكماً على الجلـيل في بـداية ثورة 66 ؛ وقـد تـولى قيادة المحاربين ضد الـرومان . ثــم إعتقله الإمبراطور فـسبـازيـان وسـرعان ما إنـقلب موقـف فـلافيوس جـوزيف ، إنقـاذاً لحياته ، ليصبح متعـاوناً بحماس مع الرومـان ، الأمُـر الــذي سمح له بالحصول على الجنسية الــرومانية ، إلا أن ذلك لا يمنع من أنه من كبار مـؤرخي عصره ، ومن أهــم مـؤلفـاته :"حـرب اليهـود ضـد الــرومـان" من سبعة مجـلـدات ، و "الأثــار اليهودية "أو"التاريخ القـديم لليهـود" من عشرين مجلداً ، إضافة إلي مـؤلف "ضـد أبـيـون" من جزئين وسيرته الذاتية .
وفي كل هـذا الكم المستفيض خاصة في كتابه آثــار اليهود ، وقــد ضمنها منذ عصر سـفر التكوين حتى حرب اليهود مع الرومان سنة 66م ، لايوجد سوى فـقرة من بضعة أسطر تقول :
"وفي نـفس العصر آتى يسوع ،إنه رجـل عـاقـل ، إذا كان يجب أن نطلق عليه رجـلاً . لأنه كان صانع مُعجزات وسيد الرجال الذين يتلقـون عنه الحقيقة بسعادة . وقــد جــذب إليه العـديد من اليهود والهلليـنين ، أنه كان المسيح ، وعندما حكم عليه بيــلاطس بالصلب بناء على وشاية من مواطنينا الأوائل ، لم يكف الذين كانوا يحبونه عن الإعجاب به لأنه ظهر لهم بعد ثـلاثة أيــام ، لقد قام ، إذ كان الأنبياء الـقدامى قـد أعلـنوا ذلك وآلاف الأشياء الأخـرى بشأنه . والجماعة التي يطـلق عليها المسيحيين لم تخـتف بعـد"!
ولو كانت هــذه الفـقرة نصاً أصلياً لكانت حاسمة ، إلا أن كافة العلماء يجمعون على أنها إضافة تحريفية لاحـقة . فهي من ناحية ، لم تكن موجـودة في أقــدم نسخة من "أثــار اليهـود" تلك التي كان يمـتلكها أوريجـين في مطلع القـرن الـثالث والـذي كان يـؤكد أن فيلافيوس جـوزيف كان يرفض "الإعتـقاد بالمسيح" ومن المعروف أن فـيلافيوس جـوزيف كان شـديد التمسك باليهودية الفاريسية ، وهو ما يبدو في كل أعماله ، خاصة في سيرته الذاتية وفي الكتاب الهجومي الذي ألفه "ضد أبيون" .
ويــؤكد الأب جيليـيه أمين مكتبة سانت جنـفيـيف ومـترجم أعمال فـيلافيوس جوزيف سنة 1756 : "أن التناقضات والتحريف يتـولد أمامي في كل خطوة . إنني مضطر إلي القول بأن كتاباته قـد تــم تعــديلها بحيث أصبح يتناقض مع نفسه ، وأخشى من تكرار ذلك القـول وأثــره غير الحميد على أعماله ".
ويـوضح روجــيه بـترينيـيه (Roger Peytrignet) إن "المسيحيين قــد إستولوا على أعمال جــوزيف ، إذ أن مـواطنيه قــد تباعـدوا عنه ، لإنضمامه إلي صفـوفالرومان ، وراحــوا يحرفـونها وفـقاً لهــواهـم" ،( " يـسوع المســيح أسطـورة أم شخص تـاريخي " صـفحة 29 ) .
ويـؤكـد كل من ألفاريك وكوشو، في كتابه لهما حول "مشكلة يسوع وأصولالمسيحية" ، إستحـالة أن ينطق فـلافـيوس جـوزيف بمثل هـذا القــول "لأنه لو كان قـد قاله حقاً لكان مسيحياً . إلا أنه كان شـديد التعلق بيهوديته الفـاريسية ، وهو ما نُــطالعه في مؤلفــاته اللاحـقة " .
وإجماع أخــر من كافة الباحثين على أن تلك الفــقرة أضيفت بفعل فاعل يوضح أن الجـزء الذي أضيفت فيه لا يتـفـق وسـياق الكلام ، حيث إن جــوزيف كان يتحدث عن المصائب التي لحقت بمواطنيه أيام بـيلاطس . وأنه إذا ما حـذفت تلك الفـقرة فإن سياق الكلام يتواصل بموضوعية واضحة !
أما أنـدريه فـوتــييه Andre Vautier)) ،فيوضح في كتابه عن " لـُغـز يسوع" أن فـيلافيوس جوزيف قد كتب عـدّة ترجمات "لحـرب اليهود" وأن النص الآرامــي له يرجع إلي عــام 75م . والنص اليـوناني إلي 79م .وأن هـــذه الترجمة اليونانية لا تتضمن أية إشــارة إلي يسوع إلا أن الأبحـاث قــد دلت على أن الجــزء الأول والأجــزاء من ثــلاثة إلي سبعة رائعة الصياغة والمضمون الـدقيق، إلا أن الجــزء الثاني الذي يقص الأحــداث التي تتوافق والفترة التي عـاش فيها يسوع رديئة الصياغة وغيـر متناسقة المضمون . وذلك دليل قاطـع على أن هـذا الجــزء قــد تــم التلاعب فيه بأيــدي النـّساخ المسيحيون ، وهنا يوضح : "يجب علينا ألا ننسى أن القساوسة وحدهم هــم الذين كانوا يُجيدون القــراءة والكتـابة ، وأن الأجزاء المتعلقة بيسوع وبيوحنا المعمدان قـد قــاموا بإلغائها من النسخ التي عملوها للنص اليوناني اليوناني ".
لذلك يـؤكـد أنـدريه فـوتـييه بإصرار واضح :"أن كتاب (حـرب الـيهود ) والجزء الثامن عـشر من كتاب (الـتاريخ القـديـم لليهود) اللذان يتناولان أحـداث القرن الأول الميلادي" تتضمن آثــاراً شـديدة الوضوح للتغـييروالتبديل، والنصوص المدسوسة ، والنصوص المحذوفة.
ويُشير فــوتيــيه في الفصل الثالث من كتابه إلي أن مقـدمة كتاب "حرب اليهود ضدالرومان" : " النص اليوناني يتضمن ملخصاً لما سوف يتناوله الكتاب ، وفي هذه المقدمة ، فإن الكتاب في وضعه الراهن ، ينتقل فجأة من حكم الإمبراطور أغسطس إلي السنة الثانية عشرة من حكم الإمبراطور نيرون " !.
أي أنها فجـوة تشتمل على حوالي ستين عاماً " ومن اللافت للنظر أن هـذه الفجوة هي الفترة التي تحتوي على نشاطات كل من يوحنا المعمدان ، ويسوع الناصري ، وبولس الطرسوسي".
ومن الواضح أنه لايمكن لواحــد في مثل دقـة فـلافـيوس جـوزيف أن يقـفز متغاضياً عن مثل هـذه الحـُقبة بكل ما فيها من أحــداث مصيرية . وهنا لايمكن لأي دارس أمين إلا أن يـُشير بأصابع الإتهام إلي الأيـادي العابثة في الكنيسة التي من الواضح أنها قامت ، منذ لحظاتها الأولى ، على عبثيات الغـش والتحريف والتزويــر .
لذلك يقــول لويجي كاتشيولي :"إن الكنيسة قـد حرفت الفـقرات الواردة في مؤلفات فلافيوس جوزيف ، وإختلـقت حـريق روما الذي نسبته إلي نيـرون حتى يمكن إعتبار الضحايا أو الشهداء الأسينيين أنهم شـهداء مسيحيين والعــديد من الأكاذيب التي لايكفي مجلداً لإستيعابها ، إنها أكاذيب ما أن يكتشفها القــارئ حتى تــؤدي إلي نتيجة عكسية لما أراده المزيفون . وتكفي الإشارة هنا إلي كم التحريف الذي قام به يوسبيوس ، أسقف القيصرية (314 -340)، والذي أطلق عليه المـؤرخون لقب "الـمـزوِّر " لنـرى ما الــذي قــام به المسيحيون لمواجهة نقـص الوثـائق ولمحاولة إثبات الوجــود التاريخي للشبح الذي أطلقوا عليه اسـم يسوع " (" مهــزأة المسـيح" صفحة 111) .
