صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > المنتديات المسيحية > لاهوتيات

لاهوتيات دراسات حول الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي

اسم الله في فى أصول الأناجيل اليونانية

أيظل العدو يستهين باسمك إلى الأبد ) مزمور 74 : 10 نسخة كتاب الحياة المصرية ) إنه لشىء يدعو إلى الدهشة والتعجب أن ترى مئات الملايين من أتباع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-02-2012 ~ 11:40 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي اسم الله في فى أصول الأناجيل اليونانية
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


أيظل العدو يستهين باسمك إلى الأبد ) مزمور 74 : 10 نسخة كتاب الحياة المصرية )


إنه لشىء يدعو إلى الدهشة والتعجب أن ترى مئات الملايين من أتباع الكنائس المسيحية المنتشرة فى العالم اليوم لا يعرفون اسم الإله الآب الذى يعبدونه ..!! وعلماءهم يجدون صعوبة بالغة فى إيجاد إجابة مقبولة ومعقولة عن خلو الأناجيل المتداولة من اسم الإله المعبود ، أقصد الإله المشار إليه بعبارة " أبانا " . لقد اختفى الاسم تماما عن قرَّاء الأناجيل ..!!
كيف هذا واعتقاد المسيحيُّين عميق حول صحة نصوص كتابهم المقدس وأنه هو الحق وحده . أليس هو كلمة الله فى اعتقادهم ..!؟
وكيف يفتتح المسيحى صلاته الربَّانية بقوله " أبانا الذى فى السموات . ليتقدس اسمك .. " وهو لا يعرف شيئا عن ذلك الاسم المطلوب تقديسه ..!؟
وكيف يبتهل إلى مولاه قائلا : " يتكل عليك الذين يعرفون اسمك ، لأنك يا رب لم تخذل طالبيك " ( مزمور 9 : 10 من نسخة كتاب الحياة ) وهو من الذين لا يعرفون اسمه ..!؟
وكيف يكرر القول لإلهه : " أعْلِنُ اسمك لإخوتى . وأسبحك فى وسط الجماعة " ( مزمور 22 : 22 ) وهو لا يدرى أنه لا يعلمُ الاسم المقدس ..!!؟
إنها حقاً كارثة إيمانية أصولية حلَّت ببنى قومى من المسيحيين ..!!

ولكن ربكم رحيم بعباده ، أقصد العامة من العرب المسيحيين . حيث أدرج مترجمو الكتاب ـ المقدس ـ اسم الجلالة ( الله ) فى النسخ العربية مجاراة لبنى قومهم المسلمين . مع الوضع فى الاعتبار أنَّ لفظ الجلالة ( الله ) ليس هو على التأكيد عندهم اسم الآب المذكور فى الأناجيل حسب اعتقادهم . فحَلَّ الضباب على مفهوم اسم الجلالة . ولذلك نجد رؤسائهم يقولون فى مناسباتهم العامة أمام المسلمين " بسم الرب الواحد الذى نعبده جميعا " أو " بسم الإله الواحد الذى نعبده جميعا " ولا يقولون : " بسم الله الواحد الذى نعبده جميعا " . فيستبدلون اسم الله بكلمتى الرب والإله . ولئن سألتهم عن اسم الله أو اسم الآب فى الكتاب المقدس لقالوا لك على الفور : يهوة ؛ جيهوفا ؛ ايلوهيم ؛ إيل شداى ؛ ثيوس ؛ كيريوس ؛ ... الخ . وتهَرَّبُوا سريعا من اسم الجلالة الله ..!!
وسوف نعْرفُ فى هذا الكتاب أنَّ تلك الكلمات ليست بأسماء لإله السموات والأرض على التحقيق . وليست أيضا من اللغات التى تكلم بها مُبلِّغُ التوراة موسى عليه السلام أو مبلغ الإنجيل عيسى عليه السلام . ولن يجادلنى فى ذلك عالِمٌ واحِدٌ يحترم علمه وأمانته العلمية .
وأبدأ بحثى باستعراض سريع لنصوص أسفار العهد القديم وموقف اليهود من اسم إله السموات والأرض . ثم بيان لموقف المسيح عليه السلام إبَّان فترة بعثته تجَاهَ اسم رب العالمين . وأخيرا أبيِّنُ كيف كان موقف أتباع المسيحية من اسم إله السماء والأرض من بعد أن ورثوا الكِتابَ كاملا بعهديه القديم والجديد .
ــ أولا ــ
يبدأ البحث من عند مبلغ التوراة أى منذ عهد موسى عليه السلام . جاء فى سفر الخروج ( 3 : 13 ، 14 من نسخة كتاب الحياة ) :
" فقال موسى لله : حينما أقبِلُ على بنى إسرائيل وأقول لهم إنَّ إله آبائكم قد بعثنى إليكم وسألونى : ما اسمه ..!؟ فماذا أقول لهم ..!؟ فأجابه الله : أهْيَةِ الذى أهْيَةْ . وأضاف هكذا تقول لبنى إسرائيل : أهْيَةْ هو الذى أرسلنى إليكم " . فالاسم هنا هو إمَّا ( أهْيَة الذى أهْيَة ) أو هو ( أهْيَة ) فقط . وهذا كلام لامعنى له عند العقلاء وليس باسم على التحديد ..!!
والقسس العرب ورهبانهم يشرحون بشق الأنفس تلك العبارة فيقولون للأتباع إنَّ معناها هو ( أنا الذى هو أنا ) أو ( أكون الذى أكون ) . وفى الشروح الإنجليزية نجدهم يكتبون العبارات :
(I am who I am ) أو (I am He who is )
أو ( I am He who exists )
نفس التخريف وعدم الفهم . مع ملاحظة أنَّ فعل الكينونة ( am ) لا يستخدم فى تكوين الجمل العبرية أو الآرامية أو العربية ..!!
كما يلاحظ أنَّ اسم الجلالة الله المذكور فى النصّ العربى لا وجود له فى جميع ترجمات لغات العالم بما فيها العبرية ، حيث أنَّ الموجود فى اللغة العبرية هو كلمة إلوهيم . وهى صيغة جمع للكلمة العبرية إلوه التى تعنى إله فى العربية والآرامية . وشتَّانَ بين الاسم الجليل الله الذى لا جمع لها وبين صيغة الجمع آلهة .
وقد سبق أن بيَّنْتُ وبَرْهنتُ فى أكثر من موضع فى كتبى السابقة أنَّ اللغة التى كانت عليها التوراة فى عصر موسى عليه السلام هى المصرية القديمة التى كانت قبل عصر الأسرات الفرعونية المعروفة وليست بالعبرية التى لم تكن قد وُجدَتْ بعد (1) .
