صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > هدي الإسلام

هدي الإسلام معلومات ومواضيع إسلامية مفيدة

المقاطعة الاقتصادية جهاد المستضعفين... الأدلة على مشروعية المقاطعة وحكمها

المقاطعة الاقتصادية جهاد المستضعفين (3/1) الأدلة على مشروعية المقاطعة وحكمها مقدمة المقاطعة في اللغة: كلمة المقاطعة أو التَّقَاطُعُ في المعاجم القديمة تدور حول: الإبانة والهجران وعدم التواصل. . والمقاطعة بالمعنى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-12-2017 ~ 10:49 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي المقاطعة الاقتصادية جهاد المستضعفين... الأدلة على مشروعية المقاطعة وحكمها
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


مشروعية, الأدلة, المستضعفين..., المقاطعة, الاقتصادية, جهاد, وحكمها

المقاطعة الاقتصادية

جهاد المستضعفين

(3/1)

الأدلة على مشروعية المقاطعة وحكمها
المقاطعة الاقتصادية جهاد المستضعفين... الأدلة على مشروعية المقاطعة وحكمها d8b5d988d8b1d8a9-d8a
مقدمة
المقاطعة في اللغة: كلمة المقاطعة أو التَّقَاطُعُ في المعاجم القديمة تدور حول: الإبانة والهجران وعدم التواصل. [مختار الصحاح: 226، ولسان العرب: 276/8، وأساس البلاغة للزمخشري: 262-2/263].
والمقاطعة بالمعنى المعاصر لم ترد في المعاجم القديمة تفصيلاً؛ ولهذا جاء في المعجم الوسيط: قاطع فلانًا: هجره. وقاطع القومَ: امتنع عن التعاون معهم. وقاطع: حرَّم الاتصال بهم اقتصاديًا أو اجتماعيًا وفق نظام جماعي مرسوم، ويقال: قاطع بضائعهم ومنتجاتهم. (محدثة). [انظر: المعجم الوسيط: 774/2].
والمقصود هنا، المعنى العصري المحدَث: قطع الصلة بين المسلمين – بصورة جماعية – مع عدوهم الكافر الحربي، وعدم التعاون معه في أي مجال من المجالات. وأيسر مراتبها: الامتناع عن شراء بضائعه ومنتجاته، والامتناع عن الاستمتاع بخدماته.
وفكرة المقاطعة الاقتصادية ليست وليدة العصر الحاضر، فها هي قريش تعمد إلى تحريض بعضها لمقاطعة محمد والذين آمنوا معه ومن رضي من بني هاشم أن يواليه وإن كان على دينهم كعمه أبي طالب، وقد عرفت هذه المقاطعة في كتب السيرة بـ “الصحيفة” التي علقت في الكعبة إشعارا بأهميتها، وضرورة الالتزام التام من أهل مكة كلهم بها، وقد تم بعد ثلاث من السنين تمزيقها بفعل أبي البختري بن هشام وآخرين معه لما فيها من قطيعة رحم، وتجويع للأطفال والنساء من بني هاشم الذين لهم مع قريش نسب ومصاهرة.

الأدلة على مشروعية المقاطعة
المقاطعة لها أصل شرعي مستفاد من دلالة عدد وافر من النصوص الشرعية. فقد ثبت في عدد من الأدلة الشرعية سواء من القرآن الكريم، أو من السنة المطهرة، أو من السيرة النبوية الشريفة، مشروعية المقاطعة التجارية للعدو، وأنها وسيلة مشروعة تُسلَك لإرغام العدو والتضييق عليه، أو الانتقام منه وأخذ الثأر، وتلك الأدلة منها ما هو عام الدلالة تندرج تحته المقاطعة، ومنها ما هو خاص بها، وهذا ما يسر الله لنا جمعه من تلكم الأدلة مع بيان وجه الاستلال:

