صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > مكتبة طريق الخلاص > كتب ومراجع مسيحية

كتب ومراجع مسيحية بحوث ودراسات وكتب مفيدة للباحثين في الدين والعقيدة المسيحية

قصة الكتاب المقدس لـِ فريدريك كينيون

he Story of the Bible A Popular Account of How it Came to Us by Frederic G. Kenyon (1936) قصة الكتاب المقدس فريدريك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-02-2012 ~ 11:00 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي قصة الكتاب المقدس لـِ فريدريك كينيون
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


he Story of the Bible
A Popular Account of How it Came to Us





by Frederic G. Kenyon (1936)





قصة الكتاب المقدس
فريدريك كينيون (1936)

إعداد

فريق الترجمة بالجريدة





مقدمة تعريفية بالمؤلف :

فريدريك جورجي كنيون ولد يناير عام 1863م بلندن ، عمل مدير للمتحف البريطاني ، ورئيساً للأكاديميات البريطانية من عام 1917م وحتى عام 1921م ، له علامة بارزة في اللغة القديمة كعالم بريطاني ، قاضياً جزءاً كبيراً من عمره في دراسة الكتاب المقدس وخصوصاً تلك المتعلقة بتاريخية نص العهد الجديد ، مخلفاً بعض المؤلفات الشهيرة مثل ( كتابنا المقدس والمخطوطات القديمة ) والذي اهتم فيه بدراسة وتحليل البرديات المصرية القديمة وأثرها علي النص المقدس ، قبل ان يتوفى عن عمر يناهز 89 عاماً – أغسطس 1952 –




مقدمة تعريفية بمضمون المقال

في واحدة أخرى من أشهر أعماله ألا وهو كتاب ( قصة الكتاب المقدس ) والذي نشر لأول مرة عام 1963م قدم دكتور " كينون " فاصلاً آخر من الدراسات الرائعة في تاريخية النص المقدس من خلال الوقائع النقدية المعاصرة والإستكشافات الحديثة وأثرها علي مراحل التطور النصي عند المسيحيين علي مدي القرون الماضية.
من ذلك ونظراً لما رأيناه من أهمية كبيرة للقارئ المسيحي او غير المسيحي في معرفة تلك المعلومات وخصوصاً تلك التي تتعلق بتاريخ النص النقدي والمستلم للعهد الجديد فقد كانت الحاجة إلى تقديم جزء من ذلك البحث للدكتور " كينون " يحتوي علي ثلاثة فصول فقط من الكتاب ( السادس ، السابع ، الثامن ) ، تغطي المرحلة التاريخية للنص المقدس من عصور النسخ القياسية الي عصور النسخ النقدية من خلال سرد شيق لتفاصيل تلك الفترة وصعوباتها ومشاكلها بالإضافة الي بطاقات تعريفية بأهم العلماء ممن شاركوا في صناعة ذلك التاريخ المجهول عند كثير من مسيحي الشرق تحديداً ، ومدخل بسيط سلس لأهم المخطوطات اليونانية والترجمات القديمة للعهد الجديد.





Chapter 6
The Search for Manuscripts



الفصل السادس


البحث عن المخطوطات


http://www.bible-researcher.com/kenyon/sotb6.html


بحلول عام 1611 , كان العالم الغربي يمتلك نسخة من الكتاب المقدس باللغة اليونانية (النص المستلم لايرازموس بطبعاته المختلفة يقصد) , و أما انجلترا فقد امتلكت نسخة باللغة الإنجليزية (نسخة الملك جيمس يقصد) , و ربما يظن أن هذا نهاية المطاف , و لكنه في الواقع كان البداية لعمل جديد .
كما أوضحنا قبل ذلك , فإن الكتاب المقدس اليوناني جرى إعداده اعتمادا على أول المخطوطات التي كانت بحوذتنا في تلك الفترة , و من هذا النص اليوناني جرى إعداد ترجمة باللغة الإنجليزية .
كان "العهد القديم اليوناني" في حالة أفضل من "العهد الجديد اليوناني", لأن البابا " سيكستوس الخامس" تسبب عام 1587م في إخراج طبعه من الترجمة السبعينية اعتمدت بصوره رئيسيه على مخطوطة الفاتيكان العظيمة , و التي كانت و لا تزال أفضل شاهد للعهد القديم اليوناني , و أعيد طبع هذا النص مرارا , بعكس نص ايرازموس الذي أعده للعهد الجديد و الذي أصبح فيما بعد مع بعض التغييرات الطفيفة " النص المستلم" , فقد جرى إعداده اعتمادا على مخطوطات قليلة متأخرة .
استحوذ النص المستلم و هذه الترجمة الإنجليزية على الساحة لمدة 250 عاما وحتى مدي أبعد يصل إلى اليوم , و قليل من الناس من كان يشعر بعدم الرضا تجاههما , و تطلب الأمر ثلاثمائة عاما من أجل جمع المواد اللازمة لتحسين هذا النص , و لعرض نتائج هذا البحث على العالم بأسره .
هذا هو العمل الذي انغمس فيه الباحثون في أوربا و أمريكا , و الذي قام فيه الباحثون الإنجليز بدور مشرف و في غالب الأمر كان لهم الدور القيادي في هذا الأمر .
جاءت الشرارة الأول من انجلترا , بعد ستة عشر عاما فقط من نشر "النسخة المعتمدة" , عندما وصلت "المخطوطة السكندرية " العظيمة إلى هذا البلد , التي أهداها " سيريل لوكار" بطريرك القسطنطينية بواسطة السير " توماس رو " سفير انجلترا في " بورت" إلى الملك " جيمس الأول" , و لكنها في واقع الأمر لم تصل إلى انجلترا حتى عام 1627م , عندما اعتلى العرش " تشارلز الأول" . إنها مخطوطه قديمة جدا , كتبت بحسب اتفاق العلماء فى النصف الأول من القرن الخامس الميلادي , ربما في مصر .
كان " سيريل" بطريركا على الإسكندرية , و يعتقد أنه جلب المخطوطة معه من هناك , عندما نقل في عام 1621م إلى القسطنطينية . إنها كتاب جميل , كتب على أوراق رقوق تمتاز بالرقة , تبلغ مقاساتها حوالي اثنى عشر و مصف بوصه في عشره و نصف بوصه , و يوجد في كل صفحه عمودان للكتابة .

فى الوقت الحاضر , توجد فى أربعة مجلدات و عليها الحروف الأولى من اسم الملك " تشارلز الأول" , و تستطيع أن تراها فى المتحف البريطانى فى أى يوم , الذى توجد فيه مع بقية المكتبه الملكيه , التى أهداها " جورج الثانى" فى عام 1757م .
انها تحتوى على الكتاب المقدس كاملا باليونانيه , باستثناء بعض التشويهات العرضيه التى تسببت بفقدان كل انجيل متى تقريبا , و أجزاء كبيره من المزامير , و انجيل يوحنا , و رسالة كورنثوس الثانيه , و توجد بعض التشوهات الأخرى الصغيره فى مناطق متفرقه .

بالإضافه لذلك , فإنها تحتوى على كتاب المكابيين الثالث و الرابع عند نهاية العهد القديم , و كذلك رسالتى كليمنت عند نهاية العهد الجديد , بينما يظهر جدولا للمحتويات أنها احتوت فى الأصل على مزامير سليمان الأبوكريفيه , و لكنها مفقوده هى و نهاية رسالة كليمنت الثانيه .
و بشكل اجمالى , فقد تبقى 733 ورقه من أصل 820 ورقه كانت تحتوى عليها المخطوطه فى الأصل .
ان وصول مخطوطه بهذا القدم أثار انتباه العلماء .....لم يضع " باتريك يانج" الذى كان مكتبيا فى المكتبه الملكيه أى وقت , فقد نشر فى عام 1633م رسائل كليمنت , المجهوله حتى الآن , و أعد العده من أجل اصدار طبعه كامله للعمل بأكمله .
أفضى هذا الأمر الى لا شىء , و لكن الأسقف "والتون" فى نسخته من الكتاب المقدس المسماه " بوليجلوت " ( المتقنه لعدة لغات) وضع فحصا للقراءات الرئيسيه فى العهد الجديد عام 1657م .
نشر العهد القديم بالكامل عام 1707- 1720 م , و لكن العهد الجديد لم ينشر الا فى عام 1786م , و لكنه قراءاته كانت قد فحصت بشكل كبير و اقتبست قبل ذلك بفتره .
نشر المتحف البريطانى فى الأزمنه الحديثه نسخا فوتوغرافيه , و التى تخدم أغراض الباحثين بشكل عام . كان هذا الاكتشاف و نشره هو الذى شحذ الهمم من أجل البحث عن المخطوطات , و بخاصه مخطوطات العهد الجديد , و من أجل جدولة القراءات المختلفه التى توجد فى هذه المخطوطات .
بدأت مرحلة البحث فى أرجاء مكتبات أوربا , كان نتيجتها أن نشرت سلسة من الأعمال خلال القرنين الماضيين ( و لا يزال حتى الآن كلما تهيأت الظروف) , و كان للدارسين الإنجليز و الألمان قصب السبق فى هذا العمل .
استمرت طباعة " النص المستلم اليونانى " دون احداث أى تغيير فيه , و لكن القراءات المختلفه كانت توضع كتذييل معه(فى الحاشية يقصد) , و جرى جدولة و ترقيم المخطوطات حتى يسهل استخدامها و العزو اليها .
أشير الى المخطوطات ذات الحروف الكبيره بحروف كبيره من الأبجديه اللاتينيه و اليونانيه , و أشير الى مخطوطات الحروف الصغيره بالأرقام العربيه , و استمر هذا النظام فى العمل ( مع بعض التعديلات الضروريه) حتى يومنا هذا .
ربما يجدر بنا أن نشير الى بعض الملامح الرئيسيه لهذا العمل .....ظهر فى القرن السادس عشر و السابع عشر عدة طبعات فاخره للكتاب المقدس فى العديد من اللغات , و لهذا تعرف باسم " الكتب المقدسه المتقنه بلغات عديده" ( بوليجلوت بايبلز) .
كان أولها ال " كومبلو تينسيان بوليجلوت " عام 1522 م , التى أشرنا لها سابقا , التى احتوت فى ستة مجلدات على العهد القديم بالعبريه و اللاتينيه و اليونانيه ( مع ترجمه لاتينيه ما بين السطور) , و على العهد الجديد باليونانيه و اللاتينيه .
ثم ظهرت ال " أنت ويرب بوليجلوت " ( 1569-1572) فى ثمان مجلدات , أضيفت فيها النسخه السيريانيه ( مع ترجمه لاتينيه) ثم ظهرت ال " باريس بوليجلوت " ( 1629-1645) , فى عشر مجلدات ضخمه , التى أضافت العربيه ( مع ترجمه لاتينيه أيضا) و الأسفار الخمسه السامريه الى اللغات الأخرى , و أخيرا " لندن بوليجلوت" ( 1657م) فى ثمانية مجلدات , حررت بواسطة " برايان والتون " , التى بلغ فيها مجموع اللغات سبعه , و هى العبريه ( للعهد القديم فقط) , اليونانيه , اللاتينيه , السيريانيه , الإثيوبيه , العربيه , الفارسيه ( للعهد الجديد فقط) , مع ترجمات لاتينيه , بجوار الأسفار الخمسه السامريه و العديد من " الترجومات" أو إعادة الصياغات .
هذه المجلدات الضخمه قد تجدها اليوم على أرفف المكتبات الكبرى , أو فى المجموعات القديمه التى توجد فى الكليات و المدارس , و تشعرك بالرهبه نظرا لكمية الجهد المبذول فى تجميعها , و لكن لا يوجد لأى منها قيمه نقديه باستثناء العمل الذى أضاف فيه " والتون " ملحوظات عن قراءات المخطوطه السكندريه , و بالتالى جعلها فى متناول دراسات الباحثين .
و قد أضاف أيضا قراءات موجوده فى خمسة عشر مخطوطه , بخلاف الخمسة عشر مخطوطه التى استخدمها " استفانوس" , و من ضمن هذه المخطوطات اثنتان ذات قيمه كبيره و يرجع زمنها الى العصور القديمه , و هى المخطوطه بيزا للأناجيل و الأعمال ( القرن الخامس) , و المخطوطه الكلارومونتانيه لرسائل بولس ( القرن السادس) .

الخطوات التاليه تمت فى انجلترا أيضا ...فى عام 1675 قام الدكتور " جون فيل" كاهن كنيسة المسيح و بطل أحد المقاطع الشعريه الشهيره بطباعة جهاز نقدى و الذى ادعى أنه استخدمه على أكثر من مائة مخطوطه , بإضافة عدد من المخطوطات " البودليه" الى التى حصل عليها من " استفانوس" و " والتون" و آخرون , و باستخدام النسخ القبطيه و القوطيه .

