صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > المقالات

أبو الدرداء: وتجربة معايشة فريدة 10 سنوات في ايران.!؟ الحلقة الثالثة

أبو الدرداء: وتجربة معايشة فريدة 10 سنوات في ايران.!؟ - رحلة الدخول لوكر الأفاعي واكتشاف حقيقة أسلمة جمهورية الدجل اللااسلامية - الحلقة الثالثة بدأ الشعور بالاحباط يتسلل الى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-06-2014 ~ 11:41 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي أبو الدرداء: وتجربة معايشة فريدة 10 سنوات في ايران.!؟ الحلقة الثالثة
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


معايشة, الثالثة, الحلقة, الدرداء:, ايران.!؟, سنوات, فريدة, وتجربة

أبو الدرداء: وتجربة معايشة فريدة 10 سنوات في ايران.!؟ - رحلة الدخول لوكر الأفاعي واكتشاف حقيقة أسلمة جمهورية الدجل اللااسلامية - الحلقة الثالثة

أبو الدرداء: وتجربة معايشة فريدة 10 سنوات في ايران.!؟ الحلقة الثالثة falahiya_79.jpg


بدأ الشعور بالاحباط يتسلل الى نفسي خلال الطريق الى الخفاجية، فأحاديث (المجاهدين) كانت تنم عن وضع غريب يعيشونه في ايران غير الذي تصوره وسائل الاعلام الايرانية. البيوت والقرى والمدن التي نمر بها أشبه بسكان العصر الحجري. رائحة المستنقعات تزكم الأنوف ، ونعيق الضفادع يعزف نشيد أستقبال على الطريقة الأيرانية. الشوارع معظمها أسفلتها مكسر. ملابس الناس فيها كثير من الرثاثة. الوجوه متعبة وتخفي ورائها مأساة عميقة، وحكايات مريرة. وبين هذه الصور أحسست بأننا أرخص سلعة في الوجود
الحلقة الثالثة:
نكمل ما بدأنا استكمالاً للحلقات التي تمّ عرضها عن تجربتي الفريدة في جارة السوء ايران..
وفي هذه الحلقة سنلقي الضوء على حقائق جديدة.. علّ المنخدع يبصر الحق.. وعلّ من اختار الغشاوة أن يرفعها ويرى النور.!؟.

عند فجر يوم صيفي حار انطلقت بنا سيارتان تويوتا نوع "لاندكروز" من مدينة الكحلاء في محافظة ميسان وفي كل سيارة منهما يجلس السائق ورجل آخر بجانبه، وقد علمت في ما بعد بأن هذين السائقين هما الذين يديران عملية العبور والتهريب الى ايران وهما اللذان كان قد رتب معهما (السيد) الأمور، حيث أنني لم أرهما ولم أعرفهما أو أي أحد من الذين معهما من قبل، وأما الباقون فقد سمعتهم يطلقون على الواحد منهم أسم "المكروجي" [ثلاث نقط تحت الجيم] أي الأجير بـ"كروه" والتي تعني "الأجرة" باللهجة العراقية الدارجة.
حيث أستقلت كل عائلة احدى السيارتين وقد تكدسنا فيهما تكديساً لأن عددنا كان أكبر مما تستوعبان، اضافة الى المؤونة والأمتعة التي كانت معنا. وفي مكان ما حيث توقفت السيارتان وجدنا ثلاثة أشخاص بانتظارنا ، حيث قالوا أن الطريق في هذه المرحلة يتطلب السير على الأقدام على أن يكون ذلك السير ليلا. فكمنّا بين الأحراش الى أن حل الظلام، وكل منا تساوره أفكار يغلب عليها الشك والقلق والخوف والترقب، فالذين يسيرون بنا لا نعرف عنهم شيئا الا أنهم أدلاء هدفهم المال ولا شيء غير المال، وفي مثل هذه الحالات عادة ما يكون مثل أولائك الأشخاص الذين يبيعون كل شيء من أجل ذلك الهدف الا وهو المال، وكثيرا ما تتغلب نوازع الشراهة والشر فيهم على نوازع الخير والضمير والأانسانية، فكان لابد لنا أن نعد هؤلاء الأدلاء بأمل الحصول على ثروة أكبر مما أعطيناهم أو بشيء يغريهم أو يصرفهم عما قد يدور في رؤوسهم من أفكار شريرة تجاهنا، فقد قلنا لهم بأن هنالك من أقاربنا ومعارفنا الكثير من العوائل الثرية التي ستطلب منكم ايصالهم الى ايران حالما نخبرهم بسلامة وصولنا الى هناك.