ويورد العالم القس السابق جـي فــوGuy Fau)) في كتابه المعنون "خـرافة يسـوع المسيـح" "أن النصوص المتعلقة بيسوع المسيح ظهـرت لأول مـرة في القـرن الرابع في أعمال يـوسبيـوس ولم تكن قـد وجــدت بعــد في كتاب " الأثـار العبرانيـة" في عهد أوريجــين (185 – 254)، بما إنه هـو بنفسه يــؤكد في كتابه المعنون " ضـد سلسـيوس" أن فـلافـيوس جــوزيف لم يتحدث أبداً عن يسوع يُـدعى المسيح . إن الــتزوير لشديد الوضوح لدرجة أن الكنيسة نفسها لم تعــد تــدافع عن تلك الفقرة المدسوسة في أعمال فـلافـيوس جـوزيف" .
جــوست من طـبريةJuste de Tiberiade
يُعــد جــوست الطبري ، أو من مــدينة طبرية ، مــؤرخاً معاصراً لفـلافـيوس جـوزيف ومنافساً له .. وقد كتب هو أيضاً كتاب بعنوان " تـاريـخ اليـهود" وقـد إخـتفى هـذا الكتاب من الوجود حالياً وإن كان قـد ظل حتى القـرن التاسع . ونعلم من فـوسيوس ، بطريارك القسطنطينية أنه لم يـذكر يسـوع بكلمة واحــدة ، إذ دون في يــومياته قــائـلاً : "جــوست لا يــقولشيئاً عن مجيئ المسيح ولا عن وقائــع حـياته ولا عن المعجزات التي قــام بها "
وهنا يؤكد روبير بـترينييه :" إذا كانت قـــد تمت محاكمة يسوع بالظروف الــوارد ذكرها في الأناجـيل ، لاضطر الحاكم أن يكتب تـقـريراً رسمياً إلي رئيسه وفـقاً لما تـقتضيه القـواعـد المتبعة ولكان قـد تــم حفظه في الأرشيف الإمبراطوري . ويـزعـم الفيلسوف القـديس جوستان ( القرن الثاني الميلادي) أنه قـد شاهــد هـذا المحضر شخصياً وكان أول من رآه ، ولابد من وجوده في أرشيف الدولة ، ولابـد من أن يكون محتواه موافـقاً تماماً لكل ما ورد بالأناجيل"!.
إلا أن مثل هـذا التـأكيد الصادر عن أحــد الـقـديسين المشهود لهم بالــولاء للكنيسة لدرجـة أنها قامت بإضفاء صفة القــداسة عليهم ،هـل يمكن أن تـؤخـذ في الإعتبار ؟! فـالمعروف أنها حرقت كل من عارضها وقامت بإضفاء صفة القـداسة على الذين تعاونوا معها في أغراضها.
الــــتــلمـــود
التلمود كلمة عبرية تعني " التعـاليــم " . وهـو يتضمن التعليمات والتعليقات المتعلقة بنصوص التوراة أو العهد القديم . ويُعد التـلمود تكملة للشرع المكتوب وتـقنيناً للشرع الشفهي مؤكداً العـقيدة التوراتية "للشعب المختار" .
وقد تمت صياغة الجزء العقائدي فيه في الـقرن الثالث الميلادي بحيث يـؤكد سيادة الدين اليهودي . ويـزخـر التـلمود بالإتهامات ضد المسيحيين ، الأمـر الذي أدى إلي إدانته رسمياً في الغـرب في القـرون الوسطى .
ومن الصور الساخرة التي يحتوي عليها تريقة لاذعة ضد الأناجيل وضد من يطلقون عليه :" الإبن المزعوم لله ؛غير الطاهر المولد ؛ إذ أن والدته عاهرة يهودية اسمها مريم وجندي روماني من جنود الإحتلال اسمه بانتيرة " . ويصف الـتلمود المعجزات التي قام بها المسيح "بأعمال من السحر مأخـوذة من عبادة الشياطين ولذلك حُكم عليه بالموت لمحاولته إغـراء الشعب اليهـودي وحثه على الـثورة " .
ووفـقاً للتـلمود فإن المسيح لم يُصلب وإنما تم رجمه ثم عُلق على شجرة . وبورد بيير دي جرانميزونPierre de Grandmaison ) ) في كتابه عن " يسـوع المسـيح " نصاً أخر يقـول :"وأخيراً تمت محاكمته في ليـدّا وإتهامه بالسحر والإرتـداد . وقـد وُضع على عمود التـشهيد طوال الأربعين يوماً التي سبقت موته ، وكان المنادي يعلن بصوت عال :هذا الشخص سيـُرجم لأنه مارس السحر وأضل إسرائيل .وأي شخص يعرف شيئاً لتبرأته ليتقدم بشهادته ويعلنها. لكن أحداً لم يتقدم وتم إعدامه يوم الإستعـداد لعيد الفصح . ويقول أخــرون أنه تم رجمه"! .
وهنا لابد من الإشارة إلي موقف اليهود من المسيحية ، فعلى الرغم من كل ما قدمه الفاتيكان من تنازلات تخرجه تماماً عن نصوص الأناجيل وعقائد المسيحيين بتبرأة اليهود من دم المسيح في مجمع الفاتيكان الثاني ، وذلك رغم 35 إشارة في إنجيل يوحنا وحده تتهم اليهود بقتل المسيح ، فإن اليهود لم يغيروا من موقفهم ولا من نصوصهم التي تـتهم مولد السيد المسيح بالسفاح والعياذ بالله .

المـــشــــناه :
والمشناه هي مجموعة من 63 بحثاً لليهود وتعليق على الــتوراة وتــدوين للشرع الشفهي وتمثـل القـاعـدة الأساسية للتلمود إضافة إلي تعليقين أخــرين .وقــد عـثر هـيلل Hillel)) الـبابلي، وهـو أحــد علماء الحخامات ، على نسخة من المشناه سنة 40 ق.م ، في منطقة طبرية قـرب بحــر الجليل حيث دارت أحــداث حياة يسوع ، ومع ذلك فــلا تتضمن المشناه أي شيئ مُطلقاً عن يسوع أو الحواريين رغــم أنها تتناول كل "الهـرطقات "التي تعرضت للمحكمة العليا اليهودية منذ 40 ق.م حتى حوالي سنة 237 م .
وتعد المشناه بمثابة أو أشبه ما تكون بيوميات لأعمال المعبد اليهودي وتاريخ الفاريسيين الـذيـن تـم إتهامهم بقتل يسوع – كما يقـولون – فكيف لا يحــاول أي حخام أن يستبعد مثل هـذه التهمة ؟ إنه صمت يفسره بعض العلماء الحــداث على أن يسوع قـد وجـد قـبل التاريخ الذي بــدأ فيه تـدويـن المشناه .

المراجع
L. Cascioli : La Fable du Christ, Viterbo, 2001
Fau, G. : Le christianisme sans Jésus, France-Quercy, 1995
Peytrignet, R. : Jésus-Christ, Mythe ou personnage historique, Reflexion, 2002
Vautier, A. : Le secret de Jésus,






المسيحية والمؤرخون القدامى (2/4)
بقلم الدكتورة زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
نتناولنا فى المقال السابق المؤرخون اليهود وأصول المسيحية الأولى ، ونتناول فى هذا المقال الثانى دور المؤرخون الوثنيون ..
2– المؤرخـــون الوثــنيون :
هناك ظاهرة لافـته للنظر وهي أنه ما من واحـد من الكتـّـاب اللاتين أو اليونان ، في القرن الأول الميلادي ، قـد ذكـر اسم يسوع ، وإن كان هـذا الصمت له مغـزاه أو حتى إن لم يدل على شيئ في حـد ذلك ، لكن ، كيف لهم ألا يلحظوا وجـود المسيحيين الأوائل أو لم يتحدثوا عنهم على الإطلاق ، فما من واحـد منهم قـد ذكـر مثـلاً تلك الظلمات التي حطت على المدينه وخيمت على كل شيئ عند وفـاة يسوع . بل لم يشر أي واحد منهم حتى إلي إحتمال حـدوث كسـوف للشمس ولـو جـزئياً ! وما من واحـد منهم قـد لاحظ ذلك النجـم اللامـع الذي أرشـد خطى ملـوك الأعــاجم ، بل ولـم يلحظه أي عـالم فـلك أو أي مـُراقب حتى للسماء .
