صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > مكتبة طريق الخلاص > كتب ومراجع إسلامية

كتب ومراجع إسلامية حمل كتب وبحوث إلكترونية إسلامية

الهدي النبوي في الطب

جمعه الفقير إلى الله تعالى عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين بسم الله الرحمن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-08-2015 ~ 08:22 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي الهدي النبوي في الطب
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


الهدي, النبوي, الطب





[IMG]file:///C:/Users/MOI/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.jpg[/IMG]

جمعه الفقير إلى الله تعالى
عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين


بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الهدى محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
يزعم الكثير من الناس أن الطب من حسنات الحضارة قديمها وحديثها دون أن يشير إلى أن للإسلام دوراً في التطيب والعلاج جاهلاً أو متجاهلاً طب النبي r . الذي لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان الطبيب الأول الذي عالج أمراض القلوب والأبدان والأمراض النفسية المعقدة حتى جاءت الحضارة الأوروبية المعاصرة فأهملت علاج الأول وطورت الثاني: وعقدت الثالث بمحاولة الشعور بلذة الحياة المادية، ومن تدبر هديه r علم يقيناً أنه ليس طبيب فن واحد وإنما هو طبيب عام ناجح في علاج الأمة بأسرها إلا من خالف هديه ونبذ وصفات علاجه القلبية والنفسية ولقد اطلعت على كتاب الطب النبوي لشمس الدين ابن القيم رحمه الله فأعجبت به إعجاباً دفعني إلى جمع فصوله منه مساهمة مني في إحياء ذلك الكنز الثمين والتراث الغالي والله أسأل أن ينفع به من تعالج أو عالج به عن إيمان وعقيدة ([1]) وأضيف إلى الفصول المختارة من الطب النبوي ستين حديثاً في الطب، وشرح بعض الأحاديث في ذلك، والحث على الاعتدال في استعمال العلاجات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة إلى الأطباء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فيرجى من الإخوة الأطباء المسلمين الكرام أن يكونوا قدوة حسنة للمرضى وغيرهم في الالتزام بتعاليم الإسلام الحنيف وطاعة الله ورسوله في جميع المجالات وأن يعنوا بالمرضى من الناحية الدينية ومعالجة قلوبهم بالإيمان الصادق والعمل الصالح الذي هو سبب السعادة الأبدية بالفوز بالجنة والنجاة من النار لقول الله تعالى }وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا{ ([2])}فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ{ ([3])}إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ{ ([4]) ومن ذلك دعوة غير المسلمين إلى الإسلام وليحتسبوا ثواب ذلك عند الله وليثقوا منه بعظيم الأجر والجزاء.
ومن ذلك حث المرضى المسلمين على الصبر واحتساب الأجر والطهارة واجتناب النجاسة وأداء الصلاة في وقتها بحسب الاستطاعة والإكثار من ذكر الله والدعاء والاستغفار والتوبة إلى الله تعالى والدال على الخير كفاعله، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وبذلك يثابون ويشكرون ويدعى لهم وجزاهم الله خيراً على علاج القلوب والأبدان.
كما ينصح الأطباء الكرام بعدم الاختلاط بالنساء والخلوة بهن لأنهن عورة وفتنة وقد قال رسول الله r - "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" متفق عليه وقال "اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" رواه مسلم والله ولي التوفيق.

كتاب الطب والرقى ([5])
الفصل الأول
(1) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله r: "ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً". رواه البخاري.
(2) وعن جابر، قال: قال رسول الله r: "لكل داءٍ دواءٌ، فإذا أصيب دواء الداء؛ برأ بإذن الله". رواه مسلم.
(3) وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله r: "الشفاء في ثلاثٍ: في شرطة محجمٍ، أو شربة عسلٍ، أو كيةٍ بنار، وأنا أنهي أمتي عن الكي". رواه البخاري.
(4) وعن جابر، قال: رمى أبي يوم الأحزاب على أكحله([6])، فكواه رسول الله r. رواه مسلم.
(5) وعنه، قال: رمي سعد بن معاذ في أكحله، فحسمه([7]) النبي بيده بمشقصٍ([8])، ثم ورمت، فحسمه الثانية. رواه مسلم.
(6) وعنه، قال: بعث رسول الله r إلى أبي بن كعب طبيباً، فقطع منه عرقاً، ثم كواه عليه. رواه مسلم.
(7) وعن أبي هريرة، أنه سمع رسول الله r يقول: "في الحبة السوداء شفاءٌ من كل داءٍ، إلا السام". قال ابن شهاب: السام: الموت. والحبة السوداء: الشونيز([9]). متفق عليه.
(8) وعن أبي سعيد الخدري، قال: جاء رجل إلى النبي r، فقال: أخي استطلق بطنه فقال رسول الله r: "اسقيه عسلاً". فسقاه، ثم جاء، فقال: سقيته فلن يزده إلا استطلاقاً. فقال له "ثلاث مرات". ثم جاء الرابعة. فقال: "اسقيه عسلاً". فقال: لقد سقيته، فلم يزده إلا استطلاقاً". فقال رسول الله r: "صدق الله، وكذب بطن أخيك"، فسقاه، فبرأ. متفق عليه.
(9) وعن أنس، قال: قال رسول الله r: "إن أمثل ما تداويتم به الحجامة، والقسط([10]) البحري". متفق عليه.
(10) وعنه، قال: رسول الله r: "لا تعذبوا صبيانكم بالغمز([11]) من العذرة([12])، عليكم بالقسط". متفق عليه.
(11) وعن أم قيس، قالت: قال رسول الله r: "على من تدغرن([13]) أولادكن بهذا العلاق؟ عليكن بهذا العود الهندي؛ فإن فيه سبعة أشفية، منها ذات الجنب يسعط من العذرة، ويلد([14]) من ذات الجنب". متفق عليه.
(12) وعن عائشة، ورافع بن خديج، عن النبي r، قال: "الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء". متفق عليه.
(13) وعن أنس، قال: رخص رسول الله r في الرقية من العين، والحمة([15]) والنملة([16]). رواه مسلم.
(14) وعن عائشة، قالت أمر النبي r أن نسترقي من العين. متفق عليه.
(15) وعن أم سلمة أن النبي r رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة - يعني صفرة -، فقال: "استرقوا لها([17])؛ فإن بها النظرة". متفق عليه.
(16) وعن جابر، قال نهى رسول الله r عن الرقي، فجاء آل عمرو ابن حزمٍ، فقالوا: يا رسول الله! إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وأنت نهيت عن الرقي، فعرضوها عليه، فقال: "ما أرى بها بأساً، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه". رواه مسلم.
(17) وعن عوف بن مالك الأشجعي، قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله! كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شركٌ". رواه مسلم.
(18) وعن ابن عباس، عن النبي r، قال: "العين حقٌ، فلو كان شيءٌ سابقٌ القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا". رواه مسلم.

الفصل الثاني
(19) عن أسامة بن شريك، قال: قالوا: يا رسول الله! أفنتداوى؟ قال: "نعم، يا عباد الله! تداووا، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً، غير داءٍ واحد، الهرم". رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود([18]).
(20) وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله r: "لا تكرهوا مرضاكم على الطعام؛ فإن الله يطعمهم ويسقيهم". رواه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديثٌ غريب.
(21) وعن أنسٍ، أن النبي r كوى أسعد بن زرارة من الشوكة([19]).رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب.
(22) وعن زيد بن أرقم، قال: أمرنا رسول الله r أن نتداوى من ذات الجنب بالقسط البحري، والزيت. رواه الترمذي.
(23) وعنه، قال: كان النبي r ينعت الزيت والورس([20]) من ذات الجنب. رواه الترمذي.
(24) وعن أسماء بنت عميس: أن النبي r سألها: "بم تستمشين([21])؟" قالت: بالشبرم([22]).
قال: "حارٌ حارٌ([23])". قالت: ثم استمشيت بالسنا فقال النبي r: "لو أن شيئاً كان فيه الشفاء من الموت؛ لكان في السنا". رواه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ غريب.
(25) وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله r: "إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داءٍ دواءً، فتداووا، ولا تداووا بحرامٍ". رواه أبو داود([24]).
(26) وعن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله r عن الدواء الخبيث. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه([25]).
(27) وعن سلمى خادمة النبي r ، قالت: ما كان أحد يشتكي إلى رسول الله r وجعاً في رأسه إلا قال: "احتجم" ولا وجعاً في رجليه إلا قال: "اختضبهما"([26]). رواه أبو داود([27]).
(28) وعنها، قالت: ما كان يكون برسول الله r قرحة ([28]) ولا نكبة ([29]) إلا أمرني أن أضع عليها الحناء. رواه الترمذي.
(29) وعن أبي كبشة الأنماري: أن رسول الله r كان يحتجم على هامته، وبين كتفيه، وهو يقول: "من أهراق من هذه الدماء، فلا يضره أن لا يتداوى بشيء لشيء". رواه أبو داود، ابن ماجة.
(30) وعن جابر: أن النبي r احتجم على وركه من وثء ([30]) كان به. رواه أبو داود.
(31) وعن ابن مسعود، قال: حدث رسول الله r عن ليلة أسرى به: أنه لم يمر على ملأ من الملائكة إلا أمروه: "مر أمتك بالحجامة". رواه الترمذي، وابن ماجة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب([31]).
(32) وعن عبد الرحمن بن عثمان: أن طبيباً سأل النبي r عن ضفدع يجعلها في دواء، فنهاه النبي r عن قتلها. رواه أبو داود([32]).
(33) وعن أنس، قال: كان رسول الله r يحتجم في الأخدعين([33]) .............................................. والكاهل([34]). رواه أبو داود([35]). وزاد الترمذي، وابن ماجة: وكان يحتجم سبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين.
(34) وعن ابن عباس [رضي الله عنهما] ([36]): أن النبي r كان يستحب الحجامة لسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين. رواه في "شرح السنة".
(35) وعن أبي هريرة، عن رسول الله r ، قال: "من احتجم لسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين؛ كان شفاء له من كل داء". رواه أبو داود([37]).
(36) وعن كبشة بنت أبي بكرة: أن أباها كان ينهي أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويزعم ([38]) عن رسول الله r : "أن يوم الثلاثاء يوم الدم، وفيه ساعة لا يرقأ". رواه أبو داود([39]).
(37) وعن الزهري، مرسلاً، عن النبي r : "من احتجم يوم الأربعاء، أو يوم السبت، فأصابه وضح ([40])؛ فلا يلومن إلا نفسه". رواه أحمد وأبو داود، وقال: وقد أسند ولا يصح.
(38) وعنه، مرسلاً، قال: رسول الله r : "من احتجم أو اطلى ([41]) يوم السبت أو الأربعاء؛ فلا يلومن إلا نفسه في الوضح". رواه في "شرح السنة".
(39) وعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود، أن عبد الله رأى في عنقي خيطاً، فقال: ما هذا؟ فقلت: خيط رقي لي فيه قالت: فأخذه فقطعه، ثم قال: أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله r يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة ([42]) شرك" فقلت: لم تقول هكذا؟ لقد كانت عيني تقذف ([43])، وكنت أختلف إلى فلان اليهودي فإذا رقاها سكنت. فقال عبد الله: إنما ذلك عمل الشيطان، كان ينسخها بيده، فإذا رقي كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله r يقول "أذهب البأس ([44])، رب الناس! واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً". رواه أبو داود ([45]).
(40) وعن جابر، قال: سئل النبي r عن النشرة ([46])، فقال: "هو من عمل الشيطان". رواه أبو داود([47]).
(41) وعن عبد الله بن عمر ([48])، قال: سمعت رسول الله r يقول: "ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقاً ([49]) أو تعلقت تميمة ([50]) أو قلت الشعر من قبل نفسي ([51])". رواه أبو داود([52]).
(42) وعن المغيرة بن شعبة، قال: قال النبي r : "من اكتوى أو استرقى، فقد برئ من التوكل". رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجة ([53]).
(43) وعن عيسى بن حمزة، قال: دخلت على عبد الله بن عكيم وبه حمرة، فقلت: ألا تعلق تميمة؟ فقال: نعوذ بالله من ذلك، قال رسول الله r : "من تعلق شيئاً وكل ليه". رواه أبو داود.
(44) وعن عمران بن حصين، أن رسول الله r قال: "لا رقية إلا من عين أو حمة ([54]). رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود ([55]).
(45) ورواه ابن ماجة، عن بريدة ([56]).
(46) وعن أنس، قال: قال رسول الله r :"لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم ([57])". رواه أبو داود([58]).
(47) وعن أسماء بنت عميس، قالت: يا رسول الله ! إن ولد جعفر تسرع إليهم العين، أفأسترقي لهم؟ قال: "نعم، فإنه لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين". رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجة([59]).
(48) وعن الشفاء بنت عبد الله، قالت: دخل رسول الله r وأنا عند حفصة، فقال: "ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتها ([60]) الكتابة". رواه أبو داود ([61]).
(49) وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل، فقال: والله ما رأيت كاليوم، ولا جلد مخبأة ([62]).
قال: فلبط سهل، فأتي رسول الله r ، فقيل له: يا رسول الله! هل لك في سهل بن حنيف؟ والله ما يرفع رأسه. فقال: "هل تتهمون له أحداً". فقالوا: نتهم عامر بن ربيعة. قال: فدعا رسول الله r عامراً، فتغلظ عليه ([63])، وقال: "علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت ([64])؟ واغتسل له".
فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه، فراح مع الناس ليس له بأس([65]). رواه في "شرح السنة"، ورواه مالك.
وفي روايته: قال: "إن العين حق. توضأ له"([66]).
(50) وعن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله r يتعوذ من الجان وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلت أخذ بهما وترك ما سواهما.رواه الترمذي، وابن ماجة، وقال الترمذي: ها حديث حسن غريب ([67]).
(51) وعن عائشة، قالت: قال لي رسول الله r : "هل رئي فيكم المغربون؟" قلت: وما المغربون؟ قال: الذين يشترك فيهم الجن". رواه أبو داود([68]).
(52) وذكر حديث ابن عباس: "خير ما تداويتم" في "باب الترجل".

الفصل الثالث
(53) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله r : "المعدة حوض البدن، والعروق إليها واردة، فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة، وإذا فسدة المعدة صدرت العروق بالسقم".
(54) وعن علي، قال: بينما رسول الله r ذات ليلة يصلي، فوضع يده على الأرض، فلدغته عقرب، فناولها ([69]) رسول الله r بنعله فقتلها ... فلما انصرف قال: "لعن الله العقرب، ما تدع مصلياً ولا غيره - أو نبياً وغيره" - ثم دعا بملح وماء، فجعله في إناء، ثم جعل يصبه على أصبعه حيث لدغته ويمسحها ويعوذها بالمعوذتين. رواهما البيهقي في "شعب الإيمان" ([70]).
(55) وعن عثمان بن عبد الله بن موهب، قال: أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء، وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مخضبة ([71])، أخرجت من شعر رسول الله r ، وكانت تمسكه في جلجل ([72]) من فضة، فخضخضته له ([73])، فشرب منه، قال: فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حمراء رواه البخاري.
(56) وعن أبي هريرة، أن ناساً من أصحاب رسول الله r قالوا لرسول الله r : الكمأة جدري الأرض؟ فقال رسول الله r : "الكمأة من المن، وماؤها شفاة للعين. والعجوة من الجنة، وهي شفاء من السم". قال أبو هريرة: فأخذت ثلاثة أكمؤ أو خمساً أو سبعاً فعصرتهن، وجعلت ماءهن في قارورة، وكحلت به جارية لي عمشاء ([74])، فبرأت. رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن.
(57) وعنه، قال: قال رسول الله r : "من لعق العسل ثلاث غدوات في كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء".
(58) وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله r :"عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن". رواهما ابن ماجة، والبيهقي في "شعب الإيمان" وقال: والصحيح أن الأخير موقوف على ابن مسعود.
(59) وعن أبي كبشة الأنماري: أن رسول الله r احتجم على هامته من الشاة المسمومة. قال معمر: فاحتجمت أنا من غير سم كذلك في يافوخي، فذهب حسن الحفظ عني، حتى كنت ألقن فاتحة الكتاب في الصلاة. رواه رزين.
(60) وعن نافع، قال: قال ابن عمر: يا نافع! ينبع ([75]) بي الدم، فأتني بحجام واجعله شاباً، ولا تجعله شيخاً ولا صبياً. قال: وقال ابن عمر: سمعت رسول الله r يقول: "الحجامة على الريق أمثل، وهي تزيد في العقل، وتزيد في الحفظ، وتزيد الحافظ حفظاً، فمن كان محتجماً فيوم الخميس على اسم الله تعالى، واجتنبوا الحجامة يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد، فاحتجموا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء؛ فإنه اليوم الذي أصيب به أيوب في البلاء. وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء أو ليلة الأربعاء". رواه ابن ماجة ([76]).
(61) وعن معقل بن يسار، قال: قال رسول الله r : "الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر دواء لداء السنة". رواه حرب بن إسماعيل الكرماني صاحب أحمد وليس إسناده بذاك، هكذا في "المنتقى".
(62) وروى رزين نحوه عن أبي هريرة.

الطب النبوي
قال ابن القيم رحمه الله:
وقد أتينا على جمل من هديه r في المغازي والسير والبعوث والسرايا، والرسائل، والكتب التي كتب بها إلى الملوك ونوابهم.
ونحن نتبع ذلك بذكر فصول نافعة في هديه في الطب الذي تطبب به، ووصفه لغيره، ونبين ما فيه من الحكمة التي تعجز عقول أكثر الأطباء عن الوصول إليها، وأن نسبة طبهم إليها كنسبة طب العجائز إلى طبهم، فنقول وبالله المستعان، ومنه نستمد الحول والقوة:
المرض: نوعان: مرض القلوب، ومرض الأبدان، وهما مذكوران في القرآن.
ومرض القلوب: نوعان: مرض شبهة وشك، ومرض شهوة وغي، وكلاهما في القرآن. قال تعالى في مرض الشبهة: }فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا{ [البقرة: 10] وقال تعالى: }وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً{ [المدثر: 31] ، وقال تعالى في حق من دعي إلى تحكيم القرآن والسنة، فأبى وأعرض: }وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{ [النور: 48 و 49] ، فهذا مرض الشبهات والشكوك.
وأما مرض الشهوات، فقال تعالى: }يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ{ [الأحزاب: 32] : فهذا مرض شهوة الزنى، والله أعلم.

