صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > المنتديات المسيحية > لاهوتيات

لاهوتيات دراسات حول الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي

ترتليانوس : تلاميذ المسيح كانوا مخصيين

بقلم محمود اباشيخ العلامة ترتليان يعتبر أب الآباء اللاتينيين، فقد كتب معظم كتاباته باللغة اللاتينية، قبل أن تصبح اللاتينية اللغة الرسمية لكنيسة رومة بقرن ونصف، ولد العلامة ترتليانوس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-08-2012 ~ 11:18 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي ترتليانوس : تلاميذ المسيح كانوا مخصيين
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


بقلم محمود اباشيخ

العلامة ترتليان يعتبر أب الآباء اللاتينيين، فقد كتب معظم كتاباته باللغة اللاتينية، قبل أن تصبح اللاتينية اللغة الرسمية لكنيسة رومة بقرن ونصف، ولد العلامة ترتليانوس – TERTULLIANUS – بين علم 145 و155 في قرطاجة بتونس،عندما كانت مستعمرة رومانية، دخل النصرانية أواخر القرن الثاني، وفي بداية القرن الثالث، تبني الفكر المونتاني، وكان مؤسس المونتانية يقول أنه البارقليط الذي بشر به المسيح عليه السلام، ويدعوا إلي التقشف وحياة الزهد، وقد تركت المونتانية تأثيرا عميقا في نفس العلامة ترتليان، فكان يدعوا إلي الفضيلة والزهد في الحياة، وقد عارض الزواج الثاني بشدة، وفي هذا المقال، سوف نعرض جوانب من المقدمات التي بني عليها ترتليانوس فكره





مفهوم الزواج ليس واضحا في الأناجيل، فلم يضع يسوع المسيح أركانا أو شروطا للزواج، وقد تبنت الكنيسة الطقوس الوثنية في الزواج، وقرر هذا في مجمع إلفيرا[1] – Elvira -
وهذا الأمر ليس خاصا في الزواج وإنما في جميع الطقوس المسيحية
. في أمر الزواج لا إشكال في الأخذ بالتقاليد طالما لا تتعارض مع الدين، ونحن نذكر هذا الأمر فقط لنؤكد أن مسائل الزواج في المسيحية اجتهادات، والمسيحية لم تدخل شريعة الزوجة الواحدة في التشريع الروماني كما أكد ذلك العالم الكاثوليكي يوجين هيلمان - Eugene Hillamn حيث يري
ان العكس هو الصحيح، ويقول هيلمان ان المسيحية نشأت تحت ظل الثقافة الرومانية ، التي كان قانونها لا يعترف إلا بالزواج الواحد
( انظر المصدر السابق )
ونفس الأمر، يقرره القديس أغسطينوس في كتابه ضد فوستوس، حيث يقول، في سياق الدفاع عن يعقوب النبي وزواجه بأربعة نساء، يقول أغسطينوس، ان التعدد كان مباحا لأنه كان متوافقا مع العرف، وليس مباحا في عهدنا لأنه مخالف للعرف، السبب الوحيد لتجريم التعدد حاليا هو لأنه نخالف للعرف والقانون [2] ، ويقصد القديس أغسطينوس القانون الروماني