ويتحدث المـؤرخ السـوري لـوسيان أنه سمع ، قبل وفـاته ، سنة 190م ، عن سـاحر أدخـل طقساً جـديداً قائماً على الأسرار الخفية في فلسطين وأنه قد صلب . وفي روايته المعنونة "موت بريجـينـوس" تكـلم عن ذلك الطقس الجـديد قـائلاً ": وكانوا يعبدون مـُغالطهم المصلوب".ويقـول روبيـر بترينـييه إن هـذه العبارة لها أهـميتها بالـفعل "لأن المسيحية في البداية تـم تقـديمها على أنها عبادة ذات أسـرار" .
ومن الغريب أن لـوسـيان السـوري ، حتى أواخر القـرن الثاني ، لم يكن قد سمع شيئاً لا عن صلب المسيح ولا عن الأناجـيل ، وذلك رغـم قـربه من تلك المنطقة التي توصف بأنها مهد المسيحية ، خاصة وأنه كان يسخر من كل العبادات .
كما أن المؤرخـين اللاتين لا يـذكروا شيئاً عن مـذبحة آلاف الأطفـال الأبـرياء التي أمـر بها الملك هيـرود . ويعجب الباحثون من صمت المؤرخين فيما يتعلق بقـيام الأموات وتجـولهم في شـوارع المدينة بأكـفانهم .. ومثل هـذه الأحداث لو كانت قـد وقعت فعلاً للفتت نظر أي مـؤرخ من المؤرخين الـذين عاصروها أو أتـوا في القـرن التالي لها .
بــيــلاطـــــس :
إذا كان القـديـس جـوسـتان قـد زعـم ، في منتصف القـرن الـثاني ، إنه قـد إطلع على التقرير الذي رفعه بيلاطس إلي رئيسه ، فهو لم يقرأه بالفعل وإنما إفترض وجوده فحسب ضمن أوراق الـدولة ومستنداتها . وإن كان تـرتـولـيان ، وهو يُـعـد أول الكتـّـاب المسيحيين باللغة اللاتينية ، قـد راح يكـرر قــول القــديس جــوستان ، فإن وقـائع التاريخ تناقض هـذه العبارة .
ففي مطلع القرن الرابع قام الإمبراطور ماكسيما دايـا بنشر وتـوزيع "أعمال بـيلاطس" . وقـد وصفها المؤرخ يـوسبيـوس بأنها "مليئة بالشتائم ضد المسـيح" لذلك قال إنها من النصوص المحتجبة ، أو التي يجب أن تـُحجب لسبب فاصل : إنها تتحدث عن صلب المسيح في السنة السابقة من حكم تيـبريـوس ، أي في سنة 21 ، في حين أن بيـلاطس قـد عُين حاكماً على فلسطين في سنة 26" !.
وفيما بعـد ، قـام المسيحيون بإعـادة نـشر "أعـمال بيــلاطس" حيث نـراه يتولى الدفـاع عن يسـوع المسيح ! وكان هـذا الكتاب يحتـل الصدارة في آداب الـقرون الوسطى ، وقـد ضـُم بعـد ذلك إلي إنجيـل نيكومـيد. ويـوضح روجيه بترينـييه أنه ما من مـؤرخ في يومنا هـذا يعتبر هـذا النص نصاً أصلياً وأن الجميع يعـتبرونه من الـروايات ، مؤكداً : "وفي نهاية القـول ، إننا لا نمتـلك أية وثـيقة رسمية ولا أي تـقرير رسمي أو شهادة رسمية حـول يسـوع من روما الوثـنية".
سويتونيوس: (حوالي 69- حوالي 126 ) Suetone
عاش سويتونيوس في الفترة ما بين 69 و126م ، وكتب سيرة أثنى عشر إمبراطوراً رومياً ، من يولـيوس قيصر ، المتوفي44 ق.م ، حتى دومـثيان المتوفي سنة 96 م ، وهـو معاصر تاسيـتس وصديق للفيلسوف بليني الأصغر . وقـد شغل منصب سكرتيراً للإمبراطور سبتكيـوس كلاروس وكان مسئولاً عـن الأرشيف الإمبراطوري .
وتأتي سيرته للإمبراطور تيبـريـوس، المولود سنة 42ق.م والمتوفي سنة 37 م فرضاً مواكبة لحياة يسوع ، إلا إنه من الصعب أن نجـد بها أية إشارة إليه أو إلي أي من تفاصيل حياته . أما في سيرته عن كــلوديوس ، المـولود سنة 10م والمتوفي سنة 54م ، فيؤكد سويتـون أنه في بداية حكمه " قـد طــرد اليهود من روما لأنهم كثيراً ما كانوا يثيرون القلاقـل بقيادة المحرض كرستوس (Impulsore Chrestos ) " .وقـد تمت هـذه الواقعة سنة 41م. أما سـويتون فـقد كتب هـذه الأسطر حـوالي سنة 120م ، وهـو تاريخ جـد بعيد عن الأحـداث المذكورة .
والغريب في الأمـُر أن كلاً من فيـلون أو فـلافـيوس جــوزيف لم يذكرا شيئاً حـول هذا الموضوع ، بل على العكس من ذلك ، فإن جوزيف يتحدث عن كلـوديوس على أنه حاكم مُتـفهم لعادات وتقـاليد اليهود .
وهنا لابـد من وقـفة تتعلق باسم كرستوس Chrestos والتفرقة بينه وبين اسم Christos ، فهذا الأخير يعني المدهـون بالزيت أو المسيح ، أما الأول فهو اسم شـائـع ويعني باليـونانية "الطـيب" أو "الأفـضل" . وكان شـديد الإنتشار بين العبيد ولـدى اليهود .وقـد أشار الباحث ليـنك أن اســم كـرستوس قـد ورد أكثر من ثمانين مــرة في النصوص اللاتينـية .
ويـورد ديـون كاسيـوس ، على عكس سـويتـون ،"أن اليهود كانوا من الكثرة في روما بحيث يصعب طـردهـم دون إثـارة القــلاقـل ، قائـلاً أن كـلوديوس لم يطردهم وإنما إعـترض على إجتماعـاتهـم التي ينص عليها شـرعهم ". وبناء على ذلك يـرى روبيـر بترينيـيه أنه وحتى وإن قـام الإمـبراطور بطـرد بعض اليهـود ، فلـم يكن بينهم مسـيحياً واحداً في روما حتى سنة 41م ، مثلما لم يكن هناك أي مسيحي في مـدينـة بـومباي (الإيـطالـية) سـنة 79م .
لذلك يقـول "لو إفـترضنا جـدلاً أن كريستوس سويـتون هـو يسوع المسيح ، فإن يسوع لم يمت أيـام تيـبريـوس ، والإعتماد على نص سـويـتون لإثبات تاريخية يسوع يُعـد بمـثابة أضحـوكة ".
أما ميشيل كـوكيه Michel Coquet) ) فـيوضح أن اسم كـرستوس Chrestos)) كان موجوداً منذ القـرن الخامس قبل الميلاد وقـد إستخدمه كل من اشيليوس وهيرودوت وغيرهما . وهـو اسم يقـابل اسم سـوتـير باليونانية ويعني مُـنقـذ .
تاسيتوس : (55-120) Tacite
تاسـيتوس مـؤرخ لاتيني عـاش فيما بين عامي 55 و 120 م ، وقـد إشتهر بجمال لغته الأدبية ، وفي "الحـولـيات" التي كتبها يتعـرض إلي شائعات تـتهم نيـرون بإشعال حـرائق روما عـام 64م والتي قـام الإمـبراطور بإتهام المسيحيين بإشعالها، ويقـول تاسيتوس:"إن اسم المسيحيين مشتق من المسيح الـذي حُـكم عليه بالموت أيام تيـبريوس من الحـاكم بــيلاطس البنـطي".
ويـوضح ميشيل كـوكـيه أن هـذا النص يـرجع إلي القـرن الحـادي عشر ولم يُعرف إلا سنة 1429م ودخل مكتبة مـديتـشي سنة 1444 :"وبعـد الأبحاث الجـادة التي أجـريت عليه لمعرفة أصالة الوثــيقة أجمع العلماء أن هـذه الفـقرة الخاصة بالمسيح مُـزيفة ودخيلة على النص الأصلي ". وتـُـشير الأصابع إلي بـــودج (Podge) ، وكان سكرتيراً لعـدد من البـابـاوات هـو الـذي دسّ هـذه الجملة .
ويسخر ميشيل كـوكـيه قـائـلاً :"نـتمنى للمسيحيين أن يُعـد هـذا النـص من النصوص الممنوعة عن الـتـداول لأنـه وإن كان قــد تحــدث عـن مـوت المسيح إلا أنه لا يـقول شيئاً عن بعـثه: وبالنسبه للعـقيدة المسيـحية فإن الحـدثيـن ، المـوت والبعـث ،لا إنفصام بينهما.وبما أن تاسيتوس إستبعد قـيام يسـوع وأورد ببساطة خبـرمـوته فــذلك راجـع إلي أن كل إنسان يموت .. وفي النهاية ، إن هـذا النص الـذي ينـكر البعث أو الـقيــام لا يمكنه إثــبات وفــاة المسيح "!.