1- كل آيات الجهاد في كتاب الله المتضمنة لجهادي المال والنفس، نحو قوله تعالى: { انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [التوبة: 41]، وقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [الصف: 10-11].
والمقاطعة التجارية داخلة في جهاد العدو بالمال؛ لأن الجهاد بالمال كما يكون ببذله لإضعاف العدو، يكون بإمساكه عنه لإرهاقه كذلك!
وليُلحظ تقدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في كل الآيات، إلا موضع سورة التوبة: { إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ } [التوبة: 111]، وهذا التقديم للجهاد بالمال على النفس له دلالة ولابد، ولعل منها: اقتدار كل المكلفين على الجهاد بالمال (بذلاً وإمساكاً) بلا استثناء، بخلاف الجهاد بالنفس الذي قد يعجز عنه بعض المكلفين أو يُحال بينهم وبينه. ومنها: كون الجهاد بالمال دعامة للجهاد بالنفس وليس العكس، وكونه أسبق منه إعدادًا وتنفيذًا في ميادين الجهاد، فناسب ذلك سبقه عليه في الذكر الحكيم، والعلم عند أحكم الحاكمين!
2- مما هو معلوم أن أعداء الإسلام أنفسهم لجأوا إلى فرض أنواع مشددة من الحصار الجائر على بلاد المسلمين، وما حدث في فلسطين ثم العراق، مرورا بليبيا وسوريا وانتهاء بالسودان، وما شاهدناه بأم أعيننا من استهداف المسلميين وذراريهم، في العراق مثلاً، من نساء ورجال وأطفال بالقتل مباشرة بالقصف بالصواريخ، وبقذائف اليورانيوم المنضب، وبالقنابل الفسفورية، والعنقودية، والكيماوية، واستهداف المنشئات المدنية، وكافة المنافع والبنى التحتية، عدا عن استهدافهم بالقتل غير المباشر: بالحصار والتجويع، وحتى بحظر المواد الأساسية من حليب أطفال وأدوية وغيرهما عنهم، إضافة إلى التسميم بالإشعاعات، وبنشر الأمراض المترتب على تدمير محطات تنقية المياه، بل وبتسميم مياه الشرب، والتخريب المتعمد لمرافق الصرف الصحي، كل هذا لا يدع لنا ذريعة للتوقف عن اعتقاد وجوب معاملتهم بالمثل، والله تعالى يقول: { النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } [المائدة: 45]، فكيف إن كان المطلوب أقل حتى من المعاملة بالمثل، وهو الامتناع عن شراء منتجاتهم وحسب.
وجواز معاملتهم بالمثل، مقطوع به، ومعلوم من الدين بالضرورة عند أدنى تأمل للنصوص في الفقرات الأربعة التالية.
3- قال جل جلاله، وسمى مقامه: { الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [البقرة: 194]. هذا في غاية البيان، بل فيه ملمح بلاغي لطيف إذ سمَّى الله مقابلة العدوان عدوانًا حيث قال: { فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ }، على وجه المجاز، مع كونها حق وعدل مأمور به في حقيقة الأمر، وذلك للتأكيد على أنها قد تشبه العدوان الابتدائي، وهو عدوان بحق، في مظهرها ونوعها ونتائجها على الأنفس والأموال. والأمر في الآية، وإن كان الأصل فيه الوجوب، إلا أنه ها هنا للإباحة، بقرينة الآية التالية.
4- وحيث قال، تباركت أسماؤه، جل وعز: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ } [النحل: 126]. وهذه كسابقتها، ولكن فيها زيادة بيان، بأن الأمر المذكور للإباحة، لا للوجوب: فإن شئنا عاقبنا، وإن شئنا عفونا وصبرنا، وهو أفضل.
على أنه ينبغي أن يعلم أن العفو إنما يكون عن مقدرة، أما من عجز أو تكاسل عن الأخذ بحقه فهذا إما عاجز معذور، أو متكاسل مذموم، وليس هو أهل لثواب الصابرين المتسامحين، وفي الآيات التالية زيادة إيضاح لهذا سنذكره إن شاء الله بعد قليل.
وفي هذه الآية الكريمة نفسها ملمح آخر حيث سمَّى الله ما يصيبنا من ظلم ابتداءً «عقوبة»، مع أن العقوبة في الأصل لا تكون ابتداءً على الإطلاق، وإنما تكون عقوبة لذنب ارتكب، أي تترتب على قيام المعَاقَب بفعل مذموم سابق، وهي من ثم مشروعة حسنة. فلم سمَّى الله ما وقع علينا من ظلم عقوبة؟! هذا والله أعلم لبيان أن الظلم قد يقع تحت مسمَى «العقوبة»، فإذا كانت تلك العقوبة غير مشروعة، فهي على التحقيق ظلم وعدوان، بغض النظر عن مسمّياتها، ولنا الحق في معاقبة المعتدي بالمثل.
5- وقال جل جلاله، وسمى مقامه: { فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } [الشورى: 36-43]. هذا في غاية الوضوح والبيان: فيه، كما اسلفنا، الحث على الانتصار وطلب القصاص والنصرة، فإن تمكن الإنسان منه ثم عفى وصبر فتلك هي العزيمة بحق، وتلك هي الدرجة العالية بحق.
لاحظ ها هنا ذكر السيئة جزاءً لسيئة سابقة أحدثها المعتدي مما يوجب القطع بأن المعاملة بالمثل مشروعة، ولو بفعل من جنس ما ارتكبه المعتدي، ولو كان ذلك الفعل سيئة في ذاته وعدوانًا لو وقع على وجه المبادرة والابتداء، ولكنه ها هنا حلال جائز مسموح به على وجه الجزاء والمعاقبة والقصاص.