تأثرت أيضا المسيحية بالفكر الغنوسي الذي يري ان الجسد شر محض، والله بعيد كل البعد عن المادة، ومجرد الإتصال الإله بالمادة منقص لكماله، لذلك نجد طوائف نصرانية كانت ترفض أن يكون للمسيح جسد حقيقي وقالوا إن جسده جسد وهمي أو خيالي، [3]
وقال العلامة أوريجانوس ان الجسد ما هو إلا سجن للروح، حبست فيه أوراح البشر التي كانت في الأصل أرواح ملائكية، لكنها ارتكبت الخطيئة في العالم السماوي، فحبست في الجسد عقوبة علي عصيانها،وبناءا علي هذه الأفكار قالوا أنه يجب الارتقاء عن الجسد بتجويعه وكبح الشهوة الجنسية ( للمزيد من التفاصيل راجع رسالة إبيفانيوس الي يوحنا أسقف أورشليم ) [4]، المونتانية التي تبني العلامة ترتليان فكرها كانت ترى، ان نهاية العالم وشيكة، لذلك لم ير أهمية للزواج طالما ان العالم سينتهي قريبا، وكانت الأولية عند مونتانوس، تطهير الكنيسة من المادية وتنشئة جيل روحاني مستعد للاختطاف إلي السماء، مؤكدا علي البتولية والعفة والسخاء مع الاستعداء للاستشهاد [5]
ترتليانوس، له كتابات أخرى تكشف عن فكر مختلف عن الجسد، مثل كتاب " عن جسد المسيح" وكتاب " عن القيامة بالجسد" وفي الكتاب الأخير يرد علي المنكرين لقيامة الأجساد، مؤكدا علي قيمة الجسد واحترامه للجسد الذي نال مجده من يد الله، ويحتمل أن ترتليانوس قبل معرفته للمونتانية، وقد تكون هذه الكتابات منحولة، والبحث في هذا الموضوع يطول، ويكفي أن تعرف انه لم يتخلص نهائيا من المونتانية


العلامة ترتليانوس يرفض الزواج الثاني بجميع أنواعه، مثل التعدد بحيث يجمع الرجل زوجتين في نفس الوقت، أو الزواج بعد وفاة الزوجة، والزواج بعد الطلاق، ورفض ترتليان للزواج الثاني هي نتيجة حتمية، فالزواج أساسا عند ترتليانوس شيء محتقر، فإذا كان الزواج الأول محتقر فالبحري الزواج الثاني يجب أن يعتبر فجور
يقول مؤلفوا كتاب تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة تعليقا علي كتاب ترتليانوس " الحث علي العفة "
ولكن تأثير المونتانية جلي فيه يجث فيه المؤلف صديقه الذي فقد امرأته على عدم الزواج ثانية فالزواج الثاني هو نوع من الفجور فيما الزواج الأول هو فجور شرعي ( ص342 )
مونتانوس زعم أنه البارقليط الذي بشر به المسيح عليه السلام، بارقليط تعني النبي أو الشفيع، وعند المونتانيين تجليات البارقليط مستمرة، وقد أقرهم علي عدم جواز الزواج الثاني، أما المسيحيون الذين أجازوا تعدد الزوجات فقد قالوا: كيف نتأكد ان إيحاءات البارقليط ليست من الشيطان، خاصة وأنه يأت بتشريع جديد لم يقل به يسوع؟
ترتليانوس يرفض ان شريعة الزوجة الواحدة، شرع جديد، ويقول أن البارقليط لم يأت بما لا يتوافق مع مبادئ المسيح، وان المسيح نفسه قال انه سوف يذكر المؤمنين بالمسيح، وبمبادئه،وبعد أن يتأكد المؤمنون انه هو البارقليط، سوف يعلمهم ما أجله يسوع المسيح، لأن العقول لم تكن لتستوعبها [6]
آدم وحواء

لنتقل من البارقليط، يقول ترتليانوس، ونبحث في الكتب القديمة، وسوف نري ان البارقليط لم يأت بجديد، ويستدل ترتليانوس علي أدم وحواء عليها السلام، لقد قال الإله لنجعل له معينا، ولو كان التعدد في علم الإله لقال معينات، وقال أيضا: ويكونان جسدا واحدا ولم يقل اثنين أو ثلاثة ( المصدر السابق فصل 4)
وفي كتابه الحث علي العفة On Exhortation to Chastity يقول ترتليانوس : ان الإله منذ البدء وضع قانون الزواج الواحد، لقد أخذ ضلعا واحد من آدم وخلق له زوجة واحدة [7]
في الفصل التاسع من كتاب " عن الزوجة الواحدة" يربط ترتليانوس قضية آدم عليه السلام، وكون الزوجة الواحدة هي الأصل بقضية الطلاق في إنجيل متى، حين سأل الفريسيون يسوع، إذا كان يحل للرجل أن يطلق زوجته لأي سبب – يقول ترتليانوس أن يسوع أجاب وقال أن موسي أذن بالطلاق لقساوة قلوب اليهود، وأنه من بدء خلقهما ذكرا وأنثي – أي ان الله خلهما ليكونا زوجين وليسا منفصلين، وما جمعه الرب لا يفرقه إنسان، يقول ترتليانوس ان التفريق لا يكون فقط بالطلاق، بل ان من تزوج بعد وفاة زوجته فقد فرق ما جمعه الرب [8]
وهذا ينطبق علي الرجل والمرأة، الزواج الثاني عند ترتليانوس حتى وان مات أحد الزوجين فهو زنى ليس إلا، إن روح الزوج تبقي معلقة بالزوجة فهي تتذكر كل الذكريات الجميلة وتصور في خيالها كيف كان يمتعها، فإذا كانت تتمتع بزوجها الأول في خيالها وزوجها الثاني في الحقيقة، فإنها لا شك متزوجة باثنين بحسب ترتليانوس [9]