المهم هنا أنَّ اسم الإله الذى دار بينه وبين موسى عليه السلام الحوار السابق هو المُعَبَّرُ عنه بـ ( أهْية الذى أهْية ) أو ( أهْية ) فقط . والحقيقة هنا أنَّ الاسم غير مذكور فى النصّ والأرجح أنه كان مذكورا ثم حُذِفَ واستعيض عنه بتلك العبارة .
وقد بيَّنَ القرآن الكريم حقيقة الاسم الموحى به فى ذلك اللقاء المثير فى قوله تعالى لموسى ( إننى أنا الله لا إله إلا أنا ) (2) . إنه هو الله .
ذلك الاسم الجليل الذى لا يشاركه فيه مشارك ولا يدَّعيه لنفسه مُدَّعى . ذلك الاسم الذى كشفت عنه الآثار الحديثة فى أوغاريت بالساحل السورى وفى أبيلا وأخيرا فى حفريات البحر الميت . وكل تلك الآثار يرجع تاريخها إلى ما قبل المسيحية والإسلام ، بل يرجع بعضها إلى ما قبل اليهودية والتوراة .
فالإله المعبود يُعلنُ عن اسمه لموسى عليه السلام فى القرآن الكريم بقوله : إننى أنا الله . ويعلن عن اسمه فى سفر الخروج بقوله لموسى أيضا : أنا الذى هو أنا وهذا ليس بشىء ..!! فكلمة أنا الثانية زائدة لا معنى لها بدليل اكتفاء المفسرين الإنجليز بالعبارة ( أنا أكون I Am ) فقط بدون تكرار ( أنا أكون أنا ) . وتلك جملة ناقصة المبنى والمعنى تشير إلى أنَّ هناك حذفا قد وقع على العبارة . ولنضرب على ذلك مثلا ، ولله المثل الأعلى :
افترض أننى أقدِّمُ نفسى لشخص قابلته لأول مرة . فماذا أقول له عنى ؟ سوف أقول له بدون شك ( أنا جمال ) . فإن حاولت أن أوَكِد له أننى هو الشخص المدعو جمال الذى سبق أن سمع عنى فسأقول له ( إننى أنا جمال ) .
وإن قلت له عبارة ( أنا الذى هو أنا ) فما قلت له شيئا عن اسمى . وإن قلت ( أكون الذى أكون ) فما قلت له أيضا شيئا عن اسمى .
ولكن إن قلت له العبارة ( أنا الذى هو جمال أو أنا أكون جمال ) فقد أخبرته باسمى وأكدت له حقيقتى ولكن بطريقة من لا يعرف كيف يصيغ الجُمَل فى لغته . فتلك خمس إجابات ثلاثة منها فيها ذكر الاسم واثنتان ليستا بإجابة أصلا هما اللتين وردتا فى سفر الخروج ..!!
من المثل السابق يتبين لنا أنَّ عبارة سفر الخروج تشابه الحالتين الثالثة والرابعة تماما ( أنا الذى هو أنا ) أو ( أكون الذى أكون ) . فأين الاسم المسؤل عنه فى تلك الإجابة ..!!؟
إنَّ هذه العبارة بها خلل وحذف . وصحيحها هو إمَّا أن تكون ( أنا الذى هو الله ) أو بذكر أى اسم آخر للإله المُخَاطِبُ لموسى . أو أن تكون الإجابة تليق بالمقام والحضور الإلهى كما جاءت فى القرآن الكريم ( إننى أنا الله ) أو ( أنا الله (.
أمَّا عن كلمة إهية العبرية فهى تعادل كلمة أكون الإنجليزية ( am ) التى لا تستخدم فى جميع اللغات السامية . فلا أقول ( أنا أكون جمال I am gamal ) وإنما أقول فى العربية مباشرة أنا جمال . وعلى فرض استخدامها فى العبرية فإنَّ معنى ( أكون الذى أكون ) فيه احتقار للسامع وتجهيل للاسم ..!!
ثم يستكمل سفر الخروج القصَّة ، حيث يأمر الإله بأن يُعْلِنَ موسى لبنى إسرائيل أنَّ : " يَهْوَه إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلنى إليكم . هذا أسمى إلى الأبد وهذا ذكرى إلى دور فدور " ( خروج 3 : 15 ) . وفى هذا النصّ نجد التصريح بأنَّ هذا هو اسم ذلك الاله إلى الأبد . ربما يظن الكثيرون أنَّ الاسم هو يهوه . فأقول لهم مهلا مهلا . اسألوا أهل الذكر من علماء العبرية وعلماء أسفار العهد القديم .
إنَّ هذه الكلمة تكتب فى العبرية بأربعة حروف صوامت هى ( ى هـ و هـ ) ولا يعرف أحَدٌ من العلماء كيفية نطقها إلى يومنا هذا سواء كان يهوديا أو مسيحياً . المهم أنها أربعة حروف مقطعة تشير إلى اسم الإله وليست بكلمة واحدة . فعندما تقع أعْيُن اليهودى عليها لا يقرأها وإنما يقول على الفور أدوناى أى سيدى . فإن كانت هذه الأحرف الأربعة هى الاسم المقدس لظلت ألسن العُبَّاد تذكره بها إلى الأبد ، ولما ضاع منهم نطقه والتلفظ به ..!!
وهناك محاولات كثيرة يبذلها العلماء فى كيفية نطق الاسم المشار إليه بهذه الأحرف الأربعة ، من أشهر تلك المحاولات هو أن تخْرِجَ من فمك صوتا يشابه صوت خوار العِجْل فتقول جيهوووووفا والذى يكتب فى التراجم الإنجليزية ( Jehova ) كأنهم يحاكون خوار العجل الذهبى الذى عبدوه أثناء ذهاب موسى عليه السلام لميقات ربه ..!!
ومن تلك المحاولات الشهيرة أيضا ، محاولة آباء كنيسة الاسكندرية القدماء حين نطقوها باللاتينية قائلين ( أيُّوووووه ) . إنها الكلمة التى لا يزال أهل الاسكندرية بمصر يُرَدِّدُونَها وهم لا يعلمون معناها ..!!
قلت : ولى محاولة ربما تكون أصَّح من محاولاتهم لأنَّ دليلها أقوى وبرهانها لايزال قائما منذ القدم وإلى الآن .. انظروا إلى أى مِصْرىّ تعتريه الدهشة الشديدة أو النسيان المفاجىء ماذا يفعل ..؟؟ سوف يضع يده على جبينه ويقول بأعلى صوته : يـ هووووووه ..!!
إنها نفس الكلمة ، صدرت ولا تزال تصدر من أحفاد الذين آووا بنى إسرائيل وبلسانهم كان يتكلم موسى u منذ صغره ، وإلى أن أوحى الله إليه بالتوراه وإلى حين وفاته بالكثيب الأحمر بشرقىّ أرض سيناء المصرية على مشارف الأرض المقدسة .