رجع السائقان اللذين يديرا العملية كلها واللذين أقلانا من مدينة الكحلاء بسيارتيهما وتركا الآخرين الذين تعارفا على الأشخاص الثلاثة الذين وجدناهم بأنتظارنا.
لقد كانت كل مرة ينزع بها هؤلاء الأدلاء بنادقهم "الكلاشنكوف" التي كانوا يعلقونها على أكتافهم فأن تلك اللحظات كانت تملأ قلوبنا بشعور أننا ربما سنتحول الى جثث هامدة على هذه الأرض السبخة التي لا يسمع فيها غير نعيق الضفادع وأصوات الطيور المائية.

سرنا الليلة كلها كاملة تقريبا تخللتها بعض الأوقات للاستراحة والطعام، والخيالات الجميلة التي كنا نقحم بها أفكارنا عنوة.
وعند بزوغ أول خيط من الفجر وجدنا أنفسنا على حافة بحيرة كبيرة "لا أذكر أسمها" وبانتظارنا أربعة أشخاص مسلحون ببنادق "الكلاشنكوف" أيضا ومعهم زورقان يبدوان من لونيهما والكتابة التي لا زالت مكتوبة عليهما أنهما عائدان الى الجيش العراقي، وكان فيهما بعض المؤونة كالطحين والتمر.

ركبنا الزورقين وقد حملنا فيهما المؤونة وقد تركنا الرجال الذين كانوا يرافقوننا على اليابسة والذين لابد أنهم متفقون مع من سينقلهم الى حيث يريدون. وعلى صوت الماء أذ تحركه الغراريف "المجاذيف" بدأت الأحاديث التي لا تعرف لها رأس أو أساس، وأنما تبعثها نشوة يشوبها الخوف والترقّب لا سيما وقد بدأ يتعمق في نفوسنا أن رحلتنا تسير بنجاح وأن هؤلاء الأدلاء يتعاملون معنا بمصداقية. قال لنا أحد الرجلين الذين يجذفان بمهارة: "ان شاء الله راح تخلصون من صدام"، فرددنا بأصوات متشابكة: لعنة الله ...أنه.. لقد دمر العراق.. لقد حارب المسلمين.. وقد ألححنا بالذم والتعريض شعورا منا بأن ذلك مما ترتاح له نفسيهما، كما أننا كنا فعلا لا نرى صدّاما "يرحمه الله تعالى" الا من خلال الأفكار الزائفة التي يزرعها الايرانيون في قلوب عموم الشيعة تجاه أي قائد أو حاكم عراقي أو عربي يرون فيه ملامح العروبة أو تتصف شخصيته بالطابع القومي أكثر من أي طابع آخر"بغض النظر عما في تلك الشخصية من سلبيات أو أيجابيات". وبعد ألحاحنا في الذم والتعريض وخروج معظمنا حتى على حدود الأدب واللياقة فقد نبضت في أحد الرجلين حمية العرب وشيمة العراق فقال بشيء من الحزم والحدة: "بس هوه زلمة تره" ويقصد صدّاما يرحمه الله " ولمن لا يعرفون اللهجة العراقية فأن معنى كلام الرجل هو أن صدام كان رجلا بمعنى الكلمة". فصرنا نخفف من الحديث بوتيرة متسارعة لنحوله الى مواضيع أخرى نختارها بدقة مما لا يحتمل أن تثير حفيظة الرجلين اللذين لا نرجو منهما الا أن يوصلانا الى أيران وحسب، وقد كنا نتبادل نظرات الأمل والمسرة مع عائلة (السيد) والتي تستقل الزورق الآخر الذي يقوده الرجلان الآخران كما صاحبينا بمهارة ونشاظ غير مكترثين بحرارة الشمس اللاهبة.
كانت المجاميع التي تنقلنا الى ايران دقيقة وحذرة في عملها، وطرقها تشبه المافيا. وصلنا الى اليابسة فأخرج الرجال الزورقين وحملاهما على أحدى سيارتي تويوتا أيضا ومن نوع "بيك أب" صغيرتان كانتا بالانتظار بينما تكدس معظمنا في السيارة الأخرى، أنطلقت بنا السيارتان ما يقارب الساعة حتى وصلنا الى بحيرة قالوا أن أسمها "أم نعاج" وقالوا بأنه بمجرد أجتيازها الى الضفة الأخرى فسوف نكون في الأراضي الأيرانية.
وضعوا الزورقين في البحيرة، وأنتظرنا على الساحل عدة ساعات حتى هدأت الرياح العاصفة التي كانت شديدة الى حد ما، حيث قال لنا الأدلاء أن هذه البحيرة لا تؤمن أمواجها وقد غرق فيها الكثير.
في حوالي العاشرة ليلا أنطلق بنا الزورقان بعد أن هدأت الرياح. كان يداعب مخيلتنا أننا سنكون عند الصباح في ايران، ايران التي كنت أحلم بها منذ نعومة أظفاري وأنا أستمع الى "دعاء الافتتاح" من الاذاعة الايرانية، ومنذ كنت أرى صور (الأئمة) في "البوسترات" المكتوب عليها"ساخت ايران".
وبعد ساعات من القلق والترقب والتعب والنعاس، وقد تعب الرجلان اللذان يقودان زورقنا وكذلك الآخران في الزورق الثاني. قال أحدهما : "لقد وصلتم ان شاء الله" و سوف يستقبلكم "المجاهدون في الوزارة"!.