6- وقال جل من قائل: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ، وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [التوبة: 36]. ها هنا لفظة «كما» تفيد المماثلة والتشبيه، هي عامة في كل ما يتصور فيه المماثلة، كما بينته الآيات السابقة. نعم: التركيز هنا في هذه الآية الكريمة على القتال جميعًا كافة، كما يقاتلوننا جميعًا كافة، وصدق الله: هذا هو واقعهم عبر العصور في الحروب الصليبية الأولى، وفي الحروب الصليبية الأخيرة، كهذه التي شنت على أفغانستان والعراق: لا يحاربون إلا في تحالفات كبيرة، وتكتلات ضخمة. فالواجب على المسلمين أن ينهضوا لحربهم كافة. وقد مارس النبي صلى الله عليه وسلم سياسة الحصر الوارد في الآية وهو يديل الصراع مع أعدائه، حيث حاصر يهود بني النضير لما نقضوا العهد، فأُتلفت مزارعهم، وخُرِّبت نخيلهم، فبارك الله تعالى هذا الصنيع بقوله: { مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ } [الحشر: 5]. وحاصر كذلك أهل الطائف وأمر بقطع أعناب حوائطهم وتحريقها. قال القرافي المالكي: “لا بأس بتحريق قراهم وحصونهم وتغريقها بالماء وإخرابها وقطع شجرها المثمر، قال في المدونة: يُجاز قطع النخل ونحوه لما في مسلم [كتاب الجهاد باب قطع أشجار الكفار وتحريقها] أنه عليه السلام حرّق نخل بني النضير”.
7- عمومات الآيات التي أمر الله تعالى فيها بقتال الكافرين، والتضييق على المعاندين، كقول الله تعالى: { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } [التوبة: 5]. قال أهل التفسير: { وَاحْصُرُوهُمْ } أي: امنعوهم من التصرف في بلاد الإسلام، حتى تضيقوا محلهم الواسع [تفسير القرطبي: 6/320]، فهل يتأتى للمسلمين منع أمريكا واليهود من التصرف في بلاد المسلمين دون مقاطعة منتجاتهم، والحد من ترويج سلعهم؟ يقول أستاذ السياسة الدولية «بنجامين سوارتز»: “الاستراتيجية الاقتصادية الأميريكية – منذ خمسين سنة – هي أننا نريد العالم كله سوقًا تحت سيطرتنا.. نحن نريد العالم سوقًا ضخمةً أو «سوبر ماركت» فيه كل شيء ونحن الذين نسيطر عليه”.
8- قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [المائدة: 51]، وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [المائدة: 57].
إن من المفهوم بداهةً: أن الولاء والبراء في الله تعالى، من صميم الإيمان، ولحمة الدين، وأن على المسلم تحقيق ذلك في في كل شئون حياته، حبًّا وبغضًا، قربًا وبعدًا، فهذا ديدنه مع كل الناس إن كانوا له مسالمين، فكيف به مع الأعداء المعتدين، والمحاربين المتغطرسين، وإن من الولاء للمؤمنين نصرتهم، ومنها النصرة الاقتصادية، وان من البراءة من المعتدين الكافرين عدم نصرتهم وإعانتهم، ومن ذلك عدم إعانتهم اقتصاديا، وهذه هي حقيقة المقاطعة الاقتصادية.
9- قال تعالى: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [المائدة: 2]، وقال ابن خويز منداد في أحكامه: “والتعاون على البر والتقوى يكون بوجوه؛ فواجب على العالم أن يعين الناس بعلمه فيعلمهم، ويعينهم الغني بماله، والشجاع بشجاعته في سبيل الله، وأن يكون المسلمون كاليد الواحدة.. ويجب الإعراض عن المعتدي، وترك النصر له، ورده عما هو عليه” [أحكام القرآن لمحمد بن خويز منداد المالكي]، والمقاطعة الاقتصادية داخلة في هذا المعنى فهي من جهة تعاون على منع العدوان، وهو مأمور به في الجملة ومؤكد عليه إذا كان عدوانًا من غير المسلمين على المسلمين، ومن جهة أخرى فإن المقاطعة تعتبر تعاونًا على البر بما تستلزمه أو تحث عليه من التعامل والتكامل الاقتصادي بين المسلمين، وذلك تقوية لقدراتهم، وتعظيماً لمصالحهم، ومن جهة ثالثة فإن معارضة ذلك فيه إعانة للمعتدين الظالمين بتعظيم أرباحهم وتقوية اقتصادهم من خلال المتاجرة معهم والشراء منهم.
10- المقاطعة بالنحو الموصوف، في أقل أحوالها، تغيظ العدو الكافر الحربي، هذا إذا لم يكن مفعولها أكثر من ذلك بكثير، وقد قال جل جلاله، وسمى مقامه، في أوجه العمل الصالح الذي يُكتب لصاحبه لونًا من ألوان الجهاد: { مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلاَ يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [التوبة: 120-121].
والشاهد من الآية قوله: { وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ }، والمعنى أن كل عمل تحصل به إغاظة الكفار يكون للمسلم به أجر من الله، ولا يكون الأجر إلا على العمل المشروع الذي فيه خير الدنيا وثواب الآخرة، ولا شك أن المقاطعة الاقتصادية موطئًا يغيظ الكفار، فهي تضر العدو وتغمه، لمّا تبور تجارته بديار المسلمين ويحل بها الكساد.
وكذلك قوله تعالى: { وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً }، “يُقال: نال منه إذا أصابه بِرِزْء” [تفسير ابن عاشور: 57/11]، والمقاطعة الاقتصادية للعدو نيل عظيم منه ولا شك فهي تصيبهم بالضرر وتنال من قوتهم وقدرتهم.