لماذا سمح بولس بالزواج الثاني بعد وفاة أحد الزوجين


فاذا ما دام الرجل حيّا تدعى زانية ان صارت لرجل آخر.ولكن ان مات الرجل فهي حرة من الناموس حتى انها ليست زانية ان صارت لرجل آخر. Rom:7:3:
يرى ترتليانوس أن إباحة بولس لزواج الأرملة، هو ترخيص جاء في ظرف معين، ويشبهه بختان بولس لـ تيموثاوس، عندما اضطر بولس أن يظهر نفسه بأنه مؤمن بالناموس ( انظر أعمال الرسل 16 ) ولكن الظرف تغير، وكما نسخ المسيح شريعة موسي كذلك البارقليط نسخ وصية بولس ( عن الزوجة الواحدة، فصل 14 )

يقول المعترضون: ماذا عن أبينا إبراهيم، أليس هو أبانا وقد عدد في الزواج واتخذ جواري لنفسه، فكما أتخذ إبراهيم أكثر من زوجة كذلك يحق لنا أن نتزوج بدون تحديد.
هذا صحيح يقول ترتليانوس، ولقبلته حجة لو لم تكن وصية الإكثار جارية المفعول (اثمروا واكثروا واملاوا الأرض، لقد كانت هناك ضرورة يقول ترتليانوس، فتساهل الإله في القوانين، سمح بالجواري من أجل إكثار الشعوب
لكن شرع قانونا جديدا نسخ وصية الإكثار، وهو قول بولس، ليتصرف المتزوجون كأنهم غير متزوجين، لأن نهاية العالم اقتربت، اي بكبح الشهوة وعدم اتخاذ الجواري [10] – ويشير ترتليانوس إلي نص في رسالة بولس إلي كورنثوس
1Co 7:29 فأقول هذا أيها الإخوة: الوقت منذ الآن مقصر لكي يكون الذين لهم نساء كأن ليس لهم
ونلاحظ هنا ان فهم بولس الخاطئ، أدي إلي قوله الغريب، فقد ظن ان النهاية علي الأبواب، في جيله هو، وأن جيله لن يمت بل سوف يخطف حيا إلي السماء،
يبدوا ترتليانوس في كتابه عن العفة أكثر تساهلا ويقبل احتمالية جواز التعدد في المسيحية، لكن ليس كل جائزا هو الأفضل بحسب قوله ( الفصل التاسع ) أما في كتابه عن الزوجة الواحدة - On Monogamy- ، فيبدوا أكثر تشددا، ويجيب عن نفس السؤال، أي عن إكثار إبراهيم عليه السلام من الزوجات، ويقول إذا كان إبراهيم أبانا فان بولس أيضا أبانا، ألم يقل بنفسه : أنا أنجبتكم – ويتكلم ترتليانوس عن إبراهيم عليه السلام بجرأة غير متوقعة من مؤمن، ويقول أن إبراهيم أبونا فقط، قبل ان يتزوج بالزوجة الثانية، ويضيف قائلا أن الإله عده مؤمنا قبل ان يعدد وليس بعده، لذلك لا نعتبره أبا لنا بعد أن تزوج بآخري ( الفصل 6 ) - ومرة أخري نجد مرونة عند ترتليانوس في رسالة إلي زوجته، يقر فيها بإباحة التعدد والجواري، مضيفا أنه العهد الجديد نسخ ذلك [11]


