صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > مكتبة طريق الخلاص > كتب ومراجع إسلامية

كتب ومراجع إسلامية حمل كتب وبحوث إلكترونية إسلامية

البرهان العلمي للإسلام

القرآن الكريم في ضوء العلم والعقل والتاريخ د. نبيل عبد السلام هارون الطبعة الثالثة 1428هـ – 2007م

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-05-2014 ~ 07:24 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي البرهان العلمي للإسلام
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


القرآن الكريم ، البرهان




القرآن الكريم في ضوء العلم والعقل والتاريخ







د. نبيل عبد السلام هارون


الطبعة الثالثة
1428هـ – 2007م

























حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعة الأولى (البرهان العلمي للإسلام) 1415هـ / 1994م
الطبعة الثانية 1417(البرهان على صدق تنـزيل القرآن) 1417هـ / 1996م
الطبعة الثالثة 1428هـ / 2007م





بسم الله الرحمن الرحيم


إهداء
أهدي هذا العمل:

إلى القلة المؤمنة التي تحمل مشاعل الدعوة في دياجير الضلال الذي يحيط بعالم القرن الخامس عشر الهجري، برهانا ناصعا على صدق ما اهتدوا إليه ، يثبِّت اليقين، ويشد الأزر ، ويفحم الباطل وأهله.
إلى السواد الأعظم من المسلمين بالوراثة والتقليد ، وببطاقة الهوية: الذين اتخذوا القرآن مهجورا ، كمثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها، علهم يكتشفون ما بأيديهم من كنز: كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
إلى جمهرة المنافقين والملاحدة أصحاب الصوت الأعلى في هذا الزمان، الذين إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة ، والذين يتنادون بأن لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه، سعيا وراء فتنة المؤمنين والمؤمنات، وإطفاء نور الله الذي وعد بإتمامه ولو كره الكافرون ، علهم يثوبون إلى الرشد ويتوبون إلى الحق.
إلى غير هؤلاء وأولئك على امتداد المعمورة ؛ الذين لم يتح لهم أن يطلعوا على حقيقة الإسلام – فكرا منطقيا أو نموذجا حيا – إلا من خلال إعلام مزيِّف وتعليم محرِّف وآراء مغرضة لقيادات فكرية وعقيدية نصبت أنفسها أربابا من دون الله ، علهم ينصتون يوما بعقل مفتوح وصدر رحب وفكر علمي هادئ إلى دعوة الإسلام ، عساها تكون لهم فرقانا بين ظلام الجاهلية ونور الهدى.