و لكن العمل الذى يمثل الذروه فى الأعمال الإنجليزيه كان فى القرن السابع عشر , و قام به " جون ميل" و الذى شجعه عليه و ساعده فيه " فيل" , حيث قام " جون ميل" بتجميع الموازنات ما بين النصوص خلال مده تتجاوز الربع قرن , و فى النهايه أنتج عهدا جديدا فى عام 1707م , و الذى ربط فيه نص " استفانوس" بالقراءات المختلفه التى توجد فى ثمانيه و سبعين مخطوطه أخرى بخلاف التى استخدمها استفانوس , مع كل النسخ التى تحصل عليها , و ( لأول مره) اقتباسات الكتاب المسيحيين الأوائل من النصوص المقدسه , و التى تعد شهادتهم بخصوص النص ذات قيمه كبيره , و كتب " جون ميل" مقدمة متقنه , التى يمكن أن يقال عنها بكل إنصاف أنها أرست قواعد علم النقد النصى للعهد الجديد .
لقد كان عملا عظيما , و مع ذلك فقد هاجمه بعض الذين ظنوا أن هذا العمل يلقى بظلال الشك على سلامة الكتب المقدسه , من خلال عرض القراءات المختلفه الكثيره , و التى ظلت محورا أساسيا لعمل الدارسين للعهد الجديد لمدة طويله بعد ذلك .
دافع عن هذا العمل بحراره العالم العظيم " ريتشارد بنتلى" ضد أولئك الذى ظنوا بجهلهم أن توقير الكتاب المقدس يستلزم قبول نص خاطىء دون اخضاعه للنقد , بدلا من مواجهة الحقائق و محاولة الوصول اليها عن طريق العمل البحثى المعتمد على الأدله .

و لكن فى ظل هذا الجو العدائى , فقد توقف العمل البحثى فى إنجلترا لمدة قرن كامل , و تحولت القياده الى ألمانيا فى النهايه , عن طريق تنقيح المراجعة التى تمت للنص وفقا للأدله التى بحوذة العلماء .
ان بنتلى نفسه ( الذى لم يكن ليردعه أى نقد) كان يأمل فى إعداد نسخه للعهد الجديد مع نص منقح , و لكنه لم يتجاوز ابدا مرحلة جمع المواد اللازمه لهذا العمل , و لكن هناك عالمان آخران أقل صيتا هما " ادوارد ويلز" ( فى 1709-1719) و " ويليام ميس " و هو قس مشيخى ( فى 1729م) , أنتجوا طبعات بهذه المواصفات اعتمادا على الأدله التى جمعها " ميل " .
هوجمت كلتا الطبعتين بعنف فى بلادهما , و لم تترك أثرا على مسار النقد , و لكن الباحثين الألمان المعاصرين أظهروا احترما شديدا لهما , و أوضحوا أن الكثره الكاثره من هذه التصحيحات التى قاموا بها على " النص المستلم" , قد أكدها البحث العلمى فى القرن التاسع عشر .و أما فى بلادهم , فقد كانوا أنبياء بلا كرامه.
و لا يعرف سوى القليل جدا من الاسهامات الإنجليزيه فى هذا المجال خلال القرن التالى .
لم يكن العمل فى مجال مراجعة النصوص أمرا مستحسنا فى كافة أنحاء العالم , و لكن بالرغم من ذلك فقد استمر العمل على جمع الأدله و فهرسة المخطوطات بصوره حثيثه .
كان هناك تلميذ سويسرى لـ " بنتلى " هو " جاى جاى ويتستين " , و هو أول من جمع قائمة بالمخطوطات مع وسيله للتعريف باسمها ( كما شرحنا بالأعلى) , و التى جرى اتباعها بشكل عام منذ ذلك الحين , و قد نشرت قائمته فى عام 1751-1752 م , مكونة من 21 مخطوطه من الحروف الكبيره , و أكثر من 250 مخطوطه من الحروف الصغيره , و أضاف " سى اف ماتثاى " 57 مخطوطه الى هذه القائمه فى عام 1782-1788م , و عدد قليل آخر فى عام 1803- 1807 م .
أضيف لها أيضا بواسطة " ألتر" من المكتبه الامبرياليه بفيينا , و بواسطة ثلاثة علماء دنماركيين من مكتبات مختلفه فى ايطاليا و ألمانيا و أسبانيا , الذين واصلوا عملهم فى هذا الأمر حتى نهاية القرن ,
و كل ما فعل حتى الآن خلال السنين المبكره من القرن التاسع عشر فى مسألة فهرسة المخطوطات ان أجملها و شرحها بصوره موسعه " جاى ام أيه شولز " , الذى نشر فى عام 1830-1836 م كاتلوجا عن مخطوطات العهد الجديد الذى تضمن 26 من مخطوطات الحرف الكبير و 469 من مخطوطات الحرف الصغير للأناجيل , و ثمانيه من مخطوطات الحرف الكبير , و 192 من مخطوطات الحرف الصغير لسفر الأعمال و الرسائل الكاثوليكيه , و تسعه من مخطوطات الحرف الكبير و 264 من مخطوطات الحرف الصغير لرسائل بولس , و ثلاثه من مخطوطات الحرف الكبير و 88 من مخطوطات الحرف الصغير لسفر الرؤيا , بالإضافه الى 239 من كتب القراءات الكنسيه و مجموعه من الدروس التى تقرأ فى الكنائس .
لم يكن هدف " شولز " فحص المخطوطات بل فهرستها , بحيث يعرف الآخرون المواد المتوفره بين أيديهم و التى يستطيعون العمل عليها , و شكلت لائحته عن العيوب الأساس الذى جرى مواصلته و البناء عليه , و حتى الآن بلغ المجموع خمسة آلاف .
ان الفتره التى جرى فيها " مجرد جمع " للمخطوطات على حساب أى شىء آخر امتدت من الفتره من عام 1627 م , عندما أتت المخطوطه السكندريه الى انجلترا , وصولا الى عام 1830 م , عندما بدأ " شولز" بنشر كتالوجه , و هى فتره تبلغ حوالى 200 سنه .
بدأت فترة جديده , كما سنرى , فى عام 1831م , و لكن ربما يكون من المفيد حاليا أن نلخص ما تم التوصل اليه .ان ضبط الأرقام أمر خادع , لأن بعض المخطوطات تحتوى على العهد الجديد بأكمله , بينما الآخرى ( و هى الكثره الكاثره) تحتوى على جزء منه فقط , الأناجيل , أو سفر الأعمال و الرسائل الكاثوليكيه , أو رسائل بولس , أو سفر الرؤيا , و لكن يمكننا أن نتكلم فى نطاق أن الدارسين على وعى بحوالى ألف مخطوطه تقريبا .
تشكل مخطوطات الحرف الصغير الجزء الأعظم منها الى حد كبير , و التى تعود الى القرن العاشر أو فتره متأخره عن هذا , و لكن يوجد أيضا مخطوطات الحرف الكبير التى تعود الى فترة مبكره و لها أهمية رئيسيه , و أقدمها و أهمها هى المخطوطه الفاتيكانيه و التى توجد فى مكتبة الفاتيكان منذ عام 1481 م على الأقل , و لكن بالرغم من استفادة البابا " سكستوس" منها فى طبعته للنسخه السبعينيه , فإنها لم تحظ باهتمام كبير فيما يتعلق بالعهد الجديد .
كان لدى " بنتلى" ترتيبا مصنوعا منها , و لكنه لم يستفد منه , و قد استفاد الباحثون منها بدرجة تقل أو تكثر , و لكن هذا لم يحدث الا بعد أن نقلت الى باريس بواسطة نابليون , مع غنيمة أخرى من ايطاليا , و شدت انتباه عالم ألمانى يدعى " هج " الذى أعلن عن عمر هذه المخطوطه و قيمتها .
و عندما عادت الى روما بعد سقوط نابليون , قامت سلطات الفاتيكان بحجبها عن الدارسين الأجانب , لأنه كان لديهم أمل أن ينشروها هم بأنفسهم , و لكن طبعتهم تأخرت حتى عام 1857م , و قد نفذت بشكل سىء جدا لدرجة أنها لم تكن نافعه , و بالتالى فحتى هذه الفتره التى وصلنا اليها لم تكن المخطوطه الفاتيكانيه معروفه أو تحظى بتقدير

كانت المخطوطتان الوحيدتان من الطبقه الأولى المعروفتان بشكل كامل هما المخطوطه السكندريه و مخطوطة بيزا , و كلاهما فى انجلترا .
قام " والتون " و " ميل " و ناشرون آخرون بفحص المخطوطه السكندريه , و تم نشرها بشكل كامل عام 1786م , و قد لاحظ الجميع أهميتها و تصدرها لأهم مخطوطات العهد الجديد .
كانت المخطوطه " بيزا" قد استخدمت بشكل محدود بواسطة " استفانوس" و " بيزا" , و قام بفحصها بالكامل " والتون " و ناشرون أخرون , و نشرت عام 1793م بواسطة جامعة كامبريدج , و لكن صفاتها الغريبه , و اختلافاتها الملحوظه عن النص المقبول من الجميع ( الذى سنتكلم عنه بتفصيل لاحقا) جعل الناس ينظرون اليها بشك , و بالتالى لم يعول عليها كثيرا .
كانت هناك مخطوطتان جديدتان تعودان لفترة مبكره لأجزاء أخرى من العهد الجديد , و هما المخطوطه " لاوديانوس" لسفر الأعمال فى أكسفورد ( نشرت بالكامل بواسطة " هيرن" فى عام 1715م) , و المخطوطه " كلارومونتانوس" لرسائل بولس فى باريس , و كلاهما تعودان تقريبا الى القرن السادس .
سوف يتضح بالتالى أن الدارسين فى هذه الفتره لم تكن لديهم معرفة كبيره بالمخطوطات التى تعود الى زمن مبكر , و بالتالى لا بد أن نلتمس لهم العذر فى عدم ملاحظتهم لأوجه الخلل فى النص الذى اعتادوا عليه .
لقد كانوا متأثرين بكمية المخطوطات الكبيره التى تعود الى فترة متأخره - مع بعض الاستثناءات البسيطه- , و التى تحتوى معظمها تقريبا على النص البيزنطى المتأخر الذى ترسخ فى " النص المستلم " لاستفانوس .
بالرغم من ذلك , أخذ البعص الخطوات الأولى فى تقييم الأدله بناء على أسس البحث العلمى, و كان " بنتلى" ليفعل ذلك لو ظهرت طبعته للنور , و لكن هناك آخرون حققوا انجازا ما , و بالرغم أن عملهم لم يلق القبول التام من معاصريهم , فإنه ينظر اليه بعين التقدير الآن .

هناك ثلاثة علماء يستحقون أن نذكرهم , لأنهم وضعوا حجر الأساس لأسس النقد النصى للعهد الجديد التى نعمل بها اليوم ....أولهم هو "جاى ايه بنجل" و الذى قام فى الطبعه التى نشرت عام 1734م - لأول مره- بتقسيم النصوص أو المستندات التى يستشهد بها , و قد لاحظ أهمية الصفات المميزه لكل مجموعه منها , و التى تفيد فى تقييم قيمة الشواهد , و ليس فقط مجرد الاعتماد على كمية الشواهد .

