صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > أبواب الدعوة > خطب إسلامية

خطب إسلامية من خطب الدعاة وعلماء الدين والشيوخ الصالحين

خطبة دعوية حول الرجاء وعدم اليأس من رحمة الله

الرجـاء 26/2/1417هـ أما بعد ، أيها الناس : فإن الله عز وجل قد كتب على نفسه الرحمة، وأخبر أنه واسع المغفرة، وأخبر أنه أرحم الراحمين، وخير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-04-2013 ~ 11:41 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي خطبة دعوية حول الرجاء وعدم اليأس من رحمة الله
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


الرجـاء

26/2/1417هـ

أما بعد ، أيها الناس :

فإن الله عز وجل قد كتب على نفسه الرحمة، وأخبر أنه واسع المغفرة، وأخبر أنه أرحم الراحمين، وخير الغافرين، وأن رحمته وسعت كل شيء، وسمَّى نفسه الكريم، والغفور والرحيم والعفو والحليم .

فسبحانه ما أكرمه ، وسبحانه ما أرحمه وما أحلمه ، والشكر له على عظيم عطائه وكريم آلائه وحسن بلائه .

أيها المسلمون :

وقد علم الله عز وجل وهو علاّمُ الغيوب، أن العباد مواقعون لا محالة للذنوب، وأنهم سيصيبهم من الشيطان ما يصيبهم فربما تلطّخوا بدنس المعاصي فمستقل ومستكثر، ولذلك فإنه عز وجل قد فتح عليهم باب الرجاء ليئوبوا ويتوبوا ويرجعوا وينزعوا عما هم عليه من الذنوب والمعاصي .

أيها المسلمون: كلنا خطاؤون، وكلنا مذنبون، غير أنه لا يقنط من روح الله إلا الضالون.

وهذه رسالة أسوقها على عجل إلى كل من عصى الله منا حتى ضاق صدره وأظلم قلبه وأسودت الدنيا في عينيه . إلى كل من أحس بالوحشة بينه وبين مولاه . إلى كل من أحس بحياة الضنك وعيشة السأم والملل . إلى كل من ظن بالله ظن السوء فاستبعد رحمة الله ويأس من روح الله .
إلى كل مقصر في الصلاة . إلى كل عاق لوالديه . إلى من أكل الحرام . أو شرب الخمر أو تلطخ بدنس الزنا . إلى كل من عصى الله بصغير الذنوب أو كبيرها ..
أقول : ها قد فُتِّحت لك الأبواب ، فافتح للعلم آذانك وافتح للذكر فؤادك وأبشر بالسعادة في الدنيا والآخرة .
أخرج الإمام الترمذي من حديث أنس t قال سمعت رسول الله e يقول: "قال الله عز وجل يا ابن آدم إنك ما دعوتي ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة"... لا إله إلا الله ما أرحم الله .. لو بلغت ذنوب ابن آدم السحاب من كثرتها وعظمتها ثم استغفر الله غفر له ورحمه ومحا عنه تلك السيئات بل وبدلها إلى حسنات !!
فسبحان الله ما أكرمه فقد فتح على عبده باب الرجاء فأخبر أنه بمجرد الدعاء والرجاء فإن الله يغفر الذنوب ولو عظمت .

استمعوا رحمكم الله إلى هذه الآية وتفكروا واعتبروا واحمدوا الله تعالى {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} ، هذه كلها من أكبر الذنوب الشرك ، والقتل ، والزنا.
ما جزاء من اقترف تلك الآثام ؟ قال عز وجل {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}
ثم فتح الله باب الرجاء حتى على أولئك المذنبين فقال {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}
نعم .. هذا فضل الله ، جبال السيئات تُبَدَّل إلى جبال من الحسنات والله ذو الفضل العظيم .
ومثل ذلك قصة موسى مع قومه الذين عبدوا العجل ، فعندما رجع موسى من ميقات ربه وجد قومه يعبدون العجل من دون الله ، فغضب موسى وغضب الله عز وجل وأخبر عن ذلك بقوله : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ}
ثم فتح الله الأبواب في الآية التي بعدها لمن أراد التوبة حتى من أولئك المشركين فقال :
{وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }
فما ظنكم يا عباد الله بمسلم يقول لا إله إلا الله ثم تصدر منه المعاصي ، أفلا يكون مبشراً بالتوبة إن هو تاب وأناب ؟
فليس بين المذنب وبين رحمة ربه إلا أن يندم على ذنوبه ويقلع عنها ويعزم على ألا يعود فيها . ويستغفر الله عند ذلك يدخل في قوله تعالى : {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا}
ثم استمعوا إلى حديث ذلك الرجل الذي يذنب كثيراً ولكن قلبه وجِلٌ من تلك الذنوب فكلما أذنب ذكر الله عز وجل فحزن واستغفر . فماذا قال الله لـه ؟
لنستمع إلى هذه القصة التي رواها الشيخان في صحيحيهما .