وأيـاً كـان الأمُـر فـقد كتب تاسـيتوس حــولـياتـه حـوالي سنة 117، وكان عـدد المسيحيين قـد تـزايـد في روما وبـدأت حيـاة يـسوع تنـتشر بينهم ، وإذا ما كان قـد كتب هــذه الجملة فعـلاً فيمكن أن يكـون قـد استـقاها من المسيحيين أنفـسهم ، وما أكــثر ما كـانـوا يـروجـونه . وكان سِلسَس Celsus يـؤكـد "أنهم قـد غـيروا وبـدّلـوا في نصوص الإناجيل وفـقاً لهواهم ، ثـلاث أو أربـع مـرات أو أكثر في النصوص البـدائية لإستبعاد ما كان يُعترض عليه ".
سينيكا : (4ق.م- 65م)Seneque
يُعـد سينيكا من فـلاسـفة الـقرن الأول ، وقــد عـاش فيما بين 4ق.م و 65، أي في الفترة الشـديدة القــرب ببداية المسيحية ، فـلم يـذكر شيئاً عن يسـوع ، ولم يتـورع القـديس جيـروم أن يجعل منه واحــداً من أبـاء الكنيسة ، وقـد قـامت الأيـادي العابثة بمـلء هــذه الفجـوة بإختـلاق مـراسلات بين سينيك والقـديس بـولس . لكن سـرعان ما تكشفت عمليات التـزوير لتديـن هـذه الخـدعة بأنها أحـط تــزوير يـُديـن مصداقية تلك الأيـادي .
المراجع
Bernard, J.L. : Apollonius de Tyane et Jésus, 1977
Coquet, M. : La vie de Jésus démystifiée, 2003
Duquesne, J. : Jésus, 1994
Massey, G. : Les origines du christianisme, 2003
















المسيحية والمؤرخون القدامى (3/4)
بقلم الدكتورة زينب عبد العزيز
أستاذ الحضارة الفرنسية
فى هذا الموضوع المتعلق بأصول المسيحية الأولى وما نستكشفه من المؤرخين القدامى تناولنا المؤرخون اليهود فى المقال الأول ، ثم المؤرخون الوثنيون فى المقال الثانى ، ونتناول هنا فى المقال الثالث المؤرخون اليونان :
3 - المــؤرخــــــون اليـــونـان :
بــلـوتـاركالمسيحية والمؤرخين القدامى frown.gif 50-125م)Plutarque
يُعـد بلـوتارك ، المـؤرخ اليـوناني الـذي عـاش فيما بين عامي 50 و 125م ، مـؤلف "مشاهير الرجال" إلا أنه لا يقـول شيئاً عن يسوع ، وعلى الرغم من أسفاره المتعددة في أثينا وروما والأسكندرية مجاوراً لليهـود ، فلـم يلحـظ وجـود المسيحيين ولم يتحـدث إلا عـن اليهود وأحـوالهم .
بليني القديم (23 -79م )Pline L'Ancien
عـاش بليني القـديـم فيما بـين 23 و 79م وكان من علماء الطبـيعة إضافة إلي كونه أديـباً وهـو عــمّ بـليـني الصغـير ، فـقـد ذهـب إلي فلسطين حــوالي عـام 60م مع الجيش الـروماني . ولم تكن الأحـداث قـد خبأت فـرضاً حـول حياة يسـوع ومعجزاته ، بل كان من الممكن أن يقـابل أي فـرد من الـذيـن عـاصروه ، لكـن في كـل مـؤلفـاتـه التي يبلغ عـددها مائة وخمسون مجـلداً فهـو لا يـذكر كلمة واحـدة عن يسوع وأحـداثـه .

أبوللونيوس من طــوانه (توفى عام 97)Apollonius de Tyane
(طـوانـه بين قــونية وطـرطـوس)
لا نعـرف الكـثير عن شخـصية أبـوللـونـيوس الطـواني الـذي يُـقال أنه عــاش في آواخـر الـقرن الأول الميلادي .إلا أنه كشخصية أسطـورية قــد لعب دوراً عظـيم الأثــر في الصراع ضد المسيحية في أواخــر العصور القـديمة ، لأن الناس كانوا يطلقـون عليه أنه المسيح – خاصة وأنه كان مـوجـوداً في نفس الفترة التي عـاش فيها السيد المسيح .
وفي مطلع الـقـرن الثالث ، حينما قـام الأديب فيلـوسترات Philostrate بكتابة تـاريـخ حـياة " أبـوللـونــيوس الطـواني" لم يشـك في النجاح الـذي كـان سيـلاقيه بطـله ولا المعنى الـذي إكتـسبه بـشدة الشـبه بينه وبـين يسـوع . فـقـد كان يحـاول التعبـير من خـلاله عن الإنسان الحكيم المثالي ، عن ذلك الإنسان الإلهي ، المتقـشف، الصامت ، والـذي كان يُعـلم الناس أن "تمجيد الله العلي لا يكـون بالأضاحي الـدامـية وإنما بنـقاء القـلب ،كما كان معـروفاً عـنه أنـه لغـة الطـيور ،مُـلـمّ بلغـات الكـون ، عليم بأغــوار القـلوب والنبـؤات وشـفاء النـاس " .
وظل الشعب حتى أواخـر القـرن الـثالث يـؤمـن بـأنـه كان المسيح ،حتى في بيزنطة المسيحية نفـسها ، كانوا يتـبركون بتعاويـز حـامية منسـوبة إلـيه.
ويـؤكـد إيمـانـويـل إيفـسينج Emmanuel Evsing)) في كتابه المعنون :"من سـيد العـدالة إلي يسـوع أو الـتاريـخ الـذي تـم تحــريـفه" (1979) ، "أنه لا يمكن لأي شيئ إثبـات أنه لا تـوجـد تـداخلات شـديـدة الوضوح بين الإثنين" (صفحة 59)، بل يـؤكد في الفصل الأول من كتابه "يسـوع" عــبارة عن خليط من وقـائع حياة سيد العـدالة لدى الاسينيين ويسوع ، وأبـوللـونيـوس الطـواني ".
ويضيف بعـد ذلك قـائـلاً :"أن كافـة الإستـشهادات التي أستعانت بها الكنيسة من سفـر أشعياء لتنسج به قـصة يسوع نبـؤات بصيغة الماضي ، أي أنها وقعـت وتمت ، فكيف يمكنها أن تـنبئ عن المستـقبل ؟".
سيلس (الـقرن الثاني )Celse
يُعـد كتاب "الخـطاب الحق" الـذي كتبه المُـفكر سيـلس حـوالي عام 178م .النقـد المنهجي الوحيد للمسيحية الـولـيدة في عصر الوثـنية . ولا يعـرف الكثيـر عـن حياته إلا أنه قـد سـافـر إلي كل مـن فـلسطين وفينـيقيا ومصر .وقـد أهــدى له الفيلسوف اليـوناني لوسيان دي سامـوزات (125-192) بحثه حــول "الِكسندر الأبـونـوطـيقي " عـام 180م ، قـائـلاً : "إلي سيلس ، إلي زميلي وصديـقي الـذي أُعجب به لحكمته ، وحبه للحق ، ودماثـة خلـقه ، وصفاء حياته ، وتـفـانـيه تـجاه كل مـن يعـرفـهم".
و"الخـطاب الحـق "هجـوم موضوعي شـديـد الـدقـة ضد المسيحية ، بـلا تعصب ولا إجحاف، بل شـديـد الأمـانة والإخـلاص ، فمن خـلال تحليل منطقي الوضوح يبرز سيلس كل تناقضات ذلك الـديـن الجـديد ،وكلها تناقضات سـوف يتـناولها العلماء ورجال الدين المنشقين عن الكنيسة في هـجومهم عليها إبتداء من الـقرن السادس عشر ، مع ما عُــرف باسم بـدايـة عصر التـنويـر .
ولا يعني ذلك أن سيلس كان مُلحـداً ، بل على العكس من ذلك لقـد كان شـديد الإيمان بالله ،بإله خـالق الكـون وكل الخـلائق ،إله ليس كمثله شيئ .وكان أكثر ما يهتم به هـو سلامة الـدولة ، ومـن أهــم ما كان يتبـنيه آنـذاك أن "أي إنتصار للمسيحية سيؤدي حتماً إلي إنهيار في الوطنـية".