فصل
وأما مرض الأبدان، فقال تعالى: }لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ{ [النور: 61]. وذكر مرض البدن في الحج والصوم والوضوء لسر بديع يبين لك عظمة القرآن، والاستغناء به لمن فهمه وعقله عن سواه، وذلك أن قواعد طب الأبدان ثلاثة:
1- حفظ الصحة، 2- والحمية عن المؤذي، 3- واستفراغ المواد الفاسدة، فذكر سبحانه هذه الأصول الثلاثة في هذه المواضع الثلاثة.
فقال في آية الصوم: }فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ{ [البقرة: 184]، فأباح الفطر للمريض لعذر المرض، وللمسافر طلباً لحفظ صحته وقوته لئلا يذهبها الصوم في السفر لاجتماع شدة الحركة، وما يوجبه من التحليل، وعدم الغذاء الذي يخلف ما تحلل، فتخور القوة، وتضعف، فأباح للمسافر الفطر حفاظاً لصحته وقوته عما يضعفها.
وقال في آية الحج: }فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ{ [البقرة: 196].
فأباح للمريض، ومن به أذى من رأسه، من قمل، أو حكة، أو غيرهما، أن يحلق رأسه في الإحرام استفراغاً لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشعر، فإذا حلق رأسه، تفتحت المسام، فخرجت تلك الأبخرة منها، فهذا الاستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذي انحباسه.
(والأشياء التي يؤذي انحباسها ومدافعتها عشرة): الدم إذا هاج، والمني إذا تبيغ، والبول، والغائط، والريح، والقيء، والعطاس، والنوم، والجوع، والعطش. وكل واحد من هذه العشرة يوجب حبسه داء من الأدواء بحسبه.
وقد نبه سبحانه باستفراغ أدناها، وهو البخار المحتقن في الرأس على استفراغ ما هو أصعب من، كما هي طريقة القرآن التنبيه بالأدنى على الأعلى.
وأما الحمية: فقال تعالى في آية الوضوء: }وَإِنْ كُنْتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا{ [النساء: 43]، فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه، وهذا تنبه على الحمية عن كل مؤذ له من داخل أو خارج، فقد أرشد - سبحانه - عباده إلى أصول الطب ومجامع قواعده، ونحن نذكر هدي رسول الله r في ذلك، ونبين أن هديه فيه أكمل هدي.
فأما طب القلوب، فمسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ولا سبيل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى يديه، فإن صلاح القلوب أن تكون عارفة بربها، وفاطرها، وبأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه، وأن تكون مؤثرة لمرضاته ومحابه، متجنبة لمناهيه ومساخطه، ولا صحة لها ولا حياة ألبتة إلا بذلك، ولا سبيل إلى تلقيه إلا من جهة الرسل، وما يظن من حصول صحة القلب بدون اتباعهم، فغلط ممن يظن ذلك، وإنما ذلك حياة نفسه البهيمية الشهوانية، وصحتها وقوتها، وحياة قلبه وصحته، ووقته عن ذلك بمعزل، ومن لم يميز بين هذا وهذا، فليبك على حياة قلبه، فإنه من الأموات، وعلى نوره، فإنه منغمس في بحار الظلمات.

فصل
وأما طب الأبدان: فإنه نوعان:
نوع قد فطر الله عليه الحيوان ناطقه وبهيمه، فهذا لا يحتاج فيه إلى معالجة طبيب، كطب الجوع، والعطش، والبرد، والتعب بأضدادها وما يزيلها.
والثاني: ما يحتاج إلى فكر وتأمل، كدفع الأمراض المتشابهة الحادثة في المزاج، بحيث يخرج بها عن الاعتدال، إما إلى حرارة، أو برودة، أو يبوسة، أو رطوبة، أو ما يتركب من اثنين منها، وهي نوعان: إما مادية، وإما كيفية، أعني إما أن يكون بانصباب مادة، أو بحدوث كيفية، والفرق بينهما أن أمراض الكيفية تكون بعد زوال المواد التي أوجبتها، فتزول موادها، ويبقى أثرها كيفية في المزاج.
وأمراض المادة أسبابها معها تمدها، وإذا كان سبب المرض معه، فالنظر في السبب ينبغي أن يقع أولاً، ثم في المرض ثانياً، ثم في الدواء ثالثاً. أو الأمراض الآلية وهي التي تخرج العضو عن هيئته، إما في شكلٍ أو تجويف، أو مجرى، أو خشونة، أو ملاسة، أو عدد، أو عظم، أو وضع، فإن هذه الأعضاء إذا تألفت وكان منها البدن سمي تألفها اتصالاً، والخروج عن الاعتدال فيه يسمى تفرق الاتصال، أو الأمراض العامة التي تعم المتشابهة والآلية.
والأمراض المتشابهة: هي التي يخرج بها المزاج عن الاعتدال، وهذا الخروج يسمى مرضاً بعد أن يضر بالفعل إضراراً محسوساً.
وهي على ثمانية أضرب: أربعة بسيطة، وأربعة مركبة، فالبسيطة: البارد، والحار، والرطب، واليابس، والمركبة: الحار الرطب، والحار اليابس، والبارد الرطب، والبارد اليابس، وهي إما أن تكون بانصباب مادة، أو بغير انصباب مادة، وإن لم يضر المرض بالفعل يسمى خروجاً عن الاعتدال صحة.
وللبدن ثلاثة أحوال: حال طبيعية، وحال خارجة عن الطبيعية، وحال متوسطة بين الأمرين. فالأولى: بها يكون البدن صحيحاً، والثانية: بها يكون مريضاً. والحال الثالثة: هي متوسط بين الحالتين، فإن الضد لا ينتقل إلى ضده إلا بمتوسط، وسبب خروج البدن عن طبيعته، إما من داخله، لأنه مركب من الحار والبارد، والرطب واليابس، وإما من خارج، فلأن ما يلقاه قد يكون موافقاً، وقد يكون غير موافق، والضرر الذي يلحق الإنسان قد يكون من سوء المزاج بخروجه عن الاعتدال، وقد يكون من فساد في العضو، وقد يكون من ضعف في القوى، أو الأرواح الحاملة لها، ويرجع ذلك إلى زيادة ما الاعتدال في عدم زيادته، أو نقصان ما الاعتدال في عدم نقصانه، أو تفرق ما الاعتدال في اتصاله، أو اتصال ما الاعتدال في تفرقه، أو امتداد ما الاعتدال في انقباضه، أو خروج ذي وضع وشكل عن وضعه وشكله بحيث يخرجه عن اعتداله.
فالطبيب: هو الذي يفرق ما يضر الإنسان جمعه، أو يجمع فيه ما يضره تفرقه، أو ينقص منه ما يضره زيادته، أو يزيد فيه ما يضره نقصه، فيجلب الصحة المفقودة، أو يحفظها بالشكل والشبه، ويدفع العلة الموجودة بالضد والنقيض، ويخرجها، أو يدفعها بما يمنع من حصولها بالحمية، وسترى هذا كله في هدي رسول الله r شافياً كافياً بحول الله وقوته، وفضله ومعونته.
فصل
فكان من هديه r فعل التداوي في نفسه، والأمر به لمن أصابه مرض من أهله وأصحابه، ولكن لم يكن من هديه ولا هدي أصحابه استعمال هذه الأدوية المركبة التي تسمى أقرباذين، بل كان غالب أدويتهم بالمفردات، وربما أضافوا إلى المفرد ما يعاونه، أو يكسر سورته، وهذا غالب طب الأمم على اختلاف أجناسها من العرب والترك. وأهل البوادي قاطبة، وإنما عنى بالمركبات الروم واليونانيون، وأكثر طب الهند بالمفردات.
وقد اتفق الأطباء على أنه متى أمكن التداوي بالغذاء لا يعدل عنه إلى الدواء، ومتى أمكن بالبسيط لا يعدل عنه إلى المركب.
قالوا: وكل داء قدر على دفعه بالأغذية والحمية، لم يحاول دفعه بالأدوية.
قالوا: ولا ينبغي للطبيب أن يولع بسقي الأدوية، فإن الدواء إذا لم يجد في البدن داءً يحلله، أو وجد داءً لا يوافقه، أو وجد ما يوافقه فزادت كميته عليه، أو كيفيته، تشبث بالصحة. وعبث بها. وأرباب التجارب من الأطباء طبهم بالمفردات غالباً، وهم أحد فرق الطب الثلاث.
والتحقيق في ذلك أن الأدوية من جنس الأغذية، فالأمة والطائفة التي غالب أغذيتها المفردات، أمراضها قليلة جداً، وطبها بالمفردات، وأهل المدن الذين غلبت عليهم الأغذية المركبة يحتاجون إلى الأدوية المركبة، وسبب ذلك أن أمراضهم في الغالب مركبة، فالأدوية المركبة أنفع لها، وأمراض أهل البوادي والصحاري مفردة، فيكفي في مداواتها الأدوية المفردة، فهذا برهان بحسب الصناعة الطبية.
ونحن نقول: إن ها هنا أمراً آخر، نسبة طب الأطباء إليه كنسبة طب الطرقية والعجائز إلى طبهم، وقد اعترف به حذاقهم وأئمتهم، فإن ما عندهم من العلم بالطب منهم من يقول: هو قياس. ومنهم من يقول: هو تجربة. ومنهم من يقول: هو إلهامات، ومنامات، وحدس صائب. ومنهم من يقول: أخذ كثير منه من الحيوانات البهيمية، كما نشاهد السنانير إذا أكلت ذوات السموم تعمد إلى السراج، فتلغ في الزيت نتداوى به، وكما رؤيت الحيات إذا خرجت من بطون الأرض، وقد عشيت أبصارها تأتي إلى ورق الرازيانج، فتمر عيونها عليها. وكما عهد من الطير الذي يحتقن بماء البحر عند انحباس طبعه، وأمثال ذلك مما ذكر في مبادئ الطب.
وأين يقع هذا وأمثاله من الوحي الذي يوحيه الله إلى رسوله بما ينفعه ويضره، فنسبة ما عندهم من الطب إلى هذا الوحي كنسبة ما عندهم من العلوم إلى ما جاءت به الأنبياء، بل ها هنا من الأدوية التي تشفي من الأمراض ما لم يهتد إليها عقول أكابر الأطباء، ولم تصل إليها علومهم وتجاربهم، وأقيستهم من الأدوية القلبية، والروحانية، وقوة القلب، واعتماده على الله، والتوكل عليه، والالتجاء إليه، والانطراح والانكسار بين يديه، والتذلل له، والصدقة، والدعاء، والتوبة، والاستغفار، والإحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف، والتفريج عن المكروب، فإن هذه الأدوية قد جربتها الأمم على اختلاف أديانها ومللها، فوجدوا لها من التأثير في الشفاء ما لا يصل إليه علم أعلم الأطباء، ولا تجربته، ولا قياسه.
قال ابن القيم رحمه الله:
وقد جربنا نحن وغيرنا من هذا أموراً كثيرة، ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسية، بل تصير الأدوية الحسية عندها بمنزلة أدوية الطرقية عند الأطباء، وهذا جار على قانون الحكمة الإلهية ليس خارجاً عنها، ولكن الأسباب متنوعة، فإن القلب متى اتصل برب العالمين، وخالق الداء والدواء، ومدبر الطبيعة ومصرفها على ما يشاء كانت له أدوية أخرى غير الأدوية التي يعانيها القلب البعيد منه المعرض عنه، وقد علم أن الأرواح متى قويت، وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره، فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه، وفرحت بقربها من بارئها، وأنسها به، وحبها له، وتنعمها بذكره، وانصراف قواها كلها إليه، وجمعها عليه، واستعانتها به، وتوكلها عليه، أن يكون ذلك لها من أكبر الأدوية، وأن توجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية، ولا ينكر هذا إلا أجهل الناس، وأغلظهم حجاباً، وأكثفهم نفساً، وأبعدهم عن الله وعن حقيقة الإنسانية، وسنذكر إن شاء الله السبب الذي به أزالت قراءة الفاتحة داء اللدغة عن اللديغ التي رقي بها، فقام حتى كأن لما به قلبة([77]).
فهذان نوعان من الطب النبوي، ونحن بحول الله نتكلم عليهما بحسب الجهد والطاقة، ومبلغ علومنا القاصرة، ومعارفنا المتلاشية جداً، وبضاعتنا المزجاة، ولكن نستوهب من بيده الخير كله، ونستمد من فضله، فإنه العزيز الوهاب.

فصل
(في الأحاديث الدالة على مشروعية التداوي)
روى مسلم في "صحيحه": من حديث أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، عن النبي r ، أنه قال: "لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء، برأ بإذن الله عز وجل"([78]).
وفي "الصحيحين": عن عطاء، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r : "ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء" ([79]).
وفي "مسند الإمام أحمد": من حديث زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك، قال: كنت عند النبي r ، وجاءت الأعراب، فقالوا: يا رسول الله! أنتدواى؟ فقال: "نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد"، قالوا: ما هو؟ قال: "الهرم" ([80]).
وفي لفظ: "إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله" ([81]).
وفي "المسند": من حديث ابن مسعود يرفعه: "إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله"([82]).
وفي "المسند" و "السنن": عن أبي خزامة، قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت رقى نسترقيها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئاً؟ فقال: "هي من قدر الله" ([83]).
فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات، وإبطال قول من أنكرها، ويجوز أن يكون قوله: "لكل داء دواء"، على عمومه حتى يتناول الأدواء القاتلة، والأدواء التي لا يمكن لطبيب أن يبرئها، ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدوية تبرئها، ولكن طوى علمها عن البشر، ولم يجعل لهم إليه سبيلاً، لأنه لا علم للخلق إلا ما علمهم الله، ولهذا علق النبي r الشفاء على مصادفة الدواء للداء، فإنه لا شيء من المخلوقات إلا له ضد، وكل داء له ضد من الدواء يعالج بضده، فعلق النبي r البرء بموافقة الداء للدواء، وهذا قدر زائد على مجرد وجوده، فإن الدواء متى جاوز درجة الداء في الكيفية، أو زاد في الكمية على ما ينبغي، نقله إلى داء آخر، ومتى قصر عنها لم يف بمقاومته، وكان العلاج قاصراً، ومتى لم يقع المداوي على الدواء، أو لم يقع الدواء على الداء، لم يحصل الشفاء، ومتى لم يكن الزمان صالحاً لذلك الدواء، لم ينفع، ومتى كان البدن غير قابل له، أو القوة عاجزة عن حمله، أو ثم مانع يمنع من تأثيره، لم حصل البرء لعدم المصادفة، ومتى تمت المصادفة حصل البرء بإذن الله ولابد، وهذا أحسن المحملين في الحديث.
والثاني: أن يكون من العام المراد به الخاص، لاسيما والداخل في اللفظ أضعاف الخارج منه، وهذا يستعمل في كل لسان، ويكون المراد أن الله لم يضع داء يقبل الدواء إلا وضع له دواء، فلا يدخل في هذا الأدواء التي لا تقبل الدواء، وهذا كقوله تعالى في الريح التي سلطها على قوم عاد: }تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا{ [الأحقاف: 25] أي كل شيء يقبل التدمير، ومن شأن الريح أن تدمره، ونظائره كثيرة.
ومن تأمل خلق الأضداد في هذا العالم، ومقاومة بعضها لبعض، ودفع بعضها ببعض، وتسليط بعضها على بعض، تبين له كمال قدرة الرب تعالى، وحكمته، وإتقانه ما صنعه وتفرده بالربوبية، والوحدانية، والقهر، وأن كل ما سواه فله ما يضاده ويمانعه، كما أنه الغني بذاته، وكل ما سواه محتاج بذاته.
وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع، والعطش، والحر، والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزاً ينافي التوكل الذي حققته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عزه توكلاً، ولا توكله عجزاً.
وفيها رد على من أنكر التداوي، وقال: إن كان الشفاء قد قدر، فالتداوي لا يفيده وإن لم يكن قد قدر، فكذلك وأيضاً، فإن المرض حصل بقدر الله، وقدر الله لا يدفع ولا يرد، وهذا السؤال هو الذي أورده الأعراب على رسول الله r ، وأما أفاضل الصحابة، فأعلم بالله وحكمته وصفاته من أن يوردوا مثل هذا، وقد أجابهم النبي r بما شفى وكفى، فقال: هذه الأدوية والرقى والتقى هي من قدر الله، فما خرج شيء عن قدره، بل يرد قدره بقدره، وهذا الرد من قدره، فلا سبيل إلى الخروج عن قدره بوجه ما، وهذا كرد قدر الجوع، والعطش والحر، والبرد بأضدادها، وكرد العدو بالجهاد، وكل من قدر الله الدافع والمدفوع والدفع.
ويقال لمورد هذا السؤال: هذا يوجب عليك أن لا تباشر سبباً من الأسباب التي تجلب بها منفعة، أو تدفع بها مضرة، لأن المنفعة والمضرة إن قدرتا، لم يكن بد من وقوعها، وإن لم تقدرا لم يكن سبيل إلى وقوعهما، وفي ذلك حراب الدين والدنيا، وفساد العالم، وهذا لا يقوله إلا دافع للحق، معاند له، فيذكر القدر ليدفع حجة المحق عليه، كالمشركين الذين قالوا: }لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا{ [الأنعام: 148]، و }لَوْ شَاءَ اللهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلاَ آبَاؤُنَا{ [النحل: 35]، فهذا قالوه دفعاً لحجة الله عليهم بالرسل.
وجواب هذا السائل أن يقال: بقي قسم ثالث لم تذكره، وهو أن الله قدر كذا وكذا بهذا السبب، فإن أتيت بالسبب حصل المسبب، وإلا فلا. فإن قال: إن كان قدر لي السبب، فعلته، وإن لم يقدره لي لم أتمكن من فعله.
قيل: فهل تقبل هذا الاحتجاج من عبدك، وولدك، وأجيرك إذا احتج به عليك فيما أمرته به، ونهيته عنه فخالفك؟ فإن قبلته، فلا تلم من عصاك، وأخذ مالك، وقذف عرضك، وضيع حقوقك، وإن لم تقبله، فكيف يكون مقبولاً منك في دفع حقوق الله عليك. وقد روي في أثر إسرائيلي: أن إبراهيم الخليل قال: يا رب ممن الداء؟ قال: "مني". قال: "فممن الدواء"؟ قال: "مني". قال: فما بال الطبيب؟. قال: "رجل أرسل الدواء على يديه".
وفي قوله r: "لكل داء دواء" ، تقوية لنفس المريض والطبيب، وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش عليه، فإن المريض إذا استشعرت نفسه أن لدائه دواء يزيله، تعلق قلبه بروح الرجاء، وبردت عنده حرارة اليأس، وانفتح له باب الرجاء، ومتى قويت نفسه انبعثت حرارته الغريزية، وكان ذلك سبباً لقوة الأرواح الحيوانية والنفسانية والطبيعية، ومتى قويت هذه الأرواح، قويت القوى التي هي حاملة لها، فقهرت المرض ودفعته.
وكذلك الطبيب إذا علم أن لهذا الداء دواء أمكنه طلبه والتفتيش عليه. وأمراض الأبدان على وزان أمراض القلوب، وما جعل الله للقلب مرضاً إلا جعل له شفاء بضده، فإن علمه صاحب الداء واستعمله، وصادف داء قلبه، أبرأه بإذن الله تعالى.