تقديم

للأستاذ الدكتور صلاح الصاوي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد،،
فإن الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم حديث عن جانب متجدد من جوانب الإعجاز في هذا الكتاب المبارك الذي لا تنقضي عجائبه ولا يخْلَق على كثرة الرد، والذي أراد الله له أن يكون كتابه الأخير، وأن يحمل وحيه المحكم الذي تقوم به الحجة على عباده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وينطفئ سراج الحياة!
لقد تعرفت البشرية على مدار القرون على جوانب مختلفة من جوانب الإعجاز في القرآن الكريم غطت حاجات الناس في زمانها ، وكان فيها من البينات ما تقام بمثله الحجة وتنقطع به الشبهة ، حتى كان هذا العصر الذي يمكن أن يطلق عليه عصر الكشوف العلمية ففاض المعين القرآني بهذا الجانب المشرق المتجدد من جوانب الإعجاز؛ لتقام الحجة على أبناء هذا العصر بمثل ما أقيمت به الحجة على أبناء القرون الأولى.
لقد قبل عقلاء العالم ومفكروه بالعلم حَكَما عدلا، لا يجامل أحداً، ولا تنحاز سننه إلى فريق من الناس دون فريق، فأنار الله بصائر فريق من أهل العلم ليتعرفوا من خلال تدبر هذا الكتاب على حقائق ودقائق ما كان لأحد من الناس أن يتعرف على شيء منها في زمن النبوة فمن ذا الذي أبلغ محمدا e بها وهو النبي الأمي الذي لا يكتب ولا يحسب ، والذي كان يقول: الشهر هكذا وهكذا وهكذا؟؟‍
ولقد رأينا عبر مسيرة البحث والتطواف في هذا المجال كيف فتح الله به أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفاً ، وكيف كان أكابر العلماء من غير المسلمين يتطامنون أمام حقائق الإعجاز المذهلة في هذا الكتاب، ولا أزال أذكر كلمة لمدير مرصد طوكيو في اليابان بعد حوار معه لم يزد على ساعة من الزمان قال فيها: إذا كان جميع المسلمين يفكرون بهذا المستوى فإنني أتوقع لهم أن يستردوا زمام الحضارة الإنسانية في أقل من عشرين سنة.
ولا يخفى أن الناس أمام قضية الإعجاز العلمي في القرآن والسنة طرفان وواسطة:
* فمنهم من فتح هذا الباب على مصراعيه بغير ضوابط ، فلوى أعناق النصوص ، لاهثا وراء كل جديد من العلم ، ليفتعل إعجازاً ، أو يتكلف برهانا.
* ومنهم من أغلق هذا الباب بالكلية ، وصادر على أهل العلم حقهم في ارتياد هذه الآفاق الجديدة ، ففوت عليهم وعلى الدعاة كافة الإفادة من هذا الجانب العملاق والخلاق من جوانب الإعجاز.
* وبين هؤلاء وهؤلاء يقف أهل الوسطية والاعتدال ، فيحكِّمون الضوابط التي تعصم من الزلل وتمنع من الشطط ، ويفتحون عقولهم وقلوبهم لكل اجتهاد جاد في هذا المجال فيناقشون ويقبلون أو يرفضون من خلال هذه الضوابط الدقيقة الصارمة ؛ التي قدمت بها ورقة إلى المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة المنعقد في إسلام آباد بباكستان سنة 1987م ، والتي قدم لها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، والتي تقرر فيما تقرر قيام الإعجاز على ثلاثة أركان:
الحقيقة الشرعية: وذلك ببلورة الجانب الشرعي وتمحيصه مع أكابر أهل العلم للتأكد من أننا أمام حقيقة شرعية.
الحقيقة الكونية: وذلك ببلورة الجانب العلمي للتحقق من أننا أمام حقيقة كونية وليس مجرد نظرية من النظريات قابلة للتغيير والتبديل.
وجه الإعجاز: وهو الربط ما بين الجانبين وفقا لضوابط الفهم والاجتهاد المقررة عند علماء الأصول.
وكتابنا هذا الذي نشرف بتقديمه اليوم والذي حبس نفسه على إعداده الأستاذ الدكتور/ نبيل عبد السلام هارون إنما هو محاولة جادة لاستقراء النصوص القرآنية التي تتضمن بعض الإشارات والدقائق العلمية ، وهو بهذا يفتح آفاقا أمام الباحثين لتدبر هذه الآيات والتعرف على ما تحمله من دقائق الإشارات.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل

أ.د. صــــــلاح الصــــــــــــــــــــاوي

المدير الأسبق لهيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة

















مقدمة الطبعة الثالثة

القرآن معجزة الإسلام الخالدة يحمل في طياته، لفظا ومعنى، وبيانا وحقائق، البرهان الساطع لكل البشر في كل العصور على صدق تنزيله من الخالق العليم. وبالقرآن إشارات وتعبيرات في غاية الدقة، وكذلك تنبؤات بما هو آت ، تتجاوز قدرة البشر وقت التنزيل وبعده بقرون ، مما يقطع باستحالة صدورها عن مخلوق ، وتبرهن على أن مصدرها خالق الكون العليم، القيوم عليه من الأزل إلى الأبد، ولا ريب أن بين طيات القرآن مزيداً من عبارات لا نفقه بعد مغزاها العلمي الحق، سيكشف تقدم العلم (كما كشف من قبل) ما وراءها من براهين تزداد بها الأجيال يقينا.
في الفصول التالية نتناول بعضاً مما قرره القرآن أو أشار إليه من حقائق علمية وتاريخية – غمض كنهها عند نزول القرآن وبعده بقرون – ثم كشفها وأثبت صدقها تقدم العلم ووقائع التاريخ ، لنبرهن بها على صدق تنزيل القرآن وبعثة الهادي الأمين.
تستمد الدراسة من معظم ما كتب عن المعارف العلمية في القرآن والسنة ، بعد مراجعة ما جاء بهذه الدراسات على أقوال المفسرين في الماضي والحاضر ، وتحقيق الجوانب العلمية ، وبحث المعاني اللغوية ، للاقتصار على تلك الجوانب التي ينطبق فيها المعنى المباشر والتفسير المقبول للآية في موضعها بالسورة على الحقائق العلمية التي استقرت بالملاحظة والتجريب وإجماع أهل الاختصاص العلمي واستبعاد ما عدا ذلك من اجتهادات ، وقد ذيلنا الدراسة ببيان مراجع التحقيق ، والمصادر التي تناولت موضوعات الدراسة من زوايا مختلفة وبمناهج ورؤى متباينة.
تصدر هذه الطبعة الثالثة – بإذن الله بعد مراجعة شاملة وتنقيحات عديدة، كما تم تحقيق الأحاديث النبوية وضبطها بالشكل بالرجوع إلى برنامج "موسوعة الحديث الشريف" (حرف لتقنية المعلومات) إصدار 2,1.
جعلنا الله من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وثبتنا وأهل الإيمان بالقول الثابت في الحياة الدنيا بمواجهة أهل الكفر والضلال ، ويوم يقوم الحساب، اللهم آمين.













بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد

المنهج العلمي و العقلي للرسالة

الإسلام خاتم الرسالات التي أرسلها الله تعالى هداية للعقل البشري المحدود، فما من أمة سبقت على امتداد الزمان والمكان إلا كان لها من هداية الأنبياء و الرسل نصيب، ولقد تدرجت وسيلة الإقناع وأسلوب الدعوة مع تطور المدارك والمعارف البشرية؛ فكان الله تعالى يؤيد رسله الكرام بما يجريه على أيديهم بإذنه من معجزات وخوارق حسية، يلمسها الناس بأيديهم وتراها أعينهم حتى يطمئنوا ويخبتوا لدعوة الحق، حتى آن للبشرية أن تدرك بالعقل الناضج والفكر المستنير ما لم تكن تدركه من قبل إلا بالحس والبصر، فأنزل الله كتابه العزيز: القرآن الكريم؛ متمما و مهيمنا على كل ما سبقه من كتب و رسالات، كتاب حجة و إقناع، ختمت به الرسالات، ثم صدق الله وعده في حفظه دون سائر الكتب نبراسا هاديا إلى آخر الزمان، و معجزة حية لكل الأجيال.

ت/1 - الإقناع العقلي:
العقل إذن هو محور الدعوة إلى الإسلام، وهو نسيج القرآن الذي بدأ تنزيله بدعوة )اقْرَْأ(، هتف بها الروح الأمين على النبي"الأمي"، حتى أذن الله باكتمال التنزيل وإتمام الرسالة في قوله تعالى: )الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا([المائدة:3]، وتعالوا نقتطف من رياض الذكر الحكيم آيات ناصعات تبرهن على أن الإقناع العقلي و التفكير المنطقي ونبذ الهوى هو أساس دعوة الإسلام.
أ‌. ففي الحث على التفكير و إعمال العقل للاهتداء إلى الحق:
)أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَ هُمُ الأَوَّلِينَ([المؤمنون: 68].
)وَالَّذِينَ اجْتَنَبُواالطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْعِبَادِ*
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو
الأَلْبَابِ([ الزمر:17، 18]
ب‌. وفي الجدل بالحجة والبرهان:
)أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَءِ لَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ
هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ([ النمل: 64].
) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آ لِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (
[ الأنبياء: 22].
) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ*أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ(
[ الطور: 34،35 ].





ج. وفي ضرب الأمثال كمدخل إلى الإقناع:
) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ. تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ. يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ( [إبراهيم: 24 – 27].
د . وفي الحث على التأمل في خلق الله وحكمته:
) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( [آل عمران: 190 ،191].
هـ . وفي الدعوة إلى النظر في القرآن وتدبر آياته:
) أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (
[النساء: 82].
) أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ( [محمد: 24].
) كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ( [ص: 29].
) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ( [القمر: 17].
و . وأخيرا في شأن من صموا آذانهم وعطلوا عقولهم، فضَلُّوا السبيل، وجادلوا بالباطل:
) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لاَ يَعْقِلُونَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لاَ يُبْصِرُونَ ( [يونس: 42 ، 43].

ت/2- تحرير العقل:
العقل المخاطب بالدعوة هو العقل "الحر" الذي يوازن بين الحق والباطل، بين الصدق والزيف، متحررا من كل المؤثرات النفسية والاجتماعية والعاطفية، التي كانت وما زالت تستعبد البشر وتلغي عقولهم في كثير من المجتمعات والعقائد، فالإسلام ليس انتماء أعمى، وانقيادا مستكينا إلى طائفة أو كهنوت، أو جنس أو قبيلة، بل يؤكد ويلح على رفض الاتباع المنقاد للآباء والأجداد وكهنة الأديان، وأهل الاستبداد، كما تنطق الآيات الآتية:
أ . في الدعوة إلى استقلال الفكر وتحريره:
) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ( [الإسراء: 15].
) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ( [البقرة: 166 ، 167].


