صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > أخبار منوعة

من أدب المنافي

كتب ▪ بتاريخ 02/01/2012 (1) لا أدري لم أنا مصروعٌ على الكتابة هذه الأيام!! أحس بشوق جارف! وإني كلما تفكرت في الكتابة تذكرت بديع الزمان في معتقله، وشوقي والبارودي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-01-2012 ~ 06:03 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي من أدب المنافي
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


كتب طارق السكري.. ▪ بتاريخ 02/01/2012

(1)
لا أدري لم أنا مصروعٌ على الكتابة هذه الأيام!! أحس بشوق جارف! وإني كلما تفكرت في الكتابة تذكرت بديع الزمان في معتقله، وشوقي والبارودي في المنفى، وهاشم الرفاعي ونيلسون مانديلا في السجن! ولست أدري لم يدفعني عقلي الباطن للتفكير بهذه الطريقة؟! صدقوني حتى هذه اللحظة لست أدرك السر!! هل لأن الكتابة ترياق الكآبة؟ أأنا مريض ؟
(2)
لا أريد أن يتوقف القطار.. أريد ليراعي أن يسير.. يسير بسرعة, ببطء لا يهم! المهم أن يسير وكفى! أريده أن يشق هذا الغمام الأبيض من الورق عن برق مجلجل فيصفق وجوه الأوغاد من الصحفيين! أن يصير في هذه البيداء من القراطيس خيلا نفاثا فيطأ بسنابكه أبواب رؤساء التحرير! فكم عانى يراعي من التغريب والتهجير والتطنيش؟!
(3)
ما العلاقة بين الكتابة والجنون؟ بين الكتابة والشذوذ؟ بين الكتابة والمنفى؟ بين الكتابة والموت؟! بين الكتابة والخمر؟ بين الكتابة والسيجار؟ الحقيقة أن لا علاقة!! إن هذا الصمت الذي يشبه صمت اللحود والكهوف يكشف عن نفسه اليوم هاهو يتحدث إليَّ من شراييني- وبصوت مسموع-عن سنوات الجدب وليالي الحرمان: لقد أجرمت تلك الصحف بحقي طوال هذه السنين، فلم تعبأ بي، وتركتني أنزف أنزف دون مساعدة! لقد تركتني في تلك الظلمات والغياهب التي قضيتها معتقلا في تلك الكهوف النائية فلم تنقل عني أنين جراحاتي! لِمَ لَمْ تنقل عني أنين جراحاتي؟ لم؟ هل لابد عليَّ أن أكون صحفيا؟ لقد كان كافيا أن يعرف الناس عن طريقها أن رامبو لا يزال حيا. أنا لم أقاتل مثل رامبو في فيتنام، ولا في أفغانستان! لا لا، أنا لا أعرف حتى كيف أمسك بالبندقية! لكني كنت أقوى من الدبابة والمدفع والرشاش.
(4)
إنني في غربتي هذه التي أقضيها هنا لا فرق بينها وبين أي منفى على جزيرة ما!! ما الفرق؟ هل كان ابن عباد في منفاه لا يأكل، ولا يشرب، ولا ينام مع أهله! ولا يلاعب أطفاله؟! إن الذين تقوم الحكومات بنفيهم لا يزالون ينعمون ببعض الحقوق!
- إنه في المنفى! ماذا عساه أن يفعل؟! اجلبوا له مايريد من الشراب! هيا.
- ماذا عساه أن يفعل؟ هل سيقلب الدنيا بمقال ينشره، أو خبر يذيعه، أو قصة يرويها، أو قصيدة يلقيها؟! ها! إنه في المنفى! في الـــ.. منــ.. فـــى!.
- لم ينم ليلة البارحة! فزوجته مريضة وهو يعاني ألم الوحدة! ما المانع! اجلبوا له امرأة تسرِّي عنه! ماذا يضير؟ إنه في المنفى ماذا عساه أن يفعل؟!