فالكلمة مصرية متوارثة عن الأجداد منذ آلاف السنين من قبل عهد الأسرات الفرعونية المعروفة فى التاريخ المصرى القديم . تكلمت عن أصلها ومعناها وكيفية إدراجها فى نصوص العهد القديم اليهودى وذلك فى كتابى ( تابوت يهوة ) . ومن زعم بغير ذلك ـ وكثير ما هم ـ فعليه بالدليل والبرهان .
المهم أنَّ تلك الأحرف الأربعة تشير إلى إله الكون .. رب العالمين . ولكنها ليست باسم علم له على التأكيد . وفِعْل اليهود أكبر دليل على ذلك ، فهم لا ينطقون الحروف الأربعة على هيئة كلمة واحدة ، وإنما ينطقون بكلمة أخرى هى أدوناى أى سيدى . فتلك الأحرف وضعها علماء اليهود أخذا من التراث المصرى إشارة إلى الإله الذى كان يعبده المصريون القدماء حينذاك (3) . وطمسا للإسم المقدس حتى لا يشاركهم فى معرفته مشارك ، ومع تقادم الزمن ومِحَنِهِ عليهم نسوا ما ذكِّرُوا به . فحين حَرَّمُوا التلفظ به على أنفسهم وتناسوه أنساهم الله ذكر اسمه المقدس . ثم بعث الله إليهم الأنبياء تترا ، كُلٌ يُذَكِّر باسم إله العالمين .
خذ مثلا سفر أشعيا ( 12 : 4 ، 5 ) حيث يقول لهم نبيهم : " احمدوا الرب نادوا باسمه ، عَرِّفوا بأفعاله بين الشعوب وأذيعوا أن اسمه قد تعالى " . فهذا نصّ صريح يدعوا إلى إظهار الاسم وإعلانه بين العالمين . ولكن القوم لم يمتثلوا للأمر فحذفوا هنا أيضا الاسم وجاؤا بدلا منه بالأحرف الأربعة ( ى هـ و هـ ) حسب ما هو مُدَوَّن فى النسخ العبرية ، ثم جاء من بعدهم المترجمون المسيحيُّون فحذفوا الأحرف الأربعة وجاؤا بدلا منها بكلمة الرب الماثلة فى النصّ السابق ، وهى بالتأكيد ليست باسم للإله ..!!
ومثل آخر نجده فى سفر أشعياء ( 42 : 8 ) فى قول إله العالمين : " أنا الرب هذا اسمى " . فالموجود فى الترجمة العبرية بدلا من كلمة الرب هى الحروف الأربعة ( ى هـ و هـ ) فحذف اليهود هنا اسم الله وأشاروا إليه بتلك الحروف . ثم جاء المسيحيون من بعدهم فحذفوا الأحرف الأربعة وكتبوا بدلا منها كلمة الرب ..!!
فإن أتينا إلى سفر ميخا ( 4 : 5 ) نجد نصا يقول " فإن جميع الأمم تسْلُكُ باسم إلَهِهَا . أمَّا نحن فنسلك باسم الرب إلهنا إلى أبد الآبدين " . وفى هذا النصّ نجد أنَّ اليهود قد حذفوا أيضا الاسم وكتبوا مكانه هنا الأحرف الأربعة ( ى هـ و هـ ) التى تشير إليه . ثم جاء المترجمون المسيحيُّون فحذفوا هذه الأحرف الأربعة من النصّ وأتوا بدلا منها بكلمة الرب ..!!
فاجتمع اليهود والمسيحيُّون على طمس معالم الاسم من النصّ . بل من الكتاب بأكمله كما سنرى . ربما هناك داع أو سِرّ كان وراء السبب فى إخفاء اليهود للاسم حتى لا يعرفه غيرهم .
أمَّا فى حالة المسيحيين أتباع الكنائس اليونانية فأمرهم مختلف تماما لأنَّ دعوتهم عالمية ، فهم لا يعرفون الاسم أصلا حتى يحذفوه ، وإنما ساروا على نهج اليهود بحسن ظن منهم ، فضلوا عن الاسم ومعرفته .
واستمر الحال هكذا مع اليهود ، عِصْيَانٌ ظاهرٌ لأوامر ربهم .. رب العالمين ، وإخفاء بيِّنٌ لاسمه المقدس . فاتبعوا ما تتلوه الشياطين على لسان أدعياء النبوة الكاذبة منهم ، الذين يُنسون قومهم اسم الله . جاء فى سفر أرميا ( 23 : 27 ) من نسخة كتاب الحياة قول إله إسرائيل عن الأنبياء الكذبة " فينسون شعبى اسمى بما يقصه كل واحد منهم على صاحبه من أحلامه ، كما نسى آباؤهم اسمى لأجل وثن البعل " .
إلى أن جاء النور ببعثة المسيح عليه السلام فقام فيهم ناصِحاً أمينا على وصايا ربه بقوله عليه السلام كما جاء فى إنجيل متى ( 15 : 6 ) : " أنتم بهذا تُلغُونَ ما أوصى به الله محافظة على تقاليدكم واتباعا للأنبياء الكذبة " . وإخفاء اسم الله وعدم النطق به من أشهر تقاليدهم ومِن أهم أعمال الأنبياء الكذبة ..!!
ونطق عليه السلام بالاسم المقدس بلسان آرامى مبين ، وبَيَّنَه لهم .
ــ ثانيـــا ــ
عندما بُعِث المسيح عليه السلام إلى قومه بنى إسرائيل ، كانوا قد تمادوا فى غَيِّهِمْ وتفشت فيهم تقاليد الأحْبَار حتى عَلـَتْ على وصايا التوراة . وتخبرنا الأناجيل بأنَّ المسيح عليه السلامقد تصَدَّى لهم مُبَيِّنا لهم أهمية نصوص التوراة وزيف تقاليد الأحْبَار إلى أن واجههم بقولته الشهيرة ( متى 23 : 24 ) : " أيها القادة العميان . إنكم تُصَفـُّونَ الماء من البعوضة ، ولكنكم تبلعون الجمل " ..!!
حيث اهتموا بصغائر الأمور وتركوا وصايا رب العالمين ، وأولها معرفة اسمه المقدس والثناء عليه والعمل بموجبات العدل والرحمة والأمانة وسائر متطلبات الشريعة .
ومعلوم أنَّ مَحَبـَّة الله هى المحافظة على وصاياه كما جاء فى ( 1 يوحنا 5 : 3 ) . وإعلان الاسم ونشره بين العالمين من أهم الوصايا . ألم يقل الله لموسى عليه السلام أنَّ بعثته إلى فرعون وخروج بنى إسرائيل من مصر كانت من أجل رؤية المعجزات الإلهية " ولكى يذاع اسم الله فى جميع الأرض " ( خروج 9 : 16 ) .