لكن ماذا عن الزواج اللاوي؟


الزواج اللاوي هو أن يتزوج الأخ من أرملة أخيه في حالة عدم الإنجاب، وينسب اللإبن الأول للأخ المتوفي، وهذا مشرع في العهد القديم، وهو حتما ينتج عنه تعدد الزوجات، إذا كان الأخ متزوجا، وقد أثار المؤيدون للتعدد في الكنيسة هذا السؤال،
يرى ترتليانوس ان الزواج اللاوي وضع لأسباب معينة وقد انتهت المسببات، أولا وصية "إكثروا واملاوا الارض" نسخت، لعدم الحاجة إليها، ثانيا، كانت الشريعة تضع وزر الأب علي الإبن، فكان من الضروري ان يكون لكل شخص ابنا، ثالثا، كان المخصي والعقم أمرا مشينا في المجتمع، ويعتبر ملعونا، ووضع هذا الشرع كي لا يتساوي العقيم، مع السليم الذي لن ينجب لأن الموت سبقه، أما وصية الإكثار فقد نسخها بولس، ووضع وزر الأب علي الابن أيضا نسخ، لأن كل إنسان بالحصرم الذي يأكله تضرس أسنانه، و كل واحد بخطيئته يموت ( انظر سفر ارميا 31/30 )
أما المخصي، فلم يصبح غير مشين فقط، بل ونال شرفا، ووجهت إليه الدعوة إلي الملكوت، ويقصد ترتليانوس الإشارة إلي القول المنسوب إلي يسوع On Monogamy chap 7 )
( ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات" في إنجيل متى 19/12 )
ينتقل ترتليانوس إلي رسالة بولس إلي تيموثاوس، حيث يقول فيها بولس ان الأسقف يجب ان يكون بلا لو متزوجا بواحدة، ويشير ترتليانوس إلي قول البعض بان هذا النص خاص بالأساقفة، وان غير الأساقفة مسموح لهم بالتعدد، ويل لنا، يقول ترتليانوس، ان قلنا ان ما لا يحل للأسقف يحل لنا، ثم إننا جميعا أساقفة، يقول ترتليانوس On Exhortation to Chastity 7
ما هو الزواج؟ أنه زني مشروع ( انظر ايضا تاريخ الفكر المسيحي لكيرلس سليم ص 342 ) يقول ترتليانوس، المسيح نفسه ولد من عذراء ولما تزوجت، لم تتزوج بأكثر من واحد، كل هذا لتتحقق فيه كل ألقاب الطهر، ولما اخذ إلي الهيكل، كان الشخص الذي رفعه بيديه رجلا لم يتزوج ثانيا، والذي عمده لم يكن متزوجا ( يوحنا المعمدان ) وتلاميذه لا نعرف منهم من تزوج إلا بطرس، والآخرون، إما كبحوا شهواتهم أو كانوا مخصيين (On Monogamy chap 8 )
يدرك ترتليانوس ان كل أقواله السابقة ما هي إلا ظنون، On Monogamy chap 9 ) خاصة لكن حتى إذا كان التعدد مسموح، فانه ليس لائقا، ألا تري في العهد القديم، إن التساهل في شريعة التعدد، لم يترك دون قدح، فقد وجدت سكين حاد بجانب هذا التساهل، ويشير ترتليانوس إلي سفر اللاويين، ويقول هناك في سفر اللاويين نص يقول: يا كهنتي لا تعددوا الزوجات
لا ندري هل ترتليانوس أدرك بطلان قضيته فألف نصا لأننا لا نجد هذا النص في سفر اللاويين ولا في الكتاب المقدس كله، أم ان النص كان موجودا وأسقط ؟ علينا أن نترك البحث في ذلك الأمر للمتخصصين في النقد النصي