11- قال تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ } [الشورى: 39]. قال ابن كثير: “أي فيهم قوة الانتصار ممن ظلمهم واعتدى عليهم، ليسوا بعاجزين ولا أذلة، بل يقدرون على الانتقام ممن بَغى عليهم” [تفسير ابن كثير: 1672].
12- عموم النصوص التي تتحدث عن الجهاد بالمال: بالتتبع لعموم آيات القرآن، والنظر فيما ورد في السنة والسيرة النبوية من الأحداث والمواقف الدالة على إضعاف اقتصاد الأعداء أو الاستيلاء عليه تظهر مشروعية المقاطعة الاقتصادية، كما نجد ذلك في تعامل السلف الصالح مع هذا الموضوع. فالجهاد بالمال تجارة رابحة ناجية؛ قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } [الصف: 10-13]، أي تجاهدون في دين الله وطريقه الذي شرعه لكم بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم، أي إيمانكم بالله ورسوله وجهادكم في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم خير لكم من تضييع ذلك والتفريط فيه إن كنتم تعلمون مضار الأشياء ومنافعها.
وجه الدلالة من الآيات التي فيها أمر بالجهاد بالمال هو: من باب أن الأمر بالشيء منهي عن ضده؛ وعليه، كما يجب إنفاق المال وبذله في إعلاء كلمة الله وإظهار دينه، كذلك يجب عدم صرفه في كل وجه مخالف لهذا الغرض، وعليه، تجب مقاطعة بضائع ومنتجات العدو؛ لئلا يتقوى به على إظهار باطله ومحاربة دين الله وأوليائه.
13- استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أساليب جهادية كثيرة متنوعة مع العدو في دعوته إلى الله ترغيبًا وترهيبًا، ومن ذلك استخدامه السلاح الاقتصادي، وشاهد ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه أبوداود والنسائي: “جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم” [سنن النسائي: 3096]، وقد تقدم أن الجهاد بالمال كما يكون بإنفاقه في الغزو وتجهيز الغزاة، فإنه يكون بإمساكه عن الوصول للعدو لئلا ينتفع به وينمي اقتصاده، ومن ثَمَّ يقْوى جيشه فيتقوى به على قتال المسلمين وعدائهم.
14- ومما لا يخفى على المسلم أن شراء منتجات العدو تعتبر دعمًا لهم، في حال الحرب، وتقويةً لشوكتهم، إلا إذا دعت الحاجة إليها ولم يوجد لها بديل عند المسلمين، أو عند غير المحارب.
مقاطعة قريش لبني هاشم وبني المطلب (المقاطعة العامة) تدل على أن أسلوب المقاطعة – أو الحصار – أسلوب قديم استخدمه المشركون منذ أربعة عشر قرنًا ضد المسلمين ضغطًا عليهم؛ كي يصرفوهم عن دينهم، وما زال أهل الكفر يستخدم نفس الأسلوب ضد المسلمين إلى يوم الناس هذا‍‍‍‍‍‍‍‍ بصورة أشد ظلمًا وأكثر فتكًا، وأقل ضميرًا. أفلا يحق للمسلمين أن يدافعوا عن معتقداتهم، وأنفسهم، وأعراضهم، وأموالهم بمقاطعة أعدائهم.

