صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > الإسلام والعالم > الإسلام في أوروبا

مالطا وفرسان الصليب

مالطا وفرسان الصليب الاحد 09 اكتوبر 2011 مالطا جزيرة من الجزر المتوسطية التي تلي جزيرة صقلية، وتضم أربع جزر أقل منها حجمًا وأصغر جرمًا وهي: غورش وكمونة وكومينوتو وفلفلة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-03-2012 ~ 07:38 PM
مزون الطيب غير متواجد حالياً
افتراضي مالطا وفرسان الصليب
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية مزون الطيب
 
الله اكبر
تاريخ التسجيل : Jan 2012


مالطا, الصليب, وفرسان

مالطا وفرسان الصليب
الاحد 09 اكتوبر 2011

مالطا جزيرة من الجزر المتوسطية التي تلي جزيرة صقلية، وتضم أربع جزر أقل منها حجمًا وأصغر جرمًا وهي: غورش وكمونة وكومينوتو وفلفلة وصخور أخرى تحاذيها، وتسمى هذه كلها لهذا العهد باسم الجزيرة الأم مالطة. وهي جزر آهلة ما عدا جزيرتي كومينوتو وفلفلة فإنهما مهجورتان غير معمورتين، تبلغ مساحتها 316 كم2.

وهي من الدول الصغيرة التي تقع في حوض البحر الأبيض المتوسط، وتوجد بين جزيرة (صقلية) وساحل شمالي أفريقيا ممثلاً في ليبيا وتونس، وتبعد عن صقلية بحوالي 80 كم2، وعن ساحل تونس بحوالي 290 كم2، ونفس المسافة تقريبًا عن الساحل الليبي، لهذا تشغل مالطا موقعًا مهمًّا بين جنوب أوروبا وشمال أفريقيا، وبين الحوض الشرقي للبحر المتوسط والحوض الغربي له.

وهي عبارة عن قمم جبلية بارزة في وسط الماء، وتنتشر المرتفعات وسط الجزيرة، وتحيط بها سهول غربية وشرقية، حيث يعيش معظم سكانها، وعاصمة مالطا هي مدينة (فالتا)، وسكان العاصمة حوالي 40.000 نسمة، وينتمي مناخ مالطا لطراز البحر المتوسط، حيث النمط المعتدل الممطر في الشتاء. وسكانها خليط من عناصر عديدة، فبعضهم ينتمي (للفينيقيين) وبعضهم ينتمي للعرب، هذا بالإضافة إلى العناصر الأوروبية، وتشمل اللغة المالطية العديد من الكلمات العربية، وخليطًا آخر من لغات متعددة. وتنتج جزيرة مالطا القمح والخضر والفاكهة، ويعمل قسم من السكان في الزراعة، إلى جانب الرعي وتربية الضأن والماعز، ويعمل قطاع آخر في الصناعات الغذائية والمنسوجات والصناعة التقليدية والسياحة.

هذه الجزر كانت في العصور القديمة مأهولة بطائفة من طوائف البحر المتوسط، لها آثار تدل عليها، محفوظة في مكان من مالطة يقال له (الحجر القائم). وأول ما عرف التاريخ عنها هو أن الفينيقيين استعمروها قبل القرن العاشر قبل ميلاد المسيح، واتخذوها قاعدة لسفنهم التجارية. وقد استولى القرطاجنيون على مالطة في القرن السابع قبل ميلاد المسيح، وبقوا فيها أربعة أو خمسة قرون، ثم استولى عليها الرومان سنة 218 قبل الميلاد وبقيت نحوًا من عشرة قرون في أيدي الرومان واليونانيين، وفي القرن الأول للمسيح تنصر أهل مالطة على يد القديس بولس. ولما سقطت السلطنة الرومانية الغربية استولى عليها البيزنطيون، وكانت لهم مركزًا ضروريًّا بعد استيلائهم على شمال إفريقيا.

إن ممن ذكر مالطة من الشعراء الأقدمين أوميروس وأوفيديوس، ويفهم من كلام الأول أن القبيلة التي يقال لها الفياكونس هم أول من استوطنوا هذه الجزيرة، وكانوا ذوي قوة وبأس، ثم خلفهم الفينيقيون، وهم من جهات صور وصيدا، وذلك سنة 1519 قبل الميلاد، فلبثوا فيها نحو أربعمائة وخمسين سنة، حتى تغلب عليهم الإغريقيون ثم سلموها للقرطاجنيين، وذلك نحو سنة 528 قبل الميلاد، ثم جاء من بعدهم الرومان سنة 273 من التاريخ المذكور.