أيها الناس! من المنفيُّ حقا؟! هذه الصحف التي لا تريد إلا زلزالا مدمرا فتقوم بتغطيته، أو فيضانا جارفا فتقضي الساعات في البكاء والتباكي، ثم تنتقل بلا مقدمة إلى أسعار البورصة فلا يجد الكاتب المستقل عمودا ينشر فيه. ألا يمكن أن تقوم الصحف في الدنيا إلا على هذا؟! ماذا سيحدث لو أن صحفنا هذه قضت عمرها في تتبع أخبار الأدباء والكتاب والمفكرين؟ ماذا سيحدث لو أن كل صحيفة تقوم كل صباح بنشر تقرير عن عمل إبداعي ما على النحو الآتي:
- قام الكاتب الفلاني بالحديث عن ....
- المفكر الفلاني ألف كتابا جديدا حول ظاهرة الـ.....
- الفيلسوف الفلاني يسكن في حارة كذا.. وهو يعاني من كذا...
- لقد كانت الدورة التي قدمها وقام بها الداعية الفلاني في موضوع كذا في قاعة كذا موفقة وناجحة.
ماذا لو تمت تغطية الأبحاث والدراسات والمقالات بطريقة احترافية من تصوير وإخراج فني، أو قدمت في عمل تلفزيوني كما في برنامج المذيعة السوداء أوبرا؟! ماذا لو كانت حياة المفكر محط اهتمام الإعلام؟! تخيل صحفا تطل عليك مع بزوغ الفجر بمثل تلك الأخبار؟!! أنستكثر على الحركات الإبداعية في المجتمع مثل هذا؟
(5)
مالي وللناس؟ سأكتب لنفسي وكفى! لقد انصرف الناس فما من أحد هنا. إنني أعيش خارج حدود الزمن.. أعيش على الحدود كباقي الجنود! أحب قلمي كثيرا لذا سأقوم بحراسته ليلا! ويتولى هو عن نفسه الدفاع نهارا، فأنا لا أعرف للنهار وجها.. أنام بالمقلوب كالخفاش! عشرة أعوام من عمر الوعي، وخمسة عشر عاما من عمر الكتابة! أحيانا أظن أن قلبي يسبقني بمراحل.. ولماذا شهادة الميلاد إذن؟ لقد صليتُ نار الغربة فجر شبابي! كما صلي أبي نار الغربة فجر شبابه! كلانا تحت وطأة هذه النار نغني! إذا هبت الرياح من الشمال فاعلم أن الموسيقى نبعت من الألم! إنني عند ركن الشيطان هنا منذ ثلاث ساعات! منذ ثلاث ساعات وأنا أطوِّح بالوقت فأطيح أنا؟!! أضرب الوقت.. أجرجر الوقت.. أشتم الوقت فأنزف أنا وأضيع أنا!! ليتني حين أقتل الوقت أموت!! لماذا لا يختنق الزهر في عروقي؟!! ولم لا تخرس الأصوات في شراييني؟!! منذ ثلاث ساعات! ماذا سيخسر العالم بموتي؟!! ماجدوى أن أعيش؟! هل أصيب الموت بالصمم فلا يسمع، وبالعمى فلا يبصر؟!!
لقد حقرت قريتي حين كنت فيها, وكرهت ذلتي حين غادرت عنها.. غربة كريهة كالشيطان.. مشؤومة كالأوجاع.. مخيفة كالأشباح! لقد عثرت على الكنز ففقدت روحي! كلما لمست شيئا تحول ذهبا.. أريد أن أكتب فإذا لمست القلم تحول ذهبا! بطني يصرخ من الجوع، لقد تداخلت الأمعاء بعضها في بعض، فانهضم البنكرياس، وعمي الأعور المعوي.. أوه! لقد لمست الخبز! مئة ديك يصيح في الحي! أزعجني.. قتلني! كلما ذبحت ديكا طلع لي ديك آخر! لقد أنهكت الطيور ذبحا وتشريدا ولا تزال تصيح في رأسي! ماردَّ الكنز لي عافيتي, ولا انعزالي عن الناس أشعرني بالوحدة!.
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:11 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22