صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > أبواب الدعوة > خطب إسلامية

خطب إسلامية من خطب الدعاة وعلماء الدين والشيوخ الصالحين

خطبةٌ وعظية

(تفسير الآيات مقتبس من تفسير الإمام ابن سعدي رحمه الله) أما بعد أيها المسلمون : لو تفكرنا في المآل، وتذكرنا وعد الله ووعيده وما

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-04-2013 ~ 12:05 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي خطبةٌ وعظية
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012







(تفسير الآيات مقتبس من تفسير الإمام ابن سعدي رحمه الله)



أما بعد أيها المسلمون :

لو تفكرنا في المآل، وتذكرنا وعد الله ووعيده وما أعده لمن أطاعه ولمن عصاه، ولو جعلنا ذلك نصب أعيننا دائماً لصلحت أحوالنا واستقامت أمورنا ولعشنا عيشة طيبة وحياة هانئة سعيدة .

ذلك أن الإنسان إذا كان يحسب للجزاء حساباً ويعد للسؤال جواباً فلن يُقدِم على شيء من الأعمال إلا وهو مطمئنٌ إلى حسن عاقبته وأنه سينجيه في دنياه وآخرته .

ولذا فإن من أنفع الأودية للقلوب الغافلة عن ذكر الله المعرضة عن أوامره المواقعة لنواهيه، إن من أنفع الأدوية لتلك القلوب تذكيرها بوعد الله ووعيده وما أعده للمحسن والمسيء من عبيده، وكتاب الله حافل بهذا الأسلوب الكريم فهو يربي المؤمنين على الإيمان التامّ الذي يرثون به الفردوس هم فيها خالدون .

وفي هذه اللحظات سنعيش وقتاً طيباً مع سورة الحاقة تلك السورة العظيمة التي صورت أحوال الآخرة تصويراً دقيقاً تنخلع له القلوب وتذرف منه العيون وتقشعر من أجله الجلود .

استمع إلى تلك الأحوال العظيمة يخبر بها أصدق القائلين في كتابه العظيم فيقول :

(فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ) (الحاقة:13) :

وذلك حين ينفخ إسرائيل في الصور فتنبت أجساد العباد وتدخل أرواحهم في أجسادهم فإذا الناس قيام لرب العالمين .

(وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) (الحاقة:14) :

أي فُتِّتت الجبال واضمحلت وخُلِطت بالأرض ونُسِفَت عليها فكان الجميع قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا، فبينما كانت جبالاً عظيمة ورواسي شامخة إذ جاءها أمر ربها فدُكدِكتْ حتى لم تكن شيئاً، قدرةٌ عظيمة وقوةٌ هائلة فسبحان القوي العزيز ، أما السماء فإنها تضطرب وتمور وتشقق ويتغير لونها وتهي وتضعف بعد قوتها وصلابتها وما ذلك إلا لأمرٍ عظيم أزعجها وكرب جسيم هائل أوهاها وأضعفها.

(وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) (الحاقة:17) :

فهؤلاء الملائكة الكرام على جوانب السماء وأركانها خاضعين لربهم مستكينين لعظمته ومن هؤلاء الملائكة أملاكٌ في غاية القوة يحملون عرش الرحمن ..

ثم ذكر سبحانه عرض الناس على ربهم فقال :

(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) (الحاقة:18) :

لا تخفى منكم خافية لا من أجسادكم ولا من ذواتكم ولا من أعمالكم ولا صفاتكم فإنه تعالى عالم الغيب والشهادة ، ويُحشر الناس حفاة عراة غرلاً فحينئذ يجازيهم الله بما عملوا .