وأعظم ما حدث في أيامهم قدوم القديس بولس، وانكسار السفينة به وبمن كان معه، وذلك سنة 58م، في موضع يقال له الآن خليج ماربولس، ومنذ ذلك الوقت تنصر أهل الجزيرة. ثم بعد الرومان استولت الوندال ثم " القوث" ثم " البليساريون" وألحقوها بحكومة البلاد الشرقية وبقيت كذلك إلى سنة 780م فأخذوا في هضم الرعية، فقاموا عليهم وسلموا الجزيرة للمسلمين.

كيف دخل الإسلام مالطا



يعتقد أن مالطا قد فتحها المسلمون سنة 256 للهجرة، وذهب صاحب الروض المعطار إلى أنها سقطت سنة 255، في ولاية أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الأغلب ثامن ملوك بني الأغلب، المكنى بأبي الغرانيق ولي بعد عمه زيادة الله.

يقول محمد بن عبد المنعم الحميري في كتابه (الروض المعطار في خبر الأقطار): "وغزاها خلف الخادم مولى زيادة الله بن إبراهيم عند قيام أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن أخي زيادة الله على يد أحمد بن عمر بن عبد الله بن الأغلب، فهو الذي شقي في أمرها، وخلف هذا هو المعروف ببناء المساجد والقناطر والمواجل، فحاصرها ومات وهو محاصر لها، فكتبوا إلى أبي عبد الله بوفاته، فكتب أبو عبد الله إلى عامله بجزيرة صقلية، وهو محمد بن خفاجة، أن يبعث إليهم واليًا، فبعث إليهم سوادة بن محمد، ففتحوا حصن مالطة، وظفروا بملكها عمروس أسيرًا، فهدموا حصنها وغنموا وسبوا ما عجزوا عن حمله، وحمل لأحمد من كنائس مالطة ما بنى به قصره الذي بسوسة داخلاً في البحر، والمسلك إليه على قنطرة وكان ذلك سنة خمس وخمسين ومائتين".

وينقل الأمير عن دائرة المعارف الإسلامية قولها: وقد استولى المسلمون على مالطة سنة 256 للهجرة وفق 869 و870 "مسيحية"، ولكن هذا الاستيلاء هو الاستيلاء الثابت، لأن ابن الأثير يخبرنا أنه في سنة 221 أرسل إبراهيم بن الأغلب أسطولاً لغزو الجزائر، والأرجح أن مراده بالجزائر هو الأرخبيل الذي من جملته مالطة".

إبراهيم بن الأغلب مؤسس دولة الأغالبة، وافاه أجله في سنة 196 للهجرة، والذي كان متوليًا الحكم لسنة 221 للهجرة هو ابنه زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب، فهذا من المحال، وفي أيام زيادة الله تم الاستيلاء على صقلية، فلعلها من بين الجزائر التي أرادها ابن الأثير، ولعل صاحب الرأي قد حسب أن زيادة الله لقب لإبراهيم بن الأغلب، كما هي سنة الخلفاء في ذلك العهد، فقد كانت مثل هذه الألقاب متداولة بينهم، فأنت تقرأ في كتب التاريخ، ألقابًا كالمقتدر بالله والمعتمد على الله والمستنصر بالله وما شابه ذلك.

قال صاحب الروض المعطار: "وبقيت بعد ذلك جزيرة مالطة خربة غير آهلة، وإنما كان يدخلها النشاءون للسفن، فإن العود فيها أمكن ما يكون، والصيادون للحوت لكثرته في سواحلها وطيبه، والشائرون للعسل فإنه أكثر شيء هناك".

ثم أضاف أن الذي يرجحه أن مالطة سقطت في يد المسلمين عنوة ودعامة هذا الرأي ما سبق نقله عن الحميري في الروض المعطار من قوله: ففتحوا حصن مالطة، وظفروا بملكها عمروس أسيرًا، فهدموا حصنها وغنموا وسبوا ما عجزوا عن حمله"، وهذا ما ذهب إليه الشدياق في كتابه الواسطة في معرفة أحوال مالطة لكنه نقل عن المؤلف الذي اعتمد عليه في كتابه قوله: "أخْذ المسلمين لمالطة كان من باب المصادقة أولى منه من المغالبة، وعاملوا الأهلين أولاً بالرفق والمياسرة، وقرروا سننهم وأحكامهم، وامتزجوا بهم للغاية، حتى كأن الجيلين واحد، كما يتبين من بقاء لغتهم فيهم". والله أعلم.

