صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > أبواب الدعوة > خطب إسلامية

خطب إسلامية من خطب الدعاة وعلماء الدين والشيوخ الصالحين

السندات الربوية وحرب جديدة

اسم الخطيب من شقاء الإنسان الربح المزيف مفتاح السعادة فَلَم يَكَدْ مُجتَمَعُنَا يَستَفِيقُ مِن خَسَارةِ الأَسهُمِ القَاصِمَةِ وَطَامَّةِ المُضَارَبَاتِ الكُبرَى، وَلم يَكَدْ يَبرُدُ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-05-2013 ~ 04:29 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي السندات الربوية وحرب جديدة
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


اسم الخطيب عبد الله بن محمد البصري

من شقاء الإنسان
الربح المزيف
مفتاح السعادة
فَلَم يَكَدْ مُجتَمَعُنَا يَستَفِيقُ مِن خَسَارةِ الأَسهُمِ القَاصِمَةِ وَطَامَّةِ المُضَارَبَاتِ الكُبرَى، وَلم يَكَدْ يَبرُدُ ظَهرُهُ مِن ضَربِ أُولَئِكَ المَفتُونِينَ لَهُ بما يُسَمَّى بِنِظَامِ التَّأمِينِ التِّجَارِيِّ، حَتى فُوجِئَ بِإِقرَارِ هَيئَةِ المَالِ لِدَاهِيَةٍ أَعظَمَ وَمُصِيبَةٍ أَطَمَّ، تِلكُم هِيَ السَّنَدَاتُ الرِّبَوِيَّةُ، الَّتي أُقِرَّت مُؤَخَّرًا في السُّوقِ المَحَلِّيَّةِ




فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأكُلُوا الرِّبَا أَضعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ * وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ في السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ) [آل عمران:130 - 134].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: مِن شَقَاءِ الإِنسَانِ فَردًا وَمُجتَمَعًا وَدَولَةً، أَن يَرَى المَثُلاتِ تَحُلُّ بِمَن حَولَهُ، وَيَلمَسُ العُقُوبَاتِ تَنزِلُ عَن يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، مَعَ عِلمِهِ بِأَسبَابِ حُلُولِهَا وَدَوَاعِي نُزُولِهَا، ثم تَرَاهُ لا يَقنَعُ حَتى يَخُوضَ غِمَارَ المَعَاصِي المُضنِيَةِ، وَلا يُصَدِّقُ حَتى يَذهَبَ في طُرُقِهَا المُلتَوِيَةِ، لِيَتَجَرَّعَ نَتِيجَةَ عِنَادِهِ بَعدَ ذَلِكَ ثِمَارًا مُرَّةً، وَيَتَلَقَّى مَحَصَّلَةَ إِصرَارِهِ ضَربَاتٍ قَاسِيَةً أَو قَاضِيَةً، بَعدَ أَن يَكُونَ قَد أَضَاعَ وَقتَهُ وَأَنهَكَ قُوَّتَهُ، بَل وَفَقَدَ دِينَهُ وَأَذهَبَ قِيَمَهُ، وَفَسَدَت أَخلاقُهُ وَضَاعَت مُثُلُهُ.

وَكُلُّ كَسرٍ فَإِنَّ الدِّينَ يَجبُـرُهُ *** وَمَا لِكَسـرِ قَنَاةِ الدِّينِ جُبرَانُ
وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخلاقُ مَا بَقِيَت *** فَإِن هُمُ ذَهَبَت أَخلاقُهُم ذَهَبُوا

وَفي الوَقتِ الَّذِي مَا زَالُ العَالَمُ فِيهِ مَحمُومًا مِن آثَارِ نَكسَتِهِ المَالِيَّةِ وَانهِيَارِ اقتِصَادِهِ، نَرَى في دِيَارِ الإِسلامِ وَمَعقِلِ العَقِيدَةِ وَمَوئِلِ الهُدَى -مَن أَعمَاهُمُ الطَّمَعُ وَأَصَمَّهُمُ الجَشَعَ- ( يُفتَنُونَ في كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَو مَرَّتَينِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُم يَذَّكَّرُونَ ) [التوبة:126].