تصورت أن في ايران وزارة خاصة ( بالمجاهدين)، ولكن تبين فيما بعد أن "الوزارة" هو أسم كان يطلق على منظمة مسلحة أصبح أسمها في ما بعد "مجاهدوا الثورة الاسلامية في العراق" وهي حالها حال جميع المنظمات والأحزاب التي تعمل لخدمة المشروع الأيراني في العراق، والتي لا يمكن أن تكون قياداتها وكوادرها الرئيسية الا من ذوي الأصول الأيرانية، وترتبط أرتباطا مباشرا بدائرة المخابرات الايرانية "الاطلاعات" أو "الحرس الثوري"، بينما عناصرها العاملة والتي تحمل السلاح وبكل مراتبها فانها من (العراقيين) الذين خانوا وطنهم وباعوا شرفهم وغدروا بأهليهم وارتضوا بأن يكونوا مطايا للفرس في تنفيذ مشاريعهم العنصرية في العراق أو في أي بلد من بلاد العرب والمسلمين.وقد كان هذا "التشكيل" بزعامة المدعو "أبو زينب الخالصي" وهو ايراني فارسي الأصل ومن الذين كانوا يعيشون في العراق من الفرس والذين تم تسفيرهم الى أيران.
وقعنا بالأحضان على (المجاهدين). أحضر أحدهم دفترا وقلما وأخذ يسأل كل منا ليصف له الأوضاع في العراق ورأي الشارع العراقي بما يجري من أحداث حيث كانت تداعيات العدوان الثلاثيني على العراق تطغى على الساحة وكان أهمها في ذلك الوقت الحصار الجائر والذي لا أحسب أن شعبا من شعوب العالم شهد عشر ذلك الحصار. قدم لنا أحد (المجاهدين) بعض أقراص الخبز والشاي والسكائر ومن ثم وزع علينا كتبا أذكر منها "تحرير الوسيلة" للخميني وكتاب أسمه "هذي هي الوهابية" وقد رسمت أفعى رقطاء مكشرة أنيابها على غلاف الكتاب.
كانت أكياس الطحين الأبيض والسكر والشاي والسكائر في زاوية "المقر" تثير في نفوسنا الكثير من الشراهة والفضول والتأمل والتساؤل.!؟

