صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > هدي الإسلام

هدي الإسلام معلومات ومواضيع إسلامية مفيدة

عمران بن حصين الزاهد الذى صار كواحد من الملائكة

عمران بن حصين الزاهد الذى صار كواحد من الملائكة جاء إسلامه متأخرًا، وذلك في عام خيبر، إلا أنه منذ أقبل على الدين الحق مبايعًا رسول الله - صلى الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-08-2015 ~ 06:36 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي عمران بن حصين الزاهد الذى صار كواحد من الملائكة
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


الملائكة, الذي, الزاهد, حسين, عمران, كواحد

عمران بن حصين الزاهد الذى صار كواحد من الملائكة


جاء إسلامه متأخرًا، وذلك في عام خيبر، إلا أنه منذ أقبل على الدين الحق مبايعًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أخذ على نفسه عهدًا ألا تمسَّ يُمناه - التي بايعت النبي - عليه الصلاة والسلام - إلا كل عمل كريم.

وقد رزق الله عبده "عمران" شفافيةً في صدره، وصِدقًا في حسِّه، وتفانيًا في عبادته، حتى كأنه من السابقين إلى الإسلام.

ومع هذا المثل العالي والتبتُّل الرفيع، كان كثير البكاء والخشية قائلاً: "يا ليتني كنتُ رمادًا تَذروه الرياح!".

وهناك فرق كبير وبَون شاسع بين بكاء مسبوق بذنوب كثيرة تنوء بسبَبِها الجبال، وبين بكاء صادر من قلوب تُراقب ذا الجلال والإكرام وتخشاه؛ ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]، و"عِمران" - رضى الله عنه - من الطراز الثاني.

وفي يوم طرَح الصحابة سؤالاً على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمران بن حصين يَسمع: "يا رسول الله، ما لنا إذا كنا عندك رقَّت قلوبنا، وزهِدنا دنيانا، وكأننا نرى الآخرة رأْيَ العين، حتى إذا خرجْنا من عندك ولقينا أهلَنا وأولادنا ودُنيانا، أنكرْنا أنفسَنا؟!".

فأجابهم - عليه السلام -: ((والذي نفسي بيده، لو تدومون على حالكم عندي، لصافحتكم الملائكة عيانًا، ولكن ساعة وساعة)).

ولله في خلقه شؤون، فمنهم من يختار الوسطية في مسلكه، فتارةً في فريضة وأخرى في سنَّة، وثالثة في صباح، وهو المعنيُّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ساعة وساعة)).

ومنهم من آثر الله طلبًا لمرضاته والدار الآخِرة، فنظروا إلى الدنيا كلها على أنها ساعة واحدة، فجعلوها في الطاعة الكاملة، وعزَفوا عن كثير من المباحات؛ تطلُّعًا إلى الدرجات العُلا.

وعمران - رضى الله عنه - واحد من هذا النمط العزيز؛ مما جعل الخليفة "عمر بن الخطاب" - رضى الله عنه - يرسله إلى أهل البصرة؛ ليُعلِّمهم ويُفقِّههم في أمور دينهم، وقد عرف الناس فضله وخيره وتقواه، فأقبلوا عليه مستضيئين به متبرِّكين، وقد عبَّر الحسن وابن سيرين - رحمهما الله - عن ذلك بقولهما: "ما قدم البصرة من أصحاب رسول الله - صلى الله وسلم - أحد يَفضُل عمران بن حصين".

وبالَغ الرجل في التبتُّل والتقوى والزهد؛ حتى صار كواحد من الملائكة، يُحدِّثهم ويحدِّثونه، ويصافحهم ويصافحونه.

فقد كانت الملائكة تسلِّم عليه - رضي الله عنه - حتى اكتوى لأجل الاستشفاء من المرض، فتركت الملائكة السلام عليه، ثم ترك الاكتواء، فعادت الملائكة تسلِّم عليه، وفي هذا يقول - رضي الله عنه-: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكيِّ، فابتُلينا، فاكتَوينا، فما أفلحْنا ولا أنجحْنا"؛ رواه الترمذي وأحمد وغيرهما، وصحَّحه الألباني.