فَلَم يَكَدْ مُجتَمَعُنَا يَستَفِيقُ مِن خَسَارةِ الأَسهُمِ القَاصِمَةِ وَطَامَّةِ المُضَارَبَاتِ الكُبرَى، وَلم يَكَدْ يَبرُدُ ظَهرُهُ مِن ضَربِ أُولَئِكَ المَفتُونِينَ لَهُ بما يُسَمَّى بِنِظَامِ التَّأمِينِ التِّجَارِيِّ، حَتى فُوجِئَ بِإِقرَارِ هَيئَةِ المَالِ لِدَاهِيَةٍ أَعظَمَ وَمُصِيبَةٍ أَطَمَّ، تِلكُم هِيَ السَّنَدَاتُ الرِّبَوِيَّةُ، الَّتي أُقِرَّت مُؤَخَّرًا في السُّوقِ المَحَلِّيَّةِ.


وَالسَّنَدَاتُ لِمَن لا يَعلَمُ حَقِيقَتَهَا -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- هِيَ وَسِيلَةٌ مِن وَسَائِلِ التَّموِيلِ الرِّبَوِيِّ الصَّرِيحِ، فَإِذَا احتَاجَت جِهَةٌ حُكُومِيَّةٌ أَو تِجَارِيَّةٌ إِلى اقتِرَاضٍ رِبَوِيٍّ، فَمِن طُرُقِ ذَلِكَ أَن تُصدِرَ سَنَدَاتِ دَينٍ بِقِيمَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلسَّنَدِ الوَاحِدِ، وَيَكُونَ لَكُلِّ سَنَدٍ فَائِدَةٌ دَورِيَّةٌ، ثم يَتَحَوَّلَ ذَلِكَ الدَّينُ في سُوقِ المَالِ إِلى سِلعَةٍ تُبَاعُ وَتُشتَرَى وَيَتَدَاوَلُهَا التُّجَّارُ، الَّذِينَ عَادَةً مَا يُفَضِّلُونَ تَدَاوُلَهَا عَلَى أَسهُمِ الشَّرِكَاتِ؛ لِضَمَانِهِمُ الرِّبحَ فِيهَا وَلِقِلَّةِ المُخَاطَرَةِ، بِخِلافِ الأَسهُمِ الَّتي يَدُورُ التَّعَامُلُ فِيهَا بَينَ الرِّبحِ وَالخَسَارَةِ...


وَلَقَد أَجمَعَ العُلَمَاءُ الرَّاسِخُونَ وَالفُقَهَاءُ المُعتَبَرُونَ، وَأَكَّدَت المَجَامِعِ الفِقهِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ عَلَى حُرمَةِ التَّعَامُلِ بِالسَّنَدَاتِ الرِّبَوِيَّةِ؛ لأَنَّهَا تَحتَوِي عَلَى الرِّبَا المُحَرَّمِ بِنَصِّ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بَل لاجتِمَاعِ الرِّبَا فِيهَا بِنَوعَيهِ الفَضلِ وَالنَّسِيئَةِ، فَرِبَا الفَضلِ في الزِّيَادَةِ لِلمُقرِضِ، وَرِبَا النَّسِيئَةِ في عَدَمِ التَّقَابُضِ.