فصل
في هديه r في الإرشاد إلى معالجة أحذق الطبيبين
ذكر مالك في "موطئه": عن زيد بن أسلم، أن رجلاً في زمان رسول الله r أصابه جرح، فاحتقن الجرح الدم، وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار، فنظرا إليه فزعما أن رسول الله r قال لهما: "أيكما أطب"؟ فقال: أو في الطب خير يا رسول الله؟ فقال: "أنزل الدواء الذي أنزل الداء" ([84]).
ففي هذا الحديث أنه ينبغي الاستعانة في كل علم وصناعة بأحذق من فيها فالأحذق، فإنه إلى الإصابة أقرب.
وهكذا يجب على المستفتي أن يستعين على ما نزل به بالأعلم فالأعلم. لأنه أقرب إصابة ممن هو دونه.
وكذلك من خفيت عليه القبلة، فإنه يقلد أعلم من يجده، وعلى هذا فطر الله عباده، كما أن المسافر في البر والبحر إنما سكون نفسه، وطمأنينته إلى أحذق الدليلين وأخبرهما، وله يقصد، وعليه يعتمد، فقد اتفقت على هذا الشريعة والفطرة والعقل.
وقوله r : "أنزل الدواء الذي أنزل الداء"، قد جاء مثله عنه في أحاديث كثيرة، فمنها ما رواه عمرو بن دينار، عن هلال بن يساف، قال: دخل رسول الله r على مريض يعوده، فقال: "أرسلوا إلي طبيب"، فقال قائل: وأنت تقول ذلك يا رسول الله؟ قال: "نعم إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له دواء".
وفي " الصحيحين" من حديث أبي هريرة يرفعه: "ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء، وقد تقدم هذا الحديث وغيره.
واختلف في معنى "أنزل الداء والدواء"، فقالت طائفة: إنزاله إعلام العباد به، وليس بشيء، فإن النبي r أخبر بعموم الإنزال لكل داء ودوائه، وأكثر الخلق لا يعلمون ذلك، ولهذا قال: "علمه من علمه، وجهله من جهله".
وقالت طائفة: إنزالهما: خلقهما ووضعهما في الأرض، كما في الحديث الآخر: "إن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء"، وهذا وإن كان أقرب من الذي قبله، فلفظة الإنزال أخص من لفظة الخلق والوضع، فلا ينبغي إسقاط خصوصية اللفظة بلا موجب.
وقالت طائفة: إنزالهما بواسطة الملائكة الموكلين بمباشرة الخلق من داء ودواء وغير ذلك، فإن الملائكة موكلة بأمر هذا العالم، وأمر النوع الإنساني من حيث سقوطه في رحم أمه إلى حين موته، فإنزال الداء والدواء مع الملائكة، وهذا أقرب من الوجهين قبله.
وقالت طائفة: إن عامة الأدواء والأدوية هي بواسطة إنزال الغيث من السماء الذي تتولد به الأغذية، والأقوات، والأدوية، والأدواء، وآلات ذلك كله، وأسبابه ومكملاته، وما كان منها من المعادن العلوية، فهي تنزل من الجبال، وما كان منها من الأودية والأنهار والثمار، فداخل في اللفظ على طريق التغليب والاكتفاء عن الفعل بفعل واحد يتضمنهما، وهو معروف من لغة العرب، بل وغيرها من الأمم، كقول الشاعر:
علفتها تبناً وماءً بارداً حتى غدت همالة عيناها ([85])
وقول الآخر:
ورأيت زوجك قد غدا متقلداً سيفاً ورمحاً ([86])
وقول الآخر:
إذا ما الغانيات برزن يوماً وزججن الحواجب والعيوناً ([87])
وهذا أحسن ما قبله من الوجوه والله أعلم.
وهذا من تمام حكمة الرب عز وجل، وتمام ربوبيته، فإنه كما ابتلى عباده بالأدواء، أعانهم عليها بما يسره لهم من الأدوية، وكما ابتلاهم بالذنوب أعانهم عليها بالتوبة، والحسنات الماحية والمصائب المكفرة، وكما ابتلاهم بالأرواح الخبيثة من الشياطين، أعانهم عليها بجند من الأرواح الطيبة، وهم الملائكة.
وكما ابتلاهم بالشهوات أعانهم على قضائها بما يسره لهم شرعاً وقدراً من المشتهيات اللذيذة النافعة، فما ابتلاهم سبحانه بشيء إلا أعطاهم ما يستعينون به على ذلك البلاء، ويدفعونه به، ويبقى التفاوت بينهم في العلم بذلك، والعلم بطريق حصوله والتوصل إليه، وبالله المستعان.

فصل
في هديه r في تضمين من طب الناس،
وهو جاهل بالطب
روى أبو داود، والنسائي، وابن ماجة، من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله r: "من تطبب ولم يعلم منه الطب قبل ذلك، فهو ضامن" ([88]).
هذا الحديث يتعلق به ثلاثة أمور: أمر لغوي، وأمر فقهي، وأمر طبي.
فأما اللغوي: فالطب بكسر الطاء في لغة العرب، يقال: على معان منها الإصلاح، يقال: طببته: إذ أصلحته. ويقال: له طب بالأمور. أي: لطف وسياسة. قال الشاعر:
وإذا تغر من تميم أمرها كنت الطبيب لها برأي ثاقب
ومنها: الحذق: قال الجوهري: كل حاذق طبيب عند العرب، قال أبو عبيد: أصل الطب: الحذق بالأشياء والمهارة بها. يقال للرجل: طب وطبيب: إذا كان كذلك، وإن كان في غير علاج المريض. وقال غيره: رجل طبيب: أي حاذق: سمي طبيباً لحذقه وفطنته. قال علقمة:
فإن تسألوني بالنسـاء فـإنني خـبير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله فليس له من ودهن نصيب ([89]).
وقال عنترة:
إن تغدفي دوني القناع فإنني طب بأخذ الفارس المستلئم ([90])
أي: إن ترخي عني قناعك، وتستري وجهك رغبة عني، فإني خبير حاذق بأخذ الفارس الذي قد لبس لأمة حربه.
ومنها: العادة، يقال: ليس ذاك بطبي، أي: عادتي، قال فروة بن مسيك([91]):
فما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرينا
وقال أحمد بن الحسين المتنبي:
وما التيه طبي فيهم غير أنني بغيض إلي الجاهل المتعاقل ([92])
ومنها: السحر، يقال: رجل مطبوب، أي: مسحور، وفي "الصحيح" في حديث عائشة لما سحرت يهود رسول الله r ، وجلس الملكان عند رأسه وعند رجليه، فقال أحدهما: ما بال الرجل؟ قال الآخر: مطبوب. قال: من طبه؟ قال: فلان اليهودي.
قال أبو عبيد: إنما قالوا للمسحور: مطبوب، لأنهم كنوا بالطب عن السحر، كما كنوا عن اللديغ، فقالوا: سليم تفاؤلا بالسلامة، وكما كنوا بالمفازة عن الفلاة المهلكة التي لا ماء فيها، فقالوا: مفازة تفاؤلاً بالفوز من الهلاك، ويقال: الطب لنفس الداء. قال ابن أبي الأسلت:
ألا من مبلغ حسان عني أسحر كان طبك أم جنون
وأما قول الحماسي:
فإن كنت مطبوباً فلازلت هكذا
وإن كنت مسحوراً أفلا برئ السحر([93])
فإنه أراد بالمطبوب الذي قد سحر، وأراد بالمسحور: العليل بالمرض.
قال الجوهري: ويقال للعليل: مسحور. وأنشد البيت. ومعناه: إن كان هذا الذي قد عراني منك ومن حبك أسأل الله دوامه، ولا أريد زواله، سواء كان سحراً أو مرضاً.
والطب: مثلث الطاء، فالمفتوح الطاء: هو العالم بالأمور، وكذلك الطبيب يقال له: طب أيضاً. والطب: بكسر الطاء: فعل الطبيب، والطب بضم الطاء: اسم موضع، قاله ابن السيد، وأنشد:
فقلت هل انهلتم بطب ركابكم بجائزة الماء التي طاب طينها
وقوله r :"من تطبب"، ولم يقل: من طب، لأن لفظ التفعل يدل على تكلف الشيء والدخول فيه بعسر وكلفه، وأنه ليس من أهله، كتحلم وتسجع وتصبر ونظائرها، وكذلك بنوا تكلف على هذا الوزن، قال الشاعر:
وقيس عيلان ومن تقيسا ([94])
وأما الأمر الشرعي، فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل، فإذا تعاطى علم الطب وعلمه، ولم يتقدم له به معرفة، فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس، وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه، فيكون قد غرر بالعليل، فليزمه الضمان لذلك، وهذا إجماع أهل العلم.
قال الخطابي: لا أعلم خلافاً في أن المعالج إذا تعدى، فتلف المريض كان ضامناً، والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه متعد، فإذا تولد من فعله التلف من الدية، وسقط عنه القود، لأنه لا يستبد بذلك بدون إذن المريض وجناية المتطبب في قول عامة الفقهاء على عاقلته.
قلت: الأقسام خمسة: أحدها: طبيب حاذق أعطى الصنعة حقها ولم تجن يده، فتولد من فعله المأذون فيه من جهة الشارع، ومن جهة من يطبه تلف العضو أو النفس، أو ذهاب صفة، فهذا لا ضمان عليه اتفاقاً، فإنها سراية مأذون فيه، وهذا كما إذا ختن الصبي في وقت وسنه قابل للختان، وأعطى الصنعة حقها، فتلف العضو أو الصبي، لم يضمن، وكذلك إذا بط من عاقل أو غيره ما ينبغي بطه في وقته على الوجه الذي ينبغي فتلف به، لم يضمن، وهكذا سراية كل مأذون فيه لم يتعد الفاعل في سببها، كسراية الحد بالاتفاق. وسراية القصاص عند الجمهور خلافاً لأبي حنيفة في إيجابه الضمان بها، وسراية التعزير، وضرب الرجل امرأته، والمعلم الصبي، والمستأجر الدابة، خلافاً لأبي حنيفة والشافعي في إيجابهما الضمان في ذلك، واستثنى الشافعي ضرب الدابة.
وقاعدة الباب إجماعاً ونزاعاً: أن سراية الجناية مضمونة بالاتفاق، وسراية الواجب مهدرة بالاتفاق، وما بينهما ففيه النزاع. فأبو حنيفة أوجب ضمانه مطلقاً، وأحمد ومالك أهدرا ضمانه، وفرق الشافعي بين المقدر، فأهدر ضمانه، وبين غير المقدر فأوجب ضمانه. فأبو حنيفة نظر إلى أن الإذن في الفعل إنما وقع مشروطاً بالسلامة، وأحمد ومالك نظرا إلى أن الإذن أسقط بالضمان، والشافعي نظر إلى أن المقدر لا يمكن النقصان منه، فهو بمنزلة النص، وأما غير المقدر كالتعزيرات، والتأديبات، فاجتهادية، فإذا تلف بها، ضمن، لأنه في مظنة العدوان.
فصل
القسم الثاني: متطبب جاهل باشرت يده من يطبه، فتلف به، فهذا إن علم المجني عليه أنه جاهل لا علم له، وأذن في طبه لم يضمن، ولا تخالف هذه الصورة ظاهر الحديث، فإن السياق وقوة الكلام يدل على أنه غر العليل، وأوهمه أنه طبيب، وأذن له في طبه لأجل معرفته، ضمن الطبيب ما جنت يده، وكذلك إن وصف له دواء يستعمله، والعليل يظن أنه وصفه لمعرفته وحذقه فتلف به، ضمنه، والحديث ظاهر فيه أو صريح.
فصل
القسم الثالث: طبيب حاذق، أذن له، وأعطى الصنعة حقها، لكنه أخطأت يده، وتعدت إلى عضو صحيح فأتلفه، مثل: إن سبقت يد الخاتن إلى الكمرة، فهذا يضمن، لأنها جناية خطأ، ثم إن كانت الثلث فما زاد، فهو على عاقلته، فإن لم تكن عاقلة، فهل تكون الدية في ماله، أو في بيت المال؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد. وقيل: إن كان الطبيب ذمياً، ففي ماله، وإن كان مسلماً، ففيه الروايتان، فإن لم يكن بيت مال، أو تعذر تحميله، فهل تسقط الدية، أو تجب في مال الجاني؟ فيه وجهان أشهرهما: سقوطها.
فصل
القسم الرابع: الطبيب الحاذق الماهر بصناعته، اجتهد فوصف للمريض دواء، فأخطأ في اجتهاده، فقتله، فهذا يخرج على روايتين: إحداهما: أن دية المريض في بيت المال. والثانية: أنها على عاقلة الطبيب، وقد نص عليهما الإمام أحمد في خطأ الإمام والحاكم.
فصل
القسم الخامس: طبيب حاذق، أعطى الصنعة حقها، فقطع سِلَعة ([95]) من رجل أو صبي، أو مجنون بغير إذنه، أو إذن وليه، أو ختن صبياً بغير إذن وليه فتلف، فقال أصحابنا: يضمن، لأنه تولد من فعل غير مأذون فيه، وإن أذن له البالغ، أو ولي الصبي والمجنون، لم يضمن، ويحتمل أن لا يضمن مطلقاً لأنه محسن، وما على المحسنين من سبيل. وأيضاً فإنه إن كان متعدياً، فلا أثر لإذن الولي في إسقاط الضمان، وإن لم يكن متعدياً، فلا وجه لضمانه. فإن قلت: هو متعد عند عدم الإذن، غير متعد عند الإذن، قلت: العدوان وعدمه إنما يرجع إلى فعله هو، فلا أثر للإذن وعدمه فيه، وهذا موضع نظر.
فصل
والطبيب في هذا الحديث يتناول من يطب بوصفه وقوله، وهو الذي يخص باسم الطبائعي، وبمروده، وهو الكحال، وبمبضعه ومراهمه وهو الجرائحي، وبمواساه وهو الخاتن، وبريشته وهو الفاصد، وبمحاجمه ومشرطه وهو الحجام، وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجبر، وبمكواته وناره وهو الكواء، وبقربته وهو الحاقن، وسواء كان طبه لحيوان بهيم، أو إنسان، فاسم الطبيب يطلق لغة على هؤلاء كلهم، كما تقدم، وتخصيص الناس له ببعض أنواع الأطباء عرف حادث، كتخصيص لفظ الدابة بما يخصها به كل قوم.
فصل
والطبيب الحاذق: هو الذي يراعي في علاجه عشرين أمراً:
أحدها: النظر في نوع المرض من أي الأمراض هو؟
الثاني: النظر في سببه من أي شيء حدث، والعلة الفاعلة التي كانت سبب حدوثه ما هي؟.
الثالث: قوة المريض، وهل هي مقاومة للمرض، أو أضعف منه؟ فإن كانت مقاومة للمرض، مستظهرة عريه، تركها والمرض، ولم يحرك بالدواء ساكناً.
الرابع: مزاج البدن الطبيعي ما هو؟.
الخامس: المزاج الحادث على غير المجرى الطبيعي.
السادس: سن المريض.
السابع: عادته.
الثامن: الوقت الحاضر من فصول السنة وما يليق به.
التاسع: بلد المريض وتربته.
العاشر: حال الهواء في وقت المرض.
الحادي عشر: النظر في الدواء المضاد لتلك العلة.
الثاني عشر: النظر في قوة الدواء ودرجته، والموازنة بينها وبين قوة المريض.
الثالث عشر: ألا يكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط، بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث أصعب منها، فمتى كان إزالتها لا يأمن معها حدوث علة أخرى أصعب منها، أبقاها على حالها، وتلطيفها هو الواجب، وهذا كمرض أفواه العروق، فإنه متى عولج بقطعه وحبسه خيف حدوث ما هو أصعب منه.
الرابع عشر: أن يعالج بالأسهل فالأسهل، لا ينتقل من العلاج بالغذاء إلى الدواء إلا عند تعذره، ولا ينتقل إلى الدواء المركب إلا عند تعذر الدواء البسيط، فمن حذق الطبيب علاجه بالأغذية بدل الأدوية، وبالأدوية البسيطة بدل المركبة.
الخامس عشر: أن ينظر في العلة، هل هي مما يمكن علاجها أو لا؟ فإن لم يمكن علاجها، حفظ صناعته وحرمته، ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئاً. وإن أمكن علاجها، نظر هل يمكن زوالها أم لا؟ فإن علم أنه لا يمكن زوالها، نظر هل يمكن تخفيفها وتقليلها أم لا؟ فإن لم يمكن تقليلها، ورأى أن غاية الإمكان إيقافها وقطع زيادتها، قصد بالعلاج ذلك ، وأعان القوة، وأضعف المادة.
السادس عشر: ألا يتعرض للخلط قبل نضجه باستفراغ، بل يقصد إنضاجه، فإذا تم نضجه، بادر إلى استفراغه.
السابع عشر: أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها، وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان، فإن انفعال البدن وطبيعته عن النفس والقلب أمر مشهود، والطبيب إذا كان عارفاً بأمراض القلب والروح وعلاجهما، كان هو الطبيب الكامل، والذي لا خبرة له بذلك وإن كان حاذقاً في علاج الطبيعة وأحوال البدن نصف طبيب. وكل طبيب لا يداوي العليل، بتفقد قلبه وصلاحه، وتقوية روحه وقواه بالصدقة، وفعل الخير، والإحسان، والإقبال على الله والدار الآخرة، فليس بطبيب، بل متطبب قاصر. ومن أعظم علاجات المرض فعل الخير والإحسان والذكر والدعاء، والتضرع والابتهال إلى الله، والتوبة، ولهذه الأمور تأثير في دفع العلل، وحصول الشفاء أعظم من الأدوية الطبيعية، ولكن بحسب استعداد النفس وقبولها وعقيدتها في ذلك ونفعه.
الثامن عشر: التلطف بالمريض. والرفق به، كالتلطف بالصبي.
التاسع عشر: أن يستعمل أنواع العلاجات الطبيعية والإلهية، والعلاج بالتخييل، فإن لحذاق الأطباء في التخييل أموراً عجيبة لا يصل إليها الدواء، فالطبيب الحاذق يستعين على المرض بكل معين.
العشرون: وهو ملاك أمر الطبيب، أن يجعل علاجه وتدبيره دائراً على ستة أركان: حفظ الصحة الموجودة، ورد الصحة المفقودة بحسب الإمكان، وإزالة العلة أو تقليلها بحسب الإمكان، واحتمال أدنى المفسدتين لإزالة أعظمهما، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما، فعلى هذه الأصول الستة مدار العلاج، وكل طبيب لا تكون هذه أخيته ([96]) التي يرجع إليها، فليس بطبيب، والله أعلم.

