صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > مكتبة طريق الخلاص > كتب ومراجع إسلامية

كتب ومراجع إسلامية حمل كتب وبحوث إلكترونية إسلامية

نظامُ الإثـبَات في الفقـه الإسـلامي

حمل المرجع كاملاً من المرفقات للدكتور: عوض عبد الله أبو بكر أستاذ مساعد بكلية الشريعة (4) الحكم بالفراسة والقرائن أولا: الحكم بالفراسة: من وسـائـل الإثبات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-05-2013 ~ 10:19 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي نظامُ الإثـبَات في الفقـه الإسـلامي
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


حمل المرجع كاملاً من المرفقات



[دراسة مقارنة]
للدكتور: عوض عبد الله أبو بكر
أستاذ مساعد بكلية الشريعة
(4)
الحكم بالفراسة والقرائن
أولا: الحكم بالفراسة:
من وسـائـل الإثبات المختلف فيها عند فقهاء الشريعة الحكم بالفراسة، وهل تصلح دليلا يعتمد عليه القاضي في بناء أحكامه، أم لا تصلح دليلا لبناء الأحكام القضائية. وقبل أن نعرض آراء الفقهاء ينبغي معرفة المقصود من الفراسة.
الفراسة لغـة:
الفِراسـة بالكسـر من التفـرس, يقال: تفرّس الشيء إذا توسمه، وتفرّست فيه خيرا: توسّمته، وهو يتفرّس يتثبت وينظر، فالتفرس والتوسّم معناهما واحد أي يفسّر أحدهما بالآخر .
الأصل في الفراسة ومعناها الفقهي:
الأصل في الفراسة قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ}. (الحجر: 75).
فذكر أهل التفسير أن المتوسّمين يعني المتفرسين، وذلك اعتماداً على ما أثر عنه صلى الله عليه وسلم .
فقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم تلا الآية " .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسُّم" .
يقول الألوسي: "قال الجلال السيوطي: هذه الآية أصل في الفراسة" .
معنى هذا أن الفراسـة قد ورد اعتبارها في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وأنها سمة من سمات المؤمنين، إذ أن الأحـاديث مادحـة للمتفرسين, وأن الفراسـة مدرك من مدارك المعاني؛ لأن المؤمن المتفرس ينظر بنور الله، فالله عز وجل هو الذي يريه ويفيض عليه.
فإذا ثبت هذا فلينظر كيف سارت تفسيرات العلماء للفراسة:
يقول ابن العربي المالكي في تفسير الآية السابقة: "التوسم: هو تفعّل من الوسم وهي العـلامـة التي يستـدل بها على مطلوب غيرهـا, وهي الفراسة وحقيقتها: الاستدلال بالخَلقْ على الخُلق، وذلك بجودة القريحة، ووحدة الخاطر، وصفاء الفكر" .
ويقول القرطبي: "هي العلامة التي يستدل بها على مطلوب غيرها..." وقال ثعلب : "النظـر من القرن إلى القـدم, واستقصاء وجـوه التعـريف, وذلـك يكون بجودة القريحة، وحدة الخاطر، وصفاء الفكر، وزاد غيره: وتفريغ القلب من حشو الدنيا وتطهيره من أدناس المعاصي، وكدورة الأخلاق وفضول الدنيا" .
ويفسرها الحكيم الترمذي بقوله: "والتفرس أن يركـض بقلبه فارساً بنور الله إلى أمر لم يكن فيدركه… وإذا امتلأ القلب من نور الله تعالى نظرت عينا قلبه بنوره فأدرك في صدره مالا يحاط به وصفا" .