(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ) (الحاقة 19) :

هؤلاء هم أهل السعادة يُعطون كتبهم التي فيها أعمالهم الصالحة بأيمانهم تمييزاً لهم وتنويهاً بشأنهم ورفعاً لمقدارهم ، فيقول أحدهم عند ذلك من الفرح والسرور ومحبة أن يطلع الخلق على ما من الله به عليه من الكرامة :

"هاؤم اقرؤا كتابية" :

أي دونكم كتابي فاقرؤه فإنه يبشر بالجنات وأنواع الكرامات ومغفرة الذنوب وستر العيوب، والذي أوصلني إلى هذه الحال ما من الله به علي من الإيمان بالبعث والحساب والاستعداد لـه بالممكن من العمل ولهذا قال :

(إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ) :

أي أيقنت بذلك .

(فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) :

جامعة لكل ما تشتهيه الأنفس وتلذُّ الأعين وقد رضوا بها ولم يختاروا غيرها عليها .

(فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ) :

ثمرها وجناها من أنواع الفواكه قريبة سهلة التناول على أهلها ينالها أهلها قياماً وقعوداً، فيقال لهم حينئذ :

(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) : لأنكم كنتم من أهل الأعمال الصالحة ومن التاركين للأعمال السيئة، فالأعمال سببٌ لدخول الجنة ومادةٌ لنعيمها .

هؤلاء هم أهل السعادة والنعيم المقيم عند ربهم الكريم الرحيم

(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ) :

هؤلاء هم أهل الشقاء يعطون كتبهم بشمائلهم تمييزاً لهم وخزياً لهم وفضيحة وعاراً ، فيقول هذا الذي أعطي كتابه بشماله (لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ) ، لأنه بُشِّر بالحسرات والخسارة الأبدية .

(وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ) :

أي يا ليت موتتي هي الموتة التي لا بعث بعدها ، ثم التفت إلى ماله وسلطانه فإذا هو وبالٌ عليه لم يقدِّم منه شيئاً لآخرته فتندم وتحسر وقال :

(مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ)

أي : ما نفعتني تلك الأموال لأني لم أتصدق ولم أنفق ولم أقدم منه ما ينفعني .

(هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) :

أي ذهب ذلك السلطان والجاه والمنصب والعز وذهب كل ذلك إدراك الرياح وذهبت معه المتاجر والأرباح وحضرت بدله الهموم والغموم والأتراح .

فحينئذ يأمر الله ملائكته الغلاظ الشداد ، يأمرهم أن يأخذوا هذا العبد الخاسر المفرط في دنياه الغافلَ عن أخراه ، يأمرهم أن يأخذوه فيغلُّوه بأن يجعلوا في عنقه غلاً بحلقه ثم يأمرهم فيقول : ( ثم الجحيم صلوه ) أي قلِّبوه على جمرها ولهيبها .

(ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ) ، أي انظموه فيها بأن تُدخَل في دبره وتخرج من فمه ، فلا يزال في عذاب أليم مقيم ذلك لأنه كان في دنياه لاهياً وعن أخراه غافلاً فليس لـه في ذلك اليوم العصيب شفيع ولا مخلص ولا صديق مشفق، الكل تخلى عن والكل تبرأ منه فلم ير أمامه إلا ما قدم في هذه الدنيا من سوء الفعال التي أوردته هذا العقاب والعذاب الأليم .

اللهم ارحمنا برحمتك واعذنا من سخطك وعذابك برحمتك يا أرحم الراحمين .


الخطبة الثانية


أيها المسلمون :

ها نحن قد سمعنا أحوال الفريقين فإما إلى النعيم الأبدي وإما إلى العذاب السرمدي فالأول : سبيل المتقين المطيعين لربهم ولنبيهم ، والآخر : سبيل أهل الغواية والغفلة .

فيها أيها المسلم ، بأي الفريقين تريد اللحاق ؟

ومع أي الحزبين ترغب في المسارعة والسباق؟

هما دربان ليس لهما ثالث فإما درب النجاة والجنات وإما درب الندامة الحسرات، فاغتنم ما تبقى من عمرك في طاعة ربك علّك أن تكون من أهل السعاة ودع عنك الغفلة ، فليست هذه الدنيا سوى وقتاً قليلاً وعرضاً زائلاً ...

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار
اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا ...
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ..

(( تمت ))
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:58 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22