قام بتقسيم الشواهد ( بما فيها الترجمات أو المخطوطات اليونانيه ) الى مجموعتين , سماهما " المجموعه الأفريقيه" و " المجموعه الأسيويه" , و الأولى تتضمن المستندات القديمه قليلة العدد , و التى يبدو أنها انبثقت من مصر و شمال افريقيا , و أما المجموعه الأخيره فتتضمن الكم الكبير من المخطوطات المتأخره , و التى تشكل ما يعرف باسم " النص البيزنطى" أو " النص المستلم" .
قام " جاى اس سيملر" ( 1767م) بتوسيع هذا التقسيم ليصبح ثلاثة اقسام :
أ- السكندرى : و الذى نسبه الى أوريجين و الذى نسب اليه المخطوطات اليونانيه المبكره , و الترجمات السيريانيه و القبطيه و الإثيوبيه.
ب- الشرقى: و مركزه يقع فى أنطاكيه و القسطنطينيه و يتضمن الكم الهائل من المستندات .
ج- الغربى : و الذى يوجد فى الترجمات اللاتينيه و الآباء اللاتين .
أسهب فى هذه الأطروحه و مددها بشكل أوسع تلميذه " جاى جاى جريسباخ" , العالم الشهير فى النقد الكتابى , و الذى عاش فى القرن الثامن عشر , و الذى قام فى ثلاث طبعات ظهرت ما بين أعوام 1774م الى 1805م بتطبيق تقسيم " سيملر" على المواد التى جمعها " ويتستين" , و قام بتوزيع المخطوطات المتنوعه و الترجمات و أقوال الآباء الى مجموعاتها الخاصه بكل دقه .
فى المجموعه السكندريه , قام بوضع ثلاثه من مخطوطات الحروف الكبيره ( بما فيها المخطوطه الأفرايميه -المبكره و لكن غير كامله- فى باريس) , و سته من مخطوطات الحروف الصغيره ,و الترجمات القبطيه و الأثيوبيه و الأرمينيه و السيريانيه المتأخره ( التى تعرف باسم الهيراقليه) و اقتباسات أوريجين و اكليمندس السكندري و يوسابيوس .
فى المجموعه الغربيه , وضع المخطوطه بيزا و الترجمات اللاتينيه و أحيانا البشيتا السريانيه .
فى المجموعه الشرقيه أو القسطنطينيه , قام بوضع المخطوطه السكندريه و المخطوطات المتأخره .
و كما هو الحال عند " بنجيل" و " سيملر" فقد نظر الى المجموعات الصغيره التى تتضمن الشواهد المبكره بوصفها ذات مقام أعلى من المجموعات التى تتضمن أعداد كبيره من المخطوطات المتأخره مثل " المجموعه القسطنطينيه أو البيزنطيه " .
ان هذا التقسيم برغم تعديله بواسطة النقد الأدق فى بعض جزئياته , يظل بشكل عام حجر الأساس لنظرية النقد الحديثه .
لقد أسس بناء على ملاحظة وجود روابط داخليه ما بين بعض المستندات , و التى تدل على أن هذه المستندات تعود فى أصلها الى مستند مشترك أو عدة مستندات مشتركه ....و الأمر الثانى أن " القيمه " مفضله على " الكميه" ....و الأمر الثالث أنه يمكن التعرف على " قيمة المستند " بناء على الاحتماليه الداخليه .
بناء على هذه الأسس , اتضح ان كمية المستندات الكثيره التى تعود الى عصر متأخر لا تشكل سوى صورة متأخره من النص , و اننا اذا أردنا الوصول الى الحقيقه فعلينا أن ننظر الى مجموعة الشواهد الصغيره التى تسبق هذه المستندات المتأخره فى الزمن أو التى لم تتأثر بالمؤثرات التى تعرضت لها هذه المستندات المتأخره .
كان هذا المبدأ مرفوضا تماما فى العصر الذى ظهر فيه , و حدث نزاع شديد بخصوصه كما سنرى لاحقا , و لكنه المبدأ الذى تم تطبيقه بشكل عالمى بواسطة المحررين للنصوص الكلاسيكيه القديمه , و الذى يقبله الآن كل علماء النقد الكتابي. و سوف نرى المراحل الأخيره من النزاع عند حديثنا عن الترجمه الإنجليزيه المنقحه لعام 1881 م .



المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
قديم 05-02-2012 ~ 11:00 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 2
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012



Chapter 7
The Revision of the Text



الفصل السابع


تنقيح النص





وصلنا الآن الى نقطه تبعد بمائة عام فقط من زمننا الحاضر(يقصد منتصف الخمسنينات من القرن الماضي) , عندما بدأت انطلاقة جديده فى مجال النقد النصى , و انفتحت فتره حافله بالأحداث المثيره , بها الكثير من الخلافات الحيويه و الاكتشافات الرائعه .
بحلول عام 1830م , كما رأينا , تم التوصل الى مرحلة هامه من خلال أعمال " شولز " و سلفه , حيث جرى جمع الكثير من الأدله و فهرستها لتكون جاهزة تحت أيدى العلماء و جاهزة لاستخدامها .
كانت هناك عدة جهود أخرى , و بصفة خاصه بواسطة " جريسباخ" , من أجل بلورة مبادىء علميه لاستخدام هذه الأدله , و لكنها لم تلق قبولا واسعا من معاصريه .
حان وقت جديد و تحت ضغط الروح النقديه الشائعه فى أواسط القرن التاسع عشر , فقد تهيأ الوضع لبداية جديده تتوافر لها ظروف نجاح أفضل , و أمكن أن تبدأ انطلاقة جديده و التى سرت بقوة أكبر حتى يومنا الحالى .

كان الرائد الرئيسى فى هذه الحركه عالم ألمانى هو " كارل لاشمان " , و الذى تدرب كعالم كلاسيكى , و قام بنشر بعض النصوص الكلاسيكيه , و الذى تبين له أن المشكله التى تقابل العلماء الراغبين فى الوصول الى نص العهد الجديد الحقيقى من خلال المخطوطات المتنوعه و التى تم تناقلها عبر التاريخ حتى وصلت الينا , هى بعينها نفس المشكله التى تواجه العلماء الذين يرغبون فى نشر أعمال ل " ثيوسيدس " أو " افلاطون " , و أنه لا بد أن يجرى التعامل مع نص العهد الجديد بنفس الطريقه .

من المحتمل أن المخطوطات الأقدم قد عانت من الأخطاء بدرجة أقل , و لهذا رأوا أنه من الواجب أن ندرسها أولا , مع عدم اغفال أن هذه المخطوطات قد تحتوى على أخطاء هى الأخرى .
و يمكننا أن نهمل كمية المخطوطات الكبيره التى تعود لفترة متأخره .

جرى تنحية النص المستلم لـ " استفانوس " , و جرى اعداد نص جديد اعتمادا على أقدم المستندات التى توفرت لديه , و التى اشتملت على المخطوطه السكندريه , و الفاتيكانيه ( و التى لم تفحص بدقه كافيه حتى ذلك الوقت ) , و الافرايميه , و بيزا , و كلارومونتانوس , و لوديانوس , و قليلا من القطع من مخطوطات الحروف الكبيره , و أقدم مخطوطتين ل "الفولجاتا اللاتينيه" , و كتابات أربعه أو خمسه من أقدم آباء الكنيسه .

و لم يجر الاعتماد على الترجمه السيريانيه أو القبطيه , لأنه لم يكن يعرف هاتين اللغتين
و حتى يستبعد حدسه الشخصى , اتبع فى كل حاله الأغلب من بين مستنداته التى اعتمد عليها , راجيا فى النهايه - ان لم يصل الى النص الأصلى - أن يصل على الأقل الى النص المعروف فى وقت قبول المسيحيه بواسطة الامبراطوريه الرومانيه .
بدأ بطباعة طبعه صغيره من العهد الجديد فى عام 1831م , تحتوى على نصه المنقح مع توضيحات بسيطه جدا تبين على أى أساس توصل الى هذا النص , و أتبعه فى عام 1842-1850م بطبعة كبيره , تحتوى على الأدله بشكل أوسع و على الأسس التى اعتمد عليها فى نقده .
لم يكن عمله متقنا تماما , و كانت المواد التى اعتمد عليها أقل بكثير مما لدينا اليوم , و لكن بسبب رفضه الصريح للنص المستلم لعام 1550م , و استخدامه الجرىء لعلم النقد النصى و تطبيقه له على مشاكل الكتاب المقدس , نستطيع أن نقول أنه قدم خدمة جليله , و أشعل نارا لا يزال أوارها حتى اليوم .
حتى تلك اللحظه , كان البحث عن المخطوطات يجرى فى الأماكن الشائعه , و كان مجرد فهرسه و فى بعض الأحيان فحص لهذه المجلدات الموجوده على أرفف الجامعات فى أوربا .

الآن , يبرز شاب على مسرح الأحداث , و الذى نقل نطاق البحث الى أماكن أبعد , و فى مكتبات أبعد , و أضاف عددا من الاضافات المهمه الى القائمه أكثر من أى عالم آخر قبله أو بعده , و الذى توج مجهوده بأعظم عمل مدهش فى تاريخ الحياه العلميه , بأن أظهر أعظم نسختين للكتاب المقدس .

هذا الشاب هو " قسطنطين تشيندروف " ( 1815- 1874) , و الذى فور حصوله على درجته العلميه فى اللاهوت من " ليبزيج " فى عام 1840م , أخذ عهدا على نفسه بالبحث عن كل قطعه من المخطوطات ذات الحروف الكبيره و نشرها , سويا مع بعض المخطوطات ذات الحروف الصغيره .

ان قائمة اكتشافاته مدهشة بالفعل , فقد اكتشف و لأول مره ثمانية عشره مخطوطه من مخطوطات الحروف الكبيره ( كلها باستثناء خمسه عباره عن قطع صغيره) و ستة مخطوطات من مخطوطات الحروف الصعيره , و كان أول ناشر لخمسة و عشرين من مخطوطات الحروف الكبيره ( كلها قطع) , و نشر أحد عشر غيرها أيضا , بعضها ( مثل الفاتيكانيه , الافرايميه , كلارومونتانوس , لاوديانوس ) تحتل مقاما فى الصدراه , و قام بنسخ أربعة أخرى , و بفحص ثلاثة عشر .
و باستثناء المخطوطه السكندريه و مخطوطة بيزا , لم تكن هناك مخطوطه من مخطوطات الحروف الكبيره و التى لها فائدة مهمه بالفعل لم يسهم فيها " تشيندروف " بمجهود قل أو كثر .
فى تلك الاثناء كان يخرج الطبعة تلو الأخرى , و التى كانت تتضمن نتائج اكتشافاته .

و بصفة اجماليه فقد أخرج ثمان طبعات للعهد الجديد اليونانى , و أربعه ل " اللاتينى" , و أربعه للترجمه السبعينيه , بجوار نصوص لأناجيل و رسائل أبوكريفيه , بالأضافه لطبعات من مخطوطات منفصله .

و سيرا على خطى " لاشمان " , فقد ابتعد كلية عن النص المستلم , و اعتمد بصورة رئيسيه على المخطوطات الأقدم , و لكن نصه الذى أعاد بناءه تقلب كثيرا بناء على دراساته الحديثه و ما كان يكتشفه حديثا , و بالتالى فإن اسهامه فى مجال "اعادة بناء النص " أقل أهميه من اسهاماته بإضافة "مواد" جديده الى مجال النقد .
على الرغم من هذا , فإن طبعته الأخيره من العهد الجديد ( 1859-1872) مع جهازها النقدى المتكامل , ظلت هى الطبعة القياسيه عند العلماء , و حاليا فقط يجرى اعداد بديل لها عن طريق انتاج طبعه جديده فى انجلترا وفقا لنفس المنهج , و لكن الطبعه الجديده تحتوى على نتائج الاكتشافات الحديثه التى لم يعش " تشيندروف " حتى يراها .
و لكن أعظم اكتشافاته هو اكتشاف المخطوطه السينائيه , و نشر المخطوطه الفاتيكانيه .
ان قصة اكتشاف المخطوطه السينائيه قد تداولها الناس كثيرا فى الفتره الأخيره بسبب امتلاك المتحف البريطانى لهذه المخطوطه من حكومة روسيا السوفيتيه , و ظهرت العديد من الأساطير بخصوصها , و التى صدقها بعض السذج , و لهذا يجدر بنا أن نعيد عليكم قصة اكتشافها .


فى الواقع , انها قصة رومانسيه بقدر كاف , كان تشيندروف يبلغ من العمر 29 عاما , و كان له ثلاث طبعات من العهد الجديد , و كان يقوم بأبحاثه تحت رعاية الملك " فريدريك أغسطوس " ملك ساكسونيا .

أثناء رحلة " تشيندروف " مر على دير سانت كاثرين فى جبل سيناء , و هناك و وفقا لقصته ( و التى نجحت بكل جداره أن تقاوم كل النقد الذى وجه لها من أجل تكذيبه ) رأى فى أحد الايام سله بها عدد من أوراق لأحد الرقوق , وعليها كتابه من نوع الحروف الكبيره , و التى علم أنها ستدمر فورا كما جرى نفس الأمر مع العديد من أوراق الرقوق قبلها .
طلبها تشيندروف و قد سمح له أن يحتفظ بها , و عددها ثلاثه و أربعون , و التى ثبت اشتمالها على أجزاء من الترجمه السبعينيه , من كتب أخبار الأيام الأول , أرميا , نحميا , و استير , مكتوبه بيد يظهر عليها أنها أقدم من أى شىء رآه قبل ذلك .

و قد رأى أيضا - و لكن لم يسمح له أن يأخذها معه - عددا من الأوراق من كتب اشعياء و المكابيين , و لم يكن هناك ما يشير الى أن هذه المخطوطه احتوت فى يوم من الأيام على العهد الجديد .
و لكن على أى حال , أن تحتفظ بثلاث و أربعين ورقه من الترجمه السبعينيه أقدم بقرن تقريبا من المخطوطه السكندريه أمر جيد , و قد عاد تشيندروف بهذا النصر الى " ليبزيج" و أودع كنزه فى مكتبة الجامعه و عليها اسم " فريدريك أغسطس " , و قام بنشرها , و لكنه كان حريصا ألا يخبر أحدا عن المكان الذى عثر فيه على هذا الاكتشاف

كان تشيندروف يعلم أنه لا تزال أجزاء متبقيه من هذه المخطوطه يتوجب عليه أن يقتنيها , و لم يشأ أن يلف نظر أى انسان آخر الى هذه المسأله , و لهذا فقد اكتفى بأن يقول أن هذه الأوراق يبدو عليها أنها من مصر أو من المناطق المجاوره لمصر , و قد كان هذا صحيحا , و لكنه جزء صغير من الحقيقه .