عن أبي هريرة t قال ، قال رسول الله e : ( إن عبداً أذنب ذنباً فقال : اللهم إني أذنبت ذنباً فاغفره لي فقال عز وجل علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي . ثم إن هذا العبد وقع مرة أخرى فاستغفر ربه وقال : اللهم إني أذنبت ذنباً فاغفره لي ، فقال الله عز وجل : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي . ثم وقع العبد في الذنب مرة ثالثة ولكنه لم ييأس من روح الله ولم يقنط من رحمته ، لم يستسلم للشيطان بل دحر الشيطان وأرضى الرحمن وقال : يا رب ، أذنبت ذنباً فاغفر لي .. فماذا قال الله عز وجل ؟ هل طرده من رحمته لأنه كاذب متلاعب ؟ لا والله .. بل قَبِلَه سبحانه وقال : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ، فليعمل عبدي ما شاء) ..

لا إله إلا الله ما أكرم الله !! فليعمل ما شاء ما دام كلما أذنب تاب توبة صادقة يجزم فيها بعدم العودة إلى الذنوب ، فلو نزغه الشيطان بعد ذلك فعصى ثمتاب فإن الله غفور رحيم

قال الإمام ابن رجب رحمه الله : وتفكروا في قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} فإن فيه إشارة إلى أن المذنبين ليس لهم من يلجئون إليه ويعوِّلون عليه في مغفرة ذنوبهم غيره ، وكذلك قولـه عز وجل : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) فرتَّب توبته على ظنهم أنه لا ملجأ من الله إلا إليه ، فإن العبد إذا خاف من مخلوق هرب منه وفرّ إلى غيره وأما إن خاف من الله فما لـه من ملجأ يلجأ ولا مهرب يهرب إليه إلا هو سبحانه فيهرب منه إليه كما كان النبي e يقول في دعائه "لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك" وكان يقول: "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك" انتهى كلامه رحمه الله

فالله عز وجل غفر للثلاثة الذين خُلِّفوا حينما لجأوا إلى الله ورجوا وظنُّوا أنه لن يخلصهم إلا هو سبحانه، فحينما علم من قلوبهم صدق اللجأ وعظيم الرجاء أنزل توبته عليهم وأنزل فيهم آيات تتلى إلى يوم القيامة، وهكذا كل من حسّن ظنه بربه فإنه سبحانه لا يخيّب ظنه بل إن عز وجل يرحمه ويغفر لـه ويوفقه إلى كل خير ويصرف عنه كل شر وبلاء .

وفي ذلك يقول الله عزوجل كما في الحديث القدسي (أنا عند ظني بي) وعلى ذلك فمن ظن بالله خيراً حصل منه على الخير ومن أساء ظنه بربه باء بالخسار والبوار جزاءً وفاقاً.

وأخرج الحاكم بإسناد فيه مقال عن جابر أن رجلاً جاء إلى النبي e يقول: وا ذنوباه، وا ذنوباه مرتين أو ثلاثاً فقال لـه النبي e : قل اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجى عندي من عملي، فقالها الرجل فقال e عُد فعاد ثم قال عُد فعاد فقال e قم ، فقد غفر الله لك .