فصل
ولما كان للمرض أربعة أحوال: ابتداء، وصعود، وانتهاء، وانحطاط، تعين على الطبيب مراعاة كل حال من أحوال المرض بما يناسبها ويليق بها، ويستعمل في كل حال ما يجب استعماله فيها. فإذا رأى في ابتداء المرض أن الطبيعة محتاجة إلى ما يحرك الفضلات ويستفرغها لنضجها، بادر إليه، فإن فاته تحريك الطبيعة في ابتداء المرض لعائق منع من ذلك، أو لضعف القوة وعدم احتمالها للاستفراغ، أو لبرودة الفصل، أو لتفريط وقع، فينبغي أن يحذر كل الحذر أن يفعل ذلك في صعود المرض، لأنه إن فعله، تحيرت الطبيعة لاشتغالها بالدواء، وتخلت عن تدبير المرض ومقاومته بالكلية، ومثاله: أن يجيء إلى فارس مشغول بمواقعة عدوه، فيشغله عنه بأمر آخر، ولكن الواجب في هذه الحال أن يعين الطبيعة على حفظ القوة ما أمكنه.
فإذا انتهى المرض ووقف وسكن، أخذ في استفراغه، واستئصال أسبابه، فإذا أخذ في الانحطاط، كان أولى بذلك. ومثال هذا مثال العدو إذا انتهت قوته، وفرغ سلاحه، كان أخذه سهلاً، فإذا ولى وأخذ في الهرب، كان أسهل أخذاً، وحدته وشوكته إنما هي في ابتدائه، وحال استفراغه، وسعة قوته، فهكذا الداء والدواء سواء.

فصل
ومن حذق الطبيب أنه حيث أمكن التدبير بالأسهل، فلا يعدل إلى الأصعب، ويتدرج من الأضعف إلى الأقوى إلا أن يخاف فوت القوة حينئذ، فيجب أن يبتدئ بالأقوى، ولا يقيم في المعالجة على حال واحدة فتألفها الطبيعة، ويقل انفعالها عنه، ولا تجسر على الأدوية القوية في الفصول القوية، وقد تقدم أنه إذا أمكنه العلاج بالغذاء، فلا يعالج بالدواء، وإذا أشكل عليه المرض أحار هو أم بارد؟ فلا يقدم حتى يتبين له، ولا يجر به بما يخاف عاقبته، ولا بأس بتجربته بما لا يضر أثره.
وإذا اجتمعت أمراض، بدأ بما تخصه واحدة من ثلاث خصال:
إحداها: أن يكون برء الآخر موقوفاً على برئه كالورم والقرحة فإنه يبدأ بالورم.
الثانية: أن يكون أحدها سببًا للآخر، كالسدة والحمى والعفنة فإنه يبدأ بإزالة السبب.
الثالثة: أن يكون أحدهما أهم من الآخر، كالحاد والمزمن، فيبدأ بالحاد، ومع هذا فلا يغفل عن الآخر. وإذا اجتمع المرض والعرض، بدأ بالمرض، إلا أن يكون العرض أقوى كالقولنج ([97])، فيسكن الوجع أولاً، ثم يعالج السدة، وإذا أمكنه أن يعتاض عن المعالجة بالاستفراغ بالجوع أو الصوم أو النوم، لم يستفرغه، وكل صحة أراد حفظها، حفظها بالمثل أو الشبه، وإن أراد نقلها إلى ما هو أفضل منها، نقلها بالضد.

فصل
في هديه r في علاج المرضى بتطييب نفوسهم
وتقوية قلوبهم
روى ابن ماجة "في سننه" من حديث أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله r : "إذا دخلتم على المريض، فنفسوا له في الأجل، فإن ذلك لا يرد شيئاً، وهو يطيب نفس المريض" ([98]).
وفي هذا الحديث نوع شريف جداً من أشرف أنواع العلاج، وهو الإرشاد إلى ما يطيب نفس العليل من الكلام الذي تقوى به الطبيعة، وتنتعش به القوة، وينبعث به الحار الغريزي، فيتساعد على دفع العلة أو تخفيفها الذي هو غاية تأثير الطبيب.
وتفريج نفس المريض، وتطييب قلبه، وإدخال ما يسره عليه، له تأثير عجيب في شفاء علته وخفتها، فإن الأرواح والقوى تقوى بذلك، فتساعد الطبيعة على دفع المؤذي، وقد شاهد الناس كثيراً من المرضى تنتعش قواه بعيادة من يحبونه، ويعظمونه، ورؤيتهم لهم، ولطفهم بهم، ومكالمتهم إياهم، وهذا أحد فوائد عيادة المرضى التي تعلق بهم، فإن فيها أربعة أنواع من الفوائد: نوع يرجع إلى المريض، ونوع يعود على العائد، ونوع يعود على أهل المريض، ونوع يعود على العامة.
وقد تقدم في هديه r أنه كان يسأل المريض عن شكواه، وكيف يجده ويسأله عما يشتهيه، ويضع يده على جبهته، وربما وضعها بين ثدييه، ويدعو له، ويصف له ما ينفعه في علته، وربما توضأ وصب على المريض من وضوئه، وربما كان يقول للمريض: "لا بأس طهور إن شاء الله" ([99])، وهذا من كمال اللطف، وحسن العلاج والتدبير.





([1]) مختصر الطب النبوي للشيخ عبد الله بن سفر البشر.

([2]) سورة الأحزاب آية - 71.

([3]) سورة آل عمران آية - 185.

([4]) سورة لقمان آية - 8.

([5]) مشكاة المصابيح للخطيب البريزي بتحقيق الألباني 2/1278 - 1288.

([6]) عرق معروف في وسط اليد ومنه يفصد.

([7]) أي كواه.

([8]) المشقص: نصل السهم إذا كان طويلاً.

([9]) وهو الكمون الأسود، أو الخردل.

([10]) من العقاقير، معروف في الأدوية، طيب الريح تتبخر به النفساء والأطفال كما في "النهاية".

([11]) أن بعصر العذرة، وهي قرحة في الحلق.

([12]) وجع في الحلق يهيج من الدم. وقيل: هي قرحة كانوا يعمدون إلى غمزها فينفجر منه دم أسود.

([13]) من الدغر، وهو الدفع والغمز. وقد أثبتت ألف (ما) الاستفهامية في كل النسخ ونقل صاحب المرقاة أن صاحب "الجامع الصغير" أوردها بحذف الألف، وهو الصواب.

([14]) بصيغة المجهول، من لد الرجل، إذا صب الدواء في أحد شقي الفم.

([15]) الحمة: السم، ويطلق على إبرة العقرب.

([16]) هي قروح تخرج بالجنب وغيره ذكره في "النهاية".

([17]) كذا في جميع النسخ: استرقوا لها وفي الأصل: استرقوا.

([18]) وإسناده صحيح.

([19]) هي حمرة تعلو الوجه والجسد.

([20]) أي يصف حسنهما ويمدح التداوي بهما.

([21]) أي بأي شيء تطلبين الاسهال.

([22]) نبت يسهل البطن.

([23]) قال العلامة الداري في "المرقاة": كرر للتأكيد لأنه لا يليق بالاسهال، وهو على ما ضبطناه في جميع النسخ المصصحة والأصول المعتمدة. وفي الكاشف: وروي: حار جار، بالجيم إتباعاً للحار وهو كذلك في بعض نسخ المشكاة وفي الترمذي (2/29) طبع الهند.

([24]) وإسناده ضعيف، ويغني عنه الحديث الذي بعده وشطره الأول صحيح لغيره بحديث البخاري: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" وقد تقدم برقم(1).

([25]) وإسناده صحيح.

([26]) في أبي داود (3/158): "اخضبهما".

([27]) وإسناده صحيح.

([28]) القرحة: جراحة من سيف أو سكين.

([29]) النكبة: جراحة من حجر أو شوك.

([30]) أي من أجل وجع يصيب العضو من غير كسر.

([31]) بل هو صحيح لشواهده.

([32]) وإسناده صحيح.

([33]) الأخدعان: هما عرقان في جانبي العنق.

([34]) الكاهل: ما بين الكتفين.

([35]) وإسناده صحيح.

([36]) زيادة من مخطوطة الحاكم.

([37]) وإسناده حسن.

([38]) يقال: زعم، في حديث لا سند له ولا ثبت، وإنما يحكى عن الألسن على سبيل البلاغ. قال الطيبي: ولعله في الحديث محمول على الظن والاعتقاد.

([39]) وإسناده ضعيف.

([40]) أي برص والوضح: البياض من كل شيء.

([41]) أي لطخ عضواً بدواء.

([42]) نوع من السحر.

([43]) ترمى بما يهيج الوجع.

([44]) بالهمز والتسهيل.

([45]) إسناده حسن.

([46]) النوع الذي كان أهل الجاهلية يعالجون به.

([47]) إسناده صحيح.

([48]) كذا في الأصول كلها، والصواب "عبد الله بن عمرو" كما قال الحافظ ابن حجر على ما في "المرقاة" وكذلك هو في "كتاب الطب" من "سنن أبي داود" (3869). "باب الترياق" وقال عقبة: هذا كان للنبي خاصة، وقد رخص فيه قوم "يعني الترياق".

([49]) الترياق بكسر فسكون: دواء يستعمل لدفع السم وهو أنواع.

([50]) خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع العين والآفات.

([51]) كلمة نفسي سقطت من الأصل واستدركناها من النسخ الأخرى.

([52]) وإسناده ضعيف.

([53]) وإسناده صحيح.

([54]) الحمة: سم من لدغة العقرب.

([55]) وإسناده صحيح، ورواه البخاري (4/54) موقوفاً على عمران.

([56]) وإسناده ضعيف، ورواه مسلم (1/138) موقوفاً عليه.

([57]) زاد أبو داود "يرقأ" أي رعاف.

([58]) وإسناده ضعيف.

([59]) وإسناده صحيح.

([60]) الياء من إشباع كسرة التاء.

([61]) وإسناده صحيح.

([62]) الجارية المخبأة في خدرها.

([63]) أي كلمه بكلام شديد.

([64]) أي هلا دعوت له بالبركة.

([65]) وفي نسخة: ليس به بأس.

([66]) وإسناده صحيح وفي نسخة: فتوضأ له.

([67]) قلت: وإسناده صحيح.

([68]) رقم (5107) وإسناده ضعيف.

([69]) أي ضربها.

([70]) والأول منهما ضعيف والآخر صحيح.

([71]) أي مركنة، وقيل: هي إجانة تغسل فيها الثياب.

([72]) أي في حقة: وهي وعاء من خشب، والجلجل في الأصل: الجرس الصغير، ولعله يقصد به هنا وعاء من الفضة.

([73]) أي حركته له.

([74]) العمش: ضعف في الرؤية مع سيلان الماء في أكثر الأوقات.

([75]) أي يفور ويغلي.

([76]) وإسناده ضعيف.

([77]) يقال: ما بالعليل قلبة، أي: ما به شيء، ولا يستعمل إلا في النفي، والقلبة: داء أو ألم يتقلب منه صاحبه.

([78]) أخرجه مسلم (2204) في السلام: باب لكل داء دواء واستحباب التداوي.

([79]) أخرجه البخاري 10/113 في الطب: باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، وقد وهم المؤلف رحمه الله في عزوه إلى مسلم، فإنه لم يخرجه، وهو في سنن ابن ماجة (3439).

([80]) أخرجه أحمد 4/278، وابن ماجة (3436)، وأبو داود (3855) في أول الطب، والترمذي (2039) في الطب: باب ما جاء في الدواء والحث عليه، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (1395)، و (1924) والبوصيري في "زوائده" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة وأبي خزامة عن أبيه وابن عباس.

([81]) أخرجه أحمد 4/278.

([82]) أخرجه أحمد (3578) و( 3922) و(4236) و(4267) و(4334) وابن ماجة (3438)، وإسناده صحيح، وصححه البوصيري في (زوائده) والحاكم 4/196، 197. ووافقه الذهبي.

([83]) أخرجه أحمد 3/421، والترمذي (2066) والحاكم 4/199، وابن ماجة (3437). وفي سنده مجهول، وباقي رجاله ثقات، وانظر ترجمته أبي خزامة في "التهذيب" ، وفي الباب عن حكيم بن حزام عند الحاكم 4/199، وصححه ووافقه الذهبي.

([84]) "الموطأ" 4/328 بشرح الزرقاني، وهو مرسل.

([85]) هو لذي الرمة في "المقتضب" 4/223، والخصائص 2/431، و"أمالي المرتضى" 2/259، و"أمالي ابن الشجري" 2/321، و "الإنصاف" ص613، و "شرح المفصل" 2/8، والخزانة 1/499.

([86]) هو لعبد الله بن الزبعري في "الكامل" 189 و 209، و "المقتضب" 2/51، و "الخصائص" 2/431 و "أمالي ابن الشجري" 2/321، و "أمالي المرتضى" 1/54، و 260 و 375.

([87]) هو للراعي النميري في ديوانه ص156، و "تأويل مشكل القرآن" ص 165، و "الخصائص" 2/432، و "الإنصاف" 610.

([88]) أخرجه أبو داود (4586): باب فيمن تطبب بغير علم، والنسائي 8/53 في القسامة: باب صفة سبه العمد، وابن ماجة (3466) في الطب: باب من تطبب ولم يعلم منه طب، وسنده حسن.

([89]) البيتان من قصيدته المفضلة الرائعة التي قالها في مدح الحارث بن جبلة بن أبي شمر الغساني، ومطلعها.
طحابك قلب في الحسان طروب بعيد الشباب عصر حان مشيب
وهي في "المفضليات" ص290، وديوان علقمة ص131، ومختار الشعر الجاهلي 1/418، وشرح "المفضليات" 3/158 للتبريزي. وقوله: بالنساء، يريد: عن النساء، وفي القرآن (فاسأل به خبيراً). وقوله إذا شاب.... هو كقول امرئ القيس.
أراهن لا يحببن من قل ماله



ولا من رأين الشيب فيه وقوساً


وعلقمة بن عبدة شاعر جاهلي فحل مجيد عاصر امرأ القيس الذي بينه وبين الإسلام نحو ثمانين سنة.

([90]) البيت من معلقته في "شرح القصائد السبع الطوال"، ص335، و "مختار الشعر الجاهلي ص 374، وقوله "إن (تغدفي) الإغداف: إرخاء القناع على الوجه والتستر. والمستلئم: اللابس اللأمة، واللأمة: الدرع، يقول: إذا لم أعجز من صيد الفرسان الدارعين، فكيف أعجز عن صيد مثلك؟.

([91]) هو فروة بن مسيك بن الحارث بن سلمة المرادي الغطيفي، وفد على النبي r سنة تسع أو عشر، وأسلم، ونزل على سعد بن عبادة، وتعلم القرآن، وفرائض الإسلام وشرائعه، وأجازه النبي r ، واستعمله على مراد ومذحج وزبيد، وقاتل أهل الردة بعد وفاة النبي r ، وبقي إلى خلافة عمر. انظر "الإصابة" ت 6983، وبيته هذا أورده المبرد في "الكامل" ص295، وفي "اللسان" مادة: طبب وقبله.
فإن نغلب فغلابون قدماً

وإن نغلب فغير مغلبينا
وبعده:
كذاك الدهر دولته سجال

تكسر صروفه حيناً فحيناً


([92]) ديوانه 3/237 بشرح البرقوقي.

([93]) البيت في "الحماسة" 3/1267 بشرح المرزوقي، وقبله بيتان هما:
هل الوجد إلا أن قلبي لو دنا

من الجمر قيد الرمح لاحترق الجمر
أفي الحق أني مغرم بك هائم

وأنك لا خل هواك ولا خمر
وقوله "فإن كنت مطبوباً" قال المرزوقي: فالطب: السحر والعلم جميعاً، وهو طب، أي: عليم، وفي الحديث "حين طب" أي: سحر، وهو مطبوب، أي: مسحور. ومعنى البيت: إن كان الذي بي وأقاسيه داء معلوماً يعرف دواؤه، فلا فارقني فإني ألتذ به، وإن كان الذي بي لا يعلم ما هو، وأعيا الوقوف عليه الأطباء، والعلماء بالأدواء حتى يسلم للسحر، فلا فارقني أيضاً، وإنما قال هذا من عادة العامة، لأنهم كذا يعتقدون في الأوصاب والعلل، ولا يجوز أن يكون معنى مطبوباً: لأنه يصير الصدر والعجز لمعنى واحد.

([94]) الرجز للعجاج، وقبله:
وإن دعوت من تميم أوؤسا
وبعده:
تقاعس العز بنا فاقعنسسا
ومعنى تقاعس: ثبت وانتصب، وكذاك اقعنسس.

