صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > المنتديات المسيحية > لاهوتيات

لاهوتيات دراسات حول الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي

التثليث عند آباء الرسوليين

من كتاب عقائد المسيحية المبكرة تلخيص ابن أويس القرني أقدم الكتاب المسيحيين الذين ينبغى أن نوليهم اهتمامنا هم الآباء الرسوليون , و

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-01-2012 ~ 11:49 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي التثليث عند آباء الرسوليين
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


من كتاب عقائد المسيحية المبكرة

تلخيص ابن أويس القرني



أقدم الكتاب المسيحيين الذين ينبغى أن نوليهم اهتمامنا هم الآباء الرسوليون , و الذين يظهرون كشهود للإيمان التقليدى أكثر منهم كمفسرين يجاهدون ليفهموه . على الرغم من أن أحكامهم عادة ما تكون جزئيه و ساذجه , إلا أنهم يؤسسون لبصيرة نافعه عن الخطوط التى من خلالها نمى العقل الباطن للكنيسه , و هذه البصيره مهمة جدا لأن الآباء الرسوليين لم يكونوا يشكلون مجموعة متجانسه , بل كانت لهم اتجاهات مختلفه .


نحصل على القليل من الأول منهم , أى إكليمندس الرومانى , إنه يربط بين الثلاثه فى قسم " طالما عاش الله و عاش الرب يسوع , و الروح القدس " , و مرة أخرى فى السؤال " أليس لنا إله واحد , و مسيح واحد , و روح نعمة واحدة تنسكب علينا ؟ " . بالنسبة للمسيح , يعتبر وجوده السابق قبل التجسد أمرا مسلما به , بما أنه هو من تحدث من خلال الروح فى المزامير , و الذى هو " صولجان الفخامه " , أى الأداه التى من خلالها مارس الله سيادته على الدوام , و هو أيضا " الطريق الذى من خلاله وجدنا الخلاص , و الكاهن الأكبر لتقدماتنا " , و الذى من خلاله " ننظر الى شواهق السماء " . و يعتبر إكليمندس أن الروح القدس قد أوحت لأنبياء الله فى كل العصور , بنفس الدرجه لكتبة العهد القديم كما له .و لكنه يبدو غافلا عن مشكلة علاقة الثلاثه ببعضهم البعض .







ل " رسالة إكليمندس الثانيه " و " رسالة برنابا " ميزاتهما الخاصه . تبدأ الأولى بنصيحة للقراء أن " يفكروا فى يسوع المسيح كإله , و كقاض على الأحياء و الأموات , فهو مخلصنا " و من خلاله " عرفنا آب الحقيقه " . فى فصل لاحق يعرض المؤلف مفهومه بجلاء عن علاقة المسيح بالآب قائلا " أن أول الأرواح هو المسيح الرب الذى خلصنا , قد صار جسدا و دعانا " . من الواضح من خلال استخدامه لهذه اللغه أنه لم يكن - كما قد يغرى المرء أن يستنتج – يخلط بين الإبن و الروح القدس , لأنه فى مكان آخر يتحدث عن الأخير بأنه الكنيسة الروحيه التى لها وجود سابق , و من الواضح أنه يميز بينها و بين المسيح ذى الوجود السابق . و بالتالى فعلى الرغم من غموض فكره , إلا أنه يبدو أنه يعترف بثلاثه هم الله الأب , و المسيح الذى كان روحا و صار جسدا , و الروح القدس التى يعتبرها الكنيسة المقدسه و أما للمؤمنين .


هناك لمحات أخرى عن استخدام ذى مستويين ل " الروح " نجده فى رسالة برنابا , أحيانا يشير بشكل تقليدى الى الروح على أنها توحى للأنبياء و أنها أعدت مسبقا أولئك الذين دعاهم الله , و لكنه يتحدث أيضا عن جسد المسيح على أنه " وعاء الروح " , ربما يشير بالكلمه الى الطبيعه الروحيه للعنصر الإلهى فى الرب ,


و الشىء الرئيسى فى لاهوته – على الرغم من ذلك – هو الأهمية التى تنسب لوجود المسيح السابق . إنه هو من تعاون مع الله الآب وقت الخلق ( الكلمات " لنصنع انسانا على صورتنا " قيلت له ) , لقد تحدث مع موسى , و قبل التجسد تلقى تفويضا من الله الآب , إنه " رب كل العالم " , و إنه مجده أن " تكون كل الأشياء فيه و به " .