بعد ذلك بتسع سنوات , تمكن أن يزور سيناء مرة أخرى , و لكن لم يصل الى سمعه أية أخبار عن هذه المخطوطه , و اعتقد أنه ربما يكون قد تحصل عليها مسافر آخر محظوظ , و ربما يكون ضابطا انجليزيا تناثرت الشائعات حتى وصلت الى مسامعه .
بعد ذلك بست سنوات عاد مرة أخرى , و كان يعمل على المخطوطات الموجوده فى ذلك الدير , و لكن لم يصل الى مسامعه أية أنباء عن كنزه المفقود بعد , و فى مساء اليوم الأخير من اقامته , انتهز فرصة و عرض على مضيفه فى الدير نسخة لطبعه من الترجمه السبعينيه و التى كان قد أصدرها منذ سنوات قليله .
حينها , أخبره مضيفه فى الدير أنه أيضا يمتلك نسخة من الترجمه السبعينيه , و تناول من على الرف حزمه ملفوفة فى قماش , و عرضها على تشيندروف الذى أصيب بالدهشه , فقد تبين له أنها تنتمى لمخطوطته التى يبحث عنها .

لقد كانت جائزة تفوق أقصى تصوراته , ليس فقط أنه وجد 199 ورقة أخرى من العهد القديم , و لكنه وجد أيضا العهد الجديد كاملا من بدايته لنهايته و معه رسالة برنابا و كتاب راعى هرماس .

عكف تشيندروف - المفعم بالسعاده- على نسخ رسالة برنابا طوال الليل , و تساءل عن امكانية أن يصطحب المخطوطه معه الى القاهره من أجل أن ينسخها .

كان رئيس الدير غائبا , و قد اعترض أحد الرهبان , و بالتالى فقد غادر تشيندروف بدون هذه المخطوطه , و لكن لما عرض الأمر على رئيس الدير فى القاهره , و قد كان الدير له فرع هناك , وافق على ذلك , و أرسل أحدهم على جمل ليحضرها ل " تشيندروف " , الذى بدأ هو و مساعدوه بنسخ المخطوطه ورقة تلو ورقه .

فى تلك الأثناء , اقترح تشيندروف أن يعرض الرهبان المخطوطه على القيصر حامى الكنيسه اليونانيه , و بما أن الرهبان رغبوا فى استمالة القيصر بخصوص انتخابات متنازع عليها جرت فى أسقفية سيناء , فقد مالوا الى قبول هذا العرض .
استمرت المفاوضات لفترة طويله , كما هو معتاد فى الشرق , و لكن بعد تسعة شهور , سمح ل " تشيندروف " أن يصطحب المخطوطه معه الى " سانت بترسبرج " لكى يراقب طباعتها , و بعد فترة قصيره تم تعيين رئيس الأساقفه ذلك فى منصبه كما كان يأمل.

كان تشيندروف يعمل باتفاق تام مع رؤساء الدير , و لما تأخر القيصر فى رد الهديه و التى كانت تنتظر كعادة شرقيه , تدخل تشيندروف مرة ثانيه , و جمع مبلغا كبيرا من المال ( فى تلك الأيام) حوالى 9000 روبل , و عددا من أدوات الزينه و وهبها لهم .
أثنى كل المعاصرين على ما فعله تشيندروف , فقد كان الرهبان ( و الذين لم يكونوا يقدرون المخطوطه فى بداية الأمر ) يرغبون فى جائزة قيمه نظيرها .
أما الأجيال التاليه فهى فقط التى ندمت على زرع الطمع فى نفوس هؤلاء الرهبان , و لكن فى جيل تشيندروف الذى أعطى الرهبان هذه العطيه , كان الجميع راضيا , و قد ظل تشيندروف على علاقة طيبة بهم الى آخر حياته .

لقد كان تشيندروف راضيا بلا شك , فقد أظهر الى النور مخطوطة تحتوى على كل العهد الجديد تقريبا , تقريبا نصف العهد القديم , و هى أقدم بحوالى مائة عام من أى مخطوطه أخرى كانت موجوده حينها باستثناء المخطوطه الفاتيكانيه غير السليمه بدرجة كبيره .
ان المخطوطة السينائيه كتاب رائع , مكتوبه فى أربعة أعمده و بأجمل الخطوط المستخدمه فى الحروف الكبيره , و على أوراق رقوق جيده تبلغ قياساتها حوالى خمسة عشر بوصه فى ثلاثة عشر و نصف بوصه , و سليمه بنحو جيد .
نشرها تشيندروف كاملة فى صورة نسخه عام 1862 م , و قد عرضت بعض أوراقها فى معرض لندن العظيم فى ذلك العام , و فى عام 1911م نشرت صحافة جامعة أكسفورد صور فوتوغرافيه من العهد الجديد , و أعقبتها بصور فوتوغرافيه للعهد القديم عام 1922م , بناء على الصور التى التقطها البروفيسور " كيرسوب ليك " و تحت رئاسته .

ظلت المخطوطه فى " سانت بيترسبرج " حوالى ثلاثة أرباع القرن , الى أن تمكنت الحكومه السوفيتيه من شرائها , و بعد مفاوضات مطوله دخلت الى المتحف البريطانى فى وقت الكريسماس , 1933م , و هناك - كما نأمل - وصلت الى مكانها الأخير , جنبا الى جنب مع المخطوطه السكندريه .
واكب اكتشاف هذه المخطوطه حادث هزلى , و الذى طفا على سطح الأحداث فى وقت شرائها بواسطة المتحف البريطانى .
كان هناك رجل يونانى مبدع اسمه " سيمونيدز ", أحضر الى انجلترا حوالى عام 1855م بعض المخطوطات , و من بينها مؤلف يزعم أنه تاريخ لمصر كتبه مؤلف يونانى اسمه " أورانيوس " .
و قد ترك هذا أثرا حتى على بعض النخبه , فقد بدأ عالم ألمانى بارز يدعى " ديندروف " بإعداد طبعة منها من أجل صحيفة أكسفورد , و قد طبعت بعض صفحاتها بالفعل , الى أن لاحظ عالم ألمانى آخر أن الأحداث الزمنيه المسجله بها منقوله من عمل معاصر بدون أدنى شك .
لقد كان التزوير واضحا , و تم ايقاف العمل على الفور , و الأوراق التى بقيت منها تثير الفضول .
( و أيضا يمكن أن يضاف أن "سيمونيدز" زعم أنه عثر من بين بعض المجموعات المصريه التى توجد عند رجل من ليفربول على مخطوطه للقديس " متى " كتبت بعد خمس عشرة عام من الصعود , و أجزاء من مخطوطات تعود للقرن الأول لرسائل القديس يعقوب و القديس يهوذا , مع أشياء أخرى مدهشه , و التى نشرها فى نفس عام نشر المخطوطه السينائيه , و لكنها أخفقت فى اثبات أصالتها , و لا يزال من الممكن أن تشاهدها حتى اليوم فى ليفربول , و أن تتعرف كيف أن العلم بالبرديات كان قليلا حينها )
بسبب هذه الأحداث , فقد أقحم تشيندروف فى الجدال الدائر حول " كتاب أورانيوس " و قد تذمر ضده " سيمونيدز " , و الذى ادعى أن " كتاب أورانيوس " عمل أصلى , بينما أنه هو بنفسه قد قام على نسخ كل المخطوطه السينائيه فى مدة ستة شهور فى عام 1840 م فى جبل " آثوس " اعتمادا على طبعه فى موسكو للكتاب المقدس اليونانى .

ان هذه القصه تعج بالمستحيلات , ففى عام 1840م كان " سيمونيدز " لا يزال فى الخامسة عشره من عمره , و لم يكن من الممكن له أن يتحصل على 350 ورقه من رق قديم , و لا يمكن له أيضا أن ينسخها فى الوقت الذى زعمه .
ان هذه المخطوطه لم تكتبها يد واحده , و لكن بواسطة ثلاثة نساخ على الأقل , و عليها تصحيحات قام بها عدة نساخ آخرون , و لا يوجد نسخه لكتاب مقدس فى موسكو يمكن أن تكون قد نسخت منه , و بالتالى فإن قصة " سيمونيدز " تعتبر واحده من الجرائم الهزليه , انها طريفه و لكنها لا تستحق أن يلتفت لها و لو للحظة واحده .
قام تشيندروف بنشر المخطوطه السينائيه فى عام 1862م , ثم حول اهتمامه بعد ذلك الى المخطوطه الفاتيكانيه , و التى كان قد نشر لها طبعتان بواسطة الكاردينال " ماى " فى أعوام 1857م و 1859م , و التى كان بينهما اختلافات كثيره لدرجة أنه لا يمكن الوثوق بأى منهما .

زار " تشيندروف " روما فى عام 1866 , و بصعوبة بالغه سمح له أن يفحص بعض الفقرات المحدده من المخطوطه الفاتيكانيه فى مدة أربعة عشر عاما , و خلال ثلاث ساعات فقط من العمل يوميا , و خارج نطاق هذا الإذن الذى حصل عليه فقد تمكن من نسخ عشرين صفحه بالكامل , ثم حجبت المخطوطه بعد ذلك .

بالرغم من ذلك , فقد تمكن - بناء على نتائج بحثه- أن ينشر فى عام 1867م طبعة قطعت شوطا طويلا فى تقديم الأدله الخاصه بهذه المخطوطه بين أيدى العلماء , و قد أكمل هذا العمل فى عام 1868م بطبعة للعهد الجديد ( تبعها بعد عدة أعوام العهد القديم ) أعدت من أجل الفاتيكان خاصة بواسطة " فيرسيلونى " و " كوزا " .

و بهذه الطريقه , فقد امتلك دارسو العهد الجديد بحلول عام 1868م نسختين عظيمتين للكتاب المقدس أقدم بمائة عام مما كان بحوزتهم حينذاك .

و بالتالى فقد وجد دافع قوى من أجل القيام بعملية تنقيح دقيقه للنص اليونانى الشائع الاستعمال , لأن هاتين المخطوطتين الجديدتين لا تدعمان النص المستلم و مع ذلك فإن كل الدارسين تقريبا اعتبروهما ذات مقام أعلى من النص المستلم .

أصدر تشيندروف نفسه فى عام 1969-1872م نصا منقحا للعهد الجديد معتمدا على المخطوطتين السينائيه و الفاتيكانيه بصورة رئيسيه , مع جهاز نقدى متكامل للقراءات المختلفه فى كل النصوص المهمه الموجوده و الترجمات الرئيسيه و اقتباسات الآباء الأوائل .

و تظل هذه الطبعه أكثر النسخ نفعا للعلماء حتى يومنا هذا , بالرغم من احتياجنا الى الانتفاع بنتائج الاكتشافات الجديده و التى يتوجب علينا أن نشرحها , و قد قامت بهذه المهمه لجنه انجليزيه , و التى نشر أول جزء من عملها ( انجيل مرقص , نشر بواسطة
Rev. S. C. E. Legg )
منذ فتره ليست بالبعيده .
فى انجلترا خصوصا , و حيث كانت هناك رغبة قويه فى القيام بعملية التنقيح , و قد لبيت هذه الرغبه بطريقتين .

من ناحيه , فقد قام عالمان بارزان من كامبريدج هما ويستكوت و هورت بإعداد نص يونانى منقح للعهد الجديد , مع شرح كامل للأسس التى سار عليها عملهما , و من ناحية أخرى , فقد عين المجمع الكنسى الإنجيلى فى كانتربرى لجنة فى عام 1870م مهمتها اعداد طبعه منقحه للكتاب المقدس الموجود باللغه الإنجليزيه .

و قد سار العملان جنبا الى جنب , و قد قدمت نتائج العملين الى العالم بصوره متزامنه فى مايو 1881م .

لقد كان ويستكوت و هورت من أعضاء لجنة المراجعه , و تحملا نصيبا كبيرا من العمل فيها

و بالتالى فإن النسخه المنقحه و ان كانت لا تعبر عن رأيهما بدقه , الا أنها مصطبغه بآرائهما بشكل كبير , و كان لطبعتهما تأثير تاريخى عظيم على كل مسار النقد النصى اللاحق لهما , لدرجة أنه من الضرورى أن نفهم تعليقهما و النظريات التى أرسوها حتى نتفهم المشكلات التى يجب أن نتعامل معها فى يومنا هذا .

