صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > هدي الإسلام

هدي الإسلام معلومات ومواضيع إسلامية مفيدة

ضوابط في فقه المقاطعة

السؤال: هل يمكن أن تبين لنا المراد بالمقاطعة لأننا سمعنا خطباءنا يتكلمون في مقاطعة البضاعة الأجنبية كون هذه البلاد تتواطأ مع العدو ضدنا ؟ الجواب: بسم الله ، والحمد لله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-12-2017 ~ 10:52 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي ضوابط في فقه المقاطعة
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


المقاطعة, ضوابط

السؤال:

هل يمكن أن تبين لنا المراد بالمقاطعة لأننا سمعنا خطباءنا يتكلمون في مقاطعة البضاعة الأجنبية كون هذه البلاد تتواطأ مع العدو ضدنا ؟

الجواب:

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
المقاطعة ليست واجبة في ذاتها ولكن تدخل من باب الحرام لغيره، وهي سلاح أراد العلماء إطلاقه لاستضعاف أعدائنا ومجاهدتهم به في وقت لا يملك فيه آحاد المسلمين سلاحا أمضى منه، وعلى هذا ففلسفة المقاطعة تقوم على مدى إمكانية إنكاء وإضعاف الأعداء به، فمتى كانت المقاطعة ستسفر عن أضرار بالغة في أعدائنا فيجب إشهار هذا السلاح حتى وإن ترتب عليه بعض الأضرار على المسلمين طالما أن أضرار العدو أكبر.
ومتى كانت الأضرار الناجمة عن المقاطعة على المسلمين أقوى منها على الأعداء فلا يكون لها معنى حينئذ مثل التواصل العلمي والتقني بين المسلمين وأعدائهم فالخاسر في المقاطعة في هذا الجانب هم المسلمون.
وعليه فقارن بين حجم الاستفادات في الشركة التي تريد أن تلتحق بها، فإذا كان المستفيد الأكبر المسلمين فاذهب، وإذا كان المستفيد الأكبر هم أعداء الإسلام فقاطع، ولا تقلق على رزقك، والله يخلف عليك.

يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-
لا شك أن المسلم مأمور بمجاهدة أعداء دينه ووطنه، بكل ما يستطيع من ألوان الجهاد، الجهاد باليد، والجهاد باللسان، والجهاد بالقلب، والجهاد بالمقاطعة . . كل ما يضعف العدو، ويخضد شوكته يجب على المسلم أن يفعله، كل إنسان بقدر استطاعته، وفي حدود إمكانياته، ولا يجوز لمسلم بحال أن يكون رداء أو عونًا لعدو دينه وعدو بلاده، سواء كان هذا العدو يهوديًا أم وثنيًا . . أو غير ذلك