([95]) السلعة: زيادة تحدث في البدن كالغدة تتحرك إذا حركت.

([96]) الأخية بزنة أبية: الحرمة والذمة، وعود وعروة تشد بها الدابة مثنية في الأرض.

([97]) القولنج: مرض معوي مؤلم يعسر معه خروج الثفل والريح.
والثفل حثالة الشيء.

([98]) أخرجه ابن ماجة (1438) في الجنائز: باب ما جاء في عيادة المريض، والترمذي (2087) وفي سنده موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، وهو منكر الحديث.

([99]) أخرجه البخاري 10/103 من حديث ابن عباس.

([100]) حديث قوي أخرجه الترمذي (2041) وبن ماجة (3444) وفي سنده بكر بن يونس بن بكير، وهو ضعيف، لكن يشهد له حديث عبد الرحمن بن عوف عند الحاكم 4/410، وحديث جابر بن عبد الله عند أبي نعيم في "الحلية" 10/50، 51 وسنده حسن في الشواهد. وقد قال الدكتور الأزهري: ومعظم الأمراض يصحبها عدم رغبة المريض للطعام، وإطعام المريض غصباً في هذه الحالة يعود عليه بالضرر، لعدم قيام الجهاز الهضمي لعمله كما يجب مما يتبعه عسر هضم، وسوء حالة المريض.

([101]) بضم فسكون: التغير الذي يحدث دفعة في الأمراض الحادة.

([102]) في "التذكرة" الأشهر في تقديم النون، وقال فيه: فارسي معناه، ذو الأجنحة، وهو نبت مائي له أصل كالجزر، وساق أملس يطول سجفه عمق الماء فإذا سوى سطحه، أورق وأزهر.

([103]) أي نيء.

([104]) أخرجه أبو داود (3874) في الطب: باب في الأدوية المكروهة، من حديث إسماعيل ابن عياش، عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي الشامي، عن أبي عمران الأنصاري، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، ورجاله ثقات خلا ثعلبة بن مسلم، فقد وثقه ابن حبان وروى عنه جمع، فهو حسن ويشهد له حديث أبي هريرة عند أبي داود الذي سيذكره المصنف بعده.

([105]) أخرجه البخاري 10/68 تعليقاً في الطب: باب شراب الحلواء والعسل بلفظ وقال ابن مسعود في السكر: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" قال الحافظ: رأيت الأثر المذكور في فوائد علي بن حرب الطائي عن سفيان بن عيينة عن منصور عن أبي وائل قال: اشتكى رجل منا يقال له خثيم بن العداء داء في بطنه يقال له: الصفر، فنعت له السكر - وهو الخمر - فأرسل إلى ابن مسعود يسأله فذكره، وأخرجه ابن أبي شيبة عن جرير عن منصور، وسنده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد في "كتاب الأشربة" رقم (130) والطبراني في الكبير من طريق أبي وائل نحوه.

([106]) أخرجه أبو داود (3870) والترمذي (2046)، وابن ماجة (3459)، وأحمد 2/305، و 446، و 478، وسنده قوي.

([107]) أخرجه مسلم (1984) في الأشربة: باب تحريم التداوي بالخمر.

([108]) أخرجه أبو داود (3873) في الطب: باب ما جاء في الأدوية المكروهة، والترمذي (2047) من حديث طارق بن سويد، وسنده حسن، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (1377).

([109]) لقد وهم المؤلف رحمه الله في عزو هذا الحديث إلى مسلم بهذا اللفظ، فإنه ليس فيه وإنما هو عند أحمد في "المسند" 4/311، وابن ماجة (3500).

([110]) أخرجه النسائي 7/210 في الصيد: باب الضفدع، وأحمد 3/453، و 499 من حديث عبد الرحمن بن عثمان، وسنده صحيح.

([111]) أورده السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ "من تداوى بحرام كخمر، لم يجعل الله له فيه شفاء" ونسبه إلى أبي نعيم في "الطب" من حديث أبي هريرة، ورمز له بالضعف.

([112]) أخرجه البخاري 11/196 في الرقاق.

([113]) أخرجه الترمذي (2347)، وابن ماجة (4141) كلاهما في الزهد، والبخاري في "الأدب المفرد" (300) والحميدي في "مسنده" رقم (439) في سنده مجهول، لكن له شاهد من حديث أبي الدرداء عند ابن حبان (2503) وآخر من حديث ابن عمر عند ابن أبي الدنيا، فيتقوى بهما.

([114]) أخرجه الترمذي (3555) في التفسير: باب ومن سورة ألهاكم التكاثر، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2585).

([115]) أخرجه أحمد (1783)، والترمذي (3509) في الدعوات، وفي سنده يزيد بن أبي زياد الكوفي، وهو ضعيف.

([116]) أخرجه أحمد (5) و (17) وابن ماجة (3849) وهو حديث صحيح مخرج في تعليقنا على مسند أبي بكر.

([117]) أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة".

([118]) أخرجه الترمذي (3510) في الدعوات، وفي سنده عبد الرحمن بن أبي بكر الملكي، وهو ضعيف.

([119]) أخرجه البخاري 10/178 في الطب: باب النفث في الرقية، ومسلم (2201) في السلام: باب جواز أخذ الأجرة على الرقية.

([120]) أخرجه البخاري 10/119 في الطب: باب الدواء بالعسل، وقول الله تعالى (فيه شفاء للناس) ومسلم (2217) في السلام: باب التداوي بالعسل.

([121]) الفطر بضمتين: نوع من الكمأة قتال.

([122]) أخرجه ابن ماجة (3450) في الطب: باب العسل، وفي سنده الزبير بن سعيد الهاشمي وهو لين الحديث، وعبد الحميد بن سالم وهو مجهول، ولم يسمعه من أبي هريرة.

([123]) أخرجه ابن ماجة (3452) والحاكم 4/200 من حديث أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، وصححه ، ووافقه الذهبي وهو كما قالا إلا أن غير واحد من الثقات، وقفه على ابن مسعود، وصحح وقفه عليه البيهقي في "دلائل النبوة".

([124]) أخرجه البخاري 10/121 في الطب: باب الحبة السوداء، ومسلم (2215) في السلام: باب التداوي بالحبة السوداء.

([125]) حمى الربع: هي التي تنوب كل رابع يوم.

([126]) الخيلان، جمع خال، وهو شامة في البدن، أي بثرة سوداء ينبت حولها الشعر غالباً، ويغلب على شامة الخد.

([127]) الرتيلاء: أنواع من الهوام كالذباب والعنكبوت، والجمع: رتيلاوات.

([128]) الحزاز: بفتح الحاء: داء يظهر في الجسد فيتقشر ويتسع، وهو أيضاً القشرة التي تتساقط من الرأس كالنخالة.

([129]) الكزاز، كغراب ورمان: داء من شدة البرد، أو الرعدة منها.

([130]) أخرجه الدارقطني 2/289 والحاكم 1/473 من حديث ابن عباس من طريق محمد بن حبيب الجارودي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس، قال الحافظ في "التلخيص": والجارودي، صدوق، إلا أن روايته شاذة، فقد رواه حافظ أصحاب ابن عيينة، كالحميدي، وابن أبي عمر، وغيرهما، عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد من قول ابن عباس، وقوله: هزمة جبريل. أي ضربها برجله فنبع الماء، والهزمة: النقرة في الصدر، وفي التفاحة: إذا غمزتها بيدك، وهزمت البئر: إذا حفرتها، وقوله: وسقيا الله إسماعيل: أي أظهره الله ليسقي به إسماعيل في أول الأمر.

([131]) أخرجه مسلم (2473) في فضائل الصحابة: باب فضائل أبي ذر رضي الله عنه.

([132]) أخرجه البزار والبيهقي 5/148 والطيالسي 2/158 والطبراني في "الكبير" و "الأوسط" وإسناده صحيح كما قال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/133، والهيثمي في "المجمع" 3/286.

([133]) أخرجه ابن ماجة (3062) وأحمد، والبيهقي 5/148 وعبد الله بن المؤمل وإن كان ضعيفاً، فإنه لم ينفرد به، بل تابعه ابن أبي الموالي واسمه عبد الرحمن كما ذكر المؤلف، وإبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عند البيهقي 5/202 في باب الرخصة في خروج ماء زمزم بسند جيد، فالحديث صحيح. وقد صححه الحاكم، والمنذري والدمياطي، وحسنه الحافظ ابن حجر وقد أخرج الترمذي (963) والبيهقي 5/202 عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أنه r كان يحمله، وحسنه الترمذي، وهو كما قال. وأخرجه البخاري في "الكتاب الكبير" 3/189 بلفظ "أنها حملت ماء زمزم في القوارير وقالت: حمله رسول الله r في الأداوي والقرب، فكان يصب على المرضي ويسقيهم.

([134]) أخرجه البخاري 11/122 ، 123 في الدعوات: باب الدعاء عند الكرب، ومسلم (2730) في الذكر والدعاء: باب دعاء الكرب.

([135]) أخرجه الترمذي (3522) في الدعوات، وفي سنده يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف.

([136]) أخرجه الترمذي (3432) في الدعوات: باب ما يقول عند الكرب، وفي سنده إبراهيم بن الفضل المخزومي، وهو متروك.

([137]) أخرجه أبو داود (5090): باب ما يقول إذا أصبح، وأحمد 5/42، والبخاري في "الأدب المفرد" (701)، وسنده حسن، وصححه ابن حبان (2370) وقد وهم المصنف رحمه الله، فجعل الحديث من مسند أبي بكر الصديق.

([138]) أخرجه أبو داود (1525) في الصلاة: باب في الاستغفار، وابن ماجة (3882) من حديث هلال أبي طعمة مولى عمر بن عبد العزيز، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن جعفر، عن أسماء بنت عميس، وسنده حسن، وله شاهد من حديث عائشة عند ابن حبان (2369) وقد وهم الشيخ ناصر الدين الألباني في تعليقه على "الكلم الطيب" ص73 حين ادعى أن هلالاً أبا طعمة مولى عمر بن عبد العزيز أغفله كل من ألف في تراجم رجال السنة كالتهذيب والتقريب والخلاصة مع أنه مترجم عندهم جميعاً في الكنى، فقد جاء في "التهذيب" ما نصه: أبو طعمة الأموي مولى عمر بن عبد العزيز اسمه هلال، شامي، سكن مصر، روى عن مولاه، وعبد الله بن عمر، وعنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعبد الله بن لهيعة، وقال أبو حاتم: أبو طعمة قارئ مصر، روى عنه ابنا يزيد بن جابر، وقال ابن يونس: هلال مولى عمر بن عبد العزيز، يكنى أبا طعمة، كان يقرأ القرآن بمصر، وقال ابن عمار الموصلي: أبو طعمة ثقة.

([139]) لم نقف على هذه الرواية، وقد ذكر الطبراني في "الدعاء" أنها تقال ثلاث مرات.

([140]) أخرجه أحمد في "المسند" 1/394 و 452، وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (2372) وقد تقدم.

([141]) أخرجه الترمذي (3500) في الدعوات: باب دعوة ذي النون في بطن الحوت وأحمد 1/170 ، وصححه الحاكم 1/505 ، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، والرواية الثانية أخرجها ابن السني ص111 وفي سندها ضعف.

([142]) أخرجه أبو داود (1555) في الصلاة: باب في الاستعاذة، وفي سنده غسان بن عوف البصري، وهو لين الحديث.

([143]) أخرجه أبو داود (1518) في الصلاة: باب الاستغفار، وأحمد (2234). وابن ماجة (3819) وفي سنده الحكم بن مصعب، وهو مجهول.

([144]) أخرجه أحمد 5/38، وفي سنده محمد بن عبد الله الدؤلي وعبد العزيز بن حذيفة، لم يوثقهما غير ابن حبان.

([145]) حديث صحيح أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أبي أمامة، وأحمد في "المسند" 5/314 و 316 و 319 و 326 و 330 من حديث عبادة بن الصامت، وصححه الحاكم 2/74 ، 75 ووافقه الذهبي.

([146]) أخرجه البخاري 11/180 في الدعوات: باب قول لا حول ولا قوة إلا بالله، ومسلم (2704) في الذكر والدعاء: باب استحباب خفض الصوت بالذكر، من حديث أبي موسى رضي الله عنه.

([147]) أخرجه الترمذي (3576) في الدعوات: باب فضل لا حول ولا قوة إلا بالله، من حديث سعد بن عبادة، وإسناده حسن.

([148]) أخرجه أبو داود (3892) في الطب: باب كيف الرقى، وفي سنده زياد بن محمد وهو منكر الحديث، وباقي رجاله ثقات، ورواه أحمد 6/21 من طريق آخر، وفي سنده أبو بكر ابن أبي مريم الغساني الشامي، وهو ضعيف، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن عدي: الغالب على حديثه الغرائب، وقلما يوافقه الثقات.

([149]) أخرجه مسلم (2186) في السلام: باب الطب والمرض والرقى.

([150]) أخرجه أبو داود (3889) وفي سنده شريك القاضي وهو سيء الحفظ، وباقي رجاله ثقات، وأخرج مسلم (220) عن بريدة بن الحصيب قوله "لا رقية إلا من عين أو حمة" وأخرجه ابن ماجة (5313) مرفوعاً، وسنده ضعيف، وفي الباب عن عمران بن الحصين عند أحمد، وأبي داود (3884) والترمذي (2058) بلفظ "لا رقية إلا من عين أو حمة" وإسناده صحيح.

([151]) أخرجه مسلم (2202) في السلام: باب استحباب وضع يده على موضع الألم.

([152]) أخرجه البخاري 10/178 في الطب: باب النفث في الرقية، ومسلم (2191) في السلام: باب استحباب رقية المريض.

([153]) بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار بشرح جوامع الأخبار للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى ص151.

([154]) المصدر السابق ص168.

([155]) رواه البخاري.

([156]) رواه البخاري ومسلم.

([157]) رواه البخاري في الطب والإمام أحمد في المسند.

([158]) متفق عليه.

([159]) رواه البخاري ومسلم.

([160]) رواه مسلم.

([161]) رواه مسلم.

([162]) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وصححه الألباني.

([163]) رواه أبو داود وأحمد قال الألباني وإسناده صحيح.

([164]) سورة الأعراف آية 31.

([165]) سورة الفرقان آية 67.

([166]) رياضة الأخلاق ورياضة الأذهان ورياضة الأبدان بالمشي وأنواع الحركات (انظر أنواع الرياضة للشيخ ابن سعدي في كتابه "الرياض الناضرة" ص172").

([167]) سورة الطلاق آية 3.

([168]) سورة يونس آية 107.

([169]) سورة النحل آية 96.

([170]) الخطب المنبرية على المناسبات للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى ص57.

([171]) أخرجه أحمد 5/5 والترمذي (3001) وابن ماجة (4288) وسنده حسن.
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
قديم 16-08-2015 ~ 08:22 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي رد: الهدي النبوي في الطب
  مشاركة رقم 2
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


فصل
في هديه r في علاج الأبدان بما اعتاده
من الأدوية والأغذية دون ما لم تعتده
هذا أصل عظيم من أصول العلاج، وأنفع شيء فيه، وإذا أخطأه الطبيب، أضر المريض من حيث يظن أنه ينفعه، ولا يعدل عنه إلى ما يجده من الأدوية في كتب الطب إلا طبيب جاهل، فإن ملاءمة الأدوية والأغذية للأبدان بحسب استعدادها وقبولها، وهؤلاء أهل البوادي والأكارون وغيرهم لا ينجع فيهم شراب اللينوفر والورد الطري ولا المغلي، ولا يؤثر في طباعهم شيئاً، بل عامة أدوية أهل الحضر وأهل الرفاهية لا تجدي عليهم، والتجربة شاهدة بذلك، ومن تأمل ما ذكرناه من العلاج النبوي، رآه كله موافقاً لعادة العليل وأرضه، وما نشأ عليه، فهذا أصل عظيم من أصول العلاج يجب الاعتناء به، وقد صرح به أفاضل أهل الطب حتى قال طبيب العرب بل أطبهم الحارث بن كلدة، وكان فيهم كأبقراط في قومه: الحمية رأس الدواء، والمعدة بيت الداء، وعودوا كل بدن ما اعتاد. وفي لفظ عنه: الأزم دواء، والأزم: الإمساك عن الأكل يعني به الجوع، وهو من أكبر الأدوية في شفاء الأمراض الامتلائية كلها بحيث إنه أفضل في علاجها من المستفرغات إذا لم يخفف من كثرة الامتلاء، وهيجان الأخلاط، وحدتها أو غليانها.
وقوله: المعدة بيت الداء، المعدة: عضو عصبي مجوف كالقرعة في شكلها، مركب من ثلاث طبقات، مؤلفة من شظايا دقيقة عصبية تسمى الليف، ويحيط بها لحم، وليف إحدى الطبقات بالطول، والأخرى بالعرض، والثالثة بالورب، وفم المعدة أكثر عصباً، وقعرها أكثر لحماً، وفي باطنها خمل، وهي محصورة في وسط البطن، وأميل إلى الجانب الأيمن قليلاً، خلقت على هذه الصفة لحكمة لطيفة من الخالق الحكيم سبحانه، وهي بيت الداء، وكانت محلاً للهضم الأول، وفيها ينضج الغذاء وينحدر منها بعد ذلك إلى الكبد والأمعاء، ويتخلف منه فيها فضلات قد عجزت القوة الهاضمة عن تمام هضمها، إما لكثرة الغذاء، أو لرداءته، أو لسوء ترتيب في استعماله، أو لمجموع ذلك، وهذه الأشياء بعضها مما لا يتخلص الإنسان منه غالباً، فتكون المعدة بيت الداء لذلك، وكأنه يشير بذلك إلى الحث على تقليل الغذاء، ومنع النفس من اتباع الشهوات، والتحرز عن الفضلات.
وأما العادة فلأنها كالطبيعة للإنسان، ولذلك يقال: العادة طبع ثان، وهي قوة عظيمة في البدن، حتى إن أمراً واحداً إذا قيس إلى أبدان مختلفة العادات، كان مختلف النسبة إليها. وإن كانت تلك الأبدان متفقة في الوجوه الأخرى مثال ذلك أبدان ثلاثة حارة المزاج في سن الشباب، أحدها: عود تناول الأشياء الحارة؛ والثاني: عود تناول الأشياء الباردة، والثالث: عود تناول الأشياء المتوسطة، فإن الأول متى تناول عسلاً لم يضر به، والثاني: متى تناوله، أضر به، والثالث: يضر به قليلاً، فالعادة ركن عظيم في حفظ الصحة، ومعالجة الأمراض، ولذلك جاء العلاج النبوي بإجراء كل بدن على عادته في استعمال الأغذية والأدوية وغير ذلك.