وقد انعكس هذا الاتجاه على منهجه في المجالات الأخرى، فقد كان من الداعين إلى إماتة الفتنة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ففي الخلاف بين جيشَي علي ومعاوية - رضى الله عنهم - كان عمران داعيًا الناس إلى إماتة الفتنة في مهدها، وعدم الاشتراك في القتال قائلاً:
"لأن أرعى أعنزًا حُضَنيات في رأس جبل، حتى يُدركني الموت، أحبُّ إليَّ من أن أرمي في أحد الفريقَين بسهم: أخطأ أم أصاب".

وكان يُكثِر الوصية لمن يلقاه من المسلمين قائلاً: "الزم مسجدك، فإن دخل عليك، فالزم بيتك، فإن دخل عليك بيتك مَن يريد نفسك ومالك، فقاتِله".

وكان - رضى الله عنه - من الصابرين صبرًا جميلاً على ما ابتلاه الله - تعالى - به من علَّة بقيتْ في بدنه ثلاثين عامًا، ولم تَحُلْ بينه وبين مواصلة العبادة قائمًا وقاعدًا وراقدًا، وإذا عاده إخوانه وواسَوه في بليَّته، قال لهم مُغتبطًا مُبتسمًا: "إن أحبَّ الأشياء إلى نفسي أحبها إلى الله".

وإذا كان كثير من الخلق يعدون الموت أُمَّ المصائب وأفدحها، وأشدَّها وقعًا على النفس، فإن العارفين بربهم حق المعرفة، يعدُّون الموت بداية الراحة والسرور؛ لأنه إقبال على أرحم الراحمين، وصاحبنا "عمران" واحد من أصحاب هذا النظر الصائب والفكر الثاقب والأدب الرفيع؛ لذا نراه يوصي أهله حين أدركه الموت: "إذا رجعتم من دفني، فانحروا وأَطعموا"، فموت واحد من هؤلاء السابقين، لا ينبغي أن يُقابَل بحزن وبكاء ونحيب، بل يَنبغي أ ن يُقابَل بغبطة وحُبور وفرح وسرور، فما أشبه روحه بعروس تُزفُّ إلى عالَم الطُّهر والصَّفاء، لا دنسَ ولا رجْسَ معه، إلى عالم البقاء والخلود، لا هلاكَ ولا فناءَ معه.

وهنالك يُقال لروحه ورفاقه: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ [الطور: 17 - 21].

ومن فكَّر في أمر الموت وما يسبقه من لوعة وأحزان؟ وما يلحقه من كدر وغُموم، أدرك أن الأسباب كامنة في الشعور بالذنوب التي فعلها صاحبها عن عمد وإصرارٍ، ومصاحبة الأشرار، ما طلع ليل أو أقبل نهار، حينئذ يُقال لهم: ﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ... ﴾ [المرسلات: 46]، وأيُّ عاقل يَحزن للانتقال من الكدرة إلى الصفاء؟ أو من دار الكد إلى الراحة والجزاء؟ أو من دار البلايا والمحن والآفات، إلى دار العطايا والمِنَح، وهي دار السلام؛ ﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 127].

ونبي الله يوسف - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - بعد أن تحقَّقت له الآمال الدنيوية، تطلَّع إلى الآمال الأُخرويَّة، فقال: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].

لذا فإنا نسأل الحيَّ القيوم ذا الجلال والإكرام أن يُلحقنا بهم على خيرِ حالٍ في الفردوس الأعلى؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/43161/#ixzz3jHsnLxZ5

المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الملائكة, الذي, الزاهد, حسين, عمران, كواحد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
علامات اخر الزمان ونهاية التاريخ للشيخ عمران حسين نور الإسلام المكتبة العامة 0 19-08-2015 06:31 PM
الرد على شبهة كون الرعد ملك من الملائكة نور الإسلام هدي الإسلام 0 17-05-2013 06:21 PM
الصحابي عمران بن حصين رضي الله عنه نور الإسلام هدي الإسلام 0 26-04-2013 04:18 PM
نظرات فى سفر التكوين : هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا نور الإسلام لاهوتيات 0 06-08-2012 11:55 AM
نظرات فى سفر التكوين : هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا نور الإسلام لاهوتيات 0 02-08-2012 11:02 AM


الساعة الآن 12:57 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22