وهناك نصوص كثيرة تُبـَيِّنُ مدى أهمية الاسم ونشره بين الامم . أذكر هنا على سبيل المثال قول الله فى آخر أسفار العهد القديم وهو سفر ملاخى والصحيح ملاكى بالكاف ( 1 : 11 ، 14 ) الفقرتين الآتيتين: " من مشرق الشمس إلى مغربها اسمى عظيم بين الأمم " و " أنِّى ملك عظيم واسمى مهوب بين الأمم " . فالاسم عظيم ومهول بين الأمم جميعا وليس بين بنى إسرائيل فقط . ولن يكون عظيما ومهيبا بين الأمم إلا من بعد نشره وإذاعته بينهم عملا بالوصية الربَّانية المذكورة أعلاه من سفر الخروج . فهل أذاع بنو إسرائيل اسم إلههم ونشروه بين الأمم ..!؟
لا لم يفعلوا شيئا من ذلك ، بل حذفوه من أسفارهم ووضعوا بدلا منه أربعة أحرف تشير إليه وحرَّموا النطق به على أتباعهم . ومنعوا كتابته وحمله إلى بلاد الكفَّار . كل ذلك حتى لا يذاع الاسم بين الناس من غير اليهود . فالعالم غير مستعد كفاية لإذاعة الاسم والنطق به كاملا حسب الذى جاء فى مدراشهم .
وهناك قانون وضعه الكهنة اللاويون ينصّ على قتل كل من ينطق باسم الله ويصفون تلك الحادثة بأنها تجديف ( blasphemes ) . وسوف نشاهد فى الأناجيل كيف استفاد أحبار اليهود من ذلك القانون للحكم على المسيح عليه السلام بالموت رجما بالحجارة .
قال أحد أحبارهم المدعو يوشع بن قورة فى المشنا : " أنَّ اليهود كانوا لا يقبلون شهادة الشهود إذا نطقوا بالاسم المبارك . ويساق المُجَدِّف إلى القتل رجما بالحجارة . ولكنهم كانوا يقبلون شهادة الشهود إذا نطقوا بأى اسم آخر أو كنية أو أى لقب يشير إلى الله بدون ذكر الاسم الجليل (4) . ونجد تصديق ذلك فى الأناجيل عند محاكمة السيد المسيح عليه السلام أمام مجلس السنهدريم حيث قال الكاهن
الأكبر لأعضاء المجلس : لا نحتاج الآن لشهادة الشهود ، وخلع ملابسه وقال يقتل ابن مريم .
وبُعِث المسيح عليه السلام إلى قومه وهم تحت طائلة ذلك القانون الذى يحظر التفوه بالاسم المقدس وينصّ على عقاب المجدف بالاسم الجليل بالقتل رجما .
وما أن بعث الله المسيح عليه السلام إليهم حتى قام بإعلان الاسم وإظهاره بينهم وأمر أتباعه أن يحذوا حذوه . يخبرنا كاتب إنجيل لوقا ( 4 : 16 ـ 21 ) أنَّ المسيح عليه السلام قد قام يقرأ فى المجمع من سفر أشعيا ( 61 : 1 ـ 2 ) " روح السيد الرب علىَّ ..... " الخ . وفى ذلك النصّ كلام حول دقة الترجمة ..!!
فكلمة السيد فى الترجمة العبرية الماصورتية نجدها الكلمة أدوناى أى سيدى . أمَّا عن الكلمة الثانية الرب التى جاء بها المترجمون المسيحيون فى النصّ من عندهم فأصلها فى العبرية ( ى هـ و هـ ) أى الأربعة أحرف إيّاها .
فإن التزمنا بالتقليد العبرى فى القراءة فسوف نقرأ النصّ هكذا " روح أدوناى أدوناى عَلىَّ " وهذا ليس بشىء . فإن كان النصّ اليهودى فيه اشارة إلى الاسم عن طريق تلك الأحرف الأربعة فقد تم حذف هذه الاشارة فى النصّ المسيحى ..!!
فإن نظرنا إلى النصّ فى أصل إنجيل لوقا اليونانى وجدناه كالآتى : " روح كيريو ( κυριου ) عَلىَّ " فهنا نجد كلمة يونانية واحدة تشير إلى الاسم المقدس وليست كلمتان كما وردت فى الترجمة العربية ..!!
فهل تكلم المسيح عليه السلام أمام اليهود فى مَجْمَعِهم باللغة اليونانية ..!؟
لا يستطيع أحد أن يقول بذلك الرأى ويبرهن عليه . فالمشهور عند الجميع أنَّ اللغة التى كانت سائدة فى فلسطين فى ذلك العصر هي الآرامية ذات اللسان العربى كما سبق إثبات ذلك الأمر فى توطئة ذلك الكتاب ، فبها تكلم المسيح عليه السلام فماذا قال المسيح بدلا من تلك الكلمة اليونانية التى جاء بها لوقا فى إنجيله ..!؟ الله وحده يعلم .
المهم أنها كلمة تشير إلى اسم الله نطقها المسيح ولم يكتمها عن الناس ويقول أدوناى حسب التقليد اليهودى البغيض . وسوف نكشف عنها النقاب فى كتابى هذا من داخل نصوص سفر دانيال حيث نجدها مكتوبة باللغة الآرامية فصبرا ..!!
والدليل البَيِّن على أنَّ المسيح عليه السلام قد أعلن لقومه من بنى إسرائيل الاسم هو قوله عليه السلام فى إنجيل يوحنا ( 17 : 6 ، 26 ) : " أظهرت اسمك للناس الذين وهبتهم لى من العالم " و " وقد عَرَّفتهُم اسمك ، وسأعرفهم إيَّاه " .
والاظهار لا يتم إلا من بعد الاخفاء والفقدان واليهود قد أخفوه ثم فقدوه . والتعريف بالشىء لا يكون إلا من بعد الجهل وعدم المعرفة واليهود قد جهلوه ولم يعرفوه .
نعم لقد أظهر وعرَّفَ المسيح عليه السلام اسم الله لقومه من بعد اخفائهم له وضياعه من على ألسنتهم . انظروا معى وتمعنوا جيدا فى قول المسيح عليه السلام حسب ما جاء فى إنجيل يوحنا ( 17 : 11 ، 12 ) وهو يبرىء نفسه أمام الله من تبعة اخفاء اسمه تعالى " حين كنت معهم فى العالم كنت أحفظهم فى اسمك الذى أعطيتنى .. " وقوله عليه السلام " أيها الآب القدوس احفظهم فى اسمك الذى أعطيتنى .. " . وقال عليه السلام لقومه كما جاء فى إنجيل يوحنا ( 5 : 43 ) : " أنا جئت باسم إلهى ـ وفى الترجمات العربية نجد كلمة أبى بدلا من إلهى ـ ولم تقبلونى " .
فهناك إذا اسم لله تعالى قد أعطِىَ للمسيح ليبلغه لقومه ويظهره لهم . هذا هو الاسم الذى فقده الأتباع اليونان ، ويُصِرُّ الأتباع الحاليُّون على إخفائه ومحوه من النصوص بقصد أو بدون قصد .