فصل
في هديه r في معالجة المرضى بترك إعطائهم
ما يكرهونه من الطعام والشراب، وأنهم لا يكرهون
على تناولها
روى الترمذي في "جامعه"، وابن ماجة، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: قال رسول الله r : "لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإن الله عز وجل يطعمهم ويسقيهم" ([100]).
قال بعض فضلاء الأطباء: ما أغزر فوائد هذه الكلمة النبوية المشتملة على حكم إلهية، لاسيما للأطباء، ولمن يعالج المرضى، وذلك أن المريض إذا عاف الطعام أو الشراب، فذلك لاشتغال الطبيعة بمجاهدة المرض، أو لسقوط شهوته، أو نقصانها لضعف الحرارة الغريزية أو خمودها، وكيفما كان، فلا يجوز حينئذ إعطاء الغذاء في هذه الحالة.
واعلم أن الجوع إنما هو طلب الأعضاء للغذاء لتخلف الطبيعة به عليها عوض ما يتحلل منها، فتجذب الأعضاء القصوى من الأعضاء الدنيا حتى ينتهي الجذب إلى المعدة، فيحس الإنسان بالجوع، فيطلب الغذاء، وإذا وجد المرض، اشتغلت الطبيعة بمادته وإنضاجها وإخراجها عن طلب الغذاء، أو الشراب، فإذا أكره المريض على استعمال شيء من ذلك، تعطلت به الطبيعة عن فعلها، واشتغلت بهضمه وتدبيره عن إيضاح مادة المرض ودفعه، فيكون ذلك سبباً لضرر المريض، ولاسيما في أوقات البحران ([101])، أو ضعف الحار الغريزي أو خموده فيكون ذلك زيادة في البلية، وتعجيل النازلة المتوقعة، ولا ينبغي أن يستعمل في هذا الوقت والحال إلا ما يحفظ عليه قوته ويقويها من غير استعمال مزعج للطبيعة ألبتة، وذلك يكون بما لطف قوامه من الأشربة والأغذية، واعتدل مزاجه كشراب اللينوفر ([102])، والتفاح، والورد الطري، وما أشبه ذلك، ومن الأغذية مرق الفراريج المعتدلة الطيبة فقط، وإنعاش قواه بالأراييح العطرة الموافقة، والأخبار السارة، فإن الطبيب خادم الطبيعة، ومعينها لا معيقها.
واعلم أن الدم الجيد هو المغذي للبدن، وأن البلغم دم فج ([103]) قد نضج بعض النضج، فإذا كان بعض المرضى في بدنه بلغم كثير، وعدم الغذاء، عطفت الطبيعة عليه، وطبخته، وأنضجته، وصيرته دماً، وغذت به الأعضاء، واكتفت به عما سواه، والطبيعة هي القوة التي وكلها الله سبحانه بتدبير البدن وحفظه وصحته، وحراسته مدة حياته.
واعلم أنه قد يحتاج في الندرة إلى إجبار المريض على الطعام والشراب، وذلك في الأمراض التي يكون معه اختلاط العقل، وعلى هذا فيكون الحديث من العام المخصوص، أو من المطلق الذي قد دل على تقييده دليل، ومعنى الحديث: أن المريض قد يعيش بلا غذاء أياماً لا يعيش الصحيح في مثلها.
وفي قوله r : "فإن الله يطعمهم ويسقيهم" معنى لطيف زائد على ما ذكره الأطباء لا يعرفه إلا من له عناية بأحكام القلوب والأرواح، وتأثيرها على طبيعة البدن، وانفعال الطبيعة عنها، كما تنفعل هي كثيراً عن الطبيعة، ونحن نشير إليه إشارة، فنقول: النفس إذا حصل لها ما يشغلها من محبوب أو مكروه أو مخوف، اشتغلت به عن طلب الغذاء والشراب، فلا تحس بجوع ولا عطش، بل ولا حر ولا برد، بل تشتغل به عن الإحساس المؤلم الشديد الألم، فلا تحس به، وما من أحد إلا وقد وجد في نفسه ذلك أو شيئاً منه، وإذا اشتغلت النفس بما دهمها، وورد عليها، لم تحس بألم الجوع، فإن كان الوارد مفرحا قوي التفريح، قام لها مقام الغذاء، فشبعت به، وانتعشت قواها، وتضاعفت، وجرت الدموية في الجسد حتى تظهر في سطحه، فيشرق وجهه، وتظهر دمويته، فإن الفرح يوجب انبساط دم القلب، فينبعث في العروق، فتمتلئ به، فلا تطلب الأعضاء حظها من الغذاء المعتاد لاشتغالها بما هو أحب إليها، وإلى الطبيعة منه، والطبيعة إذا ظفرت بما تحب. آثرته على ما هو دونه.
وإن كان الوارد مؤلماً أو محزناً أو مخوفاً، اشتغلت بمحاربته ومقاومته ومدافعته عن طلب الغذاء، فهي في حال حربها في شغل عن طلب الطعام والشراب. فإن ظفرت في هذه الحرب، انتعشت قواها، وأخلفت عليها نظير ما فاتها من قوة الطعام والشراب، وإن كانت مغلوبة مقهورة، انحطت قواها بحسب ما حصل لها من ذلك، وإن كانت الحرب بينها وبين هذا العدو سجالاً، فالقوة تظهر تارة وتختفي أخرى، وبالجملة فالحرب بينهما على مثال الحرب الخارج بين العدوين المتقاتلين، والنصر للغالب، والمغلوب إما قتيل، وإما جريح، وإما أسير.
فالمريض: له مدد من الله تعالى يغذيه به زائداً على ما ذكره الأطباء من تغذيته بالدم، وهذا المدد بحسب ضعفه وانكساره وانطراحه بين يدي ربه عز وجل، فيحصل له من ذلك ما يوجب له قرباً من ربه، فإن العبد أقرب ما يكون من ربه إذا انكسر قلبه، ورحمة ربه عندئذ قريبة منه، فإن كان ولياً له، حصل له من الأغذية القلبية ما تقوى به قوى طبيعته، وتنتعش به قواه أعظم من قوتها، وانتعاشها بالأغذية البدنية، وكلما قوي إيمانه وحبه لربه، وأنسه به، وفرحه به، وقوي يقينه بربه، واشتد شوقه إليه ورضاه به وعنه، وجد في نفسه من هذه القوة ما لا يعبر عنه، ولا يدركه وصف طبيب، ولا يناله علمه.

فصل
في هديه r في المنع من التداوي بالمحرمات
روى أبو داود في "سننه" من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : "إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تداووا بالمحرم" ([104]).
وذكر البخاري في "صحيحه" عن ابن مسعود: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" ([105]).
وفي "السنن": عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله r عن الدواء الخبيث([106]).
وفي "صحيح مسلم" عن طارق بن سويد الجعفي، أنه سأل النبي r عن الخمر، فنهاه، أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال: "إنه ليس بدواء، ولكنه داء" ([107]).
وفي "السنن" أنه r سئل عن الخمر يجعل في الدواء، فقال: "إنها داء وليست بالدواء"، رواه أبو داود، والترمذي ([108]).
وفي "صحيح مسلم" عن طارق بن سويد الحضرمي، قال: قلت: يا رسول الله! إن بأرضنا أعناباً نعتصرها فنشرب منها، قال": "لا" فراجعته، قلت: إنا نستشفي للمريض، قال:"إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء" ([109]).
وفي "سنن النسائي" أن طبيباً ذكر ضفدعاً في دواء عند رسول الله r ، فنهاه عن قتلها ([110]).
ويذكر عنه r أنه قال: "من تداوى بالخمر، فلا شفاه الله" ([111]).
المعالجة بالمحرمات قبيحة عقلاً وشرعاً، أما الشرع فما ذكرنا من هذه الأحاديث وغيرها، وأما العقل، فهو أن الله سبحانه إنما حرمه لخبثه، فإنه لم يحرم على هذه الأمة طيباً عقوبة لها، كما حرمه على بني إسرائيل بقوله: }فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ{ [النساء: 160].
وإنما حرم على هذه الأمة ما حرم لخبثه، وتحريمه له حمية لهم، وصيانة عن تناوله، فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل، فإنه وإن أثر في إزالتها، لكنه يعقب سقماً أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه، فيكون المداوى به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب.
وأيضاً فإن تحريمه يقتضي تجنبه والبعد عنه بكل طريق، وفي اتخاذه دواء حض على الترغيب فيه وملابسته، وهذا ضد مقصود الشارع، وأيضاً فإنه داء كما نص عليه صاحب الشريعة، فلا يجوز أن يتخذ دواء.
وأيضاً فإنه يكسب الطبيعة والروح صفة خبيثة، لأن الطبيعة تنفعل عن كيفية الدواء انفعالاً بيناً، فإذا كانت كيفيته خبيثة، اكتسبت الطبيعة منه خبثاً، فكيف إذا كان خبيثاً في ذاته، ولهذا حرم الله سبحانه على عباده الأغذية والأشربة والملابس الخبيثة، لما تكسب النفس من هيئة الخبث وصفته.
وأيضاً فإن في إباحة التداوي به، ولاسيما إذا كانت النفوس تميل إليه ذريعة إلى تناوله للشهوة واللذة، لاسيما إذا عرفت النفوس أنه نافع لها مزيل لأسقامها جالب لشفائها. فهذا أحب شيء إليها، والشارع سد الذريعة إلى تناوله بكل ممكن، ولا ريب أن بين سد الذريعة إلى تناوله، وفتح الذريعة إلى تناوله تناقضاً وتعارضاً.
وأيضاً فإن في هذا الدواء المحرم من الأدواء ما يزيد على ما يظن فيه من الشفاء، ولنفرض الكلام في أم الخبائث التي ما جعل الله لنا فيها شفاء قط، فإنها شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل عند الأطباء، وكثير من الفقهاء والمتكلمين. قال أبقراط في أثناء كلامه في الأمراض الحادة: ضرر الخمرة بالرأس شديد. لأنه يسرع الارتفاع إليه. ويرتفع بارتفاعه الأخلاط التي تعلو في البدن، وهو كذلك يضر بالذهن.
وقال صاحب "الكامل" : إن خاصية الشراب الإضرار بالدماغ والعصب.
وأما غيره من الأدوية المحرمة فنوعان:
أحدهما: تعافه النفس ولا تنبعث لمساعدته الطبيعة على دفع المرض به كالسموم، ولحوم الأفاعي وغيرها من المستقذرات، فيبقى كلاً على الطبيعة مثقلاً لها، فيصير حينئذ داء لا دواء.
والثاني: ما لا تعافه النفس كالشراب الذي تستعمله الحوامل مثلاً، فهذا ضرره أكثر من نفعه، والعقل يقضي بتحريم ذلك، فالعقل والفطرة مطابق للشرع في ذلك.
وها هنا سر لطيف في كون المحرمات لا يستشفى بها، فإن شرط الشفاء بالدواء تلقيه بالقبول، واعتقاد منفعته، وما جعل الله فيه من بركة الشفاء، فإن النافع هو المبارك، وأنفع الأشياء أبركها، والمبارك من الناس أينما كان هو الذي ينتفع به حيث حل، ومعلوم أن اعتقاد المسلم تحريم هذه العين مما يحول بينه وبين اعتقاد بركتها ومنفعتها، وبين حسن ظنه بها، وتلقي طبعه لها بالقبول، بل كلما كان العبد أعظم إيماناً، كان أكره لها وأسوأ اعتقاداً فيها، وطبعه أكره شيء لها، فإذا تناولها في هذه الحال، كانت داء له لا دواء إلا أن يزول اعتقاد الخبث فيها، وسوء الظن والكراهة لها بالمحبة، وهذا ينافي الإيمان، فلا يتناولها المؤمن قط إلا على وجه داء، والله أعلم.

فصل
في هديه r في حفظ الصحة
لما كان اعتدال البدن وصحته وبقاؤه إنما هو بواسطة الرطوبة المقاومة للحرارة، فالرطوبة مادته، والحرارة تنضجها، وتدفع فضلاتها، وتصلحها، وتلطفها، وإلا أفسدت البدن ولم يمكن قيامه، وكذلك الرطوبة هي غذاء الحرارة، فلولا الرطوبة، لأحرقت البدن وأيبسته وأفسدته، فقوام كل واحدة منهما بصاحبتها، وقوام البدن بهما جميعاً. وكل منهما مادة للأخرى، فالحرارة مادة للرطوبة تحفظها وتمنعها من الفساد والاستحالة، والرطوبة مادة للحرارة تغذوها وتحملها، ومتى مالت إحداهما إلى الزيادة على الأخرى، حصل لمزاج البدن الانحراف بحسب ذلك، فالحرارة دائماً تحلل الرطوبة، فيحتاج البدن إلى ما به يخلف عليه ما حللته الحرارة - لضرورة بقائه - وهو الطعام والشراب، ومتى زاد على مقدار التحلل، ضعفت الحرارة عن تحليل فضلاته، فاستحالت مواد رديئة، فعاثت في البدن، وأفسدت، فحصلت الأمراض المتنوعة بحسب تنوع موادها وقبول الأعضاء واستعدادها، وهذا كله مستفاد من قوله تعالى: }وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا{ [الأعراف: 31]، فأرشد عباده إلى إدخال ما يقيم البدن من الطعام والشراب عوض ما تحلل منه، وأن يكون بقدر ما ينتفع به البدن في الكمية والكيفية، فمتى جاوز ذلك كان إسرافاً، وكلاهما مانع من الصحة جالب للمرض، أعني عدم الأكل والشرب، أو الإسراف فيه.
فحفظ الصحة كله في هاتين الكلمتين الإلهيتين، ولا ريب أن البدن دائماً في التحلل والاستخلاف، كلما كثر التحلل ضعفت الحرارة لفناء مادتها، فإن ضعفت الحرارة، ضعف الهضم، ولا يزال كذلك حتى تفنى الرطوبة، وتنطفئ الحرارة جملة، فيستكمل العبد الأجل الذي كتب الله له أن يصل إليه.
فغاية علاج الإنسان لنفسه ولغيره حراسة البدن إلى أن يصل إلى هذه الحالة، لا أنه يستلزم بقاء الحرارة والرطوبة اللتين بقاء الشباب والصحة والقوة بهما، فإن هذا مما لم يحصل لبشر في هذه الدار، وإنما غاية الطبيب أن يحمي الرطوبة عن مفسداتها من العفونة وغيرها، ويحمي الحرارة عن مضعفاتها، ويعدل بينهما بالعدل في التدبير الذي به قام بدن الإنسان، كما أن به قامت السموات والأرض وسائر المخلوقات، إنما قوامها بالعدل، ومن تأمل هدي النبي r وجده أفضل هدي يمكن حفظ الصحة به، فإن حفظها موقوف على حسن تدبير المطعم والمشرب، والملبس والمسكن، والهواء والنوم، واليقظة والحركة، والسكون والمنكح، والاستفراغ والاحتباس، فإذا حصلت هذه على الوجه المعتدل الموافق الملائم للبدن والبلد والسن والعادة، كان أقرب إلى دوام الصحة أو غلبتها إلى انقضاء الأجل.
ولما كانت الصحة والعافية من أجل نعم الله على عبده، وأجزل عطاياه، وأوفر منحه، بل العافية المطلقة أجل النعم على الإطلاق، فحقيق لمن رزق حظاً من التوفيق مراعاتها وحفظها وحمايتها عما يضادها، وقد روى البخاري في "صحيحه" من حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله r : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" ([112]).
وفي الترمذي وغيره من حديث عبيد الله بن محصن الأنصاري. قال: قال رسول الله r : "من أصبح معافى في جسده، آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا" ([113]).
وفي الترمذي أيضاً من حديث أبي هريرة، عن النبي r أنه قال: "أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم، أن يقال له: ألم نصح لك جسمك، ونروك من الماء والبارد" ([114]).
ومن ها هنا قال من قال من السلف في قوله تعالى: }ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ{ [التكاثر: 8]، قال: عن الصحة.
وفي "مسند الإمام أحمد" أن النبي r قال للعباس: "يا عباس، يا عم رسول الله! سل الله العافية في الدنيا والآخرة" ([115]).
وفيه عن أبي بكر الصديق، قال: سمعت رسول الله r يقول: "سلوا الله اليقين والمعافاة، فما أوتي أحد بعد اليقين خيراً من العافية"([116])، فجمع بين عافيتي الدين والدنيا، ولا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه.
وفي "سنن النسائي" من حديث أبي هريرة يرفعه: "سلوا الله العفو والعافية والمعافاة، فما أوتي أحد بعد يقين خيراً من معافاة"([117]). وهذه الثلاثة تتضمن إزالة الشرور الماضية بالعفو، والحاضرة بالعافية، والمستقبلة بالمعافاة، فإنها تتضمن المداومة والاستمرار على العافية.
وفي الترمذي مرفوعاً: "ما سئل الله شيئاً أحب إليه من العافية"([118]).
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: عن أبي الدرداء، قلت: يا رسول الله! لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر، فقال رسول الله r : "ورسول الله يحب معك العافية".
ويذكر عن ابن عباس أن أعرابياً جاء إلى رسول الله r ، فقال له: ما أسأل الله بعد الصلوات الخمس؟ فقال: "سل الله العافية"، فأعاد عليه، فقال له في الثالثة: "سل الله العافية في الدنيا والآخرة".
وإذا كان هذا شأن العافية والصحة، فنذكر من هديه r في مراعاة هذه الأمور ما يتبين لمن نظر فيه أنه أكمل هدي على الإطلاق ينال به حفظ وراحة البدن والقلب، وحياة الدنيا والآخرة، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