ولم تزل أساطيل الإفرنج تواثبها، ومراكبهم تتناوشها، فلما كان بعد الأربعين والأربعمائة عمرها المسلمون، وبنوا مدينتها، ثم عادت أتم مما كانت عليه، فما لبثت أن غزاها الروم سنة خمس وأربعين وأربعمائة في مراكب كثيرة فحصروا المسلمين في المدينة واشتد الحصار عليهم وطمعوا فيهم، وسألهم المسلمون الأمان فأبوا إلا على النساء والأموال، يقول القزويني في آثار البلاد وأخبار العباد: "فاجتمع المسلمون وعدوا أنفسهم وكان عدد عبيدهم أكثر من عدد الأحرار- قلت: ذكر صاحب الروض المعطار أن عدد الأحرار كان نحو أربعمائة، وكان العبيد أكثر عددًا منهم، فعلى هذا يكون عدد سكان مالطة لذلك الوقت فوق الثمانمائة نسمة - يتابع القزويني: فقالوا لعبيدهم: حاربوا معنا فإن ظفرتم فأنتم أحرار وما لنا لكم، وإن توانيتم قتلنا وقتلتم! فلما وافى الروم حملوا عليهم حملة رجل واحد، ونصرهم الله فهزموهم، وقتلوا من الروم خلقًا كثيرًا، ولحق العبيد بالأحرار، واشتدت شوكتهم فلم تغزهم الروم بعد ذلك أبدًا".

هذا وبقيت مالطة في حوزة المسلمين حتى أظلت سنة 482 للهجرة الموافق لسنة 1090 للمسيح وفيها سقطت مالطة بأيدي الافرنج وتملكها الملك رجار الفرنجي وهذا التاريخ هو الذي ورد في الانسكلوبيدية الإسلامية، بينما ذهب ابن الأثير في تاريخه والنويري في (نهاية الأرب) إلى أن مالطة سقطت بأيدي الإفرنج سنة 372 للهجرة، وعلى هذا الرأي فإن ما جاء في آثار العباد للقزويني، والروض المعطار للحميري بأن المسلمين كانوا فيها سنة 445 باطل لا أصل له. هذا وقد جاء في دائرة المعارف الإسلامية أن النورمنديين استردوها بعد استردادهم صقلية، ومعلوم أن الإفرنج إنما استولوا على جميع صقلية سنة 484، فإذا كان ذلك كذلك فمن المحال أن يكون الإفرنج قد استردوا صقلية قبل مالطة.

ومما زاد الأمر اختلالاً وحيرة ما نقله أحمد فارس عن المؤلف الفرنسي بوليه أن قاعدة مالطة سميت باسم الأمير لا فاليت رئيس طريقة الفرسان (فرسان يوحنا) وكان شهيرًا بالبأس. وأول ما استولى عليه من الجزيرة عند محاصرته المسلمين بها برج "سانت المو" ثم قوي عليهم وأخرجهم منها.

علق على هذا الأمير بقوله: إن هذه الرواية تخالف ما جاء في دائرة المعارف الإسلامية من كون مالطة خرجت من أيدي المسلمين سنة 1090م إذ ينبغي من هذه الرواية أنه كان فيها مسلمون في أواسط القرن السادس عشر للمسيح، وأنه كانت في أيديهم حصون وأبراج، ولولا ذلك ما قيل: إن الأمير لا فاليت أخرجهم منها".

ونقل صاحب ((الواسطة في معرفة أحوال مالطة)) عن المؤلف الذي نقل عنه في كتابه، ذكر من حكمها بعد المسلمين فقال: ثم قام الأمير روجر النورمندي بعدها بمائتي سنة واسترد الجزيرة وألحقها بصقلية، فبقيت كذلك نحو سبعين سنة. ولما تزوج القيصر هنري السادس قيصر جرمانية ولية عهد صقلية دخلت مالطة في حكومته وذلك سنة 1266 م -664هـ وبقيت كذلك اثنتين وسبعين سنة. وفي أثناء ذلك ولي أخو لويس ملك فرنسا حكم صقلية ومالطة معًا، وبعد سنتين تغلب عليه الأمير بطرس الأراغوني، ثم آل أمرها إلى الملك كرلوس ملك صقلية، فولى عليها الفرسان من نظام ماريوحنا فرسان القديس يوحنا برضى الأهلين واتفاق دول أوروبا.