انظروا معى أيها القراء الأعزاء إلى نصّ يوحنا ( 17 : 11 ، 12 ) وركزوا على عبارة ( اسمك الذى أعطيتنى ) التى تم حذفها من الترجمات العربية المعاصرة مثل نسخة كتاب الحياة المصرية ونسخة التفسير التطبيقى للعهد الجديد ..!!
لقد اختفت عبارة ( الذى أعطيتنى ) من النصّ وهى لا تزال فى الأصل اليونانى للإنجيل مكتوبة هكذا ( Ρος δεδωκας μοι ) ومكررة مرتين . وهذه العبارة نجدها مكتوبة فى نسخة الملك جيمس المعتمدة ( KJV ) ، ثم حذفت من النسخة الجديدة للملك جيمس ( NKJV ) ..!! وهى لا تزال موجودة فى النسختين القياسيتين القديمة والجديدة ( RSV , NRSV ) وأيضا فى النسخة القياسية العالمية المعتمدة الأمريكية ( NASB ) .
وهناك نسخ متداولة تم فيها استبدال عبارة ( اسمك الذى أعطيتنى ) إلى معان أخرى ليست فى النصّ . مثل قولهم ( عنايتك التى أعطيتنى ) أو قولهم ( قدرتك التى أعطيتنى ) مثلما جاء فى النسخ الإنجليزية الحالية :
( Living Bible , New English Bible ) .
المهم أنَّ هناك اتفاقا بين كثير من النسخ المعتمدة وبين الأصول اليونانية على الاعتراف بأنَّ المسيح عليه السلام كان معه اسم الله الذى بلغه وبينه للناس أثناء فترة بعثته . وقد وفـَّى  بما قال وعرَّف قومه اسم الله . فأدى الأمانة وبلغ الرسالة وتبرأ إلى الله من التبعية بقوله عليه السلام " أنا قد أعطيتهم كلامك .. " وقوله عليه السلام " الكلام الذى أعطيتنى قد أعطيتهم .. " ( يوحنا 17 : 8 ، 14 ) . فجاء عليه السلام ومعه اسم إلهه " أنا جئت باسم إلهى " ولذلك قال الناس عند دخوله لمدينة القدس " مبارك الآتى باسم الرب " ( متى 21 : 9 ) .
ولكن يـا حسرتاه على الأتباع حيث اتفقوا قديما وحديثا على إضاعة الاسم من أقوال المسيح عليه السلام المذكورة فى أناجيلهم اليونانية ..!!
ألا يخشون الله وهم يبتهلون إليه بما هو مسجل فى المزمور ( 74 : 10 ) بقولهم : " حتى متى يا الله يُعَيِّرُ المقاوم ويهين العدو اسمك إلى الغاية " ..!!؟
وكأنَّ المسيح عليه السلام قد عَلِمَ أنَّ الأتباع سوف يحذون حذو الذين سبقوهم من بنى إسرائيل بمنع إعلان الاسم ونشره بين الناس فعلمهم كيف تبدأ الصلاة بالثناء على الله وتقديس اسمه المعظم فقال لهم قولوا : " أبانا الذى فى السموات ليتقدس اسمك " . وامتثل الأتباع فقالوا بمثل ما قال عليه السلام فى صلاتهم ، إلا أنهم لم يسألوا أنفسهم إلى الآن ما هو الاسم الذى يثنون عليه فى صلاتهم بقولهم ليتقدس اسمك ..!!؟ وضاع الاسم من بعد إعلان المسيح له وإظهاره بين الناس .
ــ ثالثـــــــــــــا ــ
الحواريون كانوا يعرفون اسم الله
إذا فتح القرَّاء الكرام أى شرح لإنجيل يوحنا وقرؤوا أقوال الشرَّاح عند الفقرتين السابق ذكرهما ( 17 : 6 ، 26 ) فسوف يجدون أنَّ المسيح عليه السلام قد أعلم تلاميذه بالاسم المقدس . والشراح هنا يلمزون إلى أنَّ معرفة الاسم كانت سرية بين المسيح وتلاميذه . وذلك هروبا من جهل المسيحيين بالاسم الجليل . فكون التلاميذ يعلمون الاسم لا خلاف فيه عندهم طالما هو سِرُّ أسَرّ به المسيح عليه السلام إلى تلاميذه . ولكن قول المسيح فى يوحنا ( 18 : 20 ) يُكذبهم حيث قال : " علناً تكلمتُ إلى العالم ، ودائما علَّمتُ فى المَجمع والهيكل حيث يجتمع اليهود كلهم ، ولم أقل شيئا فى السِّر " .
ونجد عند قراءة نصّ إنجيل لوقا ( 19 : 37 ـ 38 ) :
" ولما قرُبَ عند منحدر جبل الزيتون ابتدأ كل جمهور التلاميذ يفرحون ويسبحون الله بصوت عظيم لأجل جميع القوات التى نظروا . قائلين مبارك الملك الآتى باسم الرب . سلام فى السماء ومجد فى الأعالى . وأمَّا بعض الفريسيين من الجمع فقالوا له يا مُعلم انتهر تلاميذك . فأجاب وقال لهم : أقول لكم إنه إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ " .
ففى ذلك النصّ الآتى :
.. أنَّ التلاميذ قد سبحوا الله بصوت عظيم أى قالوا سبحان الله . فذكروا الاسم المبارك الجليل . وقطعا لم يقولوا سبحان الرب أو سبحان يسوع ..!!
.. الدليل على أنهم قد نطقوا بالاسم المقدس يكمن فى قول الفريسيين للمسيح عليه السلام يا معلم انتهر تلاميذك ، ولن يقولوا له ذلك إلا إذا فعل التلاميذ شيئا مُحرما أو ممنوعا وهذا الشىء الممنوع هو النطق باسم الله . ولو أنَّ التلاميذ قالوا سبحان الرب أو سبحان الإله لما غضب الفريسيون وطالبوا المسيح  أن يمنع تلاميذه من التلفظ باسم الرب .
.. وقول المسيح عليه السلام " إن سكت هؤلاء ـ التلاميذ ـ فالحجارة تصرخ " فيه بيان بأنَّ التلاميذ قد نطقوا بشىء عظيم واجب النطق به فى الشريعة ولكن تقاليد الشيوخ حرَّمته على الناس . فإن لم ينطق به التلاميذ المؤمنون بما جاء به المسيح عليه السلام فإنَّ الحجارة سوف تنطق وتظهر الحقيقة بذكر اسم الله للناس .