ترتليانوس، شخصية لها أهميتها في الكنيسة، وفي الحقيقة استحق لقب العلامة بجدارة، وأظن ان كل من يقرأ له لا يستطيع إنكار دوره الكبير في تطور العقيدة المسيحية، وقد أنشأ مصطلحات لاهوتية في الكنيسة لم يسبقه إليه احد، أحب الفضيلة إلي درجة التطرف حتى أنكر علي الزوجة أن تتزين لزوجها. لقد كان ترتليانوس عالما متطلعا دافع عن المسيحية بحماس شديد، لكنه كان ضعيفا في دفاعه عن الزواج الأحادي
الإشارة الوحيدة إلي أقوال يسوع، لم يكن لها علاقة بالزوج الأحادي، بل عن الطلاق،
استشهاده بكون الزوج والزوجة جسد واحد، هش جدا، ويرد عليه أولا مفهوم الثالوث، فالثالوث ثلاثة أشخاص وليس شخصان، ومع ذلك الثالوث في المفهوم المسيحي إله واحد – ويرد عليه أيضا، قول يسوع : احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن،( يو 17/11 ) ويشير النص إلي إمكانية جمع ملايين من البشر في جسد واحد، ويشير بولس إلي نفس المعني في رسالته الأولي إلي كورنثوس حيث يقول (ألستم تعلمون إن أجسادكم هي أعضاء المسيح.أفآخذ أعضاء المسيح واجعلها أعضاء زانية.حاشا أم لستم تعلمون ان من التصق بزانية هو جسد واحد لأنه يقول يكون الاثنان جسدا واحدا)(6/15،16 ) ومن الواضح ان الأجساد الكثيرة يمكن ان تكون جسدا واحدا؛ حتى الزانية التي تغير الرجال يوميا تكون اتحادا مع أكثر من شخص
الاستشهاد بأصل الزواج، أي جعل الله زوجة واحدة لآدم، ليس أيضا قويا، فلا يلزم منه أيجاب الزوجة الواحدة، ولو صح كلام ترتليانوس، لوجب أن يسير البشر كلهم عرايا، لأن الله في الأصل خلقهم عرايا، وعاشوا مدة دون لباس
والحكمة التي تظهر لنا من الزواج الأحادي لأب الأنبياء، هي من أجل أن لا يفتخر بعض الناس علي بعض آخر، كلكم من آدم وآدم من تراب
النص البولسي، الذي يأمر فيه الأساقفة بالزوجة الواحدة، لم يضف شيئا إلي قضية ترتليانوس، بل أضعفه، والتخصيص واضح في النص، ويؤكد هذا التخصيص، إلي جواز التعدد لغير الأساقفة، وهذا أكده القديس جيروم، أحد أعلم آباء الكنيسة، يقول القديس جيروم في رسالته إلي أوشيانوس – Oceanus - إن بولس كان يعلم ان الشريعة تسمح للرجال بإنجاب الأبناء من عدة زوجات، وكان يدرك ان الكهنة كقدوة جعلوا التعدد أمرا مألوفا لدي الشعب؛ حتى الكهنة استعملوا هذا الترخيص، وبناء علي ذلك أصدر بولس أمرا إلي الكهنة بعدم الأخذ بهذا الترخيص[12]


اعتراض العلامة ترتليانوس علي زواج الأرمل في غاية الضعف، قوله بأن وصية بولس جاءت في ظرف طارئ شبيه بختان بولس ل تيموثاوس، استدلال خطير، إذ يري كثير من الآباء أن موقف بولس كان خدعة لإيهام اليهود بأن بولس متمسك بالناموس [13] ( انظر أيضا مقال الكاتب عن يوحنا ذهبي الفم http://www.burhanukum.com/article553.html )
اعتبار ترتليانوس الزواج فجور شرعي، مناقض للكتاب المقدس، فالزواج أول وصية في الكتاب المقدس، لم يسبقه وصية البتة، واعتبر الإله بركة بحسب نص التكوين ( 1/28 ) وباركهم الله وقال لهم: «اثمروا واكثروا واملاوا الأرض، وقد تزوج بولس نفسه، وغيره من الحواريين، يقول بولس (ألعلنا ليس لنا سلطان أن نجول بأخت زوجة كباقي الرسل وإخوة الرب وصفا ) 1كو 9/5 ) ولا دليل علي ان التلاميذ كانوا مخصيين – وقد تزوجت أم المسيح أيضا بحسب ترتليانوس نفسه ففي كتابه عن جسد المسيح، يقول : لقد حبلت وهي عذراء وولدت وهي امرأة وإخوة يسوع إخوته بالجسد [14]