15- ثبت حل مال الكافر الحربي بالكتاب والسنة والإجماع المتيقن المقطوع به في نصوص تتعلق بحوادث كثيرة يصعب حصرها، فكل الغزوات والسرايا التي كانت قبل غزوة بدر الكبرى، بل حتى غزوة بدر ذاتها، كان المقصد منها اعتراض قوافل قريش التجارية وأخذ أموالها وحصارها اقتصاديًا، فسرية حمزة إلى (سِيف البحر)، وسرية سعد بن أبي وقاص إلى (الخرّار)، وغزوة الأبواء (ودّان) وسرية عبيدة بن الحارث إلى (رابغ)، وغزوة (بُواط)، وسرية عبدالله بن جحش إلى (نخلة)، وغزوة (العُشَيرة) وهذه أهمها، وهي التي خرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، والتي أفلت فيها أبوسفيان بالقافلة في ذهابه إلى الشام، وهي القافلة ذاتها التي خرج النبي صلى الله عليه وسلم يريدها حين عادت وأخذها غنيمة للمسلمين نادبًا إليها أصحابه قائلاً: “هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله يُنْفِلُكُمُوها” [سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لابن هشام: 715/2]، كما هو معلوم بنقل التواتر. وكان الله جل جلاله قد وعده إحدى الطائفتين: إما القافلة، وإما جيش قريش، كما هو في نص القرآن لكنها أفلتت فكانت غزوة بدر الكبرى!
فكل تلك الغزوات والسرايا كان هدفها الأول هو الحصار الاقتصادي واعتراض القوافل وقطع تجارة قريش، إضعافًا للعدو وكسرًا لشوكته… وهل المقاطعة الاقتصادية إلا من هذا الباب؟ فإن جاز أخذ ماله غنيمة، فمن باب أولى يجوز حرمانه من كسب المال بكل وسيلة، وأولى أن تجوز مقاطعة بضائعه بعدم شرائها بنية إلحاق الضرر به، وحرمانه من فائدة ثمنها.
16- كما هو ثابت ومعلوم بأنه يجوز التنكيل بالعدو الكافر الحربي وزلزلته معنويًا، بإتلاف بعض ممتلكاته، مثل ما فعل النبي، عليه الصلاة والسلام، إبان حصار بني النضير،فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم… حتى نزل قريبًا من الطائف فضرب عسكره… فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة… وقاتلهم قتالاً شديدًا… فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (كجزء من سياسة الحرب لإلجاء العدو إلى الاستسلام) بقطع الأعناب وتحريقها مع أنه قد علم أنها ستكون قريبًا غنيمة للمسلمين؛ فقطعها المسلمون قطعًا ذريعًا، حتى سألته ثقيف أن يدعها لله والرحم، فتركها لله والرحم. وقد أنكرت عليه اليهود، وأولياؤهم من المنافقين، ذلك وزعموا أنه (فساد)، فرد عليهم القرآن: { مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ } [الحشر: 5]. فمن باب أولى يجوز أن يُلحق به الضرر بالمقاطعة، التي هي أهون من ذلك بكثير، ولا ضرر فيها، ولا خسارة على المسلمين.
قال ابن قيم الجوزية – رحمه الله – في معرض ذكره الفوائد الفقهية من هذه الغزوة: “منها: جواز قطع شجر الكفار إذا كان ذلك يُضعفهم ويَغيظهم، وهو أنكى فيهم”.