ونـُطالع في مـوسـوعـة أونيفـرساليس الفـرنسية أن كتاب "الخـطاب الحـق" قـد ضاع تماماً ، وهـو ما يُـفهم منه أنه من النصوص التي أبادتها الأيـادي العابثة في الكنيسة الوليـدة آنــذاك .إلا أنه قـد أمكن إستعادة تكـوينه من الــرد المطول والقـائم على الشرح والـتبريـر الـذي كتبه أوريجون ، حـوالي عـام 248م ، والـذي كان يستشهد جـزءاً جـزءاً من كتاب سيلس ليـرد عليه .
وتـقـول الموسـوعة "أن نقـد سيلس شـديـد القـوة عميق الفهم ، وإن كان أسلـوبه يصل أحياناً إلي درجة من الحـدّة . وكان سيلس يـرى أن تعاليم المسيحيـين ليست إلا حماقات ولا أخـلاقـيات وأن أصل مـذهبهم هـمجي ولا يأتي بـأي جـديـد فكل ما تتكون منه المسيحية مـوجـود في الـديـانـات الـوثـنية التي تتـفوق عليها بالعمق الزمني ، ونصوص الأنـاجـيل عبـارة عـن أسـاطـير فـظة ولا أسـاس لها من الصحة مثال الحمل العــذري ، والمعجزات التي ليست سـوى ألاعيب من السحـر ، وقصة البعث التي لـم تشهـدها سوى إمـرأة مشكوك في ذمـتها ، وتجـسد الله في شكل إنسان هي خـرافة بحتة ولا يقبلها عـاقل ،إذ أن عملية التجسد هـذه تقـتضي تغييراً في الله الـذي ليس كمثله شيئ . كما كان سيلس ينـتقد عملية العفو التي يقـوم بها المسيح والقـساوسة من بعـده".
وقــد كـان سـيلس يــرى المـسيحية تـمثل خـطراً على أمـن الـدولة من حيث أن المسيحيين عبارة عن شذرمة من الـثوريين المتعـصبين الذيـن يعـيشون على هـامـش الـدولة ويحيكون أساطـير عـقيدتهم في الخــفاء ، بل كان يــرى المسيحية كـنوع من الإنـحراف الـذي لا أسـاس ولا سـند تاريـخي له . وبعـد ستين عــاماً من تـــداول كتاب " الخـطاب الحـق " وزيـادة إنتشارة ، طلب القـس إمـبرواز من الفيلسوف أوريجـون (Origene) أن يفـند دعـواه بالتفـصيل . وأتى رد أوريجون بعـنوان " ضد سيـلس" في ثمـانية مجـلدات . وبفضل هـذه المجـلدات الثمانية عــرف العــالم ما كـتبه سيلس من نـقد شـديد للمسيحية الناشئة آنــذاك ،بعد أن أبــادته الكنيسة.
ومما إنتـقده سيلس في تلك المسيحية النـاشـئة ما يـلي :-
· في الآونـة الأخيرة عثـر المسيحيون بين اليهود على موسى جـديد أغـراهم أكثر من الأول . ويقـولون عنه أنه ابن الله وأنه مـؤلف عـقيدتهم الجـديدة .وقـد جمع من حوله وبلا اختيار شذرمة من البسطاء الذين لا خـلق ولا خــلاق لهم ، أفـظاظ عـادة ما يمثلون تلك الفئة الملتـفة حـول الدجـالين والمحتالين، بحيث إن أولئـك الذين تـقبلوا هـذه العقيدة يكشفـون عن مـدى الثـقة التي يمكن أن نضعها فيها .
· أي إله وأي إبن إله ذلك الـذي لم يستطع أبـوه أن ينقذه من أكثر أنواع العذاب فضيحة ، بل ولم يتمكن من إنقـاذ نفسه !
· إذا كان عيسى يــود حقاً الإفصاح عن صفته كإله فكان يتعينّ عليه أن يظهر نفسه لأعــدائه (بعـد بعـثه) ، وللحاكم الـذي أدانه ، وأن يُظهر نفسه للجميع ، لأنه إذا ما كان قد إجتاز تجربة الموت ،إضافة إلي كـونه ربنا كما تـزعمون ، فما كان يجب عليه أن يخشى أحـداً ، لأنه على ما يـبدو لم يُبعث لكي يخفي شخصيته !
· إن من تطلقون عليه اسـم يسوع ، لم يكن إلا رئيساً لعصابة من قطـّاع الطـرق والمتسكعين ، ولم تكن المعجزات التي تنسبونها إليه إلا ظــواهر تتم بناء على معرفة بعض أنواع السحر والخـدع الغيـبية . والحقيقة أن هـذه الوقائع المزعـومة ليست سوى أساطير صنعـتموها بأنـفسكم دون حتى أن تنجحوا في إضفاء مسحة من المصداقية عليها ، والجميع يعلمون أن ما كتبتموه هـو نتيجة للتعـديلات التي تمت بعد الإنتقادات التى وجهت إليكم .
· تـُـرى ما هــو الغرض من تجسد الله ونـزوله على الأرض كما تـزعمون؟ أهــو بهـدف أن يعرف ما يـدور بين الناس؟ لكن، أليس الله عليماً بكل شيئ ،أم أنه بعلمه كل شيئ فـإن قــدرته الإلهية محـدودة ولا يمكنه إصلاح أي شيئ إن لـم ينزل بنفسه أو أن يـرسل مـندوباً عـنه ؟!.
· هـل يمكن لأي جسد بعد أن يتحلل أن يعـود إلي حالته الأولى ؟ وإذ تخـرسهم الإجابة ، لا يجد المسحيون ما يقـولـونه سوى أن كل شيئ ممكن بالنسبة لله . لكن الله الحـق لا يمكنه أن يفعـل شيئاً مُخـزياً ولا أن يطلب شيئاً منـافـياً للطبيعة .
وإذا ما كان النـقـد الـذي يوجهه سيلس للمسيحيين أو للمسيحية يـدخـل إجمـالاً في دائرة النقـد إلا أن هناك فـقرة تستوجب التوقـف والـدراسة لأهميتها بالنسبة لحياة يسوع.وفيها يــوجه سيلس الكـلام إلي يسوع مباشرة قـائـلاً :"لقـد بـدأت بأن إختلـقت لنفسك نسباً مجيداً بـزعم أنك ولــدت من عــذراء . وفي الواقـع أن أصلك من كوخ متواضع في اليهودية ، وابن ريفية مسكينه كانت تقــتات من عملها . وقـد وقعـت في الــزنا مع جندي روماني اسمه بانتيرا ، وقـد طردها زوجها النجار (...) وسافـرت إلي مصر حيث رُحت تعمل بساعـديك بالأجــر ، وهناك قــد تعلمت بعضاً من تلك الألعاب السحرية التي يجيدها المصريون ، ثم عـدت إلي بلـدك مـزهـواً بالأعمال السحرية التي تجيدها وأعـلنت نفسك إلهاً ".
وبغض الطرف عما في هـذا النص من تجريح بالسيدة مــريـم – وإن كان لا يـزال الإتهام وارداً بالأنـاجـيل ولدى اليهود ، فإن ما يستوقـف الإنتباه هنا هـو ذهـاب يسوع إلي مصر وبقائه فيها فترة طـويلة وتعلمه الأعمال الخـارقة التي كان يجيدها العـديد من الكهنه المصريين القـدماء . إنها نقطة جـديـرة بالبحث والدراسة خاصة أن حياة يسوع من سن الثانية عشر حتى سن الثـلاثـين في غموض مُطلق ولا أحــد يعلم عنها أي شيئ .
وفي كتاب للعـالم الفـرنسي لـويس روجييه (Louis Rougier) بعنوان "الخـطابالحـق ضد المسيحيـين" يـُشير إلي ظاهـرة لافته للنظر حـول أصول المسيحية الأولى والإهتمام الذي لايكاد يـذكر الـذي أثـارته دعاية الديـانة الجـديـدة في المجتمع الوثني حتى النصف الثاني من القـرن الميلادي الثاني . موضحاً كيف أن اسم المسيح قـد تسلل خلسة في التاريخ العلماني ،بأبجـدية خطأ في الكتاب الذي ألـفه سويتون عن" حياة أثنى عشر قيصراً" حيث يقـول المؤلف بمناسبة أحد أفعال كلوديـوس :"لـقد طرد من روما كل اليهود الذين كانوا في هيجان شعبي متواصل بسبب تحريض واحـد اسمه كرستوس (Chrestus).