لقد استخدم "ويستكوت و هورت" المواد التى جمعها تشيندروف الاستخدام الكامل , و فى الحقيقه , فإن أهم ميزه لعملهما هى الأهميه الكبيره التى أضفوها على المخطوطه الفاتيكانيه التى اعتبروها فى المقام الأول , ثم المخطوطه السينائيه التى اعتبروها فى المقام الثانى بعدها .

و سيرا على القواعد التى أرساها "جريسباخ" , كما شرحنا بالأعلى , فقد قسموا كل المستندات الى أربع عائلات :

1- مجموعه سموها " المجموعه المحايده " و يمثلها بصوره رئيسيه المخطوطه الفاتيكانيه و المخطوطه السينائيه , و يدعهما بصورة تزيد أو تنقص حوالى ثمانية أو عشرة مخطوطات متأخره من مخطوطات الحرف الكبير , و عدد من مخطوطات الحروف الصغيره التى لم يطرأ عليها - بصوره تزيد أو تنقص- تنقيح الى النص القياسى , و عدد من الترجمات القبطيه ( و التى كان اقدمها و هى " الترجمه الصعيديه" غير معروفه بشكل جيد) , و العالم السكندرى الكبير " أوريجين" الذى يعود الى أوائل القرن الثالث الميلادى .

2- مجموعة أخرى صغيره و غير محددة المعالم , وجدت فى مصر , و لكنها ليست متوافقه مع "مجموعة المخطوطه الفاتيكانيه " , و التى أسموها " المجموعه السكندريه " .
3- مجموعة أخرى اسموها " المجموعه الغربيه " , لأن ما يمثلها بصورة رئيسيه هى الترجمه اللاتينيه القديمه , و المخطوطه بيزا ( و التى يوجد بها نص لاتينى بجانب نص يونانى ) , و يوجد آثار لها فى العديد من مخطوطات الحرف الصغير , و المخطوطه السيريانيه القديمه الوحيده التى كانت معروفه حينها , و فوق كل ما سبق , كل اقتباسات آباء الكنيسه الأوائل تقريبا , و هذه العائله لها أهمية بسبب عمرها , و يميزها انحرافها الشديد ( خصوصا فى سفر لوقا و سفر الأعمال ) عن كل من " المجموعه المحايده " , و عن " النص المستلم " .


4- عدد كبير من المستندات المتأخره و التى أسموها " المجموعه السيريانيه " , لأنهم ظنوا أن هذا النوع من النصوص , و الذى ساد فى كل أرجاء الكنيسه الشرقيه فى نهاية المطاف يعود أصله الى عمل تنقيحى بدأ فى المناطق المجاوره لأنطاكيه التى توجد فى سوريا , و ذلك تقريبا عند أواخر القرن الرابع الميلادى .

تم اقصاء "المجموعه السيريانيه " كما فعل جريسباخ و لاشمان , لأن (كما سبقا و قالا لأول مره ) ليس فقط أن المستندات التى تحتويها متأخره زمنيا , و لكن أيضا لأنه لا توجد قراءه خاصه بها عند أى كاتب قبل " ذهبى الفم " , و الذى كان يعمل فى أنطاكيه فى أواخر سنوات القرن الرابع .
و قد اعتبرا " النص الغربى " أقل فى القيمه من " النص المحايد " بناء على الدليل الداخلى , و أن قيمته تقل أيضا بسبب أن شواهده مختلفه كثيرا فيما بينها .

قال ويستكوت و هورت أن "النص السكندرى" يختلف مع "النص المحايد" فى تفاصيل غير ذات قيمه , و لكنهما اعتقدا أن " النص المحايد " و بالأخص المخطوطه الفاتيكانيه قد وصلت الينا دون أن يطرأ عليها فساد مؤثر فى العصور القديمه .

و بالتالى فقد ألقوا بكل ثقلهم و ايمانهم على " المجموعه المحايده " فقط , و لم يفارقوا ما تقول به المخطوطه الفاتيكانيه إلا فى مواضع معدوده قليله , أو فى المواضع التى يظهر فيها وجود خطأ من الناسخ بكل جلاء .

عن طريق ويستكوت و هورت , فإن الطالب الذى يدرس الكتاب المقدس قد امتلك أخيرا نصا يونانيا مؤسسا على أقدم المستندات , و معه نظريه نقديه متكامله تدعم هذا النص .
و قد امتلك القارىء الإنجليزى فى " الترجمه المنقحه " ترجمة و إن لم تكن قد أخذت مباشرة أو بالكامل من نص ويستكوت و هورت , الا أنها على الأقل أصح بكثير من " النص المستلم " الذى كان بين يدى صناع " الترجمه المعتمده " , و التى شاع استخدامها فى العالم منذ ذاك .....حتى الآن كان المكسب واضحا .

بالرغم من ذلك , و لسوء الحظ , فإن المترجمين لم يطيعوا التعليمات التى أمروا بها , بألا يدخلوا تغييرات بقدر الإمكان على نص " الترجمه المعتمده " , مع أداء عملهم بإخلاص فى نفس الوقت, و لكن من الواضح أنهم فسروا معنى " الإخلاص " على نطاق أوسع .

هناك عدد من التغييرات الطفيفه تسببت فيها الحذلقه العلميه , التى لم تراعى النظم الداخلى لتراث مترجمى الملك جيمس , و تسببت بصد القارىء و الذى وجد أن أشهر الفقرات فى أشهر المواضع من كتابه المقدس ( الأناجيل) قد قدمت له بصوره مغايره دون وجود تفسير مقنع لهذا الأمر .

و بالتالى , أثر هذا تأثيرا سلبيا عظيما على قبول الناس ل " النسخه المنقحه " كبديل ل " النسخه المعتمده " , و لكن لا يجب علينا فى ذات الوقت ألا نغفل عن مزايا هذه الترجمه - أى الترجمه المنقحه - .

حيثما يكون الإختلاف بين الترجمتين بسبب النص المترجم ذاته , فمن الواضح جدا أن ما ورد فى " الترجمه المنقحه " هو الصحيح , بالرغم أن بعض العلماء المعاصرين قد يفضلون أن توضع القراءات المغايره فى الهامش فى بعض الحالات ( بسبب تحفظهم الشديد فى قبول القراءات المغايره) .

كذلك , فإن بعض الصعوبات التى كانت توجد فى " الرسائل " قد انجلت , بسبب اتضاح المعنى الذى كان يقصده بولس نتيجة الدراسات المضنيه .... كان للتغييرات التى حدثت على نص الأناجيل الأثر السلبى الأكبر , و بما أن هذه الكتب - أى الأناجيل - كانت الأكثر شيوعا بين الناس , فقد أثرت على حكم الناس على الترجمة كلها بالسلب .
علاوه على ما سبق , فإن " الترجمه المنقحه للعهد القديم " و التى صدرت بعد ذلك فى عام 1885م , لم تتعرض لنفس النقد السابق , لأنه لم يتوافر بين أيدى المترجمين نص جديد , فقد كان النص العبرى بين أيديهم هو نفس النص الذى يعود لعام 1611م , و كذلك لأنهم لم يتعهدوا أن يدخلوا تغييرات من " الترجمه السبعينيه " .


من ناحية أخرى , فإن فهم العبريه قد أحدث تقدما هائلا منذ زمن " الترجمه المعتمده " , و كان بوسع المترجمين أن يلقوا الضوء على العديد من الفقرات الغامضه و خصوصا تلك التى توجد فى كتب الأنبياء .

بشكل اجمالى , فقد كانوا حذرين من ادخال أية تعديلات الا اذا تطلبها نظم الكلام , و قد كانوا يتعاملون - فى معظم الأحيان- مع نص ليس مألوفا لدى الناس بعكس الأناجيل , و بالتالى فإن عملهم هذا لم يلق تذمرا واسعا , و قد اعترف بنفع هذا العمل بشكل عام .

ان أى طالب جاد يدرس الكتاب المقدس بالإنجليزيه و يهمل فى دراسته " الترجمه المنقحه " سيخسر الكثير بكل تأكيد .

صحيح , أن " الترجمه المنقحه " لا تمثل أعظم الأعمال باللغه الإنجليزيه , و صحيح أنها لا تقص علينا القصه المقدسه بلغة ملوكية فخمه , الا أنها تعطينا نصا أكثر دقه خاضعا لمقاييس البحث العلمى بدرجة أكبر , و اذا أردنا أن نتأكد من المعنى الذى يقصده الكتاب المقدس , فلا بد أن نحرص على مطالعة " النسخه المنقحه "

على كل طالب يرغب فى دراسة الكتاب المقدس أن ينتفع بكلتا الترجمتين , فإحداهما تفيده فى ايضاح المعنى بناء على التراث الأدبى المشروح بشكل كبير , و الأخرى تفيده فى معرفة النص الأدق و المعنى الحقيقى لكلمة الحياه .

  رد مع اقتباس
قديم 05-02-2012 ~ 11:01 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي
  مشاركة رقم 3
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012



Chapter 8
The Age of Discoveries



الفصل الثامن


عصر الاكتشافات


http://www.bible-researcher.com/kenyon/sotb8.html



كان نشر "النسخه المنقحه" للعهد الجديد-RV- بواسطة صحافة الجامعتين فى السابع عشر من مايو عام 1881م الحدث الأكثر أهميه فى عالم النشر ....كان الفضول عظيما لدى الناس , و كان الطلب حارا من أجل وجود نسخ قديمه , و قد دفعت رشاوى بمقدار خمسة آلاف جنيه من أجل الحصول على نسخ مقدما دون جدوى .

و قد باعت صحافة أكسفورد وحدها حوالى مليون نسخه فى اليوم الأول , و قد سدت الشوارع ما حول " باترنوستر رو " بعدة عربات تحمل هذه النسخ من أجل توزيعها .
بعد ذلك بخمسة أيام , قامت جريدتان فى شيكاغو بطبع الكتاب كاملا , كملحق للعدد الرئيسى لهما , و قد استلم نصف النص بواسطة البرق قبل أن تتوفر النسخ الفعليه .
أعقب ذلك فتره مليئه بالجدل , فقد هاجم بعض العلماء ( على رأسهم العميد برجون)Burgon
الترجمه الجديده بكل ضراوه , و رفضوا أن يتخلوا عن " النص المستلم " , و أكدوا على أن السلطه الكنسيه هى الأثقل فى الميزان اذا ما قورنت بدليل المخطوطات القديمه و قوانين النقد النصى .

و قد كان يدعم هؤلاء العلماء احجام الناس أن يقبلوا أى تغيير يطرأ على الكلمات التى ألفوها و أحبوها فى الكتاب المقدس , و بالتالى قابلت الترجمه الجديده عاصفة عاتيه فى طريقها .

كان قرار العلماء فى جانب "النسخه المنقحه" بشكل كبير , و مضاد للنص المستلم القديم , و يمكن قول هذا بكل تأكيد , و لكن الانتقاد لعيوبها الأدبيه ازداد بمرور الوقت و لم ينقص .
مع ازدياد معرفتنا ( يرجع جزء من ذلك الى اكتشاف مخطوطات يونانيه جديده ) باليونانيه التى كانت مستعملة فى القرن الأول الميلادى , وضح لنا أن التغييرات التى أدخلها المنقحون تعود الى تبنيهم المتحذلق لمبادىء اليونانيه الكلاسيكيه و تطبيقها على اليونانيه الشعبيه التى كانت تتجاهل هذه الحذلقات , و بالتالى فقد استقر الرأى الى النتائج النهائيه التى سنشرحها فى نهاية هذا الفصل .

ربما بدا الأمر , و بكل تأكيد أنه بدا على هذا النحو , أن فى عام 1881م , و بالرغم مما سبق , أننا قد وصلنا الى نهاية مرحلة معينه , فقد أصبح لدى العلماء نص يونانى جديد مؤسس على اقدم المستندات و متوافق مع أفضل مبادىء النقد النصى , و أصبح لدى القراء الإنجليز نسخة منقحة من الكتاب المقدس باللغه الإنجليزيه مؤسسة على هذا النص اليونانى .
قد بدا حينها أنه لم يعد هناك ما يمكن اضافته أو عمله , و أن كل ما عليهم فقط هو أن يهضموا نتائج ما توصلوا اليه , و لم يكونوا يتوقعون أن يحدث أى تغيير على هذا الوضع .

بالرغم من ذلك , و فى حقيقة الأمر , فقد بدأت فترة جديده , و التى يمكن أن نسميها بحق " عصر الاكتشافات " , لأن نصف القرن التالى بداية من عام 1881م قد كانت عباره عن اكتشاف تلو اكتشاف , و قد زادت من معرفتنا بالكتاب المقدس و تاريخه القديم , و مكنتنا أن نقيم النتائج التى توصل اليها العلماء فى عام 1881م بمقياس الدليل الذى لم يكونوا على علم به حينها .