فهذا الحدث صريح الدلالة، ومحل الشاهد واضح فيه، وأن من سياسة الحرب إضعاف العدو، وإلجائه إلى الاستسلام، بأخذ الأسباب المؤدية إلى ذلك.
17- قصة ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه، ونسوق الحديث هنا بتمام طوله للفائدة كما جاء في سنن البيهقي الكبرى: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن بن إسحاق ثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، قال: “إن إسلام ثمامة بن أثال الحنفي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعا الله حين عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بما عرض له أن يمَكنه الله منه وكان عرض له وهو مشرك فأراد قتله. فأقبل ثمامة معتمرًا وهو على شركه حتى دخل المدينة فتحير فيها حتى أُخذ وأُتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُمر به فرُبط إلى عمود من عمد المسجد فخرج عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: “ما لك يا ثمامة، هل أمكن الله منك؟!”، قال: وقد كان ذلك يا محمد: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسأل مالا تعطه!، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركه حتى إذا كان الغد مر به فقال: “ما لك يا ثمامة؟!”، فقال: خيرًا يا محمد: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسأل مالا تعطه، ثم انصرف عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو هريرة، رضي الله تعالى عنه: فجعلنا المساكين نقول بيننا: ما نصنع بدم ثمامة؟! والله لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة!، فلما كان الغد مر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: “مالك يا ثمامة؟”، فقال: خيرًا يا محمد: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تَعف تَعف عن شاكر، وإن تسل مالا تعطه!، فقال رسول الله: “أطلقوه، فقد عفوت عنك يا ثمام”، فخرج ثمامة حتى أتى حائطًا من حيطان المدينة، فاغتسل فيه، وتطهر، وطهر ثيابه، ثم جاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقال: يا محمد: والله لقد كنت وما وجه أبغض إلي من وجهك، ولا دين أبغض إلي من دينك، ولا بلد أبغض إلي من بلدك، ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إلي من وجهك، ولا دين أحب إلي من دينك، ولا بلد أحب إلي من بلدك: وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. يا رسول الله إني كنت قد خرجت معتمرًا وأنا على دين قومي فبشرني صلى الله عليك في عمرتي!، فبشره، وعلمه فخرج معتمرًا، فلما قدم مكة، وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد من الإسلام قالوا: صبأ ثمامة!، فأغضبوه، فقال: إني والله ما صبوت، ولكني أسلمت، وصدقت محمدًا، وآمنت به: وايم الذي نفس ثمامة بيده، لا يأتيكم حبة من اليمامة (وكانت ريف مكة) ما بقيت حتى يأذن فيها محمد، صلى الله عليه وسلم! (وفي رواية مسلم: والله لا يأتيكم حبة حنطة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وانصرف إلى بلده، ومنع الحمل إلى مكة، حتى جهدت قريش، فكتبوا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخَلِّي إليهم حمل الطعام! ففعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم”. [هذا إسناد متصل صحيح، غاية في القوة، صرح فيه الإمام ابن إسحاق بالتحديث. وقد أخرج الأئمة البخاري، ومسلم، وابن حبان، والليث بن سعد، وأحمد وغيرهم هذا الحديث من طرق كثيرة مطولة ومختصرة، ولكن هذا هو أتمها في نسق واحد، ونص البخاري مثله باختصار طفيف].
والخلاصة في هذا، أنه لما أسلم ثمامة رضي الله عنه، قطع تجارة الحنطة عن قريش التي كانت تأتيهم من قِبَلِه من اليمامة، وأقسم لهم: “ولا والله لايأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم”، كما في الصحيحين. فكان ثمامة رضي الله عنه بذلك أول مُقاطع تجاري للعدو في الإسلام – بمعناه الاصطلاحي -، فإنه استشعر دوره ضد قريش لكفرها وحربها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخدم سلاحه الذي يملك وقاطع تجارتهم، فكان في ذلك إرهاق قريش وتجويعها، حتى أرسلوا إليه صلى الله عليه وسلم يسألونه بالرحم أن يكتب إلى ثمامة ليُخَلِّي لهم حمل الطعام، فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ورفع الحصار. وقد أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر (المقاطعة الاقتصادية)، وهي تعتبر من مناقب هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم استجاب بعد ذلك لطلب قريش بفك الحظر الاقتصادي عنهم.
وجه الشاهد: قيام الصحابي بهذا العمل واستخدامه وسيلةً لإضعاف المشركين اقتصاديًا، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي على هذا العمل دليل ساطع على مشروعية المقاطعة في الإسلام. فإن كانت المقاطعة للعدو الحربي مشروعة، حتى بمنع الطعام عنه، فمن باب أولى لا يجوز أن تكون هناك أدنى شبهة في جواز مقاطعته – فقط – بعدم شراء بضائعه، أو الاستمتاع بخدماته.
وفي الحديث من الفقه أيضا: عدم اشتراط إذن الإمام الشرعي للمقاطعة مطلقًا، خلافًا لمن قال به! فقد بدئها ثمامة بن أثال من تلقاء نفسه، من غير استئذان مسبق من النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل أقره صلى الله عليه وسلم على ذلك ولم ينكر عليه إقدامه على ذلك بلا إذن منه، ولا عُدَّ ذلك افتئاتًا وجرأة على مقامه صلى الله عليه وسلم، بل لو استدل مستدل بهذا الخبر على اشتراط إذن الإمام لرفع المقاطعة بعد إقدام المسلمين عليها لكان أقرب… وهو بعيد!
18- أن مشروعية الدفاع عن النفس أمر مقطوع به في جميع الشرائع، وبخاصة في هذه الشريعة المباركة الخاتمة. وحالة الدفاع عن النفس من أحوال الاضطرار التي يؤذن فيها بما لا يجوز فعله في الأحوال العادية من المحرمات، كقتل الصائل الذي لا يندفع شره إلا بالقتل. فمن باب أولى تجوز المقاطعة على النحو المشروح أعلاه، حتى ولو سلمنا جدلاً بأنها محرمة في الأصل، وهو قول باطل، لا شك في بطلانه.
ولقد أفتى الإمام الكبير ـ سلطان العلماء ـ العز بن عبد السلام، بمقاطعة التتار وعدم بيع الأسلحة لهم أو بيع ما يعينهم على قتال المسلمين. وهكذا فعل صلاح الدين الأيوبي قبل موقعة حطين عندما أراد أن يوحد الأمة الإسلامية ضد الصليبيين الغزاة، فأصدر أوامر واضحة بعدم التعامل التجاري مع الصليبيين، خاصة في مجال الأسلحة لعظم تأثيرها في المعركة.