وبعد ذلك بقليل ، أيام نـيرون ، يـورد كتاب حـوليـاتـه عبارة :"أنه قـد تـم فرض عقاب على المسيحيين ، تلك الفئة من الرجال الذيـن يتبعون شعـوذة ديانة مـؤذية " .ثـم يوضح لويس روجييه أن تاسيتوس وهـو يكتب بعـد ذلك بنصف قـرن عن الأحـداث التي يرويها وقبل سويتون، يعلـن أن نيرون ، لكي يحـّد من الشائعات التي كانت تتـهمه بحـريق روما سنة 64م ، قـدم بعض المتهمـين إلي المحاكمة ممن يطـلق عليهم العــوام عبـارة "مسيحـيون".
ويُـشير روجييه أن تاسيتوس يقـدم المسيحيين في كتاباته على أنها فـئة من أحط الطبقات وهم "مكـروهـون لـرجسهم (Flagitio) ، ومضطهدون لأنهم كانـوا يعترفون بذلك ، والبعض الأخـر لأنهم كانـوا مقـتنعـين بعـدائهم للجنس البشري ".
ومن الناحية التـاريخية ، فـإن خطاب بليني ،أيـام كان حاكماً لبلـدة بيـتاني ، والـذي أرسـله إلي الإمبـراطـور تــراجـان سنة112م ،يُعــد أقـدم وثيـقة في النصوص العامة والمتعلـقة بالمسيحيين ، وهي في نفس الوقت الشهادة الأقـل غموضاً عن النقص الشديد في المعلومات ، وفي مطلع القـرن الثاني ، وسط الطبقات المثـقـفة فـيما يتعلق بموضوع الطائفة الجـديـدة .
ويقول روجييه ،"على الرغـم من أهميته الكبيرة ، فإن كتاب سيلس قـد مــر وكأن أحـداً لم يلحظه ، فالمسيحيون في أواخر القرن الثاني ومطلع الثالث لا يتحدثون عنه أبداً، وعندما قام قسطنطين صبيحة مجمع نيـقية سنة 325م، ثم بعد ذلك بعام تقريباً ، قـرر هـدم المعابـد الـوثـنية . وفي سنة 499، عندما قـام الإمبراطور المسيحي تيـودور الثاني ومن بعده فالنتـينيان الثالث بإصدار أمــر "بهــدم كل ما كان يمكنه إثارة الغضب الإلهي ويجرح النفـوس"، لم يـذكر كتاب سيلس مع أعمال بروفير وآريـوس ، ويمكننا تخمين أن النص الأصلي كان قـد ضاع منذ فترة طويلة "(صفحة31) .
ثـم يُـشير إلي أن أوريجـون قـد كتب فيما بين 246 و 249 ثمانية كتب لتفـنيد الكتب الأربعة التي كانت تتضمن النص الأصلي الذي كتـبه سيلس . وبفضل ردود أوريجــون ، يقول روجييه :"أصبحنا بـذلك نمتـلك تسعة أعشار المادة الأصلية و على سبعة أعشار كلمات الكتاب الـذي خطه سيلس .وبفضل ذلك الــرد وحـده أمكننا إسـتعـادة النص الأصلي للكتاب"..ويـورد روجييه مـائة وسـتة عشر بنـداً من البـنود التي تمـثل إدانـة سيلـس للمسيحية والمسيحيين .
ومما قاله سيلس في مقـدمة كتابه ، ويـرد تحت البند رقم 4 من كتاب روجييه :(…) "إن الذين يؤمنون بشيئ دون أن يتـفحصوه ويـؤمنوا بكل ما يُـقال لهم ، أشبه ما يكونـوا بأولئك البؤساء الـذين يقعون فريسة الدجالين ،والذين ينساقون خلف كهنة الإله ميثرا أو سبازيـوس وعـبدة هـيكـانـت أو الألهة الأخـرى المشابهة ، بـرؤوس تتـرنح من هـوسهم وإحتيالهم . ونفس الشيئ بالنسبة للمسيحيين ، فما من واحـد منهم يـريـد تقـديم الأسباب التي دعتهم إلي ما تبنوه أو يسمعوا أي شيئ . فهم يـرددون جميعاً وكأنهم على إتـفاق :"لا تبحثوا شيئاً ، عليكم بالإيمان ، إن إيمانكم وحـده هـو الـذي سينقـذكم " (صفحة 38 ) .
بــورفـــــــير (234 – حوالي 310 )Porphyre
لعب بروفيـر دوراً هـاماً في تطـور الفكر في أواخـر العصور القـديمة وطوال العصور الوسطى ،وعمله الضخم تـرك أثـراً واضحاً بين العـديد من المؤلفين اليـونانيين واللاتين والعـرب. إذ يتضمن كشف أعماله 77 عـنواناً تمتد أبحاثه خـلالها إلي أهـم الميـادين التي شغـلت عصره وهي القـواعد اللغوية ، وعلم البـلاغة وعلم الفلك والرياضيات ، والأساطير ، والــدين، وتاريخ الفلسفة ، وعلم الأخـلاق ، والفيزياء ، وما وراء الطبيعة ،إضافة إلي قيامه بنشر أعمال أستاذه أفلوطين .
ومما يـؤسف له أن معظم أعماله قـد "ضاعت " لأنه قـد كتب بحثاً بعنوان :"ضد المسيحيين" .- وهـو نفس العنوان الـذي كان إستخدمه سيلس فـقـد "قـام كل من قسطنطين وفـالنـتينيان ، وتـيودوز بحـرق كل الكـتابات التي يمكنها "أن تـُـثير غضب الــرب أو جرح شعــور الأرواح" (روجييه بيترنييه ،صفحة 175 ) . وقـد هنأ الأب أغسطين السلطات التي تصدت لحماية أعماله التي تمجـد في المسيحية . أما جـريجوار الأعـظم فـقد أمـر بحـرق المكتبة العامة وأمـر بهـدم كل الكتب غـير الدينية ، والمقصود بها الكتب التي تهـاجـم المسيحية " .
ويقول بـيـير هادوت (P.Hadot ) في كتابه عن "بـورفـير وفـيلــتوريـنوس":"إذا كانت المسيحية ، مثلها مثل اليهودية ، ديانة تراثية لشعب معيّن ، لأفرد لها بورفير مكاناً واسعاً في أعماله المتعـلقة بالــدين ، لأنه يرى أنها تفـتـقر أي أساس تاريخي ، ومع ذلك تـزعم المسيحية بأنها ديانة عالمية ومُطـلقة ، ومن ناحية أخرى أنها تتضمن مفاهيم عبثية ولا عـقـلانية بالنسبة لله. لذلك فهو يـدينها من وجهة نظر الـديانات المعينة ومن وجهة نظر التصعيد الفلسفي ".
ويقـول هــادوت في عرضه لكتاب بورفير والـوارد في موسوعة أونيفرساليس الفرنسية (مجلـد18صفحة 741) ،"إن الـديـانـة المسيحية ليست قـائمة على أي أساس تاريخي،وتحـاول أن تجـد لنفسها جـذوراً في الـتراث اليهودي ، إلا أن المسيحيين لا يكـفون عن الإستحواذ على تـاريـخ الشعب اليهـودي والذي لا يحترم حتى تــراثه القـومي ، ولا يـوجـد مطلقاً ما يـبرر هـذا الإستحواذ :فـالكتابات اليهودية لا شأن لها بالكتابات المسيحية . ومن ناحية أخـرى ، لا يبقى أي شيئ من كتابات مـوسى فـقـد إحترقت كل أعماله مع المعبد (550ق.م ) .وما بقى باسمه قـد تـم تـأليـفه بعد أكثر من ألـف عــام ،ومن كتبه هـو الكاهن عــزرا .وكذلك كتاب دانــيال ،فهو ليس من زمـن سـيرس ، أنها نبـؤات كتبت بعـد الأحــداث في وقت انطـيوقس إبيفان" . ومن هنا نــرى كيف كان بورفير سباقاً فيما توصل إليه على مدرسة النقد التاريخي للنصوص المقـدسة .