.. فإن نظرنا إلى الأصل اليونانى وبحثنا عن الكلمتين ( الله ، الرب ) المذكورتين فى النصّ العربى ، لوجدناهما على الترتيب ( ثيون θεον ) و ( كيريون κυριου ) وهما ليسا بأسماء علم للإله المعبود أو حتى كنية له عند بنى إسرائيل . ولكنهما أسماء جنس بمعنى إله وسيد على الترتيب وهما لا يستوجبان الانكار والنهى عند الفريسيين حيث أنهما إسما صنمين معبودين يونانيين لا علاقة لهما بإله يهود فلسطين . فالترجمة اليونانية غير صحيحة لعدم ذكرها للاسم العلم المقدس الذى نطق به التلاميذ .
.. وفى قول التلاميذ ثانيا " مبارك الملك الآتى باسم السيد ( كيريون κυριου ) " يفيد بأنَّ ذلك الآتى ( كيريون ) وجيه أو سيد أو رب بمعنى رئيس وليس بمعنى إله يُعْبدُ . مثل قولنا رب البيت ورب الأسرة . فالمطلوب البركة له فى قول التلاميذ مبارك عبارة عن شخصية إنسانية وجيهة . وحسب المعنى المراد من كلمة الآتى يكون للفقرة معنيان :
ـ إنْ كان كاتب الإنجيل يقصد الحدث الماضى والحاضر من كلمة مبارك . فإنَّ النصّ يتكلم عن المسيح u .
ـ إن كان كاتب الإنجيل يقصد الحدث المستقبلى من كلمة مبارك . فإنَّ النصّ يتكلم عن شخصية انسانية وجيهة ستأتى فى المستقبل مطلوب لها البركة .
الخلاصة : أنَّ التلاميذ قد علموا اسم الله المقدس ونطقوا به عند دخولهم القدس وبصوت مرتفع قائلين : سبحان الله . تماما كما يفعل المسلمون عند اقترابهم من الحرم المكىّ الشريف . وكما يجب أن يفعله المسيحيون أسوة بتلاميذ المسيح عليه السلام واتباعا لنصّ الرسالة إلى العبرانيين ( 2 : 12 ) " أخبر باسمك إخوتى وفى وسط الكنيسة أسبحك " .
ــ رابعــــــــــــــــــا ــ
جهل الأتباع اليونان بالاسم المقدس


ومن بعد بعثة المسيح عليه السلام تبَنَّى فريق من أتباع المسيح عليه السلام لغة اليونان بديلا عن لغة المسيح الآرامية فى تسجيل القصص الدينية عن حياة المسيح وأحداث بعثته عليه السلام أخذا عن شهود العيان كما قال لوقا فى بداية إنجيله ( 1 : 1ـ 2 ) . وهؤلاء الأتباع ذوى اللسان اليونانى هم الذين أطلق عليهم فى أنطاكية لأول مرة اسم المسيحيون (5) . تفرقة بينهم وبين أتباع المسيح عليه السلام من بنى إسرائيل المتكلمين بالآرامية ، الذين كانوا يقيمون أحكام التوراة والإنجيل . والمعروفين باسم النصارى وأصحاب كنيسة الختان كما ورد ذلك فى المصادر المسيحية (6) .
يقول الدكتور القس المصرى صموئيل مشرقى مُعَرِّفا لنا طائفة النصارى بقوله : " هم الفئة التى تبعته ـ أى المسيح ـ وهى لا تزال فى نطاق اليهودية حتى إننا نراها تؤدى شعائر عبادتها فى الهيكل فى أوقاتها المُعيَّنة .!! ـ

مع أنهم كانوا يقيمون فيما بينهم عبادات خاصة يومية فى بيوتهم ، وقد اعتبروا نواة المسيحية بعد انسلاخهم من الأمَّة اليهودية ورفضها للناصرى الذى كانوا قد آمنوا به . ومع ذلك كانوا فى البداية مجرد فرقة يهودية تميزت بانتسابها ليسوع الناصرى ، فهم الطائفة التى آمنت به من بنى إسرائيل ، وبقيت على يهوديتها وتبعيتها لموسى وتمسكوا بالختان وغيرتها على الشريعة ( أ ع 15 : 5 ؛ 21 : 20 ) فليسوا هم المسيحيون الذين بدءوا يحملون هذا الاسم فى أنطاكية ومنها انتشروا فى أنحاء الأرض . وهذا ينفى الظن الشائع أنَّ المسيحية هى النصرانية بعينها " (7) .
المهم هو أنَّ طائفة النصارى هذه انقرضت ولا وجود لها الآن من بعد أن تغلبت عليها طائفة المسيحيين اليونان . ومن نصوص القرآن الكريم علمنا بوجود طائفة النصارى بين العرب إبَّان فترة ظهور الاسلام . وإن ظل اسم النصارى يطلق على معتنقى الديانة المسيحية من العرب حتى تنصَّلوا من هذا الاسم من بعد أن احتل المستعمرون المسيحيون الأوروبيون البلاد العربية إبَّان القرن المنصرم ..!!
من النبذة التاريخية السابقة نجد أنَّ المسيحيين اليونانيين هم الذين نشروا ديانة المسيح عليه السلام بين الأمم المختلفة وباللسان اليونانى . فجميع أصول ووثائق العهد الجديد كلها مكتوبة باليونانية . ومن الغريب حقا أن لا تجد كتابا واحدا أو حتى ورقة واحدة مسيحية مكتوبة بلغة المسيح عليه السلام الآرامية الغربية التى كانت منتشرة فى عصره فى فلسطين .
وللأسف الشديد أنَّ كتبة الأناجيل اليونانية وباقى كتب العهد الجديد لم يتقيدوا بالحِفـَاظِ على الأسماء الآرامية كما هى بعد نقلها إلى اليونانية ، وخاصة اسم الله كما نطقه المسيح  بلسانه المبارك . ولم يلتزموا بالنقل من الترجمة الآرامية لأسفار العهد القديم التى كانت متداولة بين يهود بنى إسرائيل إباَّن فترة
بعثة المسيح عليه السلام والمعروفة عند العلماء باسم الترجوم الفلسطينى أى الترجمة الفلسطينية . ولكنهم التزموا بالنقل من الترجمة اليونانية للعهد القديم والتى قام بترجمتها يهود الاسكندرية فى حوالى سنة 250 قبل الميلاد والمعروفة عند العلماء باسم الترجمة السبعينية .
وقد علمنا فيما سبق أنَّ اليهود قد حذفوا اسم الله من كتابهم ووضعوا بدلا منه الحروف الأربعة ( ى هـ و هـ ) ، وحَرَّموا على أنفسهم التلفظ بالاسم . فما بالك بترجمة وضعوها بأمر الامبراطور اليونانى الوثنى ولغير اليهود ..!!
قطعا لن يذكروا فيها اسم الله ، وهذا هو الذى حدث . ولا تزال هذه الترجمة حاليا بين أيدى علماء المسيحية وتـُبَاعَ فى الأسواق وليس فيها ذكر لاسم الله .