2- الطب في القرآن الكريم
قال الله تعالى: }وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ{ [الإسراء: 82]، والصحيح: أن "من" ها هنا، لبيان الجنس لا للتبعيض، وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ{ [يونس: 57].
فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبداً.
وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال، لصدعها، أو على الأرض، لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهماً في كتابه، وقد تقدم في أول الكلام على الطب بيان إرشاد القرآن العظيم إلى أصوله ومجامعه التي هي حفظ الصحة والحمية، واستفراغ المؤذي، والاستدلال بذلك على سائر أفراد هذه الأنواع.
وأما الأدوية القلبية، فإنه يذكرها مفصلة، ويذكر أسباب أدوائها وعلاجها. قال: }أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ{ [العنكبوت: 51]، فمن لم يشفه القرآن، فلا شفاه الله، ومن لم يكفه، فلا كفاه الله.
(فاتحة الكتاب) وأم القرآن، والسبع المثاني، والشفاء التام، والدواء النافع، والرقية التامة، ومفتاح الغنى والفلاح، وحافظة القوة، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها، وأحسن تنزيلها على دائه، وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها، والسر الذي لأجله كانت كذلك.
ولما وقع بعض الصحابة على ذلك، رقى بها اللديغ، فبرأ لوقته، فقال له النبي r : "وما أدراك أنها رقية" ([119]).
ومن ساعده التوفيق، وأعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة، وما اشتملت عليه من التوحيد، ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثبات الشرع والقدر والمعاد، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية، وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين، وعلم ارتباط معانيها بجلب مصالحهما، ودفع مفاسدهما، وأن العاقبة المطلقة التامة، والنعمة الكاملة منوطة بها، موقوفة على التحقق بها، أغنته عن كثير من الأدوية والرقى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشر أسبابه.
ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين، الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام، والعصمة النافعة، والنور الهادي، والرحمة العامة، الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته. قال تعالى: }وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ{ [الإسراء: 82] و "من" ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض، هذا أصح القولين، كقوله تعالى: }وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا{ [الفتح: 29] وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فما الظن بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن، ولا في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور مثلها، المتضمنة لجميع معاني كتب الله، المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب - تعالى - ومجامعها، وهي الله، والرب، والرحمن، وإثبات المعاد، وذكر التوحيدين: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وذكر الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة وطلب الهداية، وتخصيصه سبحانه بذلك، وذكر أفضل الدعاء على الإطلاق وأنفعه وأفرضه، وما العباد أحوج شيء إليه، وهو الهداية إلى صراطه المستقيم، المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته - بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، والاستقامة عليه إلى الممات، ويتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى منعم عليه بمعرفة الحق، والعمل به، ومحبته، وإيثاره، ومغضوب عليه بعدوله عن الحق بعد معرفته له، وضال بعدم معرفته له، وهؤلاء أقسام الخليفة مع تضمنها لإثبات القدر، والشرع، والأسماء والصفات، والمعاد، والنبوات، وتزكية النفوس، وإصلاح القلوب، وذكر عدل الله وإحسانه، والرد على جميع أهل البدع والباطل.

فصل
في هديه r في العلاج بشرب العسل
في "الصحيحين" : من حديث أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، أن رجلاً أتى النبي r ، فقال: إن أخي يشتكي بطنه: وفي رواية: استطلق بطنه، فقال: "اسقه عسلاً"، فذهب ثم رجع، فقال: قد سقيته، فلم يغن عنه شيئاً. وفي لفظ: فلم يزده إلا استطلاقاً مرتين أو ثلاثاً، كل ذلك يقول له: "اسقه عسلاً"، فقال له في الثالثة أو الرابعة: صدق الله، وكذب بطن أخيك" ([120]).
وفي "صحيح مسلم" في لفظ له: "إن أخي عرب بطنه"، أي فسد هضمه، واعتلت معدته، والاسم العرب بفتح الراء، والذرب أيضاً.
والعسل فيه منافع عظيمة، فإنه جلاء للأوساخ التي في العروق والأمعاء وغيرها، محلل للرطوبات أكلاً وطلاء، نافع للمشايخ وأصحاب البلغم، ومن كان مزاجه بارداً رطباً، وهو مغذ ملين للطبيعة، حافظ لقوى المعاجين ولما استودع فيه، مذهب لكيفيات الأدوية الكريهة، منق للكبد والصدر، مدر للبول، موافق للسعال الكائن عن البلغم، وإذا شرب حاراً بدهن الورد، نفع من نهش الهوام، وشرب الأفيون، وإن شرب وحده ممزوجاً بماء نفع من عضة الكلب، وأكل الفطر ([121]) القتال، وإذا جعل فيه اللحم الطري، حفظ طراوته ثلاثة أشهر، وكذلك إن جعل فيه القثاء، والخيار، والقرع، والباذنجان، ويحفظ كثيراً من الفاكهة ستة أشهر، ويحفظ جثة الموتى، ويسمى الحافظ الأمين، وإذا لطخ به البدن المقمل والشعر، قتل قمله وصئبانه، وطول الشعر، وحسنه، ونعمه، وإن اكتحل به، جلا ظلمة البصر، وإن استن به، بيض الأسنان وصقلها، وحفظ صحتها، وصحة اللثة، ويفتح أفواه العروق، ويدر الطمث، ولعقه على الريق يذهب البلغم، ويغسل خمل المعدة، ويدفع الفضلات عنها، ويسخنها تسخيناً معتدلاً، ويفتح سددها، ويفعل ذلك بالكبد والكلى والمثانة، وهو أقل ضرراً لسدد الكبد والطحال من كل حلو.
وهو مع هذا كله مأمون الغائلة، قليل المضار، مضر بالعرض للصفراويين، ودفعها بالخل ونحوه، فيعود حينئذ نافعاً له جداً.
وهو غذاء مع الأغذية، ودواء مع الأدوية، وشراب مع الأشربة، وحلو مع الحلوى، وطلاء مع الأطلية، ومفرح مع المفرحات، فما خلق لنا شيء في معناه أفضل منه، ولا مثله، ولا قريباً منه، ولم يكن معول القدماء إلا عليه، وأكثر كتب القدماء لا ذكر فيها للسكر ألبتة، ولا يعرفونه، فإنه حديث العهد حدث قريباً، وكان النبي r يشربه بالماء على الريق، وفي ذلك سر بدع في حفظ الصحة لا يدركه إلا الفطن الفاضل، وسنذكر ذلك إن شاء الله عند ذكر هديه في حفظ الصحة.
وفي "سنن ابن ماجة" مرفوعاً من حديث أبي هريرة: "من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر، لم يصبه عظيم من البلاء" ([122])، وفي أثر آخر: "عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن ([123])" فجمع بين الطب الشرعي والإلهي، وبين طب الأبدان، وطب الأرواح، وبين الدواء الأرضي والدواء السمائي.
إذا عرف هذا، فهذا الذي وصف له النبي r العسل، كان استطلاق بطنه عن تخمة أصابته عن امتلاء، فأمره بشرب العسل لدفع الفضول المجتمعة في نواحي المعدة والأمعاء، فإن العسل فيه جلاء، ودفع للفضول، وكان قد أصاب المعدة أخلاط لزجة، تمنع استقرار الغذاء فيها للزوجتها، فإن المعدة لها خمل كخمل القطيفة، فإذا علقت بها الأخلاط اللزجة، أفسدتها وأفسدت الغذاء، فدواؤها بما يجلوها من تلك الأخلاط، والعسل جلاء، والعسل من أحسن ما عولج به هذا الداء، لاسيما إن مزج بالماء الحار.
وفي تكرار سقيه العسل معنى طبي بديع، وهو أن الدواء يجب أن يكون له مقدار، وكمية بحسب حال الداء، إن قصر عنه، لم يزله بالكلية، وإن جاوزه أوهى القوى، بأحدث ضرراً آخر، فلما أمره أن يسقيه العسل، سقاه مقداراً لا يفي بمقاومة الداء، ولا يبلغ الغرض، فلما أخبره، علم أن الذي سقاه لا يبلغ مقدار الحاجة، فلما تكرر تردده إلى النبي r ، أكد عليه المعاودة ليصل إلى المقدار المقاوم للداء، فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء، برأ، بإذن الله، واعتبار مقادير الأدوية، وكيفياتها، ومقدار قوة المرض والمريض من أكبر قواعد الطب.
وفي قوله r : "صدق الله وكذب بطن أخيك"، إشارة إلى تحقيق نفع هذا الدواء، وأن بقاء الداء ليس لقصور الدواء في نفسه، ولكن لكذب البطن، وكثرة المادة الفاسدة فيه، فأمره بتكرار الدواء لكثرة المادة.
وليس طبه r كطب الأطباء، فإن طب النبي r متيقن قطعي إلهي، صادر عن الوحي، ومشكاة النبوة، وكمال العقل. وطب غيره، أكثره حدس وظنون، وتجارب، ولا ينكر عدم انتفاع كثير من المرضى بطب النبوة، فإنه إنما ينتفع به من تلقاه بالقبول، واعتقاد الشفاء به، وكمال التلقي له بالإيمان والإذعان، فهذا القرآن الذي هو شفاء لما في الصدور - إن لم يتلق هذا التلقي - لم يحصل به شفاء الصدور من أدوائها، بل لا يزيد المنافقين إلا رجساً إلى رجسهم، ومرضاً إلى مرضهم، وأين يقع طب الأبدان منه، فطب النبوة لا يناسب إلا الأبدان الطيبة، كما أن شفاء القرآن لا يناسب إلا الأرواح الطيبة والقلوب الحية، فإعراض الناس عن طب النبوة كإعراضهم عن الاستشفاء بالقرآن الذي هو الشفاء النافع، وليس ذلك لقصور في الدواء، ولكن لخبث الطبيعة، وفساد المحل، وعدم قبوله.
(الحبة السوداء) ثبت في "الصحيحين": من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله r قال: "عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام". والسام: الموت ([124]).
الحبة السوداء: هي الشونيز في لغة الفرس، وهي الكمون الاسود، وتسمى الكمون الهندي، قال الحربي، عن الحسن: إنها الخردل، وحكى الهروي: أنها الحبة الخضراء ثمرة البطم، وكلاهما وهم، والصواب: أنها الشونيز.
وهي كثيرة المنافع جداً، وقوله: "شفاء من كل داء"، مثل قوله تعالى: }تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا{ [الأحقاف: 25].
أي: كل شيء يقبل التدمير ونظائره، وهي نافعة من جميع الأمراض الباردة، وتدخل في الأمراض الحارة اليابسة بالعرض، فتوصل قوى الأدوية الباردة الرطبة إليها بسرعة تنفيذها إذا أخذ يسيرها.
وقد نص صاحب "القانون" وغيره، على الزعفران في قرص الكافور لسرعة تنفيذه وإيصاله قوته، وله نظائر يعرفها حذاق الصناعة، ولا تستبعد منفعة الحار في أمراض حارة بالخاصية، فإنك تجد ذلك في أدوية كثيرة، منها: الأنزروت وما يركب معه من أدوية الرمد، كالسكر وغيره من المفردات الحارة، والرمد ورم حار باتفاق الأطباء، وكذلك نفع الكبريت الحار جداً من الجرب.
والشونيز حار يابس في الثالثة، مذهب للنفخ، مخرج لحب القرع، نافع من البرص وحمى الربع ([125]) والبلغمية مفتح للسدد، ومحلل للرياح، مجفف لبلة المعدة ورطوبتها. وإن دق وعجن بالعسل، وشرب بالماء الحار، أذاب الحصاة التي تكون في الكليتين والمثانة، ويدر البول والحيض واللبن إذا أديم شربه أياماً، وإن سخن بالخل، وطلي على البطن، قتل حب القرع، فإن عجن بماء الحنظل الرطب، أو المطبوخ، كان فعله في إخراج الدود أقوى، ويجلو ويقطع، ويحلل، ويشفي من الزكام البارد إذا دق وصير في خرقة، واشتم دائماً، أذهبه.
ودهنه نافع لداء الحية، ومن الثاليل والخيلان ([126])، وإذا شرب منه مثقال بماء، نفع من البهر وضيق النفس، والضماد به ينفع من الصداع البارد، وإذا نقع منه سبع حبات عدداً في لبن امرأة، وسعط به صاحب اليرقان، نفعه نفعاً بليغاً.
وإذا طبخ بخل، وتمضمض به، نفع من وجع الأسنان عن برد، وإذا استعط به مسحوقاً، نفع من ابتداء الماء العارض في العين، وإن ضمد به مع الخل، قلع البثور والجرب المتقرح، وحلل الأورام البلغمية المزمنة، والأورام الصلبة، وينفع من اللقوة إذا تسعط بدهنه، وإذا شرب منه مقدار نصف مثقال إلى مثقال، نفع من لسع الرتيلاء ([127])، وإن سحق ناعماً وخلط بدهن الحبة الخضراء، وقطر منه في الأذان ثلاث قطرات، نفع من البرد العارض فيها والريح والسدد.
وإن قلي، ثم دق ناعماً، ثم نقع في زيت، وقطر في الأنف ثلاث قطرات أو أربع، نفع من الزكام العارض معه عطاس كثير.
وإذا أحرق وخلط بشمع مذاب بدهن السوسن، أو دهن الحناء، وطلي به القروح الخارجة من الساقين بعد غسلها بالخل، نفعها وأزال القروح.
وإذا سحق بخل، وطلي به البرص والبهق الأسود، والحزاز ([128]) الغليظ، نفعها وأبرأها.
وإذا سحق ناعماً، واستف منه كل يوم درهمين بماء بارد من عضه كلب قبل أن يفرغ من الماء، نفعه نفعاً بليغاً، وأمن على نفسه من الهلاك. وإذا استعط بدهنه، نفع من الفالج والكزاز ([129])، وقطع موادهما، وإذا دخن به، طرد الهوام.
وإذا أذيب الأنزروت بماء، ولطخ على داخل الحلقة، ثم ذر عليها الشونيز، كان من الذرورات الجيدة العجيبة النفع من البواسير، ومنافعه أضعاف ما ذكرنا، والشربة منه درهمان، وزعم قوم أن الإكثار منه قاتل.
(ماء زمزم): سيد المياه وأشرفها وأجلها قدراً، وأحبها إلى النفوس وأغلاها ثمناً، وأنفسها عند الناس، وهو هزمة جبريل وسقيا الله إسماعيل ([130]).
وثبت في "الصحيح": عن النبي r ، أنه قال لأبي ذر وقد أقام بين الكعبة وأستارها أربعين ما بين يوم وليلة، ليس له طعام غيره؛ فقال النبي r : "إنها طعام طعم" ([131]). وزاد غير مسلم بإسناده: "وشفاء سقم" ([132]).
وفي "سنن ابن ماجة". من حديث جابر بن عبد الله، عن النبي r أنه قال: "ماء زمزم لما شرب له" ([133]). وقد ضعف هذا الحديث طائفة بعبد الله بن المؤمل رواية عن محمد بن المنكدر. وقد روينا عن عبد الله بن المبارك، أنه لما حج، أتى زمزم، فقال: اللهم إن ابن أبي الموالي حدثنا عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه، عن نبيك r أنه قال: "ماء زمزم لما شرب له"، وإني أشربه لظمإ يوم القيامة، وابن أبي الموالي ثقة، فالحديث إذاً حسن، وقد صححه بعضهم، وجعله بعضهم موضوعاً، وكلا القولين فيه مجازفة.
قال ابن القيم: وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة، واستشفيت به من عدة أمراض، فبرأت بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف الشهر، أو أكثر، ولا يجد جوعاً، ويطوف مع الناس كأحدهم، وأخبرني أنه ربما بقي عليه أربعين يوماً، وكان له قوة يجامع بها أهله، ويصوم ويطوف مراراً.

فصل
في هديه r في علاج الكرب والهم والغم والحزن
أخرجا في "الصحيحين" من حديث ابن عباس، أن رسول الله r كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع، ورب الأرض رب العرش الكريم" ([134]).
وفي "جامع الترمذي" عن أنس، أن رسول الله r ، كان إذا حزنه أمر، قال: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" ([135]).
وفيه: عن أبي هريرة، أن النبي r ، كان إذا أهمه الأمر، رفع طرفه إلى السماء فقال: "سبحان الله العظيم"، وإذا اجتهد في الدعاء قال: " يا حي يا قيوم" ([136]).
وفي "سنن أبي داود" عن أبي بكر، أن رسول الله r قال: "دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت" ([137]).
وفيها أيضاً عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله r: "ألا أعلمك كلمات تقوليهن عند الكرب، أو في الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئاً" ([138]). وفي رواية أنها تقال سبع مرات ([139]).
وفي "مسند الإمام أحمد" عن ابن مسعود، عن النبي r قال: "ما أصاب عبداً هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه، وأبدله مكانه فرحاً" ([140]).
وفي الترمذي عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله r: "دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجيب له" ([141]).
وفي رواية "إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه: كلمة أخي يونس".
وفي "سنن أبي داود" عن أبي سعيد الخدري، قال: دخل رسول الله r ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال: "يا أبا أمامة مالي أراك في المسجد في غير وقت الصلاة؟" فقال: هموم لزمتني، وديون يا رسول الله، فقال: "ألا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى دينك؟" قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: "قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله عز وجل همي، وقضى عني ديني ([142]).
وفي "سنن أبي داود" عن ابن عباس، قال: قال رسول الله r : "من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب" ([143]).
وفي "المسند" أن النبي r كان إذا حزنه أمر، فزع إلى الصلاة([144])، وقد قال تعالى: }وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ{ [البقرة: 45].
وفي "السنن" : "عليكم بالجهاد، فإنه باب من أبواب الجنة، يدفع الله به عن النفوس الهم والغم" ([145]).
وثبت في "الصحيحين" أنها كنز من كنوز الجنة ([146]).
وفي الترمذي: "أنها باب من أبواب الجنة" ([147]).
هذه الأدوية تتضمن خمسة عشر نوعاً من الدواء، فإن لم تقو على إذهاب داء الهم والغم والحزن، فهو داء قد استحكم، وتمكنت أسبابه، ويحتاج إلى استفراغ كلي.
الأول: توحيد الربوبية.
الثاني: توحيد الإلهية.
الثالث: التوحيد العلمي الاعتقادي.
الرابع: تنزيه الرب تعالى عن أن يظلم عبده، أو يأخذه بلا سبب من العبد يوجب ذلك.
الخامس: اعتراف العبد بأنه هو الظالم.
السادس: التوسل إلى الرب تعالى بأحب الأشياء، وهو أسماؤه وصفاته، ومن أجمعها لمعاني الأسماء والصفات: الحي القيوم.
السابع: الاستعانة به وحده.
الثامن: إقرار العبد له بالرجاء.
التاسع: تحقيق التوكل عليه، والتفويض إليه، والاعتراف له بأن ناصيته في يده، يصرفه كيف يشاء، وأنه ماض فيه حكمه، عدل فيه قضاؤه.
العاشر: أن يرتع قلبه في رياض القرآن، ويجعله لقلبه كالربيع للحيوان، وأن يستضيء به في ظلمات الشبهات والشهوات، وأن يتسلى به عن كل فائت، ويتعزى به عن كل مصيبة، ويستشفي به من أدواء صدره، فيكون جلاء حزنه، وشفاء همه وغمه.
الحادي عشر: الاستغفار.
الثاني عشر: التوبة.
الثالث عشر: الجهاد.
الرابع عشر: الصلاة.
الخامس عشر: البراءة من الحول والقوة وتفويضهما إلى من هما بيده.