ويفسرها ابن الأثير بقوله: "الفراسة بمعنيين: أحدهما: ما دل عليه ظاهر الحديث، وهو ما يوقعه الله في قلوب أوليائه، فيعلمون أحوال الناس بنوع من الكرامات وإصابة الظن والحدس. والثاني: يعلم بالدلائل والتجارب والخلق والأخلاق" .
نلاحظ أن هذه التفسيرات مترددة بين اتجاهين:
الأول: إن الفراسة علامة يستدل بها على مطلوب غيرها- وأصحاب هذا التفسير يوافقـون المعنى اللغوي، ويقـولون: إن العلامات لما كانت متفاوتة منها ما يظهر من أول وهلة ولكل فرد من الناس، ومنها ما كان خفيا لا يدرك بباديء النظر، كان الخفيّ منها لا يعرفه إلا ذوو التجـربـة وصفاء الفكـر، والفراسة في جميع هذه الأحوال استدلال بالعلامة لا مدخل للإلهام فيها، بل إن أصحاب هذا القـول استنكـروا على الصـوفية وغيرهم ممن يرون أن الفراسة نوع من الإلهام والكرامة.
وقد تمثل هذا الاتجاه في قول ابن العربي وبه أخذ القرطبي وثعلب، وهو المعنى الثاني عند ابن الأثير.
الثاني: إنّ الفراسة خاطر إلهامي يوقعه الله سبحانه وتعالى في قلوب الصالحـين من عباده، فيعـرفـون به أحوال الناس، ويطّلعون على مالا يطّلع عليه العامة، وقد يدركون به أمراً لم يكن بعد.
وهـذا يتمثـل في تفسير الحكيم الترمذي, والمعنى الأول عند ابن الأثـير وإليه أشار القرطبي بقـولـه: "إنها تكون لمن صفى قلبه من كدورات الأخلاق وتفريغ القلب من حشو الدنيا..." الخ.
سواء كانت الفراسة استـدلالاً بالعـلامة أو خاطراً إلهامياً، فإن المتفق عليه في هذه التفسيرات هو أنّ سبيل الإدراك بالفراسة مستتر، وطريق المعرفة بها طريق خفي، وخطوات الاستنتـاج فيها غير ظاهرة إلا لمن صفى فكـره وكـان حادّ الـذكـاء، أو كان من المؤمنين الصادقـين الـذين مدحتهم الآية والأحاديث وذكرت أنهم ينظرون بنور الله فتكون فراستهم صادقة ويطرد صوابها.
وجـدير في هذا المقام، وحتى يتبيّن لنا معنى الفراسة، أن نذكر جانباً من الآثار التي أوردها الفقهاء تمثيلا للفراسة.
أولا: ما روي من فراسة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
أ ـ أنه قال: "يا رسـول الله لو اتخـذت من مقـام إبـراهيم مصلى" ونزلت الآية {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً}. (البقرة: 125).
ب ـ أنه قال: "يا رسول الله لو أمرت نساءك أن يحتجبن. فنزلت آية الحجاب".
ج ـ أنـه قال حين اجتمـع على رسـول الله صلى الله عليه وسلم نسـاؤه في الغـيرة: "{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُن}. فنزلت كذلك". (التحريم: 5) .
هـ ـ أنـه دخـل عليـه قوم فيهم الأشتر فصعّد فيه النظر وصوّبه، وقال: "أيهم هذا؟" قالوا: "مالك بن الحارث"، فقال: "ماله قاتله الله إني لأرى للمسلمين منه يوما عصيبا"، فكان منه في الفتنة ما كان .
ثانيا: ما روي عن ذي النورين عثمان رضي الله عنه:
أ ـ أنه دخل عليه بعض الصحابة، وكان قد مرّ بالسوق فنظر إلى امرأة, فلما نظر إليه عثـمان قال: "يدخـل أحـدكم عليّ وفي عينيه أثر الزنا". فقال له: أَوَحْياً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟, قال عثمان: "لا ولكن فراسة صادق" .
ب ـ أنـه لما تفرّس أنـه مقتول ولابد، أمسك عن القتال والدفع عن نفسه لئلا يجري بين المسلمين قتال وآخر الأمر يقتل هو، فأَحبَّ أن يُقتل دون أن يقع قتال بين المسلمين .