إن أغناطيوس الأنطاكي و هرماس أكثر وضوحا , على الرغم من الإختلاف الكبير بين أسلوبيهما . لقد كان المسيح هو المركز فى فكر أغناطيوس . صحيح أنه وضع الروح القدس فى مكان مناسب , فقد كان المبدأ للحمل العذرى بالرب , و قد أسس المسيح و أكد من خلاله على ضابطى الكنيسه , لقد كان العطيه المعطاه من المخلص , و قد تحدث من خلال أغناطيوس نفسه .


يضاف على ما سبق أن الصيغه التثليثيه ترد ثلاث مرات على الأقل فى رسائله , و المثال الأبرز من بينها هو تشبيه رائع يشبه المؤمن بالأحجار التى تكون الهيكل الذى يبنيه الله الآب , و صليب المسيح هو الرافعه التى ترفعها , و الروح القدس هو الحبل . و أكثر من ذلك جدا – على الرغم من ذلك – يتحدث عن الله الآب و يسوع المسيح معلنا أن " هناك إله واحد الذى أعلن نفسه من خلال ابنه يسوع المسيح , الذى هو كلمته التى خرجت من الصمت " . المسيح هو " فكر " الآب , و الفم غير الكاذب الذى يتحدث به الآب بصدق . بل و يعلن أغناطيوس أنه " إلهنا " و يصفه بأنه " الله المتجسد " , و " الله الذى ظهر كإنسان " . لقد كان متحدا بالروح مع الآب . فى وجوده السابقلم يكن محدثا ( المصطلح التقنى المخصص لتمييز الله غير المخلوق عن مخلوقاته ) , كان خالدا غير منظور و غير محسوس و ممتنعا على الألم , الذى من أجلنا دخل الزمان و صار منظورا و محسوسا و قابلا للتألم . إن بنوته الإلهيه يعود تاريخها الى وقت التجسد .


فى ضوء هذه اللغه , استنتج أحيانا أنه على الرغم من ترديد أغناطيوس للصيغه التثليثيه التى صارت رسمية من خلال صيغة التعميد , إلا أنه كان يقول ب " التثليث التدبيرى " , أى أنه اعتبر الله جوهرا غير متميز فى وجوده الأساسى , و أن الإبن و الروح مجرد أشكال أو طرق يعلن بها الآب ذاته , تتميز عنه فقط أثناء عملية الإعلان , و لكن الفحص الأدق يظهر كيف أن هذا التفسير مضلل فى التعبير عن فكر أغناطيوس .


لا بد أن نلاحظ أن الإنجيل الرابع قد حفل بهذا , و أن تأكيده الشديد على وحدة المسيح مع الآب تعكس هذه النصوص اليوحناويه 1-1 , 10 – 30 , 14 – 9 , 17 – 5 .



فى تعقبه لبنوته الإلهيه وصولا الى حمله فى رحم مريم , كان بكل بساطة يعيد انتاج شيئا مألوفا ل " لاهوت ما قبل العلامة أوريجانوس " , و لم تكن الفكرة تحمل أو يراد لها أن تحمل الإنكار لوجوده السابق . في حدود كلامنا عن أغناطيوس , نراه يؤكد بوضوح على " أنه وجد مع الآب قبل الدهور " , و أنه " أتى من الآب الفريد , كان معه و قد عاد إليه ". إن عبارات مثل هذه تشير الى تمايز حقيقى كما تشير أيضا الفقرات التى يقارن فيها علاقة الشمامسه بالأسقف , أو علاقة الكنيسه بالأسقف , بعلاقة المسيح بالآب .



هناك نصوص أخرى متعدده تقترح أن استقلاله بالقياس الى الآب لم يكن مقصورا على زيارته الدنيويه , مثل (أ) صيغ التحيه و الوداع الوارده فى الرسائل (ب) طلب أغناطيوس ممن يتلقون رسائله أن يوجهوا صلواتهم نحو يسوع المسيح . و لكن اللمحه الوحيده التى يعطيها بخصوص طبيعة هذا التمايز داخل وحدة الروح الإلهيه هى أن المسيح هو " فكر " الآب .




يتغير الجو بكامله عندما نذهب الى هرماس , الذى شغل نفسه بالتوبه و السياده لله الخالق الواحد , و الذى لم يذكر اسم يسوع فى أى مكان , و ناقش شخصه فى اثنين فقط من " مشابهاته " . الأول منهما مثل يبدو جليا أنه صمم على طراز المثل الإنجيلى , و الذى يخبر عن قصة مالك أرض عهد بمزرعته أثناء غيابه الى خادمه , و سُرَّ عند عودته بطريقة إدارته لها , و بعد التشاور مع " ابنه الحبيب و وريثه " قرر أن يجعله " وريثا شريكا " مع ابنه . و يشرح هرماس أن مالك الأرض هو الخالق و أن العقار هو العالم و أن الخادم هو ابن الله و أن " الإبن المحبوب " لمالك الأرض هو بالتالى الروح القدس . لاحقا و بما أنه يبدو أن ابن الله قد أنزل منزلة قليلة الشأن جدا , نراه يعدل فى تفسيره . من الواضح أن الخادم لم يكن – كما قد يفهم من التعليق الأول – مجرد إنسان , و لكن الله جعل " الروح القدس ذا الوجود السابق " يسكن فيه , و لأن جسده قد تعاون برغبة شديدة و بنجاح شديد مع هذه الروح الإلهيه , فقد رقاه الله ليكون " شريكا مع الروح القدس " .