19- أخيرًا، إن من خلص من المسلمين إلى الثغور لملاقاة اليهود وأحلافهم هم أفضل الناس، فلم يبق للقاعدين، وهو اليوم عموم المسلمين، سوى الجهاد بأموالهم لنصرة إخوانهم، فهل من الجائز شرعًا والسائغ عقلاً أن نجمع لإخواننا المال بيد، وندفع إلى أعدائنا من الأمريكيين واليهود سلاحًا بيد أخرى هي يد شراء سلعهم وخدماتهم؟ إن المقاومة السلبية “الكف عن معاملتهم تجاريًا” مقدمةٌ على المقاومة الإيجابية، والبراءة من الكفار كلٌ لا يتجزأ. في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله” [صحيح مسلم: 5/428، رقم 2564]، وأي خذلان للمستضعفين أعظم من الإصرار على الاتجار بسلع أعدائهم، فتتحول في أيديهم سلاحًا يجَئون به صدور المسلمين؟
وبعد، فما سبق من الأدلة دل على مشروعية المقاطعة كما تقدم، والدلالة على «المشروعية» أعم من الدلالة على أحد أفرادها: الوجوب، والندب، والإباحة، وإذا كانت المقاطعة – عند الحاجة إليها والمناداة بها – مطلبًا شرعيًا فقد خرجت من حيز الإباحة، وانحصر حكمها بين الوجوب والاستحباب (الندب)، وهذا هو المبحث التالي.
حكم المقاطعة
هل المقاطعة الاقتصادية اليوم واجبة أم مستحبة؟
الأصل في التعامل مع غير المسلم الإباحة (بالضوابط الشرعية)، وحكم المقاطعة (الدائر بين الوجوب والاستحباب) لا يتعارض مع ذلك الأصل؛ لأن حكم المقاطعة طارئ، يطرأ بطروء أسبابه ودواعيه، ويزول بزوالها، والنبي صلى الله عليه وسلم، مع عداوة اليهود له بالمدينة وحصاره إياهم وحربهم وإجلائهم، كان يبيع ويشتري معهم، لكنه لمَّا احتاج إلى المقاطعة في ظرف من الظروف حاصرهم في حصونهم، بل وحرق نخل مزارعهم كما فعل مع بني النضير، وفي ذلك نزل قوله تعالى: { مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ } [الحشر: 5].
وعندئذ، فمتى احتاج المسلمون إلى المقاطعة التجارية – كما هو الحال اليوم مع دول أوروبا الصليبية مثلا بعد استهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وسخريتهم منه -، فإن أدنى درجات ذلك هو الاستحباب، وحيث نقول: أدنى درجاته الاستحباب فإن معنى ذلك أنه لا يمتنع أن يصل إلى الوجوب في بعض الأحوال، والمراد بوجوب المقاطعة: تحريم بيع منتجاتهم وشرائها. غير أن هذا التحريم ليس تحريمًا لعينه، فإن المحَرَّمات في فقه البيوع إما أن تَحرم لعينها (كبيع الخمر والخنزير)، أو لغيرها بمعنى أنها تَحرم لكونها وسيلة إلى محَرَّم (كبيع العنب لمن يصنعه خمرًا)، وهذا ما يعبِّر عنه الفقهاء بقولهم: “الوسائل لها حكم المقاصد”، وعلى هذا يُحمل الوجوب في المقاطعة التجارية – إن قيل به -، أنه لغيره لا لذاته، من جهة أن البيع والشراء مع العدو وسيلة إلى تمكينه ماديًا من الاستمرار على عداوته وحربه للمسلمين… وذلك محرَّم!
وقد تتجاوز المقاطعة التجارية حد الاستحباب إلى الوجوب في إحدى صور ثلاث:
‌أ- إذا أمر الإمام بذلك وحمل الناس عليه وجبت المقاطعة؛ لوجوب طاعة الإمام.
‌ب- إذا انحصرت وسائل دفع العدو وكسر شوكته في المقاطعة، بحيث لم يجد المسلمون وسيلة أخرى وجبت المقاطعة؛ لأن دفع العدو وجهاده بكل الوسائل الممكنة واجب، وإذا انحصرت الوسائل في المقاطعة صارت هي الواجب كله، بحيث يؤدي تركها إلى ترك الواجب الذي يأثم به الجميع. مع مراعاة أن الذي يقرر انحصار الوسائل في المقاطعة وتعذُّر غيرها هم المختصون من أهل العلم والدراية بالمسألة المباشرون للقضية، العارفون بأبعادها، ممن يحسن تطبيق قواعد المصالح والمفاسد، لا أن يكون ذلك حقًا لكل مسلم يمارس فيه اجتهاده الشخصي!
‌ج- إذا عجز المكلف عن غير المقاطعة من الوسائل المشروعة، ولم يقدر إلا على المقاطعة وجبت في حقه؛ لأنها ستكون في حقه الجزء الذي يحقق به الوجوب في الجهاد والدفع؛ لقدرته عليه وعجزه عن غيره، والواجبات كلها تجب بالقدرة وتسقط بالعجز!
والصورتان الأخيرتان تدخلان في القاعدة الأصولية الشهيرة: “مالا يتم أداء الواجب إلا به فهو واجب”.
ولمزيد من التفصيل يرجى مراجعة هذا البحث القيم حول المقاطعة الاقتصادية وهو بعنوان “المقاطعة الاقتصادية، حقيقتها وحكمها، دراسة فقهية تأصيلية” وهو كتاب مطبوع للدكتور: خالد بن عبد الله بن دايل الشمراني، أستاذ الفقه المساعد ورئيس قسم القضاء بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى. والرابط المرفق يحوي خلاصة الكتاب بتصرف من أصحاب الموقع.
http://saaid.net/mktarat/qatea/5.htm
ولتحميل الكتاب فمن هذا الرابط
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=4326
وهناك كتاب آخر بعنوان “المقاطعة الاقتصادية – تأصيلها الشرعي – واقعها والمأمول لها” وهو عبارة عن رسالة لنيل درجة التخصص أعدها عابد بن عبد الله السعدون، عرف فيه الكاتب معنى المقاطعة وتكلم عن أهميتها وتطورها التاريخي، ثم تكلم عن الحكم الشرعي والتكييف الفقهي على ضوء واقع المسلمين المعاصر، بالإضافة إلى تناوله لجوانب أخرى.
http://www.dorar.net/art/156
ولتحميل الكتاب فمن هذا الرابط
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=4325
وهذا كتاب ثالث بعنوان “المقاطعة الاقتصادية وأحكامها في الفقه الإسلامي” لتركي بن عبد الله بن فهد الرشودي. والرابط التالي فيه مقدمة لهذا البحث ومنهج البحث وخطته.
http://www.fiqhforum.com/articles.as...&pg=4&aid=1593
توضيح هام
من المهم جدًا عند اتخاذ قرار المقاطعة التجارية تحديد الهدف منها، والتي تختلف من حال إلى حال، ومن زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان.
فتارة تكون المقاطعة حصارًا لعدو يُراد استسلامه وإخلاء بلاده بما فيها، وتارة تكون إرغامًا له وإضعافًا لإمكاناته، وتارة تكون ثأرًا وانتقامًا لاعتداء بدا منه، وتارة تكون ضغطًا عليه لاسترجاع حق اغتصبه…، وهكذا.