فالمسلم يقف ضد أعدائه الذين يريدون أن ينتقصوا حقوقه، وينتهكوا حرماته بكل ما يستطيع، وكل من والى أعداء الله وأعداء الدين وأعداء الوطن فهو منهم، كما قال الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) (المائدة: 51) أي من كان مواليًا لهم بقلبه أو بلسانه أو بمعاملته أو بماله، أو بأي طريقة من الطرق أو أسلوب من الأساليب فهو منهم . . يصبح في زمرتهم . . وهذا ما حذّر القرآن منه في أكثر من سورة، وفي أكثر من آية، جعل الذين يتولون الكفار جزءًا منهم وبعضًا منهم . . (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) (الأنفال: 73 ).
فالمسلم لا يوالي الكافر، والبر لا يوالي الفاجر، فإذا والاه كان دليلاً على نقص إيمانه أو على زوال إسلامه والعياذ بالله، فهو نوع من الردة، ولون من المروق عن الإسلام، المفروض أن المسلم إذا لم يستطع أن يجاهد أعداءه بالسيف، فعلى الأقل يجاهدهم بالمقاطعة، لا يتسبب في أن ينفعهم اقتصاديًا أو ماديًا أو تجاريًا، لأن كل دينار أو كل ريال أو كل قرش أو كل روبية تذهب إلى العدو، معناه: أنك أعطيتهم رصاصة أو ثمن رصاصة تتحول بعد ذلك إلى صدر مسلم وإلى قلب مسلم ومن هنا كان اليهود حينما يجمعون تبرعات في أمريكا وفي غيرها كان شعارهم لافتة معروفة: ادفع دينارًا تقتل عربيًا .
فالمال هو الذي سيشتري السلاح الذي يقتل . . . وهكذا . . أنت إذا عاونت مشركًا أو كافرًا أو فاجرًا يحارب المسلمين، فأنت بذلك تقتل نفسًا مسلمة، وهذه كبيرة من الكبائر العظمى (ومن قتلها فكأنما قتل الناس جميعا) (المائدة: 32). (ومن يقتل مؤمنا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها، وغضب الله عليه ولعنه، وأعد له عذابًا عظيمًا). (النساء: 93).
فالمفروض في المسلم ألا يكون مع أعدائه أبدًا، مهما أظهروا من حسن النوايا فهذا كذب – يقول الله تعالى: (وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض) (الجاثية: 19)، (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) (المائدة: 51) ويقول: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) (المائدة: 82)، فلابد أن نعرف هذا جيدًا، وأن يكون كل مسلم مع أمته الإسلامية، ومع دينه . . . . وهذا أقل شيء . . وهو أمر فطري في الأمم . . فالإنسان إذا حارب سواه، لا يحاربه بالسلاح فقط، بل بأكثر من ذلك . . . بالمقاطعة . . المشركون حينما أرادوا في مكة أن يحاربوا النبي – صلى الله عليه وسلم -، أول ما حاربوه، لم يكن حرب السلاح، وإنما كانت حربًا اقتصادية بالمقاطعة قاطعوه وأصحابه، وأهله، ممن انتصروا، من بني المطلب وبني هاشم . . . حاصروهم، وقاطعوهم ولم يبيعوا لهم ولم يشتروا منهم، ولم يزوجوهم، ولم يتزوجوا منهم، وذلك معناه: الحرب الاقتصادي معناه الإعداد . . فهكذا . . وهؤلاء مشركون . . فالمسلمون أولى بأن يعرفوا ذلك وأن يقاطعوا كل عدو لله، وكل عدو للمسلمين،
وكل من خرج على ذلك فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين. انتهى.

ويقول الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث :-
اتفق جمهور الفقهاء على جواز التجارة مع الحربيين(1) – وهم غير المسلمين الذين لا توجد بينهم وبين المسلمين عهود. ومن باب أولى أنّ التجارة جائزة مع غير المسلمين الذين توجد بيننا وبينهم عهود، وهذا يشمل اليوم كلّ دول العالم المرتبطة بميثاق الأمم المتحدة والمواثيق المتفرّعة عنه. ولم يستثنِ الفقهاء من ذلك إلاّ أمرين: –
الأول: الاتجار بالمحظورات الشرعية كالخمور والخنازير وسائر المنكرات.
الثاني: تصدير السلاح أو الأدوات التي يصنع منها.
وبناءً على ذلك فإنّ الأصل الشرعي هو جواز المتاجرة مع جميع الدول الأجنبية كفرنسا وألمانيا والصين واليابان وتايلاند وغيرها ..