الملك رجار الفرنجي الذي تملك مالطة بعد المسلمين، كان ملكًا عادلاً، حسن السيرة منصفًا، للظلم شنفًا، نشر العدل في الناس وأقرهم على أديانهم وشرائعهم، وأمنهم في أموالهم وأنفسهم، وأهليهم وذراريهم، وأكرم المسلمين وقربهم، ومنع عنهم الإفرنج، فأحبوه ثم أقام على ذلك مدة أيام حياته، إلى أن وافته المنية, وكذلك كان ابنه من بعده.

ثم لما نبغ نابليون واستولى على البلاد سلمت له الجزيرة على أن يرخص للأهلين في التصرف بحقوقهم، إلا أن الفرنسيين لم يلبثوا أن هتكوا بعض السنن القديمة، وانتهكوا حرمة الكنائس، فتحزب عليهم المالطيون تحزبًا لم يخل من سفك دم كثير منهم، وتلف أموالهم، إلى أن أتى الإنجليز فسلموها لهم وكان ذلك سنة 1800م.

أهل مالطة من أشد الأمم الأوربية استمساكًا بالأحكام الدينية وعملاً بها وكلمة الكنيسة الكاثوليكية نافذة في التشريعات القانونية، فمثلاً الإجهاض والطلاق مما تحرمه الكنيسة وتعاقب من اقترف شيئًا من ذلك وتلزمه الغرامات.

ولهذا تقول دائرة المعارف الإسلامية بعد ذكرها استرداد النورمنديين لمالطة: ولكن كان المسلمون مأذونًا لهم في الإقامة بهذه الجزيرة إلى سنة 1294(الموافق لـ647للهجرة).

ولما كانت مالطة قريبة الدار من الشواطئ الإسلامية فقد صارت شديدة الضرر على المسلمين لما يحصل من الكفار من التعرض لسفن المسلمين في البحر والوثوب على ديارهم في البر، فصار المسلمون يريدونها بالجهاد ويتقصدونها بالجيوش والأساطيل، ففي سنة 833 يخبرنا المقريزي في كتابه (السلوك لمعرفة دول الملوك): "بعث صاحب تونس وأفريقية وتلمسان – أبو فارس عبد العزيز - أسطولاً فيه مائتا فارس، وخمسة عشر ألف مقاتل من العسكرية والمطوعة لأخذ جزيرة صقلية، فنازلوا مدينة مازر حتى أخذوها عنوة، ومضوا إلى مدينة مالطة. وحصروها حتى لم يبق إلا أخذها فانهزم من جملتهم أحد الأمراء من العلوج، فانهزم المسلمون لهزيمته، فركب الفرنج أقفيتهم، فاستشهد منهم في الهزيمة خمسون رجلاً من الأعيان، ثم إنهم ثبتوا وقبضوا على العلج الذي كادهم بهزيمته، وبعثوا به إلى أبي فارس، فأمدهم بجيوش كثيرة.

وسنة 973 للهجرة تذكر دائرة المعارف الإسلامية أن الأتراك قصدوا الاستيلاء عليها لكنهم لم يتمكنوا منها، وحاولوا ذلك مرة أخرى في أيام السلطان محمد الرابع.

انتهت رحلتنا اليوم مع وعد بلقاء جديد لاستكمال الرحلة في حلقة قادمة إن شاء الله
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مالطا, الصليب, وفرسان


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصليب و التماثيل نور الإسلام لاهوتيات 0 06-08-2012 11:33 AM
مالطا وفرسان الصليب (3) مزون الطيب الإسلام في أوروبا 0 02-03-2012 07:39 PM
مالطا وفرسان الصليب(2) مزون الطيب الإسلام في أوروبا 0 02-03-2012 07:38 PM
مقدونيا: رسم الصليب على باب مسجد نور الإسلام الإسلام في أوروبا 0 05-02-2012 12:11 PM
القتال باسم الصليب جمال الإسلام لاهوتيات 0 10-01-2012 03:38 PM


الساعة الآن 11:09 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22