ولكن في قضية الرسوم التي سقناها كمثال، والتي تقررت فيها المقاطعة شاع بين الناس خطأً أن الهدف منها هو أخذ حق النبي صلى الله عليه وسلم ممن سخر منه وهزأ به، عن طريق المقاطعة! ووجه الخطأ هنا هو وقوع خلط في هذا المفهوم بين حق النبي صلى الله عليه وسلم وواجب الأمة تجاه الاعتداء والتطاول عليه صلى الله عليه وسلم، فالسخرية والانتقاص الذي أظهرته تلك الرسوم اعتداء على حقه صلى الله عليه وسلم، وحقه صلى الله عليه وسلم شخصي محض، بمعنى أن أخذ الحق فيه أو العفو عنه متعلق بشخصه صلى الله عليه وسلم، وهذا ما لا يمكن لأحد مهما اتخذ من أسباب أن يدعي أنه استوفى حقه صلى الله عليه وسلم؛ لأن صاحب الحق فقط هو الذي يقرر استيفاء الحق من عدمه، ولا يسع الأمة كلها أن تتنازل عنه، أو تطالب بمطالب (اعتذار أو غيره) ترى أنه يستوفي الحق له صلى الله عليه وسلم، ولهذا صرّح الفقهاء بأن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم يُقتل ولا يُستتاب؛ لأن التوبة هنا متعلقة بحق شخصي، ولا محل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لاستعفائه. ولهذا، فلا المقاطعة ولا غيرها من الوسائل يُقال عنها: إنها تستوفي حق النبي صلى الله عليه وسلم أو تُسقطه… فلماذا المقاطعة إذن؟
إننا إنما ندعو إلى المقاطعة قيامًا بواجب الأمة في القضية، لا استيفاءً لحق النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا نحتاج إلى التفريق بين المسألتين: بين حق النبي صلى الله عليه وسلم في القضية، وواجب الأمة فيها…
أما حقه فقد تقدم، وأما واجب الأمة فهو النصرة والتعزير والتوقير، على حدّ قول الله سبحانه: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ } الآية [الفتح: 8، 9]، وواجب النصيحة له صلى الله عليه وسلم بالدفاع عنه والذبّ عن عرضه والنيل ممن تعرض له بسوء وإن قلّ، وواجب المحبة المتضمنة لافتدائه صلى الله عليه وسلم بالأنفس والأموال والأعراض، ومعاداة من عاداه، ومحاربة من آذاه.
وهذه الواجبات المتعلقة بالأمة هي الدوافع لقرار المقاطعة، فالهدف منها إذن: هو إبراء الذمة بذلك، وإقامة شاهد المحبة له صلى الله عليه وسلم بالسخط على من تعرض له بأذىً أو ناله بسوء، وردعه وكفّ باطله، وضمان ألا يعود لذلك، وألا يتجرّأ غيره فيفعل فعلته الوقحة، وبالتالي فإن هذه المقاطعة – طالت أو قصرت- لا علاقة لها بحق النبي صلى الله عليه وسلم، وطالما كان الغرض منها ما ذُكر فلا حرج أن تُحدّ بحدود يكون فيها: بذل المعاذير من المعتدي، والاعتراف بالجريرة، والتماس العفو والصفح، في ندم تام، وعهد غليظ بعدم تكرار ذلك، واستبدال الإحسان – قولاً وفعلاً – بإساءته تلك…، وغير ذلك مما يتحقق معه الهدف من المقاطعة، الذي لن يُسقط – بحال – حق النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث ثمامة السابق شاهد على إيقاف المقاطعة بأمره صلى الله عليه وسلم متى لاحت في ذلك المصلحة؛ إذ لم يكن الغرض منها قتلهم جوعًا، بل سوقهم إلى الهداية سَوقًا!!
كلمة أخيرة
مهما وجدت من صعوبةٍ في البدء، ونوع ضعف في مقاطعة بعض السلع فلا تيأسنّ، فإن ذلك سيزول بالإخلاص والتعوّد والمران، وإنما هذا من امتحان صبرك وإيمانك، كما قال ابن القيم: “فإن للشهوات سلطانًا على النفوس، واستيلاء وتمكنًا في القلوب، فتركها عزيز، والخلاص منها عسير، ولكن من اتقى الله كفاه، ومن استعان به أعانه { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }، وإنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعادات من تركها لغير الله، أما من تركها صادقًا مخلصاً من قلبه لله فإنه لا يجد في تركها مشقة إلاّ في أول وهلة ليُمتحن أصادقٌ هو في تركها أم كاذب، فإن صبر على تلك المشقة قليلاً استحالت لذةً…”، ولهذا مهما كسرت يومًا ما طوق المقاطعة لضرورة ماسة أو لعارض فلا تستمر على ذلك وارجع إليها مرة أخرى.
وكل من فقد بسبب المقاطعة مالاً أو متعة سلعة فإنا نبشره بقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة: 28]، كما نعزيه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا أبدلك الله به ما هو خيرٌ لك منه” (رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح [مجمع الزوائد 296/1]).
والمسلم الغيور على دينه وأمته لا ينبغي له أمام هذه الأحداث الجسام أن يقف مكتوف الأيدي لا يقدم ولا يؤخر، كما لا يقبل منه أن يكتفي بمجرد التنديد ورفع الشعارات فإن هذا لن يستفيد منه شعب فلسطين ولا شعب أفغانستان، ولكن لا بد من القيام بعمل يثبت لهؤلاء الكفرة من الأمريكان واليهود وأشباههم وأعوانهم أننا أمة واحدة من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق، وأن مصيبة فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرهم هي مصيبتنا كلنا. وأن حصار أي شعب مسلم هو حصار علينا جميعًا. وإن أعظم عمل يجب على المسلمين القيام به والاتفاق عليه من أجل مناصرة إخوانهم المظلومين هو مقاطعة البضائع والمنتجات الأمريكية، ولنعلم أن كل درهم أو دينار ندفعه لشراء أي شيء مما أنتجته أمريكا نكون في حقيقة أمرنا قد قدمناها هدية سائغة من أجل جعلها رصاصة توجه إلى صدر إخواننا المعتدى عليهم، ونكون بذلك قد ساهمنا بطريقة غير مباشرة في الحرب التي يشنها الكفار على الإسلام والمسلمين، ولنثبت لله أولاً ثم لأنفسنا ثم لهؤلاء جميعًا أن نصرة إخواننا أحب إلينا من أنفسنا، وهذا من الآن؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا” (رواه أنس بن مالك [صحيح البخاري، حديث رقم 6952]).
ألا إن الأمر جدٌ ليس بالهزل.. والأمة مسئولةٌ عن إقامة دينها، والعمل على نصرته في كل وقتٍ وحينٍ.. نعم لقد قصّرنا جميعًا وأخطأنا إذ لم نبادر بالمقاطعة والمنابذة من قبل، ولعله قد آن الأوان أن نفعل. فلينظر كلّ امرئ لنفسه، وليكن سياجًا لدين الله لا يوهَن الإسلام من قِبَلِه، وإنما النصر من عند الله، { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ } [الحج: 40]، { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد: 38].
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مشروعية, الأدلة, المستضعفين..., المقاطعة, الاقتصادية, جهاد, وحكمها


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القتال مشروعية وآداباً في الإسلام واليهودية والنصرانية نور الإسلام المكتبة العامة 0 06-06-2013 06:53 AM
رؤية الإسلام لحل مشكلة التنمية الاقتصادية نور الإسلام كتب ومراجع إسلامية 0 20-05-2013 06:29 AM
لبيك يا رسول الله ... حملات المقاطعة تُطيح بـ "جوجل" من صدارة المواقع العالمية نور الإسلام هدي الإسلام 2 28-09-2012 10:47 AM
الله أكبركلمات سمير البيك إالقاء جهاد الترباني مزون الطيب هدي الإسلام 0 03-02-2012 06:01 PM
المعصية بين اللذة العاجلة والعقوبة الآجلة نور الإسلام هدي الإسلام 0 11-01-2012 08:25 PM


الساعة الآن 10:31 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22