رأيت على بعد أمتار العلم الأيراني على سارية معدنية، فأستأذنت أحدهم للمشي قليلا حول المكان حيث أخذت العائلتان تغطان في نوم عميق في أحد الأكواخ المبنية "وكذلك المقر" من القصب والبردي، فقال: "أخذ راحتك بس لا تروح بعيد"، فصرت أمشي رويدا حتى وقفت تحت ذلك العلم الأيراني وأمرغ وجهي بساريته وأنا أبكي من شدة الفرح وأقبل السارية وأشكر الله الذي قيظ لي أن أقف في هذا المكان "المهيب وعلى هذه الأرض المقدسة" وتحت علم دولة الامام الحسين.! في مشهد يرثى له في دولة ما عادت حقيقة الأمر إلا الحسين وأتباعه.!؟
رأيت من بعيد سيارة "جيب" عسكرية، فمشيت مسرعا نحو المقر لانني لا أعرف كيف أتحدث الفارسية بعد، مع أنني كنت في أشد الشوق لرؤية أولائك الجنود الأيرانيين أو الأقتراب منهم. وقفت السيارة أمام باب المقر وترجّل منها ثلاثة عسكريين أحدهم كان ضابطا برتبة ملازم ثان "عرفته من موضع النجمة على كتفه"، والآخران كانا جنديان أحدهما يتكلم اللهجة العراقية.
سأل الضابط الأيراني ، (المجاهد العراقي) الذي هم باستقبالهم مشيرا الي بقوله: "أين وأون مردم كيا؟" ومعناها الذي عرفته في ما بعد: "من هذا وأولائك الذين هنالك؟، فأجابه (المجاهد) العراقي والذي يحسن الفارسية: "مجاهدان نو أز عراق" أي: مجاهدون جدد من العراق. أخذا يتحدثان قليلا وأنا أقف بجانبهم فصار الضابط يتحدث وهو يحرك عصاه التي يمسكها بيده فيتعمد أن يمس بها أنفي قبل أن يدوس ببسطاره على أطراف قدمي متظاهراً أنه لم يشعر أو يتعمد فعل أي من الحركتين. دخل (المجاهد المزعوم) الى داخل الكوخ وخرج وهو يحمل بيده أربعة أسماك كبيرة أعطاها له وقد بادر الذي يتحدث اللهجة العراقية بحملها. وقبل أن ينصرفوا ألتفت هذا الجندي الى (المجاهد) وسأله: ماكو فد أطّلاع جديد ؟ (خبر سري)؟ فأجابه راح يوصلّك ان شاء الله.! وعندما انصرفوا قال لي الرجل: سوف تذهبون غدا الى سوسنكرد " وهو الأسم الذي أطلقه الفرس على مدينة الخفاجية في أطار تفريس المناطق والمدن العربية.

وهكذا حصل فعلا، فقد نقلونا صباح اليوم التالي على متن شاحنة "لوري" مرسيدس من النوع الذي يطلق عليه العراقيون "أبو ردين" وقد علمت في ما بعد أن معظم المركبات "ان لم تكن جميعها" والتي جعلت في خدمة عملاء أيران كمنظمة بدر أو حزب الدعوة وغيرها فأنها مما سرقت في أوقات وظروف مختلفة من العراق وكان أبرزها أبان "صفحة الغدر والخيانة" أثناء انسحاب القوات العراقية من الكويت.. كان أختياري أن أجلس بقرب السائق مع رجل آخر وكلاهما عراقيان ويرتديان بدلات عسكرية.
وعلى طول الطريق من ساحل بحيرة أم نعاج الى الخفاجية، شعرت وكأن الحرب لا زالت قائمة! فالأيرانيون لم يزيلوا أي من آثار الحرب.. دبابات معطوبة، مدافع محطمة، سيارات محترقة، قذائف منفجرة وأخرى لم تنفجر، ظروف فارغة، بذلات ممزقة، أحذية متناثرة، وكأن معركة ضارية قد وقعت قبل يوم على الأبعد.
وعلى الطريق توقفنا في مكان ما، فقالوا أن ذلك "للزيارة"، دخلنا من بوابة كبيرة فرأيت أمام البوابة لوحة كبيرة مكتوب عليها:[ فأخلع نعليك أنك بالواد المقدس].!! وعندما اجتزنا البوابة التي على جانبيها نقطتي حراسة وجنود مسلحون، أخذ ما يسمى (المجاهدون) يعرفوننا بالمكان الذي يبدو أنهم قد (زاروه) عدة مرات، فقالوا أنه المكان الذي قتل فيه الجنود العراقيون مواطنين ايرانيين عزل عند دخول العراقيين الى الأراضي الأيرانية في كذبة الهدف منها تشويه الجيش العراقي البطل. ولقد تم تمثيل واقعة مروعة بما يشبه عملية الاعدام الجماعي والتمثيل بالقتلى وبشكل بشع للغاية على شكل دمى ومجسمات بحرفية تامة وكأنها واقعية كما هي تمثيلياتهم التي يصوغونها بذكر استشهاد الحسين رض الله عنه..!؟.