فى الموضع الثانى من مشابهاته , حيث يصف الكنيسه فى شكل برج مبنى على صخرة راسخه , يوصف ابن الله مرة أخرى بالروح القدس ( الروح القدس التى تكلمت معك فى صورة الكنيسه هى ابن الله ) , و يصوره هرماس على أنه مولود قبل العالم , و مستشار الله فى عمله الإبداعى , و عمود كل الخلق , و الذى ظهر فى هذه الايام الأخيره .



من الواضح أن هرماس يتصور ثلاث شخصيات متمايزه , هم السيد أى الله الآب , و " ابنه المحبوب " أى الروح القدس , و الخادم أى ابن الله يسوع المسيح . على الرغم من ذلك فإن هذا التمايز بين الثلاثه يبدو أنه يعود الى وقت التجسد , لأنه قبل الوجود يوصف ابن الله بأنه الروح القدس , و بالتالى يبدو أنه كان هناك شخصين إلهيين فقط قبل التجسد هما الآب و الروح . أما الثالث المخلص أو الرب فقد رفع الى رفقتهما كمكافأة على مزاياه , و قد تعاون بنبل مع الروح ذى الوجود السابق التى سكنت فيه .



و بالتالى فإن لاهوت هرماس مزيج من الثنائيه binitarianism و البنويه adoptionism , على الرغم أنه قام بمحاولة ليتوافق مع الصيغه التثليثيه التى تقبلها الكنيسه . و ما يزيد لاهوته تعقيدا أيضا هو أننا نجد عنده مجموعة مختلفة تماما من الأفكار . ففى عدة فقرات نقرأ عن ملاك أعلى مقاما من ستة ملائكه آخرين يشكلون المجلس الداخلى لله , و الذى يوصف بانتظام بأنه " الأكثر احتراما " و " القدوس" و " الممجد " . هذا الملاك يعطى اسم " ميكائيل " , و من الصعب أن نتجنب النتيجة بأن هرماس رأى فيه ابن الله و ساواه برئيس الملائكه ميكائيل . كلاهما على سبيل المثال له قوة عظيمه فوق شعب الله , و كلاهما يعلن الحكم على المؤمنين , و كلاهما يسلمان الخطاه الى ملائكة التوبه ليصلحوهم .




إن الدليل الذى نجمعه من الآباء الرسوليين ضئيل , و غير حاسم بشكل مثير , و لكن ينبغى أن نلاحظ أن الوجود السابق للمسيح كان أمرا مسلما به عموما , و كذلك دوره فى الخلق و فى الخلاص . هذه الفكره التى قد تشير الى نظيراتها البولسيه و اليوحناويه تتواءم بسهولة مع وظائف الخلق التى تعزى الى " الحكمه " فى اليهوديه المتأخره . إن النظريه القائله بأن العنصر الإلهى فى يسوع كان روحا ذا وجود سابق كانت منتشرة جدا , و أمكن أن تأخذ صورا متنوعه . هناك أيضا دليل كما لاحظنا فى الفقرة السابقه على محاولات لتفسير المسيح بأنه نوع من الملك العلوى supreme angel , و هنا ندرك بوضوح تأثير علم الملائكه اليهودى Jewish angelology . أما عن عقيدة التثليث بمفهومها الدقيق , فلا يوجد أى اشارة بالطبع , على الرغم أن الصيغه التثليثيه للكنيسه قد تركت أثرا فى كل مكان .


_____________

المصدر :

EARLY CHRISTIAN DOCTRINES

BY

J. N. D. KELLY

صفحة 90 - 95



المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التثليث عند آباء الرسوليين نور الإسلام لاهوتيات 0 11-08-2012 11:15 AM
التثليث والألوهية نور الإسلام لاهوتيات 0 02-08-2012 11:08 AM
تفنيد عقيدة التثليث نور الإسلام لاهوتيات 0 17-01-2012 07:38 PM
نقد عقيدة التثليث مزون الطيب لاهوتيات 0 11-01-2012 02:47 PM
آراء آباء الكنيسة في الجزية نور الإسلام لاهوتيات 0 09-01-2012 12:05 PM


الساعة الآن 07:54 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22