ثالثا: ما روي من فراسة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الحسين بن علي رضي الله عنهما لمّا ودَّعه قال: "أستودعك الله من قتيل"، ومع الحسين رضي الله عنه كتب أهل العراق تناشده الحضور لنصرته، فكانت فراسة ابن عمر أصدق من كتبهم .
رابعا: ما روي من فراسة الشعبي- رحمـه الله أنه قال لداود الأزدي - وهو يماريه-: "إنك لا تموت حتى تكوى في رأسك", فكان كذلك .
والأمثلة من هذا القبيل كثيرة تجل عن الحصر، ولكن الذي يبدو كـما ذكرت هو خفاء طريق الاستنتاج، وأن المتفرس يدرك الأمر بأسلوب مستتر، فقد يكون استنتاجه هذا مبنياً على علامات خفية تفرسها، وقد يكون مبنيا على خواطر إلهامية قذفها الله في قلبه ونطق بها لسانه.
القضاء بالفراسة في آراء الفقهاء:
لما كان الاستدلال بالفراسـة لا يقـوم على أسس واضحـة ظاهرة حيث أنّ خطوات الاستنتاج فيها خفية غير معروفة لغير المتفرِّس فقد منع جمهور الفقهاء بناء الأحكام القضائية على الفراسة، وقالوا: إنها لا تصلح مستنداً للقاضي في فصل الدعوى، إذ أن القاضي لابد له من حجة ظاهرة يبني عليها حكمه.
يقول الشيخ الدردير المالكي فيما يتصف به القاضي: "فالمطلوب الدهاء ويندب ألا يكون زائدا فيه عن عادة الناس، خشية أن يحمله ذلك على الحكم بين الناس بالفراسة وترك قانون الشريعة من طلب البيّنة وتجريحها، وتعديلها، وطلب اليمين ممن وجهت إليه وغير ذلك" .
ويقول ابن العربي المالكي: "إذا ثبت أن التوهّم والتفرّس من مدارك المعاني، ومعالم المؤمنين، فإن ذلك لا يترتب عليـه حكم، ولا يؤخـذ به موسـوم ولا متفرس، فإن مدارك الأحكام معلومة شرعاً، مدركة قطعاً، وليست الفراسة منها" .
وجـاء في تبصرة الحكّـام لابن فرحـون قولـه: "والحكـم بالفراسة مثل الحكم بالظن والحـرز والتخمـين، وذلـك فسق وجـور من الحكم، والظن يخطئ ويصيب" ، ثم بيّن الشـاطبي في كتـابـه الموافقات: أن الفراسـة لا تصلح مستنـداً للقاضي في حكمـه لأن الاعتبـارات الغيبيـة لا دخـل لها في بنـاء الأحكـام القضائيـة، فالرسـول صلى الله عليه وسلم - وهو أعظم المتفرِّسين - لم يعتـبرها دليلا يعتمد عليه فقال: "إنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم ألحن بحجتـه من بعـض، فمن قضيت له بحق أخيـه شيئـا بقـولـه فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها". فقيّد الحكم بمقتضى ما يسمع وترك ما وراء ذلك" .
كـما أن صاحب (معين الحكام) الحنفي قد ذكر من القول في منع الحكم بالفراسة مثل ما قدمناه عن صاحب تبصرة الحكام، وأن الحكم بها حكم بالظن والتخمين .
رأي ابن القيـم:
خالف ابن القيم جمهـور الفقهاء وذهب إلى القول بجـواز الحكم بالفراسة وقال إنها مدرك صحيح للأحكام، واستخراج الحقوق وفصل الدعاوى، ومن قوله في ذلك: "ولم يزل حذّاق الحكام والولاة يستخرجون الحقوق بالفراسة والأمارات، فإذا ظهرت لم يقدّموا عليها شهادة ولا إقراراً" .

المصدر: طريق الخلاص


الملفات المرفقة
نوع الملف: doc 30w_nzam_ithbat.doc (218.0 كيلوبايت, المشاهدات 0)
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:13 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22