أقترب منا "السادن" وهو رجل معمم يتكلم العربية بلكنة فارسية ليشرح الواقعة، ثم أقمنا خلفه الصلاة والدعاء والزيارة وكانت تشبه عندنا زيارة عاشوراء أو أي من الزيارات التي تقرأ عادة في الحسينيات، وقد ختمها "السادن" بالقول: " اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن في هذه الساعة وفي كل ساعة....ألخ".
وعند خروجنا من "الوادي المقدس" سألت أحد (المجاهدين) الذين يرافقوننا ببراءة أيمانية فيها الكثير من التصنّع لأبدو أكثر ملائمة كشخصية (جهادية): لماذا لم يزيلوا آثار الحرب لحد الآن رغم مرور كل هذه السنين؟!
فقال (المجاهد) بطريقة تجمع بين الجد والتأكيد وما بين الفكاهة المصطنعة: "حتى لا تنسى الأجيال القادمة ما صنعه صدام وجنوده بالأيرانيين الأبرياء"، ثم أعقب كلامه بضحكة باهتة، وملاطفة فجة.!؟ وهذا أكبر ما يشير إلى أن هؤلاء يرضعون أطفالهم الحقد منذ الصغر، كما فعلوا بشيعتهم.. كي تنشأ أجيال لا همّ لها سوى الانتقام..

بدأ الشعور بالاحباط يتسلل الى نفسي خلال الطريق الى الخفاجية، فأحاديث (المجاهدين) كانت تنم عن وضع غريب يعيشونه في ايران غير الذي تصوره وسائل الاعلام الايرانية. البيوت والقرى والمدن التي نمر بها أشبه بسكان العصر الحجري. رائحة المستنقعات تزكم الأنوف ، ونعيق الضفادع يعزف نشيد أستقبال على الطريقة الأيرانية. الشوارع معظمها أسفلتها مكسر. ملابس الناس فيها كثير من الرثاثة. الوجوه متعبة وتخفي ورائها مأساة عميقة، وحكايات مريرة. وبين هذه الصور أحسست بأننا أرخص سلعة في الوجود.
وصلنا الخفاجية في منتصف النهار تقريبا، فأخذونا الى زريبة في أطراف المدينة، وفي قرية بيوتها متناثرة حيث أنزلوني وعائلتي أمام بيت مهجور، بينما قال (السيد) الذي اتفقت معه في العراق بأنه سيسكن مع أقاربه في مركز مدينة الخفاجية ثم ألتفت الي وقال: (أشوفك أن شاء الله) ، فذهب الجميع ولم أر (السيد) من حينها والى يومنا هذا.
بدأنا نشعر بالخوف والحيرة والألم، فليس لدينا في هذه الزريبة أية بطانيات أو حتى بساط نفترشه أو أدوات للطبخ أوالغسل، لا ماء ولا طعام سوى أن [ زادنا وزوادنا في الخميني غرام في غراااااااااااام] "على رأي فريد الأطرش". ولكن من حسن الحظ أن الوقت كان الصيف، فالحر يمكن تحمله رغم البعوض الذي كان يبقينا مستيقظين حتى الصباح، وكذلك أهل القرية كلهم عرب خوزستانيون "الأحوازيون يسمون هناك بالخوزستانيين" وقد قدموا لنا كل المساعدة وذلك من شيمهم العربية التي لم ولن يستطع الفرس محوها أو أزالتها الى أبد الآبدين، وعلى الرغم من أن الأحوازيين لا يحبون الذين يعادون صدام حسين "يرحمه الله".
أخذ يأتينا بين الفينة والفينة أحد المعممين العراقيين ليسجل أسمائنا وبعض المعلومات عنا ثم يدفع لنا بضعة تومانات لا تكفي لسد وجبة طعام واحدة وكل ذلك بعد طول الأسئلة والاستفسارات المملة والتي كانت تنم عن تعمدهم ذلك ليعلقوننا بالأمل والرجاء بأحسن الحال ثم يتركوننا في شدة المعاناة وشظف العيش وينصرفون عنا حتى بدون كلمة "في أمان الله أو مع السلامة".