ب . وفي التحذير من تبعية الفكر لأهواء الزعماء والكبراء:
) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ( [إبراهيم: 21].
) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ. إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ( [هود: 96 ، 97].
جـ . وفي النهي عن الاتباع الأعمى للآباء والأجداد دون تمحيص أواقتناع:
) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( [المائدة: 104 ، 105].
) إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ. فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ( [الصافات: 69 ، 70].

ت/3- مكانة العلم والعلماء:
ميز الله الإنسان على غيره من المخلوقات بالعلم، وبالقدرات العقلية على اكتسابه وتطبيقه، ومنها القدرة على الملاحظة والوصف والتحليل والتركيب والاستنتاج، وهذا ما نوه به القرآن:
)وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين ( [البقرة: 31].
أ . والدعوة إلى العلم واكتساب المعارف العلمية تنبث في أرجاء الكتاب العزيز ومنها هذه الآيات المباركات:
) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ( [العلق: 1 – 5].
) ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ( [القلم: 1].
) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ([البقرة: 269].
ب . وفي فضل العلماء ومكانتهم عند الله:
) أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ( [الزمر: 9]
) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ ( [آل عمران: 7].

ت/4- السنن العلمية والكونية:
أساس العلم الحق أن الكون لم يُخلق عبثا، وأن لكل شيء سببا، وأن كل الظواهر الطبيعية ونظم الحياة وسلوك الجوامد وأحوال الأمم تخضع جميعها لقوانين صارمة وضعها الخالق العليم، وهو ما تؤكده آيات القرآن التي نزلت منذ أربعة عشر قرنا في بيئة لا أثر فيها لعلم أو فكر أو معرفة.
أ . ففي أن لكل شيء سببا:
) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ. مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ( [الدخان: 38 ، 39].
ب. وفي أن للكون قوانبن لا يحيد عنها (وانظر أيضا الفصل الثالث):
)الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى([الأعلى: 2،3].
) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ([القمر: 49].
)الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ([الرحمن: 5].
ج. وفي سنن التاريخ التي لا تتبدل:
) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً([الأحزاب: 62].

ت/5- نبذ الخرافة:
وحفل القرآن الكريم و السنة النبوية بأقوال و مواقف تنبذ الخرافة و ترفض الفكر الذي لا يستند إلى العلم والمنطق و الدليل، فإيمان المسلم لا يستند إلى قصص أو أساطير، أو طلاسم وأسرار يحتكرها كهان، بل إلى الحجة والدليل والبرهان.
أ‌. ففي بيان ما انزلقت إليه جماعات في تصور الله الواحد الأحد:
) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ
وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ(
[الأعراف:71 ].
) يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلآ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُوا
ثَلاَثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ
وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً([النساء:171 ].
ب . وفي جهالة من ينسبون إليه تعالى البنين والبنات:
) وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( [التوبة: 30].
) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ. وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ( [الزخرف: 16 ، 17].


جـ . وفي عبادة غير الله:
)وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُورًا ([الفرقان: 3].
د . وفي عبادة الجن والملائكة:
) وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ( [الأنعام: 100].
)وَجَعَلُوا الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ( [الزخرف: 19 ، 20 ].
هـ . وفي تأليه البشر:
) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ( [التوبة: 31].
) وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ([المائدة: 116].
و . وفي اتخاذ الأوثان:
) أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى. أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى. تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى. إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ([النجم: 19-23].
)قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ. وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ( [الصافات: 95 ، 96].
ز . وفي الدعاء والتوسل بغير الله:
) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ( [يونس: 18].
) يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ( [الحج: 73].
ح . وفي الاعتقاد بالسحر والتطير:
) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ (
[البقرة: 102].
) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلاَ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ( [الأعراف: 131].
- وفي الحديث: أن الشمس انكسفت عقب موت إبراهيم وليد النبي عليه الصلاة والسلام فقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ مِنْ آياتِ اللهِ وإِنَّهُمَا لا يَنْخَسِفانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَياتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُموهُمَا فَكَبِّرُوا وادْعُوا اللهَ وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا" (مسلم).
- وفي الحديث أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: "لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ ولا هامَةَ ولا صَفَرَ" (1)(البخاري).
ط . وفي اتباع خيال الشعراء وشطحاتهم (إبداعاتهم!):
) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ.أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ([الشعراء: 224 – 226].
ى . وفي الافتراء على شرع الله وتحريفه:
) سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ ( [الأنعام: 148].
) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ([التوبة: 37].