أَيُّهَا المُسلِمُونَ: هَا هُم عُقَلاءُ العَالَمِ يُطَالِبُونَ بِإِلغَاءِ الرِّبَا وَالتَّخَلُّصِ مِنهُ إِلى غَيرِ رَجعَةٍ، وَهَا هُم يَدعُونَ إِلى اعتِمَادِ النِّظَامِ المَصرِفِيِّ الإِسلامِيِّ، وَهَا هُم يُنَادُونَ بِأَن تَكُونَ الفَائِدَةُ صِفرًا، مُؤَكِّدِينَ أَنَّ مَا حَلَّ بهم مِن أَزَمَاتٍ وَنَكَبَاتٍ، وَأَنَّ مَا ذَاقُوهُ مِن ضَائِقَاتٍ مَالِيَّةٍ وَمَا وَاجَهُوهُ مِن مُشكِلاتٍ اقتِصَادِيَّةٍ - إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ الرِّبَا وَالمُعَامَلاتِ المُحَرَّمِ مِثلُهَا في الإِسلامِ؛ وَمِنهَا تَدَاوُلُ مِثلِ هَذِهِ السَّنَدَاتِ المَشؤُومَةِ عَلَيهِم، وَالَّتي مَا كَانَت إِلاَّ فُقَاعَاتٍ مَا لَبِثَت أَن تَفَجَّرَت عَن هَبَاءٍ طَارَ بِهِ الهَوَاءُ، وَمَعَ هَذَا فَمَا زَالَ مَجَانِينُ العَرَبِ وَفَسَقَةُ المُسلِمِينَ في سَكرَةِ التَّقلِيدِ يَعمَهُونَ، وَفي عَدوَى التَّبَعِيَّةِ يَتَخَبَّطُونَ، وَفي كُلِّ يَومٍ في حَمأَةٍ لِلفَسَادِ يَرتَكِسُونَ، وَلِلحَربِ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ يُعلِنُونَ.


فَوَا عَجَبًا! كَيفَ يُقِرُّ عَاقِلٌ مَا يَضرِبُ بِهِ اقتِصَادَ بَلَدِهِ، وَيَرزَأُ بِهِ أَهلَهُ وَإِخوَانَهُ؟! بَلْ كَيفَ يُعلِنُ مُسلِمٌ حَربَ رَبِّهِ وَرَسُولِهِ؟!


لََقَد صَاحَ العُلَمَاءُ وَحَذَّرَ العُقَلاءُ، وَبَيَّنُوا أَنَّ مَا أَصَابَ النَّاسَ مِن قِلَّةِ ذَاتِ اليَدِ وَكَثرَةِ الدُّيُونِ وَذَهَابِ البَرَكَاتِ إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ وُلُوغِهِم في التَّعَامُلاتِ المَشبُوهَةِ وَخَوضِهِم في الأَسهُمِ المُختَلَطَةِ وَأَكلِهُمُ الحَرَامَ؛ فَكَيفَ سَتَكُونُ حَالُهُم وَقَد أُقِرَّ لهم صَرِيحُ الرِّبَا الَّذِي لا مِريَةَ فِيهِ وَلا شُبهَةَ؟!


كَيفَ وَقَد أُعلِنَتِ الحَربُ الَّتي لا غِطَاءَ عَلَيهَا وَلا سِتَارَ؛ فيَا لَخَيبَةَ مَن ( جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِم وَعَصَوا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) [هود:59].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ: قَد لا يَكُونَ مِنَّا الآنَ أَحَدٌ وَاقِعًا في هَذِهِ الوَرطَاتِ، وَقَد يُوجَدُ مِن أُولَئِكَ قِلَّةٌ لا تُذكَرُ، لَكِنَّ مِنَ كَيَاسَةِ المُؤمِنِ وَحَزمِهِ وَفِطنَتِهِ أَن يَنتَبِهَ لما فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيهِ قَبلَ وُقُوعِهِ، أَمَّا وَقَد ذَاقَ مِن بَذرِ الرِّبَا أمَرَّ الثَّمَرَاتِ، وَلُدِغَ مِنَ الجُحرِ نَفسِهِ أَشَدَّ اللَدَغَاتٍ - فَمَا لَهُ ثَمَّ مِن عُذرٍ في العَودَةِ إلى ذَلِكَ البَذرِ، أَوِ العَبَثِ بِذَلِكَ الجُحرِ، وَإِلاَّ كَانَ أَحمَقَ سَفِيهًا جَاهِلاً!