الملخص


مما سبق يتبين لنا أن التعدد والزواج الثاني كان معروفا في المسيحية، وكان يوجد من يدافع عنه في عصر الآباء الأوائل، وقد تبني المسيحيون الزواج الأحادي بسبب تسلل الفكر الغنوسي إلي المسيحية، بالإضافة إلي انتشار المسيحية في المجتمع الروماني، وكما قال القديس، المسيحية تبنت الزواج الأحادي عملا بالقانون الروماني.
العلامة ترتليانوس لم يرفض فقط التعدد، وإنما كان يري الزواج ذاته أنه رجس مشروع، ويفضل الإقلاع عنه، لكنه وجد صعوبة في إيجاد دليل من الكتاب، حتي ان احدي النصوص التي استعان بها لا نجده في الكتاب المقدس، وفي دفاعه عن الزواج الأحادي، وقع في أخطاء خطيرة، كإتهامه بتلاميذ المسيح، أنهم كانوا مخصيين، بينما شكك في إيمان سيدنا إبراهيم عليه وسلم، كل هذا لتبرير موقفه من الزواج

محمود مختار أباشيخ

الهوامش




[1]Hillamn. E. Polygamy reconsidered. P20
[2]Augustin.Reply to Faustus the Manichæan Book 22 c47 In The Writings Against
the Manichaeans and Against the Donatists, P289
[3] حنا جرجس الخضري، تاريخ الفكر المسيحي، المجلد الأول، ج3 ص 401
[4] Epihanius. to John, Bishop of Jerusalem.L41 in The Nicene and Post-Nicene Fathers Second Series Vol. VI.P85
[5] كرلس سليم بسترس، حنا الفاخورى، جوزيف البوليسي، تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة، ص 282
[6] Tertullianus. On Monogamy chap 2
[7] Tertullianus. On Exhortation to Chastity chap 5
[8] Tertullianus. On Monogamy chap 9
[9] Tertullianus. On Monogamy chap 10
[10] Tertullianus. On Exhortation to Chastity chap 6
[11] Tertullianus. To his wife chap 2
[12] Jerome. "To Oceanus.Letter 59" in The Nicene and Post-Nicene Fathers Second Series Vol. VI. Jerome: Letters and Select Works.P144
[13] يوحنا فم الذهب، الكهنوت المسيحي ، الكتاب الأول ص26-31 دار الجيل للطباعة
[14] كرلس سليم بسترس، حنا الفاخورى، جوزيف البوليسي، تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة، ص 347

أرسلت في الخميس 19 مايو 2011 اعتمد بواسطة محمود أباشيخ








.




حقوق النشر متاحة للجمع ونرجوا ذكر صفحة المقال واسم الكاتب ..

http://www.burhanukum.com/article1952.html
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مناظرة الأخ وسام عبدالله مع القس عبد المسيح بسيط ...مناظرة هل أعلن المسيح من هو الاله نور الإسلام مناظرات وحوارات 8 02-08-2012 10:56 AM
ردا علي كتاب أيهما أعظم ؟ محمد أم المسيح\\المسيح رحمة الله مزون الطيب هدي الإسلام 0 05-02-2012 01:37 PM
هل ادعى المسيح أنه المسيح المنتظر مزون الطيب لاهوتيات 0 13-01-2012 08:04 PM
ترتليانوس : تلاميذ المسيح كانوا مخصيين نور الإسلام لاهوتيات 0 09-01-2012 12:24 PM


الساعة الآن 10:32 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22