وفي هذا يقول بعضهم:

يا كبير الذنب عفو الله من ذنبك أكبر

أعظم الأشياء في ** جنب غفر الله يصغر

وقال آخر:

ولما قسا قلب وضاق ** جعلت الرجاء مني لغفوك سلماً

تعاظمني ذنبي فلما قرنته ** بعفوك ربي كان عفوك أعظما


فيا عبد الله .. يا من أسرف على نفسه بالذنوب .. إن أردت الخلاص فأمامك رحمة الله فقد فتح الله لك أبواب فضله .. تذنب كثيراً وتعصي سراً وجهاراً ليلاً ونهاراً ثم إذا دعوت ربك ورجوته أن يغفر لك ، غفر لك على ما كان منك ولا يبالي ، بل هو يفرح بتوبتك ورجوعك إلى رشدك بعد غيك .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...

أقول قولي هذا ...





الخطبة الثانية

أما بعد ، أيها المسلمون :

إن كثيراً من الناس شيبهم وشبابهم إذا عصى أحدهم ربه وأساء في جنبه سبحانه واجتمعت عليه الذنوب والمعاصي وتكاثرت منه الخطايا فإنه ييأس من رحمة ربه سبحانه فإذا أراد أن يتوب وفكَّر في ذلك جاءه الشيطان وقال لـه : إنك لست كفؤاً للتوبة ولست أهلاً للاستقامة ، وجهك ليس وجهَ خير وحالك لا تدل على خير . كيف تعصي الله بكل تلك المعاصي ثم تريده أن يغفر لك كل ما أسلفت ؟ ثم يقول له : هيهات إن ذلك أبعد من الشمس عن اللمس ! فتمتع بدنياك فالمغفرة عنك بعيد والرحمة عنك أبعد !! ثم لا يزال يلقي عليه من الوساوس وينفِّره من الخير ويقنِّطه من رحمة الله حتى ييأس فيترك الخير وينكص عن الاستقامة .

وهذه يا عباد الله حيلة من حيل الشيطان ليصدَّ الناس عن الإيمان ويهديهم إلى النيران، ((إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ))

فالله عز وجل واسع المغفرة ورحمته وسعت كل شئ، وأخبر النبي e : "أن الله لما خلق الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي" أخرجاه في الصحيحين

وفيهما أيضاً عن عمر بن الخطاب t قال : قُدِم على رسول الله e بسبي فإذا امرأة من السبي تسعى إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فالزقته ببطنها فأرضعته فقال e : أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار قلنا لا والله يا رسول الله ، فقال : لله أرحم بعباده من هذه بولدها " ... فيا من قنَّطه الشيطان من رحمة ربه هذا كلام الله ، ومن أحسن من الله قيلاً ؟ وهذا كلام رسول الله وما ينطق عن الهوى . فما عليك إلا تستغفر ربك الغفور وتندم على ما مضى منك وتعزم على ألا تعود فعندها يفرح الرب الكريم فيثيب الأجرَ العظيم والعطاء الكريم .

وأياك يا عبدالله أن تستكثر ذنوبك وتظن أن الله لا يغفرها لك ، فإن جاءك الشيطان وكثّر ذنوبك في عينيك لئلا تتوب فتذكر أن الله قَبِل توبة رجل قتل تسعة وتسعين نفساً وأكمل المئة بأن قتل أحد العبَّاد الصالحين فما هو إلا أن استغفر الله وتاب إليه حتى تاب الله عليه وأمر به إلى الجنة .
اللهم وفقنا للتوبة النصوح ، وتقبل منا يا أرحم الرحمن .. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ...
(( تـمَّت الخطبة ))

المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خطبة دعوية عن الصحابة رضي الله عنهم نور الإسلام خطب إسلامية 0 26-04-2013 12:31 PM
خطبة دعوية حول زهد النبي صل الله عليه وسلم نور الإسلام خطب إسلامية 0 26-04-2013 12:20 PM
خطبة دعوية عن النوافل نور الإسلام خطب إسلامية 0 26-04-2013 11:53 AM
خطبة دعوية حول الغناء نور الإسلام خطب إسلامية 0 26-04-2013 11:52 AM
خطبة دعوية عن الطهارة نور الإسلام خطب إسلامية 0 26-04-2013 11:44 AM


الساعة الآن 10:32 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22