أَلا فَلْنَنتَبِهْ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- فَقَد يَرَى بَعضُنَا أَحَدًا ممَّن تَعَامَلَ بِهَذِهِ السَّنَدَاتِ فَرَبِحَ في الظَّاهِرِ، فَيُفتَنُ بِهِ وَيعمَى عَنِ الحَقِّ، أو تَزِلُّ بِهِ قَدَمُ الطَّمَعِ فَيَقَعُ، وَمِن ثَمَّ يَتَهَافَتُ الآخَرُونَ وَرَاءَهِ وَيَتَسَاقَطُونَ، كَمَا تَهَافَتُوا مِن قَبلُ عَلَى الأَسهُمِ وَتَسَاقَطُوا في حُفَرِهَا، إِنَّ عَلَى المُسلِمِينَ أَن يَحذَرُوا مِنَ التَّعَامُلِ بِمِثلِ هَذِهِ السَّنَدَاتِ، وَأَن يَحذَرُوا أَعدَاءَهُم وَلا يَركَنُوا إِلى سُبُلِهِمُ فَتَنزِلَ بِهِمُ العُقُوبَاتُ كَمَا نَزَلَت بِأُولَئِكَ، وَمَن لم تُؤَدِّبْهُ التَّجَارِبُ فَلا عَقلَ لَهُ، وَمَن لم يَعتَبِرْ بِمَن غَبَرَ فَلا قَلبَ لَهُ، و" لا يُلدَغُ المُؤمِنُ مِن جُحرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَينِ ".


أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ( الَّذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَالُوا إِنَّمَا البَيعُ مِثلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمرُهُ إِلى اللهِ وَمَن عَادَ فَأُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ * يَمحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُربي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ * فَإِن لم تَفعَلُوا فَأذَنُوا بِحَربٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُؤُوسُ أَموَالِكُم لاَ تَظلِمُونَ وَلاَ تُظلَمُونَ * وَإِن كَانَ ذُو عُسرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لاَ يُظلَمُونَ ) [البقرة:275 - 281].






الخطبة الثانية:



أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.


وَاعلَمُوا أَنَّ مِفتَاحَ السَّعَادَةِ التَّيَقُّظُ وَالفِطنَةُ، وَأَنَّ مَنبَعَ الشَّقَاوَةِ الغُرُورُ وَالغَفلَةُ، وَلا نِعمَةَ أَعظَمُ مِنَ الإِيمَانِ وَالمَعرِفَةِ، وَلا وَسِيلَةَ لِذَلِكَ سِوَى انشِرَاحِ الصَّدرِ بِنُورِ البَصِيرَةِ، وَلا نِقمَةَ أَعظَمُ مِنَ الكُفرِ وَالمَعصِيَةِ، وَلا دَاعِيَ إِلَيهِمَا سِوَى عَمَى القَلبِ بِظُلمَةِ الجَهَالَةِ، وَأَربَابُ العُقُولِ وَالبَصَائِرِ قُلُوبُهُم ( كَمِشكَاةٍ فِيهَا مِصبَاحٌ المِصبَاحُ في زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوكَبٌ دُرِّيٍّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيتُونَةٍ لا شَرقِيَّةٍ وَلا غَربِيَّةٍ يَكَادُ زَيتُهَا يُضِيءُ وَلَو لم تَمسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ ) [النور:35].


وَالمُغتَرُّونَ المُنسَاقُونَ وَرَاءَ الأَهوَاءِ، اللاَّهِثُونَ خَلفَ الشَّهَوَاتِ، قُلُوبُهُم ( كَظُلُمَاتٍ في بَحرٍ لُجِّيٍّ يَغشَاهُ مَوجٌ مِن فَوقِهِ مَوجٌ مِن فَوقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعضُهَا فَوقَ بَعضٍ إِذَا أَخرَجَ يَدَهُ لم يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لم يَجعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُورٍ ) [النور:40].