هذه الترجمة هى التى اعتمد عليها مؤسسو الديانة المسيحية العالمية بولس الطرسوسى وباقى كتبة الأناجيل . ولذا خلت الأناجيل من ذكر اسم الله فيها واستعيض عنه بالكلمتين اليونانيتين كيريوس و ثيوس الواردتين فى الترجمة السبعينية . ومن اليونانية وُضِعَتْ الترجمات اللاتينية والقبطية والسريانية ثم سائر الترجمات الأوروبية المعروفة وقد خلت كلها من ذكر اسم الله فيها .
وقد حاولت بعض الترجمات الأوروبية من بعد عصر النهضة أن تنهل من نصوص النسخة العبرية الماصورتية التى تم الإنتهاء منها فى القرن العاشر الميلادى ظنا منهم أنها أصَحَّ وأدَقَّ من الترجمة السبعينية . فظهرت فى بعض هذه الترجمات القياسية الجديدة الكلمة يهوه التى تشير إلى اسم الاله المعبود ومرادفها الإنجليزى جيهوفا . ولكن بعدد محدود وفى أماكن مُعَيَّنـَة خلاف النسخ العبرية ..!!
وقبل الإنتهاء من متابعة الأتباع وكتاباتهم اليونانية لا بُدَّ من التكلم عن شىء هام ألا وهو البَصْمَة الإلهية على كل كِتاب مُوحَى به إلى العباد . ولنضرب لذلك مثلا ولله المثل الأعلى : إنَّ لكل كِتاب مُؤلِفٌ نجدُ اسمه على الكتاب . فتخيل أنك مؤلف كتابا منشورا عليه اسمك وتوقيعك ، ثم جاء آخرون فحذفوا اسمك من على كتابك ثم قاموا بنشره بدون ذكر اسمك . وربما وضعوا اسما آخرا غير اسمك عليه ثم طبعوا منه آلاف الطبعات بمختلف اللغات . فماذا سيكون موقفك تجاههم ..!؟ هل ستقاضيهم حفاظا على حق التأليف حسب نصوص اتفاقية الجاد العالمية ..!؟ وما هو الوَصْف الذى نَصِفُ به هؤلاء القوم الذين حذفوا اسمك من على كتابك ..!؟
فما بالك إن كان الكتاب كتاب رب العالمين ، فماذا يكون موقفه من هؤلاء القوم الذين حذفوا اسمه من كتابه ..!؟ أعتقد أنَّ الموقف خطير تقشعِرُّ منه الأبدان وترتجف منه القلوب المؤمنة برب العالمين .
أقرءوا معى نماذج للبصمة الإلهية على آخر كتاب نزل من السماء إلى الأرض ألا وهو القرآن الكريم : ) هذا كتابنا ينطق بالحق ( ( 29 / الجاثية ) ؛ ( إنه لتنزيل رب العالمين ) ( 192 / الشعراء ) ؛ ) إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ( ( 23 / الإنسان ) ؛ ) تنزيل العزيز الرحيم ( ( 5 / يس ) ؛ ) تنزيل من الرحمن الرحيم ( ( 2 / فصلت ) ؛ ( تنزيل من رب العالمين ( ( 80 / الواقعة ) . إلى غير ذلك من آيات كثيرة تثبت أنَّ القرآن الكريم هو كتاب الله . عليه البصمة الإلهية لإثبات التبعية لله بأسمائه الحسنى . فأين مثل تلك البصمة الإلهية فى الأناجيل الحالية .. !؟

اسم واحد أم أسماء حسنى ..!!؟



فى الحقيقة أنَّ الأسماء لها أنواع تعرف بها . فمنها أسماء الأعلام والتى يطلقون عليها فى الإنجليزية عبارة ( Personal names ) أى أسماء الأشخاص مثل زيد وعمرو . ومنها الأسماء الدالة على الجنس والنوع ( Generic names ) مثل رجل وغلام وفتاة وأسد وحصان وسفينة وطائرة وسيارة ، وإله ونبىّ وكتاب . ومنها الأسماء الدالة على الصفات مثل غنى وفقير وصحيح وسقيم وكريم وحليم وقوى وضعيف . ومنها أسماء تدل على العناوين ( Titles ) مثل مسيح ومسـِّيـَّا ورسول وسفير وعائلة وقبيلة وعشيرة .
والخلط بين هذه الأنواع يحبط القدرة على الفهم والتمييز ويوجب سوء الفهم والانحراف عن القول السليم . فإن سألك سائل عن اسم ( إله ) فهو قطعا يسألك عن الاسم العلم ( Personal names ) المعروف به ذلك الإله لأنَّ كلمة ( إله ) تدل فى أصلها على اسم جنس ( Generic names ) فهو يسألك عن اسم إله معيَّن من بين عدة آلهة . فالاسم العلم أكثر تحديدا وتمييزا عن اسم الجنس والنوع . وقد يشير اسم الجنس إلى الاسم العلم إذا دخلت عليه بعض الكلمات التوضيحية ، مثل قولنا إله العالمين أو إله السماوات والأرض . وقد تضاف علامة التعريف الـ إلى اسم الجنس لتدل على الاسم العلم ولكن بالاشارة وليس بالتصريح مثل قولنا ( الإله ) فنحن نعنى شخص الإله الذى نعرفه ونشير إليه بدون ذكر اسمه . وقِس على ذلك قولنا الرب والنبىّ بمعنى الرب المعبود ونبيه المعروف ، وليس فيهما ذكر لاسم الإله أو اسم النبى .
فقول المسيح  " أنا جئت باسم إلهى " معناه أنه قد جاء بالإسم العلم فى الإنجيل سواء كان مقروءا يقرأه الناس أو مسموعا من فمه الشريف . حتى يتمكن العباد من نطقه على الوجه الصحيح . وهذان شرطان أساسيان فى الاسم العلم .
فإن قلت لصديق لك تعرفه جيدا : يا رجل أو يا سيدى أو يا حضرت . فقد تجاهلت اسمه وربما أشعرته بأنك لا تعرف اسمه . وهذا خلاف مناداتك له باسمه العلم كأن تقول له يا علىّ أو يا جرجس . وهذ هو بالضبط الذى حدث مع اسم الله . فكيف يقولون أنَّ اسمه الرب والإله ..!؟ مع أنَّ الله سبحانه وتعالى يقول فى سفر أشعيا ( 52 : 6 ) " عبادى يعرفون اسمى " .
والمتتبع لنصوص الأسفار اليهودية والمسيحية باحثا عن اسم الإله المعبود سوف يلفت انتباهه الخلط الكبير بين أسماء الجنس والنوع وبين أسماء العناوين دون ذكر الاسم العلم للإله المعبود . ويجد أيضا اضفاء أداة التعريف على أسماء الجنس مثل كلمة الرب وأحيانا استخدام عبارات التميز مثل رب الجنود ورب إسرائيل . وأحيانا نجد عبارة الرب الإله . وكل ذلك ليس فيه ذكر للاسم العلم للإله المعبود .