ت/6- الإشارات العلمية:
أشار القرآن إشارات عامة إلى مجالات علمية متعددة تنبه الأذهان وتلفت الأنظار إلى ما في الكون من آيات ودلائل وإلى ما في خلق الله من إعجاز في الصنعة وفي القدرة، وما في الأرض من خيرات مسخرات لخير الإنسان، لو فَقِهَ علمها وأحسن الانتفاع بها. ولما كانت هذه الإشارات محور هذا الكتاب فنكتفي منها في هذا التمهيد ببعض الأمثلة:
أ . في خلق السموات والأرض وما فيهن:
) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( [البقرة: 164].
ب . وفي تتابع الليل والنهار:
) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً (
[الإسراء: 12].

جـ . وفي المطر والزراعة والأنعام:
) إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ. فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ. وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( [الأنعام: 95 – 99].
) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ. وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ. وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ ( [يس: 71 – 73].
د . وفي البحر والسفن:
) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( [النحل: 14].
هـ . وفي طيران الطيور:
) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ([الملك: 19].

ت/7- بين يدي الكتاب:
قبل أن نمضي في مطالعة الكتاب، وتدبر ما فيه من براهين عقلية وعلمية محددة، لتكن لنا وقفة نتأمل فيها طبيعة النص القرآني كظاهرة فريدة متميزة: في إعجاز بيانه الذي تحدى العرب الأوائل أهل الفصاحة والبلاغة فأعجز العرب والبشرية في كل جيل، وفيما حمله من معارف ومفاهيم فريدة ومتميزة عن معارف ومفاهيم ذلك الزمان – القرن السابع الميلادي – فالأسلوب العلمي في العرض والدعوة أعلى فكرا وأسمى بيانا من قدرات مبلِّغه الرسول الأمي الأمين، سواء في منهج النص القرآني في مخاطبة العقل والمقارعة بالمنطق وتحرير العقل من التبعية الفكرية للآباء أو الكهان أو المجتمع، أو في نبذ الخرافة، أو في التفسير العلمي لنواميس الكون، أو فيما يتعرض له من مفاهيم وإشارات علمية، أو في توجيهه العقول إلى اكتساب المعارف العلمية كمدخل للإيمان بالخالق الواحد وبصفاته التامة، وصولا إلى اليقين بصدق تنزيل القرآن.
كل هذه السمات القرآنية تقطع – لكل ذي بصيرة – باستحالة أن تكون هذه الرسالة من صنع بشر أمي في بيئة أمية بدائية، وليست الأمية هنا أمية القراءة والكتابة فحسب – بل أمية المعارف والفكر، تلك الأمية التي سادت الزمان والمكان وقت التنزيل، لا في الجزيرة العربية وحدها، بل في أرجاء الأرض المعمورة ولقرون بَعْدُ عديدة.


































(1) الطيرة: أي التطير والتشاؤم بأشياء أو أشخاص أو أحداث معينة، وهو ضلال في الفكر والتصور ما زال شائعا في كل المجتمعات المعاصرة. وكذلك التشاؤم بأوقات معينة كصفر أي التشاؤم بشهر صفر. أما الهامة فمن خرافات العرب في الجاهلية إذ يزعمونها طائرا يخرج من هامة رأس القتيل ويقول: اسقوني اسقوني حتى يؤخذ بثأره.
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القرآن الكريم ، البرهان


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نحن من يسئ للإسلام نور الإسلام المقالات 0 14-09-2012 05:48 PM
النصرانية بين التحريف والتخلف العلمي مزون الطيب لاهوتيات 0 01-02-2012 06:11 PM
تطور المنهج العلمي في الكتابات التاريخية نور الإسلام المكتبة العامة 0 12-01-2012 07:20 PM
مهارات البحث العلمي نور الإسلام المكتبة العامة 0 12-01-2012 07:19 PM
البرنامج العملي للذة العبادة نور الإسلام هدي الإسلام 0 11-01-2012 09:02 PM


الساعة الآن 06:14 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22