و لهذا فمن الواجب علينا أن نبدأ بذكر قصة هذه الاكتشافات , و التى لا يزال بعضها يظهر حتى وقت كتابة هذا الكتاب , و التى يمكن أن يضاف اليها قبل أن أنتهى من هذه الصفحات , و بالتالى سأحاول أن أجمل نتائج هذه الاكتشافات .
كان اكتشاف المخطوطه السينائيه فى دير سانت كاثرين هو ذروة المرحله السابقه , و من هذه المنطقه أيضا ظهرت الاكتشافات الحديثه التاليه .

أولا , فى عام 1880م , وجد الدكتور " ريندل هاريس" ترجمة سيريانيه لعمل مسيحى مفقود , هو " دفاع أرستيدس " , و هو دفاع عن المسيحيه موجه للإمبراطور " أنطونيوس بيوس " , قام به فيلسوف أثينى حوالى عام 140 بعد الميلاد , و هو نافع جدا لمعرفة التاريخ القديم لمعتقد المجتمع المسيحى .

و قد أعقب هذا نتيجة مثيرة للفضول , فقد تبين أن هذا الدفاع لم يفقد أبدا , و لكن أصله اليونانى كان قد ضمن فى عمل مسيحى رومانسى جرى تأليفه فى القرن السابع على وجه التقريب , و لكن لم تكن ثمة طريقة للتعرف على هذا العمل حتى ذلك الوقت , و لم يكن هناك ما يدعو للاعتقاد بأنه أكثر قدما من العمل الذى احتواه .....و بالتالى فقد عاد الى رصيدنا العلمى عمل مسيحى قديم آخر .

كان الاكتشاف التالى كتابيا بكل وضوح ,فقد شجع نجاح الدكتور " ريندل هاريس " سيدتان من كامبريدج هما السيده لويس و السيده جيبسون , و هما أختان توأمان بارعتان فى علم الاستشراق , أن يعودا الى جبل سيناء من أجل البحث عن مزيد من الكنوز العلميه .

من بين المخطوطات الأخرى التى قاموا بفحصها , صحيفة قد محيت منها الكتابه الأصليه جزئيا , و جرى كتابة نص آخر فوقها .

و قد كان من الواضح أن الكتابه التى بالأسفل ( التى محيت جزئيا) عباره عن نسخه من الأناجيل بالسيريانيه , و قد وضح أهميتها بسبب تاريخها المبكر , و بالتالى فقد أخذتا صورا فوتوغرافية لها من أجل اخضاعها للفحص الدقيق .
و قد تبين لهما أنهما قد عثرا على جوهرة ثمينه , لأنهما اكتشفتا أنها ليست مجرد ترجمه سيريانيه معتاده للأناجيل ( و المعروفه باسم البشيتا) , بل هى ترجمة أقدم من ذلك , و التى لم يكن معروفا منها سوى نسخة واحده حتى ذلك الوقت , و هذه النسخه كانت ناقصة بشكل كبير .

كانت هذه النسخه لدى المتحف البريطانى الذى اقتناها فى عام 1842م , و طبعها " كيريتون " و قام بتوزيعها على نطاق شخصى , و جرى نشرها فى نهاية الأمر عام 1858م .
و قد احتوت على أجزاء من أناجيل متى و لوقا و يوحنا , و أما انجيل مرقص فقد احتوت على آخر أربع أعداد منه فقط .

أما " المخطوطه السيريانيه السينائيه " المكتشفه فقد احتوت على أجزاء من كل الأناجيل , و من الواضح أنها تمثل نفس الترجمه التى تقدمها " المخطوطه الكيريتونيه " و لكن بينهما اختلافات كبيره .
و بالتالى , فبينما أنه من المؤكد أن " المخطوطه الكيروتونيه " قد احتوت فى أصلها على نهاية مرقص المتنازع عليها ( الاصحاح السادس عشر 9-20) , فإننا نجد أن " المخطوطه السيريانيه السينائيه " المكتشفه لم تحتو عليها , فقد انتهى انجيل مرقص فيها عند العدد رقم 8 , كما هو الحال أيضا فى المخطوطه السينائيه و الفاتيكانيه و أقدم مخطوطه للترجمه اللاتينيه القديمه .

و بشكل عام , فقد ظهر أن " المخطوطه السينائيه السيريانيه " تقدم شكلا أقدم من النص عن الشكل الذى تقدمه " المخطوطه الكيروتونيه ", بجانب سدها للعديد من الفجوات التى توجد بالأخيره , و بالتالى فقد أصبح لدينا معرفة كبيره بأقدم الترجمات السيريانيه .
كان هذا اكتشافا من الطراز الأول , لأن الترجمه السيريانيه تعتبر أحد أقدم الترجمات للعهد الجديد , فمن المحتمل أنها قد تمت قبل انتهاء القرن الثانى الميلادى , و الآن بحوزتنا شاهدان لها , كلاهما قد كتب فى القرن الخامس أو أقدم من هذا .

و لا بد أن هذه الترجمه قد أعدت بناء على مخطوطات يونانيه كانت موجودة فى القرن الثانى الميلادى , و بالتالى فهذه الترجمه تأخذ بأيدينا الى فترة أقدم كثيرا من أقدم مخطوطاتنا اليونانيه .

و يضاف على ذلك , أنه من الواضح أن هذا النص السيريانى القديم يختلف فى العديد من التفاصيل مع نوع النص الذى تقدمه المخطوطتان الفاتيكانيه و السينائيه , و الذى أسماه ويستكوت و هورت باسم " النص المحايد " , و الذى أكدا على أنه أفضل أنواع النصوص .
اختلف هذا "النص السيريانى القديم" بنفس الطريقه ( بالرغم أن هذا لم يحدث فى ذات الفقرات على طول الخط ) التى تختلف بها المجموعه اللاتينيه التى أسماها ويستكوت و هورت باسم " النص الغربى " , و بينما دعم "النص السيريانى القديم" " النص المحايد " فى العديد من الفقرات فى مواجهة "النص المستلم" أو "النص البيزنطى" , فقد أعطى أيضا دعما قويا لأولئك الذين تشككوا و لم يعجبهم ثقة "ويستكوت و هورت" المطلقه فى "النص المحايد" .

و قد كان هذا هو الأهم , لأنه بهذا حدث تحول فى مركز النزاع حول نص الكتاب المقدس .
فى بادىء الأمر , و كما شرحنا سابقا , كان النزاع دائرا بين المؤيدين للنص البيزنطى الذى ساد العالم المسيحى لفترة طويله من جهه , و بين الأنواع الأقدم من النصوص التى يشهد لها عدد قليل من المستندات من جهة أخرى .
و قد حسم هذا النزاع سريعا فى أعين الدارسين , فى صالح الأنواع الأقدم من النصوص , و قد صنف النص البيزنطى على أنه له مقام ثانوى و أنه يعود أصله الى فترة متأخره .
و لكن الحجه التى أقصت النص البيزنطى , و هى أن قراءات هذا النص لا توجد عند أى كاتب مسيحى قبل الجزء الأخير من القرن الرابع , لا يمكن أن تستخدم ضد النص الذى أسماه ويستكوت و هورت باسم " النص الغربى " .

على العكس تماما , كان من الواضح أن كل الكتاب المسيحيين الأوائل مع استثناء جزئى ل " أوريجين" , قد استخدموا أنواعا من النصوص ليست متوافقة مع " النص المحايد " .

و بالتالى , فلو وضعنا كل " القراءات القديمه غير المحايده - أى التى لا تنتمى للنص المحايد - " فى عائلة واحده , كما وضعنا "مستندات النص المحايد" فى عائلة واحده , فمن الواضح أن عائلة " القراءات غير المحايده " تجد لها دعما قويا عند الآباء الأوائل , و هو ما ليس عليه الحال بالنسبه ل " عائلة النص المحايد " .
و قد مال العديد من العلماء البارزين الى هذا الرأى , و قد صار النزاع الآن ليس بين " النص المحايد " و النص البيزنطى " , بل بين " النص المحايد " و "النص الغربى " .


و لذلك , فالمخطوطه " السيريانيه القديمه " و التى تعتبر بكل تأكيد " قبل بيزنطيه " و فى نفس الوقت لا تنتمى للنص المحايد , قد اعتبرها مؤيدو " النص الغربى " دعما قويا لهم , و قد سببت اهتزازا فى موقف " ويستكوت و هورت " المعتمد تقريبا و كلية على المخطوطه الفاتيكانيه , و كما سنرى لاحقا فقد كان هناك العديد من الأسباب المهمه التى أوصلت الى هذه القناعه , و لكن يكفينا فى هذا المقام أن نأخذ انطباعا عاما عن الموقف حينها .

صار التساؤل حول النص السيريانى القديم للأناجيل أكثر تعقيدا بسبب اعتبار آخر لا بد أن نشير اليه , نظرا لأهميته و نظرا للعديد من الاكتشافات الهامه ( أحدها حديث جدا ) التى لها صلة به .

كان من المعروف من خلال مطالعتنا لما كتبه الآباء المسيحيون الأوائل أن هناك مسيحى آشورى يدعى " تاتيان " و الذى عاش حوالى عام 120 م , قد أعد عملا حوالى عام 170م سماه " الدياتيسارون " ( توافق الأربعه ) , و الذى كان يعتقد أنه تناغم من الأناجيل الأربعه .

بالرغم من ذلك , فقد كان من الواضح أن هذا العمل قد فقد كلية , و كان أتباع المدرسة الألمانيه يأكدون عند حوالى منتصف القرن التاسع عشر أنه لا يوجد أى إنجيل من أناجيلنا الأربعه قد كتب قبل عام 140م , و بالتالى فإنه لا يصح أن نعول عليها تاريخيا , و على هذا الأساس أيضا فقد أنكروا أن يكون هذا العمل تناغما من الأناجيل الأربعه .
و مؤخرا , و فى عام 1876م , أكد كاتب مجهول لعمل يدعى " دين فائق للطبيعه " على نفس وجهة النظر تلك , و مضى الى ما هو أبعد من ذلك , فقد أنكر أن يكون هذا العمل قد وجد فى أى يوم من الأيام , و أن الأسقف " لايت فوت " الذى كان يستخدم علمه الغزير فى الدفاع عن أصالة الأناجيل و تاريخها المبكر لا يستطيع أن يحتج سوى باحتمالات مظنونه فى مواجهته .
بالرغم من كل هذا , فقد كان الدليل القاطع فى هذه المسأله يقبع طيلة الوقت تحت أعينهم ان جاز التعبير .
فى عام 1836م قام الآباء بأحد الأديره فى " فينسيا" بطباعة ترجمه أرمينيه لتعليق للقديس " افرايم "( الذى عاش فى القرن الرابع) على هذا العمل خصيصا , و الذى يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذا العمل عبارة عن تناغم من الأناجيل الأربعه .

و لكن أحدا لم يلاحظ هذا العمل نظرا لعدم المام علماء الغرب باللغه الأرمينيه , و لكن فى عام 1876م , و قبيل ظهور كتاب " دين فائق للطبيعه " , نشرت ترجمة لاتينيه لهذا التعليق بواسطة نفس الآباء , الأمر الذى لفت أنظار دارسى الكتاب المقدس لهذا العمل .

و من الغريب أن طرفى النزاع كليهما لم يكونا على علم بوجود هذا العمل , و استمر الحال هكذا حتى عام 1880م عندما لفت الدكتور " عزرا ابوت " الأنظار الى هذا العمل , الأمر الذى قاد العلماء الى مزيد من البحث , فظهرت نسخه أولى ثم نسخة أخرى فى ترجمة باللغه العربيه ل " الدياتيسرون " نفسه , و تم نشرها فى عام 1888م .
أزاحت هذه الاكتشافات كل شك حول ماهية " الدياتيسرون" , و أثبتت أنه بحلول عام 170م كان للأناجيل الأربعه القانونيه مقام أعلى بلا نزاع فوق أى كتاب آخر يحكى قصة المسيح , و لكنها أبقت العديد من الأسئله دون اجابه , فقد دار تساؤل حول ماهية النص الذى صنعت على أساسه الترجمه العربيه , و كذلك فقد اختلف العلماء حول لغة " الدياتيسرون " الأصليه .

هل جرى تأليف الأصل باليونانيه أم بالسيريانيه ؟ ....اعتقد العديد من العلماء أن لغته الأصليه هى السيريانيه , لأن هذا الكتاب قد انتشر بصفه رئيسيه فى الكنيسه السيريانيه ( بالرغم أنه ترجم أيضا بكل تأكيد الى اللاتينيه) , و لأنه من المؤكد أن الترجمه العربيه قد صنعت بناء على الترجمه السيريانيه ....بينما قال علماء آخرون أن لغته الأصليه هى اليونانيه و استدلوا بعنوان الكتاب اليونانى , و قالوا أنه قد ترجم بعد ذلك الى السيريانيه فى حياة " تاتيان " .