أَلا فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَلا تَغتَرُّوا بِكَثرَةِ الهَالِكِينَ ( وَلا تُطِيعُوا أَمرَ المُسرِفِينَ * الَّذِينَ يُفسِدُونَ في الأَرضِ وَلا يُصلِحُونَ ) [الشعراء:151-152] وَاستَقِيمُوا عَلَى مَا أُمِرتُم بِهِ وَأَجِيبُوا المُرسَلِينَ، فَإِنَّمَا عَن ذَلِكَ سَتُسأَلُونَ وَعَلَيهِ سَتُحَاسَبُونَ، وَأَمَّا طَاعَةُ السَّادَةِ وَالكُبَرَاءِ وَالرُّكُونُ إِلى الظَّلَمَةِ، وَمُسَايَرَةُ الهَيئَاتِ الضَّالَّةِ وَالوُقُوعُ في حَبَائِلِ دُعَاةِ جَهَنَّمَ وَالرِّضَا بما يُقِرُّونَهُ - فَإِنَّمَا هُوَ مَتَاعٌ دُنيَوِيٌّ قَلِيلٌ يَزُولُ وَيَحُولُ، ثم يَعقُبُهُ تَبَرُّؤُ كُلِّ ضَالٍّ مِنَ الآخَرِ، ثم تَكُونُ حَسرَةُ الجَمِيعِ وَنَدَامَتُهُم، ثم العَذَابُ الشَّدِيدُ لهم وَالخُزيُ الدَّائِمُ؛ قَالَ -سُبحَانَهُ-: ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُم كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ وَلَو يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَونَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ للهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ العَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا العَذَابَ وَتَقَطَّعَت بِهِمُ الأَسبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَو أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنهُم كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعمَالَهُم حَسَرَاتٍ عَلَيهِم وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) [البقرة:165-167].


وَقَالَ -تَعَالى-: ( أَفَمَن وَعَدنَاهُ وَعدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ كَمَن مَتَّعنَاهُ مَتَاعَ الحَيَاةِ الدُّنيَا ثُمَّ هُوَ يَومَ القِيَامَةِ مِنَ المُحضَرِينَ * وَيَومَ يُنَادِيهِم فَيَقُولُ أَينَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُم تَزعُمُونَ * قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيهِمُ القَولُ رَبَّنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَغوَينَا أَغوَينَاهُم كَمَا غَوَينَا تَبَرَّأنَا إِلَيكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعبُدُونَ * وَقِيلَ ادعُوا شُرَكَاءَكُم فَدَعَوهُم فَلَم يَستَجِيبُوا لَهُم وَرَأَوُا العَذَابَ لَو أَنَّهُم كَانُوا يَهتَدُونَ * وَيَومَ يُنَادِيهِم فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبتُمُ المُرسَلِينَ * فَعَمِيَت عَلَيهِمُ الأَنبَاءُ يَومَئِذٍ فَهُم لا يَتَسَاءَلُونَ * فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَن يَكُونَ مِنَ المُفلِحِين ) [القصص:61 - 67].


وَقَالَ -جَلَّ وَعَلا-: ( وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُم رَبُّكَ أَعمَالَهُم إِنَّهُ بِمَا يَعمَلُونَ خَبِيرٌ. فَاستَقِمْ كَمَا أُمِرتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطغَوا إِنَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرٌ. وَلاَ تَركَنُوا إِلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِن دُونِ اللهِ مِن أَولِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ) [هود:111 - 113] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ( وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ اعمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُم إِنَّا عَامِلُونَ. وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ. وَللهِ غَيبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعمَلُونَ ) [هود:121 - 123].




المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تعدد الزوجات في الإسلام نور الإسلام كتب ومراجع إسلامية 0 20-05-2013 10:26 AM
كراهية وحرب شاملة ضد الإسلام : دروس الجيش الأمريكي للجنود نور الإسلام الإسلام والعالم 1 11-05-2012 09:04 PM
حكمة تعدد الزوجات مزون الطيب هدي الإسلام 0 05-02-2012 01:56 PM
الديون السيادية و«الحمائية» وحرب العملات ثالوث يخنق الاقتصاد العالمي نور الإسلام أخبار منوعة 0 17-01-2012 08:45 AM
تعدد الزوجات نور الإسلام هدي الإسلام 0 10-01-2012 06:58 PM


الساعة الآن 08:25 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22