كما كان ينتـقـد "أن الأصول التراثية المسيحية لا قيمة تاريخية لها لأن القصص الإنجيلية مليئة بالمـتناقضات وبعـدم التوافـق .وقـد قـام الحـواريـون بتحريـف تعاليم يسوع . وبالتالي فالمسيحية لا تـمتلك أصـالة تـراثها".ومن ناحية ثانية ينتـقد بورفير الفكرة التي لدى المسيحيين عن الله قـائلاً :"إن إلههم في نظـرهم عبارة عن طاغية له نـزوات متقلبة وغير متوقعة وقــد قــام وسوف يقــوم بأعمال عشوائية تماماً ومنها :خلـقه العـالم في لحظة ما ، وإختيار الشعب اليهودي ، وفكـرة التجسد ، والبعث ، وأخيراً هــدم العـالم الذي قـام هـو بخلقه .. ثـم يـقول المسيحيون إن "الله قــادر على كل شيئ "، إلا أنه لا يستطيع أن يجعلني أقتنع بأن إثنـين زائــد إثـنين يساوي مائتـين وليس أربعة!" .
لذلك يتحـفظ بـورفير على ما طـالعه في الأنـاجـيل وينتـقـدها إجـمالاً قـائـلاً: "إن كـتبة الأناجيل هـم مـؤلفـوا الأشياء التي يحكونها عن يسـوع وليسوا مــؤريخـوها".وكانت عباراته هـذه وكل ما ورد في كتابه " ضد المسيحيين " كافياً ليقوم الإمبراطور الروماني تيــودوز (379 – 395 )بإصدار قـانـون "يعاقـب بالموت كل من يمتـلك كتاباً من أعمـال بورفــير"!.
ومما قاله بورفير حــول عملية صلب يسوع :"من الواضح أن هـذه القصة الملـفقة إما أنها خاصة بأكثر من مصلوب ، أو أنها تتعلق بشخص لا يعـرف ولا يفهم من حــوله أي شيئ عنه. وبما أن هــؤلاء القــوم ، كـتبة الأناجيل ، قـد عجزوا عن قـول حقيقة كيف مات ولم يكـتبوا سـوى إختلاقات ، فـذلك يعني أن كل ما كتبوه لا يـوجد فيه أي شيئ يستحق ثـقتنا" ("يسوع ضد يسوع" صفحة 92).

المراجع
Celse : Discours vrai contre les chrétiens, Liberté
Evsing, E. : La grande imposture du Maître de la Justice à Jésus, ou l'histoire falsifiée, Arctus, 1979
Rougier, L. : La genèse des dogmes chrétiens, Albin Michel,1972
Peytrignet, R. : Jésus-Christ, Mythe ou personnage historique, Réflexions, 2002
Bernard, J. L. : Apollonius de Tyane et Jésus, Laffont, 1977











المسيحية والمؤرخون القدامى (4/4)
بقلم الدكتورة زينب عبد العزيز
أستاذ الحضارة الفرنسية
نتناول فى هذا المقال الرابع والأخير فى مبحث المسيحية والمؤرخون القدامى ، الذى تناولنا فيه المؤرخون اليهود ، والوثنيون ، واليونان ، ونختتمه بالإمبراطور جوليان على أنه يمثل نقطة فارقه فى تاريخ تاك العقيدة المنسوجة عبر المجامع على مر التاريخ ، لنرى كبف أنه حتى منتصف القرن الرابع لم تكن المسيحية تحارب فحسب بل أنه لو لم يتم تدبير قتل الإمبراطور جوليان لأتى عليها فى ذلك الوقت!
4- الإمبراطــور جــوليان (331 -363)Empereur Julien L
أو جــوليـان المرتــد :
لـقد إمـتد حـكم الإمبراطـور جـوليان 23شهراً من 361إلي 363 ،حـاول خـلالها تغيير نسق الـدولة تغـيراً جـذرياً ، فـقد حـاول الإبتعاد عن الإستبداد البيروقــراطي والعودة إلي بساطة الأبـاطرة القـدامى ووقـف عملية تنصير الإمـبراطورية ، تلك العملية التي قـد كان بـدأها قسطنطين وأولاده ، والعـودة إلي الديـانة الـوثنية .
كان جوليان ابن شقيق قسطنطين الذي عـند وفـاته قــام أبنـاؤه الـثلاثـة بإغـتيال جميع أفراد هذا الفرع من الأسرة ،ولم ينج سـوى جوليان وشقيقه جالوس لصغر سنهما ، وفـُرض عليهما الدخول في سلك الرهبنه ، وكان جــوليان في السادسة من العمر عنـدما شـاهـد هـذه المجزرة بعـينيه ... ولعل كثرة ما رآه وعاصره من إستبداد رجـال الدين المسيحي وجرائمهم هـو الـذي دفعه عـام 351 إلي الإرتــداد عن المسيحية والعـودة إلي الوثنية .
وإذا ما تـأملـنا تـاريـخ مـيلاده ووفاته ، نرى أنه قــد ولــد بعــد أن قامت الأيادي العابثة في المؤسسة الكنسية بتأليه السيد المسيح بستة أعـوام، وتــوفي مقـتولاً قبل إنعقـاد مجمع القسطنطينية الذي تـم فيه إختلاق بـدعـة الـثالـوث بثمانية عشر عاماً . أي أنه عـاش ومات في فترة من أكثر الفترات شـراسة للكنيسة التي كانت تسعى بكل الوسائل لإستـتباب عـقائـدهـا .
وما أن تــولي جـوليـان الحكم حتى بـدأ بإستبعاد الفاسـديـن من الوظائف العامة وأضعف شوكة البوليس السياسي وخفض الضرائب وأعــاد التسامح الديني وفتح المعابـد الوثنية وألغى إمتيازات رجـال الـدين المسيحي .وقـد أصبح عـداءه للمسيحيين من الصرامة بحيث إستبعدهم من كافة الوظائف العامة ومنعهم من ممارسة مهنة التعليم ، فما كان من رجال الكنيسة إلا أن رتبـوا إغتياله في إحــدى المعارك الحربية التي خاضها ضد الفـرس ، فـقام حارسه الشخصي بتنـفيذ عملية إغتـياله .
ومن أهـم سمات الإمبراطور جولـيان إهتمامه بالـثقافة والفلسفة ، ومن أشهر مؤلفاته كتاب بعنوان :"خطاب الإمبراطور جوليان ضد طائفة الجليليين". والواضح من العنوان أنه على الرغم من إستحواذ المسيحيين على منافذ السلطة إلا أنهم كانوا حتى أيام الإمبراطور جوليان عبارة عن مُجرد "طائفة" من منطقة الجليل .
وإحتفاظ التاريخ بالصفة التي فرضتها عليه الكنيسة : جوليان المرتد ، لأكبر دليل على جبروت القهر والدسائس التي كانت تمارسها المؤسسة الكنسية ولا تزال .. فـقد قامت بحرق كل ما كان يُـدينها أو يتعارض معها أو يفضح مُخططاتها في كتابات جوليان ، ولو لم يقـم الأسقـف سيريل – بعـد أربعين عاماً – بالـرد على كتاب جـوليان ، والإستشهاد بالكثير من أجـزائه لما بقى منه أي أثــر في يـومنا هـذا .
وقد قام المركيز دارجنس (1704 – 1771 ) ArgensD بترجمة ما تبقى من خطاب الإمبراطور جـوليان ، بنـاء على طلب الإمبراطور فـريـدريـك الأعظم إمبراطور بروسيا ،وذلك سنة 1768 .
ومما قاله الإمبراطور جوليـان في خطابه ضد المسيحيين النقاط التالية :-
· أيها الجليليون ،إذا كان الله يـريـد ألا يُعبد سواه ، وهي أولى الوصايا ،لماذا تعبدون ذلك الإبن المزعـوم الذي فـرضتموه عليه ؟(...) .
· لا يمكن القول بوضوح أكثر أن يسوع كان مُجرد إنسان ...وقد تجرأتوا عليه بالتدريج : فجعلتموه ممسوحاً، ثم مسيحياً ثم ابن الله ،ثم الله! وهكذا إستتب لكم كل شيئ .. إن الخطوة الأولى عادة ما تكون مُـفـزعة ، أما الخطوة الأخيرة فلا تكلف شيئاً (...) .
· أيها الجليليون ، لقـد إنشقـقـتم عنا وإنتـقلـتم كالهاربين من الخـدمة إلي مصاف اليهود . وياليتكم إلتزمتم بتعاليمهم وإكتفيتم بإله واحـد ولم تنساقــوا إلي عبادة مُجرد إنسان بسيط كما تفعلون اليوم (...) لـقد تصرفتم كمصاصي الـدماء أخـذتم الـدم الفـاسـد وتـركتم الأكثر نقاء . ولم تبحثوا عما هـو طيب لـدي اليهود وإنما إنصب كل إهـتمامكم إلي تقليد طابعهم السيئ وغضبهم العـارم : فمثـلهم تماماً تقـومون بهدم المعابد والمذابح ، وتقـومون بـذبح المسيحيين الذين تطــلقون عليهم اسم الهراطقة لأن لهم عـقائـد تختلف عن عقائدكم حـول ذلك اليهودي الذي قـتله اليهود ، علماً بأن العقـائـد التي تساندونها فهي مُجرد هــراء وتخاريف قمتم بتـأليفها ، لأن لا المسيح ولا بــولس قــد قـالـوا شيئاً حــول هــذا الموضوع ، والسبب بسيط ، إذ أنهما لم يتخـيلا أنكم ســوف تصلون إلي هـذه الــدرجة من السلطة التي وصلتـم إليها .