على أية حال , من المحتمل أن " الدياتيسرون" على أقل تقدير قديم قدم الأناجيل السيريانيه القديمه التى تمثلها " المخطوطه السينائيه السيريانيه " و " المخطوطه الكيروتونيه" , و أن الأناجيل قد انتشرت فى كنيسة سوريا القديمه على هذا الشكل .
ما طبيعة النص الذى وجد فى " الدياتيسرون" و ما التأثير الذى أحدثه على نص الأناجيل المنفصله عن بعضها يظل أمرا غير مؤكد بالنسبة لنا , لأن الترجمه العربيه ( و التى صنعت تقريبا عام 900م ) قد صنعت - بكل تأكيد - شبيهة بالنصوص المتأخره - كما يحدث دائما- , و بالتالى فإن هذا الأمر يظل أحد ألغاز الكتاب المقدس التى يتوجب على دارسيه أن يفكوا طلاسمها .

هناك اكتشاف أكثر أهميه و أكثر اثاره لا بد أن نذكره , و الذى نشر على الناس فى السنوات الأخيره , فقد اكتشف بعض الضباط الإنجليز خرائب حصن رومانى على ضفاف نهر الفرات فى مكان يدعى " دورا " فى عام 1920م , قبيل انسحاب القوات البريطانيه .

من بين هذه المخطوطات , و التى جرى فحصها فى " يالى" عام 1933م , وجدت قطعه من أحد الرقوق لكتاب " الدياتيسرون" باليونانيه .....انها قصاصة صغيره تتكون من أربعة عشر سطرا ناقصه , تحتوى على قصة طلب يوسف الذى من الرامه لجسد المسيح , كتبت بيد تعود الى النصف الأول من القرن الثالث ( لا بد أنها أقدم من الدمار الذى حدث عام 256م) .

انها فسيفساء تحتوى على عبارات من الأناجيل الأربعه القانونيه , مع بعض التعديلات للمحرر , و بالرغم من صغرها , فإنها تعطينا فكرة عن أسلوب " تاتيان " فى تجميع النصوص , فقد أوضحت لنا أنه كان يتعامل مع مواده التى يعتمد عليها بكل حريه و لم يكن يعطى الأفضليه لأى " بشير" على وجه الخصوص , و لكن أهميتها القصوى أنها أحاطتنا علما أن " الدياتيسرون " قد انتشر باللغه اليونانيه فى جزء بعيد فى سوريا , بعد مضى نصف قرن تقريبا من تأليف هذا الكتاب .
كان لهذا الأمر تأثير على اشكالية " اللغه الأصليه لكتاب الدياتيسرون" , فلو كان قد جرى تأليفه بالسيريانيه فمن الطبيعى أن ينتشر فى سوريا بنفس هذه اللغه , و لكانت الترجمات التاليه فى اللغتين اليونانيه و اللاتينيه قد ظلت فقط فى البلاد التى تسود فيها هذه اللغات , بينما لو كان هذا الكتاب قد جرى تأليفه باليونانيه , لكان قد انتشر بهذه اللغه حتى فى سوريا قبل أن تتوفر ترجمة سيريانيه .
ان الدليل ليس قاطعا , لأن بلدة " دورا" و الذى يعتبر مركزا عسكريا و تجاريا لا بد أنه كان يسكن فيه البعض من غير السوريين , و ربما أنهم قد جلبوا ترجمة يونانية لهذا العمل معهم , و لكن على العموم , هذا يضيف شيئا ما الى قضية الذى يدافعون عن الأصل اليونانى لهذا العمل , و على أى حال يثبت أن " الدياتيسرون " كان موجودا باللغه اليونانيه قبل عام 250م .
حتى نتحدث عن الاكتشاف التالى , لا بد أن نعود من بلاد ما بين النهرين الى الأرض المفضله لدينا و هى مصر , ففى شتاء عام 1906م سافر رجل أمريكى من " ديترويت " يدعى " تشارلز إل فرير " الى مصر , و هو مالك لعدد من الرسومات الصينيه و اليابانيه الشهيره و التى أودعها فى أحد المتاحف فى واشنطن , و وجد عددا من الرقوق بحوزة أحد التجار فى القاهره , أو بعض أجزاء من المخطوطات , كان واضحا عليها أنها قديمه و تحتوى على أجزاء من الكتاب المقدس .

لم يكن " فرير " مهتما بهذا النوع من المخطوطات , و لكنه علم أن اقتناء هذه المخطوطات فرصة لا تعوض , و قد فعل ذلك بالفعل , و بالتالى جلب الى الولايات المتحده الأمريكيه واحده من أقدم النسخ للأناجيل المكتوبه باللغه اليونانيه .

كانت هذه المجموعه تتألف من أربعة مخطوطات , اثنتين منها للعهد القديم , و اثنتين منها للعهد الجديد ....المخطوطة الأولى عباره عن مجلد يحتوى على كتب التثنيه و يشوع مكتوب فى القرن السادس و ربما فى أواخر القرن الخامس .

و بحساب عدد أوراق هذا المجلد , فقد تبين أنه احتوى فى أصله على الكتب القديمه لأسفار التوراه الخمسه بدءا من سفر التكوين وصولا الى سفر العدد , و ربما -كذلك - أنه احتوى على سفر القضاه و راعوث عند نهايته ليكمل بذلك الأسفار الثمانيه .


المخطوطه الثانيه كانت لسفر المزامير , و قد كانت متجزأة بشكل كبير و متضرره جدا , و التى عثر عليها فى صورة كتلة صلبه من أحد الرقوق عانت كثيرا من الديدان و الرطوبه , و قد تطلب ترميمها مهارة دقيقه و صبر طويل , و بالرغم من كل هذا فقد ظلت كل ورقه ناقصه , و لم يتبق من المزامير الأولى سوى قدر ضئيل جدا .

من خلال دراسة سمات الكتابه , تبين أن هذه المخطوطه تعود الى القرن السادس أو السابع , بينما تعود الملزمة الأخيرة منها الى القرن التاسع و التى - بكل تأكيد - حلت محل ملزمة أخرى قديمه قد تضررت .

بالنسبه لمخطوطتى العهد الجديد , فقد كانت احداهما للأناجيل , بينما احتوت الأخرى فى أصلها على سفر الأعمال و الرسائل الكاثوليكيه و رسائل بولس , و لكن الجزء الممتد من "سفر الأعمال" الى "رسالة روميه" قد فقد كلية , و الجزء المتبقى من المخطوطه ليس سليما تماما ....انها فى واقع الأمر مجموعة من الأجزاء فى حالة مزريه كما هو الحال فى " سفر المزامير " الذى تحدثنا عنه قبل سطور قليله .

بالنظر الى التاريخ , فإنها ليست أقدم من القرن السادس , و لكنها تمثل نوعا جيدا من النصوص له نفس خصائص المخطوطه السينائيه و المخطوطه السكندريه و المخطوطه الفاتيكانيه .

ان مخطوطة الإنجيل سليمه و مهمه الى حد كبير , انها تحتوى على الأناجيل الأربعه , بترتيب لم يكن معهودا فى الغرب , بمعنى أن انجيل متى يليه انجيل يوحنا ثم انجيل لوقا ثم انجيل مرقص , و ربما يعكس هذا الترتيب درجة الشهره التى بلغها كل انجيل ....ان نوع الكتابه بهذه المخطوطه لا تشابه نوع الكتابه الذى يوجد فى مخطوطات الحروف الكبيره القديمه , فنوع الكتابة هنا صغير , و منحدر , و من الصعوبه تحديد تاريخ له .

و لكن ربما يعود هذا النوع من الكتابه الى القرن الخامس , و ربما القرن الرابع ....ان الملزمه الأولى من انجيل يوحنا تعود لتاريخ بعد هذا , و يبدو أنه جرى دمجها عند حوالى القرن السابع لتحل بدلا من ملزمة أخرى أصابها الضرر .

ان نص مخطوطة واشنطن -كما تدعى- له بعض السمات التى تثير الفضول ....انه نص غير متجانس بكل تأكيد , و لا بد أنه قد جرى نسخه اعتمادا على عدد من المخطوطات السابقه له التى لا تنتمى الى عائلة نصية واحده .

و بالتالى ( باستخدام التقسيم الذى وضعه ويستكوت و هورت) , فإنجيل متى ينتمى للنص السيريانى ( أى بيزنطى ) , و انجيل مرقص من الاصحاح الأول حتى العدد الثلاثين فى الاصحاح الخامس ينتمى للنص الغربى , أما بقية انجيل مرقص فلا تنتمى الى أى من هذه المجموعات , بل تنتمى الى عائلة نصيه سوف نذكرها لاحقا , و انجيل لوقا بدءا من الاصحاح الأول حتى العدد الثانى عشر من الاصحاح الثامن ينتمى لعائلة النص المحايد , و أما باقى انجيل لوقا فينتمى للنص السيريانى , و انجيل يوحنا بدءا من الاصحاح الأول حتى العدد الثانى عشر من الاصحاح الخامس ( الملزمه المضافه) تنتمى للنص السيريانى , و بقية انجيل يوحنا تنتمى للنص المحايد .

و بالتالى فإن الاستنتاج المنطقى أن هذه المخطوطه قد نسخت اعتمادا على مجموعه من لفائف ورق البردى التى كانت تختلف فى صفاتها النصيه فيما بينها , و أنه لم يجر الاعتماد على نوع واحد من النصوص حتى عند نسخ انجيل واحد من هذه الأناجيل .

ان هذا ما كان ليحدث سوى فى مكتبة تتوافر بها العديد من نسخ الكتاب المقدس , بحيث أن الناسخ لا يدقق فى نوع النص الذى ينسخه .

ان هذا أمر طبيعى جدا عندما نعلم أن كل كتاب كان ينتشر فى صورة أحد اللفائف المنفصله , و أن هناك مخطوطات أخرى وجد بها - بنفس الطريقه - سمات مختلفه فى أجزائها المختلفه ( مثال على ذلك : المخطوطه السكندريه تظهر شكلا قديما من النص البيزنطى فى الأناجيل , و لكن فى سائر المواضع الأخرى تظهر نصا محايدا ) , و لكننا لا نجد فى الغالب تعقيدا كبيرا فى أصل المخطوطات فى مكان آخر كما نجده فى هذا المثال الذى بين أيدينا .

من احدى السمات الغريبه فى مخطوطة واشنطن التى تلفت الانتباه على الفور , أنها تحتوى على أخر اثنى عشر عددا من انجيل مرقص الذى يدور حولها النزاع , و لكن فى وسط هذه الأعداد و بعد العدد الرابع عشر أضيفت هذه الفقره التاليه:

و أجابوا و قالوا , هذا الجيل الفوضوى غير المؤمن تحت سيطرة الشيطان , الذى لا يدع الحق الإلهى يسود فوق أعمال الأرواح الشريره .

حتى يظهر صلاحهم , قالوا هذا ليسوع , و قال لهم يسوع , قد تمت السنوات التى يسود فيها الشيطان , و قد اقتربت أمور مريعه ,

و بسبب خطاياهم سلمت للموت , لأجل أن يعودوا الى الحق و لا يخطئوا مجددا , حتى يرثوا المجد الروحى و غير الفاسد للصلاح الذى فى السماء.
اننا نعرف أول عبارتين , فقد وردت اشارة عنهما فى أحد كتابات القديس جيروم , الذى قال أنها كانت موجوده فى بعض نسخ هذا الإنجيل , و بصوره رئيسيه النسخ اليونانيه , و لكن باقى العبارات جديدة كلها .

لا يوجد من يعتقد بأصالة هذه الفقره , و لكنها توضح لنا كيف كانت تتسرب الإضافات الى نسخ الأناجيل و يحدث لها بعض الانتشار .

ان المرحله التاليه فى تاريخ نص الكتاب المقدس تقدم لنا مثالا مثيرا للاهتمام , كان حصيلة مجهود مضنى توج باكتشاف ثمين , فبينما كان البحث عن المخطوطات القديمه للكتاب المقدس يجرى على قدم و ساق , مع نتائجه التى شرحناها سابقا , فإن العلماء لم يهملوا دراسة المخطوطات المتأخره زمنيا , لعلهم يجدون فيها بقايا أنواع قديمة من النصوص .