وذات يوم جاءنا أحد العراقيين وقال أنه من جماعة السيد الحكيم وسوف يأخذنا الى وكيله للمقابلة والأنخراط في قوات بدر.!؟ لم يأخذنا ألى بيت وكيل (الحكيم) لنقابله وأنما الى بيت يسكن فيه والده. كان البيت فارها ومؤثثا بأحسن الأثاث وفيه كل وسائل الترف، وكان البيت في حي من أحياء مدينة الخفاجية أسمه "المشروطة". ولقد عرفنا فيما بعد أن والد وكيل الحكيم هذا كان يمارس السحر والشعوذة (والطب الشعبي) والرذيلة رغم سنه الذي يزيد على الستين سنة ورغم أنه متزوج من أمرأة عمرها حوالي العشرين سنة، وكانت أيرانية "فارسية" قد تكون قبلت هي وأهلها بزواجها منه لكونها كانت "خرساء" ولمكانته هو في الدولة الأيرانية وجاهه وغناه.
كانت تأتي هذا "الملا" كما كان يعرف هناك بعض النساء الأحوازيات "وحيث أن المجتمع كله يغلب عليه الجهل والبساطة" لحل مشاكلهن الأجتماعية. وذات مرة أكتشف أحد الرجال الأحوازيون وشماً تحت سرة زوجته. وبعد أن تقصى الحقيقة وأعترفت له الزوجه بأن هذا (العراقي) هو الذي عمل لها الوشم لكونها كانت مريضة وقد أخبرها بأنه لا شفاء لها من دون ذلك الوشم مما اضطرها أن توافق وتخفي ذلك عن زوجها.!؟ فقررالزوج الأنتقام من هذا المشعوذ والذي كان يطلق عليه المتنفذون في فيلق بدر حاله حال آباء المجرمين من الآباء الخونة بأبي المجاهدين!. ولكنه كان قد عرف بانكشاف أمره للزوج والذي تقف وراءه عشيرة لها سمعتها وكرامتها حالها حال العشائر العربية في الأحواز "خوزستان" والتي يحسب لها في مثل أمور الشرف هذه خاصة ألف حساب، ففر هذا (الملا) الى محافظة كرمانشاه البعيدة جدا عن الخفاجية خوفا من الأنتقام.
المهم أننا قابلنا وكيل "السيد الحكيم" وبرغم الخواتم "المحابس" التي يتختم بها والهيئة المتواضعة التي يبدو عليها، والطريقة التي توحي للوهلة الاولى بالأدب (صنعة) التي يتحدث بها فانه كانت نظراته وفلتات لسانه وخروجه اللا أرادي عن أدب الحديث تنبأ بنفس شريرة لا تطمأن لها النفوس.
أتفقنا أن يأتينا غدا صباحا ليأخذنا بسيارة ما يسمى (المجاهدين)، وفي الصباح الباكر.. وقفت أمام الزريبة التي كنا نسكن فيها سيارة "تويوتا كوستر" بلون "كاكي" يبدو كأنها من سيارات العراق حيث لم نر في ايران في ما بعد هذا النوع من السيارات لتأخذنا الى أحد مقرات منظمة بدر أو بالأحرى "منظمة غدر" الأيرانية المنشأ والتمويل والأهداف والقيادة.!؟
ماذا حصل هناك..!؟ هذا ما سنكمله في الحلقة الرابعة إن شاء الله..

المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معايشة, الثالثة, الحلقة, الدرداء:, ايران.!؟, سنوات, فريدة, وتجربة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أبو الدرداء: وتجربة معايشة فريدة 10 سنوات في ايران.!؟ الحلقة الثانية نور الإسلام المقالات 0 26-06-2014 11:40 AM
أبو الدرداء وايران كما رأيتها.!؟ الحلقة الأولى نور الإسلام المقالات 0 26-06-2014 11:36 AM
الصحابي أبو الدرداء رضي الله عنه نور الإسلام هدي الإسلام 0 26-04-2013 04:19 PM
الحلقة الثالثة ::: شبهة الرسول من كندة :: الجزء الثانى مزون الطيب هدي الإسلام 0 11-01-2012 06:42 PM
الحلقة الثالثة ::: شبهة الرسول من كندة :: الجزء الاول مزون الطيب هدي الإسلام 0 11-01-2012 06:41 PM


الساعة الآن 08:54 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22