وقد دأب أحبار اليهود على رفع شأن أسماء الجنس والنوع والصفات لإلههم المعبود ، والخلط بينهم حتى يتوهم القارىء أنَّ لإله إسرائيل عدة أسماء حتى يحافظوا على سِرِّية اسم إلههم وعدم نشره بين العالمين .
وحيث أنَّ المسيحيين قد ورثوا الكتاب من اليهود وإن لم يعملوا بكل ما فيه فتبنوا القول بأنَّ إله العهد القديم له عدة أسماء .. وهى فى حقيقة الأمر ليست بأسماء . وإنما هى صفات وعناوين وإشارات ترمز للإله . ففى العبرية إيل وإلوهيم وأدون والكلمة المكونة من الأربعة حروف ( ى هـ و هـ ) ، ورب الجنود ورب إسرائيل والإله العلى وبعل بريت ( رب العهد ) وإيل بريت ( إله العهد ) . وفى اليونانية ثيوس بمعنى إله وكيريوس بمعنى رب .
وضاع الاسم العلم من الترجمات اليونانية للعهد الجديد بما فيها الكلمة ذات الأحرف الأربعة ( ى هـ و هـ ) . ومنها أخذت سائر الترجمات اللاتينية والسريانية والقبطية وباقى لغات العالم المسيحى . كلُّ يكتب على هواه وما تمليه عليه قواعد لغته من أسماء عدة للإله المعبود ليس من بينها الاسم الموحى به إلى كليم الله موسى  أو الذى أظهره المسيح  لقومه وتلاميذه .
من هنا كان السؤال الهام جدا عن اسم الإله المعبود صدمة لكل المتدينين المسيحيين العقلاء .. فهم لا يعرفون له اسما معينا ولكنهم يعرفون له عناوين وعبارات تدل عليه . مثل قولهم أبانا الذى فى السماء ، والرب أو الرب الإله . وأسفار العهد الجديد كلها خالية تماما من اسم الإله المعبود كأنه ليس له اسم معروف ..!!
وذهب كثير من علماء المسيحية الإنجيلية الذين فرَّقوا بين أسماء الجنس والنوع والصفات إلى القول بأن إله السماوات والأرض ليس له إسم ..!!
ومن الأمور الغريبة حقا أن يُحْذف اسم الله من أسفار العهد الجديد ويُذكر الشيطان فى مواضع كثيرة . فورد فى صيغة الإفراد سيطان (ςαταν ) بالسين وليس بالشين مجاراة للمنطوق الآرامى حوالى أربعة وثلاثين مرة ، وفى صيغة الجمع سياطين ( ςατανας ) حوالى سبعة وثلاثين مرة . وللشياطين مكانة مرموقة فى الأناجيل لدرجة أنَّ شيطانهم الأكبر ( ابليس ) امتحن المسيح  فى تجربته الشهيرة ..!!
والمدقق فى أسفار الكتاب بعهديه القديم والجديد سوف يلاحظ شيئا هاما ربما لم ينتبه إليه أحد ، ألا وهو خلو الكتاب بأكمله من صيغة الجمع أسماء منسوبة إلى الإله المعبود ..!!
فجميع الفقرات تتكلم عن اسم الإله بصيغة الإفراد فقط ( إسمى وردت 97 مرة ، اسمك وردت 109 مرة ، اسمه وردت 108 مرة ) .
من هنا أقول بأنَّ إله العهدين القديم والجديد ليس له إلاَّ إسما واحدا هو الذى يرمز إليه اليهود فى أسفارهم بالحروف الأربعة ( ى هـ و هـ ) .
فموسى عليه السلام قال للإله الذى أرسله " حينما أقبل على بنى إسرائيل وأقول لهم إنَّ إله آبائكم قد بعثنى إليكم وسألونى : ما اسمه ؟ فماذا أقول لهم ؟ فأجابه الإله : أهْيَه الذى أهْيَه . وأضاف قائلا : هكذا تقول لبنى إسرائيل أهْيَه هو الذى أرسلنى إليكم " ( خروج 3 : 13 ، 14 ) . والمسيح عليه السلام قال " أظهرت اسمك للناس الذين وهبتهم لى من العالم " و " قد عرَّفتهم اسمك وسأعرفهم أيضا " ( يوحنا 17 : 6 , 26 ) . فلم يقولا عليهما السلام : أسمائك . ولا يوجد فى العهدين القديم والجديد فقرة تتكلم عن أسماء للإله بصيغة الجمع . ولا وجود ولا أثر للأسماء الحسنى أو ما يعادلها .
من هنا كانت الدواعى مُلحَّة فى ذكر بشارة المسيح عليه السلام بالآتى من بعده باسم الله حين قال عليه السلام : " لن تروننى من الآن حتى تقولوا مبارك الآتى باسم الرب " ( متى 23 : 39 ) .
وجاء المُبَشَّرُ به عليه السلام ومعه أسماء الله الحسنى كلها ، تسع وتسعون اسما ليس من بينهم الكلمة ذات الحروف الأربعة ( ى هـ و هـ ) ..!!
ع . م / جمال الدين شرقاوى
الهوامش

(1) .. راجع كتابى ( التوراة المصرية ) .
(2) .. الآية رقم 14 / سورة طه .
(3) .. هو عُزير الذى يكتبونه فى الإنجليزية أوزير ..!! راجع كتابى " تابوت يهوة " .
(4) .. نقلا عن كتاب ( The Sacred Name v 1 page 156 ) .
(5) .. سفر الأعمال ( 11 : 26 ) .
(6) .. الموضع الوحيد الذى ذكرت فيه كلمة ( نصارى ) ولمرة واحدة فى كتب العهد الجديد وصفا لأتباع المسيح
من يهود بنى إسرائيل هو فى أعمال ( 24 : 5 ) .
(7) .. من هو يسوع المسيح ص 34 ـ 35 الكتاب الثامن والسبعون .
يتبع علي الرابط ضياع اسم الله في كتب العهد الجديد وأهميته

المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أصول عقيدة التثليث نور الإسلام لاهوتيات 0 10-06-2013 10:20 AM
المناظرة في أصول التشريع الإسلامي نور الإسلام كتب ومراجع إسلامية 0 20-05-2013 10:08 AM
أوروبا تجمِّد أصول البنك المركزي السوري مزون الطيب أخبار منوعة 0 25-02-2012 10:49 AM
لندن:ليس هناك بديل أسوأ من بشار الأسد مزون الطيب أخبار منوعة 0 14-02-2012 10:45 PM
اشتباكات الشرطة اليونانية مع المتظاهرين مزون الطيب أخبار منوعة 0 11-02-2012 08:40 PM


الساعة الآن 02:17 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22