فصل
في هديه r في العلاج العام لكل شكوى بالرقية الإلهية
روى أبو داود في "سننه": من حديث أبي الدرداء، قال: سمعت رسول الله r يقول: "من اشتكى منكم شيئاً، أو اشتكاه أخ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء، فاجعل رحمتك في الأرض، واغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع، فيبرأ بإذن الله ([148]).
وفي "صحيح مسلم" عن أبي سعيد الخدري، أن جبريل - عليه السلام - أتى النبي r فقال: يا محمد! أشتكيت؟ فقال: "نعم" ، فقال جبريل - عليه السلام -: "باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك" ([149]).
فإن قيل: فما تقولون في الحديث الذي رواه أبو داود: "لا رقية إلا من عين، أو حمة، والحمة: ذوات السموم كلها.
فالجواب أنه r لم يرد به نفي جواز الرقية في غيرها، بل المراد به: لا رقية أولى وأنفع منها في العين والحمة، ويدل عليه سياق الحديث، فإن سهل بن حنيف قال له لما أصابته العين: أو في الرقى خير؟ فقال: "لا رقية إلا في نفس أو حمة" ويدل عليه سائر أحاديث الرقى العامة والخاصة، وقد روى أبو داود من حديث أنس قال: قال رسول الله r : "لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم يرقا" ([150]).
وفي "صحيح مسلم" عنه أيضاً: رخص رسول الله r في الرقية من العين والحمة النملة.

فصل
في هديه r في علاج الوجع بالرقية
روى مسلم في "صحيحه" عن عثمان بن أبي العاص، أنه شكى إلى رسول الله r وجعاً يجده في جسده منذ أسلم، فقال النبي r : "ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثاً، وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" ([151]) ففي هذا العلاج من ذكر الله، والتفويض إليه، والاستعاذة بعزته وقدرته من شر الألم ما يهذب به، وتكراره ليكون أنجع وأبلغ، كتكرار الدواء لإخراج المادة، وفي السبع خاصية لا توجد في غيرها وفي "الصحيحين": أن النبي r ، كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى، ويقول: "اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً" ([152]). ففي هذه الرقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته، وكمال رحمته بالشفاء، وأنه وحده الشافي، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه، فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته.

(من تطبب ولم يعلم منه طب، فهو ضامن)
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله r قال: "من تطبب ولم يعلم منه طب، فهو ضامن".
رواه أبو داود والنسائي.
هذا الحديث يدل بلفظه وفحواه على: أنه لا يحل لأحد أن يتعاطى صناعة من الصناعات وهو لا يحسنها، سواء كان طباً أو غيره، وأن من تجرأ على ذلك، فهو آثم. وما ترتب على عمله من تلف نفس أو عضو أو نحوهما، فهو ضامن له، وما أخذه من المال في مقابلة تلك الصناعة التي لا يحسنها، فهو مردود على باذله؛ لأنه لم يبذله إلا بتغريره وإيهامه أنه يحسن، فيدخل في الغش، و "من غشنا فليس منا".
ومثل هذا البناء والنجار والحداد والخراز والنساج ونحوهم ممن نصب نفسه لذلك، موهما أنه يحسن الصنعة، وهو كاذب.
ومفهوم الحديث: أن الطبيب الحاذق ونحوه إذا باشر ولم تجن يده، وترتب على ذلك تلف، فليس بضامن؛ لأنه مأذون فيه من المكلف أو وليه. فكل ما ترتب على المأذون فيه، فهو غير مضمون. وما ترتب على غير ذلك المأذون فيه، فإنه مضمون.
ويستدل بهذا على: أن صناعة الطب من العلوم النافعة المطلوبة شرعاً وعقلاً. والله أعلم ([153]).
"ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" ([154])
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء". رواه البخاري.
الإنزال هنا بمعنى: التقدير.
ففي هذا الحديث: إثبات القضاء والقدر، وإثبات الأسباب.
وقد تقدم أن هذا الأصل العظيم ثابت بالكتاب والسنة، ويؤيده العقل والفطرة، فالمنافع الدينية والدنيوية والمضار كلها بقضاء الله وتقديره، قد أحاط بها علماً، وجرى بها قلمه، ونفذت بها مشيئته، ويسر العباد لفعل الأسباب التي توصلهم إلى المنافع والمضار، فكل ميسر لما خلق له: من مصالح الدين والدنيا، ومضارهما. والسعيد من يسره الله لأيسر الأمور وأقربها إلى رضوان الله، وأصلحها لدينه ودنياه، والشقي من انعكس عليه الأمر.
وعموم هذا الحديث يقتضي: أن جميع الأمراض الباطنة والظاهرة لها أدوية تقاومها، تدفع ما لم ينزل، وترفع ما نزل بالكلية، أو تخففه.
وفي هذا: الترغيب في تعلم طب الأبدان، كما يتعلم طب القلوب، وأن ذلك من جملة الأسباب النافعة. وجميع أصول الطب وتفاصيله، وشرح لهذا الحديث، لأن الشارع أخبرنا أن جميع الأدواء لها أدوية. فينبغي لنا أن نسعى إلى تعلمها، وبعد ذلك إلى العمل بها وتنفيذها.
وقد كان يظن كثير من الناس أن بعض الأمراض ليس له دواء، كالسل ونحوه، وعندما ارتقى علم الطب، ووصل الناس على ما وصلوا إليه من علمه، عرف الناس مصداق هذا الحديث، وأنه على عمومه. وأصول الطب: تدبير الغذاء، بأن لا يأكل حتى تصدق الشهوة وينهضم الطعام السابق انهضاماً تاماً، ويتحرى الأنفع من الأغذية، وذلك بحسب حالة الأقطار والأشخاص والأحوال، ولا يمتلئ من الطعام امتلاء يضره مزاولته، والسعي في تهضيمه، بل الميزان قوله تعالى: }وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا{
[الأعراف: 31].

ويستعمل الحمية عن جميع المؤذيات في مقدارها، أو في ذاتها، أو في وقتها، ثم إن أمكن الاستفراغ، وحصل به المقصود، من دون مباشرة الأدوية، فهو الأولى والأنفع. فإن اضطر إلى الدواء، استعمله بمقدار. وينبغي أن لا يتولى ذلك إلا عارف وطبيب حاذق.
واعلم أن طيب الهواء، ونظافة البدن والثياب، والبعد عن الروائح الكريهة الخبيثة، خير عون على الصحة. وكذلك الرياضة المتوسطة. فإنها تقوي الأعضاء والأعصاب والأوتار، وتزيل الفضلات، وتهضم الأغذية الثقيلة، وتفاصيل الطب معروفة عند الأطباء. ولكن هذه الأصول التي ذكرناها يحتاج إليها كل أحد.
وصح عنه r "الشفاء في ثلاث: شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار" ([155])، (وفي الحبة السوداء شفاء من كل داء) ([156]). "العود الهندي فيه سبعة أشفية"([157])، "يسعط من العذرة، ويلد من ذات الجنب" ([158])، "الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء" ([159])، "رخص في الرقية من العين والحمة والنملة ([160])، و "إذا استغسلتم من العين فاغسلوا" ([161])، "ونهى عن الدواء الخبيث" ([162])، "وأمر بخضاب الرجلين لوجعهما" ([163]).

الاعتدال باستعمال العلاجات
الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه، ومن طلب الشفاء منه شفاه، ومن عمل بالأسباب النافعة صلح دينه ودنياه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه.
اللهم صلِّ وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله في جميع الأوقات، وتوبوا إلى ربكم من الذنوب والهفوات، واعلموا أن التوسط في الأمور هو العدل والخير المرغوب، وأن التطرف شذوذ وانحراف عن المطلوب، فما ندم من توسط في أموره ولا خاب، ولا سلم من شذ وتطرف فغلا أو قصر من سوء المآب. قال تعالى: }وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ{([164]) وقال تعالى: }وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا{([165]).
فقد حث المولى على الاقتصاد في الأكل والشرب والإنفاق. وكل ما كان في معنى ذلك ففي ذلك الخير والبركة والارتفاق. وراعوا رحمكم الله صحة أبدانكم وقلوبكم براحة القلب وحسن الغذاء، واستعملوا النظافة والرياضة ([166]) تسلموا من كثير من الأدواء، واعتمدوا على ربكم ولا تستعملوا العلاج إلا عند الحاجة إلى الدواء، فما أنزل الله داء إلا جعل له شفاء، ولكن الأمور كلها بقصد وحكمة وميزان، فكما أن ترك التداوي مع الضرورة نقص وتهور من الإنسان، فكثرة العلاجات مع الصحة أو المرض البسيط نقص وضرر على القلب والأبدان، لقد ابتلي كثير من الناس بكثرة الخيالات والتوهمات وصار الخوف نصب أعينهم في كل الحالات يعتقدون أن الأمراض البسيطة ثقيلة وربما توهموا وجود المرض وليس لذلك حقيقة وسبب ذلك ضعف القلب وعدم التوكل وكثرة الأوهام، فأمراض القلوب وخوفها وضعفها جالب لكثرة الأسقام. قال تعالى: }وَمَن يَّتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{([167])، كافيه أمور دينه ودنياه وقال: }وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُّرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{([168])، فاحذروا أن تنقطع صلتكم بالله وتضعف قلوبكم فإنه المتكفل بجميع حاجاتكم وهو إلهكم ومطلوبكم. فمن توكل على ربه في دفع ما نزل به كفاه ولطف به وشفاه وعافاه وأذهب عنه ضعف القلب وخوفه الذي هو الداء وجلب له الأسباب النافعة والدواء. ألم تعلموا أن ضعف القلب وكثرة أوهامه هو الداء العضال، وقوة القلب مع التوكل على الله صفة أقوياء الرجال؟ فكم من أمراض ضعيفة صيرتها الأوهام شديدة؟ وكم من معافى لعبت به الأوهام فلازمه المرض مدة مديدة؟ وكم ملئت المستشفيات من أمراض الأوهام والخيالات؟ وكم أثرت على قلوب كثير من الأقوياء فضلاً عن الضعفاء في كل الحالات؟ وكم أدت إلى الحمق والجنون، والمعافى من عافاه من يقول للشيء كن فيكون. فصحة القلوب هي الأساس لصحة الأبدان. ومرض القلوب هو المرض الحقيقي والله المستعان. فسلوا ربكم أن يعافيكم من الأمراض الباطنة والظاهرة،وأن يتم عليكم نعم الدين والدنيا والآخرة. قال تعالى }مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{([169])، ([170]).

خاتمة
قال ابن القيم رحمه الله:
قد أتينا على جمل نافعة من أجزاء الطب العلمي لعل الناظر فيها لا يظفر بكثير منها إلا في هذا الكتاب وأريناك قرب ما بينها وبين الشريعة وأن الطب النبوي نسبة طب الأطباء إليه أقل من نسبة طب العجائز إلى طبهم والأمر فوق ما ذكرناه وأعظم من ما وصفناه بكثير ولكن فيما ذكرناه تنبيه باليسير على ما وراءه ومن لم يرزقه الله بصيرة على التفصيل فليعلم ما بين القوة المؤيدة بالوحي من عند الله والعلوم التي رزقها الله الأنبياء والعقول والبصائر التي منحهم الله إياها وبين ما عند غيرهم ولعل قائلاً يقول ما لهدي الرسول r وما لهذا الباب وذكر قوى الأدوية وقوانين العلاج وتدبير أمر الصحة وهذا من تقصير هذا القائل في فهم ما جاء به r فإن هذا وأضعافه وأضعاف أضعافه من فهم بعض ما جاء به وإرشاده إليه ودلالته عليه وحسن الفهم عن الله ورسوله من يمن الله به على من يشاء من عباده فقد أوجدناك أصول الطب الثلاثة في القرآن وكيف تنكر أن تكون شريعة المبعوث بصلاح الدنيا والآخرة مشتملة على صلاح الأبدان كاشتمالها على صلاح القلوب وأنها مرشدة إلى حفظ صحتها ودفع آفاتها بطرق كلية قد وكل تفصيلها إلى العقل الصحيح والفطرة السليمة بطريق القياس والتنبيه والإيحاء كما هو في كثير من مسائل فروع الفقه ولا تكن ممن إذا جهل شيئاً عاداه ولو رزق العبد تضلعاً من كتاب الله وسنة رسوله وفهماً تاماً في النصوص ولوازمها لاستغنى بذلك عن كل كلام سواه ولاستنبط جميع العلوم الصحيحة منه. فمدار العلوم كلها على معرفة الله وأمره وخلقه وذلك مسلم إلى الرسل صلوات الله وسلامه عليهم فهم أعلم الخلق بالله وأمره وخلقه وحكمته في خلقه وأمره وطب أتباعهم أصح وأنفع من طب غيرهم وطب أتباع خاتمهم وسيدهم وإمامهم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أكمل الطب وأصحه وأنفعه ولا يعرف هذا إلا من عرف طب الناس سواهم وطبهم ثم قارن بينهما فحينئذ يظهر له التفاوت وهم أصح الأمم عقولاً وفطراً وأعظمهم علماً وأقربهم في كل شيء إلى الحق لأنهم خيرة الله في الأمم كما أن رسولهم خيرته من الرسل والعلم الذي وهبهم الله إياه والحلم والحكمة أمر لا يدانيهم فيه غيرهم وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله r "أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله" ([171]) فظهر أثر كرامتها على الله سبحانه في علومهم وعقولهم وأحلامهم وفطرهم وهم الذين عرضت عليهم علوم الأمم قبلهم وعقولهم وأعمالهم ودرجاتهم فازدادوا بذلك علماً وحلماً وعقولاً إلى ما أفاض الله سبحانه وتعالى عليهم من علمه وحلمه ولذلك كانت الطبيعة الدموية لهم والصفراوية لليهود والبلغمية للنصارى ولذلك غلب على النصارى البلادة وقلة الفهم والفطنة وغلب على اليهود الحزن والغم والصغار وغلب على المسلمين العقل والشجاعة والفهم والنجدة والفرح والسرور وهذه أسرار وحقائق إنما يعرف مقدارها من حسن فهمه ولطف ذهنه وغزر علمه وعرف ما عند الناس وبالله التوفيق انتهى.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلم تسليماً كثيراً.

مراجع كتاب (الهدي النبوي في الطب)
1-مصابيح السنة للبغوي.
2-مشكاة المصابيح لمحمد بن عبد الله الخطيب التبريزي بتحقيق ناصر الألباني.
3-الطب النبوي لابن القيم.
4-زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم بتحقيق شعيب وعبد القادر الأرنؤوط جـ 4.
5-بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار بشرح جوامع الأخبار للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي.
6-الخطب المنبرية على المناسبات للشيخ عبد الرحمن السعدي.
7-مختصر الطب النبوي للشيخ عبد الله بن سفر البشر.


فهرس كتاب (الهدي النبوي في الطب)

مقدمة............................................. ....... 3
رسالة إلى الأطباء.......................................... 5
كتاب الطب والرقى........................................ 7
الفصل الأول............................................. . 7
الفصل الثاني............................................ 11
الفصل الثالث........................................... 20
الطب النبوي............................................ 23
فصل............................................... .... 34
(في الأحاديث الدالة على مشروعية التداوي)................ 34
فصل في هديه r في الإرشاد إلى معالجة أحذق الطبيبين....... 40
فصل في هديه r في تضمين من طب الناس،................ 44
وهو جاهل بالطب....................................... 44
فصل: في هديه r في علاج المرضى بتطييب نفوسهم......... 58
وتقوية قلوبهم............................................ . 58
فصل في هديه r في علاج الأبدان بما اعتاده................ 60
من الأدوية والأغذية دون ما لم تعتده........................ 60
فصل في هديه r في معالجة المرضى بترك إعطائهم............ 63
ما يكرهونه من الطعام والشراب، وأنهم لا يكرهون............ 63
على تناولها........................................... ... 63
فصل في هديه r في المنع من التداوي بالمحرمات.............. 68
فصل في هديه r في حفظ الصحة......................... 73
الطب في القرآن الكريم................................... 78
فصل في هديه r في العلاج بشرب العسل.................. 82
فصل في هديه r في علاج الكرب والهم والغم والحزن......... 92
فصل في هديه r في العلاج العام لكل شكوى بالرقية
الإلهية........................................... .......
98
فصل في هديه r في علاج الوجع بالرقية................... 100
(من تطبب ولم يعلم منه طب، فهو ضامن)................. 101
"ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء" ....................... 102
الاعتدال باستعمال العلاجات............................ 105
خاتمة............................................. .... 108
مراجع كتاب (الهدي النبوي في الطب).................... 111
فهرس كتاب (الهدي النبوي في الطب)..................... 112

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الهدي, النبوي, الطب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قبسات من الطب النبوي نور الإسلام هدي الإسلام 3 14-07-2014 08:15 AM
الشفاء بالدعاء النبوي نور الإسلام هدي الإسلام 0 24-03-2014 12:05 PM
كتاب دليل الطب البديل نور الإسلام المكتبة العامة 0 15-01-2012 12:02 PM
الطب النبوي نور الإسلام المكتبة العامة 0 13-01-2012 08:19 PM
الطب النبوي - فوائد الرمان نور الإسلام أخبار منوعة 0 12-01-2012 06:40 PM


الساعة الآن 04:43 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22