· يسـوع الذي تبشرون به أيها الجليليون كان من رعـايا قـيصر ، وسوف أدلل لكم على ذلك ، ألا تقـولون أنه هـو وأمه وأبيه قـد دخـلوا ضمن تعـداد سيرينيوس ؟(ومن الواضح أن باقي النص قـد تـم حـذفـه حتى من كتاب الأسقـف سيـريل الذي كان يفـند إتهامه) ..لأن فــاروس Varus هــو الـذي كان يحكم ســوريا آنـذاك وليس سيـرينيوس .
· إن إرتيادكم مـدارس معلـمينا وفـلاسفـتنا تجعل أي فـرد منكم من أصل مـشّرف يتخلى فــوراً عن عـقـائـدكم المتعصبة (...) .
· إنكم تهــدمـون ديـانـات كـل الأمـم الأخـرى خاصة الذين يتمسكون بعبادة إله واحـد . وقـد تخليـتم عـن عـقائـدكم القـديمة لتختاروا بين كل العـقائد ما يناسب كل الحـقراء من كافة الشعوب أمثالكم وأمثال أصحاب الحـانات وجامعوا الضرائب والمهرجون وأشباههم (...).
· لقد نسبتم إلي عيسى ابـن مـريـم بـلا أي أساس من الصحة أقــوال موسى الخاصة بيسوع حين قـال :"يقيم لك الـرب إلهك نبياً من وسطك من أخـوتك ، مثلي ، له تسمعون" (تـثنـية 15:18 )(...) إنكم تبـدّلـون وتحرفـون في الآيات وفـقاً لهـواكم . ولا يوجـد هنا شيئ متعلق بيسوع فـلـم يكن من ســلالة يهـوذا بما إنكم لا تـريـدونـه أن يكـون ابن يـوسف النجار ، وتـُصرون على أن الـروح القـدس هـو الـذي أنجـبه ! وقـد حـاولتم إيجاد نسب له من يهـوذا لكنـكم فشلتم فأناجـيلكم تتـناقض ومتى ولـوقـا يتعارضان في شجرة النسب التي يـوردانها. وحتى إذا إفترضنا جــدلاً أن يسوع أميـر من سـلالة يهوذا ، فـذلك لا يعني أنه "إله من إله" كما تـزعمون ، وكل ما هـو وارد في سفـر العـدد متعلق بـداود وسـلالته لأن داود كان ابـن يسىّ (...) .
إذا كانت الكلمة هي الله ، مُـنبثـقة من الله كما تقـولـون ، وأنه من نفس كيان الله ، كيف إذن تطلـقون على مـريـم أم الله ؟ وكيف لها أن تـلـد إلهاً وهي بشر مثـلنا ؟!.
· لقد حاولت أن أوضح لكم أنكم بعد أن إنسلختم عنا وقبلـتم دين اليهود ثـم تخليتم عن كل شعائرهم (...) وقمتم بـتأليف نوع جديد من الأضاحي ولستم بحاجة إلي القدس ، لماذا لا تـذبحون الأضاحي مثـل اليهود الذين إنشقـقتم عنهم؟!.
· إنكم من قلة العقل بحيث لا تتبعـون حتى التعاليم التي أتى بها الحـواريون ، إذ أن أول خليفة لهم قـد غيرها وبـدّلها بـلا تــورع أو حياء ، فـلا بولس ولا متى ولا لوقا أو مرقس قــد جــرؤ أحدهم على القـول أن يسوع هـو الله .(ومن الواضح هنا أنه حتى القرن الرابع لم يكن تأليه المسيح قد أ ُدخل على نصوص الأناجيل) ! لكن عندما علم يوحنا أنه في بعض اليونان وإيطاليا كثير من أفراد الشعب قد سقطوا في هذا الخطأ (أي أنهم راحوا يؤلــّـهون أو يقبلون تألـّـيه المسيح الـذي تـم سنة 325) تجرأ يوحنا لدرجة القول بأن يسوع هـو الله . وراح يكتب أن الكلمة تجسدت وسكنت فينا . لكن لم يجرؤ على تفسير بأي وسيلة لأنه لم يـذكر عبارة يسوع أو المسيح حينما يتكلم عن الله والكلمة . أنه يحاول أن يخـدعـنا بصورة ملـتوية غير واضحة وبالتـدريـج !(...).
· إن يوحنا يعـتبر أول مؤلف للشر ومنبع الأخطاء الجديدة التي أقـمتموها بإضافة العـديد من الإضافات الأخـرى إلى بـدعـة اليهودي المتوفي الـذي تعبدونه (...) .
· ألم يأمـر يسوع قـائـلاً :"لا تظنوا أني جئت لأنـقض النامـوس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمّـل "(متى:17:5) وبعـدها بقـليل يُضيف قـائـلاً:"فمن نقض إحـدى هـذه الوصايا الصغرى وعلــّم الناس هـكذا يـدعى أصغر في ملكوت السماوات"(19:5). وبما أن يسوع قـد أمـر تحديداً بالإلتزام بالشرع وأنه حــدد العـقـوبات بمخالفته وتعليم سواه ، وهـا أنتم أيها الجليليون وقـد نـقضـتم كل بنود الشـرع ، أي حجة يمكنكم تـقديمها تبريراً لذلك؟ فـلا يـوجـد سـوى أحـد أمـريـن : إما يسوع يكذب ولا يـقول الحق ، وإما إنكم مخالفـون للشرع غــدّارون".
ويـورد الباحث لويس بـرنـار (L.Bernard) في كتابه عـن "أبـوللـونيـوس الطـواني ويسـوع" (1977) تـوضيحاً لـوفـاة الإمبراطـور جـولـيان ، إذ يقول :"إن الإمبراطور جوليان ، الذي ألصق به المسيحيون عبارة "المرتد "، في القرن الرابع ،قـد توفى في الحرب إذ قتله أحـد جنود الفـرس ، وليس خيال يسوع كما يـزعـم المسيحيون الـذين وضعوا على لسانه أنه قـال وهـو يحتضر "لقـد إنـتصرت أيها الجلـيلي " .. لكن المنـتصر دائماً ما يُـعيد كتـابة التـاريـخ وفـقاً لهـواه ، وعـلينا أن نتذكر دوماً أنه طــوال الـقرون الوسطى ، كان الرهـبان وحـدهـم هـم حفظة التراث اليـونـاني – الـروماني الـذي أنقـذوه وهـم يبـدّلون ويعـدّلـون فيـه (صفحة 17).
ويا لها من صـورة جد مـريـرة مُهينه تـلك التي تـصاحب تكـوين الـديـانة المسيحية منـذ نشأتها ، وقد رأيتا عبر كل اؤلئك المؤرخون المشهود لهم فى التاريخ ، أن المسيحية الأولى وهى تتكون أطاح مؤسسوها بكل الوثائق الأخرى ولم بحتفظوا إلا بكل ما يتفق وما ينسجون ..

المراجع
Bernard, J. L. : Apollonius de Tyane et Jésus, R. Laffond 1977
Rougier, L. : La genèse des dogmes chrétiens, Albin Michel, 1972
Julien, l'Empereur : Discours contre les chrétiens, Frederic Voss, 1768



المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل صحيح أن علماء الإغريق القدامى مثل أرسطو اكتشفوا كيف يتم تكوين الجنين في بطن أمه؟ نور الإسلام هدي الإسلام 0 09-07-2013 03:36 PM
ملخص العقيده المسيحية نور الإسلام لاهوتيات 0 08-06-2013 09:05 AM
مصادر الأناجيل المسيحية مزون الطيب لاهوتيات 0 11-01-2012 02:25 PM
لماذا تركت المسيحية ؟؟ جمال الإسلام مناظرات وحوارات 0 10-01-2012 02:53 PM
رحلتي من المسيحية إلى الإسلام نور الإسلام لماذا أسلموا؟؟ 0 10-01-2012 11:51 AM


الساعة الآن 12:44 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22