فى عام 1877م نشر عالمان أيرلنديان هما " دبليو اتش فيرار " و " تى كاى آبوت " دراسة عن أربع مخطوطات لها سمات غريبه , ثلاثة منها كتبت فى جنوب ايطاليا فى القرن الثانى عشر أو الثالث عشر , و أما المخطوطه الرابعه الموجوده الآن فى " ليسيستر " فقد كتبت فى انجلترا فى القرن الخامس عشر , و لكنه بدا واضحا عليها أنها نسخت من أصل ينتمى لنفس العائله التى تنتمى لها المخطوطات الثلاثه السابقه .
تعرف هذه المجموعه باسم "العائله 13" , نسبة الى العدد المكتوب فى القوائم لأول مخطوطة فيها , أو باسم " مجموعة فيرار " نسبة الى اسم العالم الذى لفت الانتباه اليها لأول مره ....كانت صلة النسب بين هذه المخطوطات شديدة الوضوح , فقد احتوت على قراءات غريبه لا توجد فى أى مكان آخر , أو أنها تتطابق فقط مع بعض المخطوطات شديدة القدم .
اكتشف بعد ذلك أن بعض المخطوطات تحتوى على آثار لنفس النوع , و لكن لم يكن من الواضح ما أهمية هذه المعلومه , و ما أهمية القراءات الغريبه التى توجد فى مجموعة تنتمى لفترة زمنيه متأخره , فكل ما يمكن أن يقال عنها أنها تنجذب نوعا ما ناحية "الترجمه السيريانيه القديمه" .

ان أبرز القراءات المختلفه التى تحتويها , أنها نقلت قصة المرأه الزانيه من انجيل يوحنا ( التى لا تنتمى له بكل تأكيد , فهى مختلفة تماما من حيث الأسلوب و اللغه ) الى انجيل لوقا و وضعتها فى الاصحاح الحادى و العشرين بعد العدد 38 .

قام البروفيسور " كيرسوب ليك " بتصنيف أربعة مخطوطات أخرى فى مجموعة جديده , و نشر تعليقا عليها فى عام 1902 م , و أهم ما يمثل هذه المجموعه مخطوطه تحتل المقام الأول فى تصنيف المخطوطات المكتوبه بالحروف الصغيره ( و قد استخدمها ايرازموس بقدر يسير ) , و بالتالى فقد أطلق عليها اسم " العائله1 " .

انها تحتفظ بالعديد من القراءات الموجوده فى المخطوطات القديمه مثل المخطوطه الفاتيكانيه و السينائيه و المخطوطه بيزا , أو فى الترجمه السيريانيه القديمه , و قد لاحظ البرفيسور " ليك " أن قراءاتها الغريبه تتركز بشكل كبير فى انجيل مرقص , حيث تظهر هناك بعض الإنجذاب ناحية "العائله 13 " .

فور الانتباه الى هذه النقطه , فقد لوحظ فى المخطوطات الأخرى أيضا أن انجيل مرقص هو أقل الأناجيل تأثرا بعملية التنقيح التى أدت الى انتاج النص البيزنطى .
ان السبب بكل تأكيد أن انجيل مرقص هو أقصر الأناجيل , و أقلهم احتواءا على تعاليم المسيح , فكان لا ينسخ بصورة كبيره فى القديم و بالتالى نجى من التغييرات التى يحدثها النساخ أو المحررون .

كنا قد رأينا أن انجيل مرقص يتسم بسمات مميزه فى مخطوطة واشنطن , و سوف نجد نفس الشىء فى العديد من الاكتشافات التى سوف نتناولها بالشرح لاحقا .
جاءت الخطوه التاليه على نحو غير متوقع , ففى عام 1906م , لفت البرفيسور " فون سودين " و الذى كان يعمل على اعداد طبعة يونانية شامله للعهد الجديد الانتباه الى احدى مخطوطات الحروف الكبيره المتأخره الخشنه ( الآن فى "تيفليس" ) و التى تنتمى الى دير فى القوقاز اسمه " كوريديثى " .

لم يظهر على هذه المخطوطه أنها أقدم من القرن التاسع , و من الواضح أن معرفة ناسخها باللغه اليونانيه كانت محدوده جدا , و لكن ربما يكون هذا هو السبب الذى لم يجعله يحدث أية تعديلات على ( بالرغم أنه قام ببعض الأخطاء ) النص الذى ينسخه , و بالتالى قد حافظ بكل تأكيد على نوع غير معتاد من النصوص .
ربط " فون سودين " فى ذهنه بين هذه المخطوطه و بين المخطوطه بيزا , و لكنه كان مخطئا فى هذا بكل تأكيد , و عندما نشرت المخطوطه أخيرا بصورة كامله فى عام 1913م , فقد أوضح البروفيسور " ليك " و آخرون أنها -على أية حال - تنجذب بقوه نحو "العائله 1" و "العائله 13" .

و بالتالى كانت الخطوه التاليه هى ضم هذه المخطوطه ( التى رمز لها بالحرف "ثيتا " فى قائمة مخطوطات الحروف الكبيره ) مع هاتين العائلتين , و أطلق على المجموعه كلها اسم " العائله ثيتا " .

و بالتالى كانت أهمية " مجموعة فيرار " تزداد يوما بعد يوم , و لكنها نحت منحى جديدا تماما عندما نشر " كانون ستريتر " فى عام 1924م ( فى كتابه " الأناجيل الأربعه" ) نتائج بحثه عنها .

فبعدما أكد على ارتباط " العائله ثيتا " بالـ " الترجمه السيريانيه القديمه " ( و التى اعتبر هذا دليلا على قدمها , بالرغم أن المخطوطات التى احتفظت لنا بها تعود الى زمن متأخر ) , فقد أرسى حقيقة مهمه و هى أن " أوريجين " العالم المسيحى البارز ( الذى توفى عام 253م ) استخدم هذا النوع من النصوص فى أعماله المتأخره التى كتبها بعد رحيله من "مصر" الى "قيصريه " فى عام 231م .

كانت قيصريه التى توجد فى فلسطين مركزا مهما لدراسات الكتاب المقدس , و اشتهرت بعد ذلك بمكتبة تشكل مخطوطات " أوريجين " منها جزءا واضحا , و التى استخدمها القديس " جيروم " بكثره , و هناك ما يدعو للاعتقاد بأن " المخطوطه السينائيه " كانت بها فى فترة مبكرة من تاريخ هذه المخطوطه .

و بالتالى , فإن ما استنتجه " ستريتر " هو أنه بينما اعتمد " أوريجين " فى أعماله المبكره التى كتبها أثناء وجوده فى مصر على مخطوطات تحتوى على " النص السكندرى" و " النص المحايد " , فقد وجد فى " قيصريه" نوعا آخر من النصوص اعتبره فى رتبة أعلى من النصوص السابقه , و اعتمد عليه منذ ذلك الحين , و الذى تقدمه لنا و تمثله أمامنا " العائله ثيتا " .

و بالتالى أطلق اسما جديدا على هذه العائله , فقد أسماها ب " النص القيصرى " , لتتساوى مع اصطلاح ويستكوت و هورت عن " النص المحايد " و " النص الغربى " , و لينظر ل " النص القيصرى" على أنه من العائلات التى لها أهمية قصوى .

يبدو أن هذه نتيجة مهمه , حيث تحولت " مجموعة فيرار " التى لم يكن ينظر لها بأهمية فى بادىء الأمر و التى لم يكن يعرف أصلها الى ما يعرف باسم " النص القيصرى " الذى يدعمه أعظم عالم مسيحى فى الكنيسه القديمه , و الذى يوجد فى فلسطين بكل أريحيه , قريبا على نحو مناسب من كنيسة سوريا .

بالرغم من ذلك , فقد ظهر أمر يثير الاضطراب , فقد أوضح البروفيسور " ليك " أنه بالتحليل الأعمق للاقتباسات الموجوده فى كتابات " أوريجين " , فقد تبين أنه - بدون شك - استخدم " النص السكندرى " فى أعماله التى كتبها فور هجرته الى " قيصريه" , و لم يتحول الى استخدام " النص القيصرى " الا فى فترة لاحقه متأخره عن هذا الوقت .

هناك أيضا بعض الاشارات ( بالرغم من ضعفها لأنها تفتقد البرهان الكافى) أنه استخدم " النص القيصرى" فى آخر أعماله التى كتبها فى الإسكندريه , و بالرغم أنه من الطبيعى أن نسمى هذا النص باسم " النص القيصرى " لأن " أوريجين " استخدمه هناك و كذلك تلميذه " يوسابيوس " , فقد تكون الحقيقه أن " أوريجين" قد جلب هذا النوع من النصوص معه من مصر , و أنه وجد مخطوطات تنتمى ل " النص السكندرى " فى قيصريه , و استخدم كلا النوعين من النصوص لبعض الوقت , ثم فى فترة لاحقه اعتمد كلية على " النص القيصرى " .

هناك نقطة جيدة أخرى أشار اليها " ستريتر " , و هى أنه من الممكن أن نضيف " مخطوطة واشنطن التى تحتوى على الأناجيل " الى قائمة المستندات المتناميه الداعمه للنص القيصرى فيما يتعلق بالجزء الأكبر من انجيل مرقص , و الذى كانت سماته مجهولة حتى ذلك الوقت كما أشرنا سابقا .

و قد اتضح أيضا أن " الترجمه الجورجيه " لها سمات قيصريه , و اذا كانت - كما هو محتمل - " الترجمه الجورجيه " مأخوذة من " الترجمه السيريانيه " , فهذا دليل آخر على صلة هذا النوع من النصوص بسوريا .
من كل ما سبق من النقاشات و الدراسات تبرز لنا حقيقة مؤكده , أن "النص القيصرى" قد صار كينونة متميزه , يستحق أن يعطيه الدارسون من وقتهم و جهدهم من أجل بحث أعمق , و أنا واثق أن هذا سيحدث بكل تأكيد .[1]




[1] ملحوظه : يختلف صاحب الموقع الدكتور " مايكل مارلو " مع الدكتور "كينون" صاحب الكتاب فى مسألة النص القيصرى و قد عرض الدكتور" مايكل
مارول " رأيه كما هو موضح قائلاً: (( ان " النص القيصرى " ليس كينونة متميزه بأى حال من الأحوال , انظر آراء العلماء المعاصرين فى هذا الرابط ))
في الملحق التالي ترجمة لتلك الآراء من الرابط المشار اليه:
Concerning the "Caesarean Text"
بخصوص النص القيصرى
http://www.bible-researcher.com/kenyon/sotb14.html
فى السنوات الأخيره ارتاب كثير من العلماء فى وجود ما يسمى ب " النص القيصرى " ....فى عام 1963م قام " بروس ميتزجر " بعمل دراسه عن تاريخ الاستقصاءات عن هذا النص وصولا الى تاريخ كتابة هذه الدراسه , و أجمل الآتى قائلا ( بشكل عام , فالاعتقاد بوجود ما يسمى ب " النص القيصرى " يتلاشى يوما فيوم .
لا تزال هناك عائلات عديده مثل " العائله 1 " و " العائله 13 " و " الترجمه الأرمينيه " و " الترجمه الجورجيه " تقدم لنا سماتا مميزة , و لكن لم يعد ممكنا أن نجمع كل هذه العائلات و المخطوطات المنفصله تحت مظلة نص يسمى " النص القيصرى " .
أن الدليل الذى تقدمه " البرديه 45 " يظهر لنا أنه يتوجب على العلماء بداية من الآن أن يتحدثوا عن " نص قبل قيصرى " له كينونه منفصله عن " النص القيصرى " .
على الباحثين المعاصرين أن يأخذوا فى اعتبارهم دراستين لم تنالا الإهتمام حتى الآن , و هما " مساهمة أيوسوو المتميزه فى عام 1935 , الذى أوضح فيها بشكل كامل الأسباب المقنعة التى تفرض علينا تقسيم النص القيصرى " و كذلك " أطروحة إم ليت فى عام 1936 عن النتائج التى ترجح أن النص القيصرى ما هو الا عملية تطور فى النص " " فصول فى تاريخ النقد النصى للعهد الجديد , جراند رابيدز : دبليو ام ايردمانز للنشر , 1963 , صفحة 67 " .
و فى الآونه الأخيره , قدم " كرت ألاند " رأيا أكثر تشككا , فهو يعترف فقط بوجود " النص السكندرى " , و " النص البيزنطى " , و بينما لا بد أن نعترف ب " الاحتماليه النظريه " لوجود " النص القيصرى" , فقد قال " ألاند " أنه " مجرد أمر افتراضى بحت " .
و قد حذر من أن الحجج النقديه النصيه المؤسسه على فكرة وجود " النص القيصرى " ترتكز على أسس مشكوك فيها , و أنها كمن يؤسس بيتا على السحاب " ( نص العهد الجديد " ايردمانز , 1989 ) .

  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محمد في الكتاب المقدس نور الإسلام كتب ومراجع مسيحية 0 30-05-2013 06:34 AM
الملكوت في الكتاب المقدس نور الإسلام لاهوتيات 0 15-05-2013 06:09 PM
محمد في الكتاب المقدس نور الإسلام لاهوتيات 0 30-09-2012 04:49 PM
تحريف الكتاب المقدس نور الإسلام لاهوتيات 0 06-08-2012 11:54 AM
فساد أنبياء الكتاب المقدس نور الإسلام لاهوتيات 0 06-08-2012 11:30 AM


الساعة الآن 03:43 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22