أمّا فتوى مقاطعة البضائع الأميركية التي أطلقها علماء وقادة الحركة الإسلامية فهي مبنية على أنّ الولايات المتحدة الأميركية تساعد إسرائيل بالمال والسلاح، وهي التي تمكّنها من الاستمرار في احتلال فلسطين وتشريد 4 ملايين من أهلها في بقاع الأرض، وإذلال واستغلال من بقي منهم هناك. وتدفع الولايات المتحدة سنوياً أربع مليارات دولار لإسرائيل كمساعدة رسمية. ومعنى ذلك أنّ الدولار الذي تربحه أميركا من التجارة مع المسلمين يذهب رصاصة في صدور الفلسطينيين. وهذا ليس فقط خذلاناً لإخواننا، بل هو مساعدة للعدو ضدّهم، والرسول صلّى الله عليه وسلّم ينهى عن ذلك بقوله: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ..)
إنّ مقاطعة البضائع الأمريكية تحتاج إلى دراسة تفصيلية من أهل الاختصاص حتىّ تحقّق الغاية منها. وممّا لا شكّ فيه أنّ مقاطعة البضائع المصنوعة في أميركا كالسيارات والآلات وغيرها أهمّ بكثير من مقاطعة البضائع المصنوعة في بلادنا برخصة أميركية، لأنّ الأرباح المتحصّلة للاقتصاد الأميركي في النوع الأول أكبر منها في النوع الثاني.
ولا يقال أيّهما أولى بالمقاطعة؟ بضائع منتجة بالكامل في دولة غير مسلمة كفرنسا أو ألمانيا أو غيرها، أو بضائع منتجة في بلاد عربية أو إسلامية برخصة أميركية، لأنّ الأصل الإباحة لجميع أنواع البضائع الأجنبية، وفتوى مقاطعة البضائع الأميركية بُنيت على أمر عارض وهو المساعدة الهائلة من الولايات المتحدة لإسرائيل، فأيّ دولة تقدّم مثل هذه المساعدة، فإنّ الواجب الشرعي يقتضينا مقاطعة بضائعها. فالأولوية لا تكون بين حرام ومباح، وإنّما هي بين حرام أشدّ وحرام أخفّ. فيمكننا أن نقول مثلاً: إنّ شراء البضائع المصنوعة في الولايات المتحدة أشدّ حرمة من البضائع المصنوعة في بلاد أجنبية برخصة أميركية، وهذه أشدّ حرمة من نفس البضائع المصنوعة في بلاد إسلامية برخصة أميركية لأنّ استفادة الاقتصاد الأميركي من النوع الأول أكبر من استفادته من النوع الثاني، وهذه أكبر من النوع الثالث، وبالتالي فإنّ استفادة العدوّ الصهيوني من شرائنا البضائع الأميركية ناتجة عن مدى استفادة الاقتصاد الأميركي من هذه البضائع، وهذا أمر يحتاج إلى دراسة علمية من قبل أهل الاختصاص وليس هناك أيّ مبرّر للموازنة بين البضائع الأميركية – بكلّ أنواعها – إذ يحرم التعامل بها بناءً على هذه الفتوى، وبين البضائع الأخرى سواء كانت فرنسية أو ألمانية أو يابانية أو غيرها لأنّ التعامل بها يبقى على أصل الإباحة، إلاّ إذا تبيّن أنّ هذه الدول تقدّم أيضاً مساعدات للعدوّ الصهيوني، فينتقل أمر بضائعها من الإباحة إلى التحريم، وعند ذلك يُبحث في مدى شدّة هذا التحريم في ضوء مدى استفادة العدوّ من مساعدات هذه الدولة أو تلك.

والله أعلم .
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المقاطعة, ضوابط


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المقاطعة الاقتصادية جهاد المستضعفين... الأدلة على مشروعية المقاطعة وحكمها نور الإسلام هدي الإسلام 0 19-12-2017 10:49 AM
ضوابط الاستثمار في ظل المذهب الاقتصادي الاسلامي نور الإسلام كتب ومراجع إسلامية 0 26-05-2013 07:20 AM
لبيك يا رسول الله ... حملات المقاطعة تُطيح بـ "جوجل" من صدارة المواقع العالمية نور الإسلام هدي الإسلام 2 28-09-2012 10:47 AM